حمل مصاحف


فهرس القرآن الكريم الكريمmp3 القرآن الكريم مكتوب

9مصاحف
/ / / /  / / /

شكرا للفريق المجتهد

شكرا لبلوجر وفريقه المحترمين- Thanks to blogger and his respected team

الخميس، 24 نوفمبر 2022

ج21.وج22.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

 

 

ج21.وج22.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج21.كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

قال : إخلاصا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وربطنا على قلوبهم} قال : بالإيمان ، وفي قوله : {لقد قلنا إذا شططا} قال : كذبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لقد قلنا إذا شططا} قال : جورا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الشطط الخطأ من القول.
الآية 16.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله : {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} قال : كان قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون معه آلهة شتى فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله} قال : هي في مصحف ابن مسعود : وما يعبدون من دون الله فهذا تفسيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فأووا إلى الكهف} قال :

كان كهفهم بين جبلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} يقول : عذاء.
الآيه 17 - 20.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {تزاور} قال : تميل ، وفي قوله : {تقرضهم} قال : تذرهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {تقرضهم} قال : تتركهم {وهم في فجوة منه} قال : المكان الداخل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وهم في فجوة منه} قال : يعني بالفجوة الخلوة من الأرض ، ويعني بالخلوة الناحية من الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن ابي مالك في قوله : {وهم في فجوة منه} قال : في ناحية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وتحسبهم} يا محمد {أيقاظا وهم رقود}
يقول : في رقدتهم الأولى {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : وهذا التقليب في رقدتهم الأولى كانوا يقلبون في كل عام مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : !

{ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : ستة أشهر على ذي الجنب وستة أشهر على ذي الجنب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عياض في قوله : {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : في كل عام مرتين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ونقلبهم} قال : في التسع سنين ليس فيما سواه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} قال : كي لا تأكل الأرض لحومهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكلبهم} قال : اسم كلبهم قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم كلب أصحاب الكهف قطمير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لرجل من أهل العلم : زعموا أن

كلبهم كان أسدا قال : لعمر الله ما كان أسدا ولكنه كان كلبا أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال له قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير النواء قال : كان كلب أصحاب الكهف أصفر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال : قال رجل بالكوفة يقال له : عبيد وكان لا يتهم بكذب قال : رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن عبيد السواق قال : رأيت كلب أصحاب الكهف صغيرا باسطا ذراعيه بفناء باب الكهف وهو يقول : هكذا يضرب بأذنيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي في قوله : {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قال : جعل رزقه في لحس ذراعيه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : {بالوصيد} قال : بالفناء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {بالوصيد} قال : بالباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {بالوصيد} قال : بفناء باب الكهف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {بالوصيد} قال : بالصعيد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قال : ممسك عليهم باب الكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان لي صاحب شديد النفس فمر بجانب كهفهم فقال : لا أنتهي حتى أنظر إليهم فقيل له : لا تفعل ، أما تقرأ {لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا} فأبى إلا أن ينظر فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره وكان يخبر الناس بعد يقول : عدتهم سبعة.

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أزكى طعاما} قال : أحل ذبيحة وكانوا يذبحون للطواغيت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أزكى طعاما} يعني أطهر لأنهم كانوا يذبحون الخنازير.
الآية 21.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وكذلك أعثرنا عليهم} قال : أطلعنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : دعا الملك شيوخا من قومه فسألهم عن أمرهم فقالوا : كان ملك يدعى دقيوس وإن فتية فقدوا في زمانه وأنه كتب أسماءهم في
الصخرة التي كانت عند باب بالمدينة ، فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماءهم ففرح الملك فرحا شديدا وقال : هؤلاء قوم كانوا قد ماتوا فبعثوا ففشا فيهم أن الله يبعث الموتى ، فذلك قوله : {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها} فقال الملك : لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجدا فلأعبدن الله فيه حتى أموت ، فذلك قوله : {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم

مسجدا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قال الذين غلبوا على أمرهم} قال : هم الأمراء أو قال : السلاطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بنى عليهم الملك بيعة فكتب في أعلاها أبناء الأراكنة أبناء الدهاقين.
الآية 22.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {سيقولون ثلاثة} قال : اليهود {ويقولون خمسة} قال : النصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن قتادة في قوله : {رجما بالغيب} قال : قذفا بالظن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مسعود رضي الله عنه في قوله {ما يعلمهم إلا قليل} قال : إنا من القليل كانوا سبعة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في
قوله : {ما يعلمهم إلا قليل} قال : إنا من القليل كانوا سبعة.

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ما يعلمهم إلا قليل} قال : أنا من القليل مكسلمينا وتمليخا وهو المبعوث بالورق إلى المدينة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وهو الراعي ، والكلب اسمه قطمير دون الكردي وفوق القبطي الألطم فوق القبطي ، قال أبو عبد الرحمن : بلغني أن من كتب هذه الأسماء في شيء وطرحه في حريق سكن الحريق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : كل شي في القرآن قليل وإلا قليل فهو دون العشرة.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {فلا تمار فيهم} يقول : حسبك ما قصصت عليك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} قال : يقول : إلا ما أظهرنا لك من أمرهم {ولا تستفت فيهم منهم أحدا} قال : يقول لا تسأل اليهود عن أصحاب الكهف إلا ما قد أخبرناك من أمرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فلا تمار فيهم} الآية ، قال : حسبك ما قصصنا عليك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله : {ولا تستفت فيهم منهم أحدا} قال : اليهود ، والله أعلم.
الآية 23 - 24.
أَخْرَج ابن المنذرعن مجاهد أن قريشا اجتمعت فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فما هذا الدين الذي جئت به قال : هذا دين جئت به من الرحمن ، فقالوا : إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن

اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - ثم كاتبوا اليهود فقالوا : قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن ، قلنا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو أمين لا يخون ، وفي لا يغدر ، صدوق لا يكذب وهو في
حسب وثروة من قومه فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها ، فاجتمعت يهود فقالوا : إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه ، فكتبوا إلى قريش : أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن فإن الرحمن هو الله عز وجل وإن يكن من رحمن اليمامة فينقطع ، فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا ، فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ، قال : ائتوني غدا ، ولم يستثن فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه ثم أتاه فقال : سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب

حتى شق ذلك علي ، قال : ألم ترنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة - وكان في البيت جرو كلب - ونزلت {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف ونزل (ويسألونك عن الروح) (الإسراء 85) الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلف على يمين فمضى له أربعون ليلة فأنزل الله {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} واستثنى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد أربعين ليلة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة ثم قرأ {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في هذه الآية قال : إذا نسيت أن تقول لشيء ، إني أفعله فنسيت أن تقول إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي العالية في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : تستثني إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني قال له : ثنياه إلى شهر وقرأ {واذكر ربك إذا نسيت}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة ، وكان طاووس يقول : ما دام في مجلسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : يستثني مادام في كلامه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت ، قال : هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمينه.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وإذا كان غير موصول فهو حانث.

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف فقال : إن شاء الله ، فإن شاء مضى وإن شاء رجع غير حانث.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوقن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله ، فقال له الملك : قل إن شاء الله فلم يقل ، فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسأن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا غضبت.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن في قوله : {واذكر ربك إذا نسيت} قال : إذا لم تقل إن شاء الله.

وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحارث عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله فتوبته من ذلك أن يقول : {عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا}.
الآية 25 - 26.
أَخرَج الخطيب في تاريخه عن حكيم بن عقال قال : سمعت عثمان بن عفان يقرأ : {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين} منونة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الرجل ليفسر الآية يرى أنها كذلك فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض ثم تلا {ولبثوا في كهفهم} الآية ، ثم قال : كم لبث القوم قالوا : ثلاثمائة وتسع سنين ، قال : لو كانوا لبثوا كذلك لم يقل الله : {قل الله أعلم بما لبثوا} ولكنه حكى مقالة القوم فقال : {سيقولون ثلاثة} إلى قوله : {رجما بالغيب} وأخبر أنهم لا يعلمون قال : سيقولون {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة

في حرف ابن مسعود وقالوا لبثوا في كهفهم الآية ، يعني إنما قاله الناس ، ألا ترى أنه قال : {قل الله أعلم بما لبثوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} قال : هذا قول أهل الكتاب فرد الله عليهم {قل الله أعلم بما لبثوا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما نزلت هذه الآية {في كهفهم ثلاث مائة} قيل : يا رسول الله أياما أم شهورا أم سنين فأنزل الله {سنين وازدادوا تسعا}.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن الضحاك عن ابن عباس موصولا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} يقول : عدد ما لبثوا.

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أبصر به وأسمع} قال : الله يقوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أبصر به وأسمع} قال : لا أحد أبصر من الله ولا أسمع تبارك وتعالى ، والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده.
الآية 27 - 29.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ملتحدا} قال : ملجأ.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {ولن تجد من دونه ملتحدا} ما الملتحد قال : المدخل في الأرض قال فيه خصيب الضمري : يا لهف نفسي ولهف غير محدثه * علي وما عن قضاء الله ملتحد.
وَأخرَج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان قال : جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : عيينة بن بدر والأقرع بن حابس فقالوا : يا رسول الله لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء

المسلمين وكانت عليهم جباب الصفوف - جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك فأنزل الله {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك} إلى قوله : {أعتدنا للظالمين نارا} يهددهم بالنار.
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا والممات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سلمان قال : نزلت هذه الآية في وفي رجل دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - ومعي شن خوص - فوضع مرفقه في صدري فقال : تنح ، حتى ألقاني على البساط ثم قال : يا محمد إنا ليمنعنا كثيرا من أمرك هذا وضرباؤه أن ترى
لي قدما وسوادا فلو نحيتهم إذا دخلنا عليك فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت ، فلما خرج أنزل الله {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} إلى قوله : {وكان أمره فرطا}.
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته {واصبر نفسك

مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله فيهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم وقال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمري أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج البزار عن بي هريرة وأبي سعيد قالا : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق عمر بن ذر عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من أصحابه - منهم عبد الله بن رواحة - يذكرهم بالله فلما رآه عبد الله سكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذكر أصحابك ، فقال : يا رسول الله أنت أحق ، فقال : أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم ثم تلا {واصبر نفسك} الآية.

وأخرج الطبراني في الصغير ، وَابن مردويه من طريق عمر بن ذر : حدثني مجاهد عن ابن عباس قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم ، ثم تلا {واصبر نفسك} الآية ، قال : إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة إن سبحوا الله سبحوه وإن حمدوا الله حمدوه وإن كبروا الله كبروه ، يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون : ربنا إن عبادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا وحمدوك فحمدنا ، فيقول ربنا : يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فيقولون : فيهم فلان الخطاء ، فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاص يقص
فأمسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قص فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي سعيد قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ناس من ضعفة المسلمين ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ثم قال : بشر فقراء المسلمين بالنور التام يوم القيامة يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم مقدار خمسمائة عام ، هؤلاء في الجنة ينتعمون وهؤلاء يحاسبون.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت قال : كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النَّبِيّ فكفوا فقال : ما كنتم تقولون قلنا : نذكر الله ، قال : فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ، ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن : قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن نافع قال : أخبرني عبد الله بن عمر في هذه الآية {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قوله : {واصبر نفسك} الآية ، قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال : هم الذين يقرأون القرآن.
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} قال : نزلت في أمية بن خلف وذلك أنه دعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة
فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} يعني من ختمنا على قلبه يعني التوحيد {واتبع هواه} يعني الشرك {وكان أمره

فرطا} يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف فثار منه ريح العرق في الصوف فقال عيينة : يا محمد إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك لا يؤذونا فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم ، فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : حدثنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له فأنزل الله {ولا تطع من أغفلنا قلبه} الآية ، فرجع إلى اصحابه وخلى عن أمية فوجد سلمان يذكرهم فقال : الحمد لله الذي لم أفارق الدنيا حتى أراني أقواما من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة عن إبراهيم في قوله : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : هم أهل الذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر من طريق منصور عن إبراهيم في قوله : {واصبر نفسك} الآية ، قال : لا تطردهم عن الذكر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي جعفر في الآية قال : أمر أن يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {مع الذين يدعون ربهم} قال : يعبدون ربهم ، قوله : {ولا تعد عيناك عنهم} يقول : لا تتعداهم إلى غيرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال : كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن جبير في قوله : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : المفاضلة في الحلال والحرام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم ومجاهد {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : نزلت {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} في عيينة بن حصن ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي فاجعل لنا مجلسا معك لا يجامعنا فيه واجعل لهم مجلسا منك لا نجامعهم فيه ، فنزلت.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكان أمره فرطا} قال : ضياعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وقل الحق من ربكم} قال : الحق هو القرآن.
وأخرج حنيش في الاستقامة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} يقول : من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله : {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير آية 29.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال : هذا تهديد ووعيد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال : سألت عمر بن حبيب عن قوله : {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال : حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول : فليس بمعجزي وعيد من الله.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {أحاط بهم سرادقها} قال : حائط من نار.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها أربعون سنة.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن البحر من جهنم ثم تلا {نارا أحاط بهم سرادقها}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول : لم يذكر السرادق إلا لأهل النار.

وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {بماء كالمهل} قال : كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كالمهل} يقول : أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية قال : سئل ابن عباس عن المهل قال : ماء غليظ كدردي الزيت.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله : {كالمهل} قال : كدردي الزيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : المهل دردي الزيت.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك في قوله : {كالمهل} قال : المهل دردي الزيت.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب ، قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب أهل النار أشدا حرا من هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {كالمهل} قال : القيح والدم أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {كالمهل} قال : أسود وهي سوداء وأهلها سود.
وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال : المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحكم في قوله : {كالمهل} قال : مثل الفضة إذا أذيبت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير في قوله : {كالمهل} قال : أشد ما يكون حرا.

وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : هل تدرون ما المهل مهل الزيت : يعني آخره.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : مجتمعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : منزلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وساءت مرتفقا} قال : عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ.
الآية 31.
أَخْرَج ابن المبارك ، وَابن أبي حاتم عن المقبري قال : بلغني أن عيسى ابن مريم كان يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها ، ثم تل ا {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك.
وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم.

وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال : إن لله ملكا - وفي لفظ - : في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس ، وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {أساور من ذهب} قال : الأساور المسك.

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء.
وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول : إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا.
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو قال : قال رجل : يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة ، أخلقا تخلق أم نسجا تنسج قال : بل يشقق عنها ثمر الجنة.

وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه.
وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس منه يكون ثياب أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الاستبرق الديباج الغليظ وهو بلغة العجم استبره.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : الاستبرق الديباج الغليظ.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : الاستبرق الغليظ من الديباج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال : يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة بالكسوة فتعجبه فيقول : لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط فيقول الرسول الذي جاء بالكسوة : إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال : إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا ، إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرائك السرر في جوف الحجال ، عليها الفرش منضود في السماء فرسخ.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تكون أريكة
حتى يكون السرير في الحجلة فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة فإذا اجتمعتا كانت أريكة.

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {على الأرائك} قال : السرر عليها الحجال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأرائك من لؤلؤ وياقوت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال : لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة إذا كان فيها سرير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي رجاء قال : سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال : هي الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال : هي الحجال على السرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرائك الحجال فيها السرر.

الآية 32 - 37
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب} قال : إن الجنة هي البستان فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر وذلك كان جنتين فلذلك سماه جنة من قبل الجدار الذي يليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : نهر أبي فرطس نهر الجنتين ، قال ابن أبي حاتم : وهو نهر مشهور بالرملة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} قال : لم تنقص كل شجر الجنة أطعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {وفجرنا خلالهما نهرا} يقول : وسطهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وكان له ثمر} يقول : مال.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة رضي الله عنه قال : قرأها ابن عباس {وكان له ثمر} بالضم يعني أنواع المال.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وكان له ثمر} قال : ذهب وفضة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشير بن عبيد أنه كان قرأ {وكان له ثمر} برفع الثاء وقال : الثمر المال والولدان والرقيق ، والثمر : الفاكهة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد المدني أنه كان يقرؤها {وكان له ثمر} قال : الأصل والثمر الثمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} يقول كفور لنعمة ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا} يقول : تهلك {وما أظن الساعة قائمة ولئن} كانت قائمة ثم {رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا}.

الآية 38 - 39
أخرج ابن أبي حاتم عن أسماء بنت عميس قالت : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عروة أنه كان إذا رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} ويتأول قول الله : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زياد بن سعد قال : كان ابن شهاب إذا دخل أمواله قال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} ويتأول قوله : {ولولا إذ دخلت جنتك} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف قال : كان مالك إذا دخل بيته قال : {ما شاء الله} قلت لمالك لم تقول هذا قال : ألا تسمع الله يقول : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم حفص بن ميسرة قال : رأيت على باب وهب بن

منبه مكتوبا {ما شاء الله} وذلك قول الله : {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن مرة قال : إن من أفضل الدعاء قول الرجل : {ما شاء الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن أدهم قال : ما سأل رجل مسألة أنجح من أن يقول : {ما شاء الله}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم الطائفي عمن ذكره قال : طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال : {ما شاء الله} فإذا حاجته بين يديه فقال : يا رب أنا أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتنيها الآن فأوحى الله إليه يا موسى أما علمت أن قولك : {ما شاء الله} أنجح ما طلبت به الحوائج.
وَأخرَج أبو يعلى ابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول :

ما شاء الله لا قوة إلا بالله. إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته " وقرأ: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلا بالله) ..

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن معاذ بن جبل : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا أدلك على باب من أبواب الجنة قال : ما هو قال : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخدمه قال : فخرج علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وقد صليت ركعتين واضطجعت فضربني برجله وقال : ألا أدلك على باب من أبواب الجنة قلت : بلى ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر : يا أبا ذر ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة قال : بلى ، قال : قل لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا

أدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه كنز من كنوز الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته وقرأ {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال : من رأى شيئا من ماله فأعجبه فقال : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} لم يصب ذلك المال آفة أبدا وقرأ {ولولا إذ دخلت جنتك} الآية ، وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه مرفوعا.
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}.
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش قلت : نعم ، قال : أن تقول : {لا قوة إلا بالله}
قال عمرو بن ميمون : قلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - لا حول ولا قوة إلا بالله فقال : لا إنها في سورة الكهف {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله

لا قوة إلا بالله}.
وأخرج ابن منده في الصحابة من طريق حماد بن سلمة عن سماك عن جرير قال : خرجت إلى فارس فقلت : {ما شاء الله لا قوة إلا بالله} فسمعني رجل فقال : ما هذا الكلام الذي لم أسمعه من أحد منذ سمعته من السماء فقلت : ما أنت وخبر السماء قال : إني كنت مع كسرى فأرسلني في بعض أموره فخرجت ثم قدمت فإذا شيطان خلفني في أهلي عي صورتي فبدأ لي فقال : شارطني على أن يكون لي يوم ولك يوم وإلا أهلكتك فرضيت بذلك فصار جليسي يحادثني وأحادثه فقال لي ذات يوم : إني مما يسترق السمع والليلة نوبتي قلت : فهل لك أن أختبئ معك قال : نعم ، فتهيأ ثم أتاني فقال : خذ بمعرفتي وإياك أن تتركها فتهلك فأخذت بمعرفته فعرج بي حتى لمست السماء فإذا قائل يقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فسقطوا على وجوههم وسقطت فرجعت إلى أهلي فإذا أنا به يدخل بعد أيام فجعلت أقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا

بالله قال : فيذوب لذلك حتى يصير مثل الذباب ، ثم قال لي : قد حفظته فانقطع عنا.
وأخرج أحمد في الزهد عن يحيى بن سليم الثقفي عن شيخ له قال : الكلمة التي تزجر بها الملائكة الشياطين حتى يسترقون السمع {ما شاء الله}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن صفوان بن سليم قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم.
وأخرج ابن مردويه والخطيب والديلمي من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال : أخبرني جبريل أن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله أنه لا

حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنها في لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه سئل عن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا تأخذ ما تحب إلا بالله ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله.
الآية 40 - 45.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحسبان العذاب.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {حسبانا من السماء} قال : نارا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : بقية معشر صبت عليهم * شآبيب من الحسبان شهب.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {حسبانا من السماء} قال : نارا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فتصبح صعيدا زلقا} قال : مثل الجزر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {حسبانا من السماء} قال : عذابا {فتصبح صعيدا زلقا} أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء {أو يصبح ماؤها غورا} أي ذاهبا قد غار

في الأرض
{وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه} قال يصفق {على ما أنفق فيها} متلهفا على ما فاته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {صعيدا زلقا} قال : الصعيد الأملس والزلق التي ليس فيها نبات {وأحيط بثمره} قال : بثمر الجنتين فأهلكت {فأصبح يقلب كفيه} يقول : ندامة عليها {وهي خاوية على عروشها} قال : قلب أسفلها أعلاها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : {وأحيط بثمره} قال : أحاط به أمر الله فهلك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ولم تكن له فئة} قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم تكن له فئة} قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم تكن له فئة} أي جند

يعينونه {من دون الله وما كان منتصرا} أي ممتنعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد قال : {الولاية} الدين والولاية ما أتولى.
وأخرج الحاكم وصححه عن صهيب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها : اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها.
الآية 46 – 48
أخرج ابن أبي حاتم والخطيب عن سفيان الثوري قال : كان يقال إنما سمي المال لأنه يميل بالناس وإنما سميت الدنيا لأنها دنت.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عياض بن عقبة أنه مات له ابن يقال له يحيى فلما نزل في قبره قال له رجل : والله إن كان لسيد الجيش فأحتسبه ، فقال : وما يمنعني أن أحتسبه وكان أمس من زينة الدنيا وهو اليوم من الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : {المال والبنون} حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {والباقيات الصالحات} قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : استكثروا من الباقيات الصالحات قيل : وما هن يا رسول الله قال : التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وَابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر من الباقيات الصالحات.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا جنتكم قيل : يا رسول الله أمن عدو قد حضر قال : لا ، بل جنتكم من النار قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج الطبراني ، وَابن شاهين في الترغيب في الذكر ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا

بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشجرة يابسة فتناول عودا من أعوادها فتناثر كل ورق عليها فقال : والذي نفسي بيده إن قائلا يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لتتناثر الذنوب عن قائلها كما يتناثر الورق عن هذه الشجرة قال الله في كتابه : هن {والباقيات الصالحات}.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن سمرة بن جندب : ما من الكلام شيء

أحب إلى الله من الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر هن أربع فلا تكثر علي لا يضرك بأيهن بدأت.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه والعدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن المقدمات وإنهن المؤخرات وهن المنجيات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه خذوا جنتكم مرتين أو ثلاثا قالوا : من عدو حضر قال : بل من النار ، قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله

والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن يجئن يوم القيامة مقدمات ومحسنات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن مردويه عن علي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الباقيات الصالحات من قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يثبطكم الليل فلم تقوموه وعجزتم عن النهار فلم تصوموه وبخلتم بالمال فلم تعطوه وجبنتم عن العدو فلم تقاتلوه ، فأكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات.
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأسلمت

وعلمني (قل هو الله أحد) و(وإذا زلزلت) و(قل يا أيها الكافرون) وعلمني هؤلاء الكلمات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وقال : هن الباقيات الصالحات.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عثمان بن عفان أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} قال : هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير عن ابن عمر أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : {والباقيات الصالحات} قال : هي ذكر الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وصلى الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة والصيام والحج والصدقة

والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن المسيب قال : كنا عند سعد بن أبي وقاص فسكت سكتة فقال : لقد قلت في سكتتي هذه خيرا مما سقى النيل والفرات ، قلنا له : وما قلت قال : قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {والباقيات الصالحات} قال : الكلام الطيب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن أو لا يحب أحدكم أن لا يزال عند الرحمن شيء يذكر به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي أوفى قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيئا وسأله شيئا يجزئ من القرآن فقال له : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن موسى بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلمات إذا قالهن العبد وضعهن ملك في ناحيه ثم عرج بهن فلا يمر على ملأ من الملائكة إلا صلوا عليهن وعلى قائلهن حتى يوضعن بين يدي الرحمن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسبحان الله أبرئه عن السوء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال : رأى رجل في المنام أن مناديا نادى في السماء أيها الناس خذوا سلاح فزعكم فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى أن الرجل وما معه عصا فنادى مناد من السماء ليس هذا سلاح فزعكم فقال رجل من الأرض ما سلاح فزعنا فقال :

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أتصدق بعددها دنانير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أن أحمل على عدتها من خيل بأرسانها.
وأخرج عبد الرحمن بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة قال : من قال من قبل نفسه الحمد لله رب العالمين كتب الله له ثلاثين حسنة ومحا

عنه ثلاثين سيئة ومن قال : الله أكبر كتب الله له بها عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة ومن قال : لا إله إلا الله كتب الله له عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : في قوله : {والباقيات الصالحات} {الحسنات يذهبن السيئات} الصلوات الخمس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {والباقيات الصالحات} قال : كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن قتادة أنه سئل عن {والباقيات الصالحات} فقال : كل ما أريد به وجه الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {خير عند ربك ثوابا} قال : خير جزاء من جزاء المشركين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وخير أملا} قال : إن لكل عامل أملا يؤمله وإن المؤمن من خير الناس أملا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وترى الأرض بارزة} قال : لا عمران فيها ولا علامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وترى الأرض بارزة} قال : ليس عليها بناء ولا شجرة.
وأخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم

مسؤولون محاسبون يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب.
الآية 49.
أَخرَج البزار عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه النعم من الله عليه.
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزو حنين نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شيء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اجمعوا من وجد عودا فليأت ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به قال : فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أترون هذا فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا

فليتق الله رجل لا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة عليه.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويقولون يا ويلتنا} الآية ، قال : يشتكي القوم كما تسمعون ، الاحصاء ولم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية ، قال : سئلوا حتى عن التبسم فقيل فيم تبسمت يوم كذا وكذا.
الآية 50

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانا رجيما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : كان خازن الجنان فسمي بالجن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال : اختلف ابن عباس ، وَابن مسعود في إبليس فقال أحدهما : كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان السماء الدنيا وكان له مجمع البحرين بحر الروم وفارس أحدهما قبل المشرق والآخر قبل المغرب وسلطان الأرض وكان مما سولت نفسه مع قضاء الله أنه يرى أن له بذلك عظمة وشرفا على أهل السماء فوقع

في نفسه من ذلك كبر لم يعلم ذلك أحد إلا الله فلما كان السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد لآدم استخرج الله كبره عند السجود فلعنه إلى يوم القيامة {كان من الجن} قال ابن عباس : إنما سمي بالجنان لأنه كان خازنا عليها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان ابن عباس يقول : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود وكان على خزانة السماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : قاتل الله أقواما

يزعمون أن إبليس كان من ملائكة الله والله تعالى يقول : {كان من الجن}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : من خزنة الجنان.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل الجنة حتى تقوم الساعة.
وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله : {كان من الجن} قال : من الجنانين الذين يعملون في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن شهاب في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من
الإنس وهو أبوهم ، وإبليس من الجن وهو أبوهم وقد تبين للناس ذلك حين قال الله : {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان إبليس رئيسا من الملائكة في سماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن منصور قال : كانت الملائكة تقاتل الجن

فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : {إلا إبليس كان من الجن} قال : أجن من طاعة الله.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة فجزع لذلك فرن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته.
وأخرج أبو الشيخ عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ففسق عن أمر ربه} قال : في السجود لآدم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة فقال : إن ذلك العرس ما سمعت به.

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : ولد إبليس خمسة : ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صاحب الصخب والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان والثبر صاحب المصائب وزلنبور الذي يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب أهله.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : باض إبليس خمس بيضات : زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فأما الأعور فصاحب الزنا وأما ثبر فصاحب المصائب وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل معه ويريه من
متاع البيت ما لا يحصى موضعه وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع راسه في كل سوق بين السماء والأرض.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : {أفتتخذونه وذريته} قال : هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات : وذريته من ذلك ، قال : وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {بئس للظالمين بدلا} قال بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى.
الآية 51 - 52.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} قال : يقول ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا {وما كنت متخذ المضلين} قال : الشياطين {عضدا} قال : ولا اتخذتهم عضدا على شيء عضدوني عليه فأعانوني.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال : أعوانا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال : أعوانا ..

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} يقول : مهلكا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {موبقا} يقول : مهلكا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {موبقا} قال : واد في جهنم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن أنس في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} قال : واد في جهنم من قيح ودم.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله : {وجعلنا بينهم موبقا} قال : هو واد عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى والضلالة.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمرو البكالي قال : الموبق الذي ذكر الله واد في النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام وبين من سواهم من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {موبقا} قال : هو نهر في النار يسيل نارا على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالإقتحام في النار منها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها : غليظ وموبق وأثام وغي.
الآية 53 - 54.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فظنوا أنهم مواقعوها} قال : علموا.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والحاكم وصلى الله عليه وسلمححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينصب الكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله أعلم.

وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا فقال : ألا تصليان فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا ، وانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته بضرب فخذه ويقول : {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} قال : الجدل الخصومة خصومة القوم لآنبيائهم وردهم عليهم ما جاؤوا به وكل شيء في القرآن من ذكر الجدل فهو من ذلك الوجه فيما يخاصمونهم من دينهم يردون عليهم ما جاؤوا به والله أعلم.
الآية 55 - 59.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إلا أن تأتيهم سنة الأولين} قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قرأ {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : قبائل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : فجأة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ {أو يأتيهم العذاب قبلا} أي

عيانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : {قبلا} قال : جهارا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أو يأتيهم العذاب قبلا} قال : مقابلهم فينظرون إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ونسي ما قدمت يداه} أي نسي ما سلف من الذنوب الكثيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {بما كسبوا} يقول : بما علموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {بل لهم موعد} قال : الموعد يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : {لن يجدوا من دونه موئلا} قال : ملجأ.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لن يجدوا من دونه موئلا} قال : مجوزا ، وفي قوله : {وجعلنا لمهلكهم موعدا} قال : أجلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العباس بن عزوان أسنده في قوله : {وتلك

القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا} قال : قضى الله العقوبة حين عصي ثم أخرها حتى جاء أجلها ثم أرسلها.
الآية 60 – 82
أخرج ابن عساكر من طريق ابن سمعان عن مجاهد قال : كان ابن عباس يقول في هذه الآية {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} يقول : لا أنفك ولا أزال {حتى أبلغ مجمع البحرين} يقول : ملتقى البحرين {أو أمضي حقبا} يقول : أو أمضي سبعين خريفا {فلما بلغا مجمع بينهما} يقول : بين البحرين {نسيا حوتهما} يقول : ذهب منهما وأخطأهما وكان حوتا مليحا معهما يحملانه فوثب من المكتل إلى الماء فكان {سبيله في البحر سربا} فأنسى الشيطان فتى موسى أن يذكره وكان فتى موسى يوشع بن نون {واتخذ سبيله في البحر عجبا} يقول : موسى عجب من أثر الحوت ودوراته التي غار فيها {قال ذلك ما كنا نبغ} قول موسى : فذاك حيث أخبرت أني أجد الخضر حيث يفارقني الحوت {فارتدا على آثارهما قصصا} يقول : اتبع موسى ويوشع أثر الحوت في البحر وهم راجعان على ساحل البحر {فوجدا عبدا من عبادنا} يقول :

فوجدا خضرا {آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} قال الله تعالى : (وفوق كل ذي علم عليم) (يوسف آية 76) فصحب موسى الخضر وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس أن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل : قال ابن عباس : كذب عدو الله ، حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم فقال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه : أن لي عبدا بمجمع البحرين وهو أعلم منك ، قال موسى : يا رب كيف لي به قال : تأخذ معك حوتا تجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر {فاتخذ سبيله في البحر سربا} وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبرهه بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد
قال موسى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به فقال له فتاه : {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره

واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال : فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا ، فقال موسى {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} قال سفيان : يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة ولا يصيب ماؤها ميتا إلا عاش ، قال : وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش ، قال : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل قال : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمك الله لا أعلمه ، فقال موسى {ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} فقال له الخضر {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا} يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبوا في السفينة فلم يفجأه إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ، {لقد جئت شيئا إمرا} فقال : {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كانت الأولى من موسى نسيانا قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له

الخضر : ما علمني وما علمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله فقال له موسى : {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} قال : وهذه أشد من الأولى {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} قال : مائل فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه فقال موسى : قوم
أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} فقال : {هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما ، قال سعيد بن جبير : وكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق آخر عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل ، قال : كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى عليه السلام ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال : أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك قال : لا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى ، قيل : بلى ، قال : أي رب فأين قال : بمجمع البحرين ، قال : أي رب اجعل لي علما أعلم به ذلك ، قال : خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا ، قال : فبينا هو في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه ، حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره.

وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كان أثره في حجر ، قال موسى {لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى ثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلم عليه موسى فكسف عن وجهه وقال : هل بأرض من سلام ، من أنت قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل قال : نعم ، قال : فما شأنك قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى إن لي علما لا ينبغي أن تعلمه وإن لك علما لا ينبغي لي أعلمه ، فأخذ طائر بمنقاره من البحر فقال : والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره من
البحر ، حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر فعرفوه فقالوا : عبد الله الصالح لا نحمله بأجر فخرقها ووتد فيها وتدا ، قال موسى {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} كانت الأولى نسيانا والوسطة والثالثة عمدا {لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله} ووجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا ظريفا

فأضجعه ثم ذبحه بالسكين فقال : {أقتلت نفسا زكية} لم تعمل الحنث ، قال ابن عباس قرأها : {زكية} زاكية مسلمة كقولك : غلاما زكيا ، {فانطلقا} {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال : بيده هكذا ورفع يده فاستقام {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا} قال : أجر تأكله {وكان وراءهم ملك} قرأها ابن عباس وكان أمامهم ملك يزعمون مدد بن ندد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور {ملك يأخذ كل سفينة} صالحة {غصبا} فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها ومنهم من يقول سدوها بالقار (فكان أبواه مؤمنين) وكان كافرا {فخشينا أن

يرهقهما طغيانا وكفرا} أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر ، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا عنده فقال القوم : إن نوفا الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني إسرائيل فكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال : كذب نوف حدثني أبي بن كعب أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني لرأى من صاحبه عجبا ، قال : وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر نبيا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال : رحمة الله علينا وعلى صالح ورحمة الله علينا وعلى أخي عاد ثم قال : إن موسى بينا هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم : ما في الأرض أحد أعلم مني ، فأوحى الله إليه : أن في الأرض من هو أعلم منك وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا فقدته فهو حيت تفقده ، فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به
فلما انتهوا

إلى الصخرة انطلق موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال فتاه : إذا جاء نبي الله حدثته ، فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابه ما يصيب المسافر من النصب والكلال حين جاوز ما أمر به فقال موسى : {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال فتاه : يا نبي الله {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت} أن أحدثك {وما أنسانيه إلا الشيطان} {فاتخذ سبيله في البحر سربا} {قال ذلك ما كنا نبغ} [ نبغي ] فرجعا {على آثارهما قصصا} يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة فأطاف فإذا هو برجل مسجى بثوب فسلم عليه فرفع رأسه فقال له : من أنت قال : موسى ، قال : من موسى قال : موسى بني إسرائيل ، قال : فما لك قال : أخبرت أن عندك علما فأردت أن أصحبك {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} قال : {وكيف تصبر على ما لم تحط به

خبرا} قال : قد أمرت أن أفعله {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة} فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له موسى : تخرقها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان أحسن ولا ألطف منه فأخذه فقتله فنفر موسى عند ذلك وقال {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} قال : فأخذته دمامة من صاحبه واستحيا فقال {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} وقد أصاب موسى جهد شديد فلم يضيفوهما {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال له موسى مما نزل به من الجهد : {لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} {وكان وراءهم

ملك يأخذ كل سفينة غصبا} فإذا مر عليها فرآها منخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة من خشب فانتفعوا بها.
وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما {خيرا منه زكاة وأقرب رحما} فوقع أبوه على أمه فعلقت خيرا منه زكاة وأقرب رحما.
وأخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس - وعنده نفر من أهل الكتاب - فقال بعضهم : إن نوفا يزعم عن أبي بن كعب أن موسى النَّبِيّ الذي طلب العلم إنما هو موسى بن ميشا فقال ابن عباس : كذب نوف ، حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن موسى بني إسرائيل سأل ربه فقال : أي رب إن كان في عبادك أحد أعلم مني فدلني ، قال : نعم في عبادي من هو أعلم منك فنعت له مكانه فأذن له في لقيه فخرج موسى ومعه فتاه ومعه حوت مليح قد قيل : إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت حاجتك ، فخرج موسى ومعه فتاه ومعه

ذلك الحوت يحملانه فسار حتى جهده السير وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء ماء الحياة من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي ، فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي {فاتخذ سبيله في البحر سربا} فانطلقا {فلما جاوزا قال} موسى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال الفتى وذكر {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها فإذا رجل ملتف في كسائه فسلم موسى عليه فرد عليه ثم قال له : ما جاء بك إن كان لك في قومك لشغل قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا ، {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك فقال موسى : بلى ، قال : {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} أي أن ما تعرف ظاهرا ما ترى من العدل ولم تحط من علم الغيب بما أعلم {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} وإن رأيت ما يخالفني {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان

الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق منها فسألا أهلها أن يحملوهما فحملوهما فلما اطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها أخرج منقارا له ومطرقة ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى
خرقها ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ثم جلس عليها يرقعها فقال له موسى - ورأى أمرا أفظع به - {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت} أي بما تركت من عهدك {ولا ترهقني من أمري عسرا} ثم خرجا من السفينة فانطلقا حتى أتيا قرية فإذا غلمان يلعبون ، فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أوضأ منه فأخذ بيده وأخذ حجرا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله فرآى موسى عليه السلام أمرا فظيعا لا صبر عليه صبي صغير قتله لا ذنب له ، {قال أقتلت نفسا

زكية بغير نفس} أي صغيرة {لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا} أي قد عذرت في شأني {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} فهدمه ثم قعد يبنيه فضجر موسى مما يراه يصنع من التكليف وما ليس عليه صبر فقال {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} أي قد استطعمناهم فلم يطعمونا واستضفناهم فلم يضيفوهما ثم قعدت تعمل في غير صنيعة ولو شئت لأعطيت عليه أجرا في عملك ، {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة} صالحة {غصبا} - في قراءة أبي بن كعب كل سفينة صالحة وإنما عيبها لطرده عنها فسلمت

منه حين رأى العيب الذي صنعت بها {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري} أي ما فعلته عن نفسي {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} فكان ابن عباس يقول : ما كان الكنز إلا علما.
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام موسى خطيبا لنبي إسرائيل فأبلغ في الخطبة وعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي وعلم الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له : يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من العلم ما لم أوتك ، قال : فادللني عليه
حتى أتعلم منه ، قال : يدلك عليه بعض زادك ، فقال لفتاه يوشع {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} قال : فكان فيما تزوداه حوت مملوح وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداء فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر وضع فتاه المكتل على ساحل البحر فأصاب الحوت ندى الماء فتحرك في المكتل فقلب المكتل وأسرب في البحر فلما جاوز أحضر الغداء

فقال : {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} فذكر الفتى {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} فذكر موسى ما كان عهد إليه إنه يدلك عليه بعض زادك ، {قال ذلك ما كنا نبغ} أي هذه حاجتنا {فارتدا على آثارهما قصصا} يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة التي فعل فيها الحوت ما فعل فأبصر موسى أثر الحوت فأخذا أثر الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر العرب {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} فأقر له بالعلم {قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} يقول : حتى أكون أنا أحدث ذلك لك {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها} إلى قوله : {فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما} على ساحل البحر في غلمان يلعبون فعهد إلى أجودهم وأصبحهم {فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} ، قال ابن عباس : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاستحى نبي الله موسى عند ذلك فقال : {إن سألتك عن

شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها} إلى قوله : {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} قال : وهي في قراءة أبي بن كعب يأخذ كل سفينة صالحة غصبا فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها الملك فإذا جاوزوا الملك رقعوها فانتفعوا بها وبقيت لهم {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} إلى قوله : {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} قال : فجاء طائر هذه الحمرة فبلغ فجعل بغمس منقاره في
البحر فقال له : يا موسى ما يوق هذا الطائر قال : لا أدري ، قال : هذا يقول : ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا كما أنقص بمنقاري من جميع ما في هذا البحر.
وأخرج الروياني ، وَابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بينما موسى عليه السلام يذكر بني إسرائيل إذ حدث نفسه أنه ليس أحد من الناس أعلم منه فأوحى الله إليه : أني قد علمت ما حدثت به نفسك فإن من عبادي رجلا أعلم منك ، يكون على ساحل البحر فأته فتعلم منه

واعلم أن الآية الدالة لك على مكانه زادك الذي تزود به فأينما فقدته فهناك مكانه ، ثم خرج موسى وفتاه قد حملا حوتا مالحا في مكتل وخرجا يمشيان لا يجدان لغوبا ولا عنتا حتى انتهيا إلى العين التي كان يشرب منها الخضر فمضى موسى وجلس فتاه فشرب منها فوثب الحوت من المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى حتى وقع في البحر ، فذلك قوله تعالى : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه العياء فجلس وقال لفتاه {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال : ففقد الحوت فقال : {فإني نسيت الحوت} الآية ، يعني فتى موسى {واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ} إلى {قصصا} فانتهيا إلى الصخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم فسلم عليه موسى فرفع رأسه فقال : أنى السلام بهذا المكان ، من أنت قال : موسى بني إسرائيل ، قال : فما كان لك في قومك شغل عني قال : أني أمرت بك ، فقال الخضر : {إنك لن تستطيع معي صبرا} {قال ستجدني إن شاء الله صابرا} الآية ، {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}

فخرجا يمشيان حتى انتهيا إلى ساحل البحر فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر ركبوا معهم فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر حديدة كانت معه فخرق بها السفينة {قال أخرقتها لتغرق أهلها} الآية ، {قال ألم أقل} الآية ، {قال لا تؤاخذني} الآية ، {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية فأخذ الخضر غلاما منهم وهو أحسنهم وألطفهم فقتله قال له موسى : {أقتلت نفسا زكية} الآية ، {قال ألم أقل لك} الآية ، {قال إن سألتك} الآية ، فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام
وبهما جهد فاستطعموهم فلم يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى فقال : {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} قال له موسى : قد ترى جهدنا وحاجتنا لو سألتهم عليه أجرا أعطوك فنتعشى به {قال هذا فراق بيني وبينك} ، قال : فأخذ موسى بثوبه فقال : أنشدك الصحبة إلا أخبرتني عن تأويل ما رأيت قال : {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} الآية ، خرقتها لأعيبها فلم تؤخذ فأصلحها

أهلها فامتنعوا بها وأما الغلام فإن الله جعله كافرا وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما {طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه على مصر أنزل قومه بمصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله (وذكرهم بأيام الله) (إبراهيم آية 5) فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعيم وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض وقال كلم الله موسى نبيكم تكليما واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه وآتاكم من كل شيء سألتموه فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم ، فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا عرفهم إياها فقال له رجل من بني إسرائيل : فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله قال : لا ، فبعث الله جبريل إلى موسى فقال : إن الله يقول : وما يدريك أين أضع علمي ، بلى على ساحل البحر رجل أعلم ، قال ابن عباس : هو الخضر ، فسأل موسى ربه أن يريه إياه فأوحى الله إليه : أن ائت البحر فإنك

تجد على ساحل البحر حوتا ميتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب ، فلما طال صعود موسى ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت : {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} لك ، قال الفتى ، لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم
عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقي الخضر بها فسلم عليه فقال الخضر : وعليك السلام ، وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض ، ومن أنت قال : أنا موسى ، فقال له الخضر : أصاحب بني إسرائيل فرحب به وقال : ما جاء بك قال : جئتك {على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يقول : لا تطيق ذلك ، قال موسى : {ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} فانطلق به وقال له : لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه ، فذلك قوله : {حتى أحدث لك منه ذكرا}.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخطيب ، وَابن عساكر من طريق هرون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه فقال : رب أي عبادك أحب إليك قال : الذي يذكرني ولا ينساني ، قال : فأي عبادك أقضى قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ، قال : فأي عبادك أعلم قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى ، قال : وقد كان حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، قال : رب فهل أحد أعلم مني قال : نعم ، قال : فأين هو قيل له : عند الصخرة التي عندها العين ، فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة فسلم كل واحد منهما على صاحبه فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني ، قال : إنك لن تطيق صحبتي ، قال : بلى ، قال : فإن صحبتني {فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} فسار به في البحر حتى انتهى إلى محمع البحرين وليس في البحر مكان أكثر ماء منه ، قال : وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ بمنقاره من الماء قال : ما أقل ما رزأ ، قال : فإن علمي وعلمك

في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء ، وذكر تمام الحديث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار فكان قول موسى في الجدار لنفسه شيئا من الدنيا وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له في أجله حتى يكذب الدجال.
وأخرج البخاري وأحمد والترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنما سمي الخضر خضرا لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا صلى اخضر ما حوله.
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق قال : حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام

لما حضره الموت جمع بنيه فقال : يا بني إن الله سينزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بأرض الشام ، فكان جسده معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض فغرقت الأرض زمانا فجاء نوح حتى نزل بابل وأوصى بنيه الثلاثة - وهم سام وحام ويافث - أن يذهبوا بجسده إلى الغار الذي أمرهم أن يدفنوه به ، فقالوا : الأرض وحشية لا أنيس بها ولا نهتدي لطريق ولكن كف حتى يعظم الناس ويكثروا ، فقال لهم نوح : إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة ، فلم يزل جسد آدم حتى جاء الخضر عليه السلام هو الذي تولى دفنه فأنجز الله له ما وعده فهو يحيا ما شاء الله أن يحيا.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب : أن الخضر عليه السلام أمه رومية وأبوه فارسي.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما لقي موسى الخضر جاء طير فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى : تدري ما يقول هذا الطائر قال : وما يقول قال : يقول : ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذ منقاري من الماء.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والبزار وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي الدرداء في قوله : {وكان تحته كنز لهما}
قال : أحلت لهم الكنوز وحرمت عليهم الغنائم وأحلت لنا الغنائم وحرمت علينا الكنوز.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبزار عن أبي ذر رفعه قال : إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أيقن بالقدر ثم نصب وعجبت لمن ذكر النار ثم ضحك وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل ، لا إله

إلا الله ، محمد رسول الله.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : كان اللوح الذي ذكر الله تعالى في كتابه {وكان تحته كنز لهما} حجر منقورا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم عجبا لمن يعلم أن القدر حق كيف يحزن ، وعجبا لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ، وعجبا لمن يرى الدنيا وغرورها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج الخرائطي في قمع الحرص ، وَابن عساكر من طريق أبي حازم عن ابن عباس في قوله تعالى : {وكان تحته كنز لهما} قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم عجبا لمن يعرف الموت كيف يفرح ، وعجبا لمن يعرف النار كيف يضحك ، وعجبا لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، وعجبا لمن أيقن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق ، وعجبا لمن يؤمن بالحساب كيف

يعمل الخطايا ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وكان تحته كنز لهما} قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا رسول الله عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ، عجبت لمن تفكر في تقلب الليل والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وكان تحته كنز لهما} قال : ما كان ذهبا ولا فضة كان صحفا عليها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في قول الله عز وجل : {وكان تحته كنز لهما} قال : كان لوح من ذهب مكتوب فيه : لا إله الله إلا الله محمد رسول الله ، عجبا لمن يذكر الموت حق كيف يفرح ،.

وعجبا لمن يذكر أن النار حق كيف يضحك ، وعجبا لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن ، وعجبا لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها ،.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وكان أبوهما صالحا} قال : كان يؤدي الأمانات والودائع إلى أهلها.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {وكان أبوهما صالحا} قال :

حفظ الصلاح لأبيهما وما ذكر عنهما صلاحا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما يزالون في ستر من الله وعافية.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر موقوفا.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال : إن الله يخلف العبد المؤمن في ولده ثمانين عاما.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : بينما موسى يخاطب الخضر يقول : ألست نبي بني إسرائيل فقد أوتيت من

العلم ما تكتفي به وموسى يقول له : إني قد أمرت باتباعك ، والخضر يقول : {إنك لن تستطيع معي صبرا} فبينما هو يخاطبه إذ جاء عصفور فوقع على شاطئ البحر ، فنقر منه نقرة ثم طار فذهب فقال الخضر لموسى : يا موسى هل رأيت الطير أصاب من البحر قال : نعم ، قال : ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم الله إلا بمنزلة ما أصاب هذا الطير من هذا البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} قال : حتى أنتهي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {مجمع البحرين} قال : بحر فارس والروم هما بحر المشرق والمغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : {مجمع البحرين} قال : أفريقية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {مجمع البحرين} قال : طنجة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {مجمع البحرين} قال :

الكر والرس حيث يصبان في البحر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أو أمضي حقبا} قال : دهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أو أمضي حقبا} قال : سبعين خريفا ، وفي قوله : {فلما بلغا مجمع بينهما} قال : بين البحرين {نسيا حوتهما} قال : أضلاه في البحر {واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال : موسى يعجب من أثر الحوت ودوراته التي غاب فيها {فارتدا على آثارهما قصصا} قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر راجعين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {نسيا حوتهما} قال : كان مملوحا مشقوق البطن.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : أثره يابس في البحر كأنه حجر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : ما أنجاب ماء منذ كان الناس غير بيت ماء الحوت دخل منه صار منجابا كالكرة حتى رجع إليه موسى فرأى أمساكه قال : {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} أي يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى مدخل البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : جاء فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {فاتخذ سبيله في البحر سربا} قال : دخل الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله ثم اتخذ فيها سربا حتى وصل إلى البحر ، والسرب طريق حتى وصل إلى الماء وهي بطحاء يابسة في البر بعدما أكل منه دهرا طويلا وهو زاده ثم أحياه الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أن موسى عليه السلام شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى فلما كان من الغد {قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال في قراءة أبي وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : أتى الحوت على عين في البحر يقال لها عين الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله إليه روحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فارتدا على آثارهما قصصا} قال : عودهما على بدئهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فوجدا عبدا من عبادنا} قال : لقيا رجلا عالما يقال له خضر.
وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة قال : ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام وأخذ عليه أن لا يعلمه أحدا ، ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا وكان لا يقرب النساء ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ثم طلقها فأفشت عليه إحداهما وكتمت الأخرى فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان فأفشى عليه أحدهما وكتم الآخر ، فقيل له : ومن رآه معك قال : فلان ، وكان في

دينهم أن من كذب قتل فسئل فكتم فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه المرأة الماشطة فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت : تعس فرعون ، فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا فقال : إني قاتلكم ، قال : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد ، فقتلهم وجعلهم في قبر واحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمي الخضر لأنه كان إذا جلس في مكان اخضر ما حوله وكانت ثيابه خضرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {آتيناه رحمة من عندنا} قال : أعطيناه الهدى والنبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا قام في مكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ركبا في السفينة} قال : إنما كانت معبرا في ماء الكر فرسخ في فرسخ.

وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ليغرق أهلها بالياء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {لقد جئت شيئا إمرا} يقول : منكرا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {شيئا إمرا} يقول : منكرا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {شيئا إمرا} قال : عجبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله : {شيئا إمرا} قال : عظيما.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب في قوله : {لا تؤاخذني بما نسيت} قال : لم ينس ولكنها من معاريض الكلام .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لا تؤاخذني بما نسيت) . قال : هذا من معاريض الكلام ..
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية ومن طريق حماد بن يزيد عن شعيب بن الحجاب قالا : كان الخضر عبدا لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه فلم يريه من القوم إلا موسى ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام ، قال حماد : وكانوا يرون أن موت الفجأة من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله : {لقيا غلاما} قال : كان غلاما ابن عشرين سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : لما قتل الخضر الغلام ذعر موسى ذعرة منكرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {نفسا زكية} قال : تائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ [ قتلت نفسا زكية ] قال سعيد : زكية مسلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {نفسا زكية} قال : لم تبلغ الخطايا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية أنه كان يقرأ {زكية} يقول : تائبة.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {نفسا زكية} قال : تائبة ، يعني صبيا لم يبلغ.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لقد جئت شيئا نكرا} قال : النكر أنكر من العجب.
وأخرج أحمد عن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان فكتب إليه : إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن جرير قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن قتل الولدان ويقول في كتابه : إن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ، قال يزيد : أنا كتبت كتاب ابن عباس بيدي إلى نجدة أنك كتبت تسأل عن قتل الولدان وتقول في كتابك أن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ولو كنت تعلم من الولدان ما علم ذلك العالم من ذلك الوليد قتلته ولكنك لا تعلم ، قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم فاعتزلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن الولدان في الجنة قال : حسبك ما اختصم فيه موسى

والخضر.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا.
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا.
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {إن سألتك عن شيء بعدها} مهموزتين.
وأخرج أبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {من لدني عذرا} مثقلة.

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن السدي في قوله : {أتيا أهل قرية} قال : كانت القرية تسمى باجروان كان أهلها لئاما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : أتيا الإبلة وهي أبعد أرض الله من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن ابن عباس في قوله : {أتيا أهل قرية} : قال : هي أبرة ، قال : وحدثني رجل أنها أنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى قال : بلغني أن المسألة للمحتاج حسنة ألا تسمع أن موسى وصاحبه استطعما أهلها.
وَأخرَج النسائي ، وَابن مردويه عن أبي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {فأبوا أن يضيفوهما} مشددة.
وأخرج الديلمي عن أبي بن كعب رفعه في قوله : {فأبوا أن يضيفوهما} قال : كانوا أهل قرية لئاما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {يريد أن ينقض} قال : يسقط.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قرأ {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} فهدمه ثم قعد يبنيه.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فأقامه} قال : رفع الجدار بيده فاستقام.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال : في حروف عبد الله لو شئت لتخذت عليه أجرا.
وأخرج البغوي في معجمه ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ لو شئت لتخذت عليه أجرا مخففة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب القرظي قال : قال عمر بن
الخطاب ورسول الله يحدثهم بهذا الحديث حتى فرغ من القصة : يرحم الله موسى وددنا أنه لو صبر حتى يقص علينا من حديثهما.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رحمة الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه - لو كان صبر لقص علينا من خبره ولكن قال : {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فأردت أن أعيبها} قال : أخرقها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول كل سفينة صالحة غصبا قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان وكان

وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الغلام الذي قتله الخضر جيسور.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ابن عباس أنه كان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة قال : في حرف أبي وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فخشينا} قال : فأشفقنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله فخاف ربك أن يرهقهما طغيانا وكفرا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} قال : خشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر في الآية قال : لو بقي كان فيه بوارهما واستئصالهما.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : قال مطرف بن الشخير : إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما ، فرضي رجل بما قسم الله له فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {خيرا منه زكاة} قال : إسلاما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {خيرا منه زكاة} قال : دينا {وأقرب رحما} قال : مودة ، فأبدلا جارية ولدت نبيا.

وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل عن عمر بن يوسف في الآية قال : أبدلهما جارية مكان الغلام ولدت نبيين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وكان تحته كنز لهما} قال : كان الكنز لمن قبلنا وحرم علينا وحرمت الغنيمة على ما كان قبلنا وأحلت لنا فلا تعجبن للرجل يقول : ما شأن الكنز أحل لمن قبلنا وحرم علينا فإن الله يحل من أمره ما يشاء ويحرم ما يشاء وهي السنن والفرائض ، تحل لأمة وتحرم على أخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم عن خيثمة قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده ، وتلا خيثمة {وكان أبوهما صالحا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن وهب قال : إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق شيبة عن سليمان بن سليم بن سلمة

قال : مكتوب في التوراة إن الله ليحفظ القرن إلى القرن إلى سبعة قرون وإن الله يهلك القرن إلى القرن إلى سبعة قرون.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما
يقول لنبي إسرائيل : إني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي ناهية وإذا عصيت غضبت ولعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد.
وأخرج أحمد عن وهب قال : يقول الله : اتقوا غضبي فإن غضبي يدرك إلى ثلاثة آباء وأحبوا رضاي فإن رضاي يدرك في الأمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما فعلته عن أمري} قال : كان عبدا مأمورا مضى لأمر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قال موسى لفتاه يوشع بن نون {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} فاصطادا حوتا فاتخذاه زادا وسارا حتى انتهيا إلى الصخرة التي أرادها فهاجت ريح فاشتبه عليه المكان ونسيا عليه الحوت ثم ذهبا فسارا حتى اشتهيا الطعام فقال لفتاه : {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} يعني جهدا في السير ، فقال الفتى لموسى : {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت

الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} ، قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب أن موسى دعا ربه على أثره ومعه ماء عذب في سقاء فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار حجرا أبيض أجوف فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل يرى ذلك الرجل حتى كاد يسيء الظن ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر ، قال : عليك السلام يا موسى ، قال : من حدثك أني أنا موسى ، قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر ، قال : إني أريد أن أصحبك {على أن تعلمن مما علمت رشدا} وأنه تقدم إليه فنصحه فقال : {إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} وذلك بأن أحدهم لو رأى شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا فلما أبى عليه موسى إلا أن يصحبه {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} إن عجلت علي في ثلاث فذلك حين أفارقك ، فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة هلم إلينا فاحملونا في سفينتكم وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالا في مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصا فلا تحملهم ، فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالا

على وجوههم النور لأحملنهم ، فقال الخضر : بكم
حملت هؤلاء كل رجل حملت في سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف ، فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل سفينة صالحة ليس فيها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيبا لكي لا يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء وإن موسى امتلأ غضبا {قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر فقال : أردت هلاكهم فتعلم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضبا استقر البحر وكلما سكن كان البحر كالدهر وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك وإن الخضر أقبل عليه {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا} وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال : {لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا الغرق وإن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك فحمدوا رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت ، ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله {قال أقتلت نفسا

زكية بغير نفس} إلى قوله : {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا} وإن خضرا أقبل عليه فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي {هذا فراق بيني وبينك} {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} فكان لا يغضب أحدا إلا دعا عليه وعلى أبويه فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيرا منه وأبر بوالديه {وأقرب رحما} ، {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما} فسمعنا أن ذلك الكنز كان علما فورثا ذلك العلم.
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع - يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه ، فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه العالم فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة ، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه ، قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر
قال لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به ، وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي ، فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته.

وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى انزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب والزم بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أبي عبد الله - أظنه الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر فقال له موسى : أوصني ، قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبانا ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تعير امرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران.
وأخرج ابن عساكر عن وهب أن الخضر قال لموسى : يا موسى إن الناس يعذبون في الدنيا على قدر همومهم بها.
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية.

وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى وإدريس ، وإثنان في الأرض الخضر وإلياس ، فأما الخضر فإنه في البحر.
وَأَمَّا صاحبه فإنه في البر.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف إذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت : يا عبد الله أعد الكلام ، قال : وسمعته قلت : نعم ، قال : والذي نفس الخضر بيده : - وكان هو الخضر - لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار قال : إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ الهند - وهو بحر الصين -
فقال لأصحابه : يا أصحابي أدلوني ، فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا له : يا خضر ما رأيت فلقد أكرمك الله

وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر ، فقال : استقبلني ملك من الملائكة فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ومن أين فقلت : إني أردت أن أنظر عمق هذا البحر ، فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك منذ ثلثمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بقية قال : حدثني أبو سعيد قال : سمعت أن آخر كلمة أوصى بها الخضر موسى حين فارقه : إياك أن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى.
أخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ألا أحدثكم عن الخضر قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق علي بارك الله فيك ، فقال الخضر : آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شيء أعطيكه ، فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ووجدت البركة عندك ، فقال الخضر : آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني ، فقال المسكين : وهل يستقيم هذا قال : نعم ، الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم : أما أني لا أخيبك بوجه ربي تعالى ، فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند

المشتري زمانا لا يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي فأوصني أعمل بعمل ، قال : أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف ، قال : ليس يشق علي قال : فقم فانقل هذه الحجارة ، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه ثم عرض للرجل سفرة فقال : إني احتسبتك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، قال : فأوصني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك ، قال : ليس يشق علي قال : فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك فمر الرجل لسفره فرجع وقد شيد بناؤه فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك فقال : سألتني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبودية أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من نفسي فباعني ، فأخبرك
أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة ولا لحم له ولا عظم ليتقصع ، فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم ، فقال : لا بأس أحسنت وأتقنت ، فقال الرجل : بأبي

أنت وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما أراك الله أو أخيرك فأخلي سبيلك ، فقال : أحب أن تخلي سبيلي أعبد ربي ، فخلى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها.
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحجاج بن فرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ مر عليهما رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف : مه يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف ، قال : امض لما يعنيك ، قال : ذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله - فلما أراد أن ينصرف قال : اعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في قولك فضل على فضلك ، ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هذه الكلمات ، فقال : يا عبد الله اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله ، فقال الرجل : ما يقدر الله من أمر يكن فأعادهن

عليه حتى حفظهن ثم شهده حتى وضع إحدى رجليه في المسجد فما أدري أرض لفظته أو سماء اقتلعته قال : كأنهم يرونه الخضر أو إلياس عليه السلام.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند واه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الخضر في البحر وإليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل.
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل.
وأخرج العقيلي والدارقطني في الأفراد ، وَابن عساكر عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم فيحلق

كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاك الكلمات : بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله
ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق والسرق ومن الشياطين والسلطان والحية والعقرب.
الآية 83.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد ، قال : ومن هو قالوا : ذو القرنين ، قال : ما بلغني عنه شيء ، فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : دخل بعض أهل الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقالوا : يا أبا القاسم كيف تقول في رجل كان يسيح في الأرض قال : لا علم لي به ، فبينما

هم على ذلك إذ سمعوا نقيضا فب السقف ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غمة الوحي ثم سري عنه فتلا {ويسألونك عن ذي القرنين} الآية ، فلما ذكر السد قالوا : أتاك خبره يا أبا القاسم حسبك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أدري أتبع كان لعينا أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا.
وأخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل علي عن ذي القرنين : أنبي هو فقال : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : هو عبد ناصح الله فنصحه.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه من طريق أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن ذي القرنين : أنبيا كان أم ملكا قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن
كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه

ونصح لله فنصحه ، بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه فمات ثم أحياه الله لجهادهم ، ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات فأحياه الله لجهادهم ، فلذلك سمي ذا القرنين وإن فيكم مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ذو القرنين نبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : سئل عن ذي القرنين فقال : هو ملك مسح الأرض بالإحسان.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان الكلاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال : ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب.

وأخرج ابن عبد الحكم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ عن عمر أنه سمع رجلا ينادي بمنى : يا ذا القرنين فقال له عمر رضي الله عنه : ها أنتم قد سميتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير أن ذا القرنين ملك من الملائكة أهبطه الله إلى الأرض وآتاه من كل شيء سببا.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير أن أحبارا من اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : حدثنا عن ذي القرنين إن كنت نبيا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو ملك مسح الأرض بالأسباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان نذير واحد بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو القرنين بلغ السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الورقاء قال : قلت لعلي بن أبي طالب : ذو القرنين ما كان قرناه قال : لعلك تحسب أن قرنيه ذهب أو فضة كان نبيا فبعثه الله إلى أناس فدعاهم إلى الله تعالى فقام رجل فضرب قرنه الأيسر فمات ثم بعثه الله فأحياه ثم بعثه إلى ناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن

فمات فسماه الله ذا القرنين.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر قال : إنما سمي ذو القرنين ذا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه في الله وكان أسود.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه أن ذا القرنين أول من لبس العمامة
وذاك أنه كان في رأسه قرنان كالظلفين متحركان فلبس العمامة من أجل ذلك وأنه دخل الحمام ودخل كاتبه معه فوضع ذو القرنين العمامة فقال لكاتبه : هذا أمر لم يطلع عليه خلق غيرك فإن سمعت به من أحد قتلتك ، فخرج الكاتب من الحمام فأخذه كهيئة الموت فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى : ألا إن للملك قرنين ، فأنبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان إذا زمر خرج من القصبتين : ألا إن للملك قرنين ، فانتشر ذلك

في المدينة فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب فقال : لتصدقني أو لأقتلنك ، فقص عليه الكاتب القصة فقال ذو القرنين : هذا أمر أرد الله أن يبديه ، فوضع العمامة عن رأسه.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر الجهني قال : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا : من يستأذن لنا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : ما لي ولهم سألوني عما لا أدري إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما أعلمني ربي عز وجل ، ثم قال : ابغني وضوءا فأتيته بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف فقال - وأنا أرى السرور والبشر في وجهه - أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا علي فأذنت لهم فدخلوا فقال : إن شئتم أخبرتكم بما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول ، قالوا : بل فأخبرنا ، قال : جئتم

تسألوني عن ذي القرنين إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فابتنى مدينة يقال لها اسكندرية فلما فرغ من شأنها بعث الله عز وجل إليه ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء ثم قال له : انظر ما تحتك ، فقال : أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال : انظر ، فقال : قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر : قال : أرى مدينتي وحدها ولا أرى غيرها ، قال له الملك : إنها تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر وإنما أراد ربك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر فيها فعلم الجاهل وثبت العالم فسار حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء فبنى السد ثم اجتاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج
ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمة قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم مضى إلى البحر الدائر بالأرض فقالوا : نشهد أن أمره هكذا

كما ذكرت وإنا نجده هكذا في كتابنا.
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن الأشج صاحب كعب الأحبار أن ذا القرنين كان رجلا طوافا صالحا فلما وقف على جبل آدم الذي هبط عليه ونظر إلى أثره هاله فقال له الخضر : - وكان صاحب لوائه الأكبر - مالك أيها الملك قال : هذا أثر الآدميين ، أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة يابسة يسيل منها ماء أحمر إن لها لشأنا ، فقال له الخضر : - وكان قد أعطي العلم والفهم - أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة من النخلة الكبيرة قال : بلى ، قال : فهي تخبرك بشأن هذا الموضع ، - وكان الخضر يقرأ كل كتاب - فقال : أيها الملك أرى كتابا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من آدم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم إبليس الذي كان يلين كلامه وفجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا وألقيت على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى درست في الأرض وهذا أثري وهذه الأشجار من دموع عيني فعلي في هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن تندموا وباردوا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم ، فنزل ذو القرنين فمسح

موضع جلوس آدم فإذا هو ثمانون ومائة ميل ثم أحصى الأشجار فإذا هي تسعمائة شجرة كلها من دموع آدم نبتت فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وهي تبكي دما أحمر فقال ذو القرنين للخضر : ارجع بنا فلا طلبت الدنيا بعدها.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدي قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع.
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع.
وأخرج ابن عبد الحكم ، وَابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن عبيد بن يعلى قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه أنه سئل عن ذي القرنين فقال : لم يوح إليه وكان

ملكا ، قيل : فلم سمي ذا القرنين فقال : اختلف فيه أهل الكتاب فقال بعضهم : ملك الروم وفارس وقال بعضهم : إنه كان في رأسه شبه القرنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن مضر أن هشام بن عبد الملك سأله عن ذي القرنين : أكان نبيا فقال : لا ولكنه إنما أعطي ما أعطي بأربع خصال كان فيه : كان إذا قدر عفا وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع اليوم لغد.
وأخرج ابن عبد الحكم عن يونس بن عبيد قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له غديرتان من رأسه من شعر يطأ فيهما.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه قرن ما بين مطلع الشمس ومغربها.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن شهاب قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها.
وأخرج عن قتادة قال : الإسكندر هو ذو القرنين.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن إسحاق عمن يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا صالحا من أهل مصر اسمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قتادة قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له عقيصتان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن ذا القرنين كان من سواس الروم يسوس أمرهم فخير بين ذلال السحاب وصعابها فاختار ذلالها

فكان يركب عليها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب وأبو الشيخ عن وهب بن منبه اليماني - وكان له علم الأحاديث الأولى - أنه كان يقول : كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر وإنما سمي ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما
بلغ وكان عبدا صالحا قال الله له : يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض منهم أمتان بينهما طول الأرض كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم الإنس والجن ويأجوج ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك وأما الأخرى ، فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فأمة يقال لها تاويل ، فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين : يا إلهي أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني إليها بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم

وبأي لسان أناطقهم وكيف لي بأن أحاربهم وبأي سمع أعي قولهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة أدبر أمرهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم أتقن أمرهم وبأي يد اسطو عليهم وبأي رجل أطؤهم وبأي طاقة أخصمهم وبأي جند أقاتلهم وبأي رفق أستألفهم ، وإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقرن لهم ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم وأنت الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا ولا يحملها إلا طاقتها ولا يعنتها ولا يفدحها بل يرأفها ويرحمها ، فقال له الله عز وجل : إني سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شيء وأشرح لك فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء وأمد لك بصرك فتنفذ كل شيء

وأدبر لك أمرك فتتقن كل شيء وأحصر لك فلا يفوتك شيء وأحفظ عليك فلا يغرب عنك شيء وأشد ظهرك فلا يهدك شيء وأشد لك ركبك فلا يغلبك شيء وأشد لك قلبك فلا يروعك شيء وأشد لك عقلك فلا يهولك شيء وأبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شيء وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسخر لك النور والظلمة فأجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك ، فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله وألسنة مختلفة وأمورا مشتبهة وأهواء مشتتة وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة وضرب
حولهم ثلاثة عساكر منها وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله وعبادته ، فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه

فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل ، وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه ، فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل

ذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج ، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس صالحة : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله ، كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم

فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن
نتوقعهم وننظر أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين ، فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال : ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما اغدو إلى الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد بلادهم وأعلم علمهم وأقيس ما بين جبليهم ، ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد ، أنثاهم وذكرهم مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب في مواضع الأظفار من أيدينا ولهم أنياب وأضراس كأضراس السباع وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل قوة يسمع له حركة إذا أكل كحركة الجرة من الإبل أو كقضم الفحل المسن أو الفرس

القوي وهم صلب عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم وما يتقون به من الحر والبرد إذا أصابهم ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان إحداهما وبرة ظهرها وبطنها والأخرى زغبة ظهرها وبطنها ، تسعانه إذا لبسهما يلبس إحداهما ويفترش الأخرى ويصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذي يموت فيه ومنقطع عمره وذلك أنه لا يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها ألف ولد فإذا كان ذلك أيقن بالموت وتهيأ له ، وهم يرزقون التنين في زمان الربيع ويستمطرونه إذا تحينوه كما يستمطر الغيث لحينه فيقذفون منه كل سنة بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثلها من قابل فيعينهم على كثرتهم وما هم فيه فإذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أثره عليهم فدرت عليهم الإناث وشبقت منهم الذكور وإذا

أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت منهم الذكور وأحالت الإناث وتبين أثر ذلك عليهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون حيثما التقوا تسافد البهائم ، ثم لما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما - وهي في منقطع أرض الترك مما يلي الشمس - فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أساسا حتى بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علا وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه محبر من صفرة النحاس وحمرته وسواد
الحديد فلما فرغ منه وأحكم انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن فبينما هو يسير إذ رفع إلى أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتأسون ويتراحمون.

حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة وسيرتهم مستوية وقبورهم بأبواب بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا يقحطون ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ ، فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم أعجب منهم وقال لهم : أخبروني أيها القوم خبركم فإني قد أحصيت الأرض كلها ، برها وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها ، فلم أجد فيها أحدا مثلكم ، فأخبروني خبركم ، قالوا : نعم سلنا عما تريد ، قال : أخبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم قال : عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا ، قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب قالوا : ليس فينا متهم وليس فينا إلا أمين مؤتمن ، قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء قالوا : ليس فينا مظالم ، قال : فما بالكم ليس بينكم حكام قالوا : لا نختصم ، قال : فما بالكم ليس فيكم أغنياء قال : لا نتكاثر ، قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف قالوا : لا نتنافس ، قال : فما بالكم لا تتفاوتون ولا تتفاضلون قالوا : من قبل أنا متواصلون متراحمون ، قال : فما بالكم لا تتنازعون

ولا تختلفون قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ، قال : فما بالكم لا تقتتلون ولا تستبون قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسسنا أنفسنا بالحلم ، قال : فما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة قالوا : من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع فلا يغتاب بعضنا بعضا ، قال : فأخبروني من أيي تشابهت قلوبكم واعتدلت سيرتكم قالوا : صحت صدورنا فنزع الله بذلك الغل والحسد من قلوبنا ، قال : فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية ، قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ قالوا : من قبل الذل والتواضع ، قال : فما بالكم جعلتم أطول الناس أعمارا قالوا : من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم بالعدل ، قال : فما بالكم لا تقحطون قالوا : لا نغفل عن الاستغفار.
قال : فما بالكم لا تحردون قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا للبلاء منذ كنا وأحببناه وحرصنا عليه فعرينا منه ، قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس قالوا : لا نتوكل على غير الله ولا نعمل بأنواء النجوم ، قال : حدثوني ، أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون قالوا : نعم وجدنا آبائنا يرحمون مساكينهم ويواسون فقراءهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويحلمون على من جهل عليهم ويستغفرون لم سبهم ويصلون أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون بعهودهم ويصدقون في مواعيدهم

ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم ، فقال لهم ذو القرنين : لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده بالسلام فقال له ذو القرنين : يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد شكرا وعبادة قال : ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء ، فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال : إني سألت عما سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، قال : فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال : هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة فقالوا : ما نعلم ذلك ، فقام إليه رجل شاب فقال : وما حاجتك إليها أيها الملك قال : لي بها حاجة ، قال : فإني أعلم مكانها ، قال : ومن أين علمت مكانها قال : قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها : إن لله عينا خلف مطلع الشمس في

ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت ، فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس عسكر وجمع العلماء فقال : إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا : إنا نعيذك بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا
نأمن أن ينفتق علينا بها أمر يكون فيه فساد الأرض ، قال : لا بد أن أسلكها ، قالوا : فشأنك ، فسألهم أي الدواب أبصر قالوا : الخيل ، قال : فأي الخيل أبصر قالوا : الإناث ، قال : فأي الإناث أبصر قالوا : الأبكار ، فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال : سر أمامي ، فقال له الخضر : أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع إليه خرزة حمراء فقال : إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت

حتى تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم ، ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم ، بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال له الطير : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة انبئني يا ذا

القرنين ، قال : سل ، قال : هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس قال : نعم ، فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت المعازف في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل كثرت شهادة الزور في الناس قال : نعم ، فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير : يا ذا القرنين لا تخف ، أنبئني ، قال : سل.
قال : هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله قال : لا ، قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة قال : لا ، قال : فانضم ثلثاه ، قال : يا ذا القرنين أنبئني ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس المكتوبة قال : لا ، فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال : يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك ، فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له : من أنت قال : أنا ذو القرنين ، قال : يا ذا القرنين أما كفاك

ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي قال : ومن أنت قال : أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال : انصرف فإن هذا الحجر سيخبرك بتأويل ما أردت ، فتصرف [ فانصرف ] ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع إليه هذا الحجر وقال : إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو وأي شيء أراد بهذا قال : فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين : هل عند أحد منكم في هذا الحجر من علم قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له : يا خضر هل عندك في هذا الحجر من علم قال : نعم ، قال : وما هو قال الخضر : أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك ، فقال له ذو القرنين : ما أراك

إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه ، قال له الخضر : قد كان ذلك ، قال : فائتني ، فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر صاحب الصور فقالت العلماء : سبحان الله ربنا ، وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له ،.
فقال له ذو القرنين :
أخبرني بتأويل هذا ، قال : أخبرك ، إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب ، قال : صدقت ، ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا : أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا قال : من أخذ منه ندم ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو بالزبرجد فندم الآخذ

أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج منها زاهدا ، أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها حتى مات ، ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها.
وأخرج ابن إسحاق والفريابي ، وَابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال : كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه ، فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله - وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه

سواء فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد من قبلك ولا يجيء أحد بعدك ، فأجابه ذو القرنين : وأين أنا قال له الملك : أنت في الأرض السابعة ، فقال ذو القرنين : ما ينجيني فقال : ينجيك اليقين ، فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا ، فأنجاه الله ، قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا تحدث نفسك أنك
بنيته بحول منك أو قوة فيسلط الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه ، ثم قال له ذو القرنين : ما هذا الجبل قال : هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا ، ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له : حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه حبة عادت مكانها حبة ، ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه : {يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} إلى قوله : {أجعل بينكم وبينهم ردما}.

قال عكرمة رضي الله عنه : هم منسك وناسك وتاويل وراحيل ، وقال أبو سعيد رضي الله عنه : هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج.
وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال : ملك الأرض أربعة : سليمان وذو القرنين ورجل من أهل حلوان ورجل آخر ، فقيل له : الخضر قال : لا.
وأخرج ابن ابي حاتم ، وَابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن ذا القرنين ملك الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر إليه فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين ، ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر إلى صورته في ثياب المساكين حتى

مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت : أجلسوا هذا وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها : لم أجلستني وإنما أنا مسكين ، قالت : لا ، أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا بملكي أو أضرب عنقك ، فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ملك ذو القرنين اثنتي عشرة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر
رضي الله عنه قال : كان ذو القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له : لقد رأيت شيئا ما رأيت في شيء من مسري ، قال : وما هو فوصف له ما رأى منهم ، قالوا : أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا فيخرج فيرى القبور

ويرجع إلى نفسه فيقول : إلى هذا المصير وإليها صار من كان قبلي.
وَأَمَّا هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك فضلا على جليسه.
وَأَمَّا قولك : رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما ههنا لأنا خلونا ههنا للعبادة ، فقال : ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت ، قال : من أنت قال أنا ذو القرنين ، قال : ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا قال : وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا قال : أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي.
وَأخرَج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملكها : يا ذا القرنين صف لي الناس ، قال : إن محادثتك من لا يعقل

بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل.
الآية 84 - 85.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فأتبع سببا} قال : المنزل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : علما ، من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار : تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا قال له كعب رضي الله عنه : إن كنت قلت ذاك فإن الله قال : {وآتيناه من كل شيء سببا}.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وآتيناه من كل شيء سببا} قال : منازل الأرض وأعلامها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {فأتبع سببا} قال : هذه لأن الطريق كما قال فرعون لهامان (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب) (غافر آية 36) أسباب السموات طريق السموات ، قال : والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى ، وقرأ (وتقطعت بهم الأسباب) (البقرة آية 166) قال : أسباب الأعمال.
الآية 86.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية في سورة الكهف تغرب في عين حامية قال ابن

عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا {حمئة} فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرؤها فقال عبد الله : كما قرأتها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له :
أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب - ، قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في {حمئة} ، قال ابن عباس : وما هو قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم وإتباعه إياه : قد كان ذو القرنين عمرو مسلما * ملكا تدين له الملوك وتحسد فأتى المشارق والمغارب يبتغي * أسباب ملك من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثاط حرمد

فقال ابن عباس : ما الخلب قلت : الطين بكلامهم ، قال : فما الثاط قلت : الحمأة ، قال : فما الحرمد قلت : الأسود ، فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحاكم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {في عين حمئة}.
وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {تغرب في عين حمئة} مخففة.
وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها !

{في عين حمئة} ثم قرأها / {ذات حمئة > /.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {في عين حمئة} قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في {حمئة} وحامية قرأتها
{في عين حمئة} فقال عمرو : حامية فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل تغرب في طينة سوداء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت له : ما نقرؤها إلا {في عين حمئة} فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة تغرب قال : أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين.

وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ في عين حامية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في عين حامية يقول : حارة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع وابو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال : نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال : أتدري أين تغرب قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تغرب في عين حامية غير مهموزة.

وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها العين إلى المشرق.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن جريج في قوله : {ووجد عندها قوما} قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين تقع عند غروبها.

الآية 87 - 100.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله : {قال أما من ظلم} قال : من أشرك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فسوف نعذبه} قال : القتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله : {فله جزاء الحسنى} قال : الحسنى له جزاء.
وأخرج ابن ابي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وسنقول له من أمرنا يسرا} قال : معروفا ، والله تعالى أعلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله : {حتى إذا بلغ مطلع الشمس} الآية ، قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب ، قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : {لم نجعل لهم من دونها سترا}

أنها لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس.
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : {تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} قال : أرضهم لا تحتمل البناء فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم ، ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وجدها تطلع على

قوم} الآية ، قال : يقال لهم الزنج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بما لديه خبرا} قال : علما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {حتى إذا بلغ بين السدين} قال : الجبلين أرمينية وأذربيجان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {قوما لا يكادون يفقهون قولا} قال : الترك.
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم أنه كان يقرأ {لا يكادون يفقهون قولا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما وهو

في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال : أبشركم أنكم ربع أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا رسول الله فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة ، فقلنا : نعم يا نبي الله قال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما زاد وإن وراءكم ثلاث أمم : منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس ، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره ، وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك ، قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج.
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صورت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف
ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد.

وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج : أمن آدم هم قال : نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون

مشائم نسائهم.
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر الناس ، والناس بعد ثلاث أثلاث : ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة تشبه الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل

من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عدي ، وَابن عساكر ، وَابن النجار عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة ، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ، قال : هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز ، قلت : وما الأرز قال : شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم
يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن ، وَابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال : يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : انعته لي ، قال : كالبرد

المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء ، قال : قد رأيته.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني ، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من السماء قسوة وعلوا ، فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالذي نفس

محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كثر الخبث.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فهل نجعل لك خرجا} قال : أجرا عظيما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو السد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ما مكني فيه ربي خير} قال : الذي أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أجعل بينكم وبينهم ردما} قال : هو كأشد الحجاب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله {زبر الحديد} قال : قطع الحديد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول : تلظى عليهم حين شد حميمها * بزبر الحديد والحجارة شاجر.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {بين الصدفين} قال : الجبلين.

وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بفتحتين قال : يعني بين الجبلين.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ {بين الصدفين} بضمتين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {بين الصدفين} قال : رأس الجبلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قطرا} قال : النحاس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {آتوني أفرغ عليه قطرا} قال : نحاسا ليلزم بعضه بعضا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : ما استطاعوا أن يرتقوه.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} يقول : أن يعلوه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فما اسطاعوا أن يظهروه} قال : من فوقه {وما استطاعوا له نقبا} قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : جعله طريقا كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} قال : لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما.
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ {جعله دكاء} ممدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض فيقولون : نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم :

قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون : نرجع غدا فنفتحه ، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله ، فيقولون : إن شاء الله ، فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من
يخرج منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله : {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} والدك التراب {وكان وعد ربي حقا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غدا فنفرغ منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء ، فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد

فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت ، فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت.
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة
ماء ولا يموت رجل إلا ترك ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك.

وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في السد قال : يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستخرقونه غدا ، قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم ، قال : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم.
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث

ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم ، فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال : هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبد الله يا عبد الرحمن ، يا مسلم هذا يهودي فاقتله ، فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على
أعدائنا قد كان ههنا أثر ماء ، فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها لد فيقولون : ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر

فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ومقفلهم من يأجوج ومأجوج بيت الطور والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : ذلك حين يخرجون على الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : هذا أول يوم القيامة ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : الجن والإنس يموج بعضهم في بعض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة عن شيخ من بني فزارة في قوله : {وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} قال : إذا ماج الجن والإنس

بعضهم في بعض قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن يمينا وشمالا حتى ينتهي إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كأنه شواظ فأخذ عليه هو وذريته ، فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس ألم تكن لك المنزلة عند ربك ألم تكن في الجنان فيقول : ليس هذا يوم عتاب لو أن الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لم يعبده أحد من خلقه ، فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة ، فيقول : ما هي
فيقول : يأمرك أن تدخل النار ، فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه.
الآية 101.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا} قال : كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا يسمعونه.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يستطيعون سمعا} قال : لا يعقلون سمعا ، والله أعلم.
الآية 102.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال أبو عبيد : بجزم السين وضم الباء.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ {أفحسب الذين كفروا} يقول : أفحسبهم ذلك.
الآية 103 - 108
أخرج عبد الرزاق والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه من طريق مصعب بن سعد قال : سألت أبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} أهم الحرورية قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وَأَمَّا النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد

ميثاقه ، وكان سعد يسميهم الفاسقين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن مصعب قال : قلت لأبي {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} الحرورية هم قال : لا ولكن أصحاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} إنهم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله ابن الكواء فقال : من {هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : فجرة قريش.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق عن علي أنه سئل عن هذه الآية {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} قال : لا أظن إلا أن الخوارج منهم.

وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرأوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجها أحسنه وأطيبه ريحا فيقوم بجنب صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب فما أحسن صورتك ، وأطيب ريحك فيقول له : أما تعرفني تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا أنا عملك ، إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة وكان طيبا فترى ريحي طيبة ، فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني

فيه ، فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب قد كنت أرغب له عن هذا وأرجو له منك أفضل من هذا ، فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله فيقول : يا رب إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته ، فيشفع في أقاربه ، وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه فكلما جاءه روع زاده روعا فيقول : قبحك الله من صاحب فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك ، فيقول : من أنت قال : أما تعرفني أنا عملك إن عملك كان قبيحا فترى صورتي قبيحة وكان منتنا فترى ريحي منتنة ، فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} ، قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ثم يوزن فلا يزن شعيرة ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة ، ثم قرأ {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} يقول : ليس لهم وزن.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير والحاكم والبيهقي في البعث ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه

والبيهقي في البعث عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الجنة مائة درجة كل منها ما بين السماء والأرض وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش وهي أوسط شيء في الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها وأحسنها.
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة.

وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الفردوس أعلى درجة في الجنة وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، وجنة عدن قصبة الجنة وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية وأصله فرداسا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس يعني الجنة ، قال : والجنة بلسان الرومية الفردوس.

وأخرج النجاد في جزء التزاحم عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلى الجنة فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يبغون عنها حولا} قال : متحولا.
الآية 109.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} يقول : علم ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى دجلة وهي تطفح فقال له سلمان : انزل فاشرب ، فشرب قال له : ازدد فازداد ، قال : كم نقصت منها قال : ما عسى أن أنقص من هذه قال سلمان : فكذلك العلم تأخذ منه ولا تنقصه.

الآية 110.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه في المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، عَن طاووس قال : قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولا ، عَن طاووس عن ابن عباس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة ، وَابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب

بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج هناد في الزهد عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله وأحب أن يقال لي خيرا : فنزلت {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج هناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : ثواب ربه ، {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك} قال : لا يرائي {بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : {فمن كان يرجو لقاء ربه} قال : من كان يخشى البعث في الآخرة {فليعمل عملا

صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} من خلقه.
قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقول : أنا خير شريك فمن أشرك معي في عمله أحدا من خلقي تركت العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصا ، ثم قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} قال : في المؤمن نزلت ، قلت : أشرك بالله قال : لا ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس فذلك يرد عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء أشرك هو قال : نعم يا بني وما تقرأ {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وَأخرَج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا جمع الله الأولين والآخريين ببقيع واحد ينفدهم البصر ويسمعهم الداعي قال : أنا

خير شريك كل عمل عمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك فأنا أدعه اليوم ولا أقبل اليوم إلا خالصا ، ثم قرأ (إلا عباد الله المخلصين) (الصافات آية 40) {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي ، وَابن ماجة والبيهقي عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا قال : لا أجر له ، فأعظم الناس هذه فعاد الرجل فقال : لا أجر له.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وَابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس

قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك ، ثم قرأ {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن مردويه عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا فإن عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني.
وأخرج البزار ، وَابن منده والبيهقي ، وَابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل له : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صام رياء

فقد أشرك ومن صلى رياء فقد أشرك ومن تصدق رياء فقد أشرك فقال : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} فشق ذلك على القوم واشتد عليهم فقال : ألا أفرجها عنكم قالوا : بلى يا رسول الله فقال : هي مثل الآية في الروم (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) (الروم آية 39) فمن عمل رياء لم يكتب لا له ولا عليه.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية ، قلت : أتشرك أمتك من بعدك قال : نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجر ولا وثنا ولكن يراؤون الناس

بأعمالهم ، قلت : يا رسول الله فالشهوة الخفية قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مدرويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال : أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو الذي أشرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : الرياء يقول الله يوم القيامة : إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة في صحف مختتمة فيقول الله : ألقوا هذا واقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا ، فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به

وجهي.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به عن الضحاك بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله : أنا خير شريك فمن أشرك معي أحدا فهو لشريكي ، يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذا لله وللرحم فإنه للرحم وليس لله منه شيء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أنه قال : يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وإن قاتلت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال.
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قال : من غزا وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى.
وأخرج الحاكم عن يعلى بن منبه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبعثني في سراياه فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل ، قال : ما أنا بخارج معك ، قلت : لم قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير ، قلت : الآن حين ودعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أنا براجع إليه إرحل ولك ثلاثة دنانير ، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته.
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا شيء له ، ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه.
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة

والبيهقي في الأسماء والصفات عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز وجل يوم القيامة في موقف رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن

لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم وشرك السرائر ، قالوا : وما شرك السرائر قال : أن يقوم أحدكم يريد صلاته جاهدا لينظر الناس إليه فذلك شرك السرائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا مثلها وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله.
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل ، فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفر لما لا نعلم.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن الصامت قال : يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ثم يقول : ألقوا سائرها في النار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن يسيرا من الرياء شرك وإن من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الاتقاء على العمل أشد من العمل إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول به في السر يضعف أجره سبعين ضعفا فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس فيكتب علانية ويمحى تضعيف أجره كله ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويحب أن يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء فاتقى الله امرؤ صان دينه فإن الرياء

شرك.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أحسن أوليائي عندي منزلة رجل ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع عجلت منيته وقل تراثه وقلت بواكيه.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قام مقام رياء أو سمعة رايا الله به يوم القيامة وسمع به.
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم واديا تعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة أعد ذلك للمرائين من القراء.

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تعوذ بالله من جب الحزن قيل من يسكنه قال : المراؤون بأعمالهم.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : كل من عمل عملا أراد به غيري فأنا منه بريء.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر قال : الرياء يوم يجازي الله العباد بأعمالهم يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا ، هل تصيبون عندهم جزاء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : يا أبا العالية لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز وجل إلى عملت له.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز وجل يضمحل.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض شيعها سبعون ألف ملك سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له بها إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي من فتنة الدجال ، ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه من فراشه حفظ وبعث من أي الليل شاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية ، قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم.

وأخرج ابن راهويه والبزار ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ في ليلة {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة.
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة من لدن قرنه إلى قدمه ، والله أعلم بالصواب.
*

المجلد العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم
19 -- سورة مريم.
مكية وآياتها ثمان وتسعون.
مقدمة سورة مريم.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ولدت لي الليلة جارية ، فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم سمها مريم.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر بن أبي طالب : هل معك مما جاء به - يعني رسول الله - من الله من شيء قال : نعم ، فقرأ عليه صدرا من {كهيعص} فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي

عليهم ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر بكهيعص.
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم.
قال هاشم : فحدثني المنذر بن جهضم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم بريدة ليلتئذ صدرا من سورة مريم.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر فسمعته يقرأ في الركعة

الأولى سورة مريم وفي الثانية ويل للمطففين.
الآية 1 - 11.
أَخرَج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قال : كبير هاد أمين عزيز صادق ، وفي لفظ : كاف بدل كبير.
وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {كهيعص} قال : كاف من كريم وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة {كهيعص}

هو الهجاء المقطع الكاف من الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور.
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن {كهيعص} فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كاف هاد عالم صادق.
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير عن فاطمة بنت علي قالت : كان ابن عباس يقول في {كهيعص} و(حم) و(يس) وأشباه هذا هو اسم الله الأعظم.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كهيعص} قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {كهيعص} قال : يقول : أنا الكبير الهادي علي أمين صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {كهيعص} قال : الكاف من الملك والهاء من الله والعين من العزيز والصاد من الصمد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : الكاف مفتاح اسمه كافي والهاء مفتاح اسمه هادي والعين مفتاح اسمه عالم والصاد مفتاح اسمه صادق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : {كهيعص} قال : يا من يجير ولا يجار عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {كهيعص} قال : اسم من أسماء القرآن ، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} بنقل يقول : لما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ، فقال : {ذكر رحمة ربك}.

وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان زكريا نجارا.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} قال : لا يريد رياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ نادى ربه نداء خفيا} أي بقلبه سرا ، قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي والقلب النقي.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن إدريس من ذرية يعقوب دعا ربه سرا قال : {رب إني

وهن العظم مني} إلى قوله : {خفت الموالي من ورائي} وهم العصبة {يرثني ويرث} نبوة (آل يعقوب {فنادته الملائكة} وهو جبريل {إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس من الله إنما هو من الشيطان يسخر بك فشك وقال : {أنى يكون لي غلام} يقول : من أين يكون {وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر} قال الله : {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وهن العظم مني} يقول : ضعف.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وهن العظم مني} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عيينة في قوله : {ولم أكن بدعائك رب شقيا} يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني.

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان بن عفان من فيه {وإني خفت الموالي} بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول قلت : {الموالي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : الورثة وهم عصبة الرجل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وإني خفت الموالي من ورائي} قال : العصبة من آل يعقوب وكان من ورائه غلام وكان زكريا من ذرية يعقوب وفي لفظ : أيوب.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس قال : كان زكريا لا يولد له فسأل ربه فقال : {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : يرثني مالي ويرث منءال يعقوب النبوة.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد وعكرمة في قوله : (يرثني ويرث منءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في قوله : (إني خفت الموالي من وراءي) . قال : خاف موالي الكلالة وقوله : (يرثني ويرث من ءال يعقوب) . قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} قال : نبوته وعلمه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه من ورثة ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {يرثني ويرث من آل يعقوب} فيقول : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن صالح في قوله : {ويرث من آل يعقوب} قال : السنة والعلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها : {وإني خفت الموالي من ورائي} مشددة بنصب الخاء وكسر التاء وقرأها : {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه كان يقرأ {يرثني ويرث من آل يعقوب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {يرثني} مثقل مرفوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : يا رب هب لي ابنا فولد له ابن خرج عليه فبعث إليه داود جيشا فقال : إن أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلا أعرف الشر في وجهه فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود فلما رآه علم أنه قتل فقال : رب سألت أن تهب لي ابنا فخرج علي فقال : إنك لم تستثن ، قال محمد بن

كعب : لم يقل كما قال زكريا : {واجعله رب رضيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل عليه السلام - فبشره بيحيى ، فقال زكريا عندها : {أنى يكون لي غلام} وأخبر بكبر سنه وعلة زوجته فأخذ جبريل عودا يابسا فجعله بين كفي زكريا فقال : ادرجه بين كفيك ففعل فإذا في رأسه عود بين ورقتين يقطر منهما الماء ، فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العمود قادر أن يخرج من صلبك ومن امرأتك العاقر غلاما.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج أحمد في الزهد عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : لم تلد العواقر مثله ولدا.

وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : مثلا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {لم نجعل له من قبل سميا} قال : شبيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء مثله.
وأخرج البخاري في تاريخه عن يحيى بن خلاد الزرقي أنه لما ولد أتي به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فحنكه وقال : لأسمينه اسما لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذا الحرف {عتيا} أو عييا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم عن ميمون بن مهران : أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس فقال : أخبرني عن قول الله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} ما العتي قال : البؤس من الكبر قال

الشاعر : إنما يعذر الوليد ولا يعذر * من كان في الزمان عتيا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وقد بلغت من الكبر عتيا} يقول : هرما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وقد بلغت من الكبر عتيا}

قال : العتي الذي عتا من الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن المبارك {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : ستين سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد عن وهب بن منبه {وقد بلغت من الكبر عتيا} قال : هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن وثاب أنه قرأها {عتيا} وصليا بكسر العين والصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ وقد بلغت من الكبر عسيا بالسين ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم عن نوف في قوله : {قال رب اجعل لي آية} قال : أعطني آية أنك قد استجبت لي ، فقال : {آيتك

ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال ختم على لسانه وهو صحيح سوي ليس به من مرض فلم يتكلم ثلاثة أيام.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} قال : اعتقل لسانه من غير مرض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : من غير خرس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة والضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {ثلاث ليال سويا} قال : صحيحا لا يمنعك الكلام مرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {فخرج على قومه من المحراب} قال : المحراب مصلاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (فأوحى إليهم أن سبحوا).
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحكم {فأوحى إليهم} قال : كتب لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فأوحى إليهم} قال فأشار زكريا.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : أشار إليهم إشارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فأوحى إليهم} قال : أومأ إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {فأوحى إليهم أن سبحوا} قال : صلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : {بكرة وعشيا} قال : أمرهم بالصلاة

بكرة وعشيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا} قال : البكرة صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر.
الآية 12 - 15.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} قال : بجد {وآتيناه الحكم صبيا} قال : الفهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {خذ الكتاب بقوة} يقول : اعمل بما فيه من فرائضه.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سألنا عكرمة عن قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : اللب.
وأخرج أبو نعيم ، وَابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين.

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : وهو ابن ثلاث سنين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخرائطي ، وَابن عساكر عن معمر بن راشد في قوله : {وآتيناه الحكم صبيا} قال : بلغني أن الصبيان قالوا
ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب قال : ما للعب خلقت ، فهو قوله : {وآتيناه الحكم صبيا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد من طريق معمر عن قتادة قال : جاء الغلمان إلى يحيى بن زكريا فقال : ما للعب خلقت ، قال : فأنزل الله {وآتيناه الحكم صبيا} ، وأخرجه ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا.
وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الغلمان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب فقال يحيى : ما للعب خلقنا اذهبوا نصلي ، فهو قول الله : {وآتيناه الحكم صبيا}.

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : {وحنانا} قال : لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : {وحنانا} فلم يجر فيها شيئا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن

عباس في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله : {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول : أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض لشر أهون من بعض.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وحنانا من لدنا} قال : تعطفا من ربه عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وحنانا من لدنا} قال : الرحمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع {وحنانا من لدنا} قال : {رحمة من عندنا} لا يملك عطاءها أحد غيرنا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد الجهني في قوله : {وحنانا من لدنا} قال : الحنان المحبب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {وحنانا من لدنا} قال : رحمة من عندنا {وزكاة} قال صدقة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وزكاة} قال : بركة ، وفي قوله : {وكان تقيا} قال : طهر فلم يعمل بذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله : {وكان تقيا} قال : لم يعصه ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولم يكن جبارا عصيا} قال : كان سعيد بن المسيب يقول : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا قال قتادة : وقال الحسن : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال : ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه ، فقال : {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى

فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك ، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في
السن هو وامرأته ، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال : {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من اسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال : وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء : الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال : {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد ، قال : {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن

أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر ، وذلك أن إبليس أتاه فقال : يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك ، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك ، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس ، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال : {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه ، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا : يا يحيى تعال حتى نلعب فقال : سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه ، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت

ويوم يبعث حيا}
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم قال : قال مالك : بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة وكان حملهما جميعا معا فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك ، قال مالك : أرى ذلك لتفضيل الله عيسى لأن الله جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ولم يكن ليحيى إلا عشب الأرض وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان على خذه القار لأذابه ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني عن ابن عباس قال : كنا في حلقة في مسجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء فذكرنا نوحا وطول عبادته وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تذاكرون بينكم فذكرنا له فقال : أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} إلى قوله : {وكان

تقيا} لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل : موسى كلمه الله تكليما وقال قائل : عيسى روح الله وكلمته وقال قائل : إبراهيم خليل الله فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وأين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يهم بخطيئة ولم يعملها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن يحيى بن جعدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا ما هم

بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة.
وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما بعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها.
وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال : ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى : استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى : بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت أنا على نفسي فعرف والله فضلها.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والضياء عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل

الجنة - إلا ابني الخالة - عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا.
وأخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهين وكان شابا حسن الوجه لين الجناح قليل الشعر قصير الأصابع طويل الأنف أقرن الحاجبين رقيق الصوت كثير العبادة قويا في الطاعة.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه ، وَابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة.
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال : من أنكر البلاء فإني لا أنكره لقد ذكر لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريقه : أنا يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به

رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له : يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل قال : يا محمد إن يحيى كان خير أهل زمانه وأجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله : {وسيدا وحصورا} وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت
سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تسأله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك : سليني فما تسأليني شيئا إلا أعطيتك قالت : أريد دم يحيى بن زكريا ، قال لها : سليني غيره ، قالت : هو ذاك ، قال : هو لك فبعث جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فما بلغ من صبرك قال : ما انفتلت من صلاتي فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها - فلما أمسوا - خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل : لقد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي : فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني فقالت : إلي إلي وانصدعت لي

فدخلت فيها وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة وجاء بنو إسرائيل فقال إبليس : أما رأيتموه دخل هذه الشجرة هذا طرف ردائه دخل به الشجرة فقالوا : نحرق هذه الشجرة فقال إبليس : شقوه بالمنشار شقا ، قال : فشققت مع الشجرة بالمنشار ، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا زكريا هل وجدت له مسا أو وجعا قال : لا إنما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه أن زكريا هرب ودخل جوف شجرة فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين فلما وقع المنشار على ظهره أن فأوحى الله يا زكريا إما أن تكف عن أنينك أو أقلب الأرض ومن عليها فسكت حتى قطع نصفين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر وكان يقول : من أنعم منك يا يحيى طعامك الجراد وقلوب الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال : كان يحيي بن زكريا إنما يأكل مع الوحش كراهة أن يخالط

الناس في معايشهم.
وَأخرَج مالك ، وَابن المبارك وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن مجاهد قال : كان طعم يحيى بن زكريا العشب وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينه لأحرقه ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه.
وأخرج ابن عساكر عن يونس بن ميسرة قال : مر يحيى بن زكريا على دينار فقال : قبح هذا الوجه يا دينار يا عبد العبيد ومعبد الأحرار.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : سأل يحيى بن زكريا ربه قال : رب اجعلني أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيرا ، فأوحى الله إليه : يا يحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك.
وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن ثابت البناني قال : بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شيء

فقال له يحيى : ما هذه قال : هذه الشهوات التي أصيب بها بنو آدم ، قال له يحيى : هل لي فيها شيء قال : لا ، قال : فهل تصيب مني شيئا قال : ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر ، قال : هل غيره قال : لا ، قال : لا جرم لا أشبع أبدا.
وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي قال : كان ملك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعلمون بأمر الأنبياء فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي فبلغ المرأة ذلك فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه ، فعمدت إلى ابنتها فصيغتها ثم قالت اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ويقول : سليني ما شئت فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك فإذا قال لك قولي : فقولي لا أسألك شيئا إلا رأس يحيى وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ، ففعلت ذلك فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه فاختار ملكه فقتله فساخت بأمها الأرض ، قال ابن جدعان : فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال : أما أخبرك كيف كان قتل زكريا قلت : لا ، قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة

تلعبها الريح فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره عندها فنظروا تلك الهدبة فدعوا المنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه فيها.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو قال : التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة
ورثت الملك عن آبائها فأتيت برأس يحيى وهي على سريرها فقال للأرض خذيها فأخذتها وسريرها فذهب بها.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عبد الله بن الزبير : أن ملكا أراد أن يتزوج ابنة أخيه فاستفتى يحيى بن زكريا قال : لا تحل لك ، فسألت قتله فبعث إليه - وهو في محرابه يصلي - فذبحوه ثم حزوا رأسه وأتوا به الملك فجعل الرأس يقول : لا يحل لك ما تريد.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب قال : قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحز رأسه : أما تعلم أني نبي قال : بلى ولكني مأمور.
وأخرج الحاكم ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبيعن ألفا وسبعين ألفا.

وأخرج ابن عساكر عن شمر بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا.
وأخرج ابن عساكر عن قرة قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي وحمرتها بكاؤها.
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الربعي قال : لما قتل فجرة بني إسرائيل - يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم : أن قل لبني إسرائيل إلى متى تجترئون على أن تعصوا أمري وتقتلوا رسلي وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها فتجترئون علي اتقوا لا أؤخذاكم بكل دم كان بين ابني آدم ويحيى بن زكريا واتقوا أن أصرف عنكم وجهي فإني إن صرفت عنكم وجهي لا أقبل عليكم إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد عن سعيد بن جبير قال : لما قتل يحيى عليه السلام قال : بعض أصحابه لصاحب له : ابعث إلي بقميص نبي الله يحيى أشمه فبعث به إليه فإذا سداه ولحمته ليف.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يونس بن عبيد قال : بلغنا أنه كان رجل يجور على مملكته ويعدي عليهم فائتمروا بقتله فقالوا : نبي الله زكريا بين أظهرنا فلو أتيناه فأتوا منزله فإذا فتاة جميلة رائعة قد أشرق لها البيت حسنا
فقالوا : من أنت قالت : امرأة زكريا ، فقالوا فيما بينهم : كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فإذا هو عنده امرأة من أجمل النساء ثم إنهم رأوه في عمل عند قوم ويعمل لهم حتى إذا حضر غداؤه قرب رغيفين فأكل ولم يدعهم ثم قام فعمل بقية عمله ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء قال : ما حاجتكم قالوا : قد جئنا لأمر ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له ، قال : فهاتوا قالوا : أتينا منزلك فإذا امرأة جميلة رائعة وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فقال : إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة لأكف بها بصري وأحفظ بها فرجي فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : ورأيناك قدمت رغيفين فأكلت ولم تدعنا قال : إن القوم استأجروني على عمل فخشيت أن أضعف عن عملهم ولو أكلتم معي لم يكفني ولم يكفكم فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : ورأيناك وضعت خفيك على عنقك والمسحاة والكساء ، فقال : إن هذه الأرض جديدة وكرهت أن أنقل تراب هذه في هذه فخرج نبي الله مما قالوا ، قالوا : إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا وقد ائتمرنا لقتاله ، قال : أي قوم لا

تفعلوا فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل ، والله أعلم.
الآية 16 – 24
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ انتبذت} أي انفردت {من أهلها مكانا شرقيا} قال : قبل المشرق شاسعا متنحيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} قال : مكانا أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة لأن مريم اتخذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذا ميلاده قبلة وإنما سجدت اليهود على حرف حين نتق فوقهم الجبل فجعلوا يتخوفون وهم ينظرون إليه يتخوفون أن يقع عليهم فسجدوا سجدة رضيها الله فاتخذوها سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه وما صرفهم عنه إلا قول ربك : {إذ انتبذت من

أهلها مكانا شرقيا} قال : خرجت منهم مكانا شرقيا فصلوا قبل مطلع الشمس.
وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت : {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال : {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول : {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت : إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال : أستتر بهذا الجذع من الناس ، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه ، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره ، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها
غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها

وبالنخلة فقال : ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال : أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا : نبي ولد بغير ذكر ، قال : أما والله لأضلن به أكثر العالمين ، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا : هو ابن الله ، قال : وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس : ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا : خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذ هي برجل معها {فتمثل لها بشرا} ففزعت وقال : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها - وكان مشقوقا من قدامها - فدخلت النفخة صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى ، قالت مريم : اشعرت أيضا أني حبلى فقالت امرأة زكريا : فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك ، فذاك قوله : {مصدقا بكلمة من الله} فولدت امرأة زكريا يحيى ، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا} الآية {فناداها} جبريل {من تحتها ألا تحزني} فلما

ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل : إن مريم ولدت فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم فقال : {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآيات ، فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {واذكر في الكتاب مريم} يقول : قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكانا شرقيا} قال : كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة
ويبشرها بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها {حجابا} يعني جبلا فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشرا} في صورة الآدميين {سويا} يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه فلما نظرت إليه قائما بين يديها ، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال

له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد استزه فمن ثم قالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} يعني إن كنت تخاف الله ، قال جبريل : وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} يعني لله مطيعا من غير بشر ، {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجا {ولم أك بغيا} أي مومسة ، قال جبريل : {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو علي هين} يعني خلقه من غير بشر ، {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول الله ، {وكان أمرا مقضيا} يعني كائنا أن يكون من غير بشر ، فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن فذلك قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} والسري الجدول ، وحمل الجذع من ساعته {رطبا جنيا} فناداها من تحتها جبريل {وهزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله : {تساقط عليك رطبا جنيا} يعني طريا بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عينا} بولدك ، فقال : فكيف بي إذا سألوني من أين هذا ، ، قال لها جبريل : {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحدا} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} يعني صمتا في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسيا} في أمره ، حتى يكون هو الذي يعبر

عني وعن نفسه ، قال : ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال : لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها مع زكريا ، فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل : إني رأيتها في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته فانطلقوا إليه فذلك قول
الله : {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس : لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله : {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} يعني عظيما {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} يعني زانية ، فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح {فأشارت إليه} تقول لهم : أن كلموه فإنه سيخبركم {إني نذرت للرحمن صوما} أن لا أكلمكم في أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه

وكان عبرة لهم فقال : {إني عبد الله} فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال : إني أشهد أنك عبد الله ورسوله ، لتصديق قول الله : {مصدقا بكلمة من الله} فقال عيسى : {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} إليكم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما توجه {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبرا بوالدتي} فلا أعقها ، قال ابن عباس حين قال : {وبرا بوالدتي} قال : زكريا : الله أكبر فأخذه فضمه إلى صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جبارا شقيا} يعني متعظما سفاكا للدم ، {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقول الله : {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حاتم وأبو نعيم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر وأنا أسمع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حين حملت وضعت.

وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات ووضعته من يومها.
وأخرج ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس قال : وضعت مريم لثمانية أشهر ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى.
وأخرج الحاكم عن زيد العمى قال : ولد عيسى يوما عاشوراء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال : كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله : (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا ، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال : فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته

قالت : {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال : {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله : {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد ، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت : {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال : جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال : جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل : اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها ، قالوا : يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال : لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال : رأيتها باتت سجدا نحو هذا

الوادي فانطلقوا حيث
وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال : أمرا عظيما : {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها : قالوا : {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك : ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال : واختلف الناس فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب لم أستحب النصارى الحجب على مذابحهم قال : إنما يستحب النصارى الحجب على مذابحهم ومناسكهم لقول الله سبحانه وتعالى : {فاتخذت من دونهم حجابا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} قال : بعث الله إليها ملكا فنفخ في جيبها فدخل في الفرج.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} قال : جبريل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : {فأرسلنا إليها روحنا} الآية قال : نفخ جبريل في درعها فبلغت حيث شاء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار : إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب فلما رأته تعوذت منه فنفخ في جيب درعها فبلغت فذكر ذلك في المدينة فهجر زكريا وترك وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب في قوله : {فتمثل لها بشرا سويا} قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته ، قال : حملت الذي خاطبها دخل في فيها.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي وائل في قوله : {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال : إنما خشيت أن يكون إنما يريدها عن نفسه ، {قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} زعموا أنه نفخ في جيب درعها وكمها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {لأهب لك} مهموزة بالألف وفي قراءة عبد الله ليهب لك بالياء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {غلاما زكيا} قال : صالحا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ولم أك بغيا} قال زانية.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {مكانا قصيا} قال نائيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {مكانا قصيا} قال : قاصيا وفي قوله : {فأجاءها المخاض} قال : ألجأها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {فأجاءها المخاض} قال : ألجأها قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : إذا شددنا شدة صادقة * فأجأناكم إلى سفح الجبل.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فأجاءها المخاض} قال : اضطرها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {فأجاءها المخاض} قال فأداها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} قال : كان جذعا يابسا.

وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق هلال بن خباب عن أبي عبيد الله
{فأجاءها المخاض إلى جذع} نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم فحركته فإذا هو نخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قدامة قال : أنبت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : لم أخلق ولم أك شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة ملقاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : حيضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن نوف البكالي عن الضحاك في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال حيضة ملقاة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : تقول لا أعرف ولا أدري من أنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله : {وكنت نسيا منسيا} قال : هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب.
وأخرج أبو عبيد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علقمة أنه قرأ فخاطبها من تحتها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {فناداها من تحتها} قال : جبريل ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال الذي ناداها هو جبريل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء {فناداها من تحتها} قال : ملك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {فناداها من تحتها} قال : جبريل من أسفل الوادي.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فناداها من تحتها} قال : عيسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {فناداها من تحتها} قال : هو عيسى ، واخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها : هو الذي حملته في جوفها دخل من فيها.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن زر بن حبيش أنه قرأ {فناداها من تحتها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فناداها من تحتها} أي الملك من تحت النخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : من قرأ من تحتها فهو جبريل ومن قرأ من تحتها فهو عيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي بكر بن عياش قال : قرأ عاصم بن أبي النجود {فناداها من تحتها} بالنصب قال : وقال عاصم : من قرأ بالنصب فهو عيسى ومن قرأها بالخفض فهو جبريل.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {جعل ربك تحتك سريا} قال : نبيا وهو عيسى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن جرير بن حازم قال : سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : فقلت له : سمعت قتادة يقول : الجدول ، قال : فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} يريد نفسه أي سرى أسرى منه قيل فالذين يقولون السري البحر قال : ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن النجار عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن السري الذي قال الله لمريم : {قد جعل ربك تحتك سريا} نهر أخرجه الله لها لتشرب منه.
وأخرج الطبراني في الصغير ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : النهر.

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن البراء في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : هو الجدول وهو النهر الصغير.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : نهر عيسى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عثمان بن محصن قال : سئل ابن عباس عن قوله : {سريا} قال : الجدول ، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : سلم تر الدالي منه أزورا * إذا يعج في السري هرهرا.
وَأخرَج ابن الأنباري في الوقف والطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {تحتك سريا} قال : السري النهر الصغير وهو الجدول ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سهل الخليقة ماجد ذو نائل * مثل السري تمده الأنهار

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {سريا} قال : الجدول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن الحميري {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : إن كان لسريا وإن كان لكريما فقال حميد : يا أبا سعيد إنه الجدول فقال له : لم تزل تعجبنا مجالستك ولكن غلبتنا عليك الأمراء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : السري الماء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {سريا} قال : نهرا بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {سريا} قال نهرا بالقبطية.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن حسين في قوله : {قد جعل ربك تحتك سريا} قال : تلاها الحسن فقال : كان والله {سريا} يعني عيسى عليه
السلام فقال له خالد بن صفوان : يا أبا سعيد إن العرب تسمي الجدول السري

فقال : صدقت.
الآية 25.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وهزي إليك بجذع النخلة} قال : حركيها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد {وهزي إليك بجذع النخلة} قال : كانت عجوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن البراء أنه قرأ يساقط عليك بالياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ يساقط عليك بالياء يعني الجذع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق أنه قرأ {تساقط عليك رطبا جنيا} بالتاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {تساقط} مثقلة بالتاء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن طلحة الإيابي أنه قرأ !

{تساقط عليك رطبا} مثقلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ تسقط عليك رطبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {رطبا جنيا} قال : طريا.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس في قوله : {تساقط عليك رطبا جنيا} قال : بغباره.
وأخرج ابن الأنباري والخطيب عن أبي حباب مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق قال : انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس فأنبت الله له رأسا وأنبت فيه رطبا وبسرا ومدببا وموزا فلما هزت النخلة سقط عليها من جميع ما فيها.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي قدام قال : أنبتت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة عند الولادة.

وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي والعقيلي ، وَابن عدي ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرموا
عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها ، وقال صلى الله عليه وسلم : أطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مماذا خلقت النخلة قال : خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر : خرج ولدها ولدا حليما فإنه كان طعام مريم حيث ولدت عيسى ولو علم الله طعاما هو خير لها من التمر لأطعمها إياه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن شقيق قال : لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون قال ليس للنفساء خير من الرطب أو التمر وقال : إن الله قال : {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع بن خيثم قال : ليس للنفساء عندي دواء مثل الرطب ولا للمريض مثل العسل.
وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال : كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب أن رسلا أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير تخرج مثل أذان الحمير ثم تشقق عن مثل اللؤلؤ الأبيض ثم تصير مثل الزمرد الأخضر ثم تصير مثل الياقوت الأحمر ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر فإن لم تكن رسلي صدقتني فلا أرى

هذه الشجرة إلا من شجر الجنة فكتب إليه عمر أن رسلك قد صدقتك هذه الشجرة عندنا : وهي التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى.
الآية 26
أخرج ابن مردويه ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {إني نذرت للرحمن صوما} قال : صمتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي مثله.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا وقال : ليس إلا أن حملت فوضعت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {إني نذرت للرحمن صوما} قال : كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام إلا من ذكر الله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن حارثة بن مضرب قال : كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ثم جلسا ، فقال القوم : ما لصاحبك لم يسلم قال : إنه نذر صوما لا يكلم اليوم إنسيا ، فقال عبد الله : بئس ما قلت إنما كانت تلك المرأة فقالت ذلك ليكون عذرا لها إذا سئلت - وكانوا ينكرون أن يكون ولد من غير زوج إلا زنا - فتكلم وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر فإنه خير لك.
وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا.
الآية 27 - 28.
أَخرَج سعيد ين منصور ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله : {فأتت به قومها تحمله} قال : بعد أربعين يوما بعد ما تعافت من نفاسها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لقد جئت شيئا فريا} قال : عظيما.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن قتادة في قوله : {لقد جئت شيئا فريا} قال : عظيما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان في زمان بني

إسرائيل في بيت المقدس عند عين سلوان عين فكانت المرأة إذا قارفت أتوها بها فشربت منها فإن كانت بريئة لم تضرها وإلا ماتت ، فلما حملت مريم أتوها بها على بغلة فعثرت بها فدعت الله أن يعقم رحمها فعقم من يومئذ فلما أتتها شربت منها فلم تزدد إلا خيرا ثم دعت الله أن لا يفضح بها امرأة مؤمنة فغارت العين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما تقرأون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا : قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم.

وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن مجاهد في قوله : {يا أخت هارون} الآية قال : كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ولا يعرفون بالفساد في الناس وفي الناس من يعرف بالصلاح ويتوالدون به وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به وكان هارون مصلحا محببا في عشيرته وليس بهرون أخي موسى ولكن هرون آخر ، ذكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا من بني إسرائيل كلهم يسمون هرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {يا أخت هارون} قال : سمعنا أنه اسم وافق اسما ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : نبئت أن كعبا قال : إن قوله : !

{يا أخت هارون} ليس بهرون أخي موسى فقالت له عائشة : كذبت ، فقال : يا أم المؤمنين إن كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قاله : فهو أعلم وأخبر وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة فسكتت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة في قوله : {يا أخت هارون}
قال : نسبت إلى هرون بن عمران لأنها كانت من سبطه كقولك يا أخا الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كانت من سبط هرون فقيل لها : {يا أخت هارون} فدعيت إلى سبطه كالرجل يقول للرجل : يا أخا بني ليث يا أخا بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {يا أخت هارون} قال : كان هرون من قوم سوء زناة فنسبوها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عيش قال : في قراءة أبي قالوا : يا ذا المهد.
الآية 29

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {فأشارت إليه} أن كلموه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فأشارت إليه} قال : أمرتهم بكلامه ، وفي قوله : {في المهد} قال في الحجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون قال : إن مريم لما ولدت أتت به قومها فأخذوا لها الحجارة ليرموها فأشارت إليه فتكلم فتركوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : {المهد} المرباة ، قال إبراهيم : المرباة المرجحة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن هلال بن يساف قال : لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : صاحب جريج وعيسى وصاحب الحبشية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : تكلم في المهد أربعة عيسى وصاحب يوسف وصاحب جريج ، وَابن ماشطة ابنة فرعون.
الآية 30 – 33
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} الآية ، قال :

قضى فيما قضى أن أكون كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : كان عيسى قد درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه ، فذلك قوله : {إني عبد الله آتاني الكتاب}.
وأخرج الإسماعيلي في معجمه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن لال في مكارم الأخلاق ، وَابن مردويه ، وَابن النجار في تاريخه عن أبي هريرة قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قول عيسى عليه السلام {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : جعلني نفاعا للناس أين اتجهت.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : معلما ومؤدبا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال : معلما للخير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة حتى الحوت في البحر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وجعلني مباركا} قال : هاديا

مهديا.
وأخرج البيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن مجاهد {وجعلني مباركا} قال : نفاعا للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف (وبرا بوالدتي) أي ليس لي أب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولم يجعلني جبارا شقيا} يقول : عصيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : الجبار الشقي الذي يقبل على الغضب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب قال : إنك لا تكاد تجد عاقا إلا تجده جبارا ثم قرأ {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : فقرات ابن آدم ثلاث : يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث وهي التي ذكر عيسى في قوله : {والسلام علي} الآية.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق مجاهد عن ابن
عباس قال : ما تكلم عيسى بعد الآيات التي تكلم بها حتى بلغ مبلغ الصبيان.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أن الله أطلق لسان عيسى مرة أخرى في صباه فتكلم ثلاث مرات حتى بلغ ما بلغ الصبيان يتكلمون فتكلم محمدا بتحميد لم تسمع الآذان مثله حيث أنطقه طفلا فقال : اللهم أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك الرفيع على كل شيء من خلقك أنت الذي نفذ بصرك في خلقك وحارت الأبصار دون النظر إليك أنت الذي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام وتلألأت بعظمتك أركان العرش نورا فلم يبلغ أحد بصفته صفتك فتباركت اللهم خالق الخلق بعزتك مقدر الأمور بحكمتك مبتدئ الخلق بعظمتك ثم أمسك الله لسانه حتى بلغ.

الآية 34 - 37.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق} قال : الله عز وجل الحق.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذي فيه يمترون} قال : اجتمع بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا في عيسى حين رفع فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية فقالت الثلاثة : كذبت ، ثم قال اثنان منهم للثالث : قل فيه ، فقال : هو ابن الله وهم النسطورية ، فقال اثنان : كذبت ، ثم قال أحد الاثنين للآخر : قل فيه ، قال : هو ثالث ثلاثة : الله إله وعيسى إله وأمه إله ، وهم الإسرائيلية وهم ملوك النصارى ، فقال الرابع : كذبت ، هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته وهم المسلمون فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال فاقتتلوا فظهر على المسلمين ، فذلك قول الله :
(ويقتلون الذين يأمرون بالقسط بين الناس) (آل عمران آية 21) قال قتادة : وهم الذين قال الله : {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزابا فاختلف القوم فقال المر يسلم : أنشدكم ، هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام وأن الله لا يطعم الطعام قالوا : اللهم نعم ، قال : فهل تعلمون أن عيسى كان

ينام وأن الله لا ينام قالوا : اللهم نعم ، فخصمهم المسلمون فانسل القوم فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ وأصيب المسلمون فأنزل الله في ذلك القرآن (فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) (آل عمران آية 21).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال : هم أهل الكتاب.
الآية 38 - 40.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {أسمع بهم وأبصر} يقول الكفار يومئذ : أسمع شيء وأبصره وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {أسمع بهم وأبصر} قال : أسمع قوم وأبصر قوم {يوم يأتوننا} قال : ذلك والله يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم في قوله : {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا} قال : والله ذلك يوم القيامة سمعوا حين لم ينفعهم السمع وأبصروا حين لم ينفعهم البصر.

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل
النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم يقال : يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح فيقال : يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة} وأشار بيده وقال : أهل الدنيا في غفلة.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة} قال : ينادى يا أهل الجنة فيشرفون وينادى يا أهل النار فيشرفون وينظرون فيقال :

ما تعرفون هذا فيقولون : نعم فيجاء بالموت في صورة كبش أملح فيقال : هذا الموت فيقرب ويذبح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود ولا موت ثم قرأ {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة} قال : يصور الله الموت في صورة كبش أملح فيذبح فييأس أهل النار من الموت فيما يرجونه فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر} قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يأتي الموت بصورة كبش أملح حتى يوقف بين الجنة والنار ثم ينادي مناد يا أهل الجنة هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة إلا نظر إليه ثم ينادي يا أهل النار هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا فلا يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا أسفل درك من جهنم إلا نظر

إليه ثم يذبح بين الجنة والنار ثم ينادي يا أهل الجنة هو الخلود أبد الآبدين ، ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتا من فرحة ماتوا ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحدا ميتا من شهقة ماتوا فذلك قوله : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر} يقول : إذا ذبح الموت.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس يوم الحسرة هو من أسماء
يوم القيامة ، وقرأ (أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) (الزمر آية 56).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز : أنه كتب إلى عامله بالكوفة أما بعد : فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت فجعل مصيرهم إليه فقال : فيما أنزل في كتابه الصادق الذي أنزله بعلمه وأشهد ملائكته على خلقه أنه يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.
الآية 41 - 50.
أَخرَج أبو نعيم والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حق الوالد على ولده أن لا يسميه إلا بما سمى إبراهيم أباه يا أبت ولا يسميه

باسمه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لأرجمنك} قال : لأشتمنك {واهجرني مليا} قال : حينا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {واهجرني مليا} قال : اجتنبني سالما قبل أن يصيبك مني عقوبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {واهجرني مليا} قال : سالما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن مثله.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {واهجرني مليا} قال : حينا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {واهجرني مليا} ما الملي قال : طويلا قال فيه المهلهل : وتصدعت شم الجبال لموته * وبكت عليه المرملات مليا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إنه كان بي حفيا} قال : لطفيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {إنه كان بي حفيا} قال : عوده الإجابة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال : يقول وهبنا له إسحاق ولدا ويعقوب ابن ابنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قال الثناء الحسن.
الآية 51 - 53.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {إنه كان مخلصا} بنصب اللام.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكان رسولا نبيا} قال : النَّبِيّ وحده الذي تكلم وينزل عليه ولا يرسل ولفظ ابن
أبي حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ولا يرسل إلى أحدهم والرسل الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {جانب الطور الأيمن} قال : جانب الجبل الأيمن {وقربناه نجيا} قال : نجا بصدقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية في قوله : {وقربناه نجيا} قال : قربه حتى سمع صرير القلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ميسرة {وقربناه نجيا} قال : أدني حتى سمع صرير القلم في الألواح وهو يكتب التوراة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وقربناه نجيا} قال : أردفه جبريل حتى سمع صرير القلم والتوراة

تكتب له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وقربناه نجيا} قال : ادخل في السماء فكلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : {وقربناه نجيا} قال بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة فما زال موسى يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب فلما رأى مكانه وسمع صريف القلم (قال : رب أرني أنظر إليك) (الأعراف الآية 143).
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف وهناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس {وقربناه نجيا} حتى سمع صريف القلم يكتب في اللوح.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن معد يكرب قال : لما قرب الله موسى نجيا بطور سينا قال : يا موسى إذا خلقت لك قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة تعين على الخير فلم أخزن عنك من الخير شيئا ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} قال : كان هرون أكبر من موسى ولكن إنما وهب له نبوته.
الآية 54 - 55.
أَخرَج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان إسماعيل نبي الله الذي سماه صادق الوعد وكان رجلا فيه حدة مجاهدا أعداء الله ويعطيه الله النصر عليهم والظفر وكان شديد الحرب على الكفار لا يخاف في الله لومة لائم صغير الرأس غليظ العنق طويل اليدين والرجلين يضرب بيديه ركبتيه وهو قائم صغير العينين طويل الأنف عريض الكتف طويل الأصابع بارز الخلق قوي شديد عنيف على الكفار وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكانت زكاته القربات إلى الله من أموالهم وكان لا

يعد أحدا شيئا إلا أنجزه فسماه الله (صادق الوعد).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {إنه كان صادق الوعد} قال : لم يعد ربه عدة قط إلا أنفذها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال : بلغني أن إسماعيل وصاحبا له أتيا قرية فقال له صاحبه : إما أن أجلس وتدخل فتشتري طعاما زادنا وإما أن أدخل فأكفيك ذلك فقال له إسماعيل : بل ادخل أنت وأنا أجلس أنتظرك فدخل ثم نسي فخرج فأقام مكانه حتى كان الحول من ذلك اليوم فمر به الرجل فقال له : أنت ههنا حتى الساعة قال : قلت لك لا أبرح حتى تجيء فقال تعالى : {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد}.
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال : أن إسماعيل عليه السلام وعد رجلا أن يأتيه فجاء ونسي الرجل فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال : ما برحت من ههنا قال : لا قال : إني نسيت قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني ، ولذلك {كان صادق الوعد}.
وأخرج مسلم عن واثلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله اصطفى

من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل كنانة.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا سيد الخلائق يوم القيامة في اثني عشر نبيا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على لفظه ومنطقه ثم جعله كتابا واحدا - مثل بسم الله الرحمن الرحيم - الوصول - حتى فرق بينه ولده إسماعيل ، واخرج ابن سعد عن عقبة بن بشير أنه سأل محمد بن علي من أول من تكلم بالعربية قال : إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، قلت : فما كان كلام الناس قبل ذلك قال العبرانية.
وأخرج ابن سعد عن الواقدي عن غير واحد من أهل العلم أن إسماعيل ألهم من يوم ولد لسان العرب وولد إبراهيم أجمعون على لسان إبراهيم.
وأخرج ابن سعد عن علي بن رباح اللخمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل العرب من ولد إسماعيل.

وأخرج ابن سعد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : قبر أم إسماعيل تحت الميزاب بين الركن والبيت.
الآية 57 - 56.
أَخرَج الحكم عن سمرة قال : كان إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وكانت في صدره نكتة بيضاء من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم وإعتدائهم في أمر الله رفعه الله إلى السماء السادسة فهو حيث يقول {ورفعناه مكانا عليا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن إدريس أقدم من نوح بعثه الله إلى قومه فأمرهم الله أن يقولوا لا إله إلا الله ويعملوا بما شاء فأبوا فأهلكهم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : كان إدريس خياطا ، وكان لا يغرز إلا قال : سبحان الله ، فكان يمسي حين يمسي

وليس في الأرض أحد أفضل منه عملا فاستأذن ملك من الملائكة ربه فقال يا رب ائذن لي فأهبط إلى إدريس ، فأذن له فأتى إدريس فسلم عليه وقال : إني جئتك لأحدثك فقال : كيف تحدثني وأنت ملك وأنا إنسان ثم قال إدريس
هل بينك وبين ملك الموت شيء قال الملك : ذاك أخي من الملائكة فقال : هل يستطيع أن ينسئني عند الموت قال : أما أن يؤخر شيئا أو يقدمه فلا ولكن سأكلمه لك فيرفق بك عند الموت فقال : اركب على جناحي فركب إدريس فصعد إلى السماء العليا فلقي ملك الموت إدريس بين جناحيه فقال له الملك إن لي إليك حاجة قال : علمت حاجتك تكلمني في إدريس وقد محي اسمه من الصحيفة ولم يبق من أجله إلا نصف طرفة عين فمات إدريس بين جناحي الملك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن رفع إدريس {مكانا عليا} فقال : كان عبدا تقيا رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض في زمانه فعجب الملك

الذي كان يصعد عليه عمله فاستأذن ربه قال : رب ائذن لي آتي عبدك هذا فأزوره فأذن له فنزل قال : يا إدريس أبشر فإنه رفع لك من العمل الصالح ما لا رفع لأهل الأرض قال : وما علمك قال إني ملك ، قال : وإن كنت ملكا قال : فإني على الباب الذي يصعد عليه عملك ، قال : أفلا تشفع إلى ملك الموت فيؤخر من أجلي لأزداد شكرا وعبادة قال الملك : (لن يؤخر الله نفسا غذا جاء أجلها) (المنافقون آية 11) قال : قد علمت ولكنه أطيب لنفسي فحمله الملك على جناحيه فصعد به إلى السماء فقال : يا ملك الموت هذا عبد تقي نبي رفع له من العمل الصالح ما لا يرفع لأهل الأرض وإني أعجبني ذلك فاستأذنت ربي عليه فلما بشرته بذلك سألني لأشفع له إليك لتؤخر له من أجله ليزداد شكرا وعبادة ، قال : ومن هذا قال : إدريس فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه فقال : والله ما بقي من أجل إدريس شيء فمحاه فمات مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : رفع إلى السماء السادسة فمات فيها.

وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن قتادة في قوله : {ورفعناه مكانا عليا} قال : حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ورفعناه مكانا عليا} قال : في السماء الرابعة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس.
وأخرج ابن المنذر عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن إدريس كان نبيا تقيا زكيا وكان يقسم دهره على نصفين : ثلاثة ايام يعلم الناس الخير وأربعة أيام يسيح في الأرض ويعبد الله مجتهدا ، وكان يصعد من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بني آدم وإن ملك الموت أحبه في الله فأتاه حين خرج للسياحة فقال له : يا نبي الله إني

أريد أن تأذن لي في صحبتك ، فقال له إدريس - وهو لا يعرفه - : إنك لن تقوى على صحبتي ، قال : بلى إني أرجو أن يقويني الله على ذلك ، فخرج معه يومه ذلك حتى إذا كان من آخر النهار مر براعي غنم فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله إنا لا ندري حيث نمسي فلو أخذنا جفرة من هذه الغنم فأفطرنا عليها فقال له إدريس : لا تعد إلى مثل هذا تدعوني إلى أخذ ما ليس لنا من حيث نمسي يأتي الله برزق فلما أمسى أتاه الله بالرزق الذي كان يأتيه فقال لملك الموت : تقدم فكل ، فقال ملك الموت : لا والذي أكرمك بالنبوة ما أشتهي ، فأكل ادريس وقاما جميعا إلى الصلاة ففتر إدريس وكل ومل ونعس وملك الموت لا يفتر ولا يمل ولا ينعس فعجب منه وقال : قد كنت أظن أني أقوى الناس على العبادة فهذا أقوى مني فصغرت عنده عبادته عندما رأى منه ، ثم أصبحا فساحا فلما كان آخر النهار مرا بحديقة عنب فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله لو أخذنا قطفا من هذا العنب لأنا لا ندري حيث نمسي ، فقال إدريس : ألم أنهك عن هذا وأنت حيث تمسي يأتينا الله برزق فلما أمسى أتاه الله الرزق الذي كان يأتيه فأكل إدريس فقال لملك

الموت هلم فكل ، فقال : لا والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله لا أشتهي ، فعجب ثم قاما إلى الصلاة ففتر
إدريس أيضا وكل ومل وملك الموت لا يكل ولا يفتر ولا ينعس ، فقال له عند ذلك إدريس : لا والذي نفسي بيده ما أنت من بني آدم فقال له ملك الموت عنده ذلك : أجل لست من بني آدم ، فقال له إدريس : فمن أنت قال : أنا ملك الموت ، فقال له إدريس : أمرت في بأمر فقال له : لو أمرت فيك بأمر ما ناظرتك [ نظرتك ] ولكني أحبك في الله وصحبتك له ، فقال له إدريس : يا ملك الموت إنك معي ثلاثة أيام بلياليها لم تقبض روح أحد من الخلق قال : بلى والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله إني معك من حين رأيت وإني أقبض نفس من أمرت بقبض نفسه في مشارق الأرض ومغاربها وما الدنيا عندي إلا بمنزلة المائدة بين يدي الرجل يمد يده ليتناول منها ما شاء ، فقال له إدريس : يا ملك الموت أسألك بالذي أحببتني له وفيه ألا [ إلا ] قضيت لي حاجة أسألكها فقال له ملك الموت : سلني ما أحببت يا نبي الله ، فقال : أحب أن تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت ثم ترد إلي روحي ، فقال له ملك الموت - عليه السلام - : ما أقدر على ذلك إلا أن استأذن فيه ربي ، فقال له إدريس عليه السلام : فاستأذنه في ذلك ، فعرج ملك الموت إلى ربه فأذن له فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده فلما سقط إدريس عليه السلام ميتا رد إليه روحه وطفق يمسح وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أريد أن

يكون هذا حظك من صحبتي فلما أفاق قال له ملك الموت : يا نبي الله كيف وجدت قال : يا ملك الموت قد كنت أحدث وأسمع فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع ثم قال : يا ملك الموت أريد منك حاجة أخرى قال : وما هي قال : تريني النار حتى أنظر إلى لمحة منها ، فقال له ملك الموت : وما لك والنار إني لأرجو أن لا تراها ولا تكون من أهلها قال : بلى أريد ذلك ليكون أشد لرهبتني وخوفي منها فانطلق إلى باب من أبواب جهنم فنادى بعض خزنتها فأجابوه وقالوا : من هذا قال : أنا ملك الموت ، فارتعدت فرائصهم - قالوا : أمرت فينا بأمر فقال : لو أمرت فيكم بأمر ما ناظرتكم ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سألني أن تروه لمحة من النار ، ففتحوا له قدر ثقب المخيط فأصابه من حرها ولهبها وزفيرها ما صعق [ ه ] فقال ملك الموت : أغلقوا فأغلقوا فمسح ملك الموت وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أحب أن يكون هذا حظك من صحبتي ، فلما أفاق
قال له ملك الموت : يا نبي الله كيف رأيت قال : يا ملك الموت كنت أحدث وأسمع فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع فقال له : يا ملك الموت قد بقيت لي حاجة أخرى لم يبق غيرها ، قال : وما هي قال : تريني لمحة من الجنة ، قال له ملك الموت - عليه السلام : يا نبي الله أبشر فإنك إن شاء الله من خيار أهلها وإنها إن شاء الله مقيلك ومصيرك ، فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أنظر إليها ولعل ذلك أن يكون أشد لشوقي وحرصي وطلبي فذهب به إلى باب من أبواب الجنة فنادى بعض خزنتها فأجابوه فقالوا : من هذا قال : ملك الموت ، فارتعدت فرائصهم

وقالوا : أمرت فينا بشيء فقال : لو أمرت فيكم بشيء ما ناظرتكم ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا ، فلما فتح أصابه من بردها وطيبها وريحانها ما أخذ بقلبه فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أدخل الجنة فآكل أكلة من ثمارها وأشرب شربة من مائها فلعل ذلك أن يكون أشد لطلبتي ورغبتي وحرصي ، فقال : ادخل ، فدخل فأكل من ثمارها وشرب من مائها ، فقال له ملك الموت : اخرج يا نبي الله قد أصبت حاجتك حتى يردك الله مع الأنبياء يوم القيامة ، فاحتضن بساق شجرة من شجر الجنة وقال : ما أنا بخارج منها وإن شئت أن أخاصمك خاصمتك ، فأوحى الله إلى ملك الموت : قاضه الخصومة ، فقال له ملك الموت : ما الذي تخاصمني به يا نبي الله فقال إدريس : قال الله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) (آل عمران الآية 185) فقد ذقت الموت الذي كتبه الله على خلقه مرة واحدة ، وقال الله : {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا} (مريم آية 76) وقد وردتها أفأردها مرة بعد مرة وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة وقال لأهل الجنة : (وما هم منها بمخرجين) (الحجر آية 48) أفأخرج من شيء ساقه الله إلي فأوحى الله إلى ملك الموت : خصمك عبدي إدريس وعزتي وجلالي : إن

في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا موت عليه إلا الموتة التي ماتها وإنه لا يرى جهنم غلا [ خلا ] الورد الذي وردها وأنه يدخل الجنة في الساعة التي دخلها وأنه ليس بخارج منها فدعه يا ملك الموت
فقد خصمك وإنه احتج عليك بحجة قوية ، فلما قر قرار إدريس في الجنة وألزمه الله دخولها قبل الخلائق عجت الملائكة إلى ربهم فقالوا : ربنا خلقت [ خلقتنا قبل ] إدريس بكذا وكذا ألف سنة - ولم نعصك طرفة عين وإنما خلقت إدريس منذ أيام قلائل فأدخلته الجنة قبلنا فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي إنما خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وجعلت فيها لذتكم ولم أجعل لكم لذة في مطعم ولا مشرب ولا في شيء سواها وقويتكم عليها وجعلت في الأرض الزينة والشهوات واللذات والمعاصي والمحارم وإنه اجتنب ذلك كله من أجلي وآثر هواي على هواه ورضاي ومحبتي على رضاه ومحبته فمن أراد منكم أن يدخل مدخل إدريس فليهبط إلى الأرض فليعبدني بعبادة إدريس ويعمل بعمل إدريس فإن عمل مثل إدريس أدخله مدخل إدريس وإن غير أو بدل استوجب مدخل الظالمين ، فقالت الملائكة : ربنا لا نطلب ثوابا ولا تصيبنا بعقاب رضينا بمكاننا منك يا رب وفضيلتك إيانا.

وانتدب ثلاثة من الملائكة : هاروت وماروت وملك آخر رضوا به فأوحى الله إليهم : أما إذا اجتمعتم على هذا فاحذروا إن نفعكم الحذر فإني أنذركم اعلموا أن أكبر الكبائر عندي أربع : - فما عملتم سواها غفرته لكم وإن عملتموها لم أغفر لكم ، قالوا وما هي قال : أن لا تعبدوا صنما ولا تسفكوا دما ولا تشربوا خمرا ولا تطؤوا محرما ، فهبطوا إلى الأرض على ذلك فكانوا في الأرض على مثل ما كان عليه إدريس : يقيمون أربعة ايام في سياحتهم وثلاثة أيام يعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى عبادة الله تعالى وطاعته ، حتى ابتلاهم الله بالزهرة وكانت من أجمل النساء فلما نظروا إليها افتتنوا بها - [ لما ] أراد الله ولما سبق عليهم في علمه مع خذلان الله إياهم - فنسوا ما تقدم إليهم فسألوها نفسها ، قالت لهم : نعم ولكن لي زوج لا أقدر على ما تريدون مني إلا أن تقتلوه وأكون لكم ، فقال بعضهم لبعض : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكن نفعل هذا مع هذا ثم نتوب من هذا كله ، فلما أحس الثالث بالفتنة عصمه الله من ذلك كله بالسماء فدخلها فنجا وأقام هاروت وماروت لما كتب عليهما فنشدا على زوجها فقتلاه ، فلما أراداها قال [ قالت ] : لي صنم أعبده وأنا أكره معصيته وخلافه فإن أردتما فاسجدا له سجدة واحدة ، فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما

لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ حرما ولكنا نفعله ثم نتوب من
جميعه فسجدوا لذلك الصنم ، فلما أراداها قالت لهما : قد بقيت لي حاجة أخرى ، قالا : وما هي قالت : لي شراب لا يطيب لي من العيش إلا به ، قالا : وما هو قالت : الخمر ، فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نشرب خمرا فقال الآخر : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكنا نفعله ثم نتوب من جميعه ، فشربا الخمر ، فلما أراداها قالت : قد بقيت لي حاجة أخرى ، قالا : وما هي قالت : تعلماني الكلام الذي تعرجان به إلى السماء ، فعلماها إياه فلما تكلمت به عرجت إلى السماء فلما انتهت إلى السماء مسخت نجما فلما ابتليا بما ابتليا به عرجا إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونهما وقيل لهما أن السماء لا يدخلها خطاء فلما منعا من دخول السماء وعلما أنهما قد افتتنا وابتليا عجا إلى الله بالدعاء والتضرع والإبتهال فأوحى الله إليهما : حل عليكما سخطي ووجبت فيما تعرضتما واستوجبتما وقد كنتما مع ملائكتي في طاعتي وعبادتي حتى عصيتما فصرتما بذلك إلى ما صرتما إليه من معصيتي وخلاف أمري فاختارا إن شئتما عذاب الدنيا وإن شئتما عذاب الآخرة ، فعلما أن عذاب الدنيا وإن طال فمصيره إلى زوال وأن عذاب الآخرة ليس له زوال ولا إنقطاع فاختارا عذاب الدنيا فهما ببابل معلقين منكوسين مقرنين إلى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال : كان ملك الموت صديقا لإدريس عليه السلام فقال له إدريس يوما : يا ملك الموت قال : لبيك ، قال : أمتني فأرني كيف الموت قال له ملك الموت : سبحان الله يا إدريس إنما يفر أهل السموات والأرض من الموت وتسألني أن أريك كيف الموت قال : إني أحب أن أراه فلما ألح عليه قال له : يا إدريس أنا عبد مملوك مثلك وليس إلي من الأمر شيء ، قال : فصعد ملك الموت فقال : رب إن عبدك سألني أن أريه الموت كيف هو قال الله له : فأمته ، فقال له ملك الموت : يا إدريس إنما يفر الخلق من الموت قال : فأرني ، فلما مات بقي ملك الموت لا يستطيع أن يرد نفسه إليه فقال : يا رب قد ترى ما إدريس فيه فرد الله إليه روحه فمكث ما شاء حيا ثم قال يا ملك الموت : أدخلني الجنة فأنظر إليها قال له : يا إدريس إنما أنا عبد مملوك مثلك ليس إلي من الأمر شيء فألح عليه فقال ملك الموت : يا رب إن عبد إدريس قد ألح علي فسألني أن أدخله الجنة فيراها وقد قلت له : إنما أنا عبد مثلك وليس إلي من الأمر شيء ، قال الله : فأدخله الجنة قال : إن الله علم من إدريس ما لا أعلم أنا فاحتمله ملك الموت فأدخله الجنة فكان فيها ما شاء الله فقال له ملك الموت : اخرج بنا ، قال :

لا ، قال الله : (أفما نحن بميتين إلا موتنا الأولى) (الصافات آية 58) وقال الله : (وما هم منها بمخرجين) (الحجرات آية 48) وما أنا بخارج منها قال ملك الموت : يا رب قد تسمع ما يقول عبدك إدريس ، قال الله له : صدق عبدي هو أعلم منك فاخرج منها ودعه فيها ، فقال الله : {ورفعناه مكانا عليا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا} مريم آية 57 - 58 قال : كان إدريس أول نبي بعثه الله في الأرض وإنه كان يعمل فيرفع عمله مثل نصف أعمال الناس ثم إن ملكا من الملائكة أحبه فسأل الله أن يأذن له فيأتيه فأذن له فأتاه فحدثته بكرامته على الله فقال : يا أيها الملك أخبرني كم بقي من أجلي لعلي أجتهد لله في العمل ، قال : يا إدريس لا يعلم هذا إلا الله ، قال : فهل تستطيع أن تصعد بي إلى السماء فأنظر في ملك الله فأجتهد لله في العمل ، قال : لا إلا أن تشفع ، فتشفع فأمر به ، فحمله تحت جناحيه فصعد به حتى إذا بلغ السماء السادسة استقبل ملك الموت نازلا من عند الله فقال : يا ملك الموت أين تريد قال : أقبض نفس إدريس ، قال : وأين أمرت أن تقبض نفسه قال : في السماء السادسة ، فذهب الملك ينظر إلى إدريس فإذا هو برجليه يخفقان قد مات فوضعه في السماء السادسة.

الآية 58
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} قال : هذه تسمية الأنبياء الذين ذكرهم ، أما من ذرية آدم : فإدريس ونوح وأما من حمل مع نوح : فإبراهيم - وأما ذرية إبراهيم : فإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وَأَمَّا بني اسرئيل : فموسى هارون وزكريا ويحيى وعيسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {واجتبينا} قال خلصنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو يقص فقال : {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا} مريم آية 42 {واذكر في الكتاب إسماعيل} مريم آية 54 {واذكر في الكتاب إدريس} الآية ، حتى بلغ {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين} قال ابن عباس : (ذكرهم بأيام الله) (إبراهيم آية 6) وأثن على من أثنى الله عليه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البكاء ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب : أنه قرأ سورة مريم فسجد ثم قال : هذا السجود فأين البكاء.

الآية 59 - 65
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فخلف من بعدهم خلف} قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف} قال : من هذه الأمة يتراكبون في الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله في السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال : عند قيام الساعة - ذهاب صالح أمة محمد - ينزو بعضهم إلى بعض في الآزقة زناة.
وأخرج ابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {أضاعوا الصلاة} يقول : تركوا الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود في قوله : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال : ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : صلوها لغير وقتها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن القاسم بن مخيمرة في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : أخروا الصلاة عن ميقاتها ولو تركوها كفروا.
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن عمر بن

عبد العزيز في قوله : {أضاعوا الصلاة} قال : لم يكن إضاعتها تركها ولكن أضاعوا المواقيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة : شرابين للقهوات : تباعين للشهوات لعانين للكعبات رقادين عن العتمات مفرطين في الغدوات تراكين للصلوات تراكين للجمعات ثم تلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن الأشعث قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : اغتسلت أنا وآخر فرآنا عمر بن الخطاب وأحدنا ينظر إلى صاحبه فقال : إني لأخشى
أن تكونا من الخلف الذين قال الله فيهم : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم

وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف} فقال : يكون خلف من عبد ستين سنة {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} ثم يكون خلف : يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين قلت يا رسول الله : ما أهل الكتاب قال : قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا فقلت : ما أهل اللين قال : قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحكم وصححه عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربريا ولا بربرية فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هم الخلف الذين قال الله : {فخلف من بعدهم خلف}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي من يقتل على الغضب ويرتشي في الحكم ويضيع الصلوات ويتبع الشهوات ولا ترد له راية قيل : يا رسول الله أمؤمنون هم قال : بالإيمان يقرؤون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فسوف يلقون غيا} قال : خسرا.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث من طرق عن ابن مسعود في قوله : {فسوف يلقون غيا} قال : الغي نهر أو واد من جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في الآية قال : الغي واد في جهنم بعيد القعر منتن الريح.

وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي أمامة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن صخرة زنة عشرة أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ثم تنتهي إلى غي وأثام قلت : ما غي وأثام قال : نهران في أسفل جهنم يسيل فيها صديد أهل النار وهم اللذان ذكر الله في كتابه {فسوف يلقون غيا} {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} الفرقان آية 68.
وأخرج ابن مردويه من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الغي واد في جهنم.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عائشة في قوله : {غيا} قالت : نهر في جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن شقي بن ماتع قال : إن في جهنم واديا يسمى {غيا} يسيل دما وقيحا فهو لمن خلق له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {يلقون غيا} قال : سوءا {إلا من تاب} قال : من ذنبه {وآمن} قال : بربه {وعمل

صالحا} قال : بينه وبين الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يسمعون فيها لغوا} قال باطلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وهناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لا يسمعون فيها لغوا} قال : لا يستبون ، وفي قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على النحو الذي يحبون من البكرة والعشي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون به في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد عن قوله : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا قمر هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار يعرفون مقدار
الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن

الحسن وأبي قلابة قالا : قال رجل : يا رسول الله هل في الجنة من ليل قال : وما هيجك على هذا قال : سمعت الله يذكر في الكتاب {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} فقلت الليل من البكرة والعشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هناك ليل وإنما هو ضوء نور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلوات التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة.
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة فمن أصاب اثنتين سمي فلانا الناعم ، فأنزل الله تعالى يرغب عباده فيما عنده {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كانوا يعدون النعيم أن يتغدى الرجل ثم يتعشى ، قال الله لأهل الجنة : {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من غداة من غدوات الجنة كل الجنة غدوات إلا أن يزف إلى ولي الله تعالى فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من زعفران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {تلك الجنة التي نورث} بالنون مخففة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شودب في قوله : {تلك الجنة التي نورث

من عبادنا} قال : ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج فإذا كان يوم القيامة ورث الله المؤمن كذا وكذا منزلا من منازل الكفار ، فذلك قوله : {من عبادنا}.
وأخرج ابن ابي حاتم عن داود بن أبي هند في قوله : {من كان تقيا} قال : موحدا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزات : {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الآية ، زاد ابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم فكان ذلك الجواب لمحمد.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - أي البقاع أحب إلى الله وأيها أبغضها إلى الله قال : ما أدري حتى أسأل جبريل وكان قد أبطأ عليه فقال : لقد أبطأت علي حتى ظننت أن بربي

علي موجدة ، فقال : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن ابي حاتم عن عكرمة قال : أبطأ جبريل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ثم نزل فقال له النَّبِيّ صلى الله عليهه وسلم : ما نزلت حتى اشتقت إليك فقال له جبريل : أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور فأوحى الله إلى جبريل أن قل له : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : احتبس جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكة حتى حزن واشتد عليه فشكا إلى خديجة فقالت خديجة : لعل ربك قد ودعك أو قلاك فنزل جبريل بهذه الآية : (ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى آية 2) قال : يا جبريل احتبست عني حتى ساء ظني فقال جبريل : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لبث جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة فلما جاءه قال : لقد رثت حتى ظن المشركون كل ظن فنزلت الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : أبطأت الرسل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل فقال :

ما حبسك عني قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تنقون براجمكم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون وقرأ {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتبس جبريل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال : يا محمد : {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا} يعني من الدنيا {وما خلفنا} يعني من الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {له ما بين أيدينا} قال : الدنيا {وما خلفنا} قال : الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {له ما بين أيدينا} قال : من أمر الآخرة {وما خلفنا} من أمر الدنيا {وما بين ذلك} ما بين الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما بين ذلك} قال : ما بين النفختين.
وأخرج هناد ، وَابن المنذر عن أبي العالية {وما بين ذلك} قال :

ما بين النفختين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وما كان ربك نسيا} قال : {وما كان ربك} لينساك يا محمد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبزار والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رفع الحديث قال : ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فأقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا ، ثم تلا {وما كان ربك نسيا}.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله.
وأخرج الحاكم عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال : الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هل تعلم له سميا} قال : هل تعلم للرب مثلا أو شبها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما {هل تعلم له سميا} قال : ليس أحد يسمى الرحمن غيره.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {هل تعلم له سميا} يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {هل تعلم له سميا} قال : هل تعلم له ولد قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : أما السمي فأنت منه مكثر * والمال مال يغتدي ويروح.
الآية 66 - 79.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ويقول الإنسان} الآية قال : قالها العاصي بن وائل.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {جثيا} قال : قعودا ، وفي قوله {عتيا} قال : معصية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {عتيا} قال : عصيا.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : لا أدري كيف قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {عتيا} أو {جثيا} فإنهما جميعا بالضم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {جثيا} برفع الجيم و{عتيا} برفع العين وصليا برفع الصاد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {حول جهنم جثيا} قال : قياما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ثم لننزعن} قال لنبدأن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ثم لننزعن} الآية : قال : {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {أيهم أشد على الرحمن عتيا} قال : في الدنيا.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي الأحوص {ثم لننزعن من كل شيعة} الآية ، قال : يبدأ بالأكابر فالأكابر جرما.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يحشر الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما ثم قرأ {فوربك لنحشرنهم} إلى قوله : {عتيا}.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله : {لننزعن من كل شيعة} قال : من كل أمة أشد على الرحمن {عتيا} قال : كفرا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى

بها صليا} يقول : إنهم أولى بالخلود في جهنم.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة ، وَابن جَرِير بسند حسن عن ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم وإنسهم فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزعوا إليهم فيقولون : أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ، ثم تقاض السماء الثانية ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون : أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ثم تقاض السموات : سماء سماء كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف فإذا نثروا على أهل الأرض يفزع إليهم أهل الأرض فيقولون لهم مثل ذلك فيرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومن جميع أهل الأرض بضعف فيجيء الله فيهم والأمم جثي صفوف فينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحمادون لله

على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين كانت (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) (السجدة آية 16) فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثالثة ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (النور آية 37) فيقومون فيسرحون إلى الجنة ، فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة خرج عنق من النار فأشرف
على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول : إني وكلت منكم بثلاثة : بكل جبار عنيد فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثانية فتقول : إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثالثة فتقول : إني وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة : نشرت الصحف ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم :

يدخلونها جميعا {ثم ننجي الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبد الله فذكرت له فقال : وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن مجاهد قال : خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس : الورود الدخول : وقال نافع : لا ، فقرأ ابن عباس (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) (الأنبياء آية 98) وقال : وردوا أم لا وقرأ (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) (هود آية 98) أوردوا أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإن منكم إلا واردها} قال : يردها البر والفاجر ، ألم تسمع قوله : (فأوردهم النار وبئس الورد المورود) (هود آية 98) وقوله : {ونسوق المجرمين إلى

جهنم وردا} مريم آية 86 ،

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس : أن رجالا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل بدين فأتوه يقايضونه فقال : ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات قالوا : بلى ، قال : فإن موعدكم الآخرة ، والله لأوتين مالا وولدا ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به ، فقال الله : {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} الآيات.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان لرجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه فقال ألست مع هذا الرجل قال : نعم ، قال أليس يزعم أن لكم جنة ونارا وأموالا وبنين قال : بلى ، قال : اذهب فلست بقاضيك إلا ثمة ، فأنزلت {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} إلى قوله : {ويأتينا فردا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : {أطلع الغيب} يقول : أطلعه الله الغيب يقول : ماله فيه {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} بعمل صالح قدمه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : لا إله إلا الله يرجو بها ، والله أعلم.
الآية 80 - 82.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ماله وولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ماله وولده وذاك الذي قال العاص بن وائل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ونرثه ما يقول} قال : ما عنده ، وهو قوله : {لأوتين مالا وولدا} في حرف ابن مسعود / {ونرثه ما عنده ويأتينا فردا > / لا مال له ولا ولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ {كلا سيكفرون بعبادتهم} برفع الكاف ، قال : يعني الآلهة كلها إنهم {سيكفرون بعبادتهم}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ويكونون عليهم

============

ج22. كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

 

ضدا} قال : أعوانا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : أوثانهم يوم القيامة في النار تكون عليهم عونا يعني أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يوم القيامة في النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : حسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} قال : أعداء.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ويكونون عليهم ضدا} ما الضد قال : قال فيه حمزة بن عبد المطلب :

وإن تكونوا لهم ضدا نكن لكم * ضدا بغلباء مثل الليل مكتوم.
الآية 83 - 87.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} قال : تغويهم إغواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {تؤزهم} قال : تحرض المشركين على محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {تؤزهم أزا} تشليهم أشلاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {تؤزهم أزا} قال : تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} قال : كقوله : (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا) (الزخرف آية 36).
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال

له : أخبرني عن قوله : {تؤزهم أزا} قال : توقدهم وقودا ، قال فيه الشاعر : حكيم أمين لا يبالي بخلبة * إذا أزه الأقوام لم يترمرم.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إنما نعد لهم عدا} يقول : أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا فهي معدودة كسنهم وآجالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله : {إنما نعد لهم عدا} قال : كل شيء حتى النفس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : ركبانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : على الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد رضي الله عنه {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت ومن أي لون شاء.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : إلى الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : يفدون إلى ربهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق : راغبين وراهبين وإثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا.
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال : أما والله ما يحشرون على أقدامهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون من الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها : رحالها الذهب وأزمتها الزبرجد فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة.
وأخرج ابن ابي شيبة وعبد الله بن أحمد وفي زوائد المسند ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه

والبيهقي في البعث عن علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} فقال : أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يطرقوا باب الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق ، عَن عَلِي ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قلت : يا رسول الله هل الوفد إلا الركب قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعراهم بعدها أبدا فيضربون بالحلقة

على الصفيحة فلو سمعت طنين الحلقة يا علي فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيمها فيفتح له الباب فإذا رآه خر له ساجدا فيقول : ارفع راسك فإنما أنا قيمك وكلت بأمرك ، فيتبعه ويقفو أثره فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك وأنا الراضية فلا أسخط أبدا وأنا الناعمة فلا أبأس أبدا وأنا الخالدة فلا أموت أبدا وأنا المقيمة فلا أظعن أبدا فيدخل بيتا
من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبتها ، وفي البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا عليها سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الحلل يقضى جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه تجري من تحتهم الأنهار أنهار مطردة (أنهار من ماء غير آسن) (محمد آية 15) صاف ليس فيه كدور (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) (محمد آية 15) ولم يخرج من ضروع الماشية ، (وأنهار من خمر لذة للشاربين) (محمد آية 15) لم يعصرها الرجال بأقدامها.

(وأنهار من عسل مصفى) (محمد آية 15) لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار فإن شاء أكل قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها أي لون شاء ثم تطير فتذهب فيدخل الملك فيقول : (سلام عليكم) (الزمر آية 73) (تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) (الأعراف آية 43).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسلم بن جعفر البجلي قال : سمعت أبا معاذ البصري : أن عليا قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور تلألأ كل خطوة منها مد البصر فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من أحداهما فيغسل ما في بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا وتحري عليهم نضرة النعيم فيأتون باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين فيبلغ كل حوراء : أن زوجها قد اقبل فتبعث قيمها فيفتح له فإذا رآه خر له ساجدا فيقول : ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك فيتبعه ويقفو أثره فتستخف

الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك وأنا الخالدة التي لا أموت وأنا الناعمة التي لا أبأس وأنا الراضية التي لا أسخط وأنا المقيمة التي لا أظعن فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق : أصفر وأحمر
وأخضر ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها في البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون حشية على كل حشية سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه الأنهار من تحتهم تطرد : (أنهار من ماء غير آسن) (محمد آية 15) قال : صاف لا كدر فيه (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) (محمد آية 15) قال : لم يخرج من ضروع الماشية (وأنهار من خمر لذة للشاربين) (محمد آية 15) قال : لم تعصرها الرجال بأقدامها (وأنهار من عسل مصفى) (محمد آية 15) قال : لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار فإن شاء أكل قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا ، ثم تلا (ودانية عليهم ظلالها) (محمد آية 15) الآية ، فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال : أخضر فترفع

أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول : (سلام عليكم) (تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : عطاشا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : ظماء إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : متقطعة أعناقهم من العطش.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة : {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} قال : عطاشا.

وأخرج هناد عن الحسن مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : شهادة أن لا إله إلا الله وتبرأ من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مقاتل بن حيان {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : العهد الصلاح.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدخل على مؤمن سرورا فقد سرني ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن

عهدا ومن اتخذ عند الرحمن عهدا فلا تمسه النار ، إن الله لا يخلف الميعاد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} قال : إن الله يقول يوم القيامة : من كان له عندي عهد فليقم فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا ، قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أنك إن تكلني إلى نفسي تقربني
من الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلي يوم القيامة إنكى لا تخلف الميعاد.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة - قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئا - جاء له عند الله عهد أن لا

يعذبه ومن جاء قد انتقص منهن شيئا فليس له عند الله عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذبه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال في دبر كل صلاة - بعدما سلم - هؤلاء الكلمات : كتبه ملك في رق فختم بخاتم ثم دفعها إلي يوم القيامة فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي : أين أهل العهود حتى تدفع إليهم والكلمات أن تقول : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم - إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فلا تكلني إلى نفسي فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل رحمتك لي عهدا عندك تؤديه إلي يوم القيامة : إنك لا تخلف الميعاد وعن طاووس : أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه.

الآية 88 - 97.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لقد جئتم شيئا إدا} قال : قولا عظيما ، وفي قوله : {تكاد السماوات يتفطرن منه} الآية ، قال : إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت تزول منه لعظمة الله : وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين ، وفي قوله : {وتخر الجبال هدا} قال : هدما.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عون عن ابن مسعود قال : إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان هل مر بك اليوم أحد ذكر الله فإذا قال نعم استبشر ، قال عون : أفيسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير هي للخير أسمع ، وقرأ {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} الآيات.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن المنكدر قال : بلغني أن الجبلين إذا
أصبحا نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول : أي فلان هل مر بك ذاكر لله فيقول : نعم ، فيقول : لقد أقر الله عينك ولكن ما مر بي ذاكر لله عز وجل اليوم.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ تكاد السموات ينفطرن بالياء والنون {وتخر الجبال} بالتاء.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : {يتفطرن منه} قال : الإنقطار الإنشقاق.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله : {تكاد السماوات يتفطرن منه} قال : يتشققن من عظمة الله.

وأخرج ابن المنذر عن هرون قال : في قراءة ابن مسعود / {تكاد السموات ينفطرن > / بالياء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عوف : أنه لما هاجر إلى المدينة - وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فأنزل الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي عندك ودا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فأنزل الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات

سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : فنزلت في علي.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في قلوب المؤمنين.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : {سيجعل لهم الرحمن ودا} ما هو قال : المحبة في قلوب المؤمنين والملائكة المقربين ، يا علي إن الله أعطى المؤمن ثلاثا ، المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله : {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في الناس في الدنيا.

وأخرج هناد عن الضحاك {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : محبة في صدور المؤمنين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وهناد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {سيجعل لهم الرحمن ودا} قال : يحبهم ويحبونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : أني قد أحببت فلانا فأحبه ، فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قول الله : {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل : إني قد أبغضت فلانا فينادي في أهل السماء ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض.
وأخرج ابن مردويه عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد ليلتمس

مرضاة الله فلا يزال كذلك فيقول الله لجبريل : إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني فرضائي عليه فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ويقوله حملة العرش ويقوله الذين يلونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبط إلى الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} وإن العبد ليلتمس سخط الله فيقول الله : يا جبريل إن فلانا يسخطني ألا وإن غضبي عليه فيقول جبريل : غضب الله على فلان ويقوله حملة العرش ويقوله من دونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبد إلى الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب قال : أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض حتى تكون بدؤها من الله تعالى - ينزلها على أهل

الأرض ثم قرأت القرآن فوجدت فيه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج الحيكم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس بسند ضعيف : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله فإذا أحبه الله حببه إلى عباده وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده.
وأخرج الحيكم الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل عبد صيت فإن كان صالحا وضع في الأرض وإن كان شيئا وضع في الأرض.

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المقة من الله والصيت من السماء فإذا أحب الله عبدا قال لجبريل : إني أحب فلانا فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلانا فأحبوه فتنزل له المحبة في الأرض وإذا أبغض عبدا قال لجبريل : إني أبغض فلانا فأبغضه فينادي جبريل : إن ربكم يبغض فلانا فأبغضوه فيجري له البغض في الأرض ، وأخرح ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {وتنذر به قوما لدا} قال : فجارا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {لدا} قال : صما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {لدا} قال : خصماء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {قوما لدا}

قال : جدلا بالباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {قوما لدا} قال : هم قريش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لدا} قال : لا يستقيمون.
الآية 98
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {هل تحس منهم من أحد} قال : هل ترى منهم من أحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {هل تحس منهم} برفع التاء وكسر الحاء ورفع السين ولا يدغمها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله تعالى : {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} قال : هل ترى عينا أو تسمع صوتا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في الآية قال : ذهب القوم فلا صوت ولا عين.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ركزا} قال : صوتا.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {ركزا} فقال : حسا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : وقد توجس ركزا متفقد ندس * بنية الصوت ما في سمعه كذب
*

بسم الله الرحمن الرحيم
20- سورة طه.
مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة.
مقدمة سورة طه.
أَخرَج النحاس ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج الدارمي ، وَابن خزيمة في التوحيد والعقيلي في الضعفاء والطبراني في الأوسط ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا.
وأخرج الديلمي عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت

السورة التي ذكرت فيها الأنعام من الذكر الأول وأعطيت طه والطواسيم من ألواح موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل قرآن يوضع على أهل الجنة فلا يقرؤون منه شيئا إلا طه ويس فإنهم يقرؤون بهما في الجنة.
الآية 1 - 11
أخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام فأنزل الله عليه {طه ما أنزلنا عليك

القرآن لتشقى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يربط نفسه ويضع إحدى رجليه على الأخرى فنزلت : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : لما نزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) (سورة المزمل آية 1) قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فهبط عليه جبريل فقال : {طه} يعني : الأرض بقدميك يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وأنزل (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن).
وأخرج البزار بسند حسن ، عَن عَلِي ، قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع بن أنس قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله {طه} يعني طأ الأرض يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قرأ القرآن إذا صلى قام على رجل واحدة فأنزل الله {طه} برجليك {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما أنزل الله القرآن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قام به وأصحابه فقال له كفار قريش : ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى به ، فأنزل الله {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : يا رجل.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} بالنبطية أي طا يا رجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} بالنبطية أي طا يا رجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا رجل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : {طه} يا رجل بالنبطية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : {طه} بالنبطية يا رجل.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : {طه} يا رجل بالنبطية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : {طه} يا رجل بالسريانية.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا محمد بلسان الحبش.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {طه} قال : هو كقولك يا رجل : بلسان الحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : {طه} قال : كلمة عربت.
وأخرج عن مجاهد قال : {طه} فواتح السور.
وأخرج عن محمد بن كعب {طه} قال : الطاء من ذي الطول.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي عشرة أسماء عند ربي قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية : محمد وأحمد وأبو القاسم والفاتح والخاتم والماحي والعاقب والحاشر وزعم سيف أن أبا

جعفر قال : الإسمان الباقيان {طه} ويس.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن زر قال : قرأ رجل على ابن مسعود {طه} مفتوحة فأخذها عليه عبد الله {طه} مكسورة فقال له الرجل : إنها بمعنى ضع رجلك ، فقال عبد الله : هكذا قرأها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهكذا أنزلها جبريل.
وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قال : أول سورة تعلمتها من القرآن {طه} وكنت إذا قرأت {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا شقيت يا عائش.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وكان يقوم الليل على رجليه فهي بلغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم يلتفت وإذا قلت {طه} التفت إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عروة بن خالد رضي الله عنه قال : سمعت الضحاك وقال رجل من بني مازن بن مالك : ما يخفى علي شيء من القرآن وكان قارئا للقرآن

شاعرا فقال له الضحاك : أنت تقول ذلك أخبرني ما {طه} قال : هي من أسماء الله الحسنى ، نحو : طسم وحم فقال الضحاك : إنما هي بالنبطية يا رجل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مسعود عن ابن عباس قال : {طه} قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} يقول : في الصلاة هي مثل قوله : (فاقرؤوا ما تيسر منه) (المزمل آية 20) قال : وكانوا يعلقون الحبال بصدروهم في الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لا والله ما جعله الله شقيا ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة {إلا تذكرة لمن يخشى} قال : إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد ليذكر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزله الله فيه حلاله وحرمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {وما تحت الثرى} ما تحت سبع أرضين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : {الثرى} كل شيء مبتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : {وما تحت الثرى} قال : هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة وهي صخرة خضراء وهو سجين الذي فيه كتاب الكفار ، واخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الثرى ما حفر من التراب مبتلا.
وأخرج أبو يعلى ، عَن جَابر بن عبد الله : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل ما تحت هذه الأرض قال : الماء ، قيل : فما تحت الماء قال : ظلمة ، قيل : فما تحت الظلمة قال : الهواء ، قيل : فما تحت الهواء قال : الثرى ، قيل : فما تحت الثرى قال : انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد اللله قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إذ عارضنا رجل مترجب - يعني طويلا فدنا من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخذ بخطام راحلته فقال : أنت محمد قال : نعم ، قال : إني أريد

أن أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان فقال : سل عما شئت ، قال : يا محمد ما تحت هذه - يعني الأرض - قال : خلق ، قال : فما تحتهم قال : أرض ، قال : فما تحتها قال : خلق قال : فما تحتهم قال : أرض حتى انتهى إلى السابعة ، قال : فما تحت السابعة قال : صخرة ، قال : فما تحت الصخرة قال : الحوت ، قال : فما تحت الحوت قال : الماء ، قال : فما تحت الماء قال : الظلمة ، قال : فما تحت الظلمة قال : الهواء ، قال : فما تحت الهواء قال : الثرى ، قال : فما تحت الثرى ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال : انقطع علم المخلوقين
عند علم الخالق أيها السائل ما المسؤول بأعلم من السائل ، قال : صدقت أشهد أنك رسول الله يا محمد أما إنك لو ادعيت تحت الثرى شيئا لعلمت أنك ساحر كذاب أشهد أنك رسول الله ثم ولى الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس هل تدرون ما هذا قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا جبريل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما أسره ابن آدم في نفسه {وأخفى} ما خفي ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فإنه يعلم ذلك كله فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد وجميع

الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة وهو كقوله : (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) (لقمان آية 28).
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما علمته أنت وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي بلفظ : يعلم ما تسر في نفسك ويعلم ما تعمل غدا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : أخفى من السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : الوسوسة والسر العمل الذي تسرون من الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن قال : السر ما أسر الرجل إلى غيره وأخفى من ذلك ما أسر في نفسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في الآية ، قال :

السر ما تسر في نفسك وأخفى من السر ما لم يكن بعد وهو كائن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في الآية ، قال : السر ما حدث به الرجل أهله وأخفى ما تكلمت به في نفسك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : السر ما أسررت في نفسك {وأخفى} ما لم تحدث به نفسك.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم في قوله : {يعلم السر وأخفى} قال : يعلم أسرار العباد {وأخفى} سره فلا نعلمه والله أعلم ، وأخرح عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إني آنست نارا} أي أحسست نارا ، {أو أجد على النار هدى} قال : من يهديني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {أو أجد على النار هدى} قال : من يهديني إلى الطريق وكانوا شاتين فضلوا الطريق.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {أو أجد على النار هدى} يقول : من يدل على الطريق.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : !

{أو أجد على النار هدى} قال : يهديه الطريق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {أو أجد على النار هدى} قال : هاد يهديني إلى الماء.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : لما رأى موسى النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا فإذا هو بنار عظيمة : تفور من ورق الشجر خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق لا تزداد النار فيما يرى إلا عظما وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق إلا خضرة وحسنا فوقف ينظر لا يدري ما يصنع إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق وأوقد إليها موقد فنالها فاحترقت وإنه إنما يمنع النار شدة خضرتها وكثرة مائها وكثافة ورقها وعظم جذعها فوضع أمرها على هذا فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء فيقتبسه فلما طال عليه ذلك أهوى إليها بضغث في يده وهو يريد أن يقتبس من لهبها فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده فاستأخر عنها وهاب ثم عاد فطاف بها ولم تزل تطمعه ويطمع بها ثم لم يكن شيء بأوشك من خمودها فاشتد عند ذلك عجبه وفكر موسى في

أمرها فقال : هي نار ممتنعة لا يقتبس منها ولكنها تتضرم في جوف شجرة فلا تحرقها ثم خمودها على قدر عظمها في أوشك من طرفة عين ، فلما رأى ذلك موسى قال : إن لهذه شأنا ، ثم وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة لا يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا من صنعها ولا لم صنعت فوقف متحيرا لا يدري أيرجع أم يقيم فبينا هو على ذلك
إذ رمى بطرفه نحو فرعها فإذا هو أشد مما كان خضرة ساطعة في السماء ينظر إليها يغشى الظلام ثم لم تزل الخضرة تنور وتصفر وتبيض حتى صارت نورا ساطعا عمودا بين السماء والأرض عليه مثل شعاع الشمس تكل دونه الأبصار كلما نظر إليه يكاد يخطف بصره فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه فرد يده على عينيه ولصق بالأرض وسمع الحنين والوجس ، إلا أنه سمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون بمثله عظما فلما بلغ موسى الكرب واشتد عليه الهول نودي من الشجرة فقيل : يا موسى فأجاب سريعا وما يدري من دعاه وما كان سرعة إجابته إلا استئناسا بالإنس فقال لبيك مرارا إني لأسمع صوتك وأحس حسك ولا أرى مكانك فأين أنت قال : أنا فوقك ومعك وخلفك وأقرب إليك من نفسك.

فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي هذا إلا لربه فأيقن به فقال : كذلك أنت يا إلهي فكلامك أسمع أم رسولك قال : بل أنا الذي أكلمك فادن مني فجمع موسى يديه في العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه ثم زحف على ذلك وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها ، فقال له الرب تبارك وتعالى : {وما تلك بيمينك يا موسى} قال : هي عصاي ، قال : ما تصنع بها - ولا أحد أعلم منه بذلك - قال موسى : {أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} قد علمتها وكان لموسى في العصا مآرب كان لها شعبتان ومحجن تحت الشعبتين فإذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين وكان يتوكأ عليها ويهش بها وكان إذا شاء ألقاها على عاتقه فعلق بها قوسه وكنانته ومرجامه ومخلاته وثوبه وزادا إن كان معه وكان إذا ارتع في البرية حيث لا ظل له ركزها ثم عرض بالوتد بين شعبتيها وألقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعا وكان إذا ورد ماء يقصر عنه رشاؤه وصل بها وكان يقاتل بها السباع عن غنمه ، قال له الرب {ألقها يا موسى} فظن موسى أنه يقول : ارفضها ، فألقاها

على وجه الرفض ثم حانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون يرى يلتمس كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها عينان توقدان نارا وقد عاد المحجن عرقا فيه
شعر مثل النيازك وعاد الشعبتان فهما مثل القليب الواسع فيه أضراس وأنياب لها صريف فلما عاين ذلك موسى (ولى مدبرا ولم يعقل) (النمل آية 10) فذهب حتى أمعن ورأى أنه قد أعجز الحية ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم {نودي يا موسى} أن ارجع حيث كنت فرجع وهو شديد الخوف فقال : خذها بيمينك ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ، قال : وكان على موسى حينئذ مدرعة فجعلها في يده فقال له ملك : أرأيت يا موسى لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال : لا ، ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية ثم سمع حس الأضراس والأنياب ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي

كان يضعها إذا تؤكأ بين الشعبتين ، قال له ربه : ادن ، فلم يزل يدينه - حتى شد ظهره بجذع الشجرة ، فاستقر وذهبت عنه الرعدة وجمع يديه في العصا وخضع برأسه وعنقه ثم قال له : إني قد أقمتك اليوم في مقام لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك ، إذ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي وكنت بأقرب الأمكنة مني فانطلق برسالتي فإنك بعيني وسمعي وإن معك يدي وبصري وإني قد ألبستك جبة من سلطاني لتكمل بها القوة في أمري فأنت جند عظيم من جنودي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر من نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعد من دوني وزعم أنه لا يعرفني وإني لأقسم بعزتي : لولا العذر والحجة التي وضعت بيني وبين خلقي ، لبطشت به بطشة جبار - يغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار - فإن أمرت السماء حصبته وإن أمرت الأرض ابتلعته وإن أمرت البحار غرقته وإن أمرت الجبال دمرته ولكنه هان علي وسقط من عيني وسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي وذكره بآياتي وحذره نقمتي

وبأسي وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي وقل له فيما بين ذلك : {قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} وأخبره أني أنا العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني
وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة - في كلها أنت مبارزه بالمحاربة تتشبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء وينبت لك الأرض لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء أن يجعل لك ذلك أو يسلبكه فعل ولكنه ذو أناة وحلم عظيم وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها فعلت ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه : أن الفئة القليلة ولا قليل مني تغلب الفئة الكبيرة بإذني ولا يعجبنكما زينته ولا ما متع به ولا تمدا إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون - حين ينظر إليها - أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ولكن أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقد نما ما حويت لهم من ذلك فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه من

مواقع الهلكة وإني لأجنبهم شكوها وغنمها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذاك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى واعلم أنه لم يتزين إلي العباد بزينة ، هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا فإنه زينة المتقين عليهم منه : لباس يعرفون به من السكينة والخشوع (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (الفتح آية 29) أولئك هم أوليائي حقا فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك وذلل لهم قلبك ولسانك واعلم أنه من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي فيظن الذي يحاربني أو يعاديني أن يعجزني أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أكل نصرتهم إلى غيري قال : فأقبل موسى إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأسد في غيضة قد غرسها والأسد فيها مع ساستها إذا أرسلها على أحد أكلته وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة فأقبل موسى من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون فلما رأته الأسد صاحت صياح الثعالب فأنكر ذلك الساسة وفرقوا

من فرعون فأقبل موسى حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون فقرعه بعصاه وعليه جبة من صوف وسراويل فلما رآه البواب عجب من جراءته فتركه ولم يأذن له فقال :
هل تدري باب من أنت تضرب إنما أنت تضرب باب سيدك ، قال : أنت وأنا وفرعون عبيد لربي فأنا ناصره فأخبر البواب الذي يليه من البوابين حتى بلغ ذلك أدناهم ودونه سبعون حجابا كل حاجب منهم تحت يده من الجنود ما شاء الله حتى خلص الخبر إلى فرعون فقال : أدخلوه علي فأدخل فلما أتاه قال له فرعون : أعرفك قال : نعم ، قال : {ألم نربك فينا وليدا} الشعراء آية 18 قال : فرد إليه موسى الذي رد ، قال : فرعون خذوه ، فبادر موسى (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) (الشعراء آية 32) فحملت على الناس فانهزموا منها فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا وقام فرعون منهزما حتى دخل البيت فقال لموسى : {فاجعل بيننا وبينك موعدا} ننظر فيه ، قال : موسى : لم أؤمر بذلك إنما أمرت بمناجزتك وإن أنت لم تخرج إلي دخلت عليك ، فأوحى الله إلى موسى : أن اجعل بينك وبينه أجلا وقل له : أن يجعله هو ، قال فرعون : اجعله إلى أربعين يوما ففعل ، قال : وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في كل أربعين يوما مرة فاختلف ذلك اليوم أربعين مرة ، قال : وخرج موسى من المدينة فلما مر بالأسد خضعت له بأذنابها وسارت مع موسى تشعيه ولا تهيجه ولا أحدا من بني إسرائيل.
الآية 12 - 14

أخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك} قال : كانتا من جلد حمار ميت فقيل له اخعلهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : ما بال خلع النعلين في الصلاة إنما أمر موسى بخلع نعليه إنهما كانتا من جلد حمار ميت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك} قال : كان نعلا موسى من جلد حمار ميت فأراد ربك أن يمسه القدس كله.
وأخرج ابن أبي حاتم الزهري في قوله : {فاخلع نعليك} قال : كانتا من جلد حمار أهلي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانت نعلا موسى التي قيل له اخعلهما : من جلد خنزير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {فاخلع نعليك} قال كي تمس راحة قدميك الأرض الطيبة.
وأخرج الطبراني عن علقمة أن ابن مسعود أتى أبا موسى الأشعري منزله فحضرت الصلاة فقال أبو موسى رضي الله عنه : - تقدم يا أبا عبد الرحمن فإنك أقدم سنا وأعلم ، قال : لا ، بل تقدم أنت فإنما أتيناك في منزلك فتقدم أبو موسى رضي الله عنه فخلع نعليه فلما صلى قال له ابن مسعود رضي الله عنه : - لم خلعت نعليك أبالواد المقدس أنت لقد رأيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يصلي في الخفين والنعلين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إنك بالواد المقدس} قال : المبارك {طوى} قال : اسم الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله : {بالواد المقدس} قال : الطاهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {بالواد المقدس} قال : واد بلفلسطين قدس مرتين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {بالواد المقدس طوى} يعني الأرض المقدسى وذلك أنه مر بواديها ليلا فطوي ، يقال : طويت وادي كذا وكذا والطاوي من الليل وارتفع إلى أعلى الوادي وذلك نبي الله موسى عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إنك بالواد المقدس} قال : المبارك : {طوى} قال : اسم الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد {طوى} بغير نون واد بإيلة زعم أنه طوي بالبركة مرتين.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {طوى} قال : طا الوادي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه في قوله : {طوى} قال طا الأرض حافيا كما تدخل الكعبة حافيا ، يقول : من بركة الوادي هذا قول سعيد بن جبير ، قال : وكان مجاهد رضي الله عنه يقول : {طوى} اسم الوادي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {بالواد المقدس طوى} قال : واد قدس مرتين واسمه {طوى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {طوى} برفع الطاء وبنون فيها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مكتوب على باب الجنة : إنني أنا الله لا إله إلا أنا لا أعذب من قالها.
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : خرج عمر متقلدا بالسيف فاقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين

تغدو يا عمر قال : أريد أن أقتل محمدا ، قال : وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك قال : أفلا أدلك على العجب إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فمشى عمرا زائرا حتى أتاهما وعندهما خباب فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون {طه} فقالا : ما عدا حديثا تحدثنا به ، قال : فلعلكما قد صبأتما ، فقال له خنته : يا عمر إن كان الحق في غير دينك فوثب عمر على خنته فوطئه وطأ شديدا : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها ، فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه فقالت أخته : إنك رجس وإنه (لا يمسه إلا المطهرون) (الواقعة آية 79) فقم فتوضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ {طه} حتى انتهى إلى {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري}
فقال عمر : دلوني على محمد فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك - ليلة الخميس - اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمر بن هشام فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام قال : قال الله عز وجل {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وأقم الصلاة لذكري} قال : إذا صلى عبد ذكر ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم في قوله : {وأقم الصلاة لذكري} قال : حين تذكر.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن مردويه عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال أقم الصلاة لذكري.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر أسري ليلة حتى أدركه الكرى أناخ فعرس ثم قال : يا بلال أكلأنا الليلة قال : فصلى بلال ثم تساند إلى راحلته مستقبل الفجر فغلبته عيناه فنام فلم يستيقظ

أحد منهم حتى ضربتهم الشمس وكان أولهم استيقاظا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أي بلال فقال بلال : بأبي أنت يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقتادوا ثم أناخ فتوضأ وأقام الصلاة ثم صلى مثل صلاته للوقت في تمكث ثم قال : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال : {وأقم الصلاة لذكري} وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل غفل عن الصلاة حتى طلعت الشمس أو غربت ما
كفارتها قال : يتقرب إلى الله ويحسن وضوءه ويصلي الصلاة ويستغفر الله فلا كفارة لها إلا ذلك إن الله يقول : {وأقم الصلاة لذكري}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سمرة بن يحيى قال : نسيت صلاة العتمة حتى أصبحت فغدوت إلى ابن عباس فأخبرته فقال : قم فصلها ثم قرأ {وأقم الصلاة لذكري}.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا نسيت صلاة فاقضها متى ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي وإبراهيم في قوله : {وأقم الصلاة لذكري} ، قالا : صلها إذا ذكرتها وقد نسيتها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : من نام عن صلاة أو نسيها يصلي متى ذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها ثم قرأ {وأقم الصلاة لذكري} قال : إذا ذكرتها فصلها في أي ساعة كنت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية فنزلنا دهاسا من الأرض - والدهاس الرمل - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يكلؤنا قال بلال : أنا فناموا حتى طلعت عليهم الشمس فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : افعلوا كما كنتم تفعلون كذلك لمن نام أو نسي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم فمن نام عن الصلاة أو نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وإذا

استيقظ.
الآية 15 - 24
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إن الساعة آتية أكاد أخفيها} يقول : لا أظهر عليها أحدا غيري.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إن الساعة آتية أكاد أخفيها} قال : أكاد أخفيها من نفسي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أكاد أخفيها} قال : من نفسي.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قرأ أكاد أخفيها من نفسي ، يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ليس من أهل السموات والأرض أحد إلا وقد أخفى الله عنه علم الساعة وهي في قراءة ابن مسعود أكاد أخفيها عن نفسي ، يقول : أكتمها من الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي فعلت.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة أكاد أخفيها عن نفسي ، قال : لعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح في قوله : {أكاد أخفيها} قال : يخفيها من نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن ورقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير {أكاد أخفيها} يعني بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول : أظهرها ، ثم قال أما سمعت قول الشاعر : دأت شهرين ثم شهرا دميكا * ما دميكين يخفيان عميرا
وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها.
وأخرج عبد بن جميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {لتجزى كل

نفس بما تسعى} قال : لتعطى ثواب ما تعمل.
أخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه ، وَابن شبرمة قال : إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : عصا موسى - قال - : أعطاه إياها ملك من الملائكة إذ توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض فيخرج له النبات ويهش بها على غنمه ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {هي عصاي أتوكأ عليها} قال : إذا مشى مع غنمه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {وأهش بها على غنمي} قال : أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على غنمي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله : {وأهش بها

على غنمي} قال : الهش أن يخبط الرجل بعصاه الشجر فيتساقط الورق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : الهش العصا بين الشعبتين ثم يحركها حتى يسقط الورق والخبط أن يخبط حتى يسقط الورق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : الهش أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود فهذا الهش ولا يخبط.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {وأهش بها على غنمي} قال : أخبط بها الشجر ، {ولي فيها مآرب أخرى} قال : حاجات أخرى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولي فيها مآرب أخرى} قال : حوائج.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {مآرب أخرى} قال : حاجات ومنافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {مآرب أخرى} يقول : حوائج أخرى أحمل عليها المزود والسقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولي فيها مآرب أخرى} قال : كانت تضيء له بالليل وكانت عصا آدم عليه السلام ، وأخلاج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : {فألقاها فإذا هي حية تسعى} ولم تكن قبل ذلك حية فمرت بشجرة فأكلتها ومرت بصخرة فابتلعتها فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ف (ولى مدبرا) (النمل آية 10 والقصص 31) فنودي أن يا موسى خذها فلم يأخذها ثم نودي الثانية أن {خذها ولا تخف} فقيل له في الثالثة : (إنك من الآمنين) (القصص آية 31) فأخذها ، واخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {سنعيدها سيرتها الأولى} قال : حالتها الأولى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {سنعيدها سيرتها الأولى} قال : هيئتها الأولى : {واضمم يدك إلى جناحك} قال : أدخل كفك تحت عضدك {تخرج بيضاء من غير سوء}

قال : من غير برص.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من غير سوء} قال : من غير برص.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : أخرجها كأنها مصباح فعلم موسى أنه قد لقي ربه ولهذا قال تعالى : {لنريك من آياتنا الكبرى}.
الآية 25 - 47.
أَخْرَج ابن مردويه والخطيب ، وَابن عساكر عن أسماء بنت عميس قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بإزاء ثبير وهو يقول : أشرق ثبير أشرق ثبير اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري وأن تيسر لي أمري وأن تحل عقدة من لساني {يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا}.

وأخرج السلفي في الطيوريات بسند واه عن أبي حعفر محمد بن علي قال : لما نزلت {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري} كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل ثم دعا ربه وقال اللهم اشدد أزري بأخي علي فأجابه إلى ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله : {واحلل عقدة من لساني} قال : عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون تدرأ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل ، قال : هذا عدو لي فقالت امرأته : إنه لا يعقل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي} قال : كان أكبر من موسى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {اشدد به أزري} قال ظهري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {اشدد به أزري} يقول : أشدد به أمري وقوني به فإن لي به قوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وأشركه في أمري} قال : نبئ هرون ساعتئذ حين نبئ موسى عليهما السلام.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن عائشة سمعت رجلا يقول : إني لأدري أي أخ في الدنيا كان أنفع لأخيه : موسى حين سأل لأخيه النبوة ، فقالت : صدق والله.
وأخرج الحاكم عن وهب قال : كان هرون فصيحا بين النطق يتكلم في تؤدة ويقول بعلم وحلم وكان أطول من موسى طولا وأكبرهما في السن وأكثرهما لحما وأبيضهما جسما وأعظمهما ألواحا وكان موسى جعدا آدم طوالا كأنه من رجال شنؤاة ولم يبعث الله نبيا إلا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى إلا أن يكون نبينا صلى الله عليه وسلم فإن شامة النبوة كانت بين كتفيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ {كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا} بنصب الكاف الأولى في كلهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش : أنه كان يجزم هذه الكافات كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {فاقذفيه في اليم} قال هو النيل.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : كان كل من رآه ألقيت عليه منه محبة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل - رضي الله عنه - في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حببتك إلى عبادي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حيث نظرت آسية وجه موسى فرأت حسنا وملاحة فعندها قالت لفرعون : (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) (القصص آية 9).
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي رجاء في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : الملاحة والحلاوة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله : {وألقيت عليك محبة مني} قال : حلاوة في عيني موسى لم ينظر إليه خلق إلا أحبه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : كنت مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - فتلقاه الناس

يسلمون عليه ويحيونه ويثنون عليه ويدعون له - فيضحك ابن عمر - فإذا انصرفوا عنه أقبل علي فقال : إن الناس ليجيئون حتى لو كنت أعطيهم الذهب والفضة ما زادوا عليه ثم تلا هذه الآية {وألقيت عليك محبة مني}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك - رضي الله عنه - في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : ولتعمل على عيني.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : تربى بعين الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولتصنع على عيني} قال : ولتغذى على عيني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية يقول : أنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت ثم في البحر {إذ تمشي أختك}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والخطيب عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ.

يقول الله : {وقتلت نفسا فنجيناك من الغم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فنجيناك من الغم} قال : من قتل النفس {وفتناك فتونا} قال : أخلصناك إخلاصا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : أبتليناك إبتلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : إبتليناك ببلاء نعمة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وفتناك فتونا} قال : اختبرناك إختبارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {وفتناك فتونا} قال : بلاء إلقاؤه في التابوت ثم في اليم ثم إلتقاط آل فرعون إياه ثم خروجه خائفا يترقب.
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعيد بن

جبير رضي الله عنه قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى لموسى عليه السلام : {وفتناك فتونا} فسألت عن الفتون ما هو فقال : استأنف النهار يا ابن جبير فإن لها حديثا طويلا فلما أصبحت غدوت على ابن عباس لأتنجز ما وعدني من حديث الفتون فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله عز وجل - وعد إبراهيم عليه السلام - من أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا ، فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك ما يشكون فيه ولقد كانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب فلما هلك قالوا : ليس هذا كان وعد الله إبراهيم ، قال فرعون : فكيف ترون فائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا - معه الشفار - يطوفون في بني إسرائيل : فلا يجدون مولودا إلا ذبحوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار يموتون بآجالهم وأن الصغار يذبحون قالوا : يوشك أن يفني بنو إسرائيل فتصيروا تباشروا الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم فاقتلوا عاما كل مولود ذكر فتقل أبناؤهم ، ودعوا عاما لا تقتلوا منهم أحدا فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار فإنهم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إياكم ولن يفنوا بمن تقتلون فتحتاجون إليهم فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهرون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان فولدت علانية آمنة حتى إذا كان في قابل حملت بموسى فوقع في قلبها الهم

والحزن فذلك من الفتون يا ابن جبير لما دخل عليه في بطن أمه ما يراد به فأوحى الله إليها أن : (لا تخافي ولا تحزني إنا
رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) (القصص آية 7) وأمرها إذا ولدته أن تجعله في تابوت ثم تلقيه في اليم فلما ولدت فعلت ما أمرت به حتى إذا توارى عنها ابنها - أتاها الشيطان - وقالت في نفسها : ما فعلت بابني لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه ، فانطلق به الماء حتى أوفى به عند مستقى جواري امرأة فرعون فرأينه فأخذنه فهممن أن يفتحن الباب فقال بعضهن لبعض : إن في هذا لمالا وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه فحملنه بهيئته لم يحركن منه شيئا حتى دفعنه إليها فلما فتحته رأت فيه الغلام فألقي عليها محبة لم تلق منها على أحد من البشر قط (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) (القصص آية 10) من ذكر كل شيء إلا من ذكر موسى ، فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا إلى امرأة فرعون بشفارهم يريدون أن يذبحوه وذلك من الفتون يا ابن جبير فقالت للذباحين : إن هذا

الواحد لا يزيد في بني إسرائيل وإني آتي فرعون فأستوهبه منه فإن وهبه لي فقد أحسنتم وأجملتم وإن أمر بذبحه لم ألمكم فلما أتت به فرعون قالت : (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) (القصص آية 9) قال فرعون : يكون لك وأما لي فلا حاجة لي فيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي يحلف به لو أقر فرعون بأن يكون قرة عين له كما قالت امرأته لهداه الله به كما هدى به امرأته ولكن الله عز وجل - حرمه ذلك فأرسلت إلى من حولها من كل امرأة لها لبن لتختار له ظئرا فكلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمنتع من اللبن فيموت فأحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئرا يأخذ منها فلم يفعل وأصبحت أم موسى والها فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرا أحي أم قد أكلته الدواب ونسيت الذي كان وعد الله ، (فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون) والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه وهو لا يشعر به (فقالت) - من الفرح حين

أعياهم الظوائر - (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) فأخذوها فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له هل يعرفونه
حتى شكوا في ذلك وذلك من الفتون يا ابن جبير ، فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في جانب الملك رجاء شفقته ، فتركوها فانطلقت إلى أمه فأخبرتها الخبر فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا وانطلق البشرى إلى امرأة فرعون يبشرونها : إنا قد وجدنا لابنك ظئرا ، فأرسلت إليها فأتيت بها وبه فلما رأت ما يصنع قالت لها : امكثي عندي أرضعني [ أرضعي ] ابني هذا - فإني لم أحب حب شيئا قط - قالت : لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيرا فعلت وإلا فإني غير تاركة بيتي وولدي ، فذكرت أم موسى ما كان الله عز وجل وعدها فتعاسرت على امرأة فرعون لذلك وأيقنت أن الله عز وجل منجز وعده ، فرجعت بابنها من يومها فأنبته الله نباتا حسنا وحفظه لما قد قضى فيه فلم يزل بنو إسرائيل - وهم يجتمعون في ناحية القرية - يمتنعون به من الظلم والسخرة منذ كان فيهم فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى : أريد أن تريني ابني فوعدتها يوما تزورها فيه به ، فقالت لخزانها وجواريها

وقهارمتها : لا يبقى منكم اليوم واحد إلا استقبل ابني بهدية وكرامة أرى ذلك فيه وأنا باعثة أمينا يحضر ما صنع كل إنسان منكم فلم تزل الهدايا والنحل والكرامة تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل عليها فلما دخل عليها أكرمته ونحلته وفرحت به وأعجبها ونحلت أمه لحسن أثرها عليه ثم قالت لأنطلقن به إلى فرعون فلينحله وليكرمنه ، فلما دخلت به عليه وجعلته في حجره فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض فقالت له الغواة - من أعداء الله - : ألا ترى إلى ما وعد الله إبراهيم إنه يرثك ويصرعك ويعلوك ، فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه ، وذلك من الفتون يا ابن جبير بعد كل بلاء ابتلي به وأريد به فتونا ، فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون فقالت : ما بدا لك في هذا الصبي الذي وهبته لي قال : ألا ترينه يزعم أنه سيصرعني ويعلوني قالت له : اجعل بيني وبينك أمرا تعرف فيه الحق ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه فإن بطش بالؤلؤتين واجتنب الجمرتين علمت أن يعقل وإن هو تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين فاعلم أن أحد لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل ، فلما قرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين أخذ الجمرتين

فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا بدنه ، فقال للمرأة : لا يذبح ، وصرفه الله عنه بعد أن كان هم به وكان الله بالغ أمره
فيه فلما بلغ أشده - وكان من الرجال - لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا بسخرة حتى امتنعوا كل الإمتناع ، فبينما هو يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان - أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون - فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى واشتد غضبه لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم : لا يعلم إلا أن ذلك من الرضاع من أم موسى إلا أن يكون الله تعالى أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع غيره عليه فوكز موسى الفرعوني فقتله وليس يراهما أحد إلا الله وموسى والإسرائيلي ، (فقال) موسى : حين قتل الرجل (هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين) (القصص آية 15) ثم (قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له وأصبح في المدينة خائفا يترقب) (القصص آية 17) الأخبار فأتى فرعون فقيل له : إن بني إسرئيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم ، فقال ائتوني به ومن شهد عليه فإن الملك - وإن كان صفوه مع قومه لا يستقيم له أن يقيد بغير بينة

ولا ثبت فاطلبوا علم ذلك آخذ لكم بحقكمز فبينما هم يطوفون فلا يجدون بينة ولا ثبتا إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا آخر فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى قد ندم على ما كان من وكزه الذي رأى فغضب من الإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم وقال : (إنك لغوي مبين) (القصص آية 18) فنظر الإسرائيلي إلى موسى حين قال له ما قال - فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس - فخاف بعدما قال له : (إنك لغوي مبين) أن يكون إياه أراد وإنما أراد الفرعوني (فقال : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) (القصص آية 19) وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فيتداركا فانطلق الفرعوني إلى قومه فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي حين يقول : (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) (القصص آية 19) فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم (وجاء رجل) من شيعة موسى (من أقصى المدينة) (القصص آية 20) فاختصر طريقا قريبا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره الخبر ، وذلك من الفتون يا ابن جبير.

فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء مثل ذلك وليس له بالطريق علم الأحسن ظنه بربه فإنه (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) (القصص آية 22) (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان) (القصص آية 23) يعني فلم تسقيا غنمهما قال : (ما خطبكما) (القصص آية 23) معتزلتين لا تسقيان مع الناس قالتا : ليست لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم (فسقى لهما) (القصص آية 24) فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرا حتى كانتا أول الرعاة فراغا - فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما وانصرف موسى إلى شجرة فاستظل بها (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) ز فاستنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا وقال : إن لكما اليوم لشأنا : فحدثتاه بما صنع موسى ، فأمر إحداهما أن تدعوه له فأتته فدعته ، فلما كلمه (قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) (القصص آية 25) ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطانا ولسنا في مملكته ، قالت ابنته : (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) (القصص آية 26) فحملته الغيرة أن قال : وما يدريك ما قوته وما أمانته قالت : أما قوته : فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه حين سقى لنا : وأمانته : فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له

فلما علم أني امرأة صوب رأسه ولم يرفعه ولم ينظر إلي حين أقبلت إليه حتى بلغته رسالتك ، فقال لي : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فلم يقل هذا إلا وهو أمين ، فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت ، فقال : هل لك (أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك) (القصص آية 27) ففعل وكانت على موسى ثماني حجج واجبة وكانت سنتان عدة منه فقضى الله عدته فأتمها عشرا ، قال سعيد : فسألني رجل من أهل النصرانية من علمائهم : هل تدري أي الأجلين قضى موسى قلت : لا ، وأنا يومئذ لا أعلم ، فلقيت ابن عباس فذكرت له الذي قال النصراني فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا واجبة لم يكن موسى لينتقص منها وتعلم أن الله تعالى كان قاضيا عن موسى عدته
التي وعد فإنه قضى عشرا فأخبرت النصراني فقال : الذي أخبرك بهذا هو أعلم منك ، قلت : أجل وأولى (سار موسى بأهله) ورأى من أمر النار ما قص الله عليك في القرآن وأمر العصا ويده فشكا إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه - فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام - فسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون ليكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به فأتاه الله سؤله فحل عقدة من لسانه وأوحى إلى هارون وأمره أن يلقى موسى.

فاندفع موسى بالعصا ولقي هارون فانطلقا جميعا إلى فرعون فأقاما ببابه حينا لا يؤذن لهما ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : {إنا رسولا ربك} فقال : {فمن ربكما يا موسى} فأخبراه بالذي قص الله في القرآن ، قال : فما تريدان وذكره بالقتيل فاعتذر بما قد سمعت قال : أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني إسرائيل ، فأبى عليه ذلك وقال : ائت بآية إن كنت من الصادقين فألقى بعصاه فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون - فلما رأى فرعون أنها قاصدة إليه - خافها فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى : أن يكفها عنه ففعل.
وَأخرَج يده من جيبه بيضاء من غير سوء) يعني برص ثم أعادها إلى كمه فصارت إلى لونها الأول ، فاستشار الملأ فيما رأى فقالوا له : {هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} يعنون ملكهم الذي هم فيه والعيش فأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب ، وقالوا له : اجمع لهم السحرة - فإنهم بأرضنا كثير - حتى تغلب بسحرهم سحرهما (فأرسل فرعون في المدائن حاشرين) (الشعراء آية 54) فحشر له كل ساحر متعالم فلما أتوا فرعون قالوا : بم يعمل هذا الساحر ، قالوا : يعمل بالحيات والحبال ، قال : فلا والله ما في الأرض قوم يعملون بالحيات والحبال والعصي بالسحر ما نعمل به فما أجرنا إن غلبناه قال لهم : أنتم أقاربي وخاصتي وأنا صانع بكم كل شيء

أحببتم فتواعدوا ليوم الزينة {وأن يحشر الناس ضحى} قال سعيد : فحدثني ابن عباس : إن يوم الزينة - اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة - وهو يوم عاشوراء فلما اجتمعوا في صعيد واحد ، قال الناس لبعضهم لبعض : اذهبوا بنا فلنحضر هذا الأمر و(نتبع السحرة
إن كانوا هم الغالبين) (الشعراء آية 40) - يعنون بذلك موسى وهارون استهزاء بهما - فقالوا : يا موسى - لقدرتهم بسحرهم - (إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين) (الأعراف آية 115) قال : ألقوا {فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون}) (الأعراف آية 44) فرأى موسى من سحرهم ما أوجس منه خيفة ، فأوحى الله إليه (أن ألق عصاك) (القصص آية 31) فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيما فاغرة فاها فجعل العصا بدعوة موسى تلتبس بالحبال حتى صارت جردا إلى الثعبان حتى تدخل فيه حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته فلما عاين السحرة ذلك قالوا : لو كان هذا سحرا لم تبتلع من سحرنا كل هذا ولكن هذا من أمر الله عز وجل ، فآمنا بالله وبما جاء به موسى ونتوب إلى الله عز وجل مما كنا فيه فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه فظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون (فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) (الأعراف الآية 119) وامرأة فرعون بارزة مبتذلة - تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون -

فمن رآها - من آل فرعون ظن أنها تبذلت شفقة على فرعون وأشياعه وإنما كان حزنها وهمها لموسى ، فلما طال مكث موسى لمواعد فرعون الكاذبة كلما جاء بآية وعد عندها أن يرسل معه بني إسرائيل فإذا كشف ذلك عنه نكث عهده واختلف وعده حتى أمر موسى بقومه فخرج بهم ليلا ، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا بعث في المدينة وحولها حاشرين فتبعتهم جنود عظيمة كثيرة وأوحى الله إلى البحر : إذا ضربك عبدي موسى فانفرق له اثني عشر فرقا حتى يجوز موسى ومن معه ثم التق بعد على من بقي من قوم فرعون وأشياعه ، فنسي موسى أن يضرب بعصاه فدفع إلى البحر وله قصيف مخافة أن يضربه بعصاه وهو غافل فيصير عاصيا (فلما تراءى الجمعان) وتقاربا (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) (الشعراء الآية 61) فافعل ما أمرك به ربك فإنك لم تكذب ولم تكذب ، قال : وعدني ربي إذا انتهيت إلى البحر أن ينفرق لي حتى أجوز ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر - حين دنا أوائل جند فرعون - من أواخر جند موسى فانفرق البحر - كما أمره الله وكما وعد موسى فلما جاز أصحاب موسى كلهم ودخل أصحاب فرعون كلهم التقى البحر عليهم كما
أمره الله عز وجل فما أن جاوز البحر (قال أصحاب موسى : إنا لمدركون) (الشعراء الآية 61) إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نأمن هلاكه فدعا ربه فأخرجه له

ببدنه من البحر حتى استيقنوا ، ثم مروا بعد ذلك (على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) (الأعراف آية 138) قد رأيتم من العبر ما يكفيكم وسمعتم به فمضى حتى أنزلهم منزلا ثم قال لهم : أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم وإني ذاهب إلى ربي وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع إليهم فيها فلما أتى ربه وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما - فصامهن ليلهن ونهارهن - كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتناول موسى من نبات الأرض شيئا فمضغه ، فقال له ربه : - حين أتاه - لم أفطرت وهو أعلم بالذي كان ، قال : يا رب إني كرهت أن أكلمك إلا فمي طيب الريح ، قال : وما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ارجع حتى تصوم عشرة أيام ثم ائتني ، ففعل موسى الذي أمره الله به فلما رأى قوم موسى أنه لم يأتهم للأجل ساءهم ذلك وقد كان هارون خطبهم وقال لهم : إنكم خرجتم من مصر وعندكم ودائع لقوم فرعون وعوار ولكم فيهم مثل ذلك وأنا أرى أن تحتسبوا ما كان لكم عندهم ولا أحل لكم وديعة استودعتموها أو عارية ولسنا نرى أداء شيء من ذلك

إليهم ولا ممسكيه ، فحفر حفرة وأمر كل قوم عندهم شيء من ذلك من متاع أو حلية بأن يدفنوه في الحفرة ثم أوقد عليه النار فأحرقه وقال : لا يكون لنا ولا لهم ، وكان السامري رجلا من قوم يعبدون البقر ليس من بني إسرائيل جار لهم فاحتمل مع بني إسرئيل حين احتملوا فقضى له أن رأى أثر الفرس فقبض منه قبضة فمر بهارون فقال له هارون : يا سامري ، ألا تلقي ما في يديك - وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك - فقال : هذه بضة [ قبضة ] من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر فلا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد ، قال : فألقاها ودعا له هارون ، قال : أريد أن يكون عجلا فاجتمع ما كان في الحفرة من متاع : نحاس أو حديد أو حلى فصار عجلا أجوف ليس فيه روح له خوار ، فقال ابن عباس :
والله ما كان له صوت ولكن الريح كانت تدخل في دبره وتخرج من فيه فكان ذلك الصوت من ذلك ، فتفرق بنو إسرائيل فقالت فرقة : يا سامري ما هذا فإنك أنت أعلم به فقال : هذا ربكم ولكن موسى أخطأ الطريق ، فقالوا : لا نكذب بهذا {حتى

يرجع إلينا موسى} طه آية 91 فإن يك ربنا لم يكن ضيعنا وعجزنا حين رأيناه وإن لم يكن ربنا فإننا نتبع قول موسى ، وقال فرقة : هذا من عمل الشيطان وليس ربنا ولا نصدق به ولا نؤمن به ، وأشرب فرقة في قلوبهم التصديق بما قال السامري في العجل : وأعلنوا التكذيب و{قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن} وليس بهكذا ، قالوا : فما بال موسى وعدنا ثلاثين ليلة ثم أخلفنا فهذه أربعون ليلة : فقال سفهاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه ، فلما كلم الله موسى وقال ما قال له وأخبره بما لقي قومه من بعده (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) فقال لهم ما سمعتم في القرآن (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه) (الأعراف آية 150) من الغضب غير أنه عذر أخاه واستغفر ربه ثم انصرف إلى السامري فقال له : ما حملك على ما صنعت فقال : {فقبضت قبضة من أثر الرسول} وفطنت وعميت عليكم {فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} {قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس} إلى قوله : {في اليم نسفا} ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة واغتبط الذين كان رأيهم رأي هارون فقالوا : يا موسى سل ربك أن يفتح لنا باب توبة نعملها ونكفر عنا ما عملنا (فاختار موسى من قومه سبعين رجلا) (الأعراف آية 155) لذلك لا يألوا لخير خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في العجل فانطلق بهم ليسأل ربهم التوبة فرجفت الأرض بهم فاستحيا موسى عليه السلام من قومه ووفده حين فعل بهم ذلك فقال : (!

{رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء} الأعراف آية 155 الآية ، ومنهم من قد اطلع الله منه على ما أشرب قلبه العجل والإيمان به فلذلك رجفت بهم الأرض ، فقال : (رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) إلى قوله : (والإنجيل) (الأعراف آية 156) فقال : رب سألتك التوبة لقومي فقلت : إن رحمت [ رحمتك ] كتبتها لقوم غير قومي فليتك أخرتني حتى أخرج في أمة ذلك الرجل المرحومة ، قال الله عز
وجل : فإن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من والد أو ولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قبل ذلك الموطن ، فتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون وما طلع الله عابهم من ذنوبهم فاعترفوا بها ، وفعلوا ما أمروا به فغفر الله للقاتل والمقتول ، ثم سار بهم موسى متوجها نحو الأرض المقدسة فأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب وأمرهم بالذي أمره الله أن يبلغهم من الوظائف فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرون الأرض والكتاب الذي أخذوه بأيديهم وهم ينظرون إلى الجبل مخافة أن يقع عليهم ، ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة فوجدوا فيها مدينة جبارين خلقهم خلق

منكر وذكروا من ثمارهم أمرا عجيبا من عظمها فقالوا : يا موسى (إن فيها قوم جبارين) (المائدة آية 22) لا طاقة لنا اليوم بهم ولا ندخلها ما داموا فيها (فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) قال رجلان من الجبارين : آمنا بموسى فخرجا إليه فقالا : نحن أعلم بقومنا إن كنتم تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم ليس لهم قلوب ولا منعة عندهم (فادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون) (المائدة آية 23) ويقول أناس إنهما من قوم موسى وزعم سعيد أنهما من الجبارين آمنا بموسى ، يقول : (من الذين يخافون أنعم الله عليهما) (المائدة آية 33) وإنما يعني بذلك الذين يخافهم بنو إسرائيل ، فقالوا : (يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة آية 24) فأغضبوا موسى فدعا عليهم فسماهم فاسقين ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى فيهم من المعصية وإساءتهم - حتى كان يومئذ - فدعا عليهم فاستجاب الله له وسماهم كما سماهم موسى فاسقين (فحرمها عليهم أربعين يتيهون في الأرض) (المائدة آية 26) يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ، ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا وأمر موسى فضربه بعصاه (فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) (البقرة آية 60) في كل ناحية ثلاث عيون وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها لا
يرتحلون بها من مرحلة إلا وجدوا ذلك الحجر منهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول.

رفع الحديث ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وصدق ذلك عندي : أن معاوية بن أبي سفيان سمع من ابن عباس هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون الفرعوني هو الذي أفشى على موسى أمر القتيل وقال : إنما أفشى عليه الإسرائيلي ، فأخذ ابن عباس بيده فانطلق إلى سعد بن مالك الزهري فقال : أرأيت يوم حدثنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - عن قتيل موسى من آل فرعون من أفشى عليه الإسرائيلي أو الفرعوني قال : أفشى عليه الفرعوني بما سمع من الإسرائيلي الذي شهد ذلك وحضره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فلبثت سنين في أهل مدين} قال : عشر سنين {ثم جئت على قدر يا موسى} طه آية 40 قال على موعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ثم جئت على قدر} قال : الميقات.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ثم جئت على قدر} قال : على موعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {ولا تنيا في ذكري} قال لا تضعفا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه - مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه - مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله - عز وجل - {ولا تنيا في ذكري} قال : ولا تضعفا عن أمري ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : إني وجدك مل ونيت وإنني * أبغي الفكاك له بكل سبيل.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {ولا تنيا} قال : لا تبطئا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله : {فقولا له قولا لينا} قال : كنه.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {فقولا له قولا لينا} قال : كنياه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري : {فقولا له قولا لينا} قال : كنياه يا أبا مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فقولا له قولا لينا} قال اعذرا إليه وقولا له : إن لك ربا ولك معادا وإن بين يديك جنة ونارا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضل بن عيسى الرقاشي أنه تلا هذه الآية {فقولا له قولا لينا} فقال : يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولى ويناديه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لعله يتذكر} قال : هل يتذكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إننا نخاف أن يفرط علينا} قال : يعجل {أو أن يطغى} قال : يعتدي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} قال : عقوبة منه.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} قال : أسمع ما يقول {وأرى} ما يجاوبكما فأوحي إليكما فتجاوباه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم بسند جيد عن ابن مسعود قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال : رب أي شيء أقول قال : قل أهيا شرا هيا ، قال الأعمش : تفسير ذلك الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال : لا يغرنكما لباسه الذي ألبسته فإن ناصيته بيدي فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني ولا يغرنكما ما متع به من زهرة الدنيا وزينة المترفين فلو شئت أن أزينكما من زينة الدنيا بشيء يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت وليس ذلك لهوانكما علي ولكني ألبستكما نصيبكما من الكرامة علي : أن لا تنقصكما الدنيا
شيئا وإني لأذود أوليائي عن الدنيا كما يذود الراعي إبله عن مبارك 7 الغيرة وإني لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة أريد أن أنور بذلك صدورهم وأطهر بذلك قلوبهم في سيماهم الذين

يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به وأعلم : إنه من أخاف لي وليا فقد بارزني وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه من طريق ابن عباس عن أبي سفيان بن حرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : التسليم على أهل الكتاب إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول : السلام على من اتبع الهدى.
الآية 48 - 52.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى} قال : من كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن

ابن عباس في قوله : {الذي أعطى كل شيء خلقه} قال : خلق لكل شيء روحه ثم {هدى} قال : هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} يقول : مثله أعطى الإنسان إنسانة والحمار حمارة والشاة شاته : {ثم هدى} إلى الجماع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله
عنه - في قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها وعلمها إياه لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم ولا خلق البهائم كخلق الناس ولكن (خلق كل شيء فقدره تقديرا) (الفرقان آية 2).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} قال : أعطى كل ذي خلق ما يصلحه ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة ولا الدابة في خلق الكلب ولا الكلب في خلق الشاة وأعطى

كل شيء ما ينبغي له من النكاح وهيأ كل شيء على ذلك ليس منها شيء يملك شيئا في فعاله في الخلق والرزق والنكاح {ثم هدى} قال : هدى كل شيء إلى رزقه وإلى زوجته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أعطى كل شيء خلقه} قال : أعطى كل شيء صورته {ثم هدى} قال : لمعيشته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال : ألم تر إلى البعير كيف يقوم لصاحبه ينتظره حتى يجيء هذا منه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {ثم هدى} قال : كيف يأتي الذكر الأنثى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : ما أبهت البهائم فلم تبهم عن أربع : تعلم أن الله ربها ويأتي الذكر الأنثى وتهتدي لمعايشها وتخاف الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {قال فما بال القرون الأولى} يقول : فما حال القرون.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {لا يضل ربي} قال : لا يخطئ.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {لا يضل ربي ولا ينسى} قال : هما شيء واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لا يضل ربي ولا ينسى} قال : {لا يضل ربي} الكتاب {ولا ينسى} ما فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الناس يعيبون علينا الكتاب وقال الله تعالى : {علمها عند ربي في كتاب}.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هلال قال : كنا عند قتادة فذكروا الكتاب وسألوه عن ذلك فقال : وما بأس بذلك ، أليس الله الخبير يخبر قال : {فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب}.
الآية 53 - 54.
أَخْرَج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فأخرجنا به أزواجا} يقول : أصنافا فكل صنف من نبات الأرض أزواج ، النخل زوج صنف والأعناب

زوج صنف وكل شيء تنبته الأرض أزواج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {من نبات شتى} قال : مختلف وفي قوله : {لأولي النهى} قال : لأولي التقى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {لأولي النهى} قال : لذوي الحجا والعقول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لأولي النهى} قال : لأولي الورع.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه في قوله : {لأولي النهى} قال : الذين ينتهون عما نهوا عنه.
الآية 55 - 58
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة وذلك قوله منها خلقناكم وفيها نعيدكم.

وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة قال : لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {تارة أخرى} قال مرة أخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : منصفا بينهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : نصفا بيني وبينك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : عدلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {مكانا سوى} قال : مكانا مستويا يتبين الناس سواء فيه لا يكون صوت ولا شيء يتغيب بعض ذلك

عن بعض مستو حين يرى.
الآية 59 - 60.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {موعدكم يوم الزينة} قال : يوم عاشوراء.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ومن تصدق يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة يعني يوم عاشوراء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {قال موعدكم يوم الزينة} قال : هو يوم عيد كان لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {قال موعدكم يوم الزينة} قال : هو عيدهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : {موعدكم يوم الزينة} قال : يوم السوق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : {موعدكم يوم الزينة} قال : يوم العيد يوم يتفرغ الناس من الأعمال ويشهدون ويحضرون ويرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وأن يحشر الناس ضحى} قال : يجتمعون لذلك الميعاد الذي واعدوه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ وأن تحشر الناس ضحى بالتاء وأن تشحر الناس أنت قال : فرعون يحشر قومه.
الآية 61 – 71
ملحوظة / يوجد نقص من ص217 إلى ص 219.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في

قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال : أولو العقل والشرف والأسنان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ووكيع في الغرور عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال بأشرافكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال : يذهبا بالذي أنتم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وقد أفلح اليوم من استعلى} قال : من غلب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {تلقف ما صنعوا} قال : ألقاها موسى فتحولت حية تأكل حبالهم وما صنعوا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أخذتم الساحر فاقتلوه ثم قرأ {ولا يفلح الساحر حيث أتى} قال : لا يأمن حيث وجد.
الآية 72 - 76.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة : أن سحرة

فرعون كانوا تسعمائة فقالوا لفرعون : إن يكونا هذان ساحران فإنا نغلبهم فإنه لا
أسحر منا وإن كان من رب العالمين فلما كان من أمرهم {خروا سجدا} أراهم الله في سجودهم منازلهم التي إليها يصيرون فعندها قالوا : {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات} إلى قوله : {والله خير وأبقى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي بزة قال : لما وقعوا سجدا رأوا أهل النار وأهل الجنة وثواب أهليهما فقالوا : {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وما أكرهتنا عليه من السحر} قال : أخذ فرعون أربعين غلاما من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالعوماء وقال : علموهم تعليما لا يغلبهم أحد في الأرض ، قال ابن عباس : فهم من الذين قالوا : {إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {والله خير وأبقى} قال : خير منك أن أطيع وأبقى منك عذابا إن عصي.

وأخرج مسلم وأحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية {إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أهلها الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما الذين ليسوا بأهلها فإن النار تميتهم إماتة ثم يقوم الشفعاء فيشفعون فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له الحياة أو الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل والله أعلم.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه لم ينل الدرجات العلى : من تكهن أو استقسم أو رده من سفره طيرة.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان وصلة لأخيه إلى سلطان في مبلغ بر أو مدفع مكروه رفعه الله في الدرجات.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن

عبد الله قال : إن الله ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في {الدرجات العلى} فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقول : يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا فيقال : هيهات ، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون حين تختصون.
فيه قال : {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} فأقام هرون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى : {فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له سامعا مطيعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن هرون مر بالسامري وهو يتنحت العجب فقال له : ما تصنع قال : اصنع ما لا يضر ولا ينفع فقال هرون : اللهم أعطه ما سأل على نفسه ومضى هرون فقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور فخار ، فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا رؤوسهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن بني إسرائيل استعاروا حليا من القبط فخرجوا به معهم فقال لهم هارون : قد ذهب موسى إلى السماء اجمعوا هذه الحلي حتى يجيء موسى فيقضي فيه ما قضى فجمع ثم أذيب فلما ألقى السامري القبضة تحول {عجلا جسدا له خوار} فقال : {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال : إن موسى ذهب يطلب ربه فضل فلم يعلم مكانه وهو هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : إن جبريل لما نزل فصعد بموسى إلى السماء بصر به السامري من بين الناس فقبض قبضة من أثر الفرس وحمل جبريل موسى خلفه حتى إذا دنا من باب السماء صعد وكتب الله الألواح وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده نزل موسى فأخذ العجل فأحرقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان السامري من أهل كرمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه قال له : {وما أعجلك عن قومك يا موسى} {قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال : {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري} فلما خبره خبرهم قال : يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل ، أرأيت الروح من نفخها فيه قال الرب : أنا ، قال : يا رب ، فأنت إذا أضللتهم ، ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال : حزينا {قال يا قوم ألم}
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن عمير قال : إن الرجل وعبده يدخلان الجنة فيكون عبده أرفع درجة منه فيقول : يا رب هذا كان عبدي في الدنيا فيقال : إنه كان أكثر ذكرا لله تعالى منك.
وأخرج أبو داود ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الذري في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما.
الآية 77 - 97

أخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا} قال : يابسا ليس فيه ماء ولا طين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {طريقا في البحر يبسا} قال : يابسا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا وهذا البحر قد عمنا ، فأنزل الله (ولا تخاف دركا ولا تخشى) من البحر غرقا ولا وحلا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا تخاف دركا} قال : من آل فرعون {ولا تخشى} من البحر غرقا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {فغشيهم من اليم} قال البحر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا تطغوا فيه} قال :

الطغيان فيه أن يأخذه بغير حله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم في قوله : {فيحل عليكم غضبي} قال : فينزل عليكم غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ {ومن يحلل عليه غضبي} بكسر اللام على تفسير من يجب عليه غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله : {ومن يحلل عليه غضبي} قال : إن غضبه خلق من خلقه يدعوه فيكلمه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فقد هوى} قال : شقي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سقي بن ماتع : أن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه فيهوي في جهنم أربعين قبل أن يبلغ الصلصال فذلك قوله : {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإني لغفار لمن تاب} قال : من الشرك {آمن} ، قال : وحد الله {وعمل

صالحا} قال : أدى الفرائض {ثم اهتدى} قال : لم يشك.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي عن ابن عباس في قوله : {وإني لغفار} الآية ، قال : تاب من الذنب وآمن من الشرك ، وعملا صالحا فيما بينه وبين ربه {ثم اهتدى} علم أن لعمله ثوابا يجزى عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {ثم اهتدى} قال : ثم استقام لفرقة السنة والجماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فعجل موسى إلى ربه فقال الله : {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال : فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له ، فقال : من هذا يا رب قال : لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه :

كان لا يسحد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج ابن مردويه عن وهب بن مالك رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لما وعد موسى أن يكلمه خرج للوقت الذي وعده فبينما هو يناجي ربه إذ سمع خلفه صوتا فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتا قال : لعل قومك ضلوا قال : إلهي من أضلهم قال : السامري ، قال : كيف أضلهم قال :
صاغ لهم {عجلا جسدا له خوار} قال : إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل : فمن نفخ فيه الروح حتى صار له خوار قال : أنا يا موسى قال : فبعزتك ما أضل قومي أحد غيرك ، قال : صدقت ، قال : يا حكيم الحكماء لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك.
وأخرج ابن جرير في تهذيبه عن راشد بن سعد قال : إن موسى لما قدم على ربه - واعد قومه أربعين ليلة - قال : يا موسى إن قومك قد افتتنوا من بعدك ، قال : يا رب كيف يفتنون وقد نجيتهم من فرعون ونجيتهم من البحر وأنعمت عليهم وفعلت بهم قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا له خوار قال : يا رب فمن جعل فيه الروح قال : أنا ، قال : فأنت

يا رب أضللتهم ، قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال : لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلى بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري : {هذا إلهكم وإله موسى} فقال لهم هرون : {يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} فلما أن رجع موسى أخذ رأسه أخيه فقال له هرون ما قال فقال موسى للسامري : {فما خطبك} فقال : {فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا : يا موسى ما توبتنا قال : يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها
وعرف

السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه ، قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري : إنك لا تلقيها على شيء فتقول : كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون ، قال موسى لأخيه هرون (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري : بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال : كن عجلا جسدا له خوار فصار {عجلا جسدا له خوار} فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت فقال {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا على العجل يعبدونه ، فقال هارون : {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري} {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان السامري رجلا من أهل ماجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان يحب

عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون : إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال : اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال : نعم ، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال : كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة ، فقال : {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط : يقول الله : {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري : موسى بن ظفروقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا
!

{يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول : بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول : من حلي القبط : {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي ، فقال لهم هرون : {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل ، قال : {فما خطبك يا سامري} ما بالك ، إلى قوله : {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال : فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد ، يعني سحكه ثم ذراه في اليم ، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى : اشربوا منه فشربوا ، فمن كان يحبه خرج على شاربيه

الذهب فذلك حين يقول : {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} ، قال : فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون : ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية ، البقية ، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى : {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} ، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا : {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب ، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى

أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل ، فذلك حين يقول موسى : {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أفطال عليكم العهد} يقول : الوعد وفي قوله : {فأخلفتم موعدي}
يقول : عهدي وفي قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} بأمر ملكنا {ولكنا حملنا أوزارا} قال : أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون {فقذفناها} قال : فألقيناها {فكذلك ألقى السامري} قال : كذلك صنع {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} قال : حفيف الريح فيه ، فهو خواره والعجل ولد البقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {بملكنا} قال : بأمرنا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ما أخلفنا موعدك بملكنا} قال : بطاقتنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {بملكنا} قال : بسلطاننا.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن يحيى أنه قرأ {بملكنا} وملكنا واحد.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله : {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال : نسي موسى أن يذكر لكم : أن هذا إلهه.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فنسي} قال هم يقولونه قومه : أخطأ الرب العجل {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا} قال : العجل {ولا يملك لهم ضرا} قال : ضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن} قال : تدعهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : أمره موسى أن يصلح ولا يتبع سبيل المفسدين فكان من إصلاحه أن ينكر العجل ، فذلك قوله : {ألا تتبعن أفعصيت أمري} كذلك أيضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {إني خشيت أن تقول فرقت بين

بني إسرائيل} قال : خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل} قال : قد كره الصالحون الفرقة قبلكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ولم ترقب قولي} قال : لم تنتظر قولي وما أنا صانع وقائل ، قال : وقال ابن عباس رضي الله عنهما {ولم ترقب قولي} لم تحفظ قولي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {قال فما خطبك يا سامري} قال : لم يكن اسمه ولكنه كان من قرية اسمها سامرة {قال بصرت بما لم يبصروا به} يعني فرس جبريل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {بما لم يبصروا به} بالياء ورفع الصاد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فقبضت قبضة من أثر الرسول} قال : من تحت حافر فرس جبريل {فنبذتها} قال : نبذ السامري على حلية بني إسرائيل فانقلبت عجلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فقبضت قبضة من أثر

الرسول} قال : قبض السامري قبضة من أثر الفرس فصره في ثوبه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرؤها فقنصت بالصاد ، قال : والقبص بأطراف الأصابع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الأشهب قال : كان الحسن يقرؤها فقبصت قبصة بالصاد يعني بأطراف أصابعه وكان أبو رجاء يقرؤها فقبصت قبصة بالصاد هكذا بجميع كفيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القبضة ملء الكف والقبصة بأطراف الأصابع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {فقبضت قبضة} بالضاد على معنى القبض.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس} قال : عقوبة له {وإن لك موعدا لن تخلفه} قال : لن تغيب عنه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وانظر إلى

إلهك الذي ظلت عليه عاكفا}
قال : أقمت {لنحرقنه} قال : بالنار {ثم لننسفنه في اليم نسفا} قال : لنذرينه في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يقرأ {لنحرقنه} خفيفة ، يقول : إن الذهب والفضة لا يحرقان بالنار يسحل بالمبرد ثم يلقى على النار فيصير رمادا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة لنذبحنه ثم لنحرقنه خفيفة ، قال قتادة : وكان له لحم ودم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك الأزدي أنه قرأ {لنحرقنه} بنصب النون وخفض الراء وخففها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اليم البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : اليم النهر.
الآية 98 - 110

أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وسع كل شيء علما} يقول : ملأ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي زيد في قوله : {وقد آتيناك من لدنا ذكرا} قال : القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {يحمل يوم القيامة وزرا} قال : إثما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وساء لهم يوم القيامة حملا} يقول : بئس ما حملوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {وساء لهم يوم القيامة حملا} قال : ليس هي وسألهم موصولة ينبغي أن يقطع فإنك إن وصلت لم تفهم وليس بها خفاء ساءلهم حملا {خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا} قال : حمل السوء وبوئ صاحبه النار ، قال : وإنما هي {وساء لهم} مقطوعة وساء بعدها لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت قوله : {ونحشر المجرمين يومئذ زرقا} وأخرى عميا ، قال : إن يوم القيامة فيه حالات : يكونون في حال زرقا وفي حال عميا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {يتخافتون

بينهم} قال : يتسارون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {إذ يقول أمثلهم طريقة} قال : أعلمهم في نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {إذ يقول أمثلهم طريقة} قال : أعدلهم من الكفار {إن لبثتم} أي في الدنيا {إلا يوما} لما تقاصرت في أنفسهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قالت قريش : يا محمد كيف يفعل ربك بهذه الجبال يوم القيامة فنزلت {ويسألونك عن الجبال} الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فيذرها قاعا} قال : مستويا {صفصفا} قال : لا نبات فيه {لا ترى فيها عوجا} قال : واديا {ولا أمتا} قال : رابية.

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل : {فيذرها قاعا صفصفا} قال : القاع الأملس ، والصفصف المستوي ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :
ملمومة شهباء لو قذفوا بها * شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة أنه سئل عن قوله : {قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} قال : كان ابن عباس يقول : هي الأرض الملساء التي ليس فيها رابية مرتفعة ولا انخفاض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله : {قاعا صفصفا} قال : مستويا {لا ترى فيها عوجا} قال : خفضا {ولا أمتا} قال : إرتفاعا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {صفصفا} قال : القاع : الأرض والصفصف : المستوية {لا ترى فيها عوجا} قال : صدعا ، {ولا أمتا} قال : أكمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا ترى فيها عوجا} قال : ميلا {ولا أمتا} قال : الأمت الأثر مثل الشراك.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : العوج الإرتفاع والأمت المبسوط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : يعني بالأمت حفرا.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : {لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} ما الأمت قال : الشي الشاخص من الأرض قال فيه كعب بن زهير : فأبصرت لمحة من رأس عكرشة * في كافر ما به أمت ولا شرف.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة تطوى السماء وتتناثر النجوم وتذهب الشمس والقمر وينادي مناد فيسمع الناس الصوت يأتونه ، فذلك قول الله : {يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له}.
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي صالح في قوله : {يتبعون الداعي لا عوج له} قال : لا عوج عنه.

وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة في قوله : {لا عوج له} لا يميلون عنه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : الصوت الخفي.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : صوت وطء الأقدام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : أصوات أقدامهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وسعيد في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : وطء الأقدام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت قاعدا عند الشعبي فمرت علينا إبل قد كان عليها جص فطرحته فسمعت صوت أخفافها فقال : هذا الهمس.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فلا تسمع إلا همسا} قال : هو خفض الصوت بالكلام يحرك لسانه وشفتيه ولا يسمع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : {إلا همسا} قال : سر الحديث وصوت الأقدام ، والله أعلم.
الآية 111 - 114.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وعنت الوجوه} قال : ذلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه} قال : خشعت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه} قال : استأسرت صاروا أسارى كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {وعنت الوجوه} قال : خضعت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال : استسلمت وخضعت يوم

القيامة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : ليبك عليك كل عان بكربه * وآل قصي من مقل وذي وفر.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : {وعنت الوجوه} قال : الركوع والسجود.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب رضي الله عنه في قوله : {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال : هو وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قدميك في السجود.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وقد خاب من حمل ظلما} قال : شركا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قول : {وقد خاب من حمل ظلما} قال : شركا ، وفي قوله : {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال : {ظلما} أن يزاد في سيئاته ، {ولا هضما} قال : لا ينقص من حسناته.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال : لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم من حسناته.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فلا يخاف ظلما} قال : أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه {ولا هضما} قال : أن ينتقص من حسناته شيئا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولا هضما} قال : غصبا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {أو يحدث لهم ذكرا} قال : القرآن {ذكرا} قال : جدا وورعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في حفظه حتى يشق على نفسه يتخوف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فينسى ما علمه ، فقال الله : {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} وقال : (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (القيامة آية 16).
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} يقول : لا تعجل حتى نبينه لك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه

عن الحسن قال : لطم رجل امرأته فجاءت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تطلب قصاصا فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص فأنزل الله {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما} فوقف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى نزلت (الرجال قوامون على النساء) (النساء آية 34) الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه قرأ {من قبل أن يقضى إليك وحيه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ولا تعجل بالقرآن} قال : لا تمله على أحد حتى نتمه لك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {من قبل أن يقضى إليك وحيه} قال : تبيانه.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علما والحمد لله على كل حال.

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود : أنه كان يدعو : اللهم زدني إيمانا وفقها ويقينا وعلما.
الآية 115
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الصغير ، وَابن منده في التوحيد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما سمي الإنسان : لأنه عهد إليه فنسي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : لو أن أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فوضعت في كفة وحلم آدم في كفة لرجح حلمه بأحلامهم ، ثم قال الله : {ولم نجد له عزما} قال : حفظا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده ، قال الله : {فنسي ولم نجد له عزما}.
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولقد عهدنا إلى آدم} قال : أن لا يقرب الشجرة.

وأخرج ابن جرير ، وَابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ولم نجد له عزما} قال : حفظا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فنسي} قال : فترك {ولم نجد له عزما} يقول : لم نجعل له عزما.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قول الله : (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم) (المائدة آية 101) قال : كان رجال من المهاجرين في أنسابهم شيء فقالوا يوما : والله لوددنا أن الله أنزل قرآنا في نسبنا ، فأنزل الله ما قرأت ثم قال لي : إن صاحبكم هذا - يعني علي بن أبي طالب - إن ولي زهد ولكني أخشى عجب نفسه أن يذهب به ، قلت : يا أمير المؤمنين إن صاحبنا من قد علمت ، والله ما نقول أنه غير ولا عدل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام صحبته فقال : ولا في بنت أبي جهل ، وهو يريد أن يخطبها على فاطمة قلت : قال الله في معصية آدم عليه السلام {ولم نجد له عزما} وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الخواطر التي لم يقدر على دفعها عن نفسه ، وربما

كانت من
الفقيه في دين الله العالم بأمر الله فإذا نبه عليها رجع وأناب ، فقال : يا ابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس أنه قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين لم يذكر الرجل ولم ينس فقال : إن على القلب طخاة كطخاة القمر فإذا تغشت القلب نسي ابن آدم ما كان يذكر فإذا انجلت ذكر ما نسي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لا تأكلوا بشمائلكم ولا تشربوا بشمائلكم فإن آدم أكل بشماله فنسي فأورث ذلك النسيان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية {ولم نجد له عزما} قال : حفظا لما أمر به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ولم نجد له عزما} قال : صبرا.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : لو وزن حلم آدم بحلم العالمين لوزنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لم يكن آدم من أولي العزم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فنسي} قال : ترك ما قدم إليه ولو كان منه نسيان ما كان عليه شيء لأن الله قد وضع عن المؤمنين النسيان والخطأ ولكن آدم ترك ما قدم إليه من أكل الشجرة.
الآية 116 - 122
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} قال : عنى به شقاء الدنيا فلا تلقى ابن آدم إلا شقيا ناصبا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عينية قال : لم يقل فتشقيان لأنها دخلت معه فوقع المعنى عليهما جميعا وعلى أولادهما كقوله : (يا أيها النَّبِيّ إذا طلقتم) (الطلاق آية 1) و(يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل الله لك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) (التحريم آية 1) فدخلوا في المعنى معه وإنما كلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنهما قال : إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض استقبله ثور أبلق فقيل له : اعمل عليه ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : هذا ما وعدني ربي {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} ثم

نادى حواء : أحواء أنت عملت في هذا فليس أحد من بني آدم يعمل على ثور إلا قال : حواء دخلت عليهم من قبل آدم عليه السلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} قال : لا يصيبك فيها عطش ولا حر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : {لا تظمأ} قال : لا تعطش {ولا تضحى} قال : لا يصيبك فيها حر.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} قال : لا تعرق فيها من شدة الشمس ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت * فيضحى وأما بالعشي فيخضر.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {ولا تضحى} قال : لا يصيبك حر الشمس.

وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وهي شجرة الخلد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما أسكن الله آدم الجنة وزوجته ونهاه عن الشجرة رأى غصونها متشعبة بعضها على بعض وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل الحية وكانت الحية لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها الله فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته عنها فجاء بها إلى حواء فقال : انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها فأخذتها حواء

فأكلتها ثم ذهبت بها إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها ، فأكل منها آدم {فبدت لهما سوآتهما} فدخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه : أين أنت قال : ها أناذا يا رب ، قال : ألا تخرج قال : أستحي منك يا رب ، قال : اهبط إلى الأرض ، ثم قال : يا حواء غررت عبدي فإنك لا تحملين حملا إلا كرها فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا ، وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي ، أنت ملعونة لعنة تتحول قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب أنت عدو بني آدم وهم أعداؤك أينما لقيت أحد منهم أخذت بعقبيه وحيث ما لقيك أحد منهم شرخ رأسك ، قيل لوهب : وهل كانت الملائكة تأكل قال : يفعل الله ما يشاء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن علقمة قال : اقتلوا الحيات كلها إلى الجان الذي كأنه ميل فإنه جنها ولا يضر أحدكم كافرا قتل أو مسلما.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي عبد الله المغربي قال : تفكر إبراهيم عليه السلام في شأن آدم قال : يا رب خلقته بيدك ونفخت فيه من

روحك وأسجدت له ملائكتك ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس حتى يقولوا : (وعصى آدم ربه فغوى) فأوحى اله إليه : يا إبراهيم أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة
الآية 123 - 126.
أَخرَج الطبراني والخطيب في المتفق والمفترق ، وَابن مردويه عن أبي الطفيل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ : {فمن اتبع هداي}.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة ، وذلك أن الله يقول : {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس قال : أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة ، ثم قرأ : {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا

يشقى} قال : لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في قوله : {معيشة ضنكا} قال : عذاب القبر ، وفي لفظ عبد الرزاق قال : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، وفي لفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : إن المعيشة الضنك : أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا تنهشه في القبر.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : المعيشة الضنك التي قال الله : أنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة.

وأخرج ابن أبي شيبة والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم من وجه آخر عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : عذاب القبر.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحكيم الترمذي وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن في قبره في روضة خضراءويرحب له قبره سبعين ذراعاويضيءحتى يكون كالقمر ليلة البدر ، هل تدرون فيما أنزلت {فإن له معيشة ضنكا} قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : عذاب الكافر في قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ، هل تدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون في جمسه إلى يوم يبعثون.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله إن المؤمن إذا وضع في قبره أجلس فيه فيقال له : من ربك وما دينك ومن نبيك فيثبته الله فيقول : ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيوسع له في

قبره ويروح له فيه ، ثم قرأ عبد الله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول : لا أدري ، قال : فيضيق عليه قبره ويعذب فيه ، ثم قرأ : {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : الشقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : شدة عليه في النار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : {معيشة ضنكا} قال : الضنك الشديد من كل وجه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك ، قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : والخيل قد لحق بنا في مارق * ضنك نواحيه شديد المقدم.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : عذاب القبر.

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن قال : المعيشة الضنك خصم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {معيشة ضنكا} قال : يقول : كل مال أعطيته عبدا من عبادي قل أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {معيشة ضنكا} قال : ضيقة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {معيشة ضنكا} قال : الضنك من المعيشة إذا وسع الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام فيجعله الله عليه ضيقا في نار جهنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله : {معيشة ضنكا} قال : يحول الله رزقه في الحرام فلا يطعمه إلا رانا حتى يموت فيعذبه عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {معيشة

ضنكا} قال : العمل السيء والرزق الخبيث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {معيشة ضنكا} قال : في النار شوك وزقوم وغسلين والضريع وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة.
وأخرج البيهقي عن مجاهد {معيشة ضنكا} ضيقة يضيق عليه قبره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {فإن له معيشة ضنكا} قال : رزقا {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : عن الحجة {قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} قال : في الدنيا {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} قال : تترك في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : {ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : ليس له حجة.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :
{ونحشره يوم القيامة أعمى} قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم ، وفي لفظ قال : لا يبصر إلا النار.
وأخرج هناد عن مجاهد في قوله : {لم حشرتني أعمى} قال : لا حجة له.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أتتك آياتنا فنسيتها} يقول : تركتها أن تعمل بها ، {وكذلك اليوم تنسى} قال : في النار ، والله أعلم.
الآية 127 - 131.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {وكذلك نجزي من أسرف} قال : من أشرك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أفلم يهد لهم} قال : ألم نبين لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أفلم يهد لهم} قال : أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم ، وفي قوله : {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال : هذا من مقاديم الكلام يقول : لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما} قال : لكان أخذا ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم وتفسيرها {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} لكان لزاما ولكنه تقديم وتأخير في الكلام
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الأجل المسمى الكلمة التي سبقت من ربك {لكان لزاما وأجل مسمى} قال : أجل مسمى الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لكان لزاما} قال : موتا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال : هي الصلاة المكتوبة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في

قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} قال : هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال : صلاة العصر {ومن آناء الليل} قال : صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النهار} قال : صلاة الظهر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن جرير عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال : {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال : كان هذا قبل أن تفرض الصلاة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ، ثم قرأ : {وسبح بحمد ربك قبل طلوع

الشمس وقبل غروبها}.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمارة بن رومية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له : حافظ على العصرين ، قلت : وما العصران قال : صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله : {ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار} قال : بعد الصبح وعند غروب الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {لعلك ترضى} قال : الثواب فيما يزيدك الله على ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ {لعلك ترضى} برفع التاء.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن زاهويه والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال : أضاف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضيفا ولم يكن عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما يصلحه فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال رجب ، فقال : لإ إلا برهن ، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي الحديد فلما أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} كأنه يعزيه عن الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : {ولا تمدن عينيك} الآية ، قال : تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن ما أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا ، قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بركات الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {زهرة الحياة الدنيا} قال : زينة

الحياة الدنيا {لنفتنهم فيه} قال : لنبتليهم فيه {ورزق ربك خير وأبقى} قال : مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ورزق ربك خير وأبقى} يقول : رزق الجنة.
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلب العلم تكفل الله برزقه.
وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركا.
الآية 132.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وأمر أهلك بالصلاة} قال : قومك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : {لا نسألك رزقا} قال :

لا نكلفك بالطلب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ {ولا تمدن عينيك} إلى قوله : {نحن نرزقك} ثم يقول : الصلاة ، الصلاة رحمكم الله.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر ، وَابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت {وأمر أهلك بالصلاة} كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول : الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب آية 33).
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة : صلوا ، صلوا ، قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر

فزعوا إلى الصلاة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد عن معمر عن رجل من قريش قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله بعض الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة ثم قرأ {وأمر أهلك بالصلاة} الآية.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا {وأمر أهلك بالصلاة} الآية.
وأخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال : كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما
شاء الله أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم : الصلاة ، الصلاة ، ويتلو هذه الآية : {وأمر أهلك بالصلاة}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال : قال لنا أبي : إذا رأى أحدكم شيئا من زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمر أهله بالصلاة وليصطبر عليها فإن الله قال لنبيه : {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} وقرأ إلى آخر الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في وله {والعاقبة للتقوى} قال : هي الجنة ، والله أعلم.
الآية 133 - 135.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} قال : التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول ، وقرأ هذه الآية {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أصحاب الصراط السوي} قال : العدل.
*

بسم الله الرحمن الرحيم
21- سورة الأنبياء.
مكية وآياتها اثنتا عشرة ومائة.
مقدمة سورة الأنبياء.
أَخرَج النحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة الأنبياء بمكة ، وأخر البخاري ، وَابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة الأنبياء بمكة.
وأخرج البخاري ، وَابن الضريس عن ابن مسعود قال : بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادي.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب وأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء الرجل فقال : إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في العرب أفضل منه وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون

لك ولعقبك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون}.
الآية 1 - 15
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} قال : من أمر الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {اقترب للناس حسابهم} قال : ما يوعدون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ما يأتيهم من ذكر من ربهم} يقول : ما ينزل عليهم شيء من القرآن ، وفي قوله : {لاهية قلوبهم} قال : غافلة ، وفي قوله : {وأسروا النجوى الذين ظلموا} يقول : أسروا الذين ظلموا النجوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وأسروا النجوى} قال : أسروا نجواهم بينهم {هل هذا إلا بشر مثلكم} يعنون محمد صلى الله عليه وسلم {أفتأتون السحر} يقولون : إن متابعة محمد صلى الله عليه وسلم متابعة السحر ، وفي

قوله : {قال ربي يعلم القول} قال : الغيب وفي قوله : {بل قالوا أضغاث أحلام} قال : أباطيل أحلام.
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن عدي عن جندب البجلي أنه قتل ساحرا كان عند الوليد بن عقبة ثم قال : {أفتأتون السحر وأنتم تبصرون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {بل قالوا أضغاث أحلام} أي فعل الأحلام إنما هي رؤيا رآها {بل افتراه بل هو شاعر} كل هذا قد كان منه {فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} كما جاء موسى وعيسى بالبينات والرسل {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها} أي أن الرسل كانوا إذا جاؤوا قومهم بالآيات فلم يؤمنوا لم ينظروا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كان ما تقول حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا ، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن

شئت استأنيت بقومك ، قال : بل أستأني بقومي ، فأنزل الله {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {أفهم يؤمنون} قال : يصدقون بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام} يقول : لم نجعلهم جسدا ليس يأكلون الطعام إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما كانوا خالدين} قال : لا بد لهم من الموت أن يموتوا ، وفي قوله : {ثم صدقناهم الوعد} إلى قوله : {وأهلكنا المسرفين} قال : هم المشركون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم} قال : فيه شرفكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {كتابا فيه ذكركم} قال : فيه حديثكم.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {كتابا فيه ذكركم} قال : فيه دينكم أمسك عليكم دينكم بكتابكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {كتابا فيه ذكركم} يقول : فيه ذكر ما تعنون به وأمر آخرتكم ودنياكم.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن ابن عباس قال : بعث الله نبيا من
حمير يقال له شعيب فوثب إليه عبد بعصا فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم يبق منهم شيء وفيهم أنزل الله {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة} إلى قوله : {خامدين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الكلبي {وكم قصمنا من قرية} قال : هي حصون بني أزد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكم قصمنا من قرية} قال : أهلكناها ، وفي قوله : !

{لا تركضوا} قال : لا تفروا ، وفي قوله : {لعلكم تسألون} قال : تتفهمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : كانوا إذا أحسوا بالعذاب وذهبت عنهم الرسل من بعد ما أنذروهم فكذبوهم فلما فقدوا الرسل وأحسوا بالعذاب أرادوا الرجعة إلى الإيمان وركضوا هاربين من العذاب فقيل لهم : لا تركضوا ، فعرفوا أنه لا محيص لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {إذا هم منها يركضون} قال : يفرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} يقول : ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها {لعلكم تسألون} من دنياكم شيئا استهزاء بهم ، وفي قوله : {فما زالت تلك دعواهم} قال : لما رأوا العذاب وعاينوه لم يكن لهم هجيري إلا قولهم : {إنا كنا ظالمين} حتى دمر الله عليهم وأهلكهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {وارجعوا إلى ما أترفتم فيه} قال : ارجعوا إلى دوركم وأموالكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {فما زالت تلك دعواهم} قال : هم أهل حصون كانوا قتلوا نبيهم فأرسل الله عليهم بختنصر فقتلهم.

وفي قوله : {حتى جعلناهم حصيدا خامدين} قال : بالسيف ضربت الملائكة وجوههم حتى رجعوا إلى مساكنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب قال : حدثني رجل من المحررين قال : كان باليمن قريتان يقال لإحداهما حضور والأخرى فلانة فبطروا وأترفوا حتى كانوا
يغلقون أبوابهم فلما أترفوا بعث الله إليهم نبيا فدعاهم فقتلوه فألقى الله في قلب بختنصر أن يغزوهم فجهز إليهم جيشا فقاتلوهم فهزموا جيشه ثم رجعوا منهزمين إليه فجهز إليهم جيشا آخر أكثف من الأول فهزموهم أيضا فلما رأى بختنصر ذلك غزاهم هو بنفسه فقاتلوه فهزمهم حتى خرجوا منها يركضون فسمعوا مناديا يقول : (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم) فرجعوا فسمعوا مناديا يقول : يا لثارات النَّبِيّ فقتلوا بالسيف فهي التي قال الله : {وكم قصمنا من قرية} إلى قوله : {خامدين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {حتى جعلناهم حصيدا} قال : الحصاد {خامدين} قال : كخمود النار إذا طفئت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن

قوله : {خامدين} قال : ميتين ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : خلوا ثيابهن على عوراتهم * فهم بأفنية البيوت خمود.
الآية 16.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} يقول : ما خلقناهما عبثا ولا باطلا.
الآية 17 - 20.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : اللهو الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} الآية ، يقول : لو أردت أن أتخذ ولدا لأتخذت من الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اللهو بلسان اليمن المرأة.

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : اللهو بلغة أهل اليمن المرأة ، وفي قوله : {إن كنا فاعلين} أي إن ذلك لا يكون ولا ينبغي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : نساء {لاتخذناه من لدنا} قال : من الحور العين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال : لعبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {لاتخذناه من لدنا} قال : من عندنا {إن كنا فاعلين} أي ما كنا فاعلين ، يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا وكل شيء في القرآن {إن} فهو إنكار.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {بل نقذف بالحق} قال : القرآن {على الباطل} قال : اللبس {فإذا هو زاهق} قال : هالك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {ولكم الويل مما

تصفون} قال : هي والله لكل واصف كذب إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ومن عنده} قال : الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : {ولا يستحسرون} يقول : لا يرجعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قول : {ولا يستحسرون} قال : لا يحسرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {ولا يستحسرون} قال : لا يعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ولا يستحسرون} قال : لا ينقطعون من العبادة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه أنه سأل كعبا عن قوله : {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} أما شغلهم رسالة أما شغلهم عمل فقال : جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ألست تأكل وتشرب وتجيء وتذهب وتتكلم وأنت تتنفس فكذلك جعل لهم التسبيح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {يسبحون الليل

والنهار لا يفترون} قال : جعلت أنفاسهم تسبيحا.
وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن ابي كثير قال : خلق الله الملائكة صمدا ليس لهم أجواف.
الآية 21 - 23.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون} قال : يحيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون} قيقول : ينشرون الموتى من الأرض يقول : يحيونهم من قبورهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أم اتخذوا آلهة من الأرض} يعني مما اتخذوا من الحجارة والخشب ، وفي قوله : {لو كان فيهما آلهة إلا الله} قال : لو كان معهما آلهة إلا الله {لفسدتا فسبحان الله رب العرش} يسبح نفسه تبارك وتعالى إذا قيل عليه البهتان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {لا يسأل عما يفعل} قال : بعباده {وهم يسألون} قال : عن أعمالهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} قال : لا يسأل الخالق عما يقضي في خلقه والخلق مسؤولون عن أعمالهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : ما في الأرض قوم أبغض إلي من القدرية وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى ، قال الله : {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في بعض ما أنزل الله في الكتب : إني أنا الله لا إله إلا أنا قدرت الخير والشر فطوبى لمن قدرت على يده الخير ويسرته له وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته له ، إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أسأل عما أفعل وهم يسألون فويل لمن قال وكيف.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ميمون بن

مهران قال : لما بعث الله موى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي ربه : يا رب تخلق خلقا (تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء) (الأعراف آية 155) فقال له : يا عزير أعرض عن هذا ، فأعاد فقيل له : لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوة إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
وأخرج البيهقي عن داود بن أبي هند أن عزيرا سأل ربه عن القدر فقال : سألتني عن علمي عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء.
وأخرج الطبراني من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك
تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فانتهى موسى ، فلما بعث الله عزيرا وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بني إسرائيل حتى قال : من قال : إنه ابن الله قال : اللهم إنك

رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا فقال : أتستطيع أن تصر صرة من الشمس قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور قال : لا ، قال : فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون أما إني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم ، فمحي اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي ، فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى قال : اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك إلى مريم وروح مني خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك ، إني لا أسال عما أفعل وهم

يسألون ، فجمع عيسى من تيعه وقال : القدر سر الله فلا تكلفوه.
الآية 24 - 25.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم} يقول : هاتوا بينتكم على ما تقولون {هذا ذكر من معي}
يقول : هذا القرآن فيه ذكر الحلال والحرام {وذكر من قبلي} يقول : فيه ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم وإلى ما صاروا {بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} عن كتاب الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال : أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد لله لا يقبل منهم حتى يقولوه ويقروا به والشرائع تختلف في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة حلال وحرام فهذا كله في الإخلاص لله وتوحيد الله.
الآية 27 - 30.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : قالت اليهود : إن الله عز وجل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة ، فقال الله تكذيبا لهم {بل عباد مكرمون} أي الملائكة ليس كا قالوا بل هم عباد أكرمهم الله بعبادته !

{لا يسبقونه بالقول} يثني عليهم {ولا يشفعون} قال : لا تشفع الملائكة يوم القيامة {إلا لمن ارتضى} قال : لأهل التوحيد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إلا لمن ارتضى} قال : لمن رضي عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {إلا لمن ارتضى} قال : قول لا إله إلا الله ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {إلا لمن ارتضى} قال : الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث ، عَن جَابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} فقال : إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ليلة أسري بي مررت بجبريل وهو باملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {ومن يقل منهم} يعني من

الملائكة {إني إله من دونه} قال : ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ومن يقل منهم إني إله من دونه} الآية ، قال : إنما كانت هذه خاصة لإبليس.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : فتقت السماء بالغيث وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا} قال : لا يخرج منها شيء {ففتقناهما} قال : فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلا أتاه فسأله عن {السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} قال : اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعال فأخبرني ما قال ، فذهب إلى ابن عباس فسأله قال : نعم كانت السماء

رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات ، فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر : الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علما صدق ابن عباس هكذا كانت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كانتا رتقا} قال : ملتصقتين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن الليل كان قبل أم النهار قال : الليل ، ثم قرأ
{أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : فتق من الأرض ست أرضين معها فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض ومن السماء سبع سموات منها معها فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض

ولم تكن الأرض والسماء مماستين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سموات وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله : {كانتا رتقا ففتقناهما} قال : كانتا جمعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانت السموات والأرضون ملتزقتين فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه

والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من الماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال : نطفة الرجل.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن رضي اله عنه في قوله : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال : خلق كل شيء من الماء وهو حياة كل شيء.
الآية 31 – 33
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وجعلنا فيها فجاجا سبلا} قال : بين الجبال.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فجاجا} أي أعلاما {سبلا} أي طرقا .

أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال :قال رجل :يارسول الله ما هذه السماء قال : هذا موج مكفوف عنكم " ..
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : {وجعلنا السماء سقفا محفوظا} قال : مرفوعا {وهم عن آياتها معرضون} قال : الشمس والقمر والنجوم من آيات السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما يوم الجمعة قال : خلق الله في ساعتين منه الليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كل في فلك} قال : دوران {يسبحون} قال : يجرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كل في فلك} قال : فلكة كفلكة المغزل !

{يسبحون} قال : يدورون في أبواب السماء ما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {كل في فلك} قال : هو فلك السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : الشمس والقمر والنجوم مسخرة في فلك بين السماء والأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك} قال : الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر ، وفي قوله : {يسبحون} قال : يجرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : كل شيء يدور فهو فلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك يسبحون}
النجوم والشمس والقمر ، قال : كفلكة المغزل قال : هو مثل حسبان قال : فلا يدور الغزل إلا بالفلكة ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل

ولا يدور الرحى إلا بالحسبان ولا يدور الحسبان إلا بالرحى كذلك النجوم والشمس والقمر لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن قال : والحسبان والفلك يصيران إلى شيء واحد غير أن الحسبان في الرحى كالفلكة في المغزل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك} قال : الفلك كهيئة حديدة الرحى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {كل في فلك يسبحون} قال : يجرون في فلك السماء كما رأيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : هو الدوران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : المغزل قال كما تدور الفلكة في المغزل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه {كل في فلك يسبحون} قال : وكان عبد الله يقرأ كل في فلك يعملون.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {كل في فلك يسبحون} قال : يجرون.
الآية 34.
أَخْرَج ابن المنذر عن جريج قال : لما نعى جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه قال : يا رب فمن لأمتي فنزلت {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبو بكر رضي الله عنه في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول : بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا فلما خرج مر بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو
يقول : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وحتى يخزي الله المنافقين ، قال : وكانوا قد استبشروا بموت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرفعوا رؤوسهم فقال : أيها الرجل اربع على نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات ، ألم تسمع الله يقول : (إنك ميت وإنهم ميتون) (الزمر آية 30) وقال : {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} قال : ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن كان محمد صلى الله عليه وسلم إلهكم الذي تعبدون فإن

محمدا قد مات وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت ثم تلا (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (آل عمران آية 144) حتى ختم الآية ، ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم وأخذت المنافقين الكآبة ، قال عبد الله بن عمر : فوالذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : دخل أبو بكر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد مات فقبله وقال : وانبياه ، واخليلاه ، واصفياه ، ثم تلا {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} الآية ، وقوله : (إنك ميت وإنهم ميتون).
الآية 35.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس في قوله : {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} قال : نبتليكم بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية والهدى والضلالة ، والله أعلم.
الآية 36

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان : هذا نبي بني عبد مناف ، فغضب أبو سفيان فقال : ما تنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي ، فسمعها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال : ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك ، وقال لأبي سفيان : أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} الآية.
الآية 37 - 38.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما نفخ في آدم الروح ماد في رأسه فعطس فقال : الحمد لله ، فقالت الملائكة : يرحمك الله فذهب لينهض قبل أن تمور في رجليه فوقع فقال الله : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : أول ما نفخ فيه الروح نفخ في رأسه ثم في ركبتيه فذهب ليقوم قال : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {خلق الإنسان من عجل} قال : آدم حين خلق بعد كل شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق

فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه ولم يبغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : نفخ الرب تبارك وتعالى الروح في نافوخ آدم فأبصر ولم يعقل حتى إذا بلغ الروح قلبه ونظر فرأى الجنة ففعرف أنه إن قام دخلها ولم يبلغ الروح أسفله فتحرك فذلك قوله تعالى : {خلق الإنسان من عجل}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {خلق الإنسان من عجل} قال : خلق عجولا ، والله أعلم.
الآية 39 - 41.
أَخرَج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه حجاب يحجبه ولا ترجمان يترجم له فيقول : ألم أوتك مالا فيقول : بلى ، فيقول : ألم أرسل إليك رسولا فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار وينظر بين يديه فلا

يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة.
الآية 42 - 46.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {قل من يكلؤكم} قال : يحرسكم ، وفي قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {قل من يكلؤكم} قال : يحفظكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا يجارون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {ولا هم منا يصحبون} قال : لا يمنعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم} يعني الآلهة {ولا هم منا يصحبون} يقول : لا يصحبون من الله بخير ، وفي قوله : {أفلا يرون أنا

نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : كان الحسن يقول : ظهور النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على من قاتله أرضا أرضا وقوما وقوما وقوله : {أفهم الغالبون} أي ليسوا بغالبين ولكن الرسول هو الغالب ، وفي قوله : {قل إنما أنذركم بالوحي} أي بهذا القرآن {ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون} يقول : إن الكافر أصم عن كتاب الله لا يسمعه ولا ينتفع به ولا يعقله كما يسمعه أهل الإيمان ، وفي قوله : {ولئن مستهم نفحة} يقول : لئن أصابتهم عقوبة.
الآية 47.
أَخرَج أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير في تهذيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا منهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك وإن عقابك إياك فوق ذنوبهم اقتص لهم منك
الفضل ، فجعل الرجل يبكي ويهتف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما تقرأ كتاب الله {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة

من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} فقال الرجل : يا رسول الله ما أجد لي ولهم شيئا خيرا من مفارقتهم ، أشهدك أنهم أحرار.
وأخرج الحكيم الترمذي ي نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : قال رجل : يا رسول الله كيف ترى في رقيقنا نضربهم فقال : توزن ذنوبهم وعقوبتكم إياهم فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم ، قال : أفرأيت سبنا إياهم قال : توزن ذنوبهم وأذاكم إياهم فإن كان أذاكم إياهم أكثر أعطوا منكم ، قال : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم قال : إنك لا تتهم في ولدك ولا تطيب نفسك تشبع ويجوعون وتكسى ويعرون.
وأخرج الحكيم عن زيد بن أسلم قال : قال رجل : يا رسول الله ما تقول في ضرب المماليك قال : إن كان ذلك في كنهه وإلا أقيد منكم يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله ما تقول في سبهم قال : مثل ذلك ، قال : يا رسول الله فإنا نعاقب أولادنا ونسبهم قال : إنهم ليسوا أولادكم لأنكم لا تتهمون على أولادكم.

وأخرج الحكيم عن زياد بن أبي زياد قال : قال رجل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي مالا وإن لي خدما وإني أغضب فأعرم وأشتم وأضرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توزن ذنوبه بعقوبتك فإن كانت سواء فلا لك ولا عليك وإن كانت العقوبة أكثر فإنما هو شيء يؤخذ من حسناتك يوم القيامة ، فقال الرجل : أوه ، أوه ، يؤخذ من حسناتي أشهدك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مماليكي أحرار أنا لا أمسك شيئا يؤخذ من حسناتي له ، قال : فحسبت ماذا ألم تسمع إلى قوله تعالى : {ونضع الموازين القسط} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يجاء بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيتجادلون عنده أشد الجدال.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {ونضع الموازين القسط} الآية ، قال : هو كقوله : (والوزن يومئذ الحق) (الأعراف آية 8).

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد أنه كان يقرأ وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها بمد الألف ، قال : جازينا بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرأ {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها} على معنى جئنا بها لا يمد أتينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {وإن كان مثقال حبة} قال : وزن حبة ، وفي قوله : {وكفى بنا حاسبين} قال : محصين.
الآية 48 - 50.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء} ويقول : خذوا هذه الواو واجعلوها ههنا (والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء} قال : انزعوا هذه الواو واجعلوها في (الذين يحملون العرش من حوله) (غافر آية 7).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح {ولقد آتينا موسى

وهارون الفرقان} قال : التوراة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} قال : الفرقان التوراة حلالها وحرامها مما فرق الله بين الحق والباطل.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} قال : الفرقان الحق آتاه الله موسى وهارون فرق بينهما وبين فرعون فصل بينهم بالحق ، وقرأ (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان) (الأنفال آية 41) قال : يوم بدر.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تبارك وتعالى : وعزتي لأجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فمن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} أي هذا القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : خصلتان فيهما البركة : القرآن والمطر ، وتلا (وأنزلنا من السماء ماء) {وهذا ذكر مبارك} والله أعلم.

الآية 51 - 56.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {ولقد آتينا إبراهيم رشده} قال : هديناه صغيرا ، وفي قوله : {ما هذه التماثيل} قال : الأصنام.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : {ولقد آتينا إبراهيم رشده} يقول : آتيناه هداه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {التي أنتم لها عاكفون} قال : عابدون ، وفي قوله : {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} أي على دين وإنا متبعوهم على ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب أنه مر على قوم
يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها.
وأخرج ابن عساكر ، عَن عَلِي ، قال : لا يسلم على أصحاب النردشير والشطرنج.

الآية 57 - 67.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم مروا عليه فقالوا : يا إبراهيم ألا تخرج معنا قال : إني سقيم وقد كان بالأمس قال : {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} فسمعه ناس منهم فلما خرجوا انطلق إلى أهله فأخذ طعاما ثم انطلق إلى آلهتهم فقربه إليهم فقال : ألا تأكلون فكسرها إلا كبيرهم ثم ربط في يده الذي كسر به آلهتهم فلما رجع القوم من عيدهم دخلوا فإذا هم بآلهتهم قد كسرت وإذا كبيرهم في يده الذي كسر به الأصنام قالوا : من فعل هذا بآلهتنا فقال الذين سمعوا إبراهيم قال : {وتالله لأكيدن أصنامكم} سمعنا فتى يذكرهم ، فجادلهم عند ذاك إبراهيم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال : قول إبراهيم حين استتبعه قومه إلى عيدهم فأبى وقال : إني سقيم فسمع منه وعيده أصنامهم رجل منهم استأخر وهو الذي
قال : {سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} وجعل إبراهيم الفأس التي أهلك بها أصنامهم مسندة إلى صدر كبيرهم الذي ترك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة أن أبا إبراهيم خليل الرحمن كان يعمل هذه الأصنام ثم يشكها في حبل ويحمل إبراهيم على

عنقه ويدفع إليه المشكوك يدرو يبيعها فجاء رجل يشتري فقال له إبراهيم : ما تصنع بهذا حين تشتريه قال : اسجد له ، قال له إبراهيم : أنت شيخ تسجد لهذا الصغير إنما ينبغي للصغير أن يسجد للكبير فعندها {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال : ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال : قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول : إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم ، {لعلهم إليه يرجعون} قال : كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون ، وفي قوله : {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} قال : كرهوا أن يأخذوه بغير بينة ، وفي قوله : {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله : {أنتم الظالمون} قال : وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال : أدركت القوم غيرة سوء فقالوا : {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {جذاذا} قال : حطاما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {جذاذا} قال : فتاتا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {بل فعله كبيرهم هذا} قال : عظيم آلهتهم.
وأخرج أبو داود والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث كلهن في الله : قوله إني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة أختي وقوله : {بل فعله كبيرهم هذا}.
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يأتي الناس إبراهيم فيقولون له : اشفع لنا إلى ربك ، فيقول : إني كذبت ثلاث كذبات ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله قوله : (إني سقيم) (الصافات آية 89) وقوله : {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله لسارة أنها أختي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {فرجعوا إلى أنفسهم} قال : نظر بعضهم إلى بعض.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال : في الرأي.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : {أف} يعني الرديء من الكلام.
الآية 68 - 73.
أَخْرَج ابن جرير عن مجاهد قال : تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر فقال : أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار قلت : لا ، قال : رجل من أعراب فارس يعني الأكراد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما جمع لإبراهيم عليه السلام ما جمع وألقي في النار جعل خازن المطر يقول : متى أومر بالمطر فأرسله فكان أمر الله أسرع قال الله : {كوني بردا وسلاما} فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت.
وأخرج أحمد والطبراني وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله.

وأخرج ابن مردويه عن أم شريك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ وقال : كانت تنفخ على إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف أخبرنا معمر عن قتادة عن بعضهم عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كانت الضفدع تطفئ النار عن إبراهيم وكانت الوزغ تنفخ عليه ونهى عن قتل هذا وأمر بقتل هذا ، وأخرجه ابن المنذر فقال : أخبرنا أبو سعيد الشامي عن أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الضفدع فإنه صوته تسبيح وتقديس وتكبير إن البهائم استأذنت ربها في أن تطفئ النار عن إبراهيم فأذن للضفادع فتراكبت عليه فأبدلها الله بحر النار برد الماء.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم ، وَابن مردويه والخطيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن عمرو قال : أول كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن كعب قال : ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم ألقي في النار فكان فيها إما خمسين وإما أربعين قال : ما كنت أياما وليالي قط أطيب عيشا إذ كنت فيها وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي إبراهيم خليل الرحمن في النار قال الملك خازن المطر : يا رب إن خليلك إبراهيم رجا أن يؤذن له فيرسل المطر فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : الذي قال حرقوه هبون ، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {قلنا يا نار}

قال : كان جبريل هو الذي قالها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو لم يتبع بردها {سلاما} لمات إبراهيم من بردها فلم يبق في الأرض يومئذ نار إلا طفئت ظننت أنها هي تعنى.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن علي في قوله : {قلنا يا نار كوني بردا وسلاما} قال : لولا أنه قال : {وسلاما} لقتله بردها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية قال : لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار نادى الملك الذي يرسل المطر : رب خليلك رجا أن يؤذن له فيرسل المطر فقال الله : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فلم يبق في الأرض يومئذ نار إلا بردت.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد من طريق أبي هلال عن بكر بن عبد الله المزني قال : لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار جاءت عامة

الخليقة فقالت : يا رب خليلك يلقى في النار فائذن لنا نطفئ عنه ، قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن استغاثكم فأغيثوه وإلا فدعوه قال : وجاء ملك القطر قال : يا رب خليلك يلقى في النار فائذن لي أن أطفئ عنه بالقطر ، قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن استعان بك فأعنه وإلا فدعه ، قال : فلما ألقي في النار دعا بدعاء نسيه أبو هلال فقال الله عز وجل : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} قال : فبردت في المشرق والمغرب فما أنضجت يومئذ كراعا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : قال كعب : ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار ولا أحرقت النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيم ، وقال قتادة : لم تأت دابة يومئذ إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : يذكرون أن جبريل كان مع إبراهيم في النار يمسح عنه العرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : لما ألقي إبراهيم في النار قعد فيها

فأرسلوا إلى ملكهم فجاء ينظر متعجبا ، فطارت منه شرارة فوقعت على إبهام رجله فاشتعل كما تشتعل الصوفة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : خرج إبراهيم من النار يعرق لم تحرق النار إلا وثاقه فأخذوا شيخا منهم فجعلوه على نار كذلك فاحترق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن صرد ، وكان قد أدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لما أرادوا أن يلقوه في النار جعلوا يجمعون له الحطب فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها فيقال لها : أين تريدين فتقول : أذهب إلى هذا الذي يذكر آلهتنا ، فلما ذهب به ليطرح في النار (قال : إني ذاهب إلى ربي سيهدين) (الصافات آية 99) فلما طرح في النار قال : حسبي الله ونعم الوكيل ، فقال الله : {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فقال أبو لوط - وكان عمه - إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني ، فأرسل الله عنقا من النار فأحرقته.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن علي بن أبي طالب في قوله : {قلنا يا نار كوني بردا} قال : بردت عليه حتى كانت تؤذيه حتى قيل : {وسلاما} قال : لا تؤذيه.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو لم يقل : {وسلاما} لقتله البرد.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار وجده يرشح جبينه فقال عند ذلك : نعم الرب ربك يا إبراهيم.
وأخرج ابن جرير عن شعيب الجبائي قال : ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين.
وأخرج ابن جرير عن معتمر بن سليمان التيمي عن بعض أصحابه قال : جاء جبريل إلى إبراهيم وهو يوثق ليلقى في النار قال : يا إبراهيم ألك حاجة قال : أما إليك فلا.
وأخرج ابن جرير عن أرقم أن إبراهيم عليه السلام قال : حين جعلوا يوثقونه
ليلقوه في النار : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : {قلنا يا نار كوني بردا وسلاما} قال : السلام لا يؤذيه بردها ولولا أنه قال : {سلاما} لكان البرد أشد عليه من الحر.

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : {وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} قال : ألقوا شيخا في النار منهم لأن يصيبوا نجاته كما نجا إبراهيم فاحترق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} قال : الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} قال : الشام ، وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام قال : بالشام من قبور الأنبياء ألفا قبر وسبعمائة قبر وإن دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال لوط : كان ابن أخي إبراهيم عليهما السلام.

وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : لما هرب إبراهيم من كوثي وخرج من النار ولسانه يومئذ سرياني فلما عبر الفرات من حران غير الله لسانه فقلب عبرانيا حيث عبر الفرات وبعث ثمرود في نحو أثره وقال : لا تدعوا أحدا يتكلم بالسريانية إلا جئتموني به فلقوا إبراهيم يتكلم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته.
وأخرج ابن عساكر عن حسان بن عطية قال : أغار ملك نبط على لوط عليه السلام فسباه وأهله فبلغ ذلك إبراهيم فأقبل في طلبه في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر فالتقى هو وتلك النبط في صحراء معفور فعبى إبراهيم ميمنة وميسرة وقلبا وكان أول من عبى الحرب هكذا فاقتتلوا فهزمهم إبراهيم واستنقذ لوطا وأهله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {ونجيناه} يعني إبراهيم {ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}
قال : هي الأرض المقدسة التي

بارك الله فيها للعالمين لأن كل ماء عذب في الأرض منها يخرج يعني من أصل الصخرة التي في بيت المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {ونجيناه ولوطا} قال : كانا بأرض العراق فانجيا إلى أرض الشام ، وكان يقال : الشام عماد دار الهجرة وما نقص من الأرض زيد في الشام وما نقص من الشام زيد في فلسطين ، وكان يقال : هي أرض المحشر والمنشر وفيها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام وبها يهلك الله شيخ الضلالة الدجال.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله : {إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : إلى حران.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ووهبنا له إسحاق} قال : ولدا {ويعقوب نافلة} قال : ابن ابن.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ووهبنا له إسحاق} قال : أعطاه {ويعقوب نافلة} قال : عطية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي في الآية قال : دعا بالحق فاستجيب له وزيد يعقوب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحكم قال : النافلة ابن الابن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وجعلناهم أئمة يهدون} الآية ، قال : جعلهم الله أئمة يقتدى بهم في أمر الله.
الآية 74 – 77
أخرج ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : كان في قوم لوط عشر خصال

يعرفون بها : لعب الحمام ورمي البندق والمكاء والخذف في الأنداء وتسبيط الشعر وفرقعة العلك وإسبال الإزار وحبس الأقبية وإتيان الرجال والمنادمة على الشراب وستزيد هذه الأمة عليها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ستة من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة : الجلاهق والصفر والبندق والخذف وحل إزار القباء ومضغ العلك.
وأخرج إسحاق بن بشر والخطيب ، وَابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها أمتي بخلة : إتيان الرجال بعضهم بعضا ورميهم بالجلاهق ولعبهم

الحمام وضرب الدفوف وشرب الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفر والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتي بخلة : إتيان النساء بعضهن بعضا.
وأخرج ابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل سنن قوم لوط قد فقدت إلا ثلاثا : جر نعال السيوف وقصف الأظفار وكشف العورة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : {وأدخلناه في رحمتنا} قال : في الإسلام.
الآية 78 - 82
أخرج الحاكم عن وهب قال : داود بن إيشا بن عويد بن عابر من ولد يهوذا بن يعقوب وكان قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب.
وأخرج ابن جرير عن مرة رضي الله عنه في قوله : {إذ يحكمان في الحرث} قال : كان

الحرث نبتا فنفشت فيه ليلا فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث فمروا على سليمان فذكروا ذلك له فقال : لا تدفع الغنم ، فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم فإذا عاد كما كان ردوا عليهم فنزلت {ففهمناها سليمان}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} قال : كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان : أغير هذا يا نبي الله قال : وما ذاك قال : تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم لصاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها ، فذلك قوله : {ففهمناها سليمان}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : الحرث الذي {نفشت فيه غنم القوم} إنما كان كرما نفشت فيه غنم القوم فلم تدع فيه ورقة ولا عنقودا من عنب إلا أكلته فأتوا داود فأعطاهم رقابها فقال سليمان : إن صاحب الكرم قد بقي له أصل كرمه وأصل أرضه بل تؤخذ الغنم فيعطاها أهل الكرم فيكون لهم لبنها وصوفها ونفعها ويعطى أهل الغنم

الكرم فيعمرونه ويصلحونه حتى يعود كالذي كان ليلة نفشت فيه الغنم ثم يعطى أهل الغنم غنمهم وأهل الكرم كرمهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وداود وسليمان} إلى
قوله : {وكنا لحكمهم شاهدين} يقول : كنا لما حكما شاهدين وذلك أن رجلين دخلا على داود : أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الحرث : إن هذا أرسل غنمه في حرثي فلم تبق من حرثي شيئا ، فقال له داود : اذهب فإن الغنم كلها لك ، فقضى بذلك داود ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود فدخل سليمان على داود فقال : يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت ، فقال : كيف قال سليمان : إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام فله من صاحب الغنم أن ينتفع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث فإن الغنم لها نسل كل عام ، فقال داود : قد أصبت القضاء كما قضيت ، ففهمها الله سليمان.
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد في الآية قال : أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث وحكم سليمان بجزة الغنم وألبانها لأهل الحرث وعليهم رعاؤها ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون الحرث كهيئته يوم أكل

ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : النفش بالليل والهمل بالنهار ، ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلا فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الزرع فقال سليمان : ليس كذلك ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها حتى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنم إلى أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه ، قال الله : {ففهمناها سليمان}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال : نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان فلما أخبر بقضاء داود قال : لا ولكن خذوا الغنم ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت تبتلت المرأة وكان لها جاريتان جميلتان وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال فقالت

إحدى الجاريتين للأخرى : قد طال علينا هذا البلاء أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال ، فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض وصرختا : إنها قد
بغت ، وكان من زنى فيهم حده الرجم فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها فقال سليمان : ائتوا بنار فإنه إن كان ماء الرجال تفرق وإن كان ماء البيض اجتمع ، فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم فعطف داود على سليمان فأحبه ، ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب الحرث فخرجوا وخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم فأخبروه فقال : لو وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء ، فقيل لداود عليه السلام : إن سليمان يقول كذا وكذا ، فدعاه فقال : كيف تقضي بينهم فقال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلالها وألبانها ومنافعها ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {نفشت} قال : رعت.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {نفشت} قال : النفش الرعي بالليل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول لبيد : بدلن بعد النفش الوجيفا * وبعد ول الحزن الصريفا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي شيبة وأحمد وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى فيه

رسول الله صلى الله عليه وسلم : على أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناقة البراء بن عازب رضي الله عنه دخلت حائطا لقوم فأفسدت عليهم فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : على أهل الحائط حفظ حائطهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل ثم تلا هذه الآية {وداود وسليمان} الآية ، ثم قال : نفشت ليلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ فأفهمناها سليمان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : كان الحكم بما قضى به سليمان ولم يعب داود في حكمه.
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهون أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وما جرمه يا رسول الله قال : كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرم الله الرزع وما حوله غلوة سهم فاحذروا أن لا يستحب الرجل ما له في الدنيا

ويهلك نفسه في الآخرة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما إمرأتان معهما ابنان لهما جاء الذئب فأخذ أحد الابنين فتحاكما إلى داود فقضى له للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال : هاتوا السكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى : يرحمك الله هو ابنها لا تشقه ، فقضى به للصغرى.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن امرأة حسناء من بني إسرائيل راودها عن نفسها أربعة من رؤسائهم فامتنعت على كل واحد منهم فاتفقوا فيما بينهم عليها فشهدوا عليها عند داود أنها مكنت من نفسها كلبا لها قد عودته ذلك منها فأمر برجمها ، فلما كان عشية ذلك اليوم جلس سليمان واجتمع معه ولدان مثله فانتصب حاكما وتزيا أربعة منهم بزي أولئك وآخر بزي المرأة وشهدوا عليها بأنها مكنت من نفسها كلبها ، فقال سليمان : فرقوا بينهم ، فسأل أولهم : ما كان لون الكلب فقال : أسود ، فعزله واستدعى الآخر فسأله عن لونه فقال : أحمر وقال الآخر أغبش وقال الآخر

أبيض ، فأمر عند ذلك بقتلهم فحكي ذلك لداود فاستدعى من فوره أولئك الأربعة فسألهم متفرقين عن لون ذلك الكلب فاختلفوا فيه فأمر بقتلهم.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي نجيح قال : قال سليمان عليه السلام : أوتينا ما أوتي الناس ولم يؤتوا وعلمنا ما علم الناس ولم يعلموا ، فلم يجد شيئا أفضل من ثلاث كلمات : الحلم في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وخشية الله في السر والعلانية.
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان عليه السلام لابنه : يا بني إياك وغضب الملك الظلوم فإن غضبه كغضب ملك الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خيثمة قال : قال سليمان عليه السلام : جربنا العيش لينه وشديده فوجدناه يكفي منه أدناه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة ، يا بني إن من الحياء صمتا ومنه وقارا يا بني إن

أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا عن ابنك ، يا بني كما يدخل الوتد بين الحجرين وكما تدخل الحية بين الحجرين كذلك تدخل الخطيئة بين البيعين.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : بلغنا أن سليمان قال لابنه : امش وراء الأسد ولا تمش وراء امرأة.
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إن من سوء العيش نقلا من بيت إلى بيت ، وقال لابنه : عليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء.
وأخرج أحمد عن بكر بن عبد الله أن داود عليه السلام قال لابنه سليمان : أي شيء أبرد وأي شيء أحلى وأي شيء أقرب وأي شيء أقل وأي شيء أكثر وأي شيء آنس وأي شيء أوحش قال : أحلى شيء روح الله من عباده وأبرد شيء عفو الله عن عباده وعفو العباد بعضهم عن بعض ، وآنس شيء الروح تكون في الجسد وأوحش شيء الجسد تنزع منه الروح وأقل شيء اليقين وأكثر شيء الشك وأقرب شيء الآخرة من الدنيا وأبعد شيء الدنيا من الآخرة.

وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : لا تقطعن أمرا حتى تؤامر مرشدا فإذا فعلت ذلك فلا تحزن عليه ، وقال : يا بني ما أقبح الخطيئة مع المسكنة وأقبح الضلالة بعد الهدى وأقبح من ذلك رجل كان عابدا فترك عبادة ربه.
وأخرج أحمد عن قتادة قال : قال سليمان عليه السلام : عجبا للتاجر : كيف يخلص يحلف بالنهار وينام بالليل
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إياك والنميمة فإنها كحد السيف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل : أن إياس بن معاوية لما استقضى آتاه الحسن فرآه حزينا فبكى إياس فقال : ما يبكيك فقال : يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار ورجل مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة ، فقال الحسن : إن فيما قص الله من نبأ داود ما يرد ذلك ، ثم قرأ {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} حتى بلغ {وكلا آتينا حكما وعلما} فأثنى على سليمان ولم يذم داود ، ثم قال : أخذ الله على

الحكام ثلاثة : أن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ولا يتبعوا الهوى ولا يخشوا الناس ، ثم تلا هذه الآية (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (ص آية 26) الآية وقال (فلا تخشوا الناس واخشون) (المائدة آية 44) وقال (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) (المائدة آية 44).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} قال : يصلين مع داود إذا صلى {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال : كانت صفائح فأول من مدها وحلقها داود عليه السلام.
وأخرج السدي في قوله : {وعلمناه صنعة لبوس لكم} قال : هي دروع الحديد {لتحصنكم من بأسكم} قال : من رتع السلاح فيكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ لنحصنكم بالنون.

وأخرج الفريابي عن سليمان بن حيان قال : كان داود إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان عمر آدم ألف سنة وكان عمر داود ستين سنة ، فقال آدم : أي رب زده من عمري أربعين سنة ، فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : مات داود عليه السلام يوم الست فجأة فعكفت الطير عليه تظله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان سليمان عليه السلام يوضع له ستمائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الناس فيجلسون مما يليه ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ثم يدعو الطير

فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير مسيرة شهر في الغداة الواحدة.
وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال : بلغنا أن سليمان عليه السلام كان عسكره مائة فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية فأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به فأوحى الله إليه أني أزيد في ملكك أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان سليمان يأمر الريح فتجتمع كالطود العظيم ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ثم يدعو بفرس من ذوات الأجنحة فترتفع حتى تصعد على فراشه ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون السماء فهو يطأطئ رأسه ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله وشكرا لما يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله يضعه الريح حيث يشاء أن يضعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان لسليمان مركب من خشب

وكان فيه ألف ركن في كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ذلك المركب فإذا ارتفع جاءت الريح الرخاء فسارت به وساروا معه فلا يدري القوم إلا قد أظلهم من الجيوش والجنود.
وأخرج ابن عساكر عن السدي في قوله : {ولسليمان الريح عاصفة} قال : الريح الشديدة {تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} قال : أرض الشام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ولسليمان الريح} الآية ، قال : ورث الله لسليمان داود فورثه نبوته وملكه وزاده على ذلك أنه سخر له الرياح والشياطين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قرأ {ولسليمان الريح} يقول : سخرنا له الريح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ومن الشياطين من يغوصون له} قال : يغوصون في الماء.
وأخرج الطبراني والديلمي عن ابن مسعود قال : ذكر عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رقية الحية فقال : اعرضها علي ، فعرضها عليه بسم الله

شجنية قرنية ملحة بحر قفطا ، فقال : هذه مواثيق أخذها سليمان على الهوام ولا أرى بها باسا.
وأخرج الحاكم عن الشعبي قال : أرخ بنو إسحاق من مبعث موسى إلى ملك سليمان.
الآية 83 - 86.
أَخرَج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان أيوب بن أموص نبي الله الصابر طويلا جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق وكان على جبينه مكتوب : المبتلى الصابر وكان قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين كان يعطي الأرامل ويكسوهم جاهدا ناصحا لله.
وأخرج الحاكم عن وهب قال : أيوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : أول نبي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم

صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون ثم إلياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : كان أيوب أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالا
فكان لا يشبع حتى يشبع الجائع وكان لا يكتسي حتى يكسي العاري وكان إبليس قد أعياه أمر أيوب لقوته فلا يقدر عليه وكان عبدا معصوما.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن عساكر عن وهب أنه سئل : ما كانت شريعة قوم أيوب قال : التوحيد وإصلاح ذات البين ، وإذا كانت لأحد منهم حاجة خر لله ساجدا ثم طلب حاجته ، قيل : فما كان ماله قال : كان له ثلاثة آلاف فدان مع كل فدان عبد مع كل عبد وليدة ومع كل وليد أتان وأربعة عشرة ألف شاة ولم يبت ليلة له إلا وضيف وراء بابه ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين.

وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان الثوري قال : ما أصاب إبليس من أيوب في مرضه إلا الأنين.
وأخرج ابن عساكر عن عقبة بن عامر قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، قال الله لأيوب : تدري ما جرمك إلي حتى ابتليتك فقال : لا يا رب ، قال : لأنك دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إنما كان ذنب أيوب أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلمه المسكين فابتلاه الله.
وأخرج ابن عساكر عن الليث بن سعد قال : كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب أنه دخل أهل قريته على ملكهم - وهو جبار من الجبابرة - وذكر بعض ما كان ظلمه الناس فكلموه فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه له مخافة منه لزرعه فقال الله : اتقيت عبدا من عبادي من أجل زرعك فأنزل الله به ما أنزل من البلاء.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال : أجدب الشام فكتب فرعون إلى أيوب : أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة ، فأقبل بخيله وماشيته وبنيه

فأقطعهم فدخل شعيب فقال فرعون : أما تخاف أن يغضب غضبة فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار فسكت أيوب فلما خرجا من عنده أوحى الله إلى أيوب : أوسكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه استعد للبلاء ، قال : فديني قال : أسلمه لك ، قال : لا أبالي.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : لما
ابتلى الله أيوب بذهاب المال والأهل والولد فلم يبق له شيء أحسن الذكر والحمد لله رب العالمين ، ثم قال : أحمدك رب الذي أحسنت إلي ، ، قد أعطيتني المال والولد لم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخلها ذلك فأخذت ذلك كله مني وفزعت قلبي فليس يحول بيني وبينك شيء لا يعلم عدوي إبليس الذي وصفت إلا حسدني فلقي إبليس من ذها شيئا منكرا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان لأيوب أخوان فجاءا يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من

ريحه فقاما من بعيد فقال أحدهما للآخر : لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع من شيء قط مثله قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني ، فصدق من في السماء وهما يسمعان ثم خر ساجدا وقال : اللهم بعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني ، فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه ، وأخرح ابن عساكر عن الحسن قال : ضرب أيوب بالبلاء ثم بالبلاء بعد البلاء بذهاب الأهل والمال ثم ابتلي في بدنه ثم ابتلي حتى قذف في بعض مزابل بني إسرائيل فما يعلم أيوب دعا الله يوما أن يكشف ما به ليس إلا صبرا وإحتسابا حتى مر به رجلان فقال أحدهما لصاحبه : لو كان لله في هذا حاجة ما بلغ به هذا كله ، فسمع أيوب فشق عليه فقال : رب {مسني الضر} ثم رد ذلك إلى ربه فقال : {وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : {وآتيناه أهله} في الدنيا {ومثلهم معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد

في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : قيل له : يا أيوب إن أهلك لك في الجنة فإن شئت آتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم ، قال : لا بل اتركهم لي في الجنة فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن نوف البكالي في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : إني أدخرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا ، فحدث بذلك مطرف فقال : ما عرفت وجهها قبل اليوم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن الضحاك قال : بلغ
ابن مسعود أن مروان قال في هذه الآية : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : أوتي بأهل غير أهله فقال ابن مسعود : بل أوتي بأعيانهم ومثلهم معهم.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : لم يكونوا ماتوا ولكنعم غيبوا عنه فأتاه أهله {ومثلهم معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : {وآتيناه

أهله ومثلهم معهم} قال : أحياهم بأعيانهم وزاد إليهم مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة في قوله : {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال : أحيا الله له أهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ومثلهم معهم} قال : من نسلهم.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال : ما كان بقي من أيوب عليه السلام إلا عيناه وقلبه ولسانه فكانت الدواب تختلف في جسده ومكث في الكناسة سبع سنين وأياما.
وأخرج أحمد عن نوف البكالي قال : مر نفر من بني إسرائيل بأيوب فقالوا : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه ، فسمعها أيوب فعند ذلك قال : {مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} وكان قبل ذلك لا يدعو.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لقد مكث أيوب مطروحا على كناسة سبع سنين وأشهرا ما يسأل الله أن يكشف ما به وما على وجه الأرض خلق أكرم من أيوب فيزعمون أن بعض الناس قال : لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا ، فعند ذلك دعا.
وأخرج ابن جريرعن وهب بن منبه قال : لم يكن بأيوب الأكلة إنما

يخرج منه مثل ثدي النساء ثم يتفقأ.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} قال : إنه لما مسه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضر غير أنه كان يذكر الله كثيرا ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان فلما انتهى الأجل وقضى الله أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ويسره له كان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى : لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له ، فلما دعا
استجاب له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين رد أهله ومثلهم معهم وأثنى عليه فقال : (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب).
وأخرج ابن جرير عن ليث قال : أرسل مجاهد رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول الله لأيوب {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} فقال : قيل له : إن أهلك لك في الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا ، فقال : يكونون في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا ، فرجع إلى مجاهد فقال : أصاب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله : {رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} وقوله : (رحمة منا وذكرى لأولي الألباب) (ص آية 43)

قال : إنما هو من أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فليقل : إنه قد أصاب من هو خير مني نبي من الأنبياء.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بقي أيوب على كناسة لنبي إسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف فيه الدواب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : إن أيوب آتاه الله تعالى مالا وولدا وأوسع عليه فله من الشياه والبقر والغنم والإبل ، وإن عدو الله إبليس قيل له : هل تقدر أن تفتن أيوب قال : رب إن أيوب أصبح في دنيا من مال وولد فلا يستطيع إلا شكرك فسلطني على ماله وولده فسترى كيف يطيعني ويعصيك ، فسلط على ماله وولده فكان يأتي الماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران ثم يأتي أيوب وهو يصلي متشبها براعي الغنم فيقول : يا أيوب تصلي لرب ما ترك الله لك من ماشيتك شيئا من الغنم إلا أحرقها بالنيران ، وكنت ناحية فجئت لأخبرك ، فيقول أيوب : اللهم أنت أعطيت وأنت أخذت مهما يبق شيء أحمدك على حسن بلائك ، فلا يقدر منه على شيء مما يريد ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران ، ثم يأتي أيوب فيقول له ذلك

ويرد عليه أيوب مثل ذلك ، وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له ماشية حتى هدم البيت على ولده فقال : يا أيوب أرسل الله على ولدك من هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا فيقول أيوب مثل ذلك ، وقال : رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله قد كنت قبل اليوم يشغلني حب المال بالنهار ويشغلني حب الولد بالليل
شفقة عليهم فالآن أفرغ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل ، فينصرف عدو الله من عنده ولم يصب منه شيئا مما يريد ، ثم إن الله تعالى قال : كيف رأيت أيوب قال إبليس : إن أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده ولكن سلطني على جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك ، فسلط على جسده فأتاه فنفخ فيه نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه فأصابه البلاء بعد البلاء حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت عليه تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمده وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على ما ابتلاه الله ، فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطاء الأرضين جزعا من صبر أيوب فاجتمعوا إليه وقالوا له : اجتمعنا إليك ما أحزنك ما أعياك قال :

أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزدد بذلك إلا صبرا وثناء على الله تعالى وتحميدا له ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته فقد أفتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه ، فقالوا له : أين مكرك أين علمك الذي أهلكت به من مضى قال : بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي ، قالوا : نشير عليك أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة من أتيته قال : من قبل امرأته ، قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها ، قال : أصبتم ، فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال : أين بعلك يا أمة الله قالت : ها هو ذاك يحك قروه ويتردد الدود في جسده ، فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعم والمال والدواب وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا ، فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال : ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ ، فجاءت تصرخ : يا أيوب يا أيوب ، ، حتى متى يعذبك ربك ألا يرحمك أين المال أين الشباب أين الولد أين الصديق أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد

فيه الدواب ، اذبح هذه السخلة واسترح ، قال : أيوب : أتاك عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقا فأجبته ويلك أرأيت ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من
المال والولد والصحة والشباب من أعطانيه قال [ قالت ] : الله ، ، قال : فكم متعنا قال [ قالت ] : ثمانين سنة ، قال : فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به قالت : سبع سنين وأشهرا ، قال : ويلك ، والله ما عدلت ولا أنصفت ربك ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة حيت أمرتني أن أذبح لغير الله ، طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام أن أذوق شيئا مما تأتي به بعد إذ قلت لي هذا فاغربي عني فلا أراك ، فطردت فذهبت فقال الشيطان : هذا قد وطن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه فباء بالغلبة ورفضه ، ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق ومر به رجلان وهو على تلك الحال ولا والله ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب فقال أحد الرجلين لصاحبه : لو كان لله في هذا حاجة ما بلغ به هذا ، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة فقال : رب {مسني الضر} ثم رد ذلك إلى الله فقال : {وأنت أرحم الراحمين} فقيل له : (اركض برجلك هذا مغتسل بارد) (ص آية 42) فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلا سقط فأذهب الله عنه كل ألم

وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج ، فقام صحيحا وكسي حلة فجعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله له حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جراد من ذهب فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه : يا أيوب ألم أغنك عن هذا قال : بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها ، فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأته قالت : أرأيت إن كان طردي إلى من أكله أدعه يموت جوعا أو يضيع فتأكله السباع لأرجعن إليه ، فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه ، فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال : ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت : أريد ذلك المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة لا أدري أضاع أم ما فعل قال له [ لها ] أيوب : ما كان منك فبكت وقال : بعلي فهل
رأيته فقال : وهل تعرفيته إذا رأيته قالت : وهل يخفى على أحد رآه ثم جعلت تنظر إليه ويعرفها به ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا ، قال : فإني أيوب الذي

أمرتني أن أذبح للشيطان وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله فرد علي ما ترين ، ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء فأمره تخفيفا عنها أن يأخذ جماعة من الشجر فيضربها ضربة واحدة تخفيفا عنها بصبرها معه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن وهب قال : لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام ولكنه أصابه أشد من ذلك كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ.
وأخرج أبو نعيم ، وَابن عساكر عن الحسن قال : إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله.
وأخرج الحلكم والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر عن ابن عباس أن امرأة أيوب قالت له : والله قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمتك وإنك رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك ، فقال : ويحك ، كنا في النعماء سبعين سنة فنحن في البلاء سبع

سنين.
وأخرج ابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن عساكر عن طلحة بن مطرف قال : قال إبليس : ما أصبت من أيوب شيئا قط أفرح به إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني أوجعته.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : أن أول من أصابه الجدري أيوب عليه السلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد ، قال : وما ذاك قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به ، فلما جاء إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك فقال أيوب : لا أدري ما تقول غير أن الله يعلم أني
كنت أمر بالرجلين يتباعدان يذكران الله فأرجع إلى بيتي فأولف بينهما كراهة أن يذكر الله

إلا في حق ، وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) (ص آية 42) فاستبطأته فأتته فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله المبتلى والله على ذاك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا ، قال : فإني أنا هو ، قال : وكان له أندران [ الأندر هو البيدر كما في النهاية ] أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله : {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم} قال : رد الله امرأته وزاد في شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكرا وأهبط الله إليه ملكا فقال : يا أيوب ربك يقرئك السلام بصبرك على البلاء فاخرج إلى أندرك [ الأندر هو البيدر كما في النهاية ] ، فبعث الله سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب والملك قائم يجمعه فكانت الجراد تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره ، قال

الملك : يا أيوب أو ما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج فقال : إن هذه بركة من بركات ربي ولست أشبع منها.
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : بينا ايوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال : بلى وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه فقيل له : يا أيوب أما تشبع قال : ومن يشبع من فضلك ورحمتك.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أيوب عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية وعلى ذلك مات وتغيروا بعد ذلك وغيروا دين إبراهيم كما غيره من كان قبلهم.

وأخرج الحاكم عن وهب قال : عاش أيوب ثلاثا وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه حرمل وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل وكان مقيما بالشام عمره حتى مات ابن خمس وسبعين سنة وأن بشرا أوصى إلى ابنه عبدان ثم بعث الله بعدهم شعيبا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الله الجدلي قال : كان أيوب عليه السلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى سيئة أذاعها.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : يؤتى بثلاثة يوم القيامة : بالغني والمريض والعبد المملوك فيقال للغني : ما منعك من عبادتي فيقول : يا رب أكثرت لي من المال فطغيت ، فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول : أنت كنت أشد شغلا من هذا فيقول : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ، ثم يؤتى بالمريض فيقول : ما منعك من عبادتي فيقول : شغلت على جسدي فيؤتى بأيوب في ضره فيقول : أنت

كنت أشدا ضرا من هذا قال : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ، ثم يؤتى بالمملوك فيقول : ما منعك من عبادتي فيقول : يا رب جعلت علي أربابا يملكونني ، فيؤتى بيوسف في عبوديته فيقول : أنت كنت أشد عبودية أم هذا قال : لا بل هذا قال : فإن هذا لم يمنعه أن عبدني ، والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وذا الكفل} قال : رجل صالح غير نبي تكفل لنبي قومه أن يكفيه أمر قومه ويقيمهم له ويقضي بينهم بالعدل ففعل ذلك فسمي {وذا الكفل}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما كبر اليسع قال : لو أني استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل فجمع
الناس فقال : من يتكفل لي بثلاث : أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب قال : فقام رجل تزدريه العين فقال : أنا ، فقال : أنت تصوم النهار وتقوم الليل ولا تغضب قال : نعم ، قال : فرده من ذلك اليوم وقال مثلها في اليوم الآخر فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال : أنا ، فاستخلفه ، قال : فجعل إبليس يقول للشياطين : عليكم بفلان فأعياهم ذلك فقال : دعوني وإياه ، فأتاه في صورة شيخ كبير فقير فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة - وكان لا ينام من الليل والنهار إلا تلك النومة - فدق الباب فقال : من

هذا قال : شيخ كبير مظلزم ، قال : فقام ففتح الباب فجعل يكثر عليه فقال : إن بيني وبين قومي خصومة وإنهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا ، وجعل يطول عليه حتى حضره وقت الرواح وذهبت القائلة وقال : إذا رحت فائتني آخذ لك بحقك ، فانطلق وراح وكان في مجلسه فجعل ينظر هل يرى الشيخ الكبير المظلوم فلم يره فقام يبغيه فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس فينتظره فلا يراه فلما راح إلى بيته جاء فدق عليه الباب فقال : من هذا قال : الشيخ الكبير المظلوم ففتح له فقال : ألم أقل لك إذا قعدت فائتني قال : إنهم أخبث قوم ، قال : إذا رحت فائتني ففاتته القائلة فراح فجعل ينظر ولا يراه وشق عليه النعاس فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل : ما وراءك قال : إني قد أتيته أمس فذكرت له أمري ، فقال : لا والله لقد أمرنا أن لا يدع أحدا يقربه ، فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت فإذا هو يدق الباب من داخل

فاستيقظ الرجل فقال : يا فلان ألم آمرك قال : من قبلي والله لم تؤت فانظر من أين أتيت ، فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا برجل معه في البيت فعرفه فقال له : عدو الله قال : نعم أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى لأغضبك ، فسماه الله {وذا الكفل} لأنه تكفل بأمر فوفى به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال : من يقوم مقامي على أن لا يغضب فقال رجل : أنا ، فسمي {وذا الكفل} فكان ليله جميعا يصلي ثم يصبح صائما فيقضي بين الناس وله ساعة يقيلها فكان بذلك فأتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه : ما لك قال : إنسان مسكين له على رجل حق قد غلبني عليه ، فقالوا : كما أنت حتى يستيقظ.
قال وهو فوق نائم : فجعل يصيح عمدا حتى يغضبه ، فسمع فقال : ما لك قال : إنسان مسكين لي على رجل حق ، قال : اذهب فقل له يعطيك ، قال : قد أبى ، قال : اذهب أنت إليه ، فذهب ثم جاء من الغد فقال : ما لك قال : ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا ، قال : اذهب أنت إليه ، فذهب ثم جاء من الغد حين قال فقال له أصحابه : اخرج فعل الله بك تجيء كل يوم حين ينام لا تدعه ينام فجعل يصيح : من أجل أني إنسان مسكين لو

كنت غنيا ، فسمع أيضا قال : ما لك قال : ذهبت إليه فضربني ، قال : امش حتى أجيء معك فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نثر يده منه فذهب ففر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : قال نبي من الأنبياء لمن معه : أيكم يكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي قال شاب من القوم : أنا ، ثم أعاد فقال الشاب : أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا فلما مات قام بعده في مقامه فأتاه إبليس بعدما قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل : اذهب معه ، فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاءه فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه فسمي {وذا الكفل} لأنه كفل أن لا يغضب.
وأخرج ابن سعيد النقاش في كتاب القضاة عن ابن عباس قال : كان نبي جمع أمته فقال : أيكم يتكفل لي بالقضاء بين أمتي على أن لا يغضب فقام فتى فقال : أنا يا رسول الله ثم عاد فقال الفتى أنا ثم قال لهم الثالثة أيكم يتكفل لي بالقضاء بين الناس على أن لا يغضب فقال الفتى

أنا فاستخلفه فأتاه الشيطان بعد حين وكان يقضي حتى إذا انتصف النهار ثم رجع ثم راح الناس فأتاه الشيطان نصف النهار وهو نائم فناداه حتى أيقظه فاستعداه فقال : إن كتابك رده ولم يرفع به رأسا ثنتين وثلاثا فأخذ الرجل بيده ثم مشى معه ساعة فلما رأى الشيطان ذلك نزع يده من يده ثم فر فسمي {وذا الكفل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حجيرة الأكبر أنه بلغه أنه كان ملك من ملوك بني إسرائيل عتى في ملكه فلما حضرته الوفاة أتاه رؤوسهم فقالوا : استخلف علينا ملكا نفزع إليه ، فجمع إليه رؤوسهم فقال : من رجل تكفل لي بثلاث وأوليه
ملكي فلم يتكلم إلا فتى من القوم قال أنا ، قال : اجلس ، ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد إلا الفتى قال : تكفل لي بثلاث وأوليك ملكي قال : نعم ، قال : تقوم الليل فلا ترقد وتصوم النهار فلا تفطر وتحكم فلا تغضب ، قال : نعم ، قال : قد وليتك ملكي فلما أن كان مكانه قام الليل وصام النهار وحكم فلا يعجل ولا يغضب يغدو فيجلس لهم فتمثل له الشيطان في صورة رجل فأتاه وقد تحين مقيله فقال : اعدني على رجل ظلمني ، فأرسل معه رسولا فجعل يطوف به وذو الكفل ينظره حتى فاتته رقدته ثم انسل

من وسط الناس فأتاه رسول فأخبره فراح للناس فجلس لهم فقال الشيطان : لعله يرقد الليل ولم يصم النهار فلما أمسى صلى صلاته التي كان يصلي ثم أتاه الغد وقد تحين مقيله فقال : اعدني على صاحبي ، فأرسل معه وانتظره وتبطأ حتى فات ذو الكفل رقدته ثم أتاه الرسول فأخبره فراح ولم ينم فقال الشيطان : الليلة يرقد ، فأمسى يصلي صلاته كما كان يصلي ، ثم أتاه فقال : قد صنعت به ما صنعت لعله يغضب ، قال : اعدني على صاحبي ، فقال : ألم أرسل معك رسولا قال : بلى ، ولكن لم أجده ، فقال له ذو الكفل : انطلق فأنا ذاهب معك ، فانطلق فطاف به ثم قال له : أتدري من أنا قال : لا ، قال : أنا الشيطان كنت تكفلت لصاحبك بأمر فأردت أن تدع بعضه وإن الله قد عصمك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ما كان ذو الكفل بنبي ولكن كان في بني إسرائيل رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة فتوفي فتكل له ذو الكفل من بعده ، فكان يصلي كل يوم مائة صلاة فسمي ذا الكفل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من

طريق سعيد مولى طلحة عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت ، فقال : ما يبكيك أكرهتك ، قالت : لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة ، فقال : تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك ، وقال : والله لا أعصي الله بعدها أبدا ، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : إن الله قد غفر لذي الكفل.
وأخرجه ابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمرو : قال فيه ذو الكفل.
الآية 87 - 88.
أَخْرَج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : {وذا النون إذ ذهب مغاضبا} يقول : غضب على قومه {فظن أن لن نقدر عليه} يقول : أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم وفراره ، قال : وعقوبته أخذ النون إياه.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {وذا النون إذ ذهب مغاضبا} قال : مغاضبا لقومه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس قال : كانت تكون أنبياء جميعا يكون عليهم واحد فكان يوحى إلى ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أرسل فلان إلى بني فلان فقال الله : {إذ ذهب مغاضبا} قال : مغاضبا لذلك النبي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : ظن أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {إذ ذهب مغاضبا} قال : انطلق آبقا {فظن أن لن نقدر عليه} فكان له سلف من عمل صالح فلم يدعه الله فبه أدركه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : ظن أن لن نعاقبه بذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : أن لن نقضي عليه.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه}
يقول : ظن أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه فراقه إياهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن الحارث قال : لما التقم الحوت يونس نبذ به إلى قرار الأرض فسمع تسبيح الأرض فذاك الذي حاجه فناداه.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فظن أن لن نقدر عليه} قال : ظن أن لن نعاقبه {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت {أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} قال الملائكة : صوت معروف في أرض غريبة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والكلبي {فظن أن لن نقدر عليه} قالا : ظن أن لن نقضي عليه العقوبة.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما !

{فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب وعمرو بن ميمون وقتادة مثله.
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الليل وظلمة بطن الحوت وظلمة البحر.
وأخرج ابن جرير عن سالم بن أبي الجعد قال : أوحى الله تعالى إلى الحوت أن : لا تضر له لحما ولا عظما ثم ابتلع الحوت حوت آخر قال : {فنادى في الظلمات} قال : ظلمة الحوت ثم حوت ثم ظلمة البحر.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كل تسبيح في القرآن صلاة إلا قوله : {سبحانك إني كنت من الظالمين}.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معاوية قال له يوما : إني قد ضربتني أمواج القرآن البارحة في آيتين لم أعرف تأويلهما ففزعت إليك ، قال : وما هما قال : قول الله : {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه} وأنه يفوته إن أراده وقول الله :
(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) (يوسف آية 110) كيف هذا يظنون أنه قد كذبهم ما وعدهم فقال ابن عباس : أما يونس فظن أن لن تبلغ خطيئته أن يقدر الله عليه فيها العقاب ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه.
وَأَمَّا الآية الأخرى فإن الرسل استيأسوا من إيمان قومهم وظنوا أن من عصاهم لرضا في العلانية قد كذبهم في السر وذلك لطول البلاء ولم تستيئس الرسل من نصر الله ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم ، فقال معاوية : فرجت عني با ابن عباس فرج الله عنك.
وأخرج ابن أبي حاتم ن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما دعا يونس قومه أوحى الله إليه أن العذاب يصبحهم فقال لهم فقالوا : ما كذب يونس وليصبحنا العذاب فتعالوا حتى نخرج سخال كل شيء فنجعلها من أولادنا لعل الله أن يرحمهم ، فأخرجوا النساء مع الولدان وأخرجوا الإبل مع فصلانها وأخرجوا البقر مع عجاجيلها وأخرجوا الغنم مع سخالها فجعلوه أمامهم وأقبل العذاب ، فلما رأوه جأروا إلى الله ودعوا وبكى النساء والولدان ورغت الإبل

وفصلانها وخارت البقر وعجاجيلها وثغت الغنم وسخالها فرحمهم الله فصرف ذلك العذاب عنهم وغضب يونس فقال : كذبت فهو قوله : {إذ ذهب مغاضبا} فمضى إلى البحر وقوم رست سفينتهم فقال : احملوني معكم فحملوه فأخرج الجعل فأبوا أن يقبلوه منه فقال : إذا أخرج عنكم ، فقبلوه فلما لجت السفينة في البحر أخذهم البحر والأمواج فقال لهم يونس : اطرحوني تنجوا ، قالوا : بل نمسكك ننجو ، قال : فساهموني - يعني قارعوني - فساهموه ثلاثا فوقعت عليه القرعة فأوحى إلى سمكة يقال لها النجم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس فليس يونس لك رزقا ولكن بطنك له سجن فلا تخدشي له جلدا ولا تكسري له عظما فجاءت حتى استقبلت السفينة فقارعوه الثالثة فوقعت عليه فاقتحم الماء فالتقمته السمكة فشقت به البحار حتى انتهت به إلى البحر الأخضر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما التقم الحوت يونس ذهب به حتى أوقفه بالأرض السابعة فسمع تسبيح الأرض
فهيجه على التسبيح فقال : {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فأخرجته حتى ألقته على الأرض بلا شعر ولا ظفر مثل الصبي

المنفوس فأنبتت عليه شجرة تظله ويأكل من تحتها من حشرات الأرض فبينا هو نائم تحتها إذ تساقط ورقها قد يبست ، فشكا ذلك إلى ربه فقال : تحزن على شجرة يبست ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون يعذبون.
وَأخرَج ابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا في الفرج ، وَابن مردويه عن أنس رفعه : أن يونس حين بدا له أن يدعو الله بالكلمات حين ناداه في بطن الحوت قال : اللهم {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فأقبلت الدعوة تحف بالعرش فقالت الملائكة : هذا صوت ضعيف معروف في بلاد غريبة فقال : أما تعرفون ذلك قال : يا رب وما هو قال : ذاك عبدي يونس ، قالوا : عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة قال : نعم ، قالوا : يا رب أفلا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء قال : بلى ، فأمر الحوت فطرحه بالعراء فأنبت الله عليه اليقطينة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن علي رضي الله عنه مرفوعا : ليس لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى

سبح الله في الظلمات.
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والحكيم في نوادر الأصول والحاكم وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
وأخرج ابن جرير عن سعد رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اسم الله الذي دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى ، قلت : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين قال : هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله : {وكذلك ننجي المؤمنين} فهو شرط من الله لمن دعاه.
وأخرج ابن مردويه والدبلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : هذه الآية مفزع للأنبياء {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} نادى بها يونس في ظلمة بطن الحوت.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.
وأخرج الحاكم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : هل أدلكم على اسم الله الأعظم دعاء يونس {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فأيما مسلم دعا ربه به في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد ، وإن برأ برأ مغفورا له.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر على ثنية فقال : ما هذه قالوا : ثنية كذا وكذا ، قال : كأني أنظر إلى يونس على ناقة خطامها ليف وعليه جبة من صوف وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ،.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن

يقول أنا خير من يونس بن متى - نسبة إلى أبيه - أصاب ذنبا ثم اجتباه ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقولن أحدكم أنا خير من يونس بن متى.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ، والله أعلم.
الآية 89 – 90
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كان في لسان امرأة زكريا طول فأصلحه الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق ، وَابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كان في خلقها سوء وفي لسانها طول - وهو البذاء - فأصلح الله ذلك منها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن محمد بن كعب

القرظي في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كان في خلقها شيء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كانت لا تلد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كانت لا تلد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : وهبنا له ولدا منها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {وأصلحنا له زوجه} قال : كانت عاقرا فجعلها الله ولودا ووهب له منها يحيى ، وفي قوله : {وكانوا لنا خاشعين} قال : أذلاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : {رغبا} طمعا وخوفا وليس ينبغي لأحدهما أن

يفارق الآخر.
وأخرج ابن المبارك عن الحسن في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} قال : الخوف الدائم في القلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في قوله : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : ما دام خوفهم ربهم فلم يفارق خوفه قلوبهم إن نزلت بهم رغبة خافوا أن يكون ذلك استدراجا من الله لهم وإن نزلت بهم رهبة خافوا أن يكون الله عز وجل قد أمر بأخذهم لبعض ما سلف منهم.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول
الله عز وجل : {ويدعوننا رغبا ورهبا} قال : {ورهبا} هكذا وبسط كفيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن حكيم قال : خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو له أهل وأن تخلطوا الرغبة

بالرهبة فإن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال : {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وكانوا لنا خاشعين} قال : متواضعين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك {وكانوا لنا خاشعين} قال : الذلة لله.
الآية 91.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كتب قيصر إلى معاوية : سلام عليك أما بعد ، فأنبئني بأكرم عباد الله عليه وأكرم إمائه عليه ، فكتب إليه : أما بعد ، كتبت إلي تسألني فقلت : أما أكرم عباده عليه فآدم خلقه بيده وعلمه الأسماء كلها.
وَأَمَّا أكرم إمائه عليه فمريم بنت عمران {التي أحصنت فرجها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فنفخنا فيها من روحنا} قال : نفخ في جيبها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : نفخ في فرجها.
الآية 92 - 95

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {إن هذه أمتكم أمة واحدة} قال : إن هذا دينكم دينا واحدا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {إن هذه أمتكم أمة واحدة} أي دينكم دين واحد وربكم واحد والشريعة مختلفة.
وأخرج عبد بن حميدعن الكلبي {إن هذه أمتكم أمة واحدة} قال : لسانكم لسان واحد.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {وتقطعوا أمرهم بينهم} قال : {وتقطعوا} اختلفوا في الدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ وحرام على قرية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن الزبير قال : إن صبيانا ههنا يقرؤون وحرم على قرية وإنما هي {وحرام على قرية}.

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه كان يقرأ {وحرام على قرية} بالألف.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : {وحرام على قرية أهلكناها} قال : وجب إهلاكها ، قال : دمرناها {أنهم لا يرجعون} قال : إلى الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وحرم على قرية قال : وجب على قرية {أهلكناها أنهم لا يرجعون} كما قال : (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) (يس آية 31).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف وحرم على قرية فقيل لسعيد : أي شيء حرم قال : يحرم.

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وحرم قال : وجب {على قرية أهلكناها} قال : كتبنا عليها الهلاك في دينها {أنهم لا يرجعون} عما هم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وحرم قال : وجب بالحبشية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وحرام على قرية} أي وجب عليها أنها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها.
الآية 96 - 97.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {حتى إذا فتحت} خفيفة {يأجوج ومأجوج} مهموزة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله : {وهم من كل حدب ينسلون} قال : جميع الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب.

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {من كل حدب ينسلون} قال : من كل أكمة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {من كل حدب} قال : شرف {ينسلون} قال : يقبلون.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله : {من كل حدب ينسلون} قال : ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : فأما يومهم فيوم سوء * تخطفهن بالحدب الصقور.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال : هذا مبتدأ يوم القيامة.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ من كل جدث بالجيم

والثاء مثل قوله : {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} (يس آية 51) وهي القبور.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول :
يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله : {من كل حدب ينسلون} فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى يتركوه يبسا حتى أن بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان ههنا مرة ماء ، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم وبقي أهل السماء ، قال : يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون : ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما

فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي معشر المسلمين أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم ، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر عنه أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال : لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى موسى فقال : لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى عيسى فقال : أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص فيهلكه الله إذا رآني حتى أن الحجر والشجر يقول : يا مسلم إن تحتي كافرا فتعال فاقتله ، فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى

بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري الأرض من نتن ريحهم وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر ، وفيما عهد إلي ربي إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلا أو نهارا ، قال ابن مسعود : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله : {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق} الآية ، قال :
جميع الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة عن حذيفة قال : خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال : إنكم تقولون لا عدو لكم وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون صهب الشفار من

كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلى عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال : غير الدجال أخوفني عليكم فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل إمرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم ، إنه شاب جعد قطط عينه

طافئة وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا : قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال : أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر الأيام كأيامكم ، قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة قال : لا ، أقدروا له قدره ، قلنا : يا رسول الله ما أسرعه في الأرض قال : كالغيث يشتد به الريح فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعا ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله فتتبعه

أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه ، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم : أني قد أخرجت عبادا
من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ، فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله : {وهم من كل حدب ينسلون} فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض

حتى تتركها زلفة ويقال للأرض : أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب فلوها حتى تقوم الساعة.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول

الآيات : الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا والدخان والدابة ويأجوج ومأجوج ، قال حذيفة : قلت : يا رسول الله ما يأجوج ومأجوج قال : يأجوج ومأجوج أمم كل أمة أربعمائة ألف أمة ، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتون بيت المقدس فيقولون : قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم فيقولون : قد قتلنا من في السماء ، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى : أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف ، تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق حتى تنتن الأرض من جيفهم ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون

في الأرض فيفسدون فيها ، ثم قرأ ابن مسعود {وهم من كل حدب ينسلون} قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم.
وأخرج ابن جرير من طريق عطية قال : قال أبو سعيد : يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها فيمر المار فيقول : كأنه كان ههنا ماء فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فيقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه فيجدهم قد هلكوا ، فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن جرير عن كعب قال : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا : نجي غدا نخرج ، فيعيده الله كما كان فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا : نجي فنخرج فيجيئون من الغد

فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون : كان ههنا مرة ماء ، ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول : اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم فاكفناهم بما شئت ، فيرسل الله عليهم دودا يقال له : النغف فتقرس رقابهم ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ويبعث الله تعالى عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع منها السكن قيل : وما السكن يا كعب قال : أهل البيت ، قال : فبينا الناس كذلك إذ أتاهم الصراخ أن ذا السويقتين أتى البيت يريده ، فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق
يبعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون كما

تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر ، قال : فتحت يأجوج ومأجوج ، وهم كما قال الله : {من كل حدب ينسلون} فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله حتى ما يبقى منه قطرة ويأتي آخرهم فيمر فيقول : قد كان ههنا مرة ماء فيفسدون في الأرض ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا فيقولن : لم يبق في الأرض أحد إلا قد ذبحناه ، هلموا نرمي من في السماء ، فيرمون في السماء فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم فيقولون : ما بقي في الأرض ولا في السماء أحد إلا وقد قتلناه ، فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله عليهم ، فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة حتى تنتن الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله فإنا نخشى أن نموت من نتن جيفهم ، فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم سيلا فيقذفهم في البحر.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى ، وَابن المنذر عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واقترب الوعد الحق} قال : اقترب يوم القيامة.
وأخرج عن الربيع {واقترب الوعد الحق} قال : قامت عليهم الساعة.
الآية 98 - 104
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه وأبو داود في ناسخه والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال المشركون : فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله ، فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} عيسى وعزير والملائكة.

وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال ابن الزبعرى : قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا فنزلت (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) وقالوا أالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (الزخرف آية 57) ثم نزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} شق ذلك على أهل مكة ، وقالوا : شتم الآلهة ، فقال ابن الزبعرى : أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي ، فقال : يا محمد هذا شيء لآلهتنا خاصة أم لكل عبد من دون الله قال : بل لكل من عبد من دون الله ، فقال ابن الزبعرى : خصمت ، ورب هذه البنية يعني الكعبة ألست تزعم يا محمد أن عيسى عبد صالح وأن عزيرا عبد صالح وأن الملائكة صالحون
قال : بلى ، قال : فهذه النصارى تعبد عيسى ، وهذه اليهود ، تعبد عزيرا وهذه بنو مليح تعبد الملائكة فضج

أهل مكة وفرحوا فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} عزير وعيسى والملائكة {أولئك عنها مبعدون} ونزلت (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) (الزخرف آية 57) قال : هو الصحيح.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} ثم نسختها {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني عيسى ومن كان معه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {إنكم وما تعبدون من دون الله} يعني الآلهة ومن يعبدها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حصب جهنم} قال : وقودها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {حصب جهنم} قال : شجر جهنم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {حصب

جهنم} قال : حطب جهنم بالزنجية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : {حصب جهنم} قال : حطب جهنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {حصب جهنم} قال : يقذفون فيها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {حصب جهنم} قال : حطبها ، قال بعض القراء حطب جهنم من قراءة عائشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {حصب جهنم} يقول : إن جهنم تحصب بهم وهو الرمي : يقول : يرمي بهم فيها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : حضب جهنم بالضاد.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار والطبراني البيهقي في البعث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من حديد النار فيها مسامير من حديد نار ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد ثم قذفوا في أسف الجحيم فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره ، ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه {لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال : عيسى والملائكة وعزير.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {أولئك عنها مبعدون} قال : عيسى وعزير والملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أصبغ عن علي في قوله : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} الآية ، قال : كل شيء يعبد من دون الله في النار إلا الشمس والقمر وعيسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال : أولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق فلا تصيبهم و{يسمعون حسيسها} ويبقى الكفار فيها حبيسا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي ، وَابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن عليا قرأ {إن الذين سبقت لهم منا

الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقال : أنا منهم وعمر منهم وعثمان منهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي في قوله : {لا يسمعون حسيسها} قال : حيات على الصراط تلسعهم فإذا لسعتهم قالوا : حس ، حس.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {لا يسمعون حسيسها} قال : حيات على الصراط تقول : حس حس.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال : السعادة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن محمد بن حاطب قال :
سئل علي عن هذه الآية {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى}

قال : هو عثمان وأصحابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يسمعون حسيسها} يقول : لا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان {لا يسمعون حسيسها} قال : صوتها.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال في سورة الأنبياء {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} إلى قوله : {وهم فيها لا يسمعون} ثم استثنى فقال : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقد عبدت الملائكة من دون الله وعزير وعيسى.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : يقول ناس من الناس : إن الله قال : {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني من الناس أجمعين وليس كذلك إنما يعني من يعبد الله تعالى وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه

وعزير والملائكة ، واستثنى الله تعالى هؤلاء من الآلهة المعبودة التي هي مع من يعبدها في النار.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : أذا أطبقت جهنم على أهلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} يعني النفخة الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : النار إذا أطبقت على أهلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : إذا أطبقت النار عليهم يعني على الكفار.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : إنصراف العبد حين يؤمر به إلى النار.
وأخرج ابن جرير في قوله : {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال : حين تطبق جهنم ، وقال : حين ذبح الموت.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : بشر المدلجين في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول : المتحابون في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور يفزع الناس ولا يفزعون.

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة : رجل أم قوما وهم به راضون ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة وعبد أدى حق الله وحق مواليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {وتتلقاهم الملائكة} قال : تتلقاهم الملائكة الذين كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة فيقولون : نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} قال : هذا قبل أن يدخلوا الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي في قوله : {كطي السجل} قال : ملك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية قال : السجل اسم ملك.

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله : {يوم نطوي السماء كطي السجل} قال : السجل ملك فإذا صد بالاستغفار قال : اكتبوها نورا.
وأخرج ابن ابي حاتم ، وَابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال : السجل ملك وكان هاروت وماروت من أعوانه وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت فلما قال تعالى : (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) (البقرة آية 30) قال : ذلك استطالة على الملائكة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات دفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : السجل الصحيفة.

وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن منده في المعرفة ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" وصححه عن ابن عباس قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن عدي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لرسول الله صلى عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله : {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب}.

وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : السجل هو الرجل زاد ابن مردويه بلغة الحبشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {كطي السجل للكتب} قال : كطي الصحيفة على الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {كما بدأنا أول خلق نعيده} يقول : نهلك كل شيء كما كان أول مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {كما بدأنا أول خلق نعيده} قال : عراة حفاة غرلا.

وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى عليه وسلم وعندي عجوز من بني عامر فقال : من هذه العجوز يا عائشة فقلت : إحدى خالاتي ، فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال : إن الجنة لا يدخلها العجوز ، فأخذ العجوز ما أخذها فقال : إن الله تعالى ينشهنه خلقا غير خلقهن ثم قال : تحشرون حفاة عراة غلفا ، فقالت : حاشا لله من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلى ، إن الله تعالى قال : {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} فأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يبعثهم الله يوم القيامة على قامة آدم وجسمه ولسانه السريانية عراة حفاة غرلا كما ولدوا.
الآية 105 - 108
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} القرآن {إن الأرض} قال : أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} قال : يعني بالذكر كتبنا في القرآن من بعد التوراة و{الأرض} أرض الجنة.

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} يعني بالذكر التوراة ويعني بالزبور الكتب من بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولقد كتبنا في الزبور} قال : الكتب ، {من بعد الذكر} قال : التوراة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : الزبور التوراة والإنجيل والقرآن والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء والأرض أرض الجنة.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن سعيد بن جبير في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور} قال : الزبور التوراة والإنجيل والقرآن {من بعد الذكر} قال : الذكر الذي في السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : الزبور الكتب والذكر أم الكتاب عند الله والأرض الجنة.

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الزبور الكتب التي أنزلت على الأنبياء والذكر أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور} الآية ، قال : أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض أن يورث أمة محمد الأرض ويدخلهم الجنة وهم {الصالحون} وفي قوله : {لبلاغا لقوم عابدين} قال : عالمين.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : أرض الجنة يرثها الذين يصلون الصلوات الخمس في الجماعات.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم والحاكم عن الشعبي في قوله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} قال : في زبور داود {من بعد} ذكر موسى التوراة {أن الأرض يرثها} قال : الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : كتب الله في زبور داود بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : {أن الأرض يرثها} قال : الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : الجنة وقرأ (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء) (الزمر آية 74) قال : فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب درجا علوا ، والنار مبتدؤها في الأرض وبينهما حجاب سور ما يدري أحد ما ذاك السور ، وقرأ (باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) (الحديد آية 13) قال : ودرجها تذهب سفالا في الأرض ودرج الجنة تذهب علوا في السماء.
وأخرج ابن جرير عن صفوان قال : سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان هل

لأنفس المؤمنين مجتمع فقال : يقول الله : {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال : هي الأرض التي تجمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} فنحن الصالحون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إن في هذا لبلاغا} قال : كل ذلك يقال : إن في هذه السورة وفي هذا القرآن لبلاغا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : إن في هذا لمنفعة وعلما {لقوم عابدين} ذلك البلاغ.
وأخرج ابن جرير عن كعب الأحبار {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن كعب في قوله : {إن في هذا لبلاغا لقوم

عابدين} قال : صوم شهر رمضان والصلوات الخمس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : في الصلوات الخمس شغلا للعبادة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {لبلاغا لقوم عابدين} قال : هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن كعب {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال : الذين يحافظون على الصلوات الخمس في الجماعة.

وأخرج عن قتادة رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال : عاملين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} قال : من آمن تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من المسخ والخسف والقذف.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ادع على المشركين ، قال : إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين.
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن سلمان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي أو لعنته لعنة فإنما أنا رجل من ولد آدم أغضب كما تغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين وأجعلها عليه صلاة

يوم القيامة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنا رحمة مهداة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ألا تلعن قريشا بما أتوا إليك فقال : لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة يقول الله : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
الآية 109 - 110.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {على سواء} قال : على مهل.
الآية 111 - 112.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن عساكر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} يقول : هذا الملك.

وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل عن الشعبي قال : لما سلم الحسن بن علي - رضي الله عنه - الأمر إلى معاوية قال له معاوية : قم فتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هذا الأمر تركته لمعاوية ، إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} ثم استغفر ونزل.
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : خطب الحسن رضي الله عنه فقال : أما بعد :
أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول وإن الله تعالى قال لنبيه : {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} إلى قوله : {ومتاع إلى حين} الدهر كله ، وقوله : (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) (الإنسان آية 1) الدهر : الدهر كله ، وقوله : (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) (إبراهيم آية 25) قال : هي النخلة من حين تثمر إلى أن تصرم ، وقوله : (ليسجننه حتى حين) (يوسف آية 35).

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإن أدري لعله فتنة لكم} يقول : ما أخبركم به من العذاب والساعة أن يؤخر عنكم لمدتكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {قال رب احكم بالحق} قال : لا يحكم الله إلا بالحق ولكن إنما يستعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه على قومه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا شهد قتالا قال : {رب احكم بالحق}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت الأنبياء تقول : (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) (الأعراف آية 89) فأمر الله نبيه أن يقول : {رب احكم بالحق} أي اقض بالحق ، وكان رسول الله - صلى عليه وسلم - يعلم أنه على الحق وأن عدوه على الباطل وكان إذا لقي العدو قال : {رب احكم بالحق} والله أعلم ، | 6
*

بسم الله الرحمن الرحيم * (22)- سورة الحج.
مدينة وآياتها ثمان وسبعون.
مقدمة سورة الحج.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت سورة الحج بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الحج.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن الحج غير أربع آيات مكيات {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الحج من الآية 52 - 55 إلى {عذاب يوم عقيم} الحج من الآية 52 - 55.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين قال : نعم ، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما.
وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي عن خالد بن معدان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين).
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والإسماعيلي ، وَابن مردوية والبيهقي عن عمر أنه : كان يسجد سجدتين في الحج ، قال : أن هذه

السورة فضلت على سائر السور بسجدتين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي وأبي الدرداء : انهما سجدا في الحج سجدتين.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : في سورة الحج سجدتان.
وأخرج ابن شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس قال : في الحج سجدة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : ليس في الحج إلا سجدة واحدة وهي الأولى والله أعلم.
- ياأيها الناس إتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.

أخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه من طرق عن الحسن وغيره عن عمران بن حصين قال : لما نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله : {ولكن عذاب الله شديد} أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال : أتدرون أي يوم ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال : ذلك يوم يقول الله لآدم : ابعث بعث النار ، قال : يا رب وما بعث النار قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة) فانشأ المسلمون يبكون ، فقال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية فتؤخذ العدة من الجاهلية فان تمت والا أكملت من المنافقين وما مثلكم : إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير ثم قال : اني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ثم قال : اني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال : اني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا قال : فلا أدري قال الثلثين أم لا.

وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عمران بن حصين قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فتفاوت بين اصحابه في السير فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته بهاتين الآيتين {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم}
إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} فلما سمع ذلك اصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله فقال : هل تدرون أي يوم ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك يوم ينادي الله تعالى فيه آدم عليه السلام فيقول : يا آدم ابعث بعث النار فيقول أي رب وما بعث النار فيقول من كل ألف تسعمائه وتسعة وتسعون إلى النار وواحد في الجنة فتعبس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بأصحابه قال : اعملوا وابشروا فو الذي نفس محمد بيده أنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا أكثرتاه يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم ومن بني إبليس فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال اعملوا وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو

كالرقمة في ذراع الدابة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل عن غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة قرأ {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} فذكر نحوه إلا أنه زاد فيه : لم يكن رسولان إلا أن كان بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار وإنكم بين ظهراني خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثرتاه وهم يأجوج ومأجوج وهم أهل النار وتكمل العدة من المنافقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس قال : نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله (ولكن عذاب الله شديد) على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال : أتدرون أي يوم هذا هذا يوم يقول الله لآدم : يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فكبر ذلك على المسلمين فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في النار إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في

ذراع الدابة وإن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا أكثرتاه : يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الإنس والجن.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية – وأصحابه
عنده - {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} فقال : هل تدرون أي يوم ذاك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذاك يوم يقول الله يا آدم قم فابعث بعث النار ، فيقول : يارب من كم فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة ، فشق ذلك على القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ثم قال : اعملوا وأبشروا فإنكم بين خليقتين لم تكونا مع أحد إلا أكثرتاه : يأجوج ومأجوج وانما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة وإنما أمتي جزء من ألف جزء.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة في غزوة بني المصطلق إذ أنزل الله {يا أيها الناس

اتقوا ربكم} إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} فلما أنزلت عليه وقف على ناقته ثم رفع بها صوته فتلاها على أصحابه ثم قال لهم : أتدرون أي يوم ذاك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذاك يوم يقول الله لآدم : يا آدم ابعث بعث النار من ولدك ، فيقول : يارب من كل كم فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة ، فبكى المسلمون بكاء شديدا ودخل عليهم أمر شديد ، فقال : والذي نفس محمد بيده ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الشاة السوداء واني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة بل أرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له ، فذكر نحوه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول الله يوم القيامة : يا آدم ابعث بعث النار ، فيقول : يا رب وما بعث النار فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون

فعند ذلك يشيب الوليد {وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} قال : فشق ذلك على الناس فقالوا : يا رسول الله من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ويبقى الواحد فأينا ذلك الواحد فقال : من يأجوج ومأجوج ألف ومنكم
واحد ، وهل أنتم في الأمم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علقمة في قوله {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} قال : الزلزلة قبل الساعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ {يا أيها الناس اتقوا ربكم} إلى قوله {ولكن عذاب الله شديد} قال : هذا في الدنيا من آيات الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير في الآية ، قال : هذه الأشياء تكون في الدنيا قبل يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : زلزلتها شرطها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إن زلزلة الساعة شيء

عظيم} قال : هذا بدء يوم القيامة ، وفي قوله {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال : تترك ولدها للكرب الذي نزل بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {يوم ترونها تذهل} قال : تغفل.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال : ذهلت عن أولادها لغير فطام {وتضع كل ذات حمل حملها} قال : ألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام {وترى الناس سكارى} قال : من الخوف {وما هم بسكارى} قال : من الشراب.
وأخرج الطبراني والحاكم ، وَابن مردويه وأبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني في كتاب الحروب عن عمران بن حصين أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج ابن مردويه وأبو الحسن الحلواني والحافظ

عبد الغني بن سعيد في إيضاح الاشكال عن أبي سعيد قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى} قال الاعمش : وهي قراءتنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن حذيفة أنه كان يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ {وترى الناس} يعني تحسب الناس ، قال : لو كانت منصوبة كانوا سكارى ولكنها {ترى} تحسب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {وترى الناس سكارى} قال : ذلك عند الساعة يسكر الكبير ويشيب الصغير وتضع الحوامل ما في بطونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وما هم بسكارى} قال : من الشراب ، والله أعلم بالصواب.
- قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد * كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {ومن الناس من يجادل في الله

بغير علم} قال : نزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جرير مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ويتبع كل شيطان مريد} قال : تمرد على معاصي الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كتب عليه} قال : كتب على الشيطان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {كتب عليه} قال : على الشيطان {أنه من تولاه} قال : اتبعه.
- قوله تعالى : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفه ثم من علقه ثم من مضغه مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا
ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.
أَخْرَج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فينفح فينفح الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فوالذي لا إله إلا

غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوم على حالها لا تتغير فإذا مضت الأربعون صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما كذلك فإذا أراد أن يسوي خلقه بعث إليه ملكا فيقول : يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد أقصير أم طويل أناقص أم زائد قوته أجله أصحيح أم سقيم فيكتب ذلك كله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك من الأرحام بكفه فقال : يا رب مخلقة أم غير مخلقة فان قيل غير مخلقة لم تكن نسمة وقذفتها الرحم دما وإن قيل مخلقة قال : يارب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد ما الأجل وما الأثر وما الرزق وبأي أرض تموت فيقال

للنطفة : من ربك فتقول : الله ، فيقال : من رازقك فتقول : الله ، فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة ، قال : فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها وتطأ في أثرها حتى إذا جاء أجلها ماتت فدفنت في ذلك المكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال : يا رب مخلقة أو غير مخلقه فان قال غير مخلقة مجها الرحم دما وإن قال مخلقة قال : يا رب فما صفة هذه النطفة ، أذكر أم أنثى وما رزقها وما أجلها أشقي أم سعيد فيقال له : انطلق إلى أم الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة ، فينطلق فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ان الله تبارك وتعالى وكل بالرحم ملكا قال : أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فإذا قضى الله تعالى خلقها قال : أي رب شقى أو سعيد ذكر أو أنثى فما الرزق فما الاجل فيكتب كذلك في بطن أمه.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن حذيفة

بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : ان النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة وفي لفظ : إذا مر بالنطفة إثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب رزقه ويقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على أمره ولا ينقص ، وفي لفظ : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أو سعيد فيكتبان فيقول : أي رب أذكر أو أنثى فيكتبان ، فيكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص.
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه عن ابن عباس في قوله {مخلقة وغير مخلقة} قال : المخلقة ما كان حيا {وغير مخلقة} ما كان من سقط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : العلقة الدم والمضغة اللحم والمخلقة التي تم خلقها {وغير مخلقة}

السقط.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {مخلقة وغير مخلقة} قال : تامة وغير تامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية قال {وغير مخلقة} السقط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : إذا دخل في الخلق الرابع كانت نسمة مخلقة وإذا قدم فيها قبل ذلك فهي غير مخلقة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مخلقة وغير مخلقة} قال : السقط مخلوق وغير مخلوق {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : التمام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : إقامته في الرحم حتى يخرج.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} قال : هذا ما كان من ولد يولد تاما ليس بسقط.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لنبين لكم} قال : إنكم كنتم في بطون أمهاتكم كذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {وترى الأرض هامدة} قال : لا نبات فيها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وترى الأرض هامدة} أي غبراء متهشمة {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} يقول : نفرق الغيث في سبختها وربوها {وأنبتت من كل زوج بهيج} أي حسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زوج بهيج} قال : حسن.
- قوله تعالى : ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.

أخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال : من علم أن الله عز وجل حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور دخل الجنة.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن عائشة عن أبي بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اذا صلى الصبح مرحبا بالنهار الجديد والكاتب والشهيد اكتبا : بسم الله الرحمن الرحيم ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الدين كما وصف والكتاب كما أنزل وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس رفعه : من قال في كل يوم أربع مرات : أشهد أن الله هو الحق المبين وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور صرف الله عنه السوء.
- قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامه عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} قال : يضاعف الشيء وهو واحد.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : هو المعرض من العظمة إنما ينظر في جانب واحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : لاوي رأسه معرضا موليا لا يريد أن يسمع ما قيل له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : لاوي عنقه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} قال : يعرض عن الحق {له في الدنيا خزي} قال : قتل يوم بدر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثاني عطفه} أنزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثاني عطفه} قال : هو رجل من بني عبد الدار ، قلت : شيبة قال : لا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثاني عطفه} يقول : يعرض عن ذكري.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثاني عطفه} قال : متكبرا في نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة.
- قوله تعالى : ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخره ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد * يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير * إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد.
أخرج البخاري ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال : هذا دين صالح وان لم تلد امرأته ولم

تنتج خيله قال : هذا دين سوء.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان ناس من الأعراب يأتون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلمون فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قالوا : إن ديننا هذا صالح فتمسكوا به وان وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا : ما في ديننا هذا خير ، فأنزل الله {ومن الناس من يعبد الله على حرف}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كان أحدهم إذا قدم المدينة - وهي أرض وبيئة - فإن صح بها
جسمه ونتجبت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن اليه وقال : ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا وإن رجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فقال : والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا ، وذلك الفتنة.
وأخرج ابن مردويه من طريق عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده فتشاءم بالإسلام فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أقلني ، فقال : إن الإسلام لا يقال ، فقال : لم أصب في ديني هذا خيرا.

ذهب بصري ومالي ومات ولدي ، فقال : يا يهودي الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة ، ونزلت : {ومن الناس من يعبد الله على حرف}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : على شك ، وفي قوله {فإن أصابه خير} قال : رخاء وعافية {اطمأن به} قال : استقر {وإن أصابته فتنة} قال : عذاب ومصيبة {انقلب على وجهه} قال : ارتد على وجهه كافرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : كان الرجل يأتي المدينة مهاجرا فإن صح جسمه وتتابعت عليه الصدقة وولدت امرأته غلاما وأنتجت فرسه مهرا قال : والله لنعم الدين وجدت دين محمد صلى الله عليه وسلم هذا ما زلت أعرف الزيادة في جسدي وولدي وإن سقم بها جسمه واحتبست عليه الصدقة وأزلقت فرسه وأصابته الحاجة وولدت امرأته الجارية قال : والله لبئس الدين دين محمد هذا والله ما زلت أعرف النقصان في جسدي وأهلي وولدي ومالي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال : على شك {فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} يقول : إن أصاب خصبا وسلوة من عيش وما يشتهي اطمأن اليه وقال : أنا على حق وأنا أعرف الذي أنا عليه {وإن أصابته فتنة} أي بلاء {انقلب على وجهه} يقول : ترك ما كان عليه من الحق
فأنكر معرفته خسر الدنيا والآخرة ، يقول : خسر دنياه التي كان لها يحزن وبها يفرح ولها يسخط ولها يرضى وهي همه وسدمه وطلبته ونيته ثم أفضى إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها خيرا {ذلك هو الخسران المبين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يدعو من دون الله ما لا يضره} إن عصاه في الدنيا {وما لا ينفعه} ان أطاعه وهو الصنم {يدعو لمن ضره أقرب من نفعه} يقول : ضره في الآخرة من أجل عبادته إياه في الدنيا {لبئس المولى} يقول : الصنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لبئس المولى ولبئس العشير} قال : الصاحب.

- قوله تعالى : من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخره فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ * وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من كان يظن أن لن ينصره الله} قال : من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا {في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب} قال : فليربط حبلا {إلى السماء} قال : إلى سماء بيته السقف {ثم ليقطع} قال : ثم يختنق به حتى يموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من كان يظن أن لن ينصره الله} يقول : أن لن يرزقه الله {فليمدد بسبب إلى السماء} فليأخذ حبلا فليربطه في سماء بيته فليختنق به {فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ} قال : فلينظر هل ينفعه ذلك أو يأتيه برزق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {من كان يظن أن لن ينصره الله} قال : ان لن يرزقه الله {فليمدد بسبب إلى السماء} قال : بحبل بيته {ثم ليقطع} ثم ليختنق {فلينظر هل يذهبن كيده} ذلك {ما يغيظ} قال : ذلك خيفة أن لا

يرزق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه فان أصله في السماء {ثم ليقطع} أي عن النَّبِيّ الوحي الذي يأتيه من الله إن قدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : من كان يظن ان لن ينصر الله محمدا فليجعل حبلا في سماء بيته فليختنق به فلينظر هل يغيظ ذلك إلا نفسه ،.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {من كان يظن أن لن ينصره الله} يقول : من كان يظن أن الله غير ناصر دينه {فليمدد بسبب إلى السماء} سماء البيت فليختنق {فلينظر} ما يرد ذلك في يده.
- قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامه إن الله على كل شيء شهيد.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة رضي الله عنه في قوله {إن الذين آمنوا} الآية ، قال : الصائبون قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور {والمجوس} عبدة الشمس والقمر والنيران وأما {الذين أشركوا} فهم عبدة الأوثان {إن الله يفصل بينهم يوم القيامة} قال : الأديان ستة : فخمسة للشيطان ودين لله عز وجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {إن الله يفصل بينهم} قال : فصل قضاءه بينهم فجعل الجنة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : قالت اليهود : عزير ابن الله وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالت الصابئه : نحن نعبد الملائكة من دون الله ، وقالت المجوس : نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله ، وقالت المشركون : نحن نعبد الأوثان من دون الله ، فأوحى الله إلى نبيه ليكذب قولهم : (قل
هو الله أحد) (سورة الصمد الآية 1) إلى آخرها (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) (الإسراء آية 111) وأنزل الله {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : {الذين هادوا} اليهود والصائبون ليس لهم كتاب المجوس أصحاب الأصنام

والمشركون نصارى العرب.
- قوله تعالى : ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء * هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم * يصهر به مافي بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق * أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات} الآية ، قال : سجود ظل هذا كله {وكثير من الناس} قال : المؤمنون {وكثير حق عليه العذاب} قال : هذا الكافر سجود ظله وهو كاره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : سجود كل شيء فيئه وسجود الجبال فيئها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الثوب يسجد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه قال : ما في السماء من شمس ولا قمر ولا نجم إلا يقع ساجدا حتى يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى معلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا فاء الفيء لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : سمعت رجلا يطوف بالبيت ويبكي فإذا هو طاووس فقال : عجبت من بكائي قلت : نعم ، قال : ورب هذه البنية إن هذا القمر ليبكي من خشية الله ولا ذنب له.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : مر رجل على عبد الله بن عمرو وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال : أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله ،.
وَأخرَج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس رضي الله عنه في الآية قال : لم يستثن من هؤلاء أحدا حتى إذا جاء ابن آدم استثناه فقال {وكثير من الناس} قال : والذي أحق بالشكر هو أكثرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والخلعي في فوائده عن علي أنه قيل له : ان ههنا رجلا يتكلم في المشيئة ، فقال له علي : يا عبد الله خلقك الله لما يشاء أو لما شئت قال : بل لما يشاء ، قال : فيمرضك إذا شاء أو اذا شئت قال : بل إذا شاء ، قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال : بل إذا شاء ، قال : فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت قال : بل حيث شاء ، قال : والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف.

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسما إن هذه الآية {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {إن الله يفعل ما يريد} نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر وهم : حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث
وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ، قال علي رضي الله عنه : أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة عن علي رضي الله عنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، قال قيس : فيهم نزلت {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : هم الذين بارزوا يوم بدر : علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد ابن عتبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما بارز علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد قالوا لهم : تكلموا نعرفكم ، قال : أنا علي وهذا حمزة وهذا عبيدة ، فقالوا : أكفاء كرام فقال علي : أدعوكم إلى الله وإلى رسوله ، فقال عتبة : هلم للمبارزة ، فبارز علي شيبة فلم يلبث أن قتله وبارز حمزة عتبة فقتله وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله ، فأنزل الله {هذان خصمان}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن ربيعة : لا تقتلوا هذا الرجل فانه إن يكن صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقة وان يكن كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه ، فقا أبو جهل بن هشام : لقد امتلأت

رعبا ، فقال عتبة : ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه ، قال : فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فنادوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : ابعث الينا أكفاءنا نقاتلهم ، فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا ، قوموا يا بني هاشم ، فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم فقال عتبة : تكلموا نعرفكم ان تكونوا أكفاءنا قاتلناكم ، قال حمزة : أنا حمزة بن عبد المطلب ، أنا أسد الله وأسد رسوله ، فقال عتبة : كفء كريم فقال علي : أنا علي بن أبي كالب ، فقال : كفء كريم فقال عبيدة ، أنا عبيدة بن الحارث ، فقال عتبة : كفء كريم فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة وأخذ عبيدة الوليد ، فأما حمزة فأجاز على شيبة وأما علي فاختلفا ضربتين فأقام فأجاز على عتبة وأما عبيدة فأصيبت رجله ، قال : فرجع هؤلاء وقتل هؤلاء فنادى أبو
جهل وأصحابه : لنا العزى ولا عزى لكم فنادى منادي للنبي صلى الله عليه وسلم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فأنزل الله {هذان خصمان اختصموا في ربهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن لاحق بن حميد قال : نزلت هذه الآية يوم بدر {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} في عتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ، ونزلت {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله (وهدوا إلى صراط

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج22.تذكرة الحفاظ/شيوخ صاحب التذكرة الجزء الاخير

شيوخ صاحب تذكرة الحفاظ ج22. 1- ولقد انتفعت وتخرجت بشيخنا الإمام العالم المحدث الحافظ الشهيد أبي الحسين علي ابن الشيخ الفقيه ببعلبك ولز...