حمل مصاحف


فهرس القرآن الكريم الكريمmp3 القرآن الكريم مكتوب

9مصاحف
/ / / /  / / /

شكرا للفريق المجتهد

شكرا لبلوجر وفريقه المحترمين- Thanks to blogger and his respected team

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022

 ج3.وج4. كتاب الإتقان في علوم القرآن عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي

 

ج3.وج4. كتاب الإتقان في علوم القرآن عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
2281 - قال أخبرني عن قوله تعالى عجل لنا قطنا قال القط الجزاء قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الأعشى
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بنعمته يعطي القطوط ويطلق
2282 - قال أخبرني عن قوله تعالى من حمأ مسنون قال الحمأ السواد والمسنون المصور قال وهل تعرف العرب ذلك نعم أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب
أغر كأن البدر سنة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوءه فتبددا
2283 - قال فأخبرني عن قوله تعالى البائس الفقير قال الذي لا يجد شيئا من شدة الحال قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول طرفة
يغشاهم البائس المدقع ... والضيف وجار مجاور جنب
2284 - قال أخبرني عن قوله تعالى ماء غدقا قال كثيرا جاريا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
تدنى كراديس ملتفا حدائقها ... كالنبت جادت بها أنهارها غدقا
2285 - قال أخبرنا عن قوله تعالى بشهاب قبس قال شعلة من نار يقتبسون منه قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول طرفة بن العبد
هم عراني فبت أدفعه ... دون سهادي كشعلة القبس
2286 - قال أخبرني عن قوله تعالى عذاب أليم قال الأليم الوجيع قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
نام من كان خليا من ألم ... وبقيت الليل طولا لم أنم
2287 - قال أخبرني عن قوله تعالى وقفينا على آثارهم قال أتبعنا

على آثار الأنبياء أي بعثنا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عدي بن زيد
يوم قفت عيرهم من عيرنا ... واحتمال الحي في الصبح فلق
2288 - قال أخبرني عن قوله تعالى إذا تردى قال إذا مات وتردى في النار قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عدي بن زيد
خطفته منية فتردى ... وهو في الملك يأمل التعميرا
2289 - قال أخبرني عن قوله تعالى في جنات ونهر قال النهر السعة قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
2290 - قال أخبرني عن قوله تعالى ووضعها للأنام قال الخلق قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة
فإن تسألينا مم نحن فإننا ... عصافير من هذي الانام المسحر
2291 - قال أخبرني عن قوله تعالى أن لن يحور قال أن لن يرجع بلغة الحبشة قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
2292 - قال أخبرني عن قوله تعالى ذلك أدنى أن لا تعولوا قال أجدى ألا تميلوا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
إنا تبعنا رسول الله واطرحوا ... قول النبي وعالوا في الموازين
2293 - قال أخبرني عن قوله تعالى وهو مليم قال المسيء المذنب

قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت
من الآفات ليس لها بأهل ... ولكن المسيء هو المليم
2294 - قال أخبرني عن قوله تعالى إذ تحسونهم بإذنه قال تقتلونهم قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
ومنا الذي لاقى بسيف محمد ... فحس به الأعداء عرض العساكر
2295 - قال أخبرني عن قوله تعالى ما ألفينا قال يعني وجدنا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول نابغة بني ذبيان
فحسبوه فألفوه كما زعمت ... تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
2296 - قال أخبرني عن قوله تعالى جنفا قال الجور والميل في الوصية قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عدي بن زيد
أمك يا نعمان في أخواتها ... تأتين ما يأتينه جنفا
2297 - قال أخبرني عن قوله تعالى بالبأساء والضراء قال البأساء الخصب والضراء الجدب قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول زيد بن عمرو
إن الإله عزيز واسع حكم ... بكفه الضر والبأساء والنعم
2298 - قال أخبرني عن قوله تعالى إلا رمزا قال الإشارة باليد والوحي بالرأس قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
ما في السماء من الرحمن مرتمز ... إلا إليه وما في الأرض من وزر
2299 - قال أخبرني عن قوله تعالى فقد فاز قال سعد ونجا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عبد الله بن رواحة

وعسى أن أفوز ثمت ألقى ... حجة أتقي بها الفتانا
2300 - قال أخبرني عن قوله تعالى سواء بيننا وبينكم قال عدل قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
تلاقينا فقاضينا سواء ... ولكن جر عن حال بحال
2301 - قال أخبرني عن قوله تعالى الفلك المشحون قال السفينة الموقرة الممتلئة قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عبيد بن الأبرص
شحنا أرضهم بالخيل حتى ... تركناهم أذل من الصراط
2302 - قال أخبرني عن قوله تعالى زنيم قال ولد الزنى قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
زنيم تداعته الرجال زيادة ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع
2303 - قال أخبرني عن قوله تعالى طرائق قددا قال المنقطعة في كل وجه قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
ولقد قلت وزيد حاسر ... يوم ولت خيل زيد قددا
2304 - قال أخبرني عن قوله تعالى برب الفلق قال الصبح إذا انفلق من ظلمة الليل قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى
الفارج الهم مسدولا عساكره ... كما يفرج غم الظلمة الفلق
2305 - قال أخبرني عن قوله تعالى من خلاق قال نصيب قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت

يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم ... إلا سرابيل من قطر وأغلال
2306 - قال أخبرني عن قوله تعالى كل له قانتون قال مقرون قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عدي بن زيد
قانتا لله يرجو عفوه ... يوم لا يكفر عبد ما ادخر
2307 - قال أخبرني عن قوله تعالى جد ربنا قال عظمة ربنا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت
لك الحمد والنعماء والملك ربنا ... فلا شيء أعلى منك جدا وأمجد
2308 - قال أخبرني عن قوله تعالى حميم آن قال الآن الذي انتهى طبخه وحره قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول نابغة بني ذبيان
ويخضب لحية غدرت وحانت ... بأحمى من نجيع الخوف آن
2309 - قال أخبرني عن قوله تعالى سلقوكم بألسنة حداد قال الطعن باللسان قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الأعشى فيهم الخصب والسماحة والنجدة ... فيهم والخاطب المسلاق
2310 - قال أخبرني عن قوله تعالى وأكدى قال كدره بمنه قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الشاعر
وأعطى قليلا ثم أكدى بمنه ... ومن ينشر المعروف في الناس يحمد
2311 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا وزر قال الوزر الملجأ قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عمرو بن كلثوم
لعمرك ما إن له صخرة ... لعمرك ما إن له من وزر
2312 - قال أخبرني عن قوله تعالى قضى نحبه قال أجله الذي قدر

له قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل
2313 - قال أخبرني عن قوله تعالى ذو مرة قال ذو شدة في أمر الله قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول نابغة بني ذبيان
وهنا قرى ذي مرة حازم ...
2314 - قال أخبرني عن قوله تعالى المعصرات قال السحاب يعصر بعضها بعضا فيخرج الماء بين السحابتين قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول النابغة
تجر بها الأرواح من بين شمأل ... وبين صباها المعصرات الدوامس
2315 - قال أخبرني عن قوله تعالى سنشد عضدك قال العضد المعين الناصر قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول النابغة
في ذمة من أبي قابوس منقذة ... للخائفين ومن ليست له عضد
2316 - قال أخبرني عن قوله تعالى في الغابرين قال في الباقين قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول عبيد بن الأبرص
ذهبوا وخلفني المخلف فيهم ... فكأنني في الغابرين غريب
2317 - قال أخبرني عن قوله تعالى فلا تأس قال لا تحزن قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول امرئ القيس
وقوفا بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل
2318 - قال أخبرني عن قوله تعالى يصدفون قال يعرضون عن الحق قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول أبي سفيان
عجبت لحلم الله عنا وقد بدا ... له صدفنا عن كل حق منزل

2319 - قال أخبرني عن قوله تعالى أن تبسل قال تحبس قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول زهير
وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فقلبي مبسل غلقا
2320 - قال أخبرني عن قوله تعالى فلما أفلت قال زالت الشمس عن كبد السماء قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول كعب بن مالك
فتغير القمر المنير لفقده ... والشمس قد كسفت وكادت تأفل
2321 - قال أخبرني عن قوله تعالى كالصريم قال الذاهب أما سمعت قول الشاعر
غدوت عليه غدوة فوجدته ... قعودا لديه بالصريم عواذله
2322 - قال أخبرني عن قوله تعالى تفتؤ قال لا تزال أما سمعت قول الشاعر
لعمرك ما تفتأ تذكر خالدا ... وقد غاله ما غال تبع من قبل
2323 - قال أخبرني عن قوله تعالى خشية إملاق قال مخافة الفقر أما سمعت قول الشاعر
وإني على الإملاق يا قوم ماجد ... أعد لأضيافي الشواء المضهبا
2324 - قال أخبرني عن قوله تعالى حدائق قال البساتين أما سمعت قول الشاعر
بلاد سقاها الله أما سهولها ... فقضب ودر مغدق وحدائق
2325 - قال أخبرني عن قوله تعالى مقيتا قال قادرا مقتدرا أما سمعت قول أحيحة الأنصاري

وذي ضغن كففت النفس عنه ... وكنت على مساءته مقيتا
2326 - قال أخبرني عن قوله تعالى ولا يؤوده قال لا يثقله أما سمعت قول الشاعر
يعطي المئين ولا يؤوده حملها ... محض الضرائب ماجد الأخلاق
2327 - قال أخبرني عن قوله تعالى سريا قال النهر الصغير أما سمعت قول الشاعر
سهل الخليفة ماجد ذو نائل ... مثل السري تمده الأنهار
2328 - قال أخبرني عن قوله تعالى كأسا دهاقا قال ملأى أما سمعت قول الشاعر
أتانا عامر يرجو قرانا ... فأترعنا له كأسا دهاقا
2329 - قال أخبرني عن قوله تعالى لكنود قال كفور للنعم وهو الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويجيع عبده أما سمعت قول الشاعر
شكرت له يوم العكاظ نواله ... ولم أك للمعروف ثم كنودا
2330 - قال أخبرني عن قوله تعالى فسينغضون إليك رؤوسهم قال يحركون رؤوسهم استهزاء أما سمعت قول الشاعر
أتنغض لي يوم الفخار وقد ترى ... خيولا عليها كالأسود ضواريا
2331 - قال أخبرني عن قوله تعالى يهرعون قال يقبلون إليه بالغضب أما سمعت قول الشاعر
أتونا يهرعون وهم أسارى ... نسوقهم على رغم الأنوف
2332 - قال أخبرني عن قوله تعالى بئس الرفد المرفود قال بئس اللعنة بعد اللعنة أما سمعت قول الشاعر

لا تقذفن بركن لا كفاء له ... وإن تأثفك الأعداء بالرفد
2333 - قال أخبرني عن قوله تعالى غير تتبيب قال تخسير أما سمعت قول بشر بن أبي حازم
هم جدعوا الأنوف فأوعبوها ... وهم تركوا بني سعد تبابا
2334 - قال أخبرني عن قوله تعالى فأسر بأهلك بقطع من الليل ما يقطع قال آخر الليل سحرا قال مالك بن كنانة
ونائحة تقوم بقطع ليل ... على رجل أصابته شعوب
أي داهية
2335 - قال أخبرني عن قوله تعالى هيت لك قال تهيأت لك أما سمعت قول أحيحة الأنصاري
به أحمي المضاف إذا دعاني ... إذا ما قيل للأبطال هيتا
2336 - قال أخبرني عن قوله تعالى يوم عصيب قال شديد أما سمعت قول الشاعر
هم ضربوا قوانس خيل حجر ... بجنب الرده في يوم عصيب
2337 - قال أخبرني عن قوله تعالى مؤصدة قال مطبقة أما سمعت قول الشاعر
تحن إلى أجبال مكة ناقتي ... ومن دوننا أبواب صنعاء مؤصدة
2338 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا يسأمون قال لا يفترون ولا يملون أما سمعت قول الشاعر
من الخوف لا ذو سأمة من عبادة ... ولا هو من طول التعبد يجهد
2339 - قال أخبرني عن قوله تعالى طيرا أبابيل قال ذاهبة وجائية

تنقل الحجارة بمناقيرها وأرجلها فتبلبل عليهم فوق رؤوسهم أما سمعت قول الشاعر
وبالفوارس من ورقاء قد علموا ... أحلاس خيل على جرد أبابيل
2340 - قال أخبرني عن قوله تعالى ثقفتموهم قال وجدتموهم أما سمعت قول حسان
فإنما تثقفن بني لؤي ... جذيمة إن قتلهم دواء
2341 - قال أخبرني عن قوله تعالى فأثرن به نقعا قال النقع ما يسطع من حوافر الخيل أما سمعت قول حسان
عدمنا خيلنا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء
2342 - قال أخبرني عن قوله تعالى في سواء الجحيم قال وسط الجحيم أما سمعت قول الشاعر
رماها بسهم فاستوى في سوائها ... وكان قبولا للهوى ذي الطوارق
2343 - قال أخبرني عن قوله تعالى سدر مخضود قال الذي ليس له شوك أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت
إن الحدائق في الجنان ظليلة ... فيها الكواعب سدرها مخضود
2344 - قال أخبرني عن قوله تعالى طلعها هضيم قال منهضم بعضه إلى بعض أما سمعت قول امرئ القيس
دار لبيضاء العوارض طفلة ... مهضومة الكشحين ريا المعصم
2345 - قال أخبرني عن قوله تعالى قولا سديدا قال قولا عدلا حقا أما سمعت قول حمزة
أمين على ما استودع الله قلبه ... فإن قال قولا كان فيه مسددا

2346 - قال أخبرني عن قوله تعالى إلا ولا ذمة قال الإل القرابة والذمة العهد أما سمعت قول الشاعر
جزى الله إلا كان بيني وبينهم ... جزاء ظلوم لا يؤخر عاجلا
2347 - قال أخبرني عن قوله تعالى خامدين قال ميتين أما سمعت قول لبيد
حلوا ثيابهم على عوراتهم ... فهم بأفنية البيوت خمود
2348 - قال أخبرني عن قوله تعالى زبر الحديد قال قطع الحديد أما سمعت قول كعب بن مالك
تلظى عليهم حين أن شد حميها ... بزبر الحديد والحجارة ساجر
2349 - قال أخبرني عن قوله تعالى فسحقا قال بعدا أما سمعت قول حسان
ألا من مبلغ عني أبيا ... فقد ألقيت في سحق السعير
2350 - قال أخبرني عن قوله تعالى إلا في غرور قال في باطل أما سمعت قول حسان
تمنتك الأماني من بعيد ... وقول الكفر يرجع في غرور
2351 - قال أخبرني عن قوله تعالى وحصورا قال الذي لا يأتي النساء أما سمعت قول الشاعر
وحصور عن الخنا يأمر الناس ... بفعل الخيرات والتشمير
2352 - قال أخبرني عن قوله تعالى عبوسا قمطريرا قال الذي ينقبض وجهه من شدة الوجع أما سمعت قول الشاعر
ولا يوم الحساب وكان يوما ... عبوسا في الشدائد قمطريرا

2353 - قال أخبرني عن قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال عن شدة الآخرة أما سمعت قول الشاعر
قد قامت بنا الحرب على ساق ...
2354 - قال أخبرني عن قوله تعالى إيابهم قال الإياب المرجع أما سمعت قول عبيد بن الأبرص
وكل ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لا يؤوب
2355 - قال أخبرني عن قوله تعالى حوبا قال إثما بلغة الحبشة قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول الأعشى
فإني وما كلفتموني من أمركم ... ليعلم من أمسى أعق وأحوبا
2356 - قال أخبرني عن قوله تعالى العنت قال الإثم أما سمعت قول الشاعر
رأيتك تبتغي عنتي وتسعى ... مع الساعي علي بغير ذحل
2357 - قال أخبرني عن قوله تعالى فتيلا قال التي تكون في شق النواة أما سمعت قول النابغة
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ الأعادي فتيلا
2358 - قال أخبرني عن قوله تعالى من قطمير قال الجلدة البيضاء التي على النواة أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت
لم أنل منهم فسيطا ولا زبدا ... ولا فوفة ولا قطميرا
2359 - قال أخبرني عن قوله تعالى أركسهم قال حبسهم أما سمعت قول أمية

أركسوا في جهنم إنهم كانوا ... عتاة تقول كذبا وزورا
2360 - قال أخبرني عن قوله تعالى أمرنا مترفيها قال سلطنا أما سمعت قول لبيد
إن يغبطوا ييسروا وإن أمروا ... يوما يصيروا للهلك والفقد
2361 - قال أخبرني عن قوله تعالى أن يفتنكم الذين كفروا قال يضلكم بالعذاب والجهد بلغة هوازن أما سمعت قول الشاعر
كل امرئ من عباد الله مضطهد ... ببطن مكة مقهور ومفتون
2362 - قال أخبرني عن قوله تعالى كأن لم يغنوا قال كأن لم يكونوا أما سمعت قول لبيد
وغنيت سبتا قبل مجرى داحس ... لو كان للنفس اللجوج خلود
2363 - قال أخبرني عن قوله تعالى عذاب الهون قال الهوان أما سمعت قول الشاعر
إنا وجدنا بلاد الله واسعة ... تنجي من الذل والمخزاة والهون
2364 - قال أخبرني عن قوله تعالى ولا يظلمون نقيرا قال النقير ما في شق النواة ومنه تنبت النخلة أما سمعت قول الشاعر
وليس الناس بعدك في نقير ... وليسوا غير أصداء وهام
2365 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا فارض قال الهرمة أما سمعت قول الشاعر
لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضا ... يساق إليه ما يقوم على رجل

2366 - قال أخبرني عن قوله تعالى الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال بياض النهار من سواد الليل وهو الصبح إذا انفلق أما سمعت قول أمية
الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق ... والخيط الأسود لون الليل مكموم
2367 - قال أخبرني عن قوله تعالى بئسما اشتروا به أنفسهم قال باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا أما سمعت قول الشاعر
يعطى بها ثمنا فيمنعها ... ويقول صاحبها ألا تشري
2368 - قال أخبرني عن قوله تعالى حسبانا من السماء قال نار من السماء أما سمعت قول حسان
بقية معشر صبت عليهم ... شآبيب من الحسبان شهب
2369 - قال أخبرني عن قوله تعالى وعنت الوجوه قال استسلمت وخضعت أما سمعت قول الشاعر
ليبك عليك كل عان بكربة ... وآل قصي من مقل وذي وفر
2370 - قال أخبرني عن قوله تعالى معيشة ضنكا قال الضنك الضيق الشديد أما سمعت قول الشاعر
والخيل قد لحقت بها في مأزق ... ضنك نواحيه شديد المقدم
2371 - قال أخبرني عن قوله تعالى من كل فج قال طريق أما سمعت قول الشاعر
وحازوا العيال وسدوا الفجاج ... بأجساد عاد لها آيدان
2372 - قال أخبرني عن قوله تعالى ذات الحبك قال ذات طرائق والخلق الحسن أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى
هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا ... لا ينكصون إذا ما استرحموا رحموا

2373 - قال أخبرني عن قوله تعالى حرضا قال المدنف الهالك من شدة الوجع أما سمعت قول الشاعر
أمن ذكر ليلى أن نأت غربة بها ... كأنك جم للأطباء محرض
2374 - قال أخبرني عن قوله تعالى يدع اليتيم قال يدفعه عن حقه أما سمعت قول أبي طالب
يقسم حقا لليتيم ولم يكن ... يدع لدى أيسارهن الأصاغرا
2375 - قال أخبرني عن قوله تعالى السماء منفطر به قال منصدع من خوف يوم القيامة أما سمعت قول الشاعر
ظباهن حتى أعرض الليل دونها ... أفاطير وسمي رواء جذورها
2376 - قال أخبرني عن قوله تعالى فهم يوزعون قال يحبس أولهم على آخرهم حتى تنام الطير أما سمعت قول الشاعر
وزعت رعيلها بأقب نهد ... إذا ما القوم شدوا بعد خمس
2377 - قال أخبرني عن قوله تعالى كلما خبت قال الخبو الذي يطفأ مرة ويسعر أخرى أما سمعت قول الشاعر
وتخبو النار عن آذان قومي ... وأضرمها إذا ابتردوا سعيرا
2378 - قال أخبرني عن قوله تعالى كالمهل قال كدردي الزيت أما سمعت قول الشاعر
تباري بها العيس السموم كأنها ... تبطنت الأقراب من عرق مهلا
2379 - قال أخبرني عن قوله تعالى أخذا وبيلا قال شديدا ليس له ملجأ أما سمعت قول الشاعر
وخزي الحياة وخزي الممات ... وكلا أراه طعاما وبيلا

2380 - قال أخبرني عن قوله تعالى فنقبوا في البلاد قال هربوا بلغة اليمن أما سمعت قول عدي بن زيد
نقبوا في البلاد من حذر الموت ... وجالوا في الأرض أي مجال
2381 - قال أخبرني عن قوله تعالى إلا همسا قال الوطء الخفي والكلام الخفي أما سمعت قول الشاعر
فباتوا يدلجون وبات يسري ... بصير بالدجا هاد هموس
2382 - قال أخبرني عن قوله تعالى مقمحون قال المقمح الشامخ بأنفه المنكس رأسه أما سمعت قول الشاعر
ونحن على جوانبها قعود ... نغض الطرف كالإبل القماح
2383 - قال أخبرني عن قوله تعالى في أمر مريج قال المريج الباطل أما سمعت قول الشاعر
فراعت فابتدرت بها حشاها ... فخر كأنه خوط مريج
2384 - قال أخبرني عن قوله تعالى حتما مقضيا قال الحتم الواجب أما سمعت قول أمية
عبادك يخطئون وأنت رب ... بكفيك المنايا والحتوم
2385 - قال أخبرني عن قوله تعالى وأكواب قال القلال التي لا عرى لها أما سمعت قول الهذلي
فلم ينطق الديك حتى ملات ... كؤوب الدنان له فاستدارا
2386 - قال أخبرني عن قوله تعالى ولا هم عنها ينزفون قال لا يسكرون أما سمعت قول عبد الله بن رواحة

ثم لا ينزفون عنها ولكن ... يذهب الهم عنهم والغليل
2387 - قال أخبرني عن قوله تعالى كان غراما قال ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم أما سمعت قول بشر بن أبي حازم
ويوم النسار ويوم الجفا ... ركانا عذابا وكانا غراما
2388 - قال أخبرني عن قوله تعالى والترائب قال هو موضع القلادة من المرأة أما سمعت قول الشاعر
والزعفران على ترائبها ... شرقا به اللبات والنحر
2389 - قال أخبرني عن قوله تعالى وكنتم قوما بورا قال هلكى بلغة عمان وهم من اليمن أما سمعت قول الشاعر
فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكمو ... وكافوا به فالكفر بور لصانعه
2390 - قال أخبرني عن قوله تعالى نفشت قال النفش الرعي بالليل أما سمعت قول لبيد
بدلن بعد النفش الوجيفا ... وبعد طول الجرة الصريفا
2391 - قال أخبرني عن قوله تعالى ألد الخصام قال الجدل المخاصم في الباطل أما سمعت قول مهلهل
إن تحت الأحجار حزما وجودا ... وخصيما ألد ذا معلاق
2392 - قال أخبرني عن قوله تعالى بعجل حنيذ قال النضيج مما يشوى بالحجارة أما سمعت قول الشاعر
لهم راح وفار المسك فيهم ... وشاويهم إذا شاؤوا حنيذا
2393 - قال أخبرني عن قوله تعالى من الأجداث قال القبور أما سمعت قول ابن رواحة

حينا يقولون إذ مروا على جدثي ... أرشده يا رب من عان وقد رشدا
2394 - قال أخبرني عن قوله تعالى هلوعا قال ضجرا جزوعا أما سمعت قول بشر بن أبي حازم
لا مانعا لليتيم نحلته ... ولا مكبا لخلقه هلعا
2395 - قال أخبرني عن قوله تعالى ولات حين مناص قال ليس بحين فرار أما سمعت قول الأعشى
تذكرت ليلى حين لات تذكر ... وقد بنت منها والمناص بعيد
2396 - قال أخبرني عن قوله تعالى ودسر قال الدسر الذي تخرز به السفينة أما سمعت قول الشاعر
سفينة نوتي قد احكم صنعها ... مثخنة الألواح منسوجة الدسر
2397 - قال أخبرني عن قوله تعالى ركزا قال حسا أما سمعت قول الشاعر
وقد توجس ركزا مقفر ندس ... بنبأة الصوت ما في سمعه كذب
2398 - قال أخبرني عن قوله تعالى باسرة قال كالحة أما سمعت قول عبيد بن الأبرص
صبحنا تميما غداة النسار ... شهباء ملمومة باسره
2399 - قال أخبرني عن قوله تعالى ضيزى قال جائرة أما سمعت قول امرئ القيس
ضازت بنو أسد بحكمهم ... إذ يعدلون الرأس بالذنب
2400 - قال أخبرني عن قوله تعالى لم يتسنه قال تغيره السنون أما سمعت قول الشاعر

طاب منه الطعم والريح معا ... لن ترا متغيرا من آسن
2401 - قال أخبرني عن قوله تعالى ختار قال الغدار الظلوم الغشوم أما سمعت قول الشاعر
لقد علمت واستيقنت ذات نفسها ... بألا تخاف الدهر صرمي ولا ختري
2402 - قال أخبرني عن قوله تعالى عين القطر قال الصفر أما سمعت قول الشاعر
فألقى في مراجل من حديد ... قدور القطر ليس من البراة
2403 - قال أخبرني عن قوله تعالى أكل خمط قال الأراك أما سمعت قول الشاعر
وما مغزل فرد تراعي بعينها ... أغن غضيض الطرف من خلل الخمط
2404 - قال أخبرني عن قوله تعالى اشمأزت قال نفرت أما سمعت قول عمرو بن كلثوم
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولته عشو زنة زبونا
2405 - قال أخبرني عن قوله تعالى جدد قال طرائق أما سمعت قول الشاعر
قد غادر النسع في صفحاتها جددا ... كأنها طرق لاحت على أكم
2406 - قال أخبرني عن قوله تعالى أغنى وأقنى قال أغنى من الفقر وأقنى من الغنى فقنع به أما سمعت قول عنترة العبسي
فأقنى حياءك لا أبالك واعلمي ... أني امرؤ سأموت إن لم أقتل
2407 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا يلتكم قال لا ينقصكم

بلغة بني عبس أما سمعت قول الحطيئة العبسي
أبلغ سراة بني سعد مغلغلة ... جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا
2408 - قال أخبرني عن قوله تعالى وأبا قال الأب ما تعتلف منه الدواب أما سمعت قول الشاعر
ترى به الأب واليقطين مختلطا ... على الشريعة يجري تحتها الغرب
2409 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا تواعدوهن سرا قال السر الجماع أما سمعت قول امرئ القيس
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ... كبرت وألا يحسن السر أمثالي
2410 - قال أخبرني عن قوله تعالى فيه تسيمون قال ترعون أما سمعت قول الأعشى
ومشى القوم بالعماد إلي الرزحاء ... وأعيا المسيم أين المساق
2411 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا ترجون لله وقارا قال لا تخشون لله عظمة أما سمعت قول أبي ذؤيب
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل
2412 - قال أخبرني عن قوله تعالى ذا متربة قال ذا حاجة وجهد أما سمعت قول الشاعر
تربت يداك ثم قل نوالها ... وترفعت عنك السماء سجالها
2413 - قال أخبرني عن قوله تعالى مهطعين قال مذعنين خاضعين أما سمعت قول تبع
تعبدني نمر بن سعد وقد درى ... ونمر بن سعد لي مدين ومهطع

2414 - قال أخبرني عن قوله تعالى هل تعلم له سميا قال ولدا أما سمعت قول الشاعر
أما السمي فأنت منه مكثر ... والمال فيه تغتدي وتروح
2415 - قال أخبرني عن قوله تعالى يصهر قال يذاب أما سمعت قول الشاعر
سخنت صهارته فظل عثانه ... في سيطل كفيت به يتردد
2416 - قال أخبرني عن قوله تعالى لتنوء بالعصبة قال لتثقل أما سمعت قول امرئ القيس
تمشي فتثقلها عجيزتها ... مشي الضعيف ينوء بالوسق
2417 - قال أخبرني عن قوله تعالى كل بنان قال أطراف الأصابع أما سمعت قول عنترة
فنعم فوارس الهيجاء قومي ... إذا علقوا الأسنة بالبنان
2418 - قال أخبرني عن قوله تعالى إعصار قال الريح الشديدة أما سمعت قول الشاعر
فله في آثارهن خوار ... وحفيف كأنه إعصار
2419 - قال أخبرني عن قوله تعالى مراغما قال منفسحا بلغة هذيل أما سمعت قول الشاعر
وأترك أرض هجرة إن عندي ... رجاء في المراغم والتعادي
2420 - قال أخبرني عن قوله تعالى صلدا قال أملس أما سمعت قول أبي طالب
وإني لقرم وابن قرم لهاشم ... لآباء صدق مجدهم معقل صلد

2421 - قال أخبرني عن قوله تعالى لأجرا غير ممنون قال غير منقوص أما سمعت قول زهير
فضل الجواد على الخيل البطاء فلا ... يعطي بذلك ممنونا ولا نزقا
2422 - قال أخبرني عن قوله تعالى جابوا الصخر قال نقبوا الحجارة في الجبال فاتخذوها بيوتا أما سمعت قول أمية
وشق أبصارنا كيما نعيش بها ... وجاب للسمع أصماخا وآذانا
2423 - قال أخبرني عن قوله تعالى حبا جما قال كثيرا أما سمعت قول أمية
إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما
2424 - قال أخبرني عن قوله تعالى غاسق قال الظلمة أما سمعت قول زهير
ظلت تجوب يداها وهي لاهية ... حتى إذا جنح الإظلام والغسق
2425 - قال أخبرني عن قوله تعالى في قلوبهم مرض قال النفاق أما سمعت قول الشاعر
أجامل أقواما حياء وقد أرى ... صدورهم تغلي على مراضها
2426 - قال أخبرني عن قوله تعالى يعمهون قال يلعبون ويترددون أما سمعت قول الأعشى
أراني قد عمهت وشاب رأسي ... وهذا اللعب شين بالكبير
2427 - قال أخبرني عن قوله تعالى إلى بارئكم قال خالقكم أما سمعت قول تبع
شهدت على أحمد أنه ... رسول من الله باري النسم

2428 - قال أخبرني عن قوله تعالى لا ريب فيه قال لا شك فيه أما سمعت قول ابن الزبعري
ليس في الحق يا أمامة ريب ... إنما الريب ما يقول الكذوب
2429 - قال أخبرني عن قوله تعالى ختم الله على قلوبهم قال طبع عليها أما سمعت قول الأعشى
وصهباء طاف يهود بها ... فأبرزها وعليها ختم
2430 - قال أخبرني عن قوله تعالى صفوان قال الحجر الأملس أما سمعت قول أوس بن حجر
على ظهر صفوان كأن متونه ... عللن بدهن يزلق المتنزلا
2431 - قال أخبرني عن قوله تعالى فيها صر قال برد أما سمعت قول نابغة
لا يبرمون إذا ما الأرض جللها ... صر الشتاء من الإمحال كالأدم
2432 - قال أخبرني عن قوله تعالى تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال قال توطن المؤمنين أما سمعت قول الأعشى
وما بوأ الرحمن بيتك منزلا ... بأجياد غربي الصفا والمحرم
2433 - قال أخبرني عن قوله تعالى ربيون قال جموع كثيرة أما سمعت قول حسان
وإذ معشر تجافوا عن القصد ... حملنا عليهم ربيا
2434 - قال أخبرني عن قوله تعالى مخمصة قال مجاعة أما سمعت قول الأعشى
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ... وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا

2435 - قال أخبرني عن قوله تعالى وليقترفوا ما هم مقترفون قال ليكتسبوا ما هم مكتسبون أما سمعت قول لبيد
وإني لآت ما أتيت وإنني ... لما اقترفت نفسي علي لراهب
2436 - هذا آخر مسائل نافع بن الأزرق وقد حذفت منها يسيرا نحو بضعة عشر سؤالا وهي أسئلة مشهورة وأخرج الأئمة أفرادا منها بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس
2437 - وأخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء منها قطعة وهي المعلم عليها بالحمرة صورة ك قال حدثنا بشر بن أنس أنبأنا محمد بن علي ابن الحسن بن شقيق أنبأنا أبو صالح هدبة بن مجاهد أنبأنا مجاهد بن شجاع أنبأنا محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران قال دخل نافع بن الأزرق المسجد فذكره
2438 - وأخرج الطبراني في معجمه الكبير منها قطعة وهي المعلم عليها صورة ط من طريق جويبر عن الضحاك بن مزاحم قال خرج نافع بن الأزرق . . . فذكره


النوع السابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز
2439 - تقدم الخلاف في ذلك في النوع السادس عشر ونورد هنا أمثلة ذلك وقد رأيت فيه تأليفا مفردا
2440 - أخرج أبو عبيد من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله وأنتم سامدون قال الغناء وهي يمانية
2441 - وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة هي بالحميرية
2442 - وأخرج أبو عبيد عن الحسن قال كنا لا ندري ما الأرائك حتى لقينا رجل من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة فيها السرير
2443 - وأخرج عن الضحاك في قوله تعالى ولو ألقى معاذيره قال ستوره بلغة أهل اليمن
2444 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله تعالى لا وزر قال لا حيل وهي بلغة أهل اليمن
2445 - وأخرج عن عكرمة في قوله تعالى وزوجناهم بحور قال هي لغة يمانية وذلك أن أهل اليمن يقولون زوجنا فلانا بفلانة
2446 - قال الراغب في مفرداته ولم يجيء في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا بالمناكحة

2447 - وأخرج عن الحسن في قوله تعالى لو أردنا أن نتخذ لهوا قال اللهو بلسان اليمن المرأة
2448 - وأخرج عن محمد بن علي في قوله تعالى ونادى نوح ابنه قال هي بلغة طيء ابن امرأته
2449 - قلت وقد قرئ ونادى نوح ابنها
2450 - وأخرج عن الضحاك في قوله تعالى أعصر خمرا قال عنبا بلغة أهل عمان يسمون العنب خمرا
2451 - وأخرج ابن عباس في قوله تعالى أتدعون بعلا قال ربا بلغة أهل اليمن
2452 - وأخرج عن قتادة قال بعلا ربا بلغة أزدشنودة
2453 - وأخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف عن ابن عباس قال الوزر ولد الولد بلغة هذيل
2454 - وأخرج فيه عن ابن الكلبي قال المرجان صغار اللؤلؤ بلغة اليمن
2455 - وأخرج في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان عن مجاهد قال الصواع الطرجهالة بلغة حمير
2456 - وأخرج فيه عن أبي صالح في قوله تعالى ألم ييأس الذين آمنوا قالوا أفلم يعلموا بلغة هوازن
2457 - وقال الفراء قال الكلبي بلغة النخع
2458 - وفي مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس يفتنكم يضلكم بلغة هوازن
2459 - وفيها بورا هلكى بلغة عمان
2460 - وفيها فنقبوا هربوا بلغة اليمن
2461 - وفيها لا يلتكم لا ينقصكم بلغة بني عبس

2462 - وفيها مراغما منفسحا بلغة هذيل
2463 - وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن عمرو بن شرحبيل في قوله تعالى سيل العرم المسناة بلغة أهل اليمن
2464 - وأخرج جويبر في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى في الكتاب مسطورا قال مكتوبا وهي لغة حميرية يسمون الكتاب أسطورا
2465 - وقال أبو القاسم في الكتاب الذي ألفه في هذا النوع في القرآن
1 -
بلغة كنانة 2466 - السفهاء الجهال
2467 - خاسئين صاغرين
2468 - شطره تلقاءه
2469 - لا خلاق لا نصيب
2470 - وجعلكم ملوكا أحرارا
2471 - قبيلا عيانا
2472 - بمعجزين سابقين
2473 - يعزب يغيب
2474 - ولا تركنوا ولا تميلوا
2475 - في فجوة ناحية
2476 موئلا ملجأ
2477 مبلسون آيسون

2478 - دحورا طردا
2479 - الخراصون الكذابون
2480 - أسفارا كتبا
2481 - أقتت جمعت
2482 - كنود كفور للنعم
2 -
بلغة هذيل 2483 - والرجز العذاب
2484 - شروا باعوا
2485 - عزموا الطلاق حققوا
2486 - صلدا نقيا
2487 - آناء الليل ساعاته
2488 - من فورهم وجههم
2489 - مدرارا متتابعا
2490 - فرقانا مخرجا
2491 - حرض حض
2492 - عيلة فاقة
2493 - وليجة بطانة
2494 انفروا اغزوا
2495 السائحون الصائمون

2496 - العنت الإثم
2497 - ببدنك بدرعك
2498 - غمة شبهة
2499 - لدلوك الشمس زوالها
2500 - شاكلته ناحيته
2501 - رجما ظنا
2502 - ملتحدا ملجأ
2503 - يرجو يخاف
2504 - هضما نقصا
2505 - هامدة مغبرة
2506 - واقصد في مشيك أسرع
2507 - الأجداث القبور
2508 - ثاقب مضيء
2509 - بالهم حالهم
2510 - يهجعون ينامون
2511 - ذنوبا عذابا
2512 دسر المسامير
2513 من تفاوت عيب

2514 - أرجائها نواحيها
2515 - أطوارا ألوانا
2516 - بردا نوما
2517 - واجفة خائفة
2518 - مسغبة مجاعة
2519 - المبذرين المسرفين
3 -
وبلغة حمير 2520 - أن تفشلا أن تجبنا
2521 - عثر اطلع
2522 - في سفاهة جنون
2523 - فزيلنا فميزنا
2524 - مرجوا حقيرا
2525 - السقاية الإناء
2526 - مسنون منتن
2527 - إمام كتاب
2528 - فسينغضون يحركون
2529 - حسبانا بردا
2530 من الكبر عتيا نحولا

2531 - مآرب حاجات
2532 - خرجا جعلا
2533 - غراما بلاء
2534 - الصرح البيت
2535 - أنكر الأصوات أقبحها
2536 - يتركم ينقصكم
2537 - مدينين محاسبين
2538 - رابية شديدة
2539 - وبيلا شديدا
4 -
بلغة جرهم 2539 - م1 بجبار بمسلط
2539 - م2 مرض زنا
2539 - م3 القطر النحاس
2539 - م4 محشورة مجموعة
2539 - م5 معكوفا محبوسا
2540 - فباؤوا استوجبوا
2541 - شقاق ضلال
2542 - خيرا مالا
2543 - كدأب كأشباه
2544 - تعولوا تميلوا
2545 - لم يغنوا لم يتمتعوا
2546 فشرد نكل
2547 أراذلنا سفلتنا

2548 - عصيب شديد
2549 - لفيفا جميعا
2550 - محسورا منقطعا
2551 - حدب جانب
2552 - من خلاله السحاب
2553 - الودق المطر
2554 - لشرذمة عصابة
2555 - ريع طريق
2556 - ينسلون يخرجون
2557 - لشوبا مزجا
2558 - الحبك الطرائق
2559 - بسور الحائط
5 -
وبلغة أزدشنوءة 2560 - لا شية لا وضح
2561 - العضل الحبس
2562 - أمة سنين
2563 الرس البئر
2564 كاظمين مكروبين

2565 - غسلين الحار الذي تناهى حره
2566 - لواحة حراقه
6 -
وبلغة مذحج 2567 - رفث جماع
2568 - مقيتا مقتدرا
2569 - بظاهر من القول بكذب
2570 - بالوصيد الفناء
2571 - حقبا دهرا
2572 - الخرطوم الأنف
7 -
وبلغة خثعم 2573 - تسيمون ترعون
2574 - مريج منتشر
2575 - صغت مالت
2576 - هلوعا ضجورا
2577 - شططا كذبا
8 -
وبلغة قيس عيلان 2578 - نحلة فريضة
2579 حرجا ضيقا
2580 لخاسرون مضيعون

2581 - تفندون تستهزئون
2582 - صياصيهم حصونهم
2583 - تحبرون تنعمون
2584 - رجيم ملعون
2585 - يلتكم ينقصكم
9 -
وبلغة سعد العشيرة 2586 - حفدة أختان
2587 - كل عيال
10 -
وبلغة كندة 2588 - فجاجا طرقا
2589 - وبست فتتت
2590 - تبتئس تحزن
11 -
وبلغة عذرة 2591 - اخسؤوا اخزوا
12 -
وبلغة حضرموت 2592 - ربيون رجال
2593 - دمرنا أهلكنا
2594 لغوب إعياء
2595 منسأته عصاه

13 -
وبلغة غسان 2596 - طفقا عمدا
2597 - بئيس شديد
2598 - سيء بهم كرههم
14 -
وبلغة مزينة 2599 - لا تغلوا لا تزيدوا
15 -
وبلغة لخم 2600 - إملاق جوع
2601 - ولتعلن ولتقهرن
16 -
وبلغة جذام 2602 - فجاشوا خلال الديار تخللوا الأزقة
17 -
وبلغة بني حنيفة 2603 - بالعقود العهود
2604 - جناح اليد
2605 - الرهب الفزع
18 -
وبلغة اليمامة 2606 - حصرت ضاقت
19 -
وبلغة سبأ 2607 تميلوا ميلا عظيما تخطئوا خطأ بينا

2608 - تبرنا أهلكنا
20 -
وبلغة سليم 2609 - نكص رجع
21 -
وبلغة عمارة 2610 - الصاعقة الموت
21م - وبلغة طيء
2610 - م1 ينعق يصيح
2610 - م2 رغدا خصبا
2610 - م3 سفه نفسه خسرها
2610 - م4 يس يا إنسان
22 -
وبلغة خزاعة 2611 - أفيضوا انفروا والإفضاء الجماع
23 -
وبلغة عمان 2612 - خبالا غيا
2613 - نفقا سربا
2614 - حيث أصاب أراد
24 -
وبلغة تميم 2615 - أمة نسيان
2616 - بغيا حسدا
25 -
وبلغة أنمار 2617 - طائره عمله
2618 - أغطش أظلم
26 -
وبلغة الأشعريين 2619 لأحتنكن لأستأصلن

2620 - تارة مرة
2621 - اشمأزت مالت ونفرت
27 -
وبلغة الأوس 2622 - لينة النخل
28 -
وبلغة الخزرج 2623 - ينفضوا يذهبوا
29 -
وبلغة مدين 2624 - فافرق فاقض
انتهى ما ذكره أبو القاسم ملخصا
2625 - وقال أبو بكر الواسطي في كتابه الإرشاد في القراءات العشر في القرآن من اللغات خمسون لغة لغة قريش وهذيل وكنانة وخثعم والخزرج وأشعر ونمير وقيس وعيلان وجرهم واليمن وأزدشنوءة وكندة وتميم وحمير ومدين ولخم وسعد العشيرة وحضرموت وسدوس والعمالقة وأنمار وغسان ومذحج وخزاعة وغطفان وسبأ وعمان وبنو حنيفة وثعلبة وطيئ وعامر بن صعصعة وأوس ومزينة وثقيف وجذام وبلي وعذرة وهوازن والنمر واليمامة
ومن غير العربية الفرس والروم والنبط والحبشة والبربر والسريانية والعبرانية والقبط
2626 - ثم ذكر في أمثلة ذلك غالب ما تقدم عن أبي القاسم وزاد
الرجز العذاب بلغة بلي
2627 - طائف من الشيطان نخسة بلغة ثقيف
2628 - بالأحقاف الرمال بلغة ثعلبة

2629 - وقال ابن الجوزي في فنون الأفنان في القرآن
1 -
بلغة همذان وريحان الرزق
2630 - عين بيض
2631 - وعبقري الطنافس
2 -
وبلغة نصر بن معاوية 2632 - ختار الغدار
3 -
وبلغة عامر بن صعصعة 2633 - وحفدة الخدم
4 -
وبلغة ثقيف 2634 - تعولوا العول الميل
5 -
وبلغة عك 2635 - الصور القرن
2636 - وقال ابن عبد البر في التمهيد قول من قال نزل بلغة قريش معناه عندي الأغلب لأن غير لغة قريش موجودة في جميع القراءات من تحقيق الهمزة ونحوها وقريش لا تهمز
2637 - وقال الشيخ جمال الدين بن مالك أنزل الله القرآن بلغة الحجازيين إلا قليلا فإنه نزل بلغة التميميين كالإدغام في ومن يشاق الله وفي ومن يرتد منكم عن دينه فإن إدغام المجزوم لغة تميم ولهذا قل والفك لغة الحجاز ولهذا كثر نحو وليملل يحببكم الله يمددكم اشدد به أزري ومن يحلل عليه غضبي

2638 - قال وقد أجمع القراء على نصب إلا اتباع الظن لأن لغة الحجاز بين التزام النصب في المنقطع كما أجمعوا على نصب ما هذا بشرا لأن لغتهم إعمال ما
2639 - وزعم الزمخشري في قوله قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله أنه استثناء منقطع جاء على لغة بني تميم
فائدة 2640 - قال الواسطي ليس في القرآن حرف غريب من لغة قريش غير ثلاثة أحرف لأن كلام قريش سهل لين واضح وكلام العرب وحشي غربي فليس في القرآن إلا ثلاثة أحرف غريبة فسينغضون وهو تحريك الرأس مقيتا مقتدرا فشرد بهم سمع


النوع الثامن والثلاثون
فيما وقع فيه بغير لغة العرب 2641 - قد أفردت في هذا النوع كتابا سميته المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب وها أنا ألخص هنا فوائده فأقول اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن فالأكثرون ومنهم الإمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكرو بن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالى قرآنا عربيا وقوله تعالى ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي وقد شدد الشافعي النكير على القائل بذلك
2642 - وقال أبو عبيدة إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن كذابا بالنبطية فقد أكبر القول
2643 - وقال ابن فارس لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها
2644 - وقال ابن جرير ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد
2645 - وقال غيره بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الألسنة في أسفارهم فعلقت من لغاتهم ألفاظا غيرت بعضها بالنقص من حروفها واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن
2646 - وقال آخرون كل هذه الألفاظ عربية صرفة ولكن لغة العرب متسعة

جدا ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الجلة وقد خفي على ابن عباس معنى فاطر وفاتح
2647 - قال الشافعي في الرسالة لا يحيط باللغة إلا نبي
2648 - وقال أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك إنما وجدت هذه الألفاظ في لغة العرب لأنها أوسع اللغات وأكثرها ألفاظا ويجوز أن يكونوا سبقوا إلى هذه الالفاظ
2649 - وذهب آخرون إلى وقوعه فيه وأجابوا عن قوله تعالى قرآنا عربيا بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا والقصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية وعن قوله تعالى أأعجمي وعربي بأن المعنى من السياق أكلام أعجمي ومخاطب عربي واستدلوا بإتفاق النحاة على أن منع صرف نحو إبراهيم للعلمية والعجمة ورد هذا الاستدلال بأن الأعلام ليست محل خلاف فالكلام في غيرها موجه بأنه إذا اتفق على وقوع الأعلام فلا مانع من وقوع الأجناس وأقوى ما رأيته للوقوع وهو اختياري ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل قال في القرآن من كل لسان
2650 - وروى مثله عن سعيد بن جبير ووهب بن منبه
2651 - فهذه إشارة إلى أن حكمة وقوع هذه الألفاظ في القرآن أنه حوى علوم الأولين والآخرين ونبأ كل شيء فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات والألسن ليتم إحاطته بكل شيء فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالا للعرب ثم رأيت ابن النقيب صرح بذلك فقال من خصائص القرآن على سائر كتب الله تعالى المنزلة أنها نزلت بلغة القوم الذين أنزلت عليهم ولم ينزل فيها شيء بلغة غيرهم والقرآن احتوى على جميع لغات العرب وأنزل فيه بلغات غيرهم من الروم والفرس والحبشة شيء كثير انتهى
2652 - وأيضا النبي مرسل إلى كل أمة وقد قال تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه فلا بد وأن يكون في الكتاب المبعوث به من لسان كل قوم وإن كان أصله بلغة قومه هو

2653 - وقد رأيت الخويي ذكر لوقوع المعرب في القرآن فائدة أخرى فقال إن قيل أن إستبرق ليس بعربي وغير العربي من الألفاظ دون العربي في الفصاحة والبلاغة فنقول لو اجتمع فصحاء العالم وأرادوا أن يتركوا هذه اللفظة ويأتوا بلفظ يقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا عن ذلك وذلك لأن الله تعالى إذا حث عباده على الطاعة فإن لم يرغبهم بالوعد الجميل ويخوفهم بالعذاب الوبيل لا يكون حثه على وجه الحكمة فالوعد والوعيد نظرا إلى الفصاحة واجب ثم إن الوعد بما يرغب فيه العقلاء وذلك منحصر في أمور الأماكن الطيبة ثم المآكل الشهية ثم المشارب الهنية ثم الملابس الرفيعة ثم المناكح اللذيذة ثم ما بعده مما يختلف فيه الطباع فإذن ذكر الأماكن الطيبة والوعد به لازم عند الفصيح ولو تركه لقال من أمر بالعبادة ووعد عليها بالأكل والشرب إن الأكل والشرب لا ألتذ به إذا كنت في حبس أو موضع كريه فإذن ذكر الله الجنة ومساكن طيبة فيها وكان ينبغي أن يذكر من الملابس ما هو أرفعها وأرفع الملابس في الدنيا الحرير وأما الذهب فليس مما ينسج منه ثوب ثم إن الثوب الذي من غير الحرير لا يعتبر فيه الوزن والثقل وربما يكون الصفيق الخفيف أرفع من الثقيف الوزن وأما الحرير فكلما كان ثوبه أثقل كان أرفع فحينئذ وجب على الفصيح أن يذكر الأثقل والأثخن ولا يتركه في الوعد لئلا يقصر في الحث والدعاء ثم هذا الواجب الذكر إما أن يذكر بلفظ واحد موضوع له صريح أو لا يذكر بمثل هذا ولا شك أن الذكر باللفظ الواحد الصريح أولى لأنه أوجز وأظهر في الإفادة وذلك إستبرق فإن أراد الفصيح أن يترك هذا اللفظ ويأتي بلفظ آخر لم يمكنه لأن ما يقوم مقامه إما لفظ واحد أو ألفاظ متعددة ولا يجد العربي لفظا واحدا يدل عليه لأن الثياب من الحرير عرفها العرب من الفرس ولم يكن لهم بها عهد ولا وضع في اللغة العربية للديباج الثخين اسم وإنما عربوا ما سمعوا من العجم واستغنوا به عن الوضع لقلة وجوده عندهم وندرة تلفظهم به وأما إن ذكره بلفظين فأكثر فإنه يكون قد أخل بالبلاغة لأن ذكر لفظين لمعنى يمكن ذكره بلفظ تطويل فعلم بهذا أن لفظ إستبرق يجب على كل فصيح أن يتكلم به في موضعه ولا يجد ما يقوم مقامه وأي فصاحة أبلغ من أن لا يوجد غيره مثله انتهى
2654 - وقال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء والمنع عن العربية والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا وذلك أن

هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب فمن قال إنها عربية فهو صادق ومن قال أعجمية فصادق ومال إلى هذا القول الجواليقي وابن الجوزي وآخرون
2655 - وهذا سرد الألفاظ الواردة في القرآن من ذلك مرتبة على حروف المعجم
2656 - أباريق حكى الثعالبي في فقه اللغة أنها فارسية وقال الجواليقي الإبريق فارسي معرب ومعناه طريق الماء أو صب الماء على هينة
2657 - أب قال بعضهم هو الحشيش بلغة أهل الغرب حكاه شيذلة
2658 - أبلعي أخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه في قوله تعالى أبلعي ماءك قال بالحبشية أزدرديه
2659 - وأخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال اشربي بلغة الهند
2660 - أخلد قال الواسطي في الإرشاد أخلد إلى الأرض ركن بالعبرية
2661 - الأرائك حكى ابن الجوزي في فنون الأفنان أنها السرر بالحبشية
2662 - آزر عد في المعرب على قول من قال إنه ليس بعلم لأبي إبراهيم ولا للصنم
2663 - وقال ابن أبي حاتم ذكر عن معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يقرأ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر يعني بالرفع قال بلغني أنها أعوج وأنها أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه وقال بعضهم هي بلغتهم يا مخطئ
2664 - أسباط حكى أبو الليث في تفسيره أنها بلغتهم كالقبائل بلغة العرب

2665 - إستبرق أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه الديباج الغليظ بلغة العجم
2666 - أسفار قال الواسطي في الإرشاد هي الكتب بالسريانية
2667 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال هي الكتب بالنبطية
2668 - إصري قال أبو القاسم في لغات القرآن معناه عهدي بالنبطية
2669 - أكواب حكى ابن الجوزي أنها الأكواز بالنبطية
2670 - وأخرج ابن جرير عن الضحاك أنها بالنبطية جرار ليست لها عرى
2671 - إل قال ابن جنى ذكروا أنه اسم الله تعالى بالنبطية
2672 - أليم حكى ابن الجوزي أنه الموجع بالزنجية وقال شيذلة بالعبرانية
2673 - إناه نضجه بلسان أهل المغرب ذكره شيذلة وقال أبو القاسم بلغة البربر وقال في قوله تعالى حميم آن هو الذي انتهى حره بها وفي قوله تعالى من عين آنية أي حارة بها
2674 - أواه أخرج أبو الشيخ بن حبان من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الأواه الموقن بلسان الحبشة
2675 - وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن مجاهد وعكرمة
2676 - وأخرج عن عمرو بن شرحبيل قال الرحيم بلسان الحبشة
2677 - وقال الواسطي الأواه الدعاء بالعبرية
2678 - أواب أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل قال الأواب المسبح بلسان الحبشة
2679 - وأخرج ابن جرير عنه في قوله تعالى أوبي معه قال سبحي بلسان الحبشة
2680 - الملة الآخرة قال شيذلة الجاهلية الأولى أي الآخرة في الملة

الآخرة أي الأولى بالقبطية والقبط يسمون الآخرة الأولى والأولى الآخرة وحكاه الزركشي في البرهان
2681 - بطائنها قال شيذلة في قوله تعالى بطائنها من إستبرق أي ظواهرها بالقبطية وحكاه الزركشي
2682 - بعير أخرج الفريابي عن مجاهد في قوله تعالى كيل بعير أي كيل حمار
2683 - وعن مقاتل إن البعير كل ما يحمل عليه بالعبرانية
2684 - بيع قال الجواليقي في كتاب المعرب البيعة والكنيسة جعلهما بعض العلماء فارسيين معربين
2685 - تنور ذكروا الجواليقي والثعالبي أنه فارسي معرب
2686 - تتبيرا أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى وليتبروا ما علوا تتبيرا قال تبره بالنبطية
2687 - تحت قال أبو القاسم في لغات القرآن في قوله تعالى فناداها من تحتها أي بطنها بالنبطية
2688 - ونقل الكرماني في العجائب مثله عن مؤرخ
2689 - الجبت أخر ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الجبت اسم الشيطان بالحبشية
2690 - وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال الجبت بلسان الحبشة الشيطان وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال الجبت الساحر بلسان الحبشة
2691 - جهنم قيل أعجمية وقيل فارسية وعبرانية أصلها كهنام

2692 - حرم أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال وحرم وجب بالحبشية
2693 - حصب أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى حصب جهنم قال حطب جهنم بالزنجية
2694 - حطة قيل معناه قولوا صوابا بلغتهم
2695 - حواريون أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الحواريون الغسالون بالنبطية وأصله هواري
2696 - حوب تقدم في مسائل نافع بن الأزرق عن ابن عباس أنه قال حوبا إثما بلغة الحبشة
2697 - دارست معناه قارأت بلغة اليهود
2698 - دري معناه المضيء بالحبشية حكاه شيذلة وأبو القاسم
2699 - دينار ذكر الجواليقي وغيره أنه فارسي
2700 - راعنا أخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن ابن عباس قال راعنا سب بلسان اليهود
2701 - ربانيون قال الجواليقي قال أبو عبيدة العرب لا تعرف الربانيين وإنما عرفها الفقهاء وأهل العلم قال وأحسب الكلمة ليست بعربية وإنما هي عبرانية أو سريانية وجزم القاسم بأنها سريانية
2702 - ربيون ذكر أبو حاتم أحمد بن حمدان اللغوي في كتاب الزينة أنها سريانية
2703 - الرحمن ذهب المبرد وثعلب إلى أنه عبراني وأصله بالخاء المعجمة
2704 - الرس في العجائب للكرماني إنه عجمي ومعناه البئر
2705 - الرقيم قيل إنه اللوح بالرومية حكاه شيذلة
2706 وقال أبو القاسم هو الكتاب بها

2707 - وقال الواسطي هو الدواة بها
2708 - رمزا عده ابن الجوزي في فنون الأفنان من المعرب
2709 - وقال الواسطي هو تحريك الشفتين بالعبرية
2710 - رهوا قال أبو القاسم في قوله تعالى واترك البحر رهوا أي سهلا دمثا بلغة النبط
2711 - وقال الواسطي أي ساكنا بالسريانية
2712 - الروم قال الجواليقي هو أعجمي اسم لهذا الجيل من الناس
2713 - زنجبيل ذكر الجواليقي والثعالبي أنه فارسي
2714 - السجل أخرج ابن مردويه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس قال السجل بلغة الحبشة الرجل
2715 - وفي المحتسب لابن جني السجل الكتاب قال قوم هو فارسي معرب
2716 - سجيل أخرج الفريابي عن مجاهد قال سجيل بالفارسية أولها حجارة وآخرها طين
2717 - سجين ذكر أبو حاتم في كتاب الزينة أنه غير عربي
2718 - سرادق قال الجواليقي فارسي معرب وأصله سرادر وهو الدهليز
2719 - وقال غيره الصواب أنه بالفارسية سرابرده أي ستر الدار
2720 - سري أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى سريا قال نهرا بالسريانية
2721 وعن سعيد بن جبير بالنبطية

2722 - وحكى شيذلة أنه باليونانية
2723 - سفرة أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله تعالى بأيدي سفرة قال بالنبطية القراء
2724 - سقر ذكر الجواليقي أنها أعجمية
2725 - سجدا قال الواسطي في قوله تعالى وادخلوا الباب سجدا أي مقنعي الرؤوس بالسريانية
2726 - سكر أخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس قال السكر بلسان الحبشة الخل
2727 - سلسبيل حكى الجواليقي أنه عجمي
2728 - سنا عده الحافظ ابن حجر في نظمه ولم أقف عليه لغيره
2729 - سندس قال الجواليقي هو رقيق الديباج بالفارسية
2730 - وقال الليث لم يختلف أهل اللغة والمفسرون في أنه معرب
2731 - وقال شيذلة هو بالهندية
2732 - سيدها قال الواسطي في قوله تعالى وألفينا سيدها لدى الباب أي زوجها بلسان القبط
2733 - قال أبو عمرو لا أعرفها في لغة العرب
2734 - سينين أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن عكرمة قال سينين الحسن بلسان الحبشة
2735 - سيناء أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال سيناء بالنبطية الحسن
2736 - شطر أخرج ابن أبي حاتم عن رفيع في قوله تعالى شطر المسجد قال تلقاء بلسان الحبش

2737 - شهر قال الجواليقي ذكر بعض أهل اللغة أنه بالسريانية
2738 - الصراط حكى النقاش وابن الجوزي أنه الطريق بلغة الروم ثم رأيته في كتاب الزينة لأبي حاتم
2739 - صرهن أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله تعالى فصرهن قال هي نبطية فشققهن
2740 - وأخرج مثله عن الضحاك
2741 - وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال مامن اللغة شيء إلا منها في القرآن شيء قيل وما فيه من الرومية قال فصرهن يقول قطعهن
2742 - صلوات قال الجواليقي هي بالعبرانية كنائس اليهود وأصلها صلوتا
2743 - وأخرج ابن أبي حاتم نحوه عن الضحاك
2744 - طه أخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى طه قال هو كقولك يا محمد بلسان الحبش
1745 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال طه بالنبطية
2746 - وأخرج عن سعيد بن جبير قال طه يا رجل بالنبطية
2747 - وأخرج عن عكرمة قال طه يا رجل بلسان الحبشة
2748 - الطاغوت هو الكاهن بالحبشية
2749 - طفقا قال بعضهم معناه قصدا بالرومية وحكاه شيذلة
2750 - طوبى اسم الجنة بالحبشية وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال بالهندية
2751 - طور أخرج الفريابي عن مجاهد قال الطور الجبل بالسريانية
2752 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه بالنبطية

2752 - م طوى في العجائب للكرماني قيل هو معرب معناه ليلا وقيل هو رجل بالعبرانية
2753 - عبدت قال أبو القاسم في قوله تعالى عبدت بني إسرائيل معناه قتلت بلغة النبط
2754 - عدن أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه سأل كعبا عن قوله تعالى جنات عدن قال جنات كروم وأعناب بالسريانية
2755 - ومن تفسير جويبر أنه بالرومية
2756 - العرم أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال العرم بالحبشية وهي المسناة التي يجمع فيها الماء ثم ينبثق
2757 - غساق قال الجواليقي والواسطي هو البارد المنتن بلسان الترك
2758 - وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال الغساق المنتن وهو بالطخارية
2759 - غيض قال أبو القاسم غيض نقص بلغة الحبشة
2760 - فردوس أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وقال الفردوس بستان بالرومية
2761 - وأخرج عن السدي قال الكرم بالنبطية وأصله فرداسا
2762 - فوم قال الواسطي هو الحنطة بالعبرية
2763 - قراطيس قال الجواليقي يقال إن القرطاس أصله غير عربي
2764 - قسط أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال القسط العدل بالرومية
2765 - قسطاس أخرج الفريابي عن مجاهد قال القسطاس العدل بالرومية
2766 - وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال القسطاس بلغة الروم الميزان

2767 - قسورة أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال الأسد يقال له بالحبشية قسورة
2768 - قطنا قال أبو القاسم معناه كتابنا بالنبطية
2769 - قفل حكى الجواليقي عن بعضهم أنه فارسي معرب
2770 - قمل قال الواسطي الدبا بلسان العبرية والسريانية
2771 - قال أبو عمرو لا أعرفه في لغة أحد من العرب
2772 - قنطار ذكر الثعالبي في فقه اللغة أنه بالرومية اثنا عشر ألف أوقية
2773 - وقال الخليل زعموا أنه بالسريانية ملء جلد ثور ذهبا أو فضة
2774 - وقال بعضهم إنه بلغة بربر ألف مثقال
2775 - وقال ابن قتيبة قيل إنه ثمانية آلاف مثقال بلسان أهل إفريقية
2776 - القيوم قال الواسطي هو الذي لا ينام بالسريانية
2777 - كافور ذكر الجواليقي وغيره أنه فارسي معرب
2778 - كفر قال ابن الجوزي كفر عنا معناه امح عنا بالنبطية
2779 - وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله تعالى كفر عنهم سيئاتهم قال بالعبرانية محا عنهم
2780 - كفلين أخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال كفلين ضعفين بالحبشية
2781 - كنز ذكر الجواليقي أنه فارسي معرب
2782 - كورت أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير كورت غورت وهي بالفارسية
2783 - لينة في الإرشاد للواسطي هي النخلة
2784 وقال الكلبي لا أعلمها إلا بلسان يهود يثرب

2785 - متكأ أخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن تمام الشقري قال متكأ بلسان الحبش يسمون الترنج متكأ
2786 - مجوس ذكر الجواليقي أنه أعجمي
2787 - مرجان حكى الجواليقي عن بعض أهل اللغة أنه أعجمي
2787 - م مسك ذكر الثعالبي أنه فارسي
2788 - مشكاة أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال المشكاة الكوة بلغة الحبشة
2789 - مقاليد أخرج الفريابي عن مجاهد قال مقاليد مفاتيح بالفارسية
2790 - وقال ابن دريد والجواليقي الإقليد والمقليد المفتاح فارسي معرب
2791 - مرقوم قال الواسطي في قوله تعالى كتاب مرقوم أي مكتوب بلسان العبرية
2792 - مزجاة قال الواسطي مزجاة قليلة بلسان العجم وقيل بلسان القبط
2793 - ملكوت أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى ملكوت قال هو الملك ولكنه بكلام النبطية ملكوتا
2794 - وأخرجه أبو الشيخ عن ابن عباس وقال الواسطي في الإرشاد هو الملك بلسان النبط
2795 - مناص قال أبو القاسم معناه فرار بالنبطية
2796 - منسأة أخرج ابن جرير عن السدي قال المنسأة العصا بلسان الحبشة
2797 - منفطر أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله تعالى السماء منفطر به قال ممتلئة به بلسان الحبشة

2798 - مهل قيل هو عكر الزيت بلسان أهل المغرب حكاه شيذلة
2799 - وقال أبو القاسم بلغة البربر
2800 - ناشئة أخرج الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود قال ناشئة الليل قيام الليل بالحبشية
2801 - وأخرج البيهقي عن ابن عباس مثله
2802 - ن حكى الكرماني في العجائب عن الضحاك أنه فارسي أصله النون ومعناه أصنع ما شئت
2803 - هدنا قيل معناه تبنا بالعبرانية حكاه شيذلة وغيره
2804 - هود قال الجواليقي الهود اليهود أعجمي
2805 - هون أخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله تعالى يمشون على الأرض هونا قال حكماء بالسريانية
2806 - وأخرج عن الضحاك مثله
2807 - وأخرج عن أبي عمران الجوني أنه بالعبرانية
2808 - هيت لك أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال هيت لك هلم لك بالقبطية
2809 - وقال الحسن هي بالسريانية كذلك أخرجه ابن جرير
2810 - وقال عكرمة هي بالحورانية كذلك أخرجه أبو الشيخ
2811 - وقال أبو زيد الأنصاري هي بالعبرانية وأصله هيتلج أي تعاله
2812 - وراء قيل معناه أمام بالنبطية وحكاه شيذلة وأبو القاسم
2813 - وذكر الجواليقي أنها غير عربية
2814 - وردة ذكر الجواليقي أنها غير عربية
2815 - وزر قال أبو القاسم هو الحبل والملجأ بالنبطية

2816 - ياقوت ذكر الجواليقي والثعالبي وآخرون أنه فارسي
2817 - يحور أخرج ابن أبي حاتم عن داود بن هند في قوله تعالى إنه ظن أن لن يحور قال بلغة الحبشة يرجع
2818 - وأخرج مثله عن عكرمة
2819 - وتقدم في أسئلة نافع بن الأزرق عن ابن عباس
2820 - يس أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى يس قال يا إنسان بالحبشية
2821 - وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال يس يا رجل بلغة الحبشة
2822 - يصدون قال ابن الجوزي معناه يضجون بالحبشية
2823 - يصهر قيل معناه ينضج بلسان أهل المغرب حكاه شيذلة
2824 - اليم قال ابن قتيبة اليم البحر بالسريانية
2825 - وقال ابن الجوزي بالعبرانية
2826 - وقال شيذلة بالقبطية
2827 - اليهود قال الجواليقي أعجمي معرب منسوبون إلى يهوذا بن يعقوب فعرب بإهمال الدال
2828 - فهذا ما وقفت عليه من الألفاظ المعربة في القرآن بعد الفحص الشديد سنين ولم تجتمع قبل في كتاب قبل هذا
2829 - وقد نظم القاضي تاج الدين بن السبكي منها سبعة وعشرين لفظا في أبيات وذيل عليها الحافظ أبو الفضل بن حجر بأبيات فيها أربعة وعشرون لفظا وذيلت عليها بالباقي وهو بضع وستون فتمت أكثر من مائة لفظة فقال ابن السبكي

السلسبيل وطه كورت بيع ... روم وطوبى وسجيل وكافور
والزنجبيل ومشكاة سرادق مع ... إستبرق صلوات سندس طور
كذا قراطيس ربانيهم وغساق ... ودينار والقسطاس مشهور
كذاك قسورة واليم ناشئة ... ويؤت كفلين مذكور ومسطور
له مقاليد فردوس يعد كذا ... فيما حكى ابن دريد منه تنور
2830 - وقال ابن حجر
وزدت حرم ومهل والسجل كذا ... السري والأب ثم الجبت مذكور
وقطنا وإناه ثم متكئا ... دارست يصهر منه فهو مصهور
وهيت والسكر الأواه مع حصب ... وأوبي معه والطاغوت مسطور
صرهن إصري وغيض الماء مع وزر ... ثم الرقيم مناص والسنا النور
2831 - وقلت أيضا
وزدت يس والرحمن مع ملكوت ... ثم سينين شطر البيت مشهور
ثم الصراط ودري يحور ومرجان ... ويم مع القنطار مذكور
وراعنا طفقا هدنا ابلعي ووراء ... والأرائك والأكواب مأثور
هود وقسط كفر رمزه سقر ... هون يصدون والمنساة مسطور
شهر مجوس وإقفال يهود حواريون ... كنز وسجين وتتبير
بعير آزر حوب وردة عرم ... إل ومن تحتها عبدت والصور
ولينة فومها رهو وأخلد مزجاة ... وسيدها القيوم موقور
وقمل ثم أسفار عنى كتبا ... وسجدا ثم ربيون تكثير
وحطة وطوى والرس نون كذا ... عدن ومنفطر الأسباط مذكور
مسك أباريق ياقوت رووا فهنا ... ما فات من عدد الألفاظ محصور
وبعضهم عد الأولى مع بطائنها ... والآخره لمعاني الضد مقصور


النوع التاسع والثلاثون
في معرفة الوجوه والنظائر 2832 - صنف فيها قديما مقاتل بن سليمان ومن المتأخرين ابن الجوزي وابن الدامغاني وأبو الحسين محمد بن عبد الصمد المصري وابن فارس وآخرون
2833 - فالوجوه للفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الأمة وقد أفردت في هذا الفن كتابا سميته معترك الأقران في مشترك القرآن
2834 - والنظائر كالألفاظ المتواطئة وقيل النظائر في اللفظ والوجوه في المعاني وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة فيجعلون الوجوه نوعا لأقسام والنظائر نوعا آخر
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجها وأكثر وأقل ولا يوجد ذلك في كلام البشر
2835 - وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثا مرفوعا لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة
2836 - قلت هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبي الدرداء موقوفا ولفظه لا يفقه الرجل كل الفقه وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعددة فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد
2837 - وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر

2838 - وقد أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها
قال حماد فقلت لأيوب أرأيت قوله حتى ترى للقرآن وجوها أهو أن يرى له وجوها فيهاب الإقدام عليه قال نعم هو هذا
2839 - وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه ولكن خاصمهم بالسنة
2840 - وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم في بيوتنا نزل قال صدقت ولكن القرآن حمال ذو وجوه تقول ويقولون ولكن خاصمهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصا فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة
2841 - وهذه عيون من أمثلة هذا النوع من ذلك الهدى يأتي على سبعة عشر وجها
1 - بمعنى الثبات اهدنا الصراط المستقيم
2 - والبيان أولئك على هدى من ربهم
3 - والدين إن الهدى هدى الله
4 - والإيمان ويزيد الله الذين اهتدوا هدى
5 - والدعاء ولكل قوم هاد وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا
6 - وبمعنى الرسل والكتب فإما يأتينكن مني هدى
7 - والمعرفة وبالنجم هم يهتدون
8 - وبمعنى النبي إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى

9 - وبمعنى القرآن ولقد جاءهم من ربهم الهدى
10 - والتوراة ولقد آتينا موسى الهدى
11 - والاسترجاع وأولئك هم المهتدون
12 - والحجة لا يهدي القوم الظالمين بعد قوله تعالى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أي لا يهديهم حجة
13 - والتوحيد إن نتبع الهدى معك
14 - والسنة فبهداهم اقتده وإنا على آثارهم مهتدون
15 - والإصلاح وأن الله لا يهدي كيد الخائنين
16 - والإلهام أعطى كل شيء خلقه ثم هدى أي ألهمهم المعاش
17 - والتوبة إنا هدنا إليك
18 - والإرشاد أن يهديني سواء السبيل
2842 - ومن ذلك السوء يأتي على أوجه
1 - الشدة يسومونكم سوء العذاب
2 - والعقر ولا تمسوها بسوء
3 - والزنى ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ما كان أبوك امرأ سوء
4 - والبرص بيضاء من غير سوء
5 - والعذاب إن الخزي اليوم والسوء
6 والشرك ما كنا نعمل من سوء

7 - والشتم لا يحب الله الجهر بالسوء وألسنتهم بالسوء
8 - والذنب يعملون السوء بجهالة
9 - وبمعنى بئس ولهم سوء الدار
10 - والضر ويكشف السوء وما مسني السوء
11 - والقتل والهزيمة لم يمسسهم سوء
2843 - ومن ذلك الصلاة تأتي على أوجه
1 - الصلوات الخمس ويقيمون الصلاة
2 - وصلاة العصر تحبسونهما من بعد الصلاة
3 - وصلاة الجمعة إذا نودي للصلاة
4 - والجنازة ولا تصل على أحد منهم
5 - والدعاء وصل عليهم
6 - والدين أصلاتك تأمرك
7 - والقراءة ولا تجهر بصلاتك
8 - والرحمة والاستغفار إن الله وملائكته يصلون على النبي
9 - ومواضع الصلاة وصلوات ومساجد لا تقربوا الصلاة
2844 - ومن ذلك الرحمة وردت على وجه
1 - الإسلام يختص برحمته من يشاء
2 والإيمان وآتاني رحمة من عنده

3 - والجنة ففي رحمة الله هم فيها خالدون
4 - والمطر بشرا بين يدي رحمته
5 - والنعمة ولولا فضل الله عليكم ورحمته
6 - والنبوة أم عندهم خزائن رحمة ربك أهم يقسمون رحمة ربك
6 - م والقرآن قل بفضل الله وبرحمته
7 - والرزق خزائن رحمة ربي
8 - والنصر والفتح إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة
9 - والعافية أو أرادني برحمة
10 - والمودة رأفة ورحمة رحماء بينهم
11 - والسعة تخفيف من ربكم ورحمة
12 - والمغفرة كتب على نفسه الرحمة
13 - والعصمة لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم
2845 - ومن ذلك الفتنة وردت على أوجه
1 - الشرك والفتنة أشد من القتل حتى لا تكون فتنة
2 - والإضلال ابتغاء الفتنة
3 - والقتل أن يفتنكم الذين كفروا
4 - والصد واحذرهم أن يفتنوك
5 - والضلالة ومن يرد الله فتنته
6 والمعذرة ثم لم تكن فتنتهم

7 - والقضاء إن هي إلا فتنتك
8 - والإثم ألا في الفتنة سقطوا
9 - والمرض يفتنون في كل عام
10 - والعبرة لا تجعلنا فتنة
11 - والعقوبة أن تصيبهم فتنة
12 - والاختبار ولقد فتنا الذين من قبلهم
13 - والعذاب جعل فتنة الناس كعذاب الله
14 - والإحراق يوم هم على النار يفتنون
15 - والجنون بأيكم الفتون
2846 - ومن ذلك الروح ورد على أوجه
1 - الأمر وروح منه
2 - والوحي ينزل الملائكة بالروح
3 - والقرآن أوحينا إليك روحا من أمرنا
4 - والرحمة وأيدهم بروح منه
5 - والحياة فروح وريحان
6 - وجبريل فأرسلنا إليها روحنا نزل به الروح الأمين
7 - وملك عظيم يوم يقوم الروح
8 - وجيش من الملائكة تنزل الملائكة والروح فيها
9 - وروح البدن ويسألونك عن الروح
2847 - ومن ذلك القضاء ورد على أوجه
1 الفراغ فإذا قضيتم مناسككم

2 - والأمر إذا قضى أمرا
3 - والأجل فمنهم من قضى نحبه
4 - والفصل لقضي الأمر بيني وبينكم
5 - والمضي ليقضي الله أمرا كان مفعولا
6 - والهلاك لقضي إليهم أجلهم
7 - والوجوب قضي الأمر
8 - والإبرام في نفس يعقوب قضاها
9 - والإعلام وقضينا إلى بني إسرائيل
10 - والوصية وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
11 - والموت فقضى عليه
12 - والنزول فلما قضينا عليه الموت
13 - والخلق فقضاهن سبع سموات
14 - والفعل كلا لما يقض ما أمره يعني حقا لم يفعل
15 - والعهد إذ قضينا إلى موسى الأمر
2848 - ومن ذلك الذكر ورد على أوجه
1 - ذكر اللسان فاذكروا الله كذكركم آباءكم
2 - وذكر القلب ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم
3 - والحفظ واذكروا ما فيه
4 - والطاعة والجزاء فاذكروني أذكركم
5 - والصلوات الخمس فإذا أمنتم فاذكروا الله
6 والعظة فلما نسوا ما ذكروا به وذكر فإن الذكرى

7 - والبيان أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم
8 - والحديث اذكرني عند ربك أي حدثه بحالي
9 - والقرآن ومن أعرض عن ذكري ما يأتيهم من ذكر
10 - والتوراة فاسألوا أهل الذكر
11 - والخبر سأتلوا عليكم منه ذكرا
12 - والشرف وإنه لذكر لك
13 - والعيب أهذا الذي يذكر آلهتكم
14 - واللوح المحفوظ من بعد الذكر
15 - والثناء وذكر الله كثيرا
16 - والوحي فالتاليات ذكرا
16 - م والرسول ذكرا رسولا
17 - والصلاة ولذكر الله أكبر
18 - وصلاة الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
19 - وصلاة العصر عن ذكر ربي
2849 - ومن ذلك الدعاء ورد على أوجه
1 - العبادة ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك
2 - والاستعانة وادعوا شهداءكم
3 - والسؤال ادعوني أستجب لكم
4 - القول دعواهم فيها سبحانك اللهم
5 - والنداء يوم يدعوكم
6 والتسمية لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا

2850 - ومن ذلك الإحصان ورد على أوجه
1 - العفة والذين يرمون المحصنات
2 - والتزوج فإذا أحصن
3 - والحرية نصف ما على المحصنات من العذاب
فصل 2851 - قال ابن فارس في كتاب الأفراد كل ما في القرآن من ذكر الأسف فمعناه الحزن إلا فلما آسفونا فمعناه أغضبونا
2852 - وكل ما فيه من ذكر البروج فهي الكواكب إلا ولو كنتم في بروج مشيدة فهي القصور الطوال الحصينة
2853 - وكل ما فيه من ذكر البر والبحر فالمراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس إلا ظهر الفساد في البر والبحر فالمراد به البرية والعمران
2854 - وكل ما فيه من بخس فهو النقص إلا بثمن بخس أي حرام
2855 - وكل ما فيه من البعل فهو الزوج إلا أتدعون بعلا فهو الصنم
2856 - وكل ما فيه من البكم فالخرس عن الكلام بالإيمان إلا عميا وبكما وصما في الإسراء و أحدهما أبكم في النحل فالمراد به عدم القدرة على الكلام مطلقا
2857 - وكل ما فيه جثيا فمعناه جميعا إلا وترى كل أمة جاثية فمعناه تجثو على ركبها
2858 - وكل ما فيه من حسبان فهو العدد إلا حسبانا من السماء في الكهف فهو العذاب

2859 - وكل ما فيه حسرة فالندامة إلا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم فمعناه الحزن
2860 - وكل ما فيه من الدحض فالباطل إلا فكان من المدحضين فمعناه من المقروعين
2861 - وكل ما فيه من رجز فالعذاب إلا والرجز فاهجر فالمراد به الصنم
2862 - وكل ما فيه من ريب فالشك إلا ريب المنون يعني حوادث الدهر
2863 - وكل ما فيه من الرجم فهو القتل إلا لأرجمنك فمعناه لأشتمنك و رجما بالغيب أي ظنا
2864 - وكل ما فيه من الزور فالكذب مع الشرك إلا منكرا من القول وزورا فإنه كذب غير الشرك
2865 - وكل ما فيه من زكاة فهو المال إلا وحنانا من لدنا وزكاة أي طهرة
2866 - وكل ما فيه من الزيغ فالميل إلا وإذ زاغت الأبصار أي شخصت
2867 - وكل ما فيه من سخر فالاستهزاء إلا سخريا في الزخرف فهو من التسخير والاستخدام
2868 - وكل سكينة فيه طمأنينة إلا التي في قصة طالوت فهو شيء كرأس الهرة له جناحان

2869 - وكل سعير فيه فهو النار والوقود إلا في ضلال وسعر فهو العناء
2870 - وكل شيطان فيه فإبليس وجنوده إلا وإذا خلوا إلى شياطينهم
2871 - وكل شهيد فيه غير القتلى فمن يشهد في أمور الناس إلا وادعوا شهداءكم فهو شركاؤكم
2872 - وكل ما فيه من أصحاب النار فأهلها إلا وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة فالمراد خزنتها
2873 - وكل صلاة فيه عبادة ورحمة إلا وصلوات ومساجد فهي الأماكن
2874 - وكل صمم فيه ففي سماع الإيمان والقرآن خاصة إلا الذي في الإسراء
2875 - وكل عذاب فيه فالتعذيب إلا وليشهد عذابهما فهو الضرب
2876 - وكل قنوت فيه طاعة إلا كل له قانتون فمعناه مقرون
2877 - وكل كنز فيه مال إلا الذي في الكهف فهو صحيفة علم
2878 - وكل مصباح فيه كوكب إلا الذي في النور فالسراج
2879 - وكل نكاح فيه تزوج إلا حتى إذا بلغوا النكاح فهو الحلم
2880 - وكل نبأ فيه خبر إلا فعميت عليهم الأنباء فهي الحجج

2881 - وكل ورود فيه دخول إلا ولما ورد ماء مدين يعني هجم عليه ولم يدخله
2882 - وكل ما فيه من لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالمراد من العمل إلا التي في الطلاق فالمراد من النفقة
2883 - وكل يأس فيه قنوط إلا التي في الرعد فمن العلم
2884 - وكل صبر فيه محمود إلا لولا أن صبرنا عليها واصبروا على آلهتكم
هذا آخر ما ذكره ابن فارس
2885 - وقال غيره كل صوم فيه فمن العبادة إلا نذرت للرحمن صوما أي صمتا
2886 - وكل ما فيه من الظلمات والنور فالمراد الكفر والإيمان إلا التي في أول الأنعام فالمراد ظلمة الليل ونور النهار
2887 - وكل إنفاق فيه فهو الصدقة إلا فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا فالمراد به المهر
2888 - وقال الداني كل ما فيه من الحضور بالضاد فهو من المشاهدة إلا موضعا واحدا فإنه بالظاء من الاحتظار وهو المنع وهو قوله تعالى كهشيم المحتظر
2889 - وقال ابن خالويه ليس في القرآن بعد بمعنى قبل إلا حرف واحد ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر
2890 - قال مغلطاي في كتاب الميسر قد وجدنا حرفا آخر وهو قوله تعالى والأرض بعد ذلك دحاها

2891 - قال أبو موسى في كتاب المغيث معناه هنا قبل لأنه تعالى خلق الأرض في يومين ثم استوى إلى السماء فعلى هذا خلق الأرض قبل خلق السماء انتهى
2892 - قلت قد تعرض النبي والصحابة والتابعون بشيء من هذا النوع فأخرج الإمام أحمد في مسنده وابن أبي حاتم وغيرهما من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة هذا إسناده جيد وابن حبان يصححه
2893 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كل شيء في القرآن أليم فهو الموجع
2894 - وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كل شيء في القرآن قتل فهو لعن
2895 - وأخرج من طريق الضحاك عن ابن عباس قال كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب
2896 - وقال الفريابي حدثنا قيس عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كل تسبيح في القرآن صلاة وكل سلطان في القرآن حجة
2897 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كل شيء في القرآن الدين فهو الحساب
2898 - وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال كل ريب شك إلا مكانا واحدا في الطور ريب المنون يعني حوادث الأمور
2899 - وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب
2900 - وأخرج عن الضحاك قال كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عنى به الخمر
2901 - وأخرج عنه قال كل شيء في القرآن فاطر فهو خالق

2902 - وأخرج عن سعيد بن جبير قال كل شيء في القرآن إفك فهو كذب
2902 - م وأخرج عن أبي العالية قال كل آية في القرآن في الأمر بالمعروف فهو الإسلام والنهي عن المنكر فهو عبادة الأوثان
2903 - وأخرج عن أبي العالية قال كل آية في القرآن يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنى إلا قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم فالمراد ألا يراها أحد
2904 - وأخرج عن مجاهد قال كل شيء في القرآن إن الإنسان كفور إنما يعني به الكفار
2905 - وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال كل شيء في القرآن خلود فإنه لا توبة له
2906 - وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقل
2907 - وأخرج عنه قال التزكي في القرآن كله إسلام
2908 - وأخرج عن أبي مالك قال وراء في القرآن أمام كله غير حرفين فمن ابتغى وراء ذلك يعني سوى ذلك وأحل لكم ما وراء ذلكم يعني سوى ذلكم
2909 - وأخرج عن أبي بكر بن عياش قال ما كان كسفا فهو عذاب وما كان كسفا فهو قطع السحاب
2910 - وأخرج عن عكرمة قال ما صنع الله فهو السد ما صنع الناس فهو السد
2911 - وأخرج ابن جرير عن أبي روق قال كل شيء في القرآن جعل فهو خلق
2912 - وأخرج عن مجاهد قال المباشرة في كل كتاب الله الجماع

2913 - وأخرج عن ابن زيد قال كل شيء في القرآن فاسق فهو كاذب إلا قليلا
2914 - وأخرج ابن المنذر عن السدي قال ما كان في القرآن حنيفا مسلما وما كان في القرآن حنفاء مسلمين حجاجا
2915 - وأخرج عن سعيد بن جبير قال العفو في القرآن على ثلاثة أنحاء نحو تجاوز عن الذنب ونحو في القصد في النفقة ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ونحو في الإحسان فيما بين الناس إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح
2916 - وفي صحيح البخاري قال سفيان بن عيينة ما سمى الله المطر في القرآن إلا عذابا وتسميه العرب الغيث
2917 - قلت استثني من ذلك إن كان بكم أذى من مطر فإن المراد به الغيث قطعا
2918 - وقال أبو عبيدة إذا كان في العذاب فهو أمطرت وإذا كان في الرحمة فهو مطرت
فرع 2919 - أخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال قال لي ابن عباس احفظ عني كل شيء في القرآن وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير فهو للمشركين فأما المؤمنون فما أكثر أنصارهم وشفعاءهم
2920 - وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال كل طعام في القرآن فهو نصف صاع
2921 - وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال كل شيء في القرآن قليل وإلا قليل فهو دون العشرة
2922 - وأخرج عن مسروق قال ما كان في القرآن على صلاتهم يحافظون حافظوا على الصلوات فهو على مواقيتها

2923 - وأخرج عن سفيان بن عيينة قال كل شيء في القرآن وما يدريك فلم يخبر وما أدراك فقد أخبر به
2924 - وأخرج عنه قال كل مكر في القرآن فهو عمل
2925 - وأخرج عن مجاهد قال ما كان في القرآن قتل لعن فإنما عني به الكافر
2926 - وقال الراغب في مفرداته قيل كل شيء ذكره الله بقوله وما أدراك فسره وكل شيء ذكره بقوله وما يدريك تركه وقد ذكر وما أدراك ما سجين وما أدراك ما عليون ثم فسر الكتاب لا السجين ولا العليون وفي ذلك نكتة لطيفة انتهى ولم يذكرها
وبقيت أشياء تأتي في النوع الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى


النوع الأربعون
في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر 2927 - وأعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف
2928 - اعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة لاختلاف مواقعها ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها كما في قوله تعالى وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين فاستعملت على في جانب الحق وفي في جانب الضلال لأن صاحب الحق كأنه مستعل يصرف نظره كيف شاء وصاحب البطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه
2929 - وقوله تعالى فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواو لما انقطع نظام الترتب لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام كما كان الإتيان به مترتبا على النظر فيه والنظر فيه مترتبا على التوجه في طلبه والتوجه في طلبه مترتبا على قطع الجدال في المسألة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى
2930 - وقوله تعالى إنما الصدقات للفقراء الآية عدل عن اللام إلى في في الأربعة الأخيرة إيذانا إلى أنهم أكثر استحقاقا للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام لأن في للوعاء فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه
2931 - وقال الفارسي إنما قال وفي الرقاب ولم يقل وللرقاب ليدل على أن العبد لا يملك

2932 - وعن ابن عباس قال الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ساهون ولم يقل في صلاتهم
2933 - وسيأتي ذكر كثير من أشباه ذلك
وهذا سردها مرتبة على حروف المعجم وقد أفرد هذا النوع بالتصنيف خلائق من المتقدمين كالهروي في الأزهية والمتأخرين كابن أم قاسم في الجنى الداني
1 -
الهمزة 2934 - تأتي على وجهين
أحدها الاستفهام وحقيقته طلب الإفهام وهي أصل أدواته ومن ثم اختصت بأمور
أحدها جواز حذفها كما سيأتي في النوع السادس والخمسين
ثانيها أنها ترد لطلب التصور والتصديق بخلاف هل فإنها للتصديق خاصة وسائر الأدوات للتصور خاصة
ثالثها إنها تدخل على الإثبات نحو أكان للناس عجبا آلذكرين حرم وعلى النفي نحو ألم نشرح وتفيد حينئذ معنيين
أحدهما التذكر والتنبيه كالمثال المذكور وكقوله تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل والآخر التعجب من الأمر العظيم كقوله تعالى ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت وفي كلا الحالين هي تحذير نحو ألم نهلك الأولين
رابعها تقديمها على العاطف تنبيها على إصالتها في التصدير نحو أو كلما عاهدوا عهدا أفأمن أهل القرى أثم إذا ما وقع وسائر أخواتها يتأخر عنه كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة نحو فكيف تتقون فأين تذهبون فأنى تؤفكون فهل يهلك فأي الفريقين فما لكم في المنافقين

خامسها أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه بخلاف هل فإنه لما لا يترجح عنده فيه نفي ولا إثبات حكاه أبو حيان عن بعضهم
سادسها أنها تدخل على الشرط نحو أفإن مت فهم الخالدون أفإن مات أو قتل انقلبتم بخلاف غيرها
وتخرج عن الاستفهام الحقيقي فتأتي لمعان تذكر في النوع السابع والخمسين
فائدة 2935 - إذا دخلت على رأيت امتنع أن تكون من رؤية البصر أو القلب وصار بمعنى أخبرني وقد تبدل هاء وخرج على ذلك قراءة قنبل ها أنتم هؤلاء بالقصر وقد تقع في القسم ومنه ما قرئ ولا نكتم شهادة بالتنوين آلله بالمد
2936 - الثاني من وجهي الهمزة أن تكون حرفا ينادى به القريب وجعل منه الفراء أمن هو قانت آناء الليل على قراءة تخفيف الميم أي صاحب هذه الصفات
2937 - قال هشام ويبعده أنه ليس في التنزيل نداء بغير ياء ويقربه سلامته من دعوى المجاز إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ومن دعوى كثرة الحذف إذ التقرير عند من جعلها للاستفهام أمن هو قانت خير أم هذا الكافر أي المخاطب بقوله قل تمتع بكفرك قليلا فحذف شيئان معادل الهمزة والخبر
2 -
أحد 2938 - قال أبو حاتم في كتاب الزينة هو اسم أكمل من الواحد ألا ترى أنك إذا قلت فلان لا يقوم له واحد جاز في المعنى أن يقوم اثنا فأكثر بخلاف قولك لا يقوم له أحد
وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار واحد فيجوز

أن يكون من الدواب والطير والوحش والإنس فيعم الناس وغيرهم بخلاف ليس في الدار أحد فإنه مخصوص بالآدميين دون غيرهم
2939 - قال ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى الأول وبمعنى الواحد فيستعمل في الإثبات وفي النفي نحو قل هو الله أحد أي واحد وأول فابعثوا أحدكم بورقكم وبخلافهما فلا يستعمل إلا في النفي تقول ما جاءني من أحد ومنه أيحسب أن لن يقدر عليه أحد و أن لم يره أحد فما منكم من أحد ولا تصل على أحد
وواحد يستعمل فيها مطلقا وأحد يستوي فيه المذكر والمؤنث قال تعالى لستن كأحد من النساء بخلاف الواحد فلا يقال كواحد من النساء بل كواحدة
وأحد يصلح للأفراد والجمع
قلت ولهذا وصف قوله تعالى فما منكم من أحد عنه حاجزين بخلاف الواحد
2940 - والأحد له جمع من لفظه وهو الأحدون والآحاد وليس للواحد جمع من لفظه فلا يقال واحدون بل اثنان وثلاثة
2941 - والأحد ممتنع الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب بخلاف الواحد انتهى ملخصا وقد تحصل من كلامه بينهما سبعة فروق
2942 - وفي أسرار التنزيل للبارزي في سورة الإخلاص فإن قيل المشهور في كلام العرب أن الأحد يستعمل بعد النفي والواحد بعد الإثبات فكيف جاء أحد هنا بعد الإثبات
قلنا قد اختار أبو عبيد أنهما بمعنى واحد وحينئذ فلا يختص أحدهما بمكان دون الآخر وإن غلب استعمال أحد في النفي ويجوز أن يكون العدول هنا عن الغالب رعاية للفواصل انتهى

2943 - وقال الراغب في مفردات القرآن أحد يستعمل على ضربين أحدهما في النفي فقط والآخر في الإثبات
فالأول لاستغراق جنس الناطقين ويتناول الكثير والقليل ولذلك صح أن يقال ما من أحد فاضلين كقوله تعالى فما منكم من أحد عنه حاجزين والثاني على ثلاثة أوجه
الأول المستعمل في العدد مع العشرات نحو أحد عشر أحد وعشرين
والثاني المستعمل مضافا إليه بمعنى الأول نحو أما أحدكما فيسقي ربه خمرا
والثالث المستعمل وصفا مطلقا ويختص بوصف الله تعالى نحو قل هو الله أحد وأصله وحد إلا أن وحدا يستعمل في غيره انتهى
3 -
إذ 2944 - ترد على أوجه
أحدها أن تكون إسما للزمن الماضي وهو الغالب ثم قال الجمهور لا تكون إلا ظرفا نحو فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا أو مضافا إليها الظرف نحو بعد إذ هديتنا يومئذ تحدث وأنتم حينئذ تنظرون
وقال غيرهم تكون مفعولا به نحو وإذكروا إذ كنتم قليلا وكذا المذكورة في أوائل القصص كلها مفعول به بتقدير أذكر
وبدلا منه نحو واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت فإذ بدل إشتمال من مريم على حد البدل في يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه واذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء أي اذكروا النعمة التي هي الجعل المذكور فهي بدل كل من كل والجمهور يجعلونها في الأول ظرفا لمفعول محذوف أي واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم قليلا وفي الثاني ظرفا لمضاف إلى المفعول محذوف أي واذكر قصة مريم ويؤيد ذلك التصريح به في واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء

2945 - وذكر الزمخشري أنها تكون مبتدأ وخرج عليه قراءة بعضهم لمن من الله على المؤمنين قال التقدير منه إذ بعث فإذ في محل رفع كإذا في قولك أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما أي لمن من الله على المؤمنين وقت بعثه انتهى قال ابن هشام ولا نعلم بذلك قائلا
2946 - وذكر كثير أنها تخرج عن المضي إلى الإستقبال نحو يومئذ تحدث أخبارها والجمهور أنكروا ذلك وجعلوا الآية من باب ونفخ في الصور أعني من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة الماضي الواقع واحتج المثبتون منهم ابن مالك بقوله تعالى فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم فإن يعلمون مستقبل لفظا ومعنى لدخول حرف التنفيس عليه وقد عمل في إذ فيلزم أن تكون بمنزلة إذا
2947 - وذكر بعضهم أنها تأتي في الحال نحو ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه أي حين تفيضون فيه
فائدة 2948 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال ما كان في القرآن إن بكسر الألف فلم يكن وما كان إذ فقد كان
2949 - الوجه الثاني أن تكون للتعليل نحو ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون أي ولن ينفعكم اليوم إشراككم في العذاب لأجل ظلمكم في الدنيا وهل هي حرف بمنزلة لام العلة أو ظرف بمعنى وقت والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ قولان المنسوب إلى سيبويه الأول وعلى الثاني في الآية إشكال لأن إذ لا تبدل من اليوم لإختلاف الزمانين ولا تكون ظرفا ل ينفع لأنه لا يعمل في ظرفين ولا ل مشتركون لأن معمول خبر إن وأخواتها لا يتقدم عليها ولأن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول ولأن إشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم
2950 - ومما حمل على التعليل وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك

قديم وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف وأنكر الجمهور هذا القسم وقالوا التقدير بعد
إذا ظلمتم
2951 - وقال ابن جني راجعت أبا علي مرارا في قوله تعالى ولن ينفعكم اليوم الآية مستشكلا إبدال إذ من اليوم وآخر ما تحصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وأنهما في حكم الله سواء فكأن اليوم ماض انتهى
2952 - الوجه الثالث التوكيد بأن تحمل على الزيادة قاله أبو عبيدة وتبعه ابن قتيبة وحملا عليه آيات منها وإذ قال ربك للملائكة
2953 - الرابع التحقيق كقد وحملت عليه الآية المذكورة وجعل منه السهيلي قوله بعد إذ أنتم مسلمون قال ابن هشام وليس القولان بشيء
مسألة 2954 - تلزم إذ الإضافة إلى جملة إما إسمية نحو واذكروا إذ أنتم قليل أو فعلية فعلها ماض لفظا ومعنى نحو وإذ قال ربك للملائكة وإذ ابتلى إبراهيم ربه أو معنى لا لفظا نحو وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وقد اجتمعت الثلاثة في قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه وقد تحذف الجملة للعلم بها ويعوض عنها التنوين وتكسر الذال لإلتقاء الساكنين نحو ويومئذ يفرح المؤمنون وأنتم حينئذ تنظرون
2955 - وزعم الأخفش أن إذ في ذلك معربة لزوال افتقارها إلى الجملة وأن الكسرة إعراب لأن اليوم والحين مضافان إليها ورد بأن بناءها لوضعها على حرفين وبأن الإفتقار باق في المعنى كالموصول تحذف صلته
4 - إذا
على وجهين
2956 - أحدهما أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الإسمية ولا تحتاج

لجواب ولا تقع في الابتداء ومعناها الحال لا الاستقبال نحو فألقاها فإذا هي حية تسعى فلما أنجاهم إذا هم يبغون وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا
2957 - قال ابن الحاجب ومعنى المفاجأة حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية تقول خرجت فإذا الأسد بالباب فمعناه حضور الأسد معك في زمن وصفك بالخروج أو في مكان خروجك وحضوره معك في مكان خروجك ألصق بك من حضوره في خروجك لأن ذلك المكان يخصك دون ذلك الزمان وكلما كان ألصق كانت المفاجأة فيه أقوى واختلف في إذا هذه فقيل إنها حرف وعليه الأخفش ورجحه ابن مالك وقيل ظرف مكان وعليه المبرد ورجحه ابن عصفور وقيل ظرف زمان وعليه الزجاج ورجحه الزمخشري وزعم أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة قال التقدير ثم إذا دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت ثم قال ابن هشام ولا يعرف ذلك لغيره وإنما يعرف ناصبها عندهم الخبر المذكور أو المقدر قال ولم يقع الخبر معها في التنزير إلا مصرحا به
2958 - الثاني أن تكون لغير المفاجأة فالغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمنة معنى الشرط وتختص بالدخول على الجمل الفعلية وتحتاج لجواب وتقع في الابتداء عكس الفجائية والفعل بعدها إما ظاهر نحو إذا جاء نصر الله أو مقدر نحو إذا السماء انشقت وجوابها إما فعل نحو فإذا جاء أمر الله قضي بالحق أو جملة اسمية مقرونة بالفاء نحو فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير فإذا نفخ في الصور فلا أنساب أو فعلية طلبية كذلك نحو فسبح بحمد ربك أو اسمية مقرونة بإذا الفجائية نحو إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون
وقد يكون مقدرا لدلالة ما قبله عليه أو لدلالة المقام وسيأتي في أنواع الحذف

2959 - وقد تخرج إذا عن الظرفية قال الأخفش في قوله تعالى حتى إذا جاؤوها إن إذا جر بحتى وقال ابن جني في قوله تعالى إذا وقعت الواقعة الآية فيمن نصب خافضة رافعة إن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر والمنصوبان حالان وكذا جملة ليس ومعمولاها والمعنى وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رج الأرض والجمهور أنكروا خروجها عن الظرفية وقالوا في الآية الأولى إن حتى حرف إبتداء داخل على الجملة بأسرها ولا عمل له وفي الثانية إن إذا الثانية بدل من الأولى والأولى ظرف وجوابها محذوف لفهم المعنى وحسنه طول الكلام وتقديره بعد إذا الثانية أي انقسمتم أقساما وكنتم أزواجا ثلاثة
2960 - وقد تخرج عن الإستقبال فترد للحال نحو والليل إذا يغشى فإن الغشيان مقارن لليل والنهار إذا تجلى والنجم إذا هوى وللماضي نحو وإذا رأوا تجارة أو لهوا الآية فإن الآية نزلت بعد الرؤية والانفضاض وكذا قوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه حتى إذ بلغ مطلع الشمس حتى إذا ساوى بين الصدفين
2961 - وقد تخرج عن الشرطية نحو وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون فإذا في الآيتين ظرف لخبر المبتدأ بعدها ولو كانت شرطية والجملة الاسمية جواب لاقترنت بالفاء وقول بعضهم إنه على تقديرها مردود بأنها لا تحذف إلا لضرورة وقول آخر إن الضمير توكيد لا مبتدأ وأن ما بعده الجواب تعسف وقول آخر جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها تكلف من غير ضرورة
تنبيهات الأول 2962 - المحققون على أن ناصب إذا شرطها والأكثرون أنه ما في جوابها من فعل أو شبهه


الثاني 2963 - قد تستعمل إذا للاستمرار في الأحوال الماضية والحاضرة والمستقبلة كما يستعمل الفعل المضارع لذلك ومنه وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون أي هذا شأنهم أبدا وكذا قوله تعالى وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى
الثالث 2964 - ذكر ابن هشام في المغني إذ ما ولم يذكر إذا ما وقد ذكرها الشيخ بهاء الدين السبكي في عروس الأفراح في أدوات الشرط فأما إذ ما فلم تقع في القرآن ومذهب سيبويه أنها حرف وقال المبرد وغيره إنها باقية على الظرفية وأما إذا ما فوقعت في القرآن في قوله تعالى وإذا ما غضبوا إذا ما أتوك لتحملهم ولم أر من تعرض لكونها باقية على الظرفية أو محولة إلى الحرفية ويحتمل أن يجري فيها القولان في إذ ما ويحتمل أن يجزم ببقائها على الظرفية لأنها أبعد عن التركيب بخلاف إذ ما
الرابع 2965 - تختص إذا بدخولها على المتيقن والمظنون والكثير الوقوع بخلاف إن فإنها تستعمل في المشكوك والموهوم النادر ولهذا قال تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ثم قال وإن كنتم جنبا فاطهروا فأتى بإذا في الوضوء لتكرره وكثرة أسبابه وبإن في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث وقال تعالى فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون أتى في جانب الحسنة بإذا لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها وبأن في جانب السيئة لأنها نادرة الوقوع ومشكوك فيها
2966 - نعم أشكل على هذه القاعدة آيتان الأولى قوله تعالى ولئن

متم أفإن مات فأتى بإن مع أن الموت محقق الوقوع والأخرى قوله تعالى وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون فأتى بإذا في الطرفين وأجاب الزمخشري عن الأولى بأن الموت لما كان مجهول الوقت أجري مجرى غير المجزوم وأجاب السكاكي عن الثانية بأنه قصد التوبيخ والتقريع فأتى بإذا ليكون تخويفا لهم وإخبارا بأنهم لا بد أن يمسهم شيء من العذاب واستفيد التقليل من لفظ المس وتنكير ضر
وأما قوله تعالى وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض فأجيب عنه بأن الضمير في مسه للمعرض المتكبر لا لمطلق الإنسان ويكون لفظ إذا للتنبيه على أن مثل هذا المعرض يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعا به
2967 - وقال الخويي الذي أظنه أن إذا يجوز دخولها على المتيقن والمشكوك لأنها ظرف وشرط فبالنظر إلى الشرط تدخل على المشكوك وبالنظر إلى الظرف تدخل على المتيقن كسائر الظروف
الخامس 2968 - خالفت إذا إن أيضا في إفادة العموم قال ابن عصفور فإذا قلت إذا قام زيد قام عمرو أفادت أنه كلما قام زيد قام عمرو قال هذا هو لصحيح وفي أن المشروط بها إذا كان عدما يقع الجزاء في الحال وفي إن لا يقع حتى يتحقق اليأس من وجوده وفي أن جزاءها مستعقب لشرطها على الاتصال لا يتقدم ولا يتأخر بخلاف إن وفي أن مدخولها لا تجزمه لأنها لا تتمخض شرطا
خاتمة 2969 - قيل قد تأتي إذا زائدة وخرج عليه إذا السماء انشقت أي انشقت السماء كما قال اقتربت الساعة

5 -
إذا 2970 - قال سيبويه معناها الجواب والجزاء فقال الشلوبين في كل موضع وقال الفارسي في الأكثر والأكثر أن تكون جوابا لأن أو لو ظاهرتين أو مقدرتين قال الفراء وحيث جاءت بعدها اللام فقبلها لو مقدرة إن لم تكن ظاهرة نحو إذا لذهب كل إله بما خلق وهي حرف ينصب المضارع بشرط تصديرها واستتقباله واتصالها أو انفصالها بالقسم أو بلا النافية قال النحاة وإذا وقعت بعد الواو والفاء جاز فيها الوجهان نحو وإذا لا يلبثون خلافك فإذا لا يؤتون الناس وقرئ شاذا بالنصب فيهما
2971 - وقال ابن هشام التحقيق أنه إذا تقدمها شرط وجزاء وعطفت فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل عمل إذا لوقوعها حشوا أو على الجملتين جميعا جاز الرفع والنصب وكذا إذا تقدمها مبتدأ خبره فعل مرفوع إن عطفت على الفعلية رفعت أو الإسمية فالوجهان
2972 - وقال غيره إذا نوعان
الأول أن تدل على إنشاء السببية والشرط بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها نحو أزورك غدا فتقول إذا أكرمك وهي في هذا الوجه عاملة تدخل على الجمل الفعلية فتنصب المضارع المستقبل المتصل إذا صدرت
والثاني أن تكون مؤكدة لجواب ارتبط بمقدم أو منبهة على مسبب حصل في الحال وهي حينئذ غير عاملة لأن المؤكدات لا يعتمد عليها والعامل يعتمد عليه نحو إن تأتني إذا آتيك والله إذا لأفعلن ألا ترى أنها لو سقطت لفهم الارتباط وتدخل هذه على الاسمية فتقول إذا أنا أكرمك ويجوز توسطها وتأخرها ومن هذا قوله تعالى ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا فهي مؤكدة للجواب مرتبطة بما تقدم
تنبيهان الأول 2973 - سمعت شيخنا العلامة الكافيجي يقول في قوله تعالى ولئن أطعتم

بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ليست إذا هذه الكلمة المعهودة وإنما هي إذا الشرطية حذفت جملتها التي تضاف إليها وعوض عنها بالتنوين كما في يومئذ وكنت أستحسن هذا جدا وأظن أن الشيخ لا سلف له في ذلك ثم رأيت الزركشي قال في البرهان بعد ذكره لإذا المعنيين السابقين
وذكر لهما بعض المتأخرين معنى ثالثا وهي أن تكون مركبة من إذ التي هي ظرف زمن ماض ومن جملة بعدها تحقيقا أو تقديرا لكن حذفت الجملة تخفيفا وأبدل منها التنوين كما في قولهم في حينئذ وليست هذه الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه ولا يعمل ألا ما يختص وهذه لا تختص بل تدخل على الماضي كقوله تعالى وإذا لآتيناهم إذا لأمسكتم إذا لأذقناك وعلى الاسم نحو وإنكم إذا لمن المقربين قال وهذا المعنى لم يذكره النحاة لكنه قياس ما قالوه في إذ
2974 - وفي التذكرة لأبي حيان ذكر لي علم الدين القمني أن القاضي تقي الدين بن رزين كان يذهب إلى أن إذا عوض من الجملة المحذوفة وليس هذا قول نحوي
2975 - وقال الخويي وأنا أظن أنه يجوز أن تقول لمن قال أنا آتيك إذا أكرمك بالفرع على معنى إذا أتيتني أكرمك فحذفت أتيتني وعوضت التنوين من الجملة فسقطت الألف لإلتقاء الساكنين قال ولا يقدح في ذلك إتفاق النحاة على أن الفعل في مثل ذلك منصوب بإذا لأنهم يريدون بذلك ما إذا كانت حرفا ناصبا له ولا ينفي ذلك رفع الفعل بعدها إذا أريد بها إذا الزمانية معوضا من جملتها التنوين كما أن منهم من يجزم ما بعد من إذا جعلها شرطية ويرفعه إذا أريد بها الموصولة انتهى
2976 - فهؤلاء قد حاموا حول ما حام عليه الشيخ إلا أنه ليس أحد منهم من المشهورين بالنحو وممن يعتمد قوله فيه نعم ذهب بعض النحاة إلى أن أصل إذا الناصبة اسم والتقدير في إذا أكرمك إذا جئتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض منها

التنوين وأضمرت أن وذهب آخرون إنها حرف مركبة من إذ وإن حكى القولين ابن هشام في المغني
التنبيه الثاني 2977 - الجمهور على أن إذا يوقف عليها بالألف المبدلة من النون وعليه إجماع القراء وجوز قوم منهم المبرد والمازني في غير القرآن الوقوف عليها بالنون كلن وإن وينبني على الخلاف في الوقوف عليها كتابتها فعلى الأول تكتب بالألف كما رسمت في المصاحف وعلى الثاني بالنون
2978 - وأقول الإجماع في القرآن على الوقف عليها وكتابتها بالألف دليل على أنها اسم منون لا حرف آخره نون خصوصا أنها لم تقع فيه ناصبة للمضارع فالصواب إثبات هذا المعنى لها كما جنح إليه الشيخ ومن سبق النقل عنه
6 -
أف 2979 - كلمة تستعمل عند التضجر والتكره وقد حكى أبو البقاء في قوله تعالى فلا تقل لهما أف قولين
أحدهما أنه اسم لفعل الأمر أي كف واترك
والثاني أنه اسم لفعل ماض أي كرهت وتضجرت
وحكى غيره ثالثا أنه إسم لفعل مضارع أي أتضجر منكما
2980 - وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء أف لكم فأحاله أبو البقاء على ما سبق في الإسراء ومقتضاه تساويهما في المعنى
2981 - وقال العزيزي في غريبه هنا أي بئسا لكم
2982 - وفسر صاحب الصحاح أف بمعنى قذرا
2983 - وقال في الإرتشاف أف أتضجر

2984 - وفي البسيط معناه التضجر وقيل الضجر وقيل تضجرت ثم حكى فيها تسعا وثلاثين لغة
2985 - قلت قرئ منها في السبع أف بالكسر بلا تنوين وأف بالكسر والتنوين وأف بالفتح بلا تنوين وفي الشاذ أف بالضم منونا وغير منون وأف بالتخفيف
2986 - أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى فلا تقل لهما أف قال لا تقذرهما
2987 - وأخرج عن أبي مالك قال هو الرديء من الكلام
7 -
أل 2988 - على ثلاثة أوجه
أحدها أن تكون اسما موصولا بمعنى الذي وفروعه وهي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين نحو إن المسلمين والمسلمات إلى آخر الآية التائبون العابدون الآية
وقيل هي حينئذ حرف تعريف وقيل موصول حرفي
2989 - الثاني أن تكون حرف تعريف وهي نوعان عهدية وجنسية وكل منهما على ثلاثة أقسام
فالعهدية إما أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب وضابط هذه أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها أو معهودا ذهنيا نحو إذ هما في الغار إذ يبايعونك تحت الشجرة أو معهودا حضوريا نحو اليوم أكملت لكم دينكم اليوم أحل لكم الطيبات

2990 - قال ابن عصفور وكذا كل واقعة بعد اسم الإشارة أو أي في النداء وإذا الفجائية أو في اسم الزمان الحاضر نحو الآن
2991 - والجنسية إما لاستغراق الأفراد وهي التي تخلفها كل حقيقة نحو وخلق الإنسان ضعيفا عالم الغيب والشهادة ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ووصفه بالجمع نحو أو الطفل الذين لم يظهروا وإما لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي تخلفها كل مجازا نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزلة وخصائصها وإما لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا تخلفها كل لا حقيقة ولا مجازا نحو وجعلنا من الماء كل شيء حي أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة قيل والفرق بين المعرف بأل وبين اسم الجنس النكرة هو الفرق بين المقيد والمطلق لأن المعرف بها يدل على الحقيقة بقيد حضورها في الذهن واسم الجنس النكرة يدل على مطلق الحقيقة لا باعتبار قيد
2992 - الثالث أن تكون زائدة وهي نوعان لازمة كالتي في الموصولات على القول بأن تعريفها بالصلة وكالتي في الأعلام المقارنة لنقلها كاللات والعزى أو لغلبتها كالبيت للكعبة والمدينة لطيبة والنجم للثريا وهذه في الأصل للعهد
2993 - أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى والنجم إذا هوى قال الثريا وغير لازمة كالواقعة في الحال وخرج عليه قراءة بعضهم ليخرجن الأعز منها الأذل بفتح الياء أي ذليلا لأن الحال واجبة التنكير إلا أن ذلك غير فصيح فالأحسن تخريجها على حذف مضاف أي خروج الأذل كما قدره الزمخشري
مسألة 2994 - إختلف في أل في اسم الله تعالى فقال سيبويه هي عوض من الهمزة

المحذوفة بناء على أن أصله إله دخلت أل فنقلت حركة الهمزة إلى اللام ثم أدغمت قال الفارسي ويدل على ذلك قطع همزها ولزومها
2995 - وقال آخرون هي مزيدة للتعريف تفخيما وتعظيما وأصل إله لاه وقال قوم هي زائدة لازمة لا للتعريف
2996 - وقال بعضهم أصله هاء الكتابة زيدت فيه لام الملك فصار له ثم زيدت أل تعظيما وفخموه توكيدا
2997 - وقال الخليل وخلائق هي من بنية الكلمة وهو اسم علم لا اشتقاق له ولا أصل
خاتمة 2998 - أجاز الكوفيون وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة أل عن الضمير المضاف إليه وخرجوا على ذلك فإن الجنة هي المأوى والمانعون يقدرون له
2999 - وأجاز الزمخشري نيابتها عن الظاهر أيضا وخرج عليه وعلم آدم الأسماء كلها فإن الأصل أسماء المسميات
8 -
ألا 3000 - بالفتح والتخفيف وردت في القرآن على أوجه
أحدها للتنبيه فتدل على تحقيق ما بعدها قال الزمخشري ولذلك قل وقوع الجمل بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم وتدخل على الاسمية والفعلية نحو ألا إنهم هم السفهاء ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم قال في المغني ويقول المعربون فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة ولا وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق نحو أليس ذلك بقادر

الثاني والثالث التحضيض والعرض ومعناهما طلب الشيء لكن الأول طلب بحث والثاني طلب بلين وتختض فيهما بالفعلية نحو ألا تقاتلون قوما نكثوا قوم فرعون ألا يتقون ألا تأكلون ألا تحبون أن يغفر الله لكم
9 - ألا
3001 - بالفتح والتشديد حرف تحضيض ولم يقع في القرآن لهذا المعنى فيما أعلم
إلا أنه يجوز عندي أن يخرج عليه قوله ألا يسجدوا لله وأما قوله تعالى ألا تعلوا علي فليست هذه بل هي كلمتان أن الناصبة ولا النافية أو أن المفسرة ولا الناهية
10 - إلا
3002 - بالكسر والتشديد على أوجه
أحدها الاستثناء متصلا نحو فشربوا منه إلا قليلا ما فعلوه إلا قليل أو منقطعا نحو قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى
الثاني بمعنى غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه ويعرب الإسم الواقع بعدها بإعراب غير نحو لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فلا يجوز أن تكون هذه الآية للاستثناء لأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ولأنه يصير المعنى حينئذ لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا وهو باطل باعتبار مفهومه
الثالث أن تكون عاطفة بمنزلة الواو في التشريك ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيدة وخرجوا عليه لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء أي ولا الذين

ظلموا ولا من ظلم وتأولهما الجمهور على الاستثناء المنقطع
الرابع بمعنى بل ذكره بعضهم وخرج عليه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي إلا تذكرة أي بل تذكرة
الخامس بمعنى بدل ذكره ابن الصائغ وخرج عليه آلهة إلا الله أي بدل الله أو عوضه وبه يخرج عن الإشكال المذكور في الاستثناء وفي الوصف بإلا من جهة المفهوم
3003 - وغلط ابن مالك فعد من أقسامها نحو إلا تنصروه فقد نصره الله وليست منها بل هي كلمتان إن الشرطية ولا النافية
فائدة 3004 - قال الرماني في تفسيره معنى إلا اللازم لها الاختصاص بالشيء دون غيره فإذا قلت جاءني القوم إلا زيدا فقد اختصصت زيدا بأنه لم يجيء وإذا قلت ما جاءني إلا زيد فقد اختصصته بالمجيء وإذا قلت ما جاءني زيد إلا راكبا فقد اختصصته بهذه الحالة دون غيرها من المشيء والعدو ونحوه
11 -
الآن 3005 - إسم للزمن الحاضر وقد يستعمل في غيره مجازا وقال قوم هي محل للزمانين أي ظرف للماضي وظرف للمستقبل وقد يتجوز بها عما قرب من أحدهما
3006 - وقال ابن مالك لوقت حضر جميعه كوقت فعل الإنشاء حال النطق به أو بعضه نحو الآن خفف الله عنكم فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا قال وظرفيته غالبة لا لازمة
3007 - واختلف في أل التي فيه فقيل للتعريف الحضوري وقيل زائدة لازمة

12 -
إلى 3008 - حرف جر له معان
أشهرها إنتهاء الغاية زمانا نحو ثم أتموا الصيام إلى الليل أو مكانا نحو إلى المسجد الأقصى
أو غيرهما نحو والأمر إليك أي منته إليك ولم يذكر لها الأكثرون غير هذا المعنى
3009 - وزاد ابن مالك وغيره تبعا للكوفيين معاني أخر منها المعية وذلك إذا ضممت شيئا إلى آخر في الحكم به أو عليه أو التعلق نحو من أنصاري إلى الله وأيديكم إلى المرافق ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم
3010 - قال الرضي والتحقيق أنها للانتهاء أي مضافة إلى المرافق وإلى أموالكم
3011 - وقال غيره ما ورد من ذلك مؤول على تضمين العامل وإبقاء إلى على أصلها والمعنى في الآية الأولى من يضيف نصرته إلى نصرة الله أو من ينصرني حال كوني ذاهبا إلى الله
3012 - ومنها الظرفية كفي نحو ليجمعنكم إلى يوم القيامة أي فيه هل لك إلى أن تزكى أي في أن
3013 - ومنها مرادفة اللام وجعل منه والأمر إليك أي لك وتقدم أنه من الانتهاء
3014 - ومنها التبيين قال ابن مالك وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعدما يفيد حبا أو بغضا من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو رب السجن أحب إلي
3015 - ومنها التوكيد وهي الزائدة نحو فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم في قراءة بعضهم بفتح الواو أي تهواهم قاله الفراء

3016 - وقال غيره هو على تضمين تهوى معنى تميل
تنبيه 3017 - حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن إلى تستعمل اسما فيقال انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن قوله تعالى وهزي إليك بجذع النخلة وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه بأن القاعدة المشهورة أن الفعل لا يتعدى إلى ضمير يتصل بنفسه أو بالحرف وقد رفع المتصل وهما لمدلول واحد في غير باب ظن
13 -
اللهم 3018 - المشهور أن معناه يا الله حذفت ياء النداء وعوض عنها الميم المشددة في آخره
وقيل أصله يا الله أمنا بخير فركب تركيب حيهلا
3019 - وقال أبو رجاء العطادي الميم فيها تجمع سبعين اسما من أسمائه
3020 - وقال ابن ظفر قيل إنها الاسم الأعظم واستدل لذلك بأن الله دال على الذات والميم دالة على الصفات التسعة والتسعين ولهذا قال الحسن البصري اللهم تجمع الدعاء
3021 - وقال النضر بن شميل من قال اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه
14 -
أم 3022 - حرف عطف وهي نوعان
متصلة وهي قسمان
الأول أن يتقدم عليها همزة التسوية نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم

والثاني أن يتقدم عليها همزة يطلب بها وبأم التعيين نحو آلذكرين حرة أم الأنثيين
3023 - وسميت في القسمين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغني بأحدهما عن الآخر وتسمى أيضا معادلة لمعادلتها للهمزة في إفادة التسوية في القسم الأول والاستفهام في الثاني
3024 - ويفترق القسمان من أربعة أوجه
أحدها وثانيها أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابا لأن المعنى معها ليس على الاستفهام وأن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب لأنه خبر وليست تلك كذلك الاستفهام منها على حقيقته والثالث والرابع أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين وتكون الجملتان فعليتين واسميتين ومختلفتين نحو سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون وأم الأخرى تقع بين المفردين وهو الغالب فيها نحو أأنتم أشد خلقا أم السماء وبين جملتين ليسا في تأويلهما
3025 - النوع الثاني منقطعة وهي ثلاثة أقسام
مسبوقة بالخبر المحض نحو تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه
ومسبوقة بالهمزة لغير الاستفهام نحو ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها إذ الهمزة في ذلك للإنكار فهي بمنزلة النفي والمتصلة لا تقع بعده
ومسبوقة باستفهام بغير الهمزة نحو قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور
3026 - ومعنى أم المنقطعة الذي لا يفارقها الإضراب ثم تارة تكون له مجردا وتارة تضمن مع ذلك استفهاما إنكاريا

3027 - فمن الأول أم هل تستوي الظلمات والنور لأنه لا يدخل الاستفهام على استفهام
3028 - ومن
الثاني أم له البنات ولكم البنون تقديره بل أله البنات إذ لو قدرت الإضراب المحض لزم المحال
تنبيهان الأول 3029 - قد ترد أم محتملة للاتصال وللانقطاع كقوله تعالى قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله مالا تعلمون
3030 - قال الزمخشري يجوز في أم أن تكون معادلة بمعنى أي الأمرين كائن على سبيل التقرير لحصول العلم بكون أحدهما ويجوز أن تكون منقطعة
الثاني
3031 - ذكر أبو زيد أن أم تقع زائدة وخرج عليه قوله تعالى أفلا تبصرون أم أنا خير قال التقدير أفلا يبصرون أنا خير
15 -
أما 3032 - بالفتح والتشديد حرف شرط وتفصيل وتوكيد
أما كونها حرف شرط فبدليل لزوم الفاء بعدها نحو فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون وأما قوله تعالى فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم فعلى تقدير القول أي فيقال لهم أكفرتم فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته الفاء في الحذف وكذا قوله وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم
3033 - وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما تقدم وكقوله أما السفينة فكانت لمساكين وأما الغلام وأما الجدار وقد يترك تكرارها استغناء بأحد القسمين عن الآخر وسيأتي في أنواع الحذف

3034 - وأما التوكيد فقال الزمخشري فائدة أما في الكلام أن تعطيه فضل توكيد تقول زيد ذاهب فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب وأنه منه عزيمة قلت أما زيد فذاهب ولذلك قال سيبويه في تفسيره مهما يكن من شيء فزيد ذاهب
3035 - ويفصل بين أما والفاء
إما بمبتدأ كالآيات السابقة أو خبر نحو أما في الدار فزيد أو جملة شرط نحو فأما إن كان من المقربين فروح الآيات أو اسم منصوب بالجواب نحو فأما اليتيم فلا تقهر أو اسم معمول لمحذوف يفسره ما بعد الفاء نحو وأما ثمود فهديناهم في قراءة بعضهم بالنصب
تنبيه 3036 - ليس من أقسام أما التي في قوله تعالى أماذا كنتم تعملون بل هي كلمتان أم المنقطعة وما الاستفهامية
16 - إما
3037 - بالكسر والتشديد ترد لمعان
الإبهام نحو وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم
والتخيير نحو إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى فإما منا بعد وإما فداء
والتفصيل نحو إما شاكرا وإما كفورا
تنبيهات الأول 3038 - لا خلاف أن إما الأولى في هذه الأمثلة ونحوها غير عاطفة واختلف في الثانية فالأكثرون على أنها عاطفة وأنكره جماعة منهم ابن مالك لملازمتها غالبا الواو العاطفة وادعى ابن عصفور الإجماع على ذلك قال وإنما ذكروها في باب العطف لمصاحبتها لحرفه

3039 - وذهب بعضهم إلى أنها عطفت الاسم على الاسم والواو عطفت إما على إما وهو غريب
الثاني 3040 - سيأتي أن هذه المعاني لأو والفرق بينهما وبين إما أن إما يبنى الكلام معها من أول الأمر على ما جيء بها لأجله ولذلك وجب تكرارها وأو يفتتح الكلام معها على الجزم ثم يطرأ الإبهام أو غيره ولهذا لم يتكرر
الثالث 3041 - ليس من أقسام إما التي في قوله فإما ترين من البشر أحدا بل هي كلمتان
إن الشرطية وما الزائدة
17 - إن
3042 - بالكسر والتخفيف على أوجه
الأول أن تكون شرطية نحو إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت وإذا دخلت على لم فالجزم بلم لا بها لنحو فإن لم تفعلوا أو على لا فالجزم بها لا بلا نحو وإلا تغفر لي إلا تنصروه والفرق أن لم عامل يلزم معموله ولا يفصل بينهما بشيء وإن يجوز الفصل بينهما وبين معمولها بمعموله ولا لا تعمل الجزم إذا كانت نافية فأضيف العمل إلى إن
الثاني 3043 - أن تكون نافية وتدخل على الاسمية والفعلية نحو إن الكافرون إلا في غرور إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم إن أردنا إلا الحسنى إن يدعون من دونه إلا إناثا قيل ولا تقع إلا وبعدها إلا كما تقدم أو لما المشددة نحو إن كل نفس لما عليها حافظ في قراءة التشديد ورد بقوله إن عندكم من سلطان بهذا وإن أدري لعله فتنة لكم

3044 - ومما حمل على النافية قوله إن كنا فاعلين قل إن كان للرحمن ولد وعلى هذا فالوقف هنا ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه أي في الذي ما مكناكم فيه وقيل هي زائدة ويؤيد الأول قوله مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم وعدل عن ما لئلا تتكرر فيثقل اللفظ
3045 - قلت وكونها للنفي هو الوارد عن ابن عباس كما تقدم في نوع الغريب من طريق ابن أبي طلحة وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده وإذا دخلت النافية على الاسمية لم تعمل عند الجمهور
3046 - وأجاز الكسائي والمبرد إعمالها عمل ليس وخرج عليه قراءة سعيد ابن جبير إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم
فائدة 3047 - أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال كل شيء في القرآن إن فهو إنكار
الثالث 3048 - أن تكون مخففة من الثقيلة فتدخل على الجملتين ثم الأكثر إذا دخلت على الاسمية إهمالها نحو وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا وإن كل لما جميع لدينا محضرون إن هذان لساحران في قراءة حفص وابن كثير
3049 - وقد تعمل نحو وإن كلا لما ليوفينهم في قراءة الحرميين وإذا دخلت على الفعل فالأكثر كونه ماضيا ناسخا نحو وإن كانت لكبيرة وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك وإن نظنك لمن الكاذبين وحيث وجدت إن وبعدها اللام المفتوحة فهي المخففة من الثقيلة
الرابع 3050 - أن تكون زائدة وخرج عليه فيما إن مكناكم فيه


الخامس 3051 - أن تكون للتعليل كإذ قاله الكوفيون وخرجوا عليه قوله تعالى واتقوا الله إن كنتم مؤمنين لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ونحو ذلك مما الفعل فيه محقق الوقوع
3052 - وأجاب الجمهور عن آية المشيئة بأنه تعليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقيل أو بأن أصل ذلك الشرط ثم صار يذكر للتبرك أو أن المعنى لتدخلن جميعا إن شاء الله ألا يموت منكم أحد قبل الدخول وعن سائر الآيات بأنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب كما تقول لابنك إن كنت ابني فأطعني
السادس 3053 - أن تكون بمعنى قد ذكره قطرب وخرج عليه فذكر إن نفعت الذكرى أي قد نفعت ولا يصح معنى الشرط فيه لأنه مأمور بالتذكير على كل حال
3054 - وقال غيره هي للشرط ومعناه ذمهم واستبعاد لنفع التذكير فيهم وقيل التقدير وإن لم تنفع على حد قوله سرابيل تقيكم الحر
فائدة 3055 - قال بعضهم وقع في القرآن إن بصيغة الشرط وهو غير مراد في ست مواضع
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا
واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون
وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان
إن ارتبتم فعدتهن
أن تقصروا من الصلاة إن خفتم
وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا

18 -
أن 3056 - بالفتح والتخفيف على أوجه
الأول أن تكون حرفا مصدريا ناصبا للمضارع ويقع في موضعين في الإبتداء فيكون في محل رفع نحو وأن تصوموا خير لكم وأن تعفوا أقرب للتقوى وبعد لفظ دال على معنى غير اليقين فيكون في محل رفع نحو ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع وعسى أن تكرهوا شيئا
ونصب نحو نخشى أن تصيبنا دائرة وما كان هذا القرآن أن يفترى فأردت أن أعيبها
وخفض نحو أوذينا من قبل أن تأتينا من قبل أن يأتي أحدكم الموت
وأن هذه موصول حرفي وتوصل بالفعل المتصرف مضارعا كما مر وماضيا نحو لولا أن من الله علينا ولولا أن ثبتناك
وقد يرفع المضارع بعدها إهمالا لها حملا على ما أختها كقراءة ابن محيصن لمن اراد أن يتم الرضاعة
الثاني 3057 - أن تكون مخففة من الثقيلة فتقع بعد فعل اليقين أو ما نزل منزلته نحو أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا علم أن سيكون وحسبوا ألا تكون في قراءة الرفع
الثالث 3058 - أن تكون مفسرة بمنزلة أي نحو فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ونودوا أن تلكم الجنة وشرطها أن تسبق بجملة فلذلك غلط من جعل منها وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
وأن يتأخر عنها جملة وأن يكون في الجملة السابقة معنى القول ومنه

وانطلق الملأ منهم أن امشوا إذ ليس المراد بالانطلاق المشي بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام كما أنه ليس المراد المشي المتعارف بل الاستمرار على المشي
3059 - وزعم الزمخشري أن التي في قوله أن اتخذي من الجبال بيوتا مفسرة بأن قبله وأوحى ربك إلى النحل والوحي هنا إلهام باتفاق وليس في الإلهام معنى القول وإنما هي مصدرية أي باتخاذ الجبال وألا يكون في الجملة السابقة أحرف القول
3060 - وقال الزمخشري في قوله ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله إنه يجوز أن تكون مفسرة للقول على تأويله بالأمر أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني به أن اعبدوا الله
3061 - قال ابن هشام وهو حسن وعلى هذا فيقال في الضابط أن لا تكون فيه حروف إلا والقول مؤول بغيره
3062 - قلت وهذا من الغرائب كونهم يشرطون أن يكون فيها معنى القول فإذا جاء لفظه أولوه بما في معناه مع صريحه وهو نظير ما تقدم من جعلهم أل في الآن زائدة مع قولهم بتضمنها معناها وألا يدخل عليها حرف جر
الرابع 3063 - أن تكون زائدة والأكثر أن تقع بعد لما التوقيتية نحو ولما أن جاءت رسلنا لوطا
3064 - وزعم الأخفش أنها تنصب المضارع وهي زائدة وخرج عليه وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وما لنا ألا نتوكل على الله قال فهي زائدة بدليل وما لنا ألا نؤمن بالله
الخامس 3065 - أن تكون شرطية كالمكسورة قاله الكوفيون وخرجوا عليه أن تضل إحداهما أن صدوكم عن المسجد الحرام صفحا إن كنتم قوما

مسرفين قال ابن هشام ويرجحه عندي تواردهما على محل واحد والأصل التوافق وقد قرئ بالوجهين في الآيات المذكورة ودخول الفاء بعدها في قوله فتذكر
السادس 3066 - أن تكون نافية قال بعضهم في قوله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أي لا يؤتى والصحيح أنها مصدرية أي ولا تؤمنوا أن يؤتى أي بإيتاء أحد
السابع 3067 - أن تكون للتعليل كما قاله بعضهم في قوله تعالى بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا والصواب أنها مصدرية وقبلها لام العلة مقدرة
الثامن 3068 - أن تكون بمعنى لئلا قاله بعضهم في قوله يبين الله لكم أن تضلوا والصواب أنها مصدرية والتقدير كراهة أن تضلوا
19 -
إن 3069 - بالكسر والتشديد على أوجه
أحدها التأكيد والتحقيق وهو الغالب نحو إن الله غفور رحيم إنا إليكم لمرسلون قال عبد القاهر والتأكيد بها أقوى من التأكيد باللام قال وأكثر مواقعها بحسب الاستقراء والجواب لسؤال ظاهر أو مقدر إذا كان للسائل فيه ظن
والثاني التعليل أثبته ابن جني وأهل البيان ومثلوه بنحو واستغفروا الله إن الله غفور رحيم وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم وما أبري نفسي إن النفس لأمارة بالسوء وهو نوع من التأكيد

الثالث معنى نعم أثبته الأكثرون وخرج عليه قوم منهم المبرد إن هذان لساحران
20 -
أن 3070 - بالفتح والتشديد على وجهين
أحدهما أن تكون حرف تأكيد والأصح أنها فرع المكسورة وأنها موصول حرفي تؤول مع اسمها وخبرها بالمصدر فإن كان الخبر مشتقا بالمصدر المؤول به من لفظه نحو لتعلموا أن الله على كل شيء قدير أي قدرته وإن كان جامدا قدر بالسكون
وقد استشكل كونها للتأكيد بأنك لو صرحت بالمصدر المنسبك منها لم يفد تأكيدا وأجيب بأن التأكيد للمصدر المنحل وبهذا يفرق بينها وبين المكسورة لأن التأكيد في المكسورة للإسناد وهذا لأحد الطرفين
الثاني أن يكون لغة في لعل وخرج عليها وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون في قراءة الفتح أي لعلها
21 -
أنى 3071 - اسم مشترك بين الاستفهام والشرط فأما الاستفهام فترد فيه بمعنى كيف نحو أنى يحيي هذه الله بعد موتها أنى يؤفكون ومن أين نحو أنى لك هذا أي من أين أتى هذا أي من أين جاءنا
3072 - قال في عروس الأفراح والفرق بين أين ومن أين أن أين سؤال عن المكان الذي حل فيه الشيء ومن أين سؤال عن المكان الذي برز منه الشيء وجعل من هذا المعنى ما قرئ شاذا أنا صببنا الماء صبا
3073 - وبمعنى متى وقد ذكرت المعاني الثلاثة في قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم

3074 - وأخرج ابن جرير الأول من طريق عن ابن عباس وأخرج الثاني عن الربيع بن أنس واختاره وأخرج الثالث عن الضحاك وأخرج قولا رابعا عن ابن عمر وغيره أنها بمعنى حيث شئتم واختار أبو حيان وغيره أنها في الآية شرطية وحذف جوابها لدلالة ما قبلها عليه لأنها لو كانت استفهامية لاكتفت بما بعدها كما هو شأن الاستفهامية أن تكتفي بما بعدها أي تكون كلاما يحسن السكوت عليه إن كان اسما
أو فعلا
22 - أو
3075 - حرف عطف ترد لمعان
الشك من المتكلم نحو قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم
والإبهام على السامع نحو وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين والتخيير بين المعطوفين بأن يمتنع الجمع بينهما
والإباحة بألا يمتنع الجمع
ومثل الثاني بقوله ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم الآية ومثل الأولى بقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وقوله فكفارة إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة
3067 - واستشكل بأن الجمع في الآيتين غير ممتنع
وأجاب ابن هشام بأنه ممتنع بالنسبة إلى وقوع كل كفارة أو فدية بل يقع واحد منهن كفارة أو فدية والباقي قربة مستقلة خارجة عن ذلك
3077 - قلت وأوضح من هذا التمثيل قوله أن يقتلوا أو يصلبوا الآية على قول من جعل الخيرة في ذلك إلى الإمام فإنه يمتنع عليه الجمع بين هذه الأمور بل يفعل منها واحدا يؤدي اجتهاده إليه
3078 - والتفصيل بعد الإجمال نحو وقالوا كونوا هودا أو نصارى

تهتدوا إلا قالوا ساحر أو مجنون أي قال بعضهم كذا وبعضهم كذا
3079 - والإضراب كبل وخرج عليه وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فكان قاب قوسين أو أدنى وقراءة بعضهم أو كلما عاهدوا عهدا بسكون الواو
3080 - ومطلق الجمع كالواو نحو لعله يتذكر أو يخشى لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا
3081 - والتقريب ذكره الحريري وأبو البقاء وجعل منه وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب
ورد بأن التقريب مستفاد من غيرها
3082 - ومعنى إلا في الاستثناء ومعنى إلى وهاتان ينصب المضارع بعدهما بأن مضمرة وخرج عليها لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فقيل إنه منصوب لا مجزوم بالعطف على تمسوهن لئلا يصير المعنى لا جناح عليكم فيما يتعلق بمهور النساء إن طلقتموهن في مدة انتفاء أحد هذين الأمرين مع أنه إذا انتفى الفرض دون المسيس لزم مهر المثل وإذا انتفى المسيس دون الفرض لزم نصف المسمى فكيف يصح دفع الجناح عند انتفاء أحد الأمرين ولأن المطلقات المفروض لهن قد ذكرن ثانيا بقوله وإن طلقتموهن الآية وترك ذكر الممسوسات لما تقدم من المفهوم ولو كانت تفرضوا مجزوما لكانت الممسوسات والمفروض لهن مستويات في الذكر وإذا قدرت أو بمعنى إلا خرجت المفروض لهن عن مشاركة الممسوسات في الذكر وكذا إذا قدرت بمعنى إلى وتكون غاية لنفي الجناح لا لنفي المسيس
وأجاب ابن الحاجب عن الأول بمنع كون المعنى مدة انتفاء أحدهما بل مدة لم يكن واحد منهما وذلك بنفيهما جميعا لأنه نكرة في سياق النفي الصريح

وأجاب بعضهم عن الثاني بأن ذكر المفروض لهن إنما كان لتيقن النصف لهن لا لبيان أن لهن شيئا في الجملة
ومما خرج على هذا المعنى قراءة أبي تقاتلونهم أو يسلموا
تنبيهات 3083 - الأول لم يذكر المتقدمون لأو هذه المعاني بل قالوا هي لأحد الشيئين أو الأشياء قال ابن هشام وهو التحقيق والمعاني المذكورة مستفادة من القرائن
3084 - الثاني قال أبو البقاء أو في النهي نقيضة أو في الإباحة فيجب اجتناب الأمرين كقوله ولا تطع منهم آثما أو كفورا فلا يجوز فعل أحدهما فلو جمع بينهما كان فعلا للمنهي عنه مرتين لأن كل واحد منهما أحدهما
وقال غيره أو في مثل هذا بمعنى الواو تفيد الجمع
3085 - وقال الطيبي الأولى أنها على بابها وإنما جاء التعميم فيما من النهي الذي فيه معنى النفي والنكرة في سياق النفي تعم لأن المعنى قبل النهي تطيع آثما أو كفورا أي واحدا منهما فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتا فالمعنى لا تطع واحدا منهما فالتعميم فيهما من جهة النهي وهي على بابها
3086 - الثالث لكون مبناها على عدم التشريك عاد الضمير إلى مفرديها بالإفراد بخلاف الواو وأما قوله تعالى إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فقيل إنها بمعنى الواو وقيل المعنى أن يكون الخصمان غنيين أو فقيرين
فائدة 3087 - أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس كل شيء في القرآن أو فهو مخير فإذا كان فمن لم يجد فهو الأول فالأول
3088 - وأخرج البيهقي في سننه عن ابن جريج قال كل شيء في القرآن فيه

أو فللتخيير إلا قوله أن يقتلوا أو يصلبوا ليس بمخير فيها قال الشافعي وبهذا أقول
23 -
أولى 3089 - في قوله تعالى أولى لك فأولى وفي قوله تعالى فأولى لهم قال في الصحاح قولهم أولى لك كلمة تهديد ووعيد قال الشاعر
فأولى له ثم أولى له ...
3090 - قال الأصمعي فمعناه قاربه ما يهلكه أي نزل به
3091 - قال الجوهري ولم يقل أحد فيها أحسن مما قال الأصمعي
3092 - وقال قوم هو اسم فعل مبني ومعناه وليك شر بعد شر ولك تبيين
3093 - وقيل هو علم للوعيد غير مصروف ولذا لم ينون وإن محله رفع على الابتداء ولك الخبر ووزنه على هذا فعلى والألف للإلحاق وقيل أفعل
3094 - وقيل معناه الويل لك وأنه مقلوب منه والأصل أويل فأخر حرف العلة ومنه قول الخنساء
هممت لنفسي بعض الهموم ... فأولى لنفسي أولى لها
3095 - وقيل معناه الذم لك أولى من تركه فحذف المبتدأ لكثرة دورانه في الكلام وقيل المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب
3096 - وقال ثعلب أولى لك في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك كأنه يقول قد وليت الهلاك أو قد دانيت الهلاك أصله من الولي وهو القرب ومنه قاتلوا الذين يلونكم أي يقربون منكم
3097 - وقال النحاس العرب تقول أولى لك أي كدت تهلك وكأن تقديره أولى لك الهلكة

24 -
إي 3098 - بالكسر والسكون حرف جواب بمعنى نعم فتكون لتصديق المخبر ولإعلام المستخبر ولوعد الطالب قال النحاة ولا تقع إلا قبل القسم
3099 - قال ابن الحاجب وإلا بعد الاستفهام نحو ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي
25 -
أي 3100 - بالفتح والتشديد على أوجه
الأول أن تكون شرطية نحو أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
الثاني استفهامية نحو أيكم زادته هذه إيمانا وإنما يسأل بها عما يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما نحو أي الفريقين خير مقاما أي أنحن أم أصحاب محمد
الثالث موصولة نحو لننزعن من كل شيعة أيهم أشد
3101 - وهي في الأوجه الثلاثة معربة وتبنى في الوجه الثالث على الضم إذا حذف عائدها وأضيفت كالآية المذكورة وأعربها الأخفش في هذه الحالة أيضا وخرج عليه قراءة بعضهم بالنصب وأول قراءة الضم على الحكاية وأولها غيره على التعليق للفعل وأولها الزمخشري على أنها خبر مبتدأ محذوف وتقدير الكلام لنزعن بعض كل شيعة فكأنه قيل من هذا البعض فقيل هو الذي أشد ثم حذف المبتدآن المكتنفان لأي
3102 - وزعم ابن الطراوة أنها في الآية مقطوعة عن الإضافة مبنية وأن هم أشد مبتدأ وخبر ورد برسم الضمير متصلا بأي وبالإجماع على إعرابها إذا لم تضف
الرابع أن تكون وصلة إلى نداء ما فيه أل نحو يا أيها الناس يا أيها النبي

26 -
إيا 3103 - زعم الزجاج أنها اسم ظاهر والجمهور ضمير ثم اختلفوا فيه على أقوال
أحدها أنه كلمة ضمير هو وما اتصل به
والثاني أنه وحده ضمير وما بعده اسم مضاف له يفسر ما يراد به من تكلم وغيبة وخطاب نحو فإياي فارهبون بل إياه تدعون إياك نعبد
والثالث أنه وحده ضمير وما بعده حروف تفسر المراد
والرابع أنه عماد وما بعده هو الضمير وقد غلط من زعم أنه مشتق وفيه سبع لغات قرئ بها بتشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة وإبدالها هاء مكسورة ومفتوحة هذه ثمانية يسقط منها بفتح الهاء مع التشديد
27 -
أيان 3104 - اسم استفهام وإنما يستفهم به عن الزمان المستقبل كما جزم به ابن مالك وأبو حيان ولم يذكر فيه خلافا
وذكر صاحب المعاني مجيئها للماضي
3105 - وقال السكاكي لا تستعمل إلا في مواضع التفخيم نحو ايان مرساها أيان يوم الدين
3106 - والمشهور عند النحاة أنها كمتى تستعمل في التفخيم وغيره
وقال بالأول من النحاة علي بن عيسى الربعي وتبعه صاحب البسيط فقال إنما تستعمل في الاستفهام عن الشيء المعظم أمره
3107 - وفي الكشاف قيل إنها مشتقى من أوى فعلان منه لأن معناه أي وقت وأي فعل من آويت إليه لأن البعض آو إلى الكل ومتساند وهو بعيد
وقيل أصله أي آن

وقيل أي أوان حذفت الهمزة من أوان والياء الثانية من أي وقلبت الواو ياء وأدغمت الساكنة فيها وقرئ بكسر همزتها
28 -
أين 3108 - اسم استفهام عن المكان نحو فأين تذهبون وترد شرطا عاما في الأمكنة وأينما أعم منها نحو أينما يوجهه لا يأت بخير
29 -
الباء المفردة 3109 - حرف جر له معان أشهرها الإلصاق ولم يذكر لها سيبويه غيره
وقيل إنه لا يفارقها قال في شرح اللب وهو تعلق أحد المعنيين بالآخر ثم قد يكون حقيقة نحو وامسحوا برؤوسكم أي ألصقوا المسح برؤوسكم فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وقد يكون مجازا نحو وإذا مروا بهم أي بمكان يقربون منه
الثاني التعدية كالهمزة نحو ذهب الله بنورهم ولو شاء الله لذهب بسمعهم أي أذهبه كما قال ليذهب عنكم الرجس
وزعم المبرد والسهيلي أن بين تعدية الباء والهمزة فرقا وأنك إذا قلت ذهبت بزيد كنت مصاحبا له في الذهاب ورد بالآية
الثالث الاستعانة وهي الداخلة على آلة الفعل كباء البسملة
الرابع السببية وهي التي تدخل على سبب الفعل نحو فكلا أخذنا بذنبه ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ويعبر عنها أيضا بالتعليل
الخامس المصاحبة كمع نحو اهبط بسلام قد جاءكم الرسول بالحق فسبح بحمد ربك

السادس الظرفية كفى زمانا ومكانا نحو نجيناهم بسحر ولقد نصركم الله ببدر
السابع الاستعلاء كعلى نحو من إن تأمنه بقنطار أي عليه بدليل إلا كما أمنتكم على أخيه
الثامن المجاوزة كعن نحو فاسأل به خبيرا أي عنه بدليل يسألون عن أنبائكم ثم قيل تختص بالسؤال وقيل لا نحو نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم أي وعن أيمانهم ويوم تشقق السماء بالغمام أي عنه
التاسع التبعيض كمن نحو عينا يشرب بها عباد الله أي منها
العاشر الغاية كإلى نحو وقد أحسن بي أي إلى
الحادي عشر المقابلة وهي الداخلة على الأعواض نحو ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون وإنما لم نقدرها باء السببية كما قال المعتزلة لأن المعطي بعوض قد يعطي مجانا وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب
الثاني عشر التوكيد وهي الزائدة فتزاد في الفاعل وجوبا في نحو أسمع بهم وأبصر وجوازا غالبا في نحو كفى بالله شهيدا فإن الاسم الكريم فاعل وشهيدا نصب على الحال أو التمييز والباء زائدة ودخلت لتأكيد الاتصال لأن الاسم في قوله كفى بالله متصل بالفعل اتصال الفاعل
3110 - قال ابن الشجري وفعل ذلك إيذانا بأن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في عظم المنزلة فضوعف لفظها لتضاعف معناها وقال الزجاج دخلت لتضمن كفى معنى اكتفى
3111 - قال ابن هشام وهو من الحسن بمكان

3112 - وقيل الفاعل مقدر والتقدير كفى الاكتفاء بالله فحذف المصدر وبقي معموله دالا عليه ولا تزاد في فاعل كفى بمعنى وقى نحو فسيكفيكهم الله وكفى الله المؤمنين القتال
3113 - وفي المفعول نحو ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وهزي إليك بجذع النخلة فليمدد بسبب إلى السماء ومن يرد فيه بإلحاد
3114 - وفي المبتدأ نحو بأيكم المفتون أي أيكم وقيل هي ظرفية أي في أي طائفة منكم
3115 - وفي اسم ليس في قراءة بعضهم ليس البر أن تولوا بنصب البر
3116 - وفي الخبر المنفي نحو وما الله بغافل قيل والموجب وخرج عليه جزاء سيئة بمثلها
3117 - وفي التوكيد وجعل منه يتربصن بأنفسهن
فائدة 3118 - اختلف في الباء من قوله وامسحوا برؤوسكم فقيل للإلصاق وقيل للتبعيض وقيل زائدة وقيل للاستعانة وإن في الكلام حذفا وقلبا فإن مسح يتعدى إلى المزال عنه بنفسه وإلى المزيل بالباء فالأصل امسحوا رؤوسكم بالماء
30 -
بل 3119 - حرف إضراب إذا تلاها جملة
ثم تارة يكون معنى الإضراب الإبطال لما قبلها نحو وقالوا اتخذ الرحمن

ولدا سبحانه بل عباد مكرمون أي بل هم عباد أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق
3120 - وتارة يكون معناه الانتقال من غرض إلى آخر نحو ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا فما قبل بل فيه على حاله وكذا قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا
3121 - وذكر ابن مالك في شرح كفايته أنها لا تقع في القرآن إلا على هذا الوجه ووهمه ابن هشام وسبق ابن مالك إلى ذلك صاحب البسيط ووافقه ابن الحاجب فقال في شرح المفصل إبطال الأول وإثباته للثاني إن كان في الإثبات من باب الغلط فلا يقع مثله في القرآن . . . انتهى
أما إذا تلاها مفرد فهي حرف عطف ولم تقع في القرآن كذلك
31 -
بلى 3122 - حرف أصلي الألف وقيل الأصل بل والألف زائدة وقيل هي للتأنيث بدليل إمالتها
ولها موضعان
أحدهما أن تكون ردا لنفي يقع قبلها نحو ما كنا نعمل من سوء بلى أي عملتم السوء لا يبعث الله من يموت بلى أي يبعثهم زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ثم قال بلى أي عليهم سبيل وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ثم قال بلى أي يدخلها غيرهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ثم قال بلى أي تمسهم ويخلدون فيها
الثاني أن تقع جوابا لاستفهام دخل على نفي فتفيد إبطاله سواء كان

الاستفهام حقيقيا نحو أليس زيد بقائم فتقول بلى وتوبيخا نحو أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى أو تقريريا نحو ألست بربكم قالوا بلى قال ابن عباس وغيره لو قالوا نعم كفروا ووجهه أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب فكأنهم قالوا لست ربنا بخلاف بلى فإنها لإبطال النفي فالتقدير أنت ربنا
3123 - ونازع في ذلك السهيلي وغيره بأن الاستفهام التقريري خبر موجب ولذلك امتنع سيبويه من جعل أم متصلة في قوله افلا تبصرون أم أنا خير لأنها بعد الإيجاب وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له انتهى
3124 - قال ابن هشام ويشكل عليهم أن بلى لا يجاب بها عن الإيجاب اتفاقا
32 -
بئس 3125 - فعل لإنشاء الذم لا يتصرف
33 -
بين 3126 - قال الراغب هي موضوعة للخلل بين الشيئين ووسطهما قال تعالى وجعلنا بينهما زرعا
وتارة تستعمل ظرفا وتارة اسما فمن الظرف لا تقدموا بين يدي الله ورسوله فقدموا بين يدي نجواكم صدقة فاحكم بيننا بالحق
ولا تستعمل إلا فيما له مسافة نحو بين البلدان أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو وبين الرجلين وبين القوم ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرر نحو ومن بيننا وبينك حجاب فاجعل بيننا وبينك موعدا

وقرئ قوله تعالى لقد تقطع بينكم بالنصب على أنه ظرف وبالرفع على أنه اسم مصدر بمعنى الوصل
ويحتمل الأمرين قوله تعالى ذات بينكم وقوله فلما بلغا مجمع بينهما أي فراقهما
34 -
التاء 3127 - حرف جر معناه القسم يختص بالتعجب وباسم الله تعالى قال في الكشاف في قوله والله لأكيدن أصنامكم الباء أصل حرف القسم والواو بدل منها والتاء بدل من الواو وفيها زيادة معنى التعجب كأنه تعجب من تسهل الكيد على يديه وتأتيه مع عتو نمروذ وقهره انتهى
35 -
تبارك 3128 - فعل لا يستعمل إلا بلفظ الماضي ولا يستعمل إلا الله
36 -
تعال 3129 - فعل لا يتصرف ومن
ثم قيل إنه اسم فعل
37 - ثم
3130 - حرف يقتضي ثلاثة أمور
التشريك في الحكم والترتيب والمهلة وفي كل خلاف
أما التشريك فزعم الكوفيون والأخفش أنه قد يتخلف بأن تقع زائدة فلا تكون عاطفة البتة وخرجوا على ذلك حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم
وأجيب بأن الجواب فيها مقدر
3131 - وأما الترتيب والمهلة فخالف قوم في اقتضائها إياهما تمسكا بقوله خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وبدأ خلق الإنسان من طين ثم

جعل نسله من سلالة من ماء مهين
ثم سواه وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى والاهتداء سابق على ذلك ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ثم آتينا موسى الكتاب
وأجيب عن الكل بأن ثم لترتيب الأخبار لا لترتيب الحكم
3132 - قال ابن هشام وغير هذا الجواب أنفع منه لأنه يصحح الترتيب فقط لا المهملة إذ لا تراخي بين الإخبارين والجواب المصحح لهما ما قيل في الأولى إن العطف على مقدر أي من نفس واحدة أنشأها ثم جعل منها زوجها وفي الثانية أن سواه عطف على الجملة الأولى لا الثانية وفي الثالثة أن المراد ثم دام على الهداية
فائدة 3133 - أجرى الكوفيون ثم مجرى الفاء والواو في جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط وخرج عليه قراءة الحسن ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت بنصب يدركه
38 - ثم
3134 - بالفتح اسم يشار به إلى المكان البعيد نحو وأزلفنا ثم الآخرين وهو ظرف لا يتصرف فلذلك غلط من أعربه مفعولا ل رأيت في قوله وإذا رأيت ثم وقرئ فإلينا مرجعهم ثم الله أي هنالك الله شهيد بدليل هنالك الولاية لله الحق
3135 - وقال الطبري في قوله أثم إذا ما وقع آمنتم به معناه هنالك وليست ثم العاطفة

وهذا وهم أشبه عليه المضمومة بالمفتوحة
3136 - وفي التوشيح لخطاب ثم ظرف فيه معنى الإشارة إلى حيث لأنه هو في المعنى
39 -
جعل 3137 - قال الراغب لفظ عام في الأفعال كلها وهو أعم من فعل وصنع وسائر أخواتها ويتصرف على خمسة أوجه
أحدها يجري مجرى صار وطفق ولا يتعدى نحو جعل زيد يقول كذا
والثاني مجرى أوجد فيتعدى لمفعول واحد نحو وجعل الظلمات والنور
والثالث في إيجاد شيء من شيء وتكوينه منه نحو جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من الجبال أكنانا
والرابع في تصيير الشيء على حالة دون حالة نحو الذي جعل لكم الأرض فراشا وجعل القمر فيهن نورا
الخامس الحكم بالشيء على الشيء حقا كان نحو وجاعلوه من المرسلين أو باطلا نحو ويجعلون لله البنات الذين جعلوا القرآن عضين
40 -
حاشا 3138 - اسم بمعنى التنزيه في قوله تعالى حاشا لله ما علمنا عليه من سوء حاشا لله ما هذا بشرا لا فعل ولا حرف بدليل قراءة بعضهم حاشا لله بالتنوين كما يقال براءة لله وقراءة ابن مسعود حاشا الله بالإضافة كمعاذ الله وسبحان الله ودخولها على اللام في قراءة السبعة والجار لا

يدخل على الجار وإنما ترك التنوين في قراءتهم لبنائها لشبهها بحاشا الحرفية لفظا
وزعم قوم أنها اسم فعل معناه أتبرأ وتبرأت لبنائها
ورد بإعرابها في بعض اللغات
3139 - وزعم المبرد وابن جني أنها فعل وأن المعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله وهذا التأويل لا يتأتى في الآية الأخرى
3140 - وقال الفارسي حاشا فعل من الحشا وهو الناحية أي صار في ناحية أي بعد مما رمي وتنحى عنه فلم يغشه ولم يلابسه ولم يقع في القرآن حاشا إلا استثنائية
41 -
حتى 3141 - حرف لانتهاء الغاية ك إلى لكن يفترقان في أمور
فتنفرد حتى بأنها لا تجر إلا الظاهر وإلا الآخر المسبوق بذي إجزاء أو الملاقي له نحو سلام هي حتى مطلع الفجر
وأنها لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئا فشيئا
وأنها لا يقابل بها ابتداء الغاية
وأنها يقع بعدها المضارع المنصوب بأن المقدرة ويكونان في تأويل مصدر مخفوض ثم لها حينئذ ثلاثة معان
مرادفة إلى نحو لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى أي إلى رجوعه
ومرادفة كي التعليلية نحو ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم و لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا
وتحتملها نحو فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله
ومرادفة إلا في الاستثناء وجعل منه ابن مالك وغيره وما يعلمان من أحد حتى يقولا


مسألة 3142 - متى دل دليل على دخول الغاية التي بعد إلى وحتى في حكم ما قبلها أو على عدم دخوله فواضح أنه يعمل به
فالأول نحو وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين دلت السنة على دخول المرافق والكعبين في الغسل
والثاني نحو ثم أتموا الصيام إلى الليل دل النهي عن الوصال على عدم دخول الليل في الصيام فنظرة إلى ميسرة فإن الغاية لو دخلت هنا لوجب الإنظار حال اليسار أيضا وذلك يؤدي إلى عدم المطالبة وتفويت حق الدائن
وإن لم يدل دليل على واحد منهما ففيها أربعة أقوال
أحدها وهو الأصح تدخل مع حتى دون إلى حملا على الغالب في البابين لأن الأكثر مع القرينة عدم الدخول مع إلى والدخول مع حتى فوجب الحمل عليه عند التردد
والثاني تدخل فيهما عليه
والثالث لا فيهما واستدل للقولين في استوائهما بقوله ومتعناهم إلى حين وقرأ ابن مسعود حتى حين
تنبيه 3143 - ترد حتى ابتدائية أي حرفا يبتدأ بعده الجمل أي تستأنف فتدخل على الاسمية والفعلية المضارعية والماضية نحو حتى يقول الرسول بالرفع حتى عفوا وقالوا حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر
3144 - وادعى ابن مالك أنها في الآيات جارة لإذا ولأن مضمرة في الآيتين والأكثرون على خلافه
وترد عاطفة ولا أعلمه في القرآن لأن العطف بها قليل جدا ومن ثم أنكره الكوفيون البتة


فائدة 3145 - إبدال حائها عينا لغة هذيل وبها قرأ ابن مسعود أخرج
42 -
حيث 3146 - ظرف مكان قال الأخفش وترد للزمان مبنية على الضم تشبيها بالغايات فإن الإضافة إلى الجمل كلا إضافة ولهذا قال الزجاج في قوله من حيث لا ترونهم ما بعد حيث صلة لها وليست بمضافة إليه يعني أنها غير مضافة للجملة بعدها فصارت كالصلة لها أي كالزيادة وليست جزءا منها وفهم الفارسي أنه أراد أنها موصولة فرد عليه
3147 - ومن العرب من يعربها ومنهم من يبنيها على الكسر لالتقاء الساكنين وعلى الفتح للتخفيف وتحتملها قراءة من قرأ من حيث لا يعلمون بالكسر الله أعلم حيث يجعل رسالته بالفتح والمشهور أنها لا تتصرف
3148 - وجوز قوم في الآية الأخيرة كونها مفعولا به على السعة قالوا ولا تكون ظرفا لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان ولأن المعنى أنه يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة لا شيئا في المكان وعلى هذا فالناصب لها يعلم محذوفا مدلولا عليه ب أعلم لا به لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به إلا إن أولته بعالم
3149 - وقال أبو حيان الظاهر إقرارها على الظرفية المجازية وتضمين أعلم معنى ما يتعدى إلى الظرف فالتقدير الله أنفذ علما حيث يجعل أي هو نافذ العلم في هذا الموضع
43 -
دون 3150 - ترد ظرفا نقيص فوق فلا تتصرف على المشهور
وقيل تتصرف وبالوجهين قرئ ومنا دون ذلك بالرفع والنصب
وترد اسما بمعنى غير نحو أم اتخذوا من دونه آلهة أي غيره

3151 - وقال الزمخشري معناه أدنى مكان من الشيء
وتستعمل للتفاوت في الحال نحو زيد دون عمرو أي في الشرف والعلم
واتسع فيه فاستعمل في تجاوز حد إلى حد نحو لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أي لا تجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين
44 -
ذو 3152 - اسم بمعنى صاحب وضع للتوصل إلى وصف الذوات بأسماء الأجناس كما أن الذي وضعت صلة إلى وصف المعارف بالجمل ولا يستعمل إلا مضافا ولا يضاف إلى ضمير ولا مشتق وجوزه بعضهم وخرج عليه قراءة ابن مسعود وفوق كل ذي علم عليم
وأجاب الأكثرون عنها بأن العالم هنا مصدر كالباطل أو بأن ذي زائدة
3153 - قال السهيلي والوصف ب ذو أبلغ من الوصف بصاحب والإضافة بها أشرف فإن ذو يضاف للتابع وصاحب يضاف إلى المتبوع تقول أبو هريرة صاحب النبي ولا تقول النبي صاحب أبي هريرة وأما ذو فإنك تقول ذو المال وذو الفرس فتجد الاسم الأول متبوعا غير تابع وبني على هذا الفرق أنه تعالى قال في سورة الأنبياء وذا النون فأضافه إلى النون وهو الحوت وقال في سورة ن ولا تكن كصاحب الحوت قال والمعنى واحد لكن بين اللفظين تفاوت كثير في حسن الإشارة إلى الحالتين فإنه حين ذكره في معرض الثناء عليه أتى بذي لأن الإضافة بها أشرف وبالنون لأن لفظه أشرف من لفظ الحوت لوجوده في أوائل السور وليس في لفظ الحوت ما يشرفه لذلك فأتى به وبصاحب حين ذكره في معرض النهي عن اتباعه
45 -
رويدا 3154 - اسم لا يتكلم به إلا مصغرا مأمورا به وهو تصغير رود وهو المهل

46 -
رب 3155 - حرف في معناه ثمانية أقوال
أحدها أنها للتقليل دائما وعليه الأكثرون
الثاني للتكثير دائما كقوله تعالى ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين فإنه يكثر منهم تمني ذلك وقال الأولون هم مشغولون بغمرات الأهوال فلا يفيقون بحيث يتمنون ذلك إلا قليلا
الثالث أنها لهما على السواء
الرابع للتقليل غالبا والتكثير نادرا وهو اختياري
الخامس عكسه
السادس لم توضع لواحد منهما بل هي حرف إثبات لا تدل على تكثير ولا تقليل وإنما يفهم ذلك من خارج
السابع للتكثير في موضع المباهاة والافتخار وللتقليل فيما عداه
الثامن لمبهم العدد تكون تقليلا وتكثيرا وتدخل عليها ما فتكفها عن عمل الجر وتدخلها على الجمل والغالب حينئذ دخولها على الفعلية الماضي فعلها لفظا ومعنى ومن دخولها على المستقبل الآية السابقة قيل إنه على حد ونفخ في الصور
47 -
السين 3156 - حرف يختص بالمضارع ويخلصه للاستقبال وينزل منه منزلة الجزء فلذا لم تعمل فيه وذهب البصريون إلى أن مدة الاستقبال معه أضيق منها مع سوف وعبارة المعربين حرف تنفيس ومعناها حرف توسع لأنها تقلب المضارع من الزمن الضيق وهو الحال إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال
3157 - وذكر بعضهم أنها قد تأتي للاستمرار لا للاستقبال كقوله تعالى ستجدون آخرين الآية سيقول السفهاء الآية لأن ذلك إنما

نزل بعد قولهم ما ولاهم فجاءت السين إعلاما بالاستمرار لا للاستقبال
3158 - قال ابن هشام وهذا لا يعرفه النحويون بل الاستمرار مستفاد من المضارع والسين باقية على الاستقبال إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل
3159 - قال وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة ولم أر من فهم وجه ذلك ووجه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل فدخولها على ما يفيد الوعد أو الوعيد مقتض لتوكيده وتثبيت معناه وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة فقال فسيكفيكهم الله معنى السين أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين وصرح به في سورة براءة فقال في قوله أولئك سيرحمهم الله السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد في قولك سأنتقم منك
48 -
سوف 3160 - كالسين وأوسع زمانا منها عند البصريين لأن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى ومرادفة لها عند غيرهم وتنفرد عن السين بدخول اللام عليها نحو ولسوف يعطيك
3161 - قال أبو حيان وإنما امتنع إدخال اللام على السين كراهة توالي الحركات في لسيدحرج ثم طرد الباقي
3162 - قال ابن بابشاذ والغالب على سوف استعمالها في الوعيد والتهديد وعلى السين استعمالها في الوعد وقد تستعمل سوف في الوعد والسين في الوعيد
49 -
سواء 3163 - تكون بمعنى مستو فتقصر مع الكسر نحو مكانا سوى وتمد مع الفتح نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم وبمعنى الوسط فيمد مع الفتح نحو في سواء الجحيم
وبمعنى التمام فكذلك نحو في أربعة أيام سواء أي تماما
ويجوز أن يكون منه واهدنا إلى سواء الصراط

3164 - ولم ترد في القرآن بمعنى غير وقيل وردت وجعل منه في البرهان فقد ضل سواء السبيل وهو وهم وأحسن منه قول الكلبي في قوله تعالى ولا أنت مكانا سوى إنها استثنائية والمستثنى محذوف أي مكانا سوى هذا المكان حكاه الكرماني في عجائبه قال وفيه بعد لأنها لا تستعمل غير مضافة
50 -
ساء 3165 - فعل للذم لا يتصرف
51 -
سبحان 3166 - مصدر بمعنى التسبيح لازم النصب والإضافة إلى مفرد ظاهر نحو وسبحان الله سبحان الذي أسرى أو مضمر نحو سبحانه أن يكون له ولد سبحانك لا علم لنا وهو مما أميت فعله
3167 - وفي العجائب للكرماني من الغريب ما ذكره المفصل أنه مصدر سبح إذا رفع صوته بالدعاء والذكر وأنشد
قبح الإله وجوه تغلب كلما ... سبح الحجيج وكبروا إهلالا
3168 - أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سبحان الله قال تنزيه الله نفسه عن السوء
52 -
ظن 3169 - أصله للاعتقاد الراجح كقوله تعالى إن ظنا أن يقيما حدود الله وقد تستعمل بمعنى اليقين كقوله تعالى الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم
3170 - أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن مجاهد قال كل ظن في القرآن يقين وهذا مشكل بكثير من الآيات لم تستعمل فيها بمعنى اليقين كالآية الأولى
3171 - وقال الزركشي في البرهان الفرق بينهما في القرآن ضابطان

أحدهما أنه حيث وجد الظن محمودا مثابا عليه فهو اليقين وحيث وجد مذموما متوعدا عليه بالعقاب فهو الشك
والثاني أن كل ظن يتصل بعده أن الخفيفة فهو شك نحو بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول وكل ظن يتصل به أن المشددة فهو يقين كقوله إني ظننت أني ملاق حسابيه وظن أنه الفراق وقرئ وأيقن أنه الفراق والمعنى في ذلك أن المشددة للتأكيد فدخلت
على اليقين والخفيفة بخلافها فدخلت في الشك ولهذا دخلت الأولى في العلم نحو فاعلم أنه لا إله إلا الله وعلم أن فيكم ضعفا
والثانية في الحسبان نحو وحسبوا ألا تكون فتنة
ذكر ذلك الراغب في تفسيره وأورد على هذا الضابط وظنوا أن لا ملجأ من الله
وأجيب بأنها هنا اتصلت بالاسم وهو ملجأ وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل ذكره في البرهان قال فتمسك بهذا الضابط فهو من أسرار القرآن
3172 - وقال ابن الأنباري قال ثعلب العرب تجعل الظن علما وشكا وكذبا فإن قامت براهين العلم فكانت أكبر من براهين الشك فالظن يقين وإن اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك وإن زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب قال الله تعالى إن هم إلا يظنون أراد يكذبون انتهى
53 - على
3173 - حرف جر له معان أشهرها الاستعلاء حسا أو معنى نحو وعليها وعلى الفلك تحملون كل من عليها فان فضلنا بعضهم على بعض ولهم على ذنب

ثانيها للمصاحبة كمع نحو وآتى المال على حبه أي مع حبه وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم
ثالثها للإبتداء كمن نحو إذا اكتالوا على الناس أي من الناس لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أي منهم بدليل احفظ عورتك إلا من زوجتك
رابعها التعليل كاللام نحو ولتكبروا الله على ما هداكم أي لهدايته إياكم
خامسها الظرفية كفي نحو ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها أي في حين واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان أي في زمن ملكه
سادسها معنى الباء نحو حقيق على أن لا أقول أي بأن كما قرأ أبي
فائدة 3174 - هي في نحو وتوكل على الحي الذي لا يموت بمعنى الإضافة والإسناد أي أضف توكلك وأسنده إليه كذا قيل وعندي أنها فيه بمعنى باء الاستعانة وفي نحو كتب على نفسه الرحمة لتأكيد التفضل لا الإيجاب والاستحقاق وكذا في نحو ثم إن علينا حسابهم لتأكيد المجازاة
3175 - قال بعضهم وإذا ذكرت النعمة في الغالب مع الحمد لم تقترن بعلى وإذا أريدت النعمة أتى بها ولهذا كان إذا رأى ما يعجبه قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال
تنبيه 3176 - ترد على اسما فيما ذكره الأخفش إذا كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد نحو أمسك عليك زوجك لما تقدمت الإشارة إليه في إلى وترد فعلا من العلو ومنه إن فرعون علا في الأرض

54 -
عن 3177 - حرف جر له معان
أشهرها المجاوزة نحو فليحذر الذين يخالفون عن أمره أي يجاوزونه ويبعدون عنه
ثانيها البدل نحو لا تجزي نفس عن نفس شيئا ثالثها التعليل نحو وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة أي لأجل موعدة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك أي لقولك
رابعها بمعنى على نحو فإنما يبخل عن نفسه أي عليها
خامسها بمعنى من نحو يقبل التوبة عن عباده أي منهم بدليل فتقبل من أحدهما
سادسها بمعنى بعد نحو يحرفون الكلم عن مواضعه بدليل أن في آية أخرى من بعد مواضعه لتركبن طبقا عن طبق أي حالة بعد حالة
تنبيه 3178 - ترد اسما إذا دخل عليها من وجعل ابن هشام ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قال فتقدر معطوفة على مجرور من لا على من ومجرورها
55 -
عسى 3179 - فعل جامد لا يتصرف ومن ثم ادعى قوم أنه حرف ومعناه الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه وقد اجتمعتا في قوله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم
3180 - قال ابن فارس وتأتي للقرب والدنو نحو قل عسى أن يكون ردف لكم

3181 - وقال الكسائي كل ما في القرآن من عسى على وجه الخبر فهو موحد كالآية السابقة ووجه على معنى عسى الأمر أن يكون كذا وما كان على الاستفهام فإنه يجمع نحو فهل عسيتم إن توليتم قال أبو عبيدة معناه هل عرفتم ذلك وهل أخبرتموه
3182 - وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس قال كل عسى في القرآن فهي واجبة
3183 - وقال الشافعي يقال عسى من الله واجبة
3184 - وقال ابن الأنباري عسى في القرآن واجبة إلا في موضعين
أحدهما عسى ربكم أن يرحمكم يعني بني النضير فما رحمهم الله بل قاتلهم رسول الله وأوقع عليهم العقوبة
والثاني عسى ربه إن طلقكم أن يبدله أزواجا فلم يقع التبديل
3185 - وأبطل بعضهم الاستثناء وعمم القاعدة لأن الرحمة كانت مشروطة بألا يعودوا كما قال وإن عدتم عدنا وقد عادوا فوجب عليهم العذاب والتبديل مشروطا بأن يطلق ولم يطلق فلا يجب
3186 - وفي الكشاف في سورة التحريم عسى إطماع من الله تعالى لعباده وفيه وجهان
أحدهما أن يكون ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بلعل وعسى ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت
والثاني أن يكون جيء به تعليما للعباد أن يكونوا بين الخوف والرجاء
3187 - وفي البرهان عسى ولعل من الله واجبتان وإن كانتا رجاء وطمعا في كلام المخلوقين لأن الخلق هم الذين يعرض لهم الشكوك والظنون والبارئ منزه عن ذلك والوجه في إستعمال هذه الألفاظ أن الأمور الممكنة لما كان الخلق يشكون فيها ولا يقطعون على الكائن منها والله يعلم الكائن منها على الصحة صارت لها

نسبتان نسبة إلى الله تسمى نسبة قطع ويقين ونسبة إلى المخلوقين تسمى نسبة شك وظن فصارت هذه الألفاظ لذلك ترد تارة بلفظ القطع بحسب ما هي عليه عند الله تعالى نحو فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه وتارة بلفظ الشك بحسب ما هي عليه عند الخلق نحو فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ونحو فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وقد علم الله حال إرسالهما ما يفضي إليه حال فرعون لكن ورد اللفظ بصورة ما يختلج في نفس موسى وهارون من الرجاء والطمع ولما نزل القرآن بلغة العرب جاء على مذاهبهم في ذلك والعرب قد تخرج الكلام المتيقن في صورة المشكوك لأغراض
3188 - وقال ابن الدهان عسى فعل ماضي اللفظ والمعنى لأنه طمع قد حصل في شيء مستقبل
3189 - وقال قوم ماضي اللفظ مستقبل المعنى لأنه إخبار عن طمع يريد أن يقع
تنبيه 3190 - وردت في القرآن على وجهين
أحدهما رافعة لإسم صريح بعده فعل مضارع مقرون بأن والأشهر في إعرابها حينئذ أنها فعل ماض ناقص عامل عمل كان فالمرفوع إسمها وما بعده الخبر وقيل متعد بمنزلة قارب معنى وعملا أو قاصر بمنزلة قرب من أن يفعل وحذف الجار توسعا وهو رأي سيبويه والمبرد وقيل قاصر بمنزلة قرب وأن يفعل بدل اشتمال من فاعلها
الثاني أن يقع بعدها أن والفعل فالمفهوم من كلامهم أنها حينئذ تامة وقال ابن مالك عندي أنها ناقصة أبدا وأن وصلتها سدت مسد الجزأين كما في أحسب الناس أن يتركوا

56 -
عند 3191 - ظرف مكان تستعمل في الحضور والقرب سواء كانا حسيين نحو فلما رآه مستقرا عنده عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى أو معنويتين نحو قال الذي عنده علم من الكتاب وإنهم عندنا لمن المصطفين في مقعد صدق عند مليك أحياء عند ربهم ابن لي عندك بيتا في الجنة فالمراد بهذه الآيات قرب التشريف ورفعة المنزلة
3192 - ولا تستعمل إلا ظرفا أو مجرورة بمن خاصة نحو فمن عندك ولما جاءهم كتاب من عند الله
وتعاقبها لدى ولدن نحو لدى الحناجر لدى الباب وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
3193 - وقد إجتمعتا في قوله آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما
ولو جيء فيهما بعند أو لدن صح لكن ترك دفعا للتكرار وإنما حسن تكرار لدى في وما كنت لديهم لتباعد ما بينهما
3194 - وتفارق عند ولدى لدن من ستة أوجه
فعند ولدى تصلح في محل ابتداء غاية وغيرها ولا تصلح لدن إلا في ابتداء غاية
وعند ولدى يكونان فضلة نحو وعندنا كتاب حفيظ ولدينا كتاب ينطق بالحق ولدن لا تكون فضلة
وجر لدن بمن أكثر من نصبها حتى أنها لم تجيء في القرآن منصوبة وجر عند كثير وجر لدى ممتنع

وعند ولدى يعربان ولدن مبنية في لغة الأكثرين
ولدن قد لا تضاف وقد تضاف للجملة بخلافهما
3195 - وقال الراغب لدن أخص من عند وأبلغ لأنه يدل على ابتداء نهاية الفعل انتهى
وعند أمكن من لدن من وجهين أنها تكون ظرفا للأعيان والمعاني بخلاف لدى وعند تستعمل في الحاضر والغائب ولا تستعمل لدى إلا في الحاضر ذكرهما ابن الشجري وغيره
57 -
غير 3196 - إسم ملازم للإضافة والإبهام فلا تتعرف ما لم تقع بين ضدين ومن ثم جاز وصف المعرفة بها في قوله غير المغضوب عليهم والأصل أن تكون وصفا للنكرة نحو فنعمل غير الذي كنا نعمل
3197 - وتقع حالا إن صلح موضعها لا واستثناء إن صلح موضعها إلا فتعرب بإعراب الاسم التالي إلا في ذلك الكلام وقرئ قوله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر بالرفع على أنها صفة القاعدون
أو إستثناء وأبدل على حد ما فعلوه إلا قليل وبالنصب على الاستثناء وبالجر خارج السبع صفة للمؤمنين
3198 - وفي المفردات للراغب غير تقال على أوجه
الأول أن تكون للنفي المجرد من غير إثبات معنى به نحو مررت برجل غير قائم أي لا قائم قال تعالى ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى وهو في الخصام غير مبين
الثاني بمعنى إلا فيستثنى بها وتوصف به النكرة نحو ما لكم من إله غيره هل من خالق غير الله

الثالث لنفي الصورة من غير مادتها نحو الماء إذا كان حارا غيره إذا كان باردا ومنه قوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها
الرابع أن يكون ذلك متناولا لذات نحو بما كنتم تقولون على الله غير الحق أغير الله أبغي ربا أئت بقرآن غير هذا يستبدل قوما غيركم إنتهى
58 -
الفاء 3199 - ترد على أوجه
أحدها أن تكون عاطفة فتفيد ثلاثة أمور
أحدها الترتيب معنويا كان نحو فوكزه موسى فقضى عليه أو ذكريا وهو عطف مفصل على مجمل نحو فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ونادى نوح ربه فقال رب الآية وأنكره أي الترتيب الفراء واحتج بقوله أهلكناها فجاءها بأسنا
وأجيب بأن المعنى أردنا إهلاكها
ثانيها التعقيب وهو في كل شيء بحسبه وبذلك ينفصل عن التراخي في نحو أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة خلقنا النقطة علقة فخلقنا العلقة مضغة الآية
ثالثها السببية غالبا نحو فوكزه موسى فقضى عليه فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم

وقد تجيء لمجرد الترتيب نحو فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم فأقبلت امرأته في صرة فصكت فالزاجرات زجرا فالتاليات
3200 - الوجه الثاني أن يكون لمجرد السببية من غير عطف نحو إنا أعطيناك الكوثر فصل إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر وعكسه
3201 - الثالث أن تكون رابطة للجواب حيث لا يصلح لأن يكون شرطا بأن كان جملة إسمية نحو إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير أو فعلية فعلها جامد نحو إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إن تبدوا الصدقات فنعما هي ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا أو إنشائي نحو قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني فإن شهدوا فلا تشهد معهم واجتمعت الاسمية والإنشائية في قوله إن أصبح مآؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين أو ماض لفظا ومعنى نحو إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل أو مقرون بحرف استقبال نحو من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم وما يفعلوا من خير فلن يكفروه
وكما تربط الجواب بشرطه تربط شبه الجواب بشبه الشرط نحو إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين إلى قوله فبشرهم
3202 - الوجه الرابع أن تكون زائدة وحمل عليه الزجاج هذا فليذوقوه ورد بأن الخبر حميم وما بينهما معترض وخرج عليه

الفارسي بل الله فاعبد وغيره ولما جاءهم كتاب من عند الله إلى قوله فلما جاءهم ما عرفوا
3203 - الخامس أن تكون للاستئناف وخرج عليه كن فيكون بالرفع
59 -
في 3204 - حرف جر له معان
أشهرها الظرفية مكانا أو زمانا نحو غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين حقيقة كالآية أو مجازا نحو ولكم في القصاص حياة لقد كان في يوسف وإخوته آيات إنا لنراك في ضلال مبين
ثانيها المصاحبة كمع نحو ادخلوا في أمم أي معهم في تسع آيات
ثالثها التعليل نحو فذالكن الذي لمتنني فيه لمسكم فيما أفضتم فيه أي لأجله
رابعها الإستعلاء نحو ولأصلبنكم في جذوع النخل أي عليها
خامسها معنى الباء نحو يذرؤكم فيه أي بسببه
سادسها معنى إلى نحو فردوا أيديهم في أفواههم أي إليها
سابعها معنى من نحو يوم نبعث في كل أمة شهيدا أي منهم بدليل الآية الأخرى
ثامنها معنى عن نحو فهو في الآخرة أعمى أي عنها وعن محاسنها

تاسعها المقايسة وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق نحو فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل
عاشرها التوكيد وهي الزائدة نحو وقال اركبوا فيها أي أركبوها
60 -
قد 3205 - حرف مختص بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس ماضيا كان أو مضارعا ولها معان
التحقيق مع الماضي نحو قد أفلح المؤمنون قد أفلح من زكاها وهي في الجملة الفعلية المجاب بها القسم مثل إن واللام في الاسمية المجاب بها في إفادة التوكيد والتقريب مع الماضي أيضا تقربه من الحال تقول قام زيد فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد فإن قلت قد قام اختص بالقريب قال النحاة وإنبنى على إفادتها ذلك أحكام
منها منع دخولها على ليس وعسى ونعم وبئس لأنهن للحال فلا معنى لذكر ما يقرب ما هو حاصل ولأنهن لا يفدن الزمان
ومنها وجوب دخولها على الماضي الواقع حالا إما ظاهرة نحو وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا أو مقدرة نحو هذه بضاعتنا ردت إلينا أو جاؤوكم حصرت صدورهم وخالف في ذلك الكوفيون والأخفش وقالوا لا تحتاج لذلك لكثرة وقوعه حالا بدون قد
3206 - وقال السيد الجرجاني وشيخنا العلامة الكافيجي ما قاله البصريون غلط سببه إشتباه لفظ الحال عليهم فإن الحال الذي تقربه قد حال الزمان والحال المبين للهيئة حال الصفات وهما متغايران في المعنى
3207 - المعنى الثالث التقليل مع المضارع قال في المغني وهو ضربان تقليل وقوع الفعل نحو قد يصدق الكذوب وتقليل متعلقه نحو قد يعلم ما

أنتم عليه أي أن ما هم عليه هو أقل معلوماته تعالى قال وزعم بعضهم أنها في هذه الآية ونحوها للتحقيق انتهى
وممن قال بذلك الزمخشري قال إنها أدخلت لتوكيد العلم ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد
3208 - الرابع التكثير ذكره سيبويه وغيره وخرج عليه الزمخشري قوله قد نرى تقلب وجهك في السماء قال أي ربما نرى ومعناه تكثير الرؤية
3209 - الخامس التوقع نحو قد يقدم الغائب لمن يتوقع قدومه وينتظره وقد قامت الصلاة لأن الجماعة منتظرون ذلك وحمل عليه بعضهم قد سمع الله قول التي تجادلك لأنها كانت تتوقع إجابة الله لدعائها
61 -
الكاف 3210 - حرف جر له معان
أشهرها التشبيه نحو وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام
والتعليل نحو كما أرسلنا فيكم رسولا قال الأخفش أي لأجل إرسالنا فيكم رسولا منكم فاذكروني أذكركم واذكروه كما هداكم أي لأجل هدايته إياكم وي كأنه لا يفلح الكافرون أي أعجب لعدم فلاحهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة والتوكيد وهي الزائدة وحمل عليه الأكثرون ليس كمثله شيء ولو كانت غير زائدة لزم إثبات المثل وهو محال والقصد بهذا الكلام نفيه
3211 - قال ابن جني وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا
3212 - وقال الراغب إنما جمع بين الكاف والمثل لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفى بليس الأمرين جميعا

3213 - وقال ابن فورك ليست زائدة والمعنى ليس مثل مثله شيء وإذا نفيت التماثل عن المثل فلا مثل لله في الحقيقة
3214 - وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام مثل تطلق ويراد بها الذات كقولك مثلك لا يفعل هذا أي أنت لا تفعله كما قال
ولم أقل مثلك أعني به ... سواك يا فردا بلا مشبه
وقد قال تعالى فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا أي بالذي آمنتم به إياه لأن إيمانهم لا مثل له فالتقدير في الآية ليس كذاته شيء
3215 - وقال الراغب المثل هنا بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيها على أنه وإن كان وصف بكثير مما وصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما تستعمل في البشر ولله المثل الأعلى
تنبيه 3216 - ترد الكاف إسما بمعنى مثل فتكون في محل إعراب ويعود عليها الضمير
3217 - قال الزمخشري في قوله تعالى كهيئة الطير فأنفخ فيه إن الضمير في فيه للكاف في كهيئة أي فأنفخ في ذلك الشيء المماثل فيصير كسائر الطيور انتهى
مسألة 3218 - الكاف في ذلك أي في اسم الإشارة وفروعه ونحوه حرف خطاب لا محل له من الإعراب وفي إياك قيل حرف وقيل إسم مضاف إليه وفي أرأيتك قيل حرف وقيل إسم في محل رفع وقيل نصب والأول أرجح
62 -
كاد 3219 - فعل ناقص أتى منه الماضي والمضارع فقط له اسم مرفوع وخبر مضارع مجرد من أن ومعناها قارب فنفيها نفي للمقاربة وإثباتها إثبات للمقاربة

واشتهر على ألسنة كثير أن نفيها إثبات وإثباتها نفي فقولك كاد زيد يفعل معناه لم يفعل بدليل وإن كادوا ليفتنونك وما كاد يفعل معناه فعل بدليل وما كادوا يفعلون
3220 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال كل شيء في القرآن كاد وأكاد ويكاد فإنه لا يكون أبدا
3221 - وقيل إنها تفيد الدلالة على وقوع الفعل بعسر وقيل نفي الماضي إثبات بدليل وما كادوا يفعلون ونفي المضارع نفي بدليل لم يكد يراها مع أنه لم ير شيئا والصحيح الأول أنها كغيرها نفيها نفي وإثباتها إثبات فمعنى كاد يفعل قارب الفعل ولم يفعل وما كاد يفعل ما قارب الفعل فضلا عن أن يفعل فنفي الفعل لازم من نفي المقاربة عقلا
3222 - وأما آية فذبحوها وما كادوا يفعلون فهو إخبار عن حالهم في أول الأمر فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها وإثبات الفعل إنما فهم من دليل آخر وهو قوله فذبحوها
3223 - وأما قوله لقد كدت تركن مع أنه لم يركن لا قليلا ولا كثيرا فإنه مفهوم من جهة أن لولا الامتناعية تقتضي ذلك
فائدة 3224 - ترد كاد بمعنى أراد ومنه كذلك كدنا ليوسف أكاد أخفيها وعكسه كقوله جدارا يريد أن ينقض أي يكاد
63 -
كان 3225 - فعل ناقص متصرف يرفع الاسم وينصب الخبر ومعناه في الأصل المضي والانقطاع نحو كانوا أشد منكم قوم وأكثر أموالا وأولادا وتأتي بمعنى الدوام والاستمرار نحو وكان الله غفورا رحيما وكنا بكل شيء عالمين

أي لم يزل كذلك وعلى هذا المعنى تتخرج جميع الصفات الذاتية المقترنة بكان
3226 - قال أبو بكر الرازي كان في القرآن على خمسة أوجه
بمعنى الأزل والأبد كقوله وكان الله عليما حكيما
بمعنى المضي المنقطع وهو الأصل في معناها نحو وكان في المدينة تسع رهط
وبمعنى الحال نحو كنتم خير أمة أخرجت للناس إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
وبمعنى الاستقبال نحو يخافون يوما كان شره مستطيرا
وبمعنى صار نحو وكان من الكافرين انتهى
3227 - قلت أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال عمر بن الخطاب لو شاء الله لقال أنتم فكنا كلنا ولكن قال كنتم في خاصة أصحاب محمد
3228 - وترد كان بمعنى ينبغي نحو ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ما يكون لنا أن نتكلم بهذا
3229 - وبمعنى حضر أو وجد نحو وإن كان ذو عسرة إلا أن تكون تجارة وإن تك حسنة
3230 - وترد للتأكيد وهي الزائدة وجعل منه وما علمي بما كانوا يعملون أي بما يعملون
64 -
كأن 3231 - بالتشديد حرف للتشبيه المؤكد لأن الأكثر على أنه مركب من كاف التشبيه وأن المؤكدة والأصل في كأن زيدا أسد أن زيدا كأسد قدم حرف التشبيه اهتماما به ففتحت همزة أن لدخول الجار

3232 - قال حازم وإنما تستعمل حيث يقوى الشبه حتى يكاد الرائي يشك في أن المشبه هو المشبه به أو غيره ولذلك قالت بلقيس كأنه هو
3233 - قيل وترد للظن والشك فيما إذا كان خبرها غير جامد
3234 - وقد تخفف نحو كأن لم يدعنا إلى ضر مسه
65 -
كأين 3235 - اسم مركب من كاف التشبيه وأي المنونة للتكثير في العدد نحو وكأين من نبي قاتل معه ربيون
3236 - وفيها لغات منها كائن بوزن بائع وقرأ بها ابن كثير حيث وقعت وكأي بوزن كعب وقرئ بها وكأي من نبي قتل وهي مبنية لازمة الصدر ملازمة للإبهام مفتقرة للتمييز وتمييزها مجرور بمن غالبا وقال ابن عصفور لازما
66 -
كذا 3237 - لم ترد في القرآن إلا للإشارة نحو أهكذا عرشك
67 -
كل 3238 - اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكر المضاف هو إليه نحو كل نفس ذائقة الموت
3239 - والمعرف المجموع نحو وكلهم آتيه يوم القيامة فردا كل الطعام كان حلا وأجزاء المفرد المعرف نحو يطبع الله على كل قلب متكبر بإضافة قلب إلى متكبر أي على كل أجزائه وقراءة التنوين لعموم أفراد القلوب
3240 - وترد باعتبار ما قبلها وما بعدها على ثلاثة أوجه
أحدها أن تكون نعتا لنكرة أو معرفة فتدل على كماله وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظا ومعنى نحو ولا تبسطها كل البسط أي بسطا كل

البسط أي تاما فلا تميلوا كل الميل
ثانيها أن تكون توكيدا لمعرفة ففائدتها العموم وتجب إضافتها إلى ضمير راجع للمؤكد نحو فسجد الملائكة كلهم أجمعون وأجاز الفراء والزمخشري قطعها حينئذ عن الإضافة لفظا وخرج عليه قراءة بعضهم إنا كلا فيها
ثالثها تكون تابعة بل تالية للعوامل فتقع مضافة إلى الظاهر وغير مضافة نحو كل نفس بما كسبت رهينة وكلا ضربنا له الأمثال
وحيث أضيفت إلى منكر وجب في ضميرها مراعاة معناها نحو وكل شيء فعلوه وكل إنسان ألزمناه كل نفس ذائقة الموت كل نفس بما كسبت رهينة وعلى كل ضامر يأتين
3241 - أو إلى معرف جاز مراعاة لفظها في الإفراد والتذكير ومراعاة معناها وقد اجتمعا في قوله إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا
3242 - أو قطعت فكذلك نحو قل كل يعمل على شاكلته فكلا أخذنا بذنبه وكل أتوه داخرين وكل كانوا ظالمين
وحيث وقعت في حيز النفي بأن تقدمت عليها أداته أو الفعل المنفي فالنفي موجه إلى الشمول خاصة
ويفيد بمفهومه إثبات الفعل لبعض الأفراد وإن وقع النفي في خبرها فهو موجه إلى كل فرد هكذا ذكره البيانيون
3243 - وقد أشكل على هذه القاعدة قوله إن الله لا يحب كل مختال فخور إذ يقتضي إثبات الحب لمن فيه أحد الوصفين
وأجيب بأن دلالة المفهوم إنما يعول عليها عند عدم المعارض وهو هنا

موجود إذ دل الدليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا
مسألة 3244 - تتصل ما بكل نحو كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا وهي مصدرية ولكنها نابت بصلتها عن ظرف زمان كما ينوب عنه المصدر الصريح والمعنى كل وقت ولهذا تسمى ما هذه المصدرية الظرفية أي النائبة عن الظرف لا أنها ظرف في نفسها فكل من كلما منصوب على الظرف لإضافته إلى شيء هو قائم مقامه وناصبه الفعل الذي هو جواب في المعنى
3245 - وقد ذكر الفقهاء والأصوليون أن كلما للتكرار
3246 - قال أبو حيان وإنما ذلك من عموم ما لأن الظرفية مراد بها العموم وكل أكدته
68 -
كلا وكلتا 3247 - إسمان مفردان لفظا مثنيان معنى مضافان أبدا لفظا ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالة على اثنين قال الراغب وهما في التثنية ككل في الجمع قال تعالى كلتا الجنتين آتت أحدهما أو كلاهما
69 -
كلا 3248 - مركبة عند ثعلب من كاف التشبيه ولا الثانية شددت لامها لتقوية المعنى ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين
3249 - وقال غيره بسيطة فقال سيبويه والأكثرون حرف معناه الردع والزجر لا معنى لها عندهم إلا ذلك حتى إنهم يجيزون أبدا الوقف عليها والابتداء بما بعدها وحتى قال جماعة منهم متى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية لأن فيها معنى التهديد والوعيد وأكثر ما نزل ذلك بمكة لأن أكثر العتو كان بها
3250 - قال ابن هشام وفيه نظر لأنه لا يظهر معنى الزجر في نحو ما شاء ركبك كلا يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا ثم إن علينا بيانه

كلا وقولهم إنته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة شاء الله وبالبعث وعن العجلة بالقرآن تعسف إذ لم تتقدم في الأولين حكاية نفي ذلك عن أحد ولطول الفصل في الثالثة بين كلا وذكر العجلة وأيضا فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ثم نزل كلا إن الإنسان ليطغى فجاءت في افتتاح الكلام
3251 - ورأى آخرون أن معنى الردع والزجر ليس مستمرا فيها فزادوا معنى ثانيا يصح عليه أن يوقف دونها ويبتدأ بهاء
3252 - ثم اختلفوا في تعيين ذلك المعنى فقال الكسائي تكون بمعنى حقا وقال أبو حاتم بمعنى ألا الاستفتاحية
3253 - قال أبو حيان ولم يسبقه إلى ذلك أحد وتابعه جماعة منهم الزجاج
3254 - وقال النضر بن شميل حرف جواب بمنزلة أي ونعم وحملوا عليه كلا والقمر
3255 - وقال الفراء وابن سعدان بمعنى سوف وحكاه أبو حيان في تذكرته
3256 - قال مكي وإذا كان بمعنى حقا فهي اسم وقرئ كلا سيكفرون بعبادتهم بالتنوين ووجه بأنه مصدر كل إذا أعيا أي كلوا في دعواهم وانقطعوا أو من الكل وهو الثقل أي حملوا كلا
3257 - وجوز الزمخشري كونه حرف ردع نون كما في سلاسلا
3258 - ورده أبو حيان بأن ذلك إنما صح في سلاسلا لأن اسم أصله التنوين فرجع به إلى أصله للتناسب
3259 - قال ابن هشام وليس التوجيه منحصرا عند الزمخشري في ذلك بل جوز كون التنوين بدلا من حرف الإطلاق المزيد في رأس الآية ثم أنه وصل بنية الوقف

70 -
كم 3260 - إسم مبني لازم الصدر مبهم مفتقر إلى التمييز وترد إستفهامية ولم تقع في القرآن وخبرية بمعنى كثير
3261 - وإنما تقع غالبا في مقام الافتخار والمباهاة نحو وكم من ملك في السماوات وكم من قرية أهلكناها وكم قصمنا من قرية
3262 - وعن الكسائي أن أصلها كما فحذفت الألف مثل بم ولم وحكاه الزجاج ورده بأنه لو كان كذلك لكانت مفتوحة الميم
71 -
كي 3263 - حرف له معنيان
أحدهما التعليل نحو كي لا يكون دولة بين الأغنياء
والثاني معنى أن المصدرية نحو لكيلا تأسوا لصحة حلول أن محلها ولأنها لو كانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل
72 -
كيف 3264 - إسم يرد على وجهين
الشرط وخرج عليه ينفق كيف يشاء يصوركم في الأرحام كيف يشاء فيبسطه في السماء كيف يشاء وجوابها في ذلك كله محذوف لدلالة ما قبلها
والاستفهام وهو الغالب ويستفهم بها عن حال الشيء لا عن ذاته قال الراغب وإنما يسأل بها عما يصح أن يقال فيه شبيه وغير شبيه ولهذا لا يصح أن يقال في الله كيف قال وكلما أخبر الله بلفظ كيف عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب أو التوبيخ نحو كيف تكفرون كيف يهدي الله قوما

73 -
اللام 3265 - أربعة أقسام جارة وناصبة وجازمة ومهملة غير عاملة
فالجارة مكسورة مع الظاهر وأما قراءة بعضهم الحمد لله فالضمة عارضة للإتباع مفتوحة مع المضمر إلا الياء ولها معان
الاستحقاق وهي الواقعة بين معنى وذات نحو الحمد لله لله الأمر ويل للمطففين لهم في الدنيا خزي
والاختصاص نحو إن له أبا فإن كان له إخوة
والملك نحو له ما في السماوات وما في الأرض
والتعليل نحو وإنه لحب الخير لشديد أي وإنه من أجل حب المال لبخيل وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة الآية في قراءة حمزة أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة ثم لمجيء محمد مصدق لما معكم لتؤمنن به فما مصدرية واللام تعليلية وقوله لإيلاف قريش وتعلقها ب يعبدوا وقيل بما قبلها أي فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ورجح بأنهما في مصحف أبي سورة واحدة
3266 - وموافقة إلى نحو بأن ربك أوحى لها كل يجري لأجل مسمى
3267 - وعلى نحو ويخرون للأذقان دعانا لجنبه وتله للجبين وإن أسأتم فلها لهم اللعنة أي عليهم كما قال الشافعي
3268 - وفي نحو ونضع الموازين القسط ليوم القيامة لا يجليها

لوقتها إلا هو يا ليتني قدمت لحياتي أي في حياتي وقيل هي فيها للتعليل أي لأجل حياتي في الآخرة
3269 - وعند كقراءة الجحدري بل كذبوا بالحق لما جاءهم
3270 - وبعد نحو أقم الصلاة لدلوك الشمس
3271 - وعن نحو وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه أي عنهم وفي حقهم لا أنهم خاطبوا به المؤمنين وإلا لقيل ما سبقتمونا
والتبليغ وهي الجارة لاسم السامع لقول أو ما في معناه كالإذن
3272 - والصيرورة وتسمى لام العاقبة نحو فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا فهذا عاقبة التقاطهم لا علته إذ هي التبني ومنع قوم ذلك وقالوا هي للتعليل مجازا لأن كونه عدوا لما كان ناشئا عن الالتقاط وإن لم يكن عرضا لهم نزل منزلة الغرض على طريق المجاز
3273 - وقال أبو حيان الذي عندي أنها للتعليل حقيقة وأنهم التقطوه ليكون لهم عدوا وذلك على حذف مضاف تقديره لمخافة أن يكون كقوله يبين الله لكم أن تضلوا أي كراهة أن تضلوا انتهى
3274 - والتأكيد وهي الزائدة أو المقوية للعامل الضعيف لفرعية أو تأخير نحو ردف لكم يريد الله ليبين لكم وأمرنا لنسلم فعال لما يريد إن كنتم للرؤيا تعبرون وكنا لحكمهم شاهدين
3275 - والتبيين للفاعل أو المفعول نحو فتعسا لهم هيهات هيهات لما توعدون هيت لك

3276 - والناصبة هي لام التعليل وادعى الكوفيون نصبها وقال غيرهم بأن مقدرة في محل جر باللام
3277 - والجازمة وهي لام الطلب وحركتها الكسر وسليم تفتحها وإسكانها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها نحو فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي وقد تسكن بعد ثم نحو ثم ليقضوا وسواء كان الطلب أمرا نحو لينفق ذو سعة أو دعاء نحو ليقض علينا ربك
3278 - وكذا لو خرجت إلى الخبر نحو فليمدد له الرحمن ولنحمل خطاياكم
3279 - أو التهديد نحو ومن شاء فليكفر
3280 - وجزمها فعل الغائب كثير نحو فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وفعل المخاطب قليل ومنه فبذلك فلتفرحوا في قراءة التاء وفعل المتكلم أقل ومنه ولنحمل خطاياكم
3281 - وغير العاملة أربع لام الابتداء وفائدتها أمران توكيد مضمون الجملة ولهذا زحلقوها في باب إن عن صدر الجملة كراهة توالي مؤكدين وتخليص المضارع للحال
وتدخل في المبتدأ نحو لأنتم أشد رهبة
وفي خبر إن نحو إن ربي لسميع الدعاء وإن ربك ليحكم بينهم وإنك لعلى خلق عظيم واسمها المؤخر نحو إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة
واللام الزائدة في خبر أن المفتوحة كقراءة سعيد بن جبير إلا أنهم ليأكلون

الطعام والمفعول كقوله يدعو لمن ضره أقرب من نفعه
ولام الجواب للقسم أو لو أو لولا نحو تالله لقد آثرك الله وتالله لأكيدن أصنامكم لو تزيلوا لعذبنا ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض
واللام الموطئة وتسمى المؤذنة وهي الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبني على قسم مقدر نحو لئن أخرجوا
لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار وخرج عليها قوله تعالى لما آتيتكم من كتاب وحكمة
74 - لا
3282 - على أوجه
الوجه الأول أن تكون نافية وهي أنواع
أحدها أن تعمل عمل إن وذلك إذا أريد بها نفس الجنس على سبيل التنصيص وتسمى حينئذ تبرئة وإنما يظهر نصبها إذا كان اسمها مضافا أو شبهه وإلا فيركب معها نحو لا إله إلا هو لا ريب فيه فإن تكررت جاز التركيب والرفع نحو فلا رفث ولا فسوق ولا جدال لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة لا لغو فيها ولا تأثيم
ثانيها أن تعمل عمل ليس نحو ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين
ثالثها ورابعها أن تكون عاطفة أو جوابية ولم يقعا في القرآن
خامسها أن تكون على غير ذلك فإن كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة أو نكرة ولم تعمل فيها أو فعلا ماضيا لفظا أو تقديرا وجب تكرارها

نحو لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون فلا صدق ولا صلى
أو مضارعا لم يجب نحو لا يحب الله الجهر قل لا أسألكم عليه أجرا
وتعترض لا هذه بين الناصب والمنصوب نحو لئلا يكون للناس والجازم والمجزوم نحو إلا تفعلوه
3283 - الوجه الثاني أن تكون لطلب الترك فتختص بالمضارع وتقتضي جزمه واستقباله سواء كان نهيا نحو لا تتخذوا عدوي لا يتخذ المؤمنون الكافرين ولا تنسوا الفضل بينكم أو دعاء نحو لا تؤاخذنا
3284 - الوجه الثالث التأكيد وهي الزائدة نحو ما منعك ألا تسجد ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن لئلا يعلم أهل الكتاب أي ليعلموا قال ابن جني لا هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة مرة أخرى
3285 - واختلف في قوله لا أقسم بيوم القيامة فقيل زائدة وفائدتها مع التوكيد التمهيد لنفي الجواب والتقدير لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى ومثله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك ويؤيده قراءة لأقسم وقيل نافية لما تقدم عندهم من إنكار البعث فقيل لهم ليس الأمر كذلك ثم استؤنف القسم قالوا وإنما صح ذلك لأن القرآن كله كالسورة الواحدة ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة نحو وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون و ما أنت بنعمة ربك بمجنون
3286 - وقيل منفيتها أقسم على أنه إخبار لا إنشاء واختاره الزمخشري قال والمعنى نفي ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له بدليل فلا أقسم بمواقع

النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم فكأنه قيل إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام أي أنه يستحق إعظاما فوق ذلك
3287 - واختلف في قوله تعالى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا فقيل لا نافية وقيل ناهية وقيل زائدة وفي قوله تعالى وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فقيل زائدة وقيل نافية والمعنى يمتنع عدم رجوعهم إلى الآخرة
تنبيه 3288 - ترد لا اسما بمعنى غير فيظهر إعرابها فيما بعدها نحو غير المغضوب عليهم ولا الضالين لا مقطوعة ولا ممنوعة لا فارض ولا بكر
فائدة 3289 - قد تحذف ألفها وخرج عليه ابن جني واتقوا فتنة لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
75 -
لات 3290 - اختلف فيها فقال قوم فعل ماض بمعنى نقص وقيل أصلها ليس تحركت الياء فقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها وأبدلت السين تاء وقيل هي كلمتان لا النافية زيدت عليها التاء لتأنيث الكلمة وحركت لالتقاء الساكنين وعليه الجمهور وقيل هي لا النافية والتاء زائدة في أول الحين واستدل له أبو عبيدة بأنه وجدها في مصحف عثمان مختلطة بحين في الخط
3291 - واختلف في عملها فقال الأخفش لا تعمل شيئا فإن تلاها مرفوع فمبتدأ وخبر أو منصوب فبفعل محذوف فقوله تعالى ولات حين مناص بالرفع أي كائن لهم وبالنصب أي لا أرى حين مناص

وقيل تعمل عمل إن
3292 - وقال الجمهور تعمل عمل ليس وعلى كل قول لا يذكر بعدها إلا أحد المعمولين ولا تعمل إلا في لفظ الحين قيل أو ما رادفه قال الفراء وقد تستعمل حرف جر لأسماء الزمان خاصة وخرج عليها قوله ولات حين بالجر
76 -
لا جرم 3293 - وردت في القرآن في خمسة مواضع متلوة بأن واسمها ولم يجيء بعدها فعل واختلف فيها فقيل لا نافية لما تقدم وجرم فعل معناه حق وأن مع ما في حيزه في موضع رفع
وقيل زائدة وجرم معناه كسب أي كسب لهم عملهم الندامة وما في حيزها في موضع نصب
وقيل هما كلمتان ركبتا وصار معناهما حقا
وقيل معناهما لا بد وما بعدها في موضع نصب بإسقاط حرف الجر
77 -
لكن 3294 - مشددة النون حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ومعناه الاستدراك وفسر بأن تنسب لما بعدها حكما مخالفا لحكم ما قبلها ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مخالف لما بعدها أو مناقض له نحو وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا
3295 - وقد ترد للتوكيد مجردا عن الاستدراك قاله صاحب البسيط وفسر الاستدراك برفع ما توهم ثبوته نحو ما زيد شجاعا لكنه كريم لأن الشجاعة والكرم لا يكادان يفترقان فنفي أحدهما يوهم نفي الآخر
3296 - ومثل التوكيد بنحو لو جاءني أكرمته لكنه لم يجيء فأكدت ما أفادته لو من الامتناع
3297 - واختار ابن عصفور أنها لهما معا وهو المختار كما أن كأن للتشبيه

المؤكد ولهذا قال بعضهم إنها مركبة من لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف ونون لكن للساكنين
78 - لكن
3298 - مخففة ضربان
أحدهما مخففة من الثقيلة وهي حرف ابتداء لا يعمل بل لمجرد إفادة الاستدراك وليست عاطفة لاقترانها بالعاطف في قوله ولكن كانوا هم الظالمين
والثاني عاطفة إذا تلاها مفرد وهي أيضا للاستدراك نحو لكن الله يشهد لكن الرسول لكن الذين اتقوا ربهم
79 -
لدى ولدن 3299 - تقدمتا في عند
80 -
لعل 3300 - حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر وله معان
أشهرها التوقع وهو الترجي في المحبوب نحو لعلكم تفلحون
والإشفاق في المكروه نحو لعل الساعة قريب وذكر التنوخي أنها تفيد تأكيد ذلك
الثاني التعليل وخرج عليه فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى
الثالث الاستفهام وخرج عليه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وما يدريك لعله يزكى ولذا علق تدري
3301 - قال في البرهان وحكى البغوي عن الواقدي أن جميع ما في القرآن

من لعل فإنها للتعليل إلا قوله لعلكم تخلدون فإنها للتشبيه قال وكونها للتشبيه غريب
لم يذكره النحاة
3302 - ووقع في صحيح البخاري في قوله لعلكم تخلدون أن لعل للتشبيه وذكر غيره أنه للرجاء المحض وهو بالنسبة إليهم انتهى
3303 - قلت أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال لعلكم في القرآن بمعنى كي غير آية في الشعراء لعلكم تخلدون يعني كأنكم تخلدون
3304 - وأخرج عن قتادة قال كان في بعض القراءة وتتخذون مصانع كأنكم خالدون
81 - لم
3305 - حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيا نحو لم يلد ولم يولد والنصب بها لغة حكاها اللحياني وخرج عليها قراءة ألم نشرح
82 -
لما 3306 - على أوجه
أحدها أن تكون حرف جزم فتختص بالمضارع وتنفيه وتقلبه ماضيا ك لم لكن يفترقان من أوجه أنها لا تقترن بأداة شرط ونفيها مستمر إلى الحال وقريب منه ومتوقع ثبوته قال ابن مالك في لما يذوقوا عذاب المعنى لم يذوقوه وذوقه لهم متوقع وقال الزمخشري في ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ما في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد وأن نفيها آكد من نفي لم فهي لنفي قد فعل ولم لنفي فعل ولهذا قال الزمخشري في الفائق تبعا لابن جني إنها مركبة من لم وما وإنهم لما زادوا في الإثبات قد زادوا في النفي ما وأن منفي لما جائزة الحذف اختيارا بخلاف لم وهي أحسن ما يخرج عليه وأن كلا لما أي لما يهملوا أو يتركوا قاله ابن الحاجب

3307 - قال ابن هشام ولا أعرف وجها في الآية أشبه من هذا وإن كانت النفوس تستبعده لأن مثله لم يقع في التنزيل قال والحق ألا يستبعد ولكن الأولى أن يقدر لما يوفوا أعمالها أي أنهم إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها
3308 - الثاني أن تدخل على الماضي فتقضي جملتين وجدت الثانية عند وجود الأولى نحو فلما نجاكم إلى البر أعرضتم ويقال فيها حرف وجود لوجود وذهب جماعة إلى أنها حينئذ ظرف بمعنى حين
3309 - وقال ابن مالك بمعنى إذ لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة وبجواب هذه يكون ماضيا كما تقدم وجملة اسمية بالفاء أو بإذا الفجائية نحو فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون
3310 - وجوز ابن عصفور كونه مضارعا نحو فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا وأوله غيره ب جادلنا
3311 - الثالث أن تكون حرف استثناء فتدخل على الاسمية والماضية نحو إن كل نفس لما عليها حافظ بالتشديد أي إلا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا
83 -
لن 3312 - حرف نفي ونصب واستقبال والنفي بها أبلغ من النفي بلا فهي لتأكيد النفي كما ذكره الزمخشري وابن الخباز حتى قال بعضهم وإن منعه مكابرة فهي لنفي إني أفعل ولا لنفي أفعل كما في لم ولما
3313 - قال بعضهم العرب تنفي المظنون بلن والمشكوك بلا ذكره ابن الزملكاني في التبيان
3314 - وادعى الزمخشري أيضا أنها لتأييد النفي كقوله لن يخلقوا ذبابا ولن تفعلوا

3315 - وقال ابن مالك وحمله على ذلك اعتقاده في لن تراني أن الله لا يرى
ورد غيره بأنها
لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في فلن أكلم اليوم إنسيا ولم يصح التوقيت في لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ولكان ذكر الأبد في ولن يتمنوه أبدا تكرارا والأصل عدمه واستفادة التأبيد في ولن يخلقوا ذبابا ونحوه من خارج
ووافقه على إفادة التأبيد ابن عطية وقال في قوله لن تراني لو بقينا على هذا النفي لتضمن أن موسى لا يراه أبدا ولا في الآخرة لكن ثبت في الحديث المتواتر أن أهل الجنة يرونه
3316 - وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري فقال إن لن لنفي ما قرب وعدم امتداد النفي ولا يمتد معها النفي قال وسر ذلك أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ولا آخرها الألف والألف يمكن امتداد الصوت بها بخلاف النون فطابق كل لفظ معناه قال ولذلك أتى بلن حيث لم يرد به النفي مطلقا بل في الدنيا حيث قال لن تراني وب لا في قوله لا تدركه الأبصار حيث أريد نفي الإدراك على الإطلاق وهو مغاير للرؤية انتهى
3317 - قيل وترد لن للدعاء وخرج عليه رب بما أنعمت علي فلن أكون الآية
84 - لو
3318 - حرف شرط في المضي يصرف المضارع إليه بعكس إن الشرطية
واختلف في إفادتها الامتناع وكيفية إفادتها إياه على أقوال
أحدها أنها لا تفيده بوجه ولا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع الجواب بل هي لمجرد ربط الجواب بالشرط دالة على التعليق في الماضي كما دلت إن

على التعليق في المستقبل ولم تدل بالإجماع على امتناع ولا ثبوت
3319 - قال ابن هشام وهذا القول كإنكار الضروريات إذ فهم الامتناع منها كالبديهي فإن كل من سمع لو فعل فهم عدم وقوع الفعل من غير تردد ولهذا جاز استدراكه فتقول لو جاء زيد أكرمته لكنه لم يجئ
3320 - الثاني وهو لسيبويه قال إنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره أي أنها تقتضي فعلا ماضيا كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره والمتوقع غير واقع فكأنه قال حرف يقتضي فعلا امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته
3321 - الثالث وهو المشهور على ألسنة النحاة ومشى عليه المعربون أنها حرف امتناع لامتناع أي يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط فقولك لو جئت لأكرمتك دال على امتناع الإكرام لامتناع المجيء واعترض بعدم امتناع الجواب في مواضع كثيرة كقوله تعالى ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ولو أسمعهم لتولوا فإن عدم النفاد عند فقد ما ذكر والتولي عند عدم الإسماع أولى
3322 - والرابع وهو لابن مالك أنها حرف يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه من غير تعرض لنفي التالي قال فقيام زيد من قولك لو قام زيد قام عمرو محكوم بانتفائه وبكونه مستلزما ثبوته لثبوت قيام من عمرو وهل وقع لعمرو قيام آخر غير اللازم عن قيام زيد أو ليس له لا تعرض لذلك قال ابن هشام وهذه أجود العبارات
فائدة 3323 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال كل شيء في القرآن لو فإنه لا يكون أبدا
فائدة ثانية 3324 - تختص لو المذكورة بالفعل وأما نحو قل لو أنتم تملكون فعلى تقديره

3325 - قال الزمخشري وإذا وقعت أن بعدها وجب كون خبرها فعلا ليكون عوضا عن الفعل المحذوف ورده ابن الحاجب بآية ولو أن ما في الأرض وقال إنما ذاك إذا كان مشتقا لا جامدا ورده ابن مالك بقوله
لو أن حيا مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح
3326 - قال ابن هشام وقد وجدت آية في التنزيل وقع فيها الخبر اسما مشتقا ولم يتنبه لها الزمخشري كما لم يتنبه لآية لقمان ولا ابن الحاجب وإلا لما منع من ذلك ولا ابن مالك وإلا لما استدل بالشعر وهي قوله يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ووجدت آية الخبر فيها ظرف لو أن عندنا ذكرا من الأولين
3327 - ورد ذلك الزركشي في البرهان وابن الدماميني بأن لو في الآية الأولى للتمني والكلام في الامتناعية وأعجب من ذلك أن مقالة الزمخشري سبقه إليها السيرافي وهذا الاستدراك وما استدرك به منقول قديما في شرح الإيضاح لابن الخباز لكن في غير مظنته فقال في باب إن وأخواتها قال السيرافي لو أن زيدا أقام لأكرمته لا يجوز لو أن زيدا حاضرا لأكرمته لأنك لم تلفظ بفعل يسد مسد ذلك الفعل هذا كلامه وقد قال تعالى وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب فأوقع خبرها صفة ولهم أن يفرقوا بأن هذه للتمني فأجريت مجرى ليت كما تقول ليتهم بادون انتهى كلامه
3328 - وجواب لو إما مضارع منفي بلم أو ماض مثبت أو منفي بما والغالب على المثبت دخول اللام عليه نحو لو نشاء لجعلناه حطاما ومن تجرده لو نشاء جعلناه أجاجا والغالب على المنفي تجرده نحو ولو شاء ربك ما فعلوه
فائدة ثانية
3329 - قال الزمخشري الفرق بين قولك لو جاءني زيد لكسوته ولو زيد جاءني لكسوته ولو أن زيدا جاءني لكسوته أن القصد في الأول مجرد ربط

الفعلين وتعليق أحدهما بصاحبه لا غير من غير تعرض لمعنى زائد على التعلق الساذج وفي الثاني انضم إلى التعليق أحد معنيين إما نفي الشك والشبهة وأن المذكور مكسو لا محالة وإما بيان أنه هو المختص بذلك دون غيره وتخرج عليه آية لو أنتم تملكون وفي الثالث مع ما في الثاني زيادة التأكيد الذي تعطيه أن وإشعار بأن زيدا كان حقه أن يجيء وأنه بتركه المجيء قد أغفل حظه ويخرج عليه ولو أنهم صبروا ونحوه فتأمل ذلك وخرج عليه ما وقع في القرآن من أحد الثلاثة
تنبيه 3330 - ترد لو شرطية في المستقبل وهي التي يصلح موضعها إن نحو ولو كره المشركون ولو أعجبك حسنهن
ومصدرية وهي التي يصلح موضعها أن المفتوحة وأكثر وقوعها بعد ود ونحوه نحو ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم يود أحدهم لو يعمر يود المجرم لو يفتدى أي الرد والتعمير والافتداء
وللتمني وهي التي يصلح موضعها ليت نحو فلو أن لنا كرة ولهذا نصب الفعل في جوابها
وللتعليل وخرج عليه ولو على أنفسكم
85 -
لولا 3331 - على أوجه
أحدها أن تكون حرف امتناع لوجود فتدخل على الجملة الإسمية ويكون جوابها فعلا مقرونا باللام إن كان مثبتا نحو فلولا أنه كان من المسبحين للبث ومجردا منها إن كان منفيا نحو ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا وإن وليها ضمير فحقه أن يكون ضمير رفع نحو لولا أنتم لكنا مؤمنين

الثاني أن تكون بمعنى هلا فهي للتحضيض والعرض في المضارع أو ما في تأويله نحو لولا تستغفرون الله لولا أخرتني إلى أجل قريب وللتوبيخ والتنديم في المضارع نحو لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله ولولا إذ سمعتموه قلتم فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا فلولا إذا بلغت الحلقوم فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين
الثالث أن تكون للاستفهام ذكر الهروي وجعل منه لولا أخرتني لولا أنزل إليه ملك والظاهر أنها فيهما بمعنى هلا
الرابع أن تكون للنفي ذكره الهروي أيضا وجعل منه فلولا كانت قرية آمنت أي فما آمنت قرية أي أهلها عند مجيء العذاب فنفعها إيمانها والجمهور لم يثبتوا ذلك وقالوا المراد في الآية التوبيخ على ترك الإيمان قبل مجيء العذاب ويؤيده قراءة أبي فهلا والاستثناء حينئذ منقطع
فائدة 3332 - نقل عن الخليل أن جميع ما في القرآن من لولا فهي بمعنى هلا إلا فلولا أنه كان من المسبحين وفيه نظر لما تقدم من الآيات
وكذا قوله لولا أن رأى برهان ربه لولا فيه امتناعية وجوابها محذوف أي لهم بها أو لواقعها
وقوله لولا أن من الله علينا لخسف بنا وقوله لولا أن ربطنا على قلبها أي لأبدت به في آيات أخر
3333 - وقال ابن أبي حاتم أنبأنا موسى الخطمي أنبأنا هارون بن أبي حاتم أنبأنا عبد الرحمن بن حماد عن أسباط عن السدي عن أبي مالك قال كل ما في القرآن فلولا فهو فهلا إلا حرفين في يونس

فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها يقول فما كانت قرية وقوله فلولا أنه كان من المسبحين
وبهذا يتضح مراد الخليل وهو أن مراده لولا المقترنة بالفاء
86 -
لوما 3334 - بمنزلة لولا قال تعالى لو
ما تأتينا بالملائكة وقال المالقي لم ترد إلا للتحضيض
87 -
ليت 3335 - حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ومعناه التمني وقال التنوخي إنها تفيد تأكيده
88 -
ليس 3336 - فعل جامد ومن ثم ادعى قوم حرفيته ومعناه نفي مضمون الجملة في الحال ونفي غيره بالقرينة
3337 - وقيل هي لنفي الحال وغيره وقواه ابن الحاجب بقوله تعالى ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم فإنه نفي للمستقبل
3338 - قال ابن مالك وترد للنفي العام المستغرق المراد به الجنس كلا التبرئة وهو مما يغفل عنه وخرج عليه ليس لهم طعام إلا من ضريع
89 - ما
3339 - اسمية وحرفية
فالاسمية ترد موصولة بمعنى الذي نحو ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ويستوي فيها المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع والغالب استعمالها فيما لا يعلم وقد تستعمل في العالم نحو والسماء وما بناها ولا أنتم عابدون ما أعبد أي الله ويجوز في ضميرها مراعاة اللفظ والمعنى واجتمعا في قوله

تعالى ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون وهذه معرفة بخلاف الباقي
3340 - واستفهامية بمعنى أي شيء ويسأل بها عن أعيان ما لا يعقل وأجناسه وصفاته وأجناس العقلاء وأنواعهم وصفاتهم نحو ما هي ما لونها ما ولاهم وما تلك بيمينك وما الرحمن
ولا يسأل بها عن أعيان أولى العلم خلافا لمن أجازه وأما قول فرعون وما رب العالمين فإن قاله جهلا ولهذا أجابه موسى بالصفات
3341 - ويجب حذف ألفها إذا جرت وإبقاء الفتحة دليلا عليها فرقا بينها وبين الموصولة نحو عم يتساءلون فيم أنت من ذكراها لم تقولون ما لا تفعلون بم يرجع المرسلون
3342 - وشرطية نحو ما ننسخ من آية أو ننسها نأت وما تفعلوا من خير يعلمه الله فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم وهذه منصوبة بالفعل بعدها
3343 - تعجبية نحو فما أصبرهم على النار قتل الإنسان ما أكفره ولا ثالث لهما في القرآن إلا في قراءة سعيد بن جبير ما أغرك بربك الكريم ومحلها رفع بالابتداء وما بعدها خبر وهي نكرة تامة
3344 - ونكرة موصوفة نحو بعوضة فما فوقها نعما يعظكم أي نعم شيئا يعظكم به
3345 - وغير موصوفة نحو فنعما هي أي نعم شيئا هي

3346 - والحرفية ترد مصدرية إما زمانية نحو فاتقوا الله ما استطعتم أي مدة استطاعتكم أو غير زمانية نحو فذوقوا بما نسيتم أي بنسيانكم
3347 - ونافية إما عاملة عمل ليس نحو ما هذا بشرا ما هن أمهاتهم فما منكم من أحد عنه حاجزين ولا رابع لها في القرآن
3348 - أو غير عاملة نحو وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله فما ربحت تجارتهم
3349 - قال ابن الحاجب وهي لنفي الحال ومقتضى كلام سيبويه أن فيها معنى التأكيد لأنه جعلها في النفي جوابا لقد في الإثبات فكما أن قد فيها معنى التأكيد فكذلك ما جعل جوابا لها
3350 - وزائدة للتأكيد إما كافة نحو إنما هو إله واحد أنما إلهكم إله واحد كأنما أغشيت وجوههم ربما يود الذين كفروا
3351 - أو غير كافة نحو فإما ترين أيا ما تدعو أيما الأجلين قضيت فبما رحمة مما خطيئاتهم مثلا ما بعوضة
3352 - قال الفارسي جميع ما في القرآن من الشرط بعد إما مؤكد بالنون لمشابهة فعل الشرط بدخول ما للتأكيد لفعل القسم من جهة أن ما كاللام في القسم لما فيها من التأكيد وقال أبو البقاء زيادة ما مؤذنة بإرادة شدة التأكيد
فائدة 3353 - حيث وقعت ما قبل ليس أو لم أو لا أو بعد إلا فهي موصولة نحو ما ليس لي بحق ما لم يعلم ما لا تعلمون إلا ما علمتنا

وحيث وقعت بعد كاف التشبيه فهي مصدرية وحيث وقعت بعد الباء فإنها تحتملهما نحو بما كانوا يظلمون
وحيث وقعت بين فعلين سابقهما علم أو دراية أو نظر احتملت الموصولة والاستفهامية نحو وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ولتنظر نفس ما قدمت لغد
3354 - وحيث وقعت في القرآن قبل إلا فهي نافية إلا في ثلاثة عشر موضعا
مما آتيتموهن إلا أن يخافا
فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون
ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين
ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف
وما أكل السبع إلا ما ذكيتم
ولا أخاف ما تشركون به إلا
وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا
ما دامت السماوات والأرض إلا في موضعي هود
فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا ما قدمتم لهن إلا
وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله
وما بينهما إلا بالحق حيث كان

90 -
ماذا 3355 - ترد على أوجه
أحدها أن تكون ما استفهاما وذا موصولة وهو أرجح الوجهين في ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو في قراءة الرفع أي الذي ينفقونه العفو إذ الأصل أن تجاب الاسمية بالاسمية والفعلية بالفعلية
الثاني أن يكون ما استفهاما وذا إشارة
الثالث أن تكون ماذا كلها استفهاما على التركيب وهو أرجح الوجهين في ماذا ينفقون قل العفو في قراءة النصب أي ينفقون العفو
الرابع أن يكون ماذا كله اسم جنس بمعنى شيء أو موصولا بمعنى الذي
الخامس أن تكون ما زائدة وذا للإشارة
السادس أن تكون ما استفهاما وذا زائدة ويجوز أن يخرج عليه
91 -
متى 3356 - ترد استفهاما عن الزمان نحو متى نصر الله وشرطا
92 -
مع 3357 - اسم بدليل جرها بمن في قراءة بعضهم هذا ذكر من معي وهي بمعنى عند وأصلها لمكان الاجتماع أو وقته نحو ودخل معه السجن فتيان أرسله معنا لن أرسله معكم
3358 - وقد يراد به مجرد الاجتماع والاشتراك من غير ملاحظة المكان والزمان نحو وكونوا مع الصادقين واركعوا مع الراكعين
وأما نحو إني معكم إن الله مع الذين اتقوا وهو معكم أينما كنتم إن معي ربي سيهدين فالمراد به العلم والحفظ والمعونة مجازا

3359 - قال الراغب والمضاف إليه لفظ مع هو المقصود كالآيات المذكورة
93 -
من 3360 - حرف جر له معان أشهرها
ابتداء الغاية مكانا وزمانا وغيرهما نحو من المسجد الحرام من أول يوم إنه من سليمان
3361 - والتبعيض بأن يسد بعض مسدها نحو حتى تنفقوا مما تحبون وقرأ ابن مسعود بعض ما تحبون
3362 - والتبيين وكثيرا ما تقع بعد ما ومهما نحو ما يفتح الله للناس من رحمة ما ننسخ من آية مهما تأتنا به من آية ومن وقوعها بعد غيرهما فاجتنبوا الرجس من الأوثان من أساور من ذهب
3363 - والتعليل مما خطيئاتهم أغرقوا يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق
3364 - والفصل بالمهملة وهي الداخلة على ثاني المتضادين نحو يعلم المفسد من المصلح حتى يميز الخبيث من الطيب
3365 - والبدل نحو أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة أي بدلها لجعلنا منكم ملائكة في الأرض أي بدلكم
3366 - وتنصيص العموم نحو وما من إله إلا الله قال في الكشاف هو بمنزلة البناء على الفتح في لا إله إلا الله في إفادة معنى الاستغراق
3367 - ومعنى الباء نحو ينظرون من طرف خفي أي به

3368 - وعلى نحو ونصرناه من القوم أي عليهم
3369 - وفي نحو إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي فيه وفي الشامل عن الشافعي أن من في قوله تعالى فإن كان من قوم عدو لكم بمعنى في بدليل قوله وهو مؤمن
3370 - وعن نحو قد كنا في غفلة من هذا أي عنه
3371 - وعند نحو لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله أي عند
3372 - والتأكيد وهي الزائدة في النفي أو النهي أو الاستفهام نحو وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور
3373 - وأجازها قوم في الإيجاب وخرجوا عليه ولقد جاءك من نبإ المرسلين يحلون فيها من أساور من جبال فيها من برد يغضوا من أبصارهم
فائدة 3374 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن ابن عباس قال لو أن إبراهيم حين دعا قال فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لازدحمت عليه اليهود والنصارى ولكنه خص حين قال أفئدة من الناس فجعل ذلك للمؤمنين
3375 - وأخرج عن مجاهد قال لو قال إبراهيم فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لزاحمتكم عليه الروم وفارس وهذا صريح في فهم الصحابة والتابعين التبعيض من من
3376 - وقال بعضهم حيث وقعت يغفر لكم في خطاب المؤمنين لم تذكر معها من كقوله في الأحزاب يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم وفي الصف يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على

تجارة تنجيكم
من عذاب أليم إلى قوله يغفر لكم ذنوبكم
3377 - وقال في خطاب الكفار في سورة نوح يغفر لكم من ذنوبكم وكذا في سورة إبراهيم وفي سورة الأحقاف وما ذاك إلا للتفرقة بين الخطابين لئلا يسوى بين الفريقين في الوعد ذكره في الكشاف
94 - من
3378 - لا تقع إلا اسما فترد موصولة نحو وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون
3379 - وشرطية نحو من يعمل سوءا يجز به
3380 - واستفهامية نحو من بعثنا من مرقدنا
3381 - ونكرة موصوفة ومن الناس من يقول أي فريق يقول
3382 - وهي ك ما في استوائها في المذكر والمفرد وغيرهما والغالب استعمالها في العالم عكس ما ونكتته ما أكثر وقوعا في الكلام منها وما لا يعقل أكثر ممن يعقل فأعطوا ما كثرت مواضعه الكثير وما قلت للقليل للمشاكلة
3383 - قال ابن الأنباري واختصاص من بالعالم وما بغيره في الموصولتين دون الشرطيتين لأن الشرط يستدعي الفعل ولا يدخل على الأسماء
95 -
مهما 3384 - اسم لعود الضمير عليها في مهما تأتنا به قال الزمخشري عاد عليها ضمير به وضمير بها حملا على اللفظ وعلى المعنى وهي شرط لما لا يعقل غير الزمان كالآية المذكورة
3385 - وفيها تأكيد ومن ثم قال قوم إن أصلها ما الشرطية وما الزائدة أبدلت ألف الأولى هاء دفعا للتكرار

96 -
النون 3386 - على أوجه
اسم وهي ضمير النسوة نحو فلا رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن وحرف وهي نوعان نون التوكيد وهي خفيفة وثقيلة نحو ليسجنن وليكونا لنسفعا بالناصية ولم تقع الخفيفة في القرآن إلا في هذين الموضعين
3387 - قلت وثالث في قراءة شاذة وهي فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءا وجوهكم
ورابع في قراءة الحسن ألقيا في جهنم ذكره ابن جني في المحتسب
3388 - ونون الوقاية وتلحق ياء المتكلم المنصوبة بفعل نحو فاعبدني ليحزنني أو حرف نحو يا ليتني كنت معهم إنني أنا الله والمجرورة بلدن نحو من لدني عذرا أو من أو عن نحو ما أغنى عني ماليه وألقيت عليك محبة مني
97 -
التنوين 3389 - نون تثبت لفظا لا خطا وأقسامه كثيرة
تنوين التمكين وهو اللاحق للأسماء المعربة نحو وهدى ورحمة وإلى عاد أخاهم هودا إنا أرسلنا نوحا
3390 - وتنوين التنكير وهو اللاحق لأسماء الأفعال فرقا بين معرفتها ونكرتها نحو التنوين اللاحق لأف في قراءة من نونه ولهيهات في قراءة من نونها
3391 - وتنوين المقابلة وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم نحو مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات

3392 - وتنوين العوض إما عن حرف آخر مفاعل المعتل نحو والفجر وليال ومن فوقهم غواش أو عن اسم مضاف إليه في كل وبعض وأي نحو كل في فلك يسبحون فضلنا بعضهم على بعض أيا ما تدعو
3393 - وعن الجملة المضاف إليها إذ نحو وأنتم حينئذ تنظرون أي حين إذ بلغت الروح الحلقوم
3394 - أو إذا على ما تقدم عن شيخنا ومن نحا نحوه نحو وإنكم إذا لمن المقربين أي إذا غلبتم
3395 - وتنوين الفواصل الذي يسمى في غير القرآن الترنم بدلا من حرف الإطلاق ويكون في الاسم والفعل والحرف وخرج عليه الزمخشري وغيره قواريرا والليل إذا يسر كلا سيكفرون بتنوين الثلاثة
98 -
نعم 3396 - حرف جواب فيكون تصديقا للمخبر ووعدا للطالب وإعلاما للمستخبر وإبدال عينها حاء وكسرها وإتباع النون لها في الكسر لغات قرئ بها
99 - نعم
3397 - فعل لإنشاء المدح لا يتصرف
100 -
الهاء 3398 - اسم ضمير غائب يستعمل في الجر والنصب نحو فقال له صاحبه وهو يحاوره وحرف للغيبة وهو اللاحق لإيا وللسكت نحو ماهيه كتابيه حسابيه سلطانيه ماليه لم يتسنه وقرئ بها في أواخر آي الجمع كما تقدم وقفا

101 -
ها 3399 - ترد اسم فعل بمعنى خذ ويجوز مد ألفه فيتصرف حينئذ للمثنى والجمع نحو هاؤم اقرءوا كتابيه
واسما ضميرا للمؤنث نحو فألهمها فجورها وتقواها
3400 - وحرف تنبيه فتدخل على الإشارة نحو هؤلاء هذان خصمان وهاهنا وعلى ضمير الرفع المخبر عنه بإشارة نحو ها أنتم أولاء وعلى نعت أي في النداء نحو يا أيها الناس
ويجوز في لغة أسد حذف ألف هذه وضمها اتباعا وعليه قراءة أيه الثقلان
102 -
هات 3401 - فعل أمر لا يتصرف ومن ثم ادعى بعضهم أنه اسم فعل
103 -
هل 3402 - حرف استفهام يطلب به التصديق دون التصور ولا يدخل على منفي ولا شرط ولا أن ولا اسم بعده فعل غالبا ولا عاطف
3403 - قال ابن سيده ولا يكون الفعل معها إلا مستقبلا ورد بقوله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا
3404 - وترد بمعنى قد وبه فسر هل أتى على الإنسان
3405 - وبمعنى النفي نحو هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ومعان أخر ستأتي في مبحث الاستفهام
104 -
هلم 3406 - دعاء إلى الشيء وفيه قولان

أحدهما أن أصله ها ولم من قولك لممت الشيء أي أصلحته فحذفت الألف وركب
وقيل أصله هل أم كأنه قيل هل لك في كذا أمه أي أقصده فركبا ولغة الحجاز تركه على حاله في التثنية والجمع وبها ورد القرآن ولغة تميم إلحاقه العلامات
105 -
هنا 3407 - اسم يشار به للمكان القريب نحو إنا هاهنا قاعدون
وتدخل عليه اللام والكاف فيكون للبعيد نحو هنالك ابتلي المؤمنون
3408 - وقد يشار به للزمان اتساعا وخرج عليه هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت هنالك دعا زكريا ربه
106 -
هيت 3409 - اسم فعل بمعنى أسرع وبادر قال في المحتسب وفيها لغات قرئ ببعضها هيت بفتح الهاء والتاء وهيت بكسر الهاء وفتح التاء وهيت بفتح الهاء وكسر التاء وهيت بفتح الهاء وضم التاء وقرئ هئت بوزن جئت وهو فعل بمعنى تهيأت وقرئ هيئت وهو فعل بمعنى أصلحت
107 -
هيهات 3410 - اسم فعل بمعنى بعد قال تعالى هيهات هيهات لما توعدون قال الزجاج البعد لما توعدون قيل وهذا غلط أوقعه فيه اللام فإن تقديره بعد الأمر لما توعدون أي لأجله
3411 - وأحسن منه أن اللام لتبيين الفاعل وفيها لغات قرئ منها بالفتح وبالضم وبالخفض مع التنوين في الثلاثة وعدمه
108 -
الواو 3412 - جاره وناصبة وغير عاملة

فالجارة واو القسم نحو والله ربنا ما كنا مشركين
3413 - والناصبة واو مع فتنصب المفعول معه في رأي قوم نحو فأجمعوا أمركم وشركاءكم ولا ثاني له في القرآن والمضارع في جواب النفي أو الطلب عند الكوفيين نحو ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون
3414 - واو الصرف عندهم ومعناها أن الفعل كان يقتضي إعرابا فصرفته عنه إلى النصب نحو أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء في قراءة النصب
3415 - وغير العاملة أنواع
أحدها واو العطف وهي لمطلق الجمع فتعطف الشيء على مصاحبه نحو فأنجيناه وأصحاب السفينة
وعلى سابقه نحو أرسلنا نوحا وإبراهيم
ولاحقه نحو يوحى إليك وإلى الذين من قبلك
3416 - وتفارق سائر حروف العطف في اقترانها بإما نحو إما شاكرا وإما كفورا
وب لا بعد نفي نحو وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم
وب لكن نحو ولكن رسول الله
وتعطف العقد على النيف والعام على الخاص وعكسه نحو وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين وللمؤمنات
والشيء على مرادفه نحو صلوات من ربهم ورحمة إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله

والمجرور على الجوار نحو برؤوسكم وأرجلكم
3417 - وقيل ترد بمعنى أو وحمل عليه مالك إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية
وللتعليل وحمل عليه الخارزنجي الواو الداخلة على الأفعال المنصوبة
3418 - ثانيها واو الاستئناف نحو ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى واتقوا الله ويعلمكم الله من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم بالرفع إذ لو كانت عاطفة لنصب نقر وانجزم ما بعده ونصب أجل
3419 - ثالثها واو الحال الداخلة على الجملة الاسمية نحو ونحن نسبح بحمدك يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم لئن أكله الذئب ونحن عصبة
3420 - وزعم الزمخشري أنها تدخل على الجملة الواقعة صفة لتأكيد ثبوت الصفة للموصوف ولصوقها بها كما تدخل على الحالية وجعل من ذلك ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم
3421 - رابعها واو الثمانية ذكرها جماعة كالحريري وابن خالويه والثعلبي وزعموا أن العرب إذا عدوا يدخلون الواو بعد السبعة إيذانا بأنها عدد تام وأن ما بعده مستأنف وجعلوا من ذلك قوله سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم إلى قوله سبعة وثامنهم كلبهم
وقوله التائبون العابدون إلى قوله والناهون عن المنكر لأنه الوصف الثامن
وقوله مسلمات إلى قوله وأبكارا

والصواب عدم ثبوتها وأنها في الجميع للعطف
3422 - خامسها الزائدة وخرج عليه واحدة من قوله وتله للجبين وناديناه
3423 - سادسها واو ضمير الذكور في اسم أو فعل نحو المؤمنون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا
3424 - سابعها واو علامة المذكرين في لغة طيء وخرج عليه وأسروا النجوى الذين ظلموا ثم عموا وصموا كثير منهم
3425 - ثامنها الواو المبدلة من همزة الاستفهام المضموم ما قبلها كقراءة قنبل وإليه النشور وأمنتم قال فرعون وآمنتم به
109 -
ويكأن 3426 - قال الكسائي كلمة تندم وتعجب وأصله ويلك والكاف ضمير مجرور
3427 - وقال الأخفش وي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف حرف خطاب وأن على إضمار اللام والمعنى أعجب لأن الله
3428 - وقال الخليل وي وحدها وكأن كلمة مستقلة للتحقيق لا للتشبيه
3429 - وقال ابن الأنباري يحتمل وي كأنه ثلاثة أوجه أن يكون ويك حرفا وأنه حرف والمعنى ألم تر وأن تكون كذلك والمعنى ويلك وأن تكون وي حرفا للتعجب وكأنه حرف ووصلا خطا لكثرة الاستعمال كما وصل يبنؤم
110 -
ويل 3430 - قال الأصمعي ويل تقبيح قال تعالى ولكم الويل مما تصفون

3431 - وقد يوضع موضع التحسر والتفجع نحو
يا ويلتنا يا ويلتى أعجزت
3432 - أخرج الحربي في فوائده من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله ويحك فجزعت منها فقال لي يا حميراء إن ويحك أو ويسك رحمة فلا تجزعي منها ولكن اجزعي من الويل
111 - يا
3433 - حرف لنداء البعيد حقيقة أو حكما وهي أكثر أحرفه استعمالا ولهذا لا يقدر عند الحذف سواها نحو رب اغفر لي يوسف أعرض ولا ينادى اسم الله وأيها وأيتها إلا بها
3434 - قال الزمخشري وتفيد التأكيد المؤذن بأن الخطاب الذي يتلوه معتنى به جدا
3435 - وترد للتنبيه فتدخل على الفعل والحرف نحو ألا يا اسجدوا يا ليت قومي يعلمون
تنبيه 3436 - ها قد أتيت على شرح معاني الأدوات الواقعة في القرآن على وجه موجز مفيد محصل للمقصود منه ولم أبسطه لأن محل البسط والأطناب إنما هو تصانيفنا في فن العربية وكتبنا النحوية والمقصود في جميع أنواع هذا الكتاب إنما هو ذكر القواعد والأصول لا استيعاب الفروع والجزئيات


النوع الحادي والأربعون
في معرفة إعرابه 3437 - أفرده بالتصنيف خلائق منهم مكي وكتابه في المشكل خاصة والحوفي وهو أوضحها وأبو البقاء العكبري وهو اشهرها والسمين وهو أجلها على ما فيه من حشو وتطويل ولخصة السفاقسي فحرره وتفسير أبي حيان مشحون بذلك
3438 - ومن فوائد هذا النوع معرفة المعنى لأن الإعراب يميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين
3439 - أخرج أبو عبيد في فضائله عن عمر بن الخطاب قال تعلموا اللحن والفرائض والسنن كما تعلمون القرآن
3440 - وأخرج عن يحيى بن عتيق قال قلت للحسن يا أبا سعيد الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته قال حسن يا بن أخي فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها
3441 - وعلى الناظر في كتاب الله تعالى الكاشف عن أسراره النظر في الكلمة وصيغتها ومحلها ككونها مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو في مبادئ الكلام أو في جواب إلى غير ذلك
3442 - ويجب عليه مراعاة أمور
أحدها وهو أول واجب عليه أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب فإنه فرع المعنى ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه
وقالوا في توجيه نصب كلالة في قوله تعالى وإن كان رجل يورث

كلالة إنه يتوقف على المراد بها فإن كان اسما للميت فهو حال ويورث خبر كان أو صفة وكان تامة أو ناقصة وكلالة خبر أو للورثة فهو على تقدير مضاف أي ذا كلالة وهو أيضا حال أو خبر كما تقدم أو للقرابة فهو مفعول لأجله
وقوله سبعا من المثاني إن كان المراد بالمثاني القرآن ف من للتبعيض أو الفاتحة فلبيان الجنس
وقوله إلا أن تتقوا منهم تقاة فإن كان بمعنى الأتقاء فهي مصدر أو بمعنى متقى أي أمرا يجب اتقاؤه فمفعول به أو جمعا كرماة فحال
وقوله غثاء أحوى إن أريد به الأسود من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء أو من شدة الخضرة فحال من المرعى
3443 - قال ابن هشام وقد زلت أقدام كثير من المعربين راعوا في الإعراب ظاهر اللفظ ولم ينظروا في موجب المعنى من ذلك قوله أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء فإنه يتبادر إلى الذهن عطف أن نفعل على أن نترك وذلك باطل لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون وإنما هو عطف على ما فهو معمول للترك والمعنى أن نترك أن نفعل وموجب الوهم المذكور أن المعرب يرى أن والفعل مرتين وبينهما حرف العطف
3444 - الثاني أن يراعي ما تقتضيه الصناعة فربما راعى المعرب وجها صحيحا ولا ينظر في صحته في الصناعة فيخطئ
من ذلك قول بعضهم وثمودا فما أبقى إن ثمودا مفعول مقدم وهذا ممتنع لأن ل ما النافية الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها بل هو معطوف على عادا أو على تقدير وأهلك ثمودا
3445 - وقول بعضهم في لا عاصم اليوم من أمر الله لا تثريب عليكم اليوم إن الظرف متعلق باسم لا وهو باطل لأن اسم لا حينئذ مطول فيجب

نصبه وتنوينه وإنما هو متعلق بمحذوف
3446 - وقول الحوفي إن الباء من قوله فناظرة بم يرجع المرسلون متعلقة ب ناظرة وهو باطل لأن الاستفهام له الصدر بل هو متعلق بما بعده
وكذا قول غيره في ملعونين أينما ثقفوا إنه حال من معمول ثقفوا أو أخذوا باطل لأن الشرط له الصدر بل هو منصوب على الذم
3447 - الثالث أن يكون مليا بالعربية لئلا يخرج عل ما لم يثبت كقول أبي عبيدة في كما أخرجك ربك إن الكاف قسم حكاه مكي وسكت عليه فشنع ابن الشجري عليه في سكوته ويبطله أن الكاف لم تجئ بمعنى واو القسم وإطلاق ما الموصولة على الله وربط الموصول بالظاهر وهو فاعل أخرجك وباب ذلك الشعر
وأقرب ما قيل في الآية إنها مع مجرورها خبر محذوف أي هذه الحال من تنفيلك الغزاة على ما رأيت في كراهتهم لها كحال إخراجك للحرب في كراهيتهم لها وكقول ابن مهران في قراءة إن البقر تشابهت بتشديد التاء إنه من زيادة التاء في أول الماضي ولا حقيقة لهذه القاعدة وإنما أصل القراءة إن البقرة تشابهت بتاء الوحدة ثم أدغمت في تاء تشابهت فهو إدغام من كلمتين
3448 - الرابع أن يتجنب الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة واللغات الشاذة ويخرج على القريب والقوي والفصيح فإن لم يظهر فيه إلا الوجه البعيد فله عذر وإن ذكر الجميع لقصد الإغراب والتكثير فصعب شديد أو لبيان المحتمل وتدريب الطالب فحسن في غير ألفاظ القرآن أما التنزيل فلا يجوز أن يخرج إلا على ما يغلب على الظن إرادته فإن لم يغلب شيء فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف ومن ثم خطئ من قال في وقيله بالجر أو النصب إنه عطف على لفظ الساعة أو محلها لما بينهما من التباعد والصواب أنه قسم أو مصدر قال مقدرا

3449 - ومن قال في إن الذين كفروا بالذكر إن خبره أولئك ينادون من مكان بعيد والصواب أنه محذوف
3450 - ومن قال في ص والقرآن ذي الذكر إن جوابه إن ذلك لحق والصواب أنه محذوف أي ما الأمر كما زعموا أو أنه لمعجز أو إنك لمن المرسلين
3451 - ومن قال في فلا جناح عليه أن يطوف إن الوقف على جناح وعليه إغراء لأن إغراء الغائب ضعيف بخلاف القول بمثل ذلك في عليكم ألا تشركوا فإنه حسن لأن إغراء المخاطب فصيح
3452 - من قال في ليذهب عنكم الرجس أهل البيت إنه منصوب على الاختصاص لضعفه بعد ضمير المخاطب والصواب أنه منادى
3453 - من قال في تماما على الذي أحسن بالرفع إن أصله أحسنوا فحذفت الواو اجتزاء عنها بالضمة لأن باب ذلك الشعر والصواب تقدير مبتدأ أي هو أحسن
3454 - ومن قال في وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم بضم الراء المشددة إنه من باب
إنك إن يصرع أخوك تصرع ...
لأن ذلك خاص بالشعر والصواب أنها ضمة إتباع وهو مجزوم
3455 - ومن قال في وأرجلكم إنه مجرور على الجوار لأن الجر على الجوار في نفسه ضعيف شاذ لم يرد منه إلا أحرف يسيرة والصواب أنه معطوف على برؤوسكم على أن المراد به مسح الخف
3456 - قال ابن هشام وقد يكون الموضع لا يتخرج إلا على وجه مرجوح فلا حرج على مخرجه كقراءة نجي المؤمنين قيل الفعل ماض ويضعفه إسكان آخره وإنابة ضمير المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به وقيل مضارع أصله

ننجي بسكون ثانيه ويضعفه أن النون لا تدغم في الجيم وقيل أصله ننجي بفتح ثانيه وتشديد ثالثه فحذفت النون ويضعفه أن ذلك لا يجوز إلا في التاء
3457 - الخامس أن يستوفي جميع ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة فتقول في نحو سبح اسم ربك الأعلى يجوز كون الأعلى صفة للرب وصفة للاسم وفي نحو هدى للمتقين الذين يجوز كون الذين تابعا ومقطوعا إلى النصب بإضمار أعني أو أمدح وإلى الرفع بإضمار هم
3458 - السادس أن يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب ومتى لم يتأملها اختلطت عليه الأبواب والشرائط ومن ثم خطئ الزمخشري في قوله تعالى ملك الناس إله الناس إنهما عطف بيان والصواب أنهما نعتان لاشتراط الاشتقاق في النعت والجمود في عطف البيان
3459 - وفي قوله في إن ذلك لحق تخاصم أهل النار بنصب تخاصم إنه صفة للإشارة لأن اسم الإشارة إنما ينعت بذي اللام الجنسية والصواب كونه بدلا
3460 - وفي قوله في فاستبقوا الصراط وفي سنعيدها سيرتها إن المنصوب فيهما ظرف لأن ظرف المكان شرطه الإبهام والصواب أنه على إسقاط الجار توسعا وهو فيهما إلى
3461 - وفي قوله ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله إن أن مصدرية وهي وصلتها عطف بيان على الهاء لامتناع عطف البيان على الضمير كنعته وهذا الأمر السادس عده ابن هشام في المغني ويحتمل دخوله في الأمر الثاني
3462 - السابع أن يراعي في كل تركيب ما يشاكله فربما خرج كلاما على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ومن ثم خطئ

الزمخشري في قوله في ومخرج الميت من الحي إنه عطف على فالق الحب والنوى ولم يجعله معطوفا على يخرج الحي من الميت لأن عطف الاسم على الاسم أولى ولكن مجيء قوله يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي بالفعل فيهما يدل على خلاف ذلك ومن ثم خطئ من قال في ذلك الكتاب لا ريب فيه إن الوقف على ريب وفيه خبر هدى ويدل على خلاف ذلك قوله في سورة السجدة تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين
3463 - ومن قال في ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور إن الرابط الإشارة وإن الصابر والغافر جعلا من عزم الأمور مبالغة والصواب أن الإشارة للصبر والغفران بدليل وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ولم يقل إنكم
3464 - ومن قال في نحو وما ربك بغافل إن المجرور في موضع رفع والصواب في موضع نصب لأن الخبر لم يجيء في التنزيل مجردا من الباء إلا وهو منصوب
3465 - ومن قال في ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله إن الاسم الكريم مبتدأ والصواب أنه فاعل بدليل ليقولن خلقهن العزيز الحكيم
تنبيه 3466 - وكذا إذا جاءت قراءة أخرى في ذلك الموضع بعينه تساعد أحد الإعرابين فينبغي أن يترجح كقوله ولكن البر من آمن قيل التقدير ولكن ذا البر وقيل ولكن البر بر من آمن ويؤيد الأول أنه قرئ ولكن البار
تنبيه
3467 - وقد يوجد ما يرجح كلا من المحتملات فينظر في أولاها نحو فاجعل بيننا وبينك موعدا ف موعدا محتمل للمصدر ويشهد له لا نخلفه

نحن ولا أنت وللزمان ويشهد له قال موعدكم يوم الزينة وللمكان ويشهد له مكانا سوى وإذا أعرب مكانا بدلا منه لا ظرفا لنخلفه تعين ذلك
3468 - الثامن أن يراعي الرسم ومن ثم خطئ من قال في سلسبيلا إنها جملة أمرية أي سل طريقا موصلة إليها لأنها لو كانت كذلك لكتبت مفصولة
3469 - ومن قال في إن هذان لساحران إنها إن واسمها أي إن القصة وذان مبتدأ خبره لساحران والجملة خبر إن وهو باطل برسم إن منفصلة وهذان متصلة
3470 - ومن قال في ولا الذين يموتون وهم كفار إن اللام للابتداء والذين مبتدأ والجملة بعده خبره وهو باطل فإن الرسم ولا
3471 - ومن قال في أيهم أشد إن هم أشد مبتدأ وخبر وأي مقطوعة عن الإضافة وهو باطل برسم أيهم متصلة
3472 - ومن قال في وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون إن هم ضمير رفع مؤكد للواو وهو باطل برسم الواو فيهما بلا ألف بعدها والصواب أنه مفعول
3473 - التاسع أن يتأمل عند ورود المشتبهات ومن ثم خطئ من قال في أحصى لما لبثوا أمدا إنه فعل تفضيل والمنصوب تمييز وهو باطل فإن الأمد ليس محصيا بل محصى وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا في المعنى فالصواب إنه فعل وأمدا مفعول مثل وأحصى كل شيء عددا
3474 - العاشر ألا يخرج على خلاف الأصل أو خلاف الظاهر لغير مقتض ومن ثم خطئ مكي في قوله في لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي إن الكاف نعت لمصدر أي إبطالا كإبطال الذي والوجه كونه حالا من الواو أي لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذي فهذا لا حذف فيه

3475 - الحادي عشر أن يبحث عن الأصلي والزائد نحو إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فإنه قد يتوهم أن الواو في يعفون ضمير الجمع فيشكل إثبات النون وليس كذلك بل هي فيه لام الكلمة فهي أصلية والنون ضمير النسوة والفعل معها مبني ووزنه يفعلن بخلاف أن تعفوا أقرب فالواو فيه ضمير الجمع وليست من أصل الكلمة
3476 - الثاني عشر أن يجتنب إطلاق لفظ الزائد في كتاب الله تعالى فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له وكتاب الله منزه عن ذلك ولذا فر بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد والصلة والمقحم
3477 - وقال ابن الخشاب اختلف في جواز إطلاق لفظ الزائد في القرآن فالأكثرون على جوازه نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف وهذا للتوكيد والتوطئة ومنهم من أبى ذلك وقال هذه الألفاظ المحمولة على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها فلا أقضي عليها بالزيادة
3478 - قال والتحقيق أنه إن أريد بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فباطل لأنه عبث فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقاصد فليست الحاجة إلى اللفظ الذي عده هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ المزيد عليه انتهى
3479 - وأقول بل الحاجة إليه كالحاجة إليه سواء بالنظر إلى مقتضى الفصاحة والبلاغة وأنه لو ترك كان الكلام دونه مع إفادته أصل المعنى المقصود أبتر خاليا عن الرونق البليغي لا شبهة في ذلك ومثل هذا يستشهد عليه بالإسناد البياني الذي خالط كلام الفصحاء وعرف مواقع استعمالها وذاق حلاوة ألفاظهم وأما النحوي الجافي فعن ذلك بمنقطع الثرى
تنبيهات الأول 3480 - قد يتجاذب المعنى والإعراب الشيء الواحد بأن يوجد في الكلام

أن المعنى يدعو إلى أمر والإعراب يمنع منه والمتمسك به صحة المعنى ويؤول لصحة المعنى الإعراب وذلك كقوله تعالى إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فالظرف الذي هو يوم يقتضي المعنى أنه يتعلق بالمصدر وهو رجع أي أنه على رجعه في ذلك اليوم لقادر لكن الإعراب يمنع منه لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله فيجعل العامل فيه فعلا مقدرا دل عليه المصدر وكذا أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون فالمعنى يقتضي تعلق إذ بالمقت والإعراب يمنعه للفصل المذكور فيقدر له فعل يدل عليه
الثاني 3481 - قد يقع في كلامهم هذا تفسير معنى وهذا تفسير إعراب والفرق بينهما أن تفسير الإعراب لا بد فيه من ملاحظة الصناعة النحوية وتفسير المعنى لا تضره مخالفة ذلك
الثالث 3482 - قال أبو عبيد في فضائل القرآن حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله تعالى إن هذان لساحران وعن قوله تعالى والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة وعن قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون فقالت يا بن أخي هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين
3483 - وقال حدثنا حجاج عن هارون بن موسى أخبرني الزبير بن الخريت عن عكرمة قال لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفا من اللحن فقال لا تغيروها فإن العرب ستغيرها أو قال ستعربها بألسنتها لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف أخرجه ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان وابن أشته في كتاب المصاحف

3484 - ثم أخرج ابن الأنباري نحوه من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وابن أشته نحوه من طريق يحيى بن يعمر
3485 - وأخرج من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ والمقيمين الصلاة ويقول هو لحن من الكاتب
3486 - وهذه الآثار مشكلة جدا وكيف يظن بالصحابة أولا أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن وهم الفصحاء اللد ثم كيف يظن بهم ثانيا في القرآن الذي تلقوه من النبي كما أنزل وحفظوه وضبطوه وأتقوه ثم كيف يظن بهم ثالثا اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته ثم كيف يظن بهم رابعا عدم تنبههم ورجوعهم عنه ثم كيف يظن بعثمان أنه ينهي عن تغييره ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضي ذلك الخطأ وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة
أحدها أن ذلك لا يصح عن عثمان فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع ولأن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم وأيضا فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف فإن قيل إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك أو في بعضها فهو اعتراف بصحة البعض ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة وليس ذلك بلحن
الوجه الثاني على تقدير صحة الرواية إن ذلك محمول على الرمز والإشارة ومواضع الحذف نحو الكتب والصابرين وما أشبه ذلك
الثالث أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها كما كتبوا ولا أوضعوا و لا أذبحنه بألف بعد لا و جزاؤا الظالمين بواو وألف و بأييد بيائن فلو قرئ بظاهر الخط لكان لحنا وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشته في كتاب المصاحف

3487 - وقال ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك لا تقوم بها حجة لأنها منقطعة غير متصلة وما يشهد عقل بأن عثمان وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام فيتبين فيه خللا ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه ومن زعم أن عثمان أراد بقوله أرى فيه لحنا أرى في خطه لحنا إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب فقد أبطل ولم يصب لأن الخط منبئ عن النطق فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن متقنا لألفاظه موافقا على ما رسم في المصاحف المنقذة إلى الأمصار والنواحي ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن مبارك حدثنا أبو وائل شيخ من أهل اليمن عن هانئ البربري مولى عثمان قال كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها لم يتسن وفيها لا تبديل للخلق وفيها فأمهل الكافرين قال فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب لخلق الله ومحى فأمهل وكتب فمهل وكتب لم يتسنه ألحق فيها الهاء قال ابن الأنباري فكيف يدعى عليه أنه رأى فسادا فأمضاه وهو يوقف على ما كتب ويرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده انتهى
3488 - قلت ويؤيد هذا أيضا ما أخرجه ابن أشته في المصاحف قال حدثنا الحسن بن عثمان أنبأنا الربيع بن بدر عن سوار بن شبيب قال سألت ابن الزبير عن المصاحف فقال قام رجل إلى عمر فقال يا أمير المؤمنين إن الناس قد اختلفوا في القرآن فكان عمر قد هم أن يجمع القرآن على قراءة واحدة فطعن طعنته التي مات بها فلما كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له فجمع عثمان المصاحف ثم بعثني إلى عائشة فجئت بالصحف فعرضناها عليها حتى

========ج4===============

ج4. كتاب : الإتقان في علوم القرآن عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي


قومناها ثم أمر بسائرها فشققت فهذا يدل على أنهم ضبطوها وأتقنوها ولم يتركوا فيها ما يحتاج إلى إصلاح ولا تقويم
3489 - ثم قال ابن اشته أنبأنا محمد بن يعقوب أنبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث أنبأنا أحمد بن مسعدة أنبأنا إسماعيل أخبرني الحارث بن عبد الرحمن عن عبد الأعلى ابن عبد الله بن عامر قال لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال أحسنتم وأجملتم أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتضح معنى ما تقدم فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش كما وقع لهم في التابوة والتابوت فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم ولم يترك فيه شيئا ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان فلزم منه ما لزم من الإشكال فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك ولله الحمد
3490 - وبعد فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة أما الجواب بالتضعيف فلأن إسناده صحيح كما ترى وأما الجواب بالرمز وما بعده فلأن سؤال عروة عن الأحرف المذكور لا يطابقه فقد أجاب عنه ابن أشته وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية بأن معنى قولها أخطئوا أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز قال والدليل على ذلك مالا يجوز مردود بإجماع من كل شيء وإن طالت مدة وقوعه قال وأما قول سعيد بن جبير لحن من الكاتب فيعني باللحن القراءة واللغة يعني أنها لغة الذي كتبها وقراءته وفيها قراءة أخرى
3491 - ثم أخرج عن إبراهيم النخعي أنه قال إن هذان لساحران وإن هذين لساحران سواء لعلهم كتبوا الألف مكان الياء والواو في قوله والصائبون مكان الياء قال ابن أشته يعني أنه من إبدال حرف في الكتاب بحرف مثل الصلوة والزكوة والحيوة
3492 - وأقول هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها وأما القراءة على مقتضى الرسم فلا وقد تكلم أهل العربية على هذه الأحرف ووجهوها على أحسن توجيه

أما قوله إن هذان لساحران ففيه أوجه
أحدها أنه جار على لغة من يجري المثنى بالألف في أحواله الثلاثة وهي لغة مشهورة لكنانة وقيل لبني الحارث
الثاني أن اسم إن ضمير الشأن محذوفا والجملة مبتدأ وخبر خبر إن
الثالث كذلك إلا أن ساحران خبر مبتدأ محذوف والتقدير لهما ساحران
الرابع أن إن هنا بمعنى نعم
الخامس أن ها ضمير القصة اسم إن وذان لساحران مبتدأ وخبر وتقدم رد هذا الوجه بانفصال إن واتصال ها في الرسم
3493 - قلت وظهر لي وجه آخر وهو أن الإتيان بالألف لمناسبة ساحران يريدان كما نون سلاسلا لمناسبة وأغلالا و من سبإ لمناسبة بنبإ
3494 - وأما قوله والمقيمين الصلاة ففيه أيضا أوجه
أحدها أنه مقطوع إلى المدح بتقدير أمدح لأنه أبلغ
الثاني أنه معطوف على المجرور في يؤمنون بما أنزل إليك أي ويؤمنون بالمقيمين الصلاة وهم الأنبياء وقيل الملائكة وقيل التقدير يؤمنون بدين المقيمين فيكون المراد بهم المسلمين وقيل بإجابة المقيمين
الثالث إنه معطوف على قبل أي ومن قبل المقيمين فحذفت قبل وأقيم المضاف إليه مقامه
الرابع أنه معطوف على الكاف في قبلك
الخامس أنه معطوف على الكاف في إليك
السادس أنه معطوف على الضمير في منهم
حكى هذه الأوجه أبو البقاء
3495 - وأما قوله والصابئون ففيه أيضا أوجه

أحدها أنه مبتدأ حذف خبره أي والصابئون كذلك
الثاني أنه معطوف على محل إن مع اسمها فإن محلهما رفع بالابتداء
الثالث أنه معطوف على الفاعل في هادوا
الرابع أن إن بمعنى نعم ف الذين آمنوا وما بعده في موضع رفع والصابئون عطف عليه
الخامس أنه على إجراء صيغة الجمع مجرى المفرد والنون حرف الإعراب حكى هذه الأوجه أبو البقاء
3496 - تذنيب يقرب مما تقدم عن عائشة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن أشته في المصاحف من طريق إسماعيل المكي عن أبي خلف مولى بني جمح أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة فقال جئت أسألك عن آية في كتاب الله تعالى كيف كان رسول الله يقرؤها قالت أية آية قال والذين يؤتون ما آتوا أو والذين يأتون ما آتوا فقالت أيتهما أحب إليك قلت والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا قالت أيهما قلت والذين يأتون ما آتوا فقالت أشهد أن رسول الله كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف
3497 - وما أخرجه ابن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله حتى تستأنسوا وتسلموا قال إنما هي خطأ من الكاتب حتى تستأذنوا وتسلموا أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ هو فيما أحسب مما أخطأت به الكتاب
3498 - وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا فقيل له إنها في المصحف أفلم ييأس فقال أظن الكاتب كتبها وهو ناعس
3499 - وما أخرجه سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير عن ابن

عباس أنه كان يقول في قوله تعالى وقضى ربك إنما هي ووصى ربك التزقت الواو بالصاد
3500 - وأخرجه ابن أشته بلفظ استمد الكاتب مدادا كثيرا فالتزقت الواو بالصاد
3500 - م وأخرجه من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقرأ ووصى ربك ويقول أمر ربك إنهما واوان التصقت إحداهما بالصاد
3501 - وأخرجه من طريق أخرى عن الضحاك أنه قال كيف تقرأ هذا الحرف قال وقضى ربك قال ليس كذلك نقرؤها نحن ولا ابن عباس إنما هو ووصى ربك وكذلك كانت تقرأ وتكتب فاستمد كاتبكم فاحتمل القلم مدادا كثيرا فالتصقت الواو بالصاد ثم قرأ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ولو كانت قضى من الرب لم يستطع أحد رد قضاء الرب ولكنه وصية أوصى بها العباد
3502 - وما أخرجه سعيد بن منصور وغيره من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء ويقول خذوا هذه الواو واجعلوها هنا والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم . . . الآية
3503 - وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن خريت عن عكرمة عن ابن عباس قال انزعوا هذه الواو فاجعلوها في الذين يحملون العرش ومن حوله
3504 - وما أخرجه ابن أشته وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى مثل نوره كمشكاة قال هي خطأ من الكاتب هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة إنما هي مثل نور المؤمن كمشكاة
3505 - وقد أجاب ابن أشته عن هذه الآثار كلها بأن المراد أخطئوا في الاختيار وما هو الأولى لجمع الناس عليه من الأحرف السبعة لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن قال فمعنى قول عائشة حرف الهجاء ألقى إلى الكاتب

هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة قال وكذا معنى قول ابن عباس كتبها وهو ناعس يعني فلم يتدبر الوجه الذي هو أولى من الآخر وكذا سائرها
3506 - وأما ابن الأنباري فإنه جنح إلى تضعيف الروايات ومعارضتها بروايات أخر عن ابن عباس وغيره بثبوت هذه الأحرف في القراءة والجواب الأول أولى وأقعد
3507 - ثم قال ابن أشته حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو داود حدثنا ابن الأسود حدثنا يحيى بن آدم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد قال قالوا لزيد يا أبا سعيد أوهمت إنما هي ثمانية أزواج من الضأن اثنين اثنين ومن المعز اثنين اثنين ومن الإبل اثنين اثنين ومن البقر اثنين اثنين فقال لأن الله تعالى يقول فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى فهما زوجان كل واحد منهما زوج الذكر زوج والأنثى زوج
3508 - قال ابن أشته فهذا الخبر يدل على أن القوم يتخيرون أجمع الحروف للمعاني وأسلسها على الألسنة وأقربها في المأخذ وأشهرها عند العرب للكتابة في المصاحف وأن الأخرى كانت قراءة معروفة عند كلهم وكذا ما أشبه ذلك انتهى
فائدة فيما قرئ بثلاثة أوجه الإعراب أو البناء أو نحو ذلك
3509 - قد رأيت تأليفا لطيفا لأحمد بن يوسف بن مالك الرعيني سماه تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من حروف القرآن
3510 - الحمد لله قرئ بالرفع على الابتداء والنصب على المصدر والكسر على إتباع الدال اللام في حركتها
3511 - رب العالمين قرئ بالجر على أنه نعت وبالرفع على القطع بإضمار مبتدأ وبالنصب عليه بإضمار فعل أو على النداء
3512 - الرحمن الرحيم قرئ بالثلاثة

3513 - اثنتا عشرة عينا قرئ بسكون الشين وهي لغة تميم وكسرها وهي لغة الحجاز وفتحها وهي لغة بلي
3514 - بين المرء قرئ بتثليث الميم لغات فيه
3515 - فبهت الذي كفر قراءة الجماعة بالبناء للمفعول وقرئ بالبناء للفاعل بوزن ضرب وعلم وحسن
3516 - ذرية بعضها من بعض قرئ بتثليث الذال
3517 - واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام قرئ بالنصب عطفا على لفظ الجلالة وبالجر عطفا على ضمير به وبالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي والأرحام مما يجب أن تتقوه وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه
3518 - لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر قرئ بالرفع صفة لقاعدون وبالجر صفة ل المؤمنين وبالنصب على الاستثناء
3519 - ومسحوا برؤوسكم وأرجلكم قرئ بالنصب عطفا على الأيدي وبالجر على الجوار أو غيره وبالرفع على الابتداء والخبر محذوف دل عليه ما قبله
3520 - فجزاء مثل ما قتل من النعم قرئ بجر مثل بإضافة جزاء إليه وبرفعه وتنوين مثل صفة له وبنصبه مفعول ب جزاء
3521 - والله ربنا قرئ بجر ربنا نعتا أو بدلا وبنصبه على النداء أو بإضمار أمدح وبرفعه ورفع لفظ الجلالة مبتدأ وخبر
3522 - ويذرك وآلهتك قرئ برفع يذرك ونصبه وجزمه للخفة
3523 - فأجمعوا أمركم وشركاءكم قرئ بنصب شركاءكم مفعولا معه أو معطوفا أو بتقدير وادعوا وبرفعه عطفا على ضمير فأجمعوا أو مبتدأ خبره محذوف وبجره عطفا على كم في أمركم

3524 - وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها قرئ بجر الأرض عطفا على ما قبله وبنصبها من باب الاشتغال وبرفعها على الابتداء والخبر ما بعدها
3525 - موعدك بملكنا قرئ بتثليث الميم
3526 - وحرام على قرية قرئ بلفظ الماضي بفتح الراء وكسرها وضمها وبلفظ الوصف بكسر الراء وسكونها مع فتح الحاء وبسكونها مع كسر الحاء وحرام بالفتح وألف فهذه سبع قراءات
3527 - كوكب دري قرئ بتثليث الدال
3528 - ياسين القراءة المشهورة بسكون النون وقرئ شاذا بالفتح للخفة والكسر لالتقاء الساكنين وبالضم على النداء
3529 - سواء للسائلين قرئ بالنصب على الحال وشاذا بالرفع أي هو وبالجر حملا على الأيام
3530 - ولات حين مناص قرئ بنصب حين ورفعه وجره
3531 - وقيله يا رب قرئ بالنصب على المصدر وبالجر وتقدم توجيهه وشاذا بالرفع عطفا على علم الساعة
3532 - قاف القراءة المشهورة بالسكون وقرئ شاذا بالفتح والكسر لما مر أي للخفة ولالتقاء الساكنين
3533 - الحبك فيه سبع قراءات ضم الحاء والباء وكسرهما وفتحهما وضم الحاء وسكون الباء وضمها وفتح الباء وكسرها وسكون الباء وكسرها وضم الباء
3534 - والحب ذو العصف والريحان قرئ برفع الثلاثة ونصبها وجرها

3535 - وحور عين كأمثال اللؤلؤ قرئ برفعهما وجرهما ونصبهما بفعل مضمر أي ويزوجون
فائدة
3536 - قال بعضهم ليس في القرآن على كثرة منصوباته مفعول معه
3537 - قلت في القرآن عدة مواضع أعرب كل منها مفعولا معه
أحدها وهو أشهرها قوله تعالى فأجمعوا أمركم وشركاءكم أي أجمعوا أنتم مع شركائكم أمركم ذكره جماعة منهم
الثاني قوله تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال الكرماني في غرائب التفسير هو مفعول معه أي مع أهليكم
الثالث قوله تعالى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين
3538 - قال الكرماني يحتمل أن يكون قوله والمشركين مفعولا معه من الذين أو من الواو في كفروا


النوع الثاني والأربعون
في قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها
قاعدة في الضمائر 3539 - ألف ابن الأنباري في بيان الضمائر الواقعة في القرآن مجلدين وأصل وضع الضمير للإختصار ولهذا قام قوله أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما مقام خمسة وعشرين كلمة لو أتى بها مظهرة
3540 - وكذا قوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن قال مكي ليس في كتاب الله آية إشتملت على ضمائر أكثر منها فإن فيها خمسة وعشرين ضميرا ومن ثم لا يعدل إلى المنفصل إلا بعد تعذر المتصل بأن يقع في الإبتداء نحو إياك نعبد أو بعد إلا نحو وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
مرجع الضمير 3541 - لا بد له من مرجع يعود إليه ويكون ملفوظا به سابقا مطابقا به نحو ونادى نوح ابنه وعصى آدم ربه إذا أخرج يده لم يكد يراها
3542 - أو متضمنا له نحو اعدلوا هو أقرب فإنه عائد على العدل المتضمن له أعدلوا وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه أي المقسوم لدلالة القسمة عليه
3543 - أو دالا عليه بالإلتزام نحو إنا أنزلناه أي القرآن لأن الإنزال

يدل عليه التزاما فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه ف عفي يستلزم عافيا أعيد عليه الهاء من إليه
3544 - أو متأخرا لفظا لا رتبة مطابقا نحو فأوجس في نفسه خيفة موسى ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان
3545 - أو رتبة أيضا في باب ضمير الشأن والقصة ونعم وبئس والتنازع
3546 - أو متأخرا دالا بالإلتزام نحو فلولا إذا بلغت الحلقوم كلا إذا بلغت التراقي أضمر الروح أو النفس لدلالة الحلقوم والتراقي عليها حتى توارت بالحجاب أي الشمس لدلالة الحجاب عليها
3547 - وقد يدل عليه السياق فيضمر ثقة بفهم السامع نحو كل من عليها فان ما ترك على ظهرها أي الأرض أو الدنيا ولأبويه أي الميت ولم يتقدم له ذكر
3548 - وقد يعود على لفظ المذكور دون معناه نحو وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره أي عمر معمر آخر
3549 - وقد يعود على بعض ما تقدم نحو يوصيكم الله في أولادكم إلى قوله فإن كن نساء وبعولتهن أحق بردهن بعد قوله والمطلقات فإنه خاص بالرجعيات والعائد عليه فيهن وفي غيرهن
3550 - وقد يعود على المعنى كقوله في آية الكلالة فإن كانتا اثنتين ولم يتقدم لفظ مثنى يعود عليه قال الأخفش لأن الكلالة تقع على الواحد والاثنين والجمع فثنى الضمير الراجع إليها حملا على المعنى كما يعود الضمير جمعا على من حملا على معناها

3551 - وقد يعود على لفظ شيء والمراد به الجنس من ذلك الشيء قال الزمخشري كقوله إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما أي بجنسي الفقير والغني لدلالة غنيا أو فقيرا على الجنسين ولو رجع إلى المتكلم به لوحده
3552 - وقد يذكر شيئان ويعاد الضمير إلى أحدهما والغالب كونه الثاني نحو واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة فأعيد الضمير للصلاة وقيل للإستعانة المفهومة من استعينوا جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل أي القمر لأنه الذي يعلم به الشهور والله ورسوله أحق أن يرضوه أراد يرضوهما فأفرد لأن الرسول هو داعي العباد والمخاطب لهم شفاها ويلزم من رضاه رضا ربه تعالى
3553 - وقد يثنى الضمير ويعود على أحد المذكورين نحو يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما
3554 - وقد يجيء الضمير متصلا بشيء وهو لغيره نحو ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين يعني آدم ثم قال ثم جعلناه نطفة فهذه لولده لأن آدم لم يخلق من نطفة
3555 - قلت هذا هو باب الاستخدام ومنه لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ثم قال قد سألها أي أشياء أخر مفهومة من لفظ أشياء السابقة
3556 - وقد يعود الضمير على ملابس ما هو له نحو إلا عشية أو ضحاها أي ضحى يومها لا ضحى العشية نفسها لأنه لا ضحى لها
3557 - وقد يعود على غير مشاهد محسوس والأصل خلافه نحو وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون فضمير له عائد على الأمر وهو إذ ذاك غير موجود لأنه لما كان سابقا في علم الله كونه كان بمنزلة الشاهد الموجود


قاعدة 3558 - الأصل عوده على أقرب مذكور ومن ثم أخر المفعول الأول في قوله وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض ليعود الضمير عليه لقربه إلا أن يكون مضافا ومضافا إليه فالأصل عوده للمضاف لأنه المحدث عنه نحو وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها
3559 - وقد يعود على المضاف إليه نحو إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا
3560 - وإختلف في أو لحم خنزير فإنه رجس فمنهم من أعاده على المضاف ومنهم من أعاده إلى المضاف إليه
قاعدة
3561 - الأصل توافق الضمائر في المرجع حذرا من التشتيت ولهذا لما جوز بعضهم في أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم أن الضمير في الثاني للتابوت وفي الأول لموسى عابه الزمخشري وجعله تنافرا مخرجا للقرآن عن إعجازه فقال والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما يؤدي إليه من تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ومراعاته أهم ما يجب على المفسر
3562 - وقال في لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه الضمائر لله تعالى والمراد بتعزيره تعزير دينه ورسوله ومن فرق الضمائر فقد أبعد
3563 - وقد يخرج عن هذا الأصل كما في قوله ولا تستفت فيهم منهم أحدا فإن ضمير فيهم لأصحاب الكهف ومنهم لليهود قاله ثعلب والمبرد
3564 - ومثله ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا قال ابن عباس ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه
3565 - وقوله إلا تنصروه الآية فيها إثنا عشر ضميرا كلها

للنبي إلا ضمير عليه فلصاحبه كما نقله السهيلي عن الأكثرين لأنه لم تنزل عليه السكينة وضمير جعل له تعالى
3566 - وقد يخالف بين الضمائر حذرا من التنافر نحو منها أربعة حرم الضمير للإثني عشر ثم قال فلا تظلموا فيهن أتى بصيغة الجمع مخالفا لعوده على الأربعة
ضمير الفصل 3567 - ضمير بصيغة المرفوع مطابق لما قبله تكلما وخطابا وغيبة إفرادا وغيره وإنما يقع بعد مبتدأ أو ما أصله المبتدأ وقبل خبر كذلك نحو وأولئك هم المفلحون وإنا لنحن الصافون كنت أنت الرقيب عليهم تجدوه عند الله هو خيرا إن ترن أنا أقل منك مالا هؤلاء بناتي هن أطهر لكم
3568 - وجوز الأخفش وقوعه بين الحال وصاحبها وخرج عليه قراءة هن أطهر بالنصب
3569 - وجوز الجرجاني وقوعه قبل مضارع وجعل منه إنه هو يبدئ ويعيد وجعل منه أبو البقاء ومكر أولئك هو يبور
3570 - ولا محل لضمير الفصل من الإعراب وله ثلاثة فوائد الإعلام بأن ما بعده خبر لا تابع والتأكيد ولهذا سماه الكوفيون دعامة لأنه يدعم به الكلام أي يقوى ويؤكد وبني عليه بعضهم أنه لا يجمع بينه وبينه فلا يقال زيد نفسه هو الفاضل والاختصاص
3571 - وذكر الزمخشري الثلاثة في وأولئك هم المفلحون فقال فائدته الدلالة على أن ما بعده خبر لا صفة والتوكيد وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره


ضمير الشأن والقصة 3572 - ويسمى ضمير المجهول قال في المغني خالف القياس من خمسة أوجه
أحدهما عوده على ما بعده لزوما إذ لا يجوز للجملة المفسرة له ان تتقدم عليه ولا شيء منها
والثاني أن مفسره لا يكون إلا جملة
والثالث أنه لا يتبع بتابع فلا يؤكد ولا يعطف عليه ولا يبدل منه
والرابع أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو ناسخه
والخامس أنه ملازم للإفراد
ومن أمثلته قل هو الله أحد فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا فإنها لا تعمى الأبصار
وفائدته الدلالة على تعظيم المخبر عنه وتفخيمه بأن يذكر أولا مبهما ثم يفسر
تنبيه 3573 - قال ابن هشام متى أمكن الحمل على غير ضمير الشأن فلا ينبغي أن يحمل عليه ومن ثم ضعف قول الزمخشري في إنه يراكم إن إسم إن ضمير الشأن والأولى كونه ضمير الشيطان ويؤيده قراءة وقبيله بالنصب وضمير الشأن لا يعطف عليه
1 -
قاعدة 3574 - جمع العلاقات لا يعود عليه الضمير غالبا إلا بصيغة الجمع سواء كان للقلة أو للكثرة نحو والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن وورد الإفراد في قوله تعالى أزواج مطهرة ولم يقل مطهرات

3575 - وأما غير العاقل فالغالب في جمع الكثرة الإفراد وفي القلة الجمع وقد إجتمعا في قوله إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا إلى أن قال منها أربعة حرم فأعاد منها بصيغة الإفراد على الشهور وهي للكثرة ثم قال فلا تظلموا فيهن فأعاده جمعا على أربعة حرم وهي للقلة
3576 - وذكر الفراء لهذه القاعدة سرا لطيفا وهو أن المميز مع جمع الكثرة هو ما زاد على العشرة لما كان واحدا وحد الضمير ومع القلة وهو العشرة فما دونها لما كان جمعا جمع الضمير
2 - قاعدة
3577 - إذا إجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بدئ باللفظ ثم بالمعنى هذا هو الجادة في القرآن قال تعالى ومن الناس من يقول ثم قال وما هم بمؤمنين أفرد أولا باعتبار اللفظ ثم جمع باعتبار المعنى وكذا ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا
3578 - قال الشيخ علم الدين العراقي ولم يجيء في القرآن البداءة بالحمل على المعنى إلا في موضع واحد وهو قوله وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا فأنث خالصا حملا على معنى ما ثم راعى اللفظ فذكر فقال محرم إنتهى
3579 - قال ابن الحاجب في أماليه إذا حمل على اللفظ الحمل بعده على المعنى وإذا حمل على المعنى ضعف الحمل بعده على اللفظ لأن المعنى أقوى فلا يبعد الرجوع إليه بعد إعتبار اللفظ ويضعف بعد إعتبار المعنى القوي الرجوع إلى الأضعف
3580 - وقال ابن جني في المحتسب لا يجوز مراجعة اللفظ بعد إنصرافه عنه إلى المعنى وأورد عليه قوله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ثم قال حتى إذا جاءنا فقد ارجع اللفظ بعد الإنصراف عنه إلى المعنى

3581 - وقال محمود بن حمزة في كتاب العجائب ذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجوز الحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى وقد جاء في القرآن بخلاف ذلك وهو قوله خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا
3582 - قال ابن خالويه في كتاب ليس القاعدة في من ونحوه الرجوع من اللفظ إلى المعنى ومن الواحد إلى الجمع ومن المذكر إلى المؤنث نحو ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا من أسلم وجهه لله إلى قوله ولا خوف عليهم أجمع على هذا النحويون
3583 - قال وليس في كلام العرب ولا في شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى اللفظ إلا في حرف واحد إستخرجه ابن مجاهد وهو قوله تعالى ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين الآية وحد في يؤمن ويعمل ويدخله ثم جمع في قوله خالدين ثم وحد في قوله أحسن الله له رزقا فرجع بعد الجمع إلى التوحيد
3 -
قاعدة في التذكير والتأنيث 3584 - التأنيث ضربان حقيقي وغيره فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالبا إلا إن وقع فصل وكلما كثر الفصل حسن الحذف والإثبات مع الحقيقي أولى ما لم يكن جمعا وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل أحسن نحو فمن جاءه موعظة من ربه قد كان لكم آية فإن كثر الفصل ازداد حسنا نحو وأخذ الذين ظلموا الصيحة
3585 - والإثبات أيضا حسن نحو وأخذت الذين ظلموا الصيحة فجمع بينهما في سورة هود
3586 - واشار بعضهم إلى ترجيح الحذف واستدل بأن الله قدمه على الإثبات حيث جمع بينهما

3587 - ويجوز الحذف أيضا مع عدم الفصل حيث الإسناد إلى ظاهره فإن كان إلى ضميره إمتنع
3588 - وحيث وقع ضمير أو إشارة بين مبتدأ وخبر أحدهما مذكر والآخر مؤنث جاز في الضمير والإشارة التذكير والتأنيث كقوله تعالى قال هذا رحمة من ربي فذكر والخبر مؤنث لتقدم المبتدأ وهو مذكر وقوله تعالى فذانك برهانان من ربك ذكر والمشار إليه اليد والعصا وهما مؤنثان لتذكير الخبر وهو برهانان
3589 - وكل اسماء الأجناس يجوز فيها التذكير حملا على الجنس والتأنيث حملا على الجماعة كقوله أعجاز نخل خاوية أعجاز نخل منقعر إن البقر تشابه علينا وقرئ تشابهت السماء منفطر به إذا السماء انفطرت
3590 - وجعل منه بعضهم جاءتها ريح عاصف ولسليمان الريح عاصفة
3591 - وقد سئل ما الفرق بين قوله تعالى فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وقوله فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة
وأجيب بأن ذلك لوجهين لفظي وهو كثرة حروف الفاصل في الثاني والحذف مع كثرة الحواجز أكثر ومعنوي وهو أن من في قوله من حقت راجعة إلى الجماعة وهي مؤنثة لفظا بدليل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ثم قال ومنهم من حقت عليه الضلالة أي من تلك الأمم ولو قال ضلت لتعينت التاء والكلامان واحد وإذا كان معناهما واحدا كان إثبات التاء أحسن من تركها لأنها ثابتة فيما هو من معناه وأما فريقا هدى الآية فالفريق يذكر ولو قال فريق ضلوا لكان بغير تاء وقوله حق عليهم الضلالة في معناه فجاء

بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يدعوا حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم إذا كان في مرتبة كلمة لا يجب لها ذلك الحكم
4 -
قاعدة في التعريف والتنكير 3592 - أعلم أن لكل منهما مقاما لا يليق بالآخر أما التنكير فله أسباب
أحدها إرادة الوحدة نحو وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى أي رجل واحد و ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل
الثاني إرادة النوع نحو هذا ذكر أي نوع من الذكر وعلى أبصارهم غشاوة أي نوع غريب من الغشاوة لا يتعارفه الناس بحيث غطى ما لا يغطيه شيء من الغشاوات ولتجدنهم أحرص الناس على حياة أي نوع منها وهو الازدياد في المستقبل لأن الحرص لا يكون على الماضي ولا على الحاضر
ويحتمل الوحدة والنوعية معا قوله والله خلق كل دابة من ماء أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف
الثالث التعظيم بمعنى أنه أعظم من أن يعين ويعرف نحو فأذنوا بحرب أي بحرب أي حرب ولهم عذاب أليم وسلام عليه يوم ولد سلام على إبراهيم أن لهم جنات
الرابع التكثير نحو أئن لنا لأجرا أي وافرا جزيلا
ويحتمل التعظيم والتكثير معا نحو وإن يكذبوك فقد كذبت رسل أي رسل عظام ذوو عدد كثير
الخامس التحقير بمعنى إنحطاط شأنه إلى حد لا يمكن أن يعرف نحو إن نظن إلا ظنا أي ظنا حقيرا لا يعبأ به وإلا لاتبعوه لأن ذلك ديدنهم بدليل

إن يتبعون إلا الظن من أي شيء خلقه أي من شيء حقير مهين ثم بينه بقوله من نطفة خلقه
السادس التقليل نحو ورضوان من الله أكبر أي رضوان قليل منه أكبر من الجنات لأنه راس كل سعادة
قليل منك يكفيني ولكن ... قليلك لا يقال له قليل
3593 - وجعل منه الزمخشري سبحان الذي أسرى بعبده ليلا أي ليلا قليلا أي بعض ليل
وأورد عليه أن التقليل رد الجنس إلى فرد من أفراده لا تنقيص فرد إلى جزء من أجزائه وأجاب في عروس الأفراح بأنا لا نسلم أن الليل حقيقة في جميع الليلة بل كل جزء من أجزائها يسمى ليلا
3594 - وعد السكاكي من الأسباب ألا يعرف من حقيقته إلا ذلك وجعل منه أن تقصد التجاهل وأنك لا تعرف شخصه كقولك هل لك في حيوان على صورة إنسان يقول كذا وعليه من تجاهل الكفار هل ندلكم على رجل ينبئكم كأنهم لا يعرفونه
وعد غيره منها قصد العموم بأن كانت سياق النفي نحو لا ريب فيه فلا رفث الآية
أو الشرط نحو وإن أحد من المشركين استجارك
أو الامتنان نحو وأنزلنا من السماء ماء طهورا
3595 - وأما التعريف فله أسباب فبالإضمار لأن المقام مقام التكلم أو الخطاب أو الغيبة وبالعلمية لإحضاره بعينه في ذهن السامع إبتداء باسم مختص به نحو قل هو الله أحد محمد رسول الله
3596 - أو لتعظيم أو إهانة حيث علمه يقتضي ذلك فمن التعظيم ذكر

يعقوب بلقبه إسرائيل لما فيه من المدح والتعظيم بكونه صفوة الله أو سري الله على ما سيأتي في معناه في الألقاب ومن الإهانة قوله تبت يدا أبي لهب وفيه أيضا نكتة أخرى وهي الكناية عن كونه جهنميا
3597 - وبالإشارة لتمييزه أكمل تمييز بإحضاره في ذهن السامع حسا نحو هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه
3598 - وللتعريض بغباوة السامع حتى أنه لا يتميز له الشيء إلا بإشارة الحس وهذه الآية تصلح لذلك ولبيان حاله في القرب والبعد فيؤتى في الأول بنحو هذا وفي الثاني بنحو ذلك وأولئك
3599 - ولقصد تحقيره بالقرب كقول الكفار أهذا الذي يذكر آلهتكم أهذا الذي بعث الله رسولا ماذا أراد الله بهذا مثلا وكقوله تعالى وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب
3600 - ولقصد تعظيمه بالبعد نحو ذلك الكتاب لا ريب فيه ذهابا إلى بعد درجته
3601 - وللتنبيه بعد ذكر المشار إليه بأوصاف قبله على أنه جدير بما يرد بعده من أجلها نحو أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
3602 - وبالموصولية لكراهة ذكره بخاص اسمه إما سترا عليه أو إهانة له أو لغير ذلك فيؤتى بالذي ونحوها موصولة بما صدر منه من فعل أو قول نحو والذي قال لوالديه أف لكما وراودته التي هو في بيتها
3603 - وقد يكون لإرادة العموم نحو إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا الآية والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
3604 - وللإختصار نحو لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما

قالوا أي قولهم إنه آدر إذ لو عدد أسماء القائلين لطال وليس للعموم لأن بني إسرائيل كلهم لم يقولوا في حقه ذلك
3605 - وبالألف واللام للإشارة إلى معهود خارجي أو ذهني أو حضوري
3606 - وللإستغراق حقيقة أو مجازا أو لتعريف الماهية وقد مرت أمثلتها في نوع الأدوات
3607 - وبالإضافة لكونها أخصر طريق ولتعظيم المضاف نحو إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا يرضى لعباده الكفر أي الأصفياء في الآيتين كما قاله ابن عباس وغيره
3608 - ولقصد العموم نحو فليحذر الذين يخالفون عن أمره أي كل أمر الله تعالى
فائدة 3609 - سئل عن الحكمة في تنكير أحد وتعريف الصمد من قوله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد وألفت في جوابه تأليفا مودعا في الفتاوى وحاصله أن في ذلك أجوبة
أحدها أنه نكر للتعظيم والإشارة إلى أن مدلوله وهو الذات المقدسة غير ممكن تعريفها والإحاطة بها
الثاني أنه لا يجوز إدخال أل عليه كغير وكل وبعض وهو فاسد فقد قرئ شاذا قل هو الله الأحد الله الصمد حكى هذه القراءة أبو حاتم في كتاب الزينة عن جعفر بن محمد
الثالث وهو مما خطر لي أن هو مبتدأ والله خبر وكلاهما معرفة فاقتضى الحصر فعرف الجزآن في الله الصمد لإفادة الحصر ليطابق الجملة الأولى واستغنى عن تعريف أحد فيها لإفادة الحصر دونه فأتى به على أصله من

التنكير على أنه خبر ثان وإن جعل الاسم الكريم مبتدأ وأحد خبره ففيه من ضمير الشأن ما فيه من التفخيم والتعظيم فأتى بالجملة الثانية على نحو الأولى بتعريف الجزأين للحصر تفخيما وتعظيما
قاعدة أخرى تتعلق بالتعريف والتنكير 3610 - إذا ذكر الإسم مرتين فله أربعة أحوال لأنه إما أن يكونا معرفتين أو نكرتين أو الأول نكرة والثاني معرفة أو بالعكس
3611 - فإن كانا معرفتين فالثاني هو الأول غالبا دلالة على المعهود الذي هو في الأصل في اللام أو الإضافة نحو اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة وقهم السيئات ومن تق السيئات لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات
3612 - وإن كانا نكرتين فالثاني غير الأول غالبا وإلا لكان المناسب هو التعريف بناء على كونه معهودا سابقا نحو الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة فإن المراد بالضعف الأول النطفة وبالثاني الطفولية وبالثالث الشيخوخة
3613 - وقال ابن الحاجب في قوله تعالى غدوها شهر ورواحها شهر الفائدة في إعادة لفظ الشهر الإعلام بمقدار زمن الغدو وزمن الرواح والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار ولو أضمر فالضمير إنما يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته فإذا لم يكن له وجب العدول عن المضمر إلى الظاهر
3614 - وقد إجتمع القسمان في قوله تعالى فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فالعسر الثاني هو الأول واليسر الثاني غير الأول ولهذا قال في الآية لن يغلب عسر يسرين

3615 - وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة فالثاني هو الأول حملا على العهد نحو أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة إلى صراط مستقيم صراط الله ما عليهم من سبيل إنما السبيل
3616 - وإن كان الأول معرفة والثاني نكرة فلا يطلق القول بل يتوقف على القرائن فتارة تقوم قرينة على التغاير نحو ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى قال الزمخشري المراد جميع ما أتاه من الدين والمعجزات والشرائع وهدى إرشادا وتارة تقوم قرينة على الإتحاد نحو ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا
تنبيه 3617 - قال الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح وغيره إن الظاهر أن هذه القاعدة غير محررة فإنها منتقصة بآيات كثيرة منها في القسم الأول
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فإنهما معرفتان والثاني غير الأول فإن الأول العمل والثاني الثواب أن النفس بالنفس أي القاتلة بالمقتولة وكذا سائر الآية الحر بالحر الآية هل أتى على الإنسان حين من الدهر ثم قال إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج فإن الأول آدم والثاني ولده
وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به فإن الأول القرآن والثاني التوراة والإنجيل
3618 - ومنها في القسم الثاني
وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله

يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير فإن الثاني فيهما هو الأول وهما نكرتان
3619 - ومنها في القسم الثالث
أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير
ويؤت كل ذي فضل فضله
ويزدكم قوة إلى قوتكم
ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم
زدناهم عذابا فوق العذاب
وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن فإن الثاني فيها غير الأول
3620 - وأقول لا إنتفاض بشيء من ذلك عند التأمل فإن اللام في الإحسان للجنس فيما يظهر وحينئذ يكون في المعنى كالنكرة وكذا آية النفس والحر بخلاف آية العسر فإن أل فيها إما للعهد أو للإستغراق كما يفيده الحديث وكذا آية الظن لا نسلم فيها أن الثاني فيها غير الأول بل هو عينه قطعا إذ ليس كل ظن مذموما كيف وأحكام الشريعة ظنية وكذا آية الصلح لا مانع من أن يكون المراد منها الصلح المذكور وهو الذي بين الزوجين وإستحباب الصلح في سائر الأمور مأخوذ من السنة ومن الآية بطريق القياس بل لا يجوز القول بعموم الآية وأن كل صلح خير لأن ما أحل حراما من الصلح أو حرم حلالا فهو ممنوع وكذا آية القتال ليس الثاني فيها عين الأول بلا شك لأن المراد بالأول المسؤول عنه القتال الذي وقع في سرية ابن الحضرمي سنة اثنتين من الهجرة لأنه سبب نزول الآية والمراد بالثاني جنس القتال لا ذاك بعينه وأما آية وهو الذي في السماء إله فقد أجاب عنها الطيبي أنها من باب التكرير لإفادة أمر زائد بدليل تكرير ذكر الرب فيما قبله من قوله سبحان رب السماوات والأرض رب العرش ووجهه الأطناب في تنزيهه تعالى عن نسبة الولد إليه وشرط القاعدة ألا يقصد التكرير

3621 - وقد ذكر الشيخ بهاء الدين في آخر كلامه إن المراد بذكر الاسم مرتين كونه مذكورا في كلام واحد أو كلامين بينهما تواصل بأن يكون أحدهما معطوفا على الآخر وله به تعلق ظاهر وتناسب واضح وأن يكونا من متكلم واحد ودفع بذلك إيراد آية القتال لأن الأول فيها محكي عن قول السائل والثاني محكي من كلام النبي
قاعدة في الإفراد والجمع 3622 - من ذلك السماء والأرض حيث وقع في القرآن ذكر الأرض فإنها مفردة ولم تجمع بخلاف السموات لثقل جمعها وهو أرضون ولهذا لما أريد ذكر جميع الأرضين قال ومن الأرض مثلهن وأما السماء فذكرت تارة بصيغة الجمع وتارة بصيغة الإفراد لنكت تليق بذلك المحل لما أوضحته في أسرار التنزيل والحاصل أنه حيث أريد العدد أتي بصيغة الجمع الدالة على سعة العظمة والكثرة نحو سبح لله ما في السماوات أي جميع سكانها على كثرتهم يسبح لله ما في السماوات أي كل واحد على اختلاف عددها قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله إذ المراد نفي علم الغيب عن كل من هو في واحدة من السموات
وحيث أريد الجهة أتي بصيغة الإفراد نحو وفي السماء رزقكم أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض أي من فوقكم
3623 - ومن ذلك الريح ذكرت مجموعة ومفردة فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت أو في سياق العذاب أفردت
3624 - أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب ولهذا ورد في الحديث اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهبات والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكانت في

الرحمة رياحا وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه واحد ولا معارض لها ولا دافع وقد خرج عن هذه القاعدة قوله تعالى في سورة يونس وجرين بهم بريح طيبة وذلك لوجهين لفظي وهو المقابلة في قوله جاءتها ريح عاصف ورب شيء يجوز في المقابلة ولا يجوز إستقلالا نحو ومكروا ومكر الله ومعنوي وهو أن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح كان سبب الهلاك والمطلوب هنا ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى بوصفها بالطيب وعلى ذلك أيضا جرى قوله إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد
3625 - وقال ابن المنير إنه على القاعدة لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن
3626 - ومن ذلك إفراد النور وجمع الظلمات وإفراد سبيل الحق وجمع سبل الباطل في قوله تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله لأن طريق الحق واحدة وطريق الباطل متشعبة متعددة والظلمات بمنزلة طرق الباطل والنور بمنزلة طريق الحق بل هما هما ولهذا وحد ولي المؤمنين وجمع أولياء الكفار لتعددهم في قوله تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفورا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات
3627 - ومن ذلك إفراد النار حيث وقعت والجنة وقعت مجموعة ومفردة لأن الجنان مختلفة الأنواع فحسن جمعها والنار مادة واحدة ولأن الجنة رحمة والنار عذاب فناسب جمع الأولى وإفراد الثانية على حد الرياح والريح
3628 - ومن ذلك إفراد السمع وجمع البصر لأن السمع غلب عليه المصدرية فأفرد بخلاف البصر فإنه اشتهر في الجارحة ولأن متعلق السمع الأصوات وهي حقيقة واحدة ومتعلق البصر الألوان والأكوان وهي حقائق مختلفة فأشار في كل منهما إلى متعلقه

3629 - ومن ذلك إفراد الصديق وجمع الشافعين في قوله تعالى فما لنا من شافعين ولا صديق حميم وحكمته كثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق
3630 - قال الزمخشري ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته رحمة وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة وأما الصديق فأعز من بيض الأنوق
3631 - ومن ذلك الألباب لم يقع إلا مجموعا لأن مفرده ثقيل لفظا
3632 - ومن ذلك مجيء المشرق والمغرب بالإفراد والتثنية والجمع فحيث أفردا فاعتبارا للجهة وحيث ثنيا فاعتبارا لمشرق الصيف والشتاء ومغربهما وحيث جمعا فاعتبارا لتعدد المطالع في كل فصل من فصلي السنة
3633 - وأما وجه اختصاص كل موضوع بما وقع فيه ففي سورة الرحمة وقع بالتثنية لأن سياق السورة سياق المزدوجين فإنه سبحانه وتعالى ذكر أولا نوعي الإيجاد وهما الخلق والتعليم ثم ذكر سراجي العالم الشمس والقمر ثم نوعي النبات ما كان على ساق وما لا ساق له وهما النجم والشجر ثم نوعي السماء والأرض ثم نوعي العدل والظلم ثم نوعي الخارج من الأرض وهما الحبوب والرياحين ثم نوعي المكلفين وهما الإنس والجان ثم نوعي المشرق والمغرب ثم نوعي البحر الملح والعذب فلهذا حسن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة وجمعا في قوله فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون وفي سورة الصافات للدلالة على سعة القدرة والعظمة
فائدة 3634 - حيث ورد البار مجموعا في صفة الآدميين قيل أبرار وفي صفة الملائكة قيل بررة ذكره الراغب ووجهه بأن الثاني أبلغ لأنه جمع بار وهو أبلغ من بر مفرد الأول
3635 - وحيث ورد الأخ مجموعا في النسب قيل إخوة وفي الصداقة قيل إخوان قاله ابن فارس وغيره وأورد عليه في الصداقة إنما المؤمنون إخوة

وفي النسب أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو بيوت إخوانكم
فائدة
3636 - ألف أبو الحسن الأخفش كتابا في الإفراد والجمع ذكر فيه جمع ما وقع في القرآن مفردا ومفرد ما وقع جمعا وأكثره من الواضحات وهذه أمثلة من خفي ذلك
المن لا واحد له
3637 - السلوى لم يسمع له بواحد
3638 - النصارى قيل جمع نصراني وقيل جمع نصير كنديم وقبيل
3639 - العوان جمعه عون
3640 - الهدى لا واحد له
3641 - الإعصار جمعه أعاصير
3642 - الأنصار واحده نصير كشريف وأشراف
3643 - الأزلام واحدها زلم ويقال زلم بالضم
3644 - مدرارا جمعه مدارير
3645 - أساطير واحده أسطورة وقيل أسطار جمع سطر
3646 - الصور جمع صورة وقيل واحد الأصوار
3647 - فرادى جمع أفراد جمع فرد
3648 - قنوان جمع قنو وصنوان جمع صنو وليس في اللغة جمع ومثنى بصيغة واحدة إلا هذان ولفظ ثالث لم يقع في القرآن قاله ابن خالويه في كتاب ليس
3649 - الحوايا جمع حاوية وقيل حاوياء
3650 نشرا جمع نشور

3651 - عضين وعزين جمع عضة وعزة
3652 - المثاني جمع مثنى
3653 - تارة جمعها تارات وتير
3654 - أيقاظا جمع يقظ
3655 - الأرائك جمع أريكة
3656 - سرى جمعه سريان كخصي وخصيان
3657 - آناء الليل جمع إنا بالقصر كمعى وقيل إنى كقرد وقيل إنوة كفرقة
3658 - الصياصي جمع صيصية
3659 - منسأة جمعها مناسئ
3660 - الحرور جمعه حرور بالضم
3661 - غرابيب جمع غربيب
3662 - أتراب جمع ترب
3663 - الآلاء جمع إلى كمعى وقيل ألى كقفى وقيل إلى كقرد وقيل ألو
3664 - التراقي جمع ترقوة بفتح أوله
3665 - الأمشاج جمع مشيج
3666 - ألفافا جمع لف بالكسر
3667 - العشار جمع عشر
3668 - الخنس جمع خانسة وكذا الكنس
3669 - الزبانية جمه زبينة وقيل زابن وقيل زباني
3670 - أشتاتا جمع شت وشتيت
3671 - أبابيل لا واحد له وقيل واحده إبول مثل عجول وقيل إبيل مثل إكليل


فائدة 3672 - ليس في القرآن من الألفاظ المعدولة إلا ألفاظ العدد مثنى وثلاث ورباع ومن غيرها طوى فيما ذكره الأخفش في الكتاب المذكور ومن الصفات أخر في قوله تعالى وأخر متشابهات
3673 - قال الراغب وغيره هي معدولة عن تقدير ما فيه الألف واللام وليس له نظير في كلامهم فإن أفعل إما أن يذكر معه من لفظا أو تقديرا فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وتحذف منه من فتدخل عليه الألف واللام ويثنى ويجمع وهذه اللفظة من بين أخواتها جوز فيها ذلك من غير الألف واللام
3674 - وقال الكرماني في الآية المذكورة لا يمتنع كونها معدولة عن الألف واللام مع كونها وصفا لنكرة لأن ذلك مقدر من وجه غير مقدر من وجه
1 -
قاعدة 3675 - مقابلة الجمع بالجمع تارة تقتضي مقابلة كل فرد من هذا بكل فرد من هذا كقوله واستغشوا ثيابهم أي استغشى كل منهم ثوبه
3676 - حرمت عليكم أمهاتكم أي على كل من المخاطبين أمه
3677 - يوصيكم الله في أولادكم أي كلا في أولاده
3678 - والوالدات يرضعن أولادهن أي كل واحدة ترضع ولدها
3679 - وتارة يقتضي ثبوت الجمع لكل فرد من أفراد المحكوم عليه نحو فاجلدوهم ثمانين جلدة
3680 - وجعل منه الشيخ عز الدين وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات
وتارة يحتمل الأمرين فيحتاج إلى دليل يعين أحدهما
3681 - وأما مقابل الجمع بالمفرد فالغالب ألا يقتضي تعميم المفرد وقد

يقتضيه كما في قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين المعنى على كل واحد لكل يوم طعام مسكين والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة لأن على كل واحد منهم ذلك
2 -
قاعدة في الألفاظ التي يظن بها الترادف وليست منه 3682 - من ذلك الخوف والخشية لا يكاد اللغوي يفرق بينهما ولا شك أن الخشية أعلى منه وهي أشد الخوف فإنها مأخوذة من قولهم شجرة خشية أي يابسة وهو فوات بالكلية والخوف من ناقة خوفاء أي بها داء وهو نقص وليس بفوات ولذلك خصت الخشية بالله في قوله تعالى ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب
وفرق بينهما أيضا بأن الخشية تكون من عظم المختشى وإن كان الخاشي قويا والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا ويدل لذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة نحو شيخ للسيد الكبير وخيش لما غلظ من اللباس ولذا وردت الخشية غالبا في حق الله تعالى نحو من خشية الله إنما يخشى الله من عباده العلماء وأما يخافون ربهم من فوقهم ففيه نكتة لطيفة فإنه في وصف الملائكة ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظا شدادا فهم بين يديه تعالى ضعفاء ثم أردفع بالفوقية الدالة على العظمة فجمع بين الأمرين ولما كان ضعف البشر معلوما لم يحتج إلى التنبيه عليه
3683 - ومن ذلك الشح والبخل والشح هو أشد البخل قال الراغب الشح بخل مه حرص
وفرق العسكري بين البخل والضن بأن الضن أصله أن يكون بالعواري والبخل بالهبات ولهذا يقال هو ضنين بعلمه ولا يقال بخيل لأن العلم بالعارية أشبه منه بالهبة لأن الواهب إذا وهب شيئا خرج عن ملكه بخلاف العارية ولهذا قال

تعالى وما هو على الغيب بضنين ولم يقل ببخيل
3684 - ومن ذلك السبيل والطريق والأول أغلب وقوعا في الخير ولا يكاد اسم الطريق يراد به الخير إلا مقرونا بوصف أو إضافة تخلصه لذلك كقوله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم وقال الراغب السبيل الطريق التي فيها سهولة فهو أخص
3685 - ومن ذلك جاء وأتى فالأول يقال في الجواهر والأعيان والثاني في المعاني والأزمان ولهذا ورد جاء في قوله ولمن جاء به حمل بعير وجاءوا على قميصه بدم كذب وجيء يومئذ بجهنم وآتى في أتى أمر الله أتاها أمرنا
وأما وجاء ربك أي أمره فإن المراد به أهوال القيامة المشاهدة وكذا فإذا جاء أجلهم لأن الأجل كالمشاهدة ولهذا عبر عنه بالحضور في قوله حضر أحدكم الموت ولهذا فرق بينهما في قوله جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق لأن الأول والعذاب وهو مشاهد مرئي بخلاف الحق
3686 - وقال الراغب الإتيان مجيء بسهولة فهو أخص من مطلق المجيء قال ومنه قيل للسائل المار على وجهه أتى وأتاوى
3687 - ومن ذلك مد وأمد قال الراغب أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب نحو وأمددناهم بفاكهة والمد في المكروه نحو ونمد له من العذاب مدا
3688 - ومن ذلك سقى وأسقى فالأول لما لا كلفة فيه ولهذا ذكر في شراب الجنة نحو وسقاهم ربهم شرابا والثاني لما فيه كلفة ولهذا ذكر في ماء الدنيا نحو لأسقيناهم ماء غدقا
3689 - وقال الراغب الإسقاء أبلغ من السقي لأن الإسقاء أن يجعل له ما

يسقي منه ويشرب والسقي أن يعطيه ما يشرب
3690 - ومن ذلك عمل وفعل فالأول لما كان من امتداد زمان نحو يعملون له ما يشاء مما عملت أيدينا لأن خلق الأنعام والثمار والزروع بامتداد والثاني بخلافه نحو كيف فعل ربك بأصحاب الفيل كيف فعل ربك بعاد كيف فعلنا بهم لأنها إهلاكات وقعت من غير بطء ويفعلون ما يؤمرون أي في طرفة عين ولهذا عبر بالأول في قوله وعملوا الصالحات حيث كان المقصود المثابرة عليها لا الإتيان بها مرة أو بسرعة وبالثاني في قوله وافعلوا الخير حيث كان بمعنى سارعوا كما قال فاستبقوا الخيرات وقوله والذين هم للزكاة فاعلون حيث كان القصد يأتون بها على سرعة من غير توان
3691 - ومن ذلك القعود والجلوس فالأول لما فيه لبث بخلاف الثاني ولهذا يقال قواعد البيت ولا يقال جوالسه للزومها ولبثها ويقال جليس الملك ولا يقال قعيده لأن مجالس الملوك يستحب فيها التخفيف ولهذا استعمل الأول في قوله مقعد صدق للإشارة إلى أنه لا زوال له بخلاف تفسحوا في المجالس لأنه يجلس فيه زمانا يسيرا
3692 - ومن ذلك التمام والكمال وقد اجتمعا في قوله أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي فقيل الإتمام لإزالة نقصان الأصل والإكمال لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل ولهذا كان قوله تلك عشرة كاملة أحسن من تامة فإن التمام من العدد قد علم وإنما نفى احتمال نقص في صفاتها وقيل تم يشعر بحصول نقص قبله وكمل لا يشعر بذلك
3693 - وقال العسكري الكمال اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به والتمام اسم للجزء الذي يتم به الموصوف ولهذا يقال القافية تمام البيت ولا يقال

كماله ويقولون البيت بكماله أي باجتماعه
3694 - ومن ذلك الإعطاء والإيتاء قال الخويي لا يكاد اللغويون يفرقون بينهما وظهر لي بينهما فرق ينبئ عن بلاغة كتاب الله وهو أن الإيتاء أقوى من الإعطاء في إثبات مفعوله لأن الإعطاء له مطاوع تقول أعطاني فعطوت ولا يقال في الإيتاء أتاني فأتيت وإنما يقال آتاني فأخذت والفعل الذي له مطاوع أضعف في إثبات مفعوله من الفعل الذي لا مطاوع له لأنك تقول قطعته فانقطع فيدل على أن فعل الفاعل كان موقوفا على قبول في المحل لولاه ما ثبت المفعول ولهذا يصح قطعته فما انقطع ولا يصح فيما لا مطاوع له ذلك فلا يجوز ضربته فانضرب أو فما انضرب ولا قتلته فانقتل ولا فما انقتل لأن هذه أفعال إذا صدرت من الفاعل ثبت لها المفعول في المحل والفاعل مستقل بالأفعال التي لا مطاوع لها فالإيتاء أقوى من الإعطاء قال وقد تفكرت في مواضع من القرآن فوجدت ذلك مراعى قال تعالى تؤتي الملك من تشاء لأن الملك شيء عظيم لا يعطاه إلا من له قوة وكذا يؤتي الحكمة من يشاء آتيناك سبعا من المثاني لعظم القرآن وشأنه وقال إنا أعطيناك الكوثر لأنه مورود في الموقف مرتحل عنه قريب إلى منازل العز في الجنة فعبر فيه بالإعطاء لأنه يترك عن قرب وينتقل إلى ما هو أعظم منه وكذا يعطيك ربك فترضى لما فيه من تكرير الإعطاء والزيادة إلى أن يرضى كل الرضا وهو مفسر أيضا بالشفاعة وهي نظير الكوثر في الانتقال بعد قضاء الحاجة منه وكذا أعطى كل شيء خلقه لتكرر حدوث ذلك باعتبار الموجودات حتى يعطوا الجزية لأنها موقوفة على قبول منا وإنما يعطونها عن كره
فائدة 3695 - قال الراغب خص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء نحو وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقام الصلاة وآتى الزكاة قال وكل موضع ذكر في وصف الكتاب آتينا فهو أبلغ من كل موضع ذكر فيه أوتوا لأن أوتوا قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول وآتيناهم يقال فيمن كان منه قبول

3696 - ومن ذلك السنة والعام قال الراغب الغالب استعمال السنة في الحول الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام ما فيه الرخاء والخصب وبهذا تظهر النكتة في قوله ألف سنة إلا خمسين عاما حيث عبر عن المستثنى بالعام وعن المستثنى منه بالسنة
3 -
قاعدة في السؤال والجواب 3697 - الأصل في الجواب أن يكون مطابقا للسؤال إذا كان السؤال متوجها وقد يعدل في الجواب عما يقتضيه السؤال تنبيها على أنه كان من حق السؤال أن يكون كذلك ويسميه السكاكي الأسلوب الحكيم
3698 - وقد يجيء الجواب أعم من السؤال للحاجة إليه في السؤال وقد يجيء أنقص لاقتضاء الحال ذلك
3699 - مثال ما عدل عنه قوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج
سألوا عن الهلال لم يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه كذا قال السكاكي ومتابعوه واسترسل التفتازاني في الكلام إلى أن قال لأنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة
3700 - وأقول ليت شعري من أين لهم أن السؤال وقع عن غير ما حصل الجواب به وما المانع من أن يكون إنما وقع عن حكمة ذلك ليعلموها فإن نظم الآية محتمل لذلك كما أنه محتمل لما قالوه والجواب ببيان الحكمة دليل على ترجيح الاحتمال الذي قلناه وقرينة ترشد إلى ذلك إذ الأصل في الجواب المطابقة للسؤال والخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل ولم يرد بإسناد لا صحيح ولا غيره أن السؤال وقع على ما ذكروه بل ورد ما يؤيد ما قلناه فأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال بلغنا أنهم قالوا يا رسول الله لم خلقت الأهلة فأنزل الله يسألونك عن الأهلة فهذا صريح في أنهم سألوا عن حكمة ذلك لا عن كيفيته من جهة الهيئة ولا يظن ذو دين بالصحابة الذين هم أدق فهما وأغزر علما أنهم ليسوا ممن

يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم الذين أطبق الناس على أنهم أبلد أذهانا من العرب بكثير هذا لو كان للهيئة أصل معتبر فكيف وأكثرها فاسد لا دليل عليه وقد صنفت كتابا في نقض أكثر مسائلها بالأدلة الثابتة عن رسول الله الذي صعد إلى السماء ورآها عيانا وعلم ما حوته من عجائب الملكوت بالمشاهدة وأتاه الوحي من خالقها ولو كان السؤال وقع عما ذكروه لم يمتنع أن يجابوا عنه بلفظ يصل إلى أفهامهم كما وقع ذلك لما سألوا عن المجرة وغيرها من الملكوتيات نعم المثال الصحيح لهذا القسم جواب موسى لفرعون حيث قال وما رب العالمين قل رب السماوات والأرض وما بينهما لأن ما سؤال عن الماهية والجنس ولما كان هذا السؤال في حق البارئ سبحانه وتعالى خطأ لأنه لا جنس له فيذكر ولا تدرك ذاته عدل إلى الجواب بالصواب ببيان الوصف المرشد إلى معرفته ولهذا تعجب فرعون من عدم مطابقته للسؤال فقال لمن حوله الا تستمعون أي جوابه الذي لم يطابق السؤال فأجاب موسى بقوله ربكم ورب آبائكم الأولين المتضمن إبطال ما يعتقدونه من ربوبية فرعون نصا وإن كان دخل في الأول ضمنا إغلاظا فزاد فرعون في الاستهزاء فلما رآهم موسى لم يتفطنوا أغلظ في الثالث بقوله إن كنتم تعقلون
3701 - ومثال الزيادة في الجواب قوله تعالى الله ينجيكم منها ومن كل كرب في جواب من ينجيكم من ظلمات البر والبحر
3702 - وقول موسى هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي في جواب وما تلك بيمينك يا موسى زاد في الجواب استلذاذا بخطاب الله تعالى
3703 - وقول قوم إبراهيم نعبد أصناما فنظل لها عاكفين في جواب ما تعبدون زادوا في الجواب إظهارا للابتهاج والاستمرار على مواظبتها ليزداد غيظ السائل
3704 - ومثال النقص منه قوله تعالى قل ما يكون لي أن أبدله في جواب ائت بقرآن غير هذا أو بدله أجاب عن التبديل دون الاختراع قال

الزمخشري لأن التبديل في إمكان البشر دون الاختراع فطوى ذكره للتنبيه على أنه سؤال محال
3705 - وقال غيره التبديل أسهل من الاختراع وقد نفي إمكانه فالاختراع أولى
تنبيه 3706 - قد يعدل عن الجواب أصلا إذا كان السائل قصده التعنت نحو ويسالونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
3707 - قال صاحب الإفصاح إنما سأل اليهود تعجيزا وتغليظا إذ كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان والقرآن وعيسى وجبريل وملك آخر وصنف من الملائكة فقصد اليهود أن يسألوه فبأي مسمى أجابهم قالوا ليس هو فجاءهم الجواب مجملا وكان هذا الإجمال كيدا يرد به كيدهم
1 -
قاعدة 3708 - قيل أصل الجواب أن يعاد فيه نفس السؤال ليكون وفقه نحو ائنك لأنت يوسف قال أنا يوسف ف أنا في جوابه هو أنت في سؤالهم وكذا أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا فهذا أصله ثم إنهم أتوا عوض ذلك بحروف الجواب اختصارا وتركا للتكرار
3709 - وقد يحذف السؤال ثقة بفهم السامع بتقديره نحو قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فإنه لا يستقيم أن يكون السؤال والجواب من واحد فتعين أن يكون قل الله جواب سؤال كأنهم سألوا لما سمعوا ذلك فمن يبدأ الخلق ثم يعيده
2 - قاعدة
3710 - الأصل في الجواب أن يكون مشاكلا للسؤال فإن كان جملة اسمية فينبغي أن يكون الجواب كذلك ويجيء كذلك في الجواب المقدر إلا أن ابن مالك

قال في قولك زيد في جواب من قرأ إنه من باب حذف الفعل على جعل الجواب جملة فعلية قال وإنما قدرته كذلك لا مبتدأ مع احتماله جريا على عادتهم في الأجوبة إذا قصدوا تمامها قال تعالى من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات فلما أتى بالفعلية مع فوات مشاكلة السؤال علم أن تقدير الفعل أولا أولى انتهى
3711 - وقال ابن الزملكاني في البرهان أطلق النحويون القول بأن زيدا في جواب من قام فاعل على تقدير قام زيد والذي توجبه صناعة علم البيان أنه مبتدأ لوجهين
أحدهما أنه يطابق الجملة المسؤل بها في الاسمية كما وقع التطابق في قوله وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا في الفعلية وإنما لم يقع التطابق في قوله ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين لأنهم لو طابقوا لكانوا مقرين بالإنزال وهم من الإذعان به على مفاوز
الثاني أن اللبس لم يقع عند السائل إلا فيمن فعل الفعل فوجب أن يتقدم الفاعل في المعنى لأنه متعلق غرض السائل وأما الفعل فمعلوم عنده ولا حاجة به إلى السؤال عنه فحري أن يقع في الأواخر التي هي محل التكملات والفضلات
3712 - وأشكل على هذا بل فعله كبيرهم في جواب أأنت فعلت هذا فإن السؤال وقع عن الفاعل لا عن الفعل فإنهم لم يستفهموه عن الكسر بل عن الكاسر ومع ذلك صدر الجواب بالفعل
وأجيب بأن الجواب مقدر دل عليه السياق إذ بل لا تصلح أن يصدر بها الكلام والتقدير ما فعلته بل فعله
3713 - قال الشيخ عبد القاهر حيث كان السؤال ملفوظا به فالأكثر ترك الفعل في الجواب والاقتصار على الاسم وحده وحيث كان مضمرا فالأكثر

التصريح به لضعف الدلالة عليه ومن غير الأكثر يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال في قراءة البناء للمفعول
1 -
فائدة 3714 - أخرج البزار عن ابن عباس قال ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن
وأورده الإمام الرازي بلفظ أربعة عشر حرفا وقال منها ثمانية في البقرة
وإذا سألك عبادي عني
يسألونك عن الأهلة
يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم
يسألونك عن الشهر الحرام
يسألونك عن الخمر والميسر
ويسألونك عن اليتامى
ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو
ويسألونك عن المحيض
والتاسع يسألونك ماذا أحل لهم في المائدة
والعاشر يسألونك عن الأنفال
والحادي عشر يسألونك عن الساعة أيان مرساها
والثاني عشر ويسألونك عن الجبال
والثالث عشر ويسألونك عن الروح
والرابع عشر ويسألونك عن ذي القرنين

3715 - قلت السائل عن الروح وعن ذي القرنين مشركو مكة واليهود كما في أسباب النزول لا الصحابة فالخالص اثنا عشر كما صحت به الرواية
2 - فائدة
3716 - قال الراغب السؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة ب عن وهو أكثر نحو ويسألونك عن الروح وإذا كان لاستدعاء مال فإنه يعدى بنفسه أو بمن وبنفسه أكثر نحو وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب واسألوا ما أنفقتم واسألوا الله من فضله
قاعدة في الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل 3717 - الاسم يدل على الثبوت والاستمرار والفعل يدل على التجدد والحدوث ولا يحسن وضع أحدهما موضع الآخر فمن ذلك قوله تعالى وكلبهم باسط ذراعيه وقيل يبسط لم يؤد الغرض لأنه يؤذن بمزاولة الكلب البسط وأنه يتجدد له شيء بعد شيء فباسط أشعر بثبوت الصفة
3718 - وقوله هل من خالق غير الله يرزقكم لو قيل رازقكم لفات ما أفاده الفعل من تجدد الرزق شيئا بعد شيء ولهذا جاءت الحال في صورة المضارع مع أن العامل الذي يفيده ماض نحو وجاءوا أباهم عشاء يبكون إذ المراد أن يفيد صورة ما هم عليه وقت المجيء وأنهم آخذون في البكاء يجددونه شيأ بعد شيء وهو المسمي حكاية الحال الماضية وهذا هو سر الإعراض عن اسم الفاعل والمفعول ولهذا أيضا عبر ب الذين ينفقون ولم يقل المنفقون كما قيل المؤمنون والمتقون لأن النفقة أمر فعلي شأنه الانقطاع والتجدد بخلاف الإيمان فإن له حقيقة تقوم بالقلب يدوم مقتصاها وكذلك التقوى والإسلام والصبر والشكر والهدى والعمى والضلالة والبصر كلها لها مسميات حقيقة أو مجازية تستمر وآثار تتجدد وتنقطع فجاءت بالاستعمالين
3719 - وقال تعالى في سورة الأنعام يخرج الحي من الميت ومخرج الميت

من الحي قال الإمام فخر الدين لما كان الاعتناء بشأن إخراج الحي من الميت أشد أتى فيه بالمضارع ليدل على التجدد كما في قوله الله يستهزئ بهم
تنبيهات الأول 3720 - المراد بالتجدد في الماضي الحصول وفي المضارع أن من شأنه أن يتكرر ويقع مرة بعد أخرى صرح بذلك جماعة منهم الزمخشري في قوله الله يستهزئ بهم
3721 - قال الشيخ بهاء الدين السبكي وبهذا يتضح الجواب عما يورد من نحو علم الله كذا فإن علم الله لا يتجدد وكذا سائر الصفات الدائمة التي يستعمل فيها الفعل وجوابه أن معنى علم الله كذا وقع علمه في الزمن الماضي ولا يلزم أنه لم يكن قبل ذلك فإن العلم في زمن ماض أعم من المستمر على الدوام قبل ذلك الزمن وبعده وغيره ولهذا قال تعالى حكاية عن إبراهيم الذي خلقني فهو يهدين الآيات فأتى بالماضي في الخلق لأنه مفروغ منه وبالمضارع في الهداية والإطعام والإسقاء والشفاء لأنها متكررة متجددة تقع مرة بعد أخرى
الثاني 3722 - مضمر الفعل فيما ذكر كمظهره ولهذا قالوا إن سلام الخليل أبلغ من سلام الملائكة حيث قالوا سلاما قال سلام فإن نصب سلاما إنما يكون على إرادة الفعل أي سلمنا سلاما وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم إذ الفعل متأخر عن وجود الفاعل بخلاف سلام إبراهيم فإنه مرتفع بالإبتداء فاقتضى الثبوت على الإطلاق وهو أولى مما يعرض له الثبوت فكأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به
الثالث 3723 - ما ذكرناه من دلالة الاسم على الثبوت والفعل على التجدد والحدوث هو المشهور عند أهل البيان وقد أنكره أبو المطرف بن عمير في كتاب التمويهات على التبيان لابن الزملكاني وقال إنه غريب لا مستند له فإن الاسم إنما

يدل على معناه فقط أما كونه يثبت المعنى للشيء فلا ثم أورد قوله تعالى ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون وقوله إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون
3724 - وقال ابن المنير طريقة العربية تلوين الكلام ومجيء الفعلية تارة والاسمية أخرى من غير تكلف لما ذكروه وقد رأينا الجملة الفعلية تصدر من الأقوياء الخلص إعتمادا على أن المقصود حاصل بدون التأكيد نحو ربنا آمنا ولا شيء بعد آمن الرسول وقد جاء التأكيد في كلام المنافقين فقالوا إنما نحن مصلحون
1 -
قاعدة في المصدر 3725 - قال ابن عطية سبيل الواجبات الإتيان بالمصدر مرفوعا كقوله تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان وسبيل المندوبات الإتيان به منصوبا كقوله تعالى فضرب الرقاب ولهذا إختلفوا هل كانت الوصية للزوجات واجبة لاختلاف القراءة في قوله وصية لأزواجهم بالرفع والنصب
3726 - قال أبو حيان والأصل في هذه التفرقة في قوله تعالى فقالوا سلاما قال سلام فإن الأول مندوب والثاني واجب والنكتة في ذلك أن الجملة الاسمية أثبت وآكد من الفعلية
2 -
قاعدة في العطف 3727 - هو ثلاثة أقسام
عطف على اللفظ وهو الأصل وشرطه إمكان توجه العامل إلى المعطوف
وعطف على المحل وله ثلاث شروط أحدها إمكان ظهور ذلك المحل في

الصحيح فلا يجوز مررت بزيد وعمرا لأنه لا يجوز مررت زيدا الثاني أن يكون الموضع بحق الإصالة فلا يجوز هذا الضارب زيدا وأخيه لأن الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته الثالث وجود المحرز أي الطالب لذلك المحل فلا يجوز إن زيدا وعمرا قاعدان لأن الطالب لرفع عمرو هو الابتداء وهو قد زال بدخول إن وخالف في هذا الشرط الكسائي مستدلا بقوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون الآية وأجيب بأن خبر إن فيها محذوف أي مأجورون أو آمنون ولا تختص مراعاة الموضع بأن يكون العامل في اللفظ زائدا وقد أجاز الفارسي في قوله وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة أن يكون يوم القيامة عطفا على محل هذه
3728 - وعطف التوهم نحو ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهم دخول الباء في الخبر وشرط جوازه صحة دخول ذلك العامل المتوهم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك وقد وقع هذا العطف في المجرور في قول زهير
بدا لي أني لست مدرك ما مضي ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
3729 - وفي المجزوم في قراءة غير أبي عمرو لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن خرجه الخليل وسيبويه على أنه عطف على التوهم لأن معنى لولا أخرتني فأصدق ومعنى أخرني أصدق واحد وقراءة قنبل إنه من يتقي ويصبر خرجه الفارسي عليه لأن من الموصولة فيها معنى الشرط
3730 - وفي المنصوب في قراءة حمزة وابن عامر ومن وراء إسحاق يعقوب بفتح الباء لأنه على معنى ووهبنا له إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
3731 - وقال بعضهم في قوله تعالى وحفظا من كل شيطان إنه عطف على معنى إنا زينا السماء الدنيا وهو إنا خلقنا الكواكب في السماء الدنيا زينة للسماء

3732 - وقال بعضهم في قراءة ودوا لو تدهن فيدهنوا إنه على معنى أن تدهن
3733 - وقيل في قراءة حفص لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع بالنصب إنه عطف على معنى لعلي أن أبلغ لأن خبر لعل يقترن بأن كثيرا
3734 - وقيل في قوله تعالى ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم إنه على تقدير ليبشركم ويذيقكم
تنبيه 3735 - ظن ابن مالك أن المراد بالتوهم الغلط وليس كذلك كما نبه عليه أبو حيان وابن هشام بل هو مقصد صواب والمراد أنه عطف على المعنى أي جوز العربي في ذهنه ملاحظة ذلك المعنى في المعطوف عليه فعطف ملاحظا له لا أنه غلط في ذلك ولهذا كان الأدب أن يقال في مثل ذلك في القرآن إنه عطف على المعنى
1 -
مسألة 3736 - إختلف في جواز عطف الخبر على الإنشاء وعكسه فمنعه البيانيون وابن مالك وابن عصفور ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار وجماعة مستدلين بقوله تعالى وبشر الذين آمنوا في سورة البقرة وبشر المؤمنين في سورة الصف
وقال الزمخشري في الأولى ليس المعتمد بالعطف الأمر حتى يطلب له مشاكل بل المراد عطف جملة ثواب المؤمنين على جملة ثواب الكافرين
وفي الثانية إن العطف على تؤمنون لأنه بمعنى آمنوا ورد بأن الخطاب به للمؤمنين وب بشر للنبي وبأن الظاهر في تؤمنون إنه تفسير للتجارة لا

3737 - وقال السكاكي الأمران معطوفان على قل مقدرة قبل يا أيها وحذف القول كثير
2 -
مسألة 3738 - اختلف في جواز عطف الاسمية على الفعلية وعكسه فالجمهور على الجواز وبعضهم على المنع وقد لهج به الرازي في تفسيره كثيرا ورد به على الحنفية القائلين بتحريم أكل متروك التسمية أخذا من قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق فقال هي حجة للجواز لا للتحريم وذلك أن الواو ليست عاطفة لتخالف الجملتين بالاسمية والفعلية ولا للاستئناف لأن أصل الواو أن تربط ما بعدها بما قبلها فبقي أن تكون للحال فتكون جملة الحال مقيدة للنهي والمعنى لا تأكلوا منه في حال كونه فسقا ومفهومه جواز الأكل إذا لم يكن فسقا والفسق قد فسره الله تعالى بقوله أو فسقا أهل لغير الله به فالمعنى لا تأكلوا منه إذا سمي عليه غير الله ومفهومه فكلوا منه إذا لم يسم عليه غير الله تعالى انتهى
3739 - قال ابن هشام ولو أبطل العطف بتخالف الجملتين بالإنشاء والخبر لكان صوابا
3 - مسألة
3740 - اختلف في جواز العطف على معمولي عاملين فالمشهور عن سيبويه المنع وبه قال المبرد وابن السراج وابن هشام وجوزه الأخفش والكسائي والفراء والزجاج وخرج عليه قوله تعالى إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون فيمن نصب آيات الأخيرة
4 - مسألة
3741 - اختلف في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار

فجمهور البصريين على المنع وبعضهم والكوفيون على الجواز وخرج عليه قراءة حمزة واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام
3742 - وقال أبو حيان في قوله تعالى وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام إن المسجد معطوف على ضمير به وإن لم يعد الجار قال والذي نختاره جواز ذلك لوروده في كلام العرب كثيرا نظما ونثرا قال ولسنا متعبدين باتباع جمهور البصريين بل نتبع الدليل
تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوله النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه

إياد محرم عبلة سليم محمد شريم الاتقان في علوم القرآن ج3 - 4 للأمام جلال الدين السيوطي الشافعي


النوع الثالث والأربعون
في المحكم والمتشابه 3743 - قال تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وقد حكى ابن حبيب النيسابوري في المسألة ثلاثة أقوال
أحدها أن القرآن كله محكم لقوله تعالى كتاب أحكمت أياته
الثاني كله متشابه لقوله تعالى كتابا متشابها مثاني
الثالث وهو الصحيح إنقسامه إلى محكم ومتشابه للآية المصدر بها
والجواب عن الآيتين أن المراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه وبتشابهه كونه يشبه بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز
3744 - وقال بعضهم الآية لا تدل على الحصر في الشيئين إذ ليس فيها شيء من طرقه وقد قال تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والمحكم لا تتوقف معرفته على البيان والمتشابه لا يرجى بيانه
3745 - وقد اختلف في تعيين المحكم والمتشابه على أقوال
فقيل المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور
وقيل المحكم ما وضح معناه والمتشابه نقيضه
وقيل المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا والمتشابه ما احتمل أوجها

وقيل المحكم ما كان معقول المعنى والمتشابه بخلافه كأعداد الصلوات وإختصاص الصيام برمضان دون شعبان قاله الماوردي
وقيل المحكم ما استقل بنفسه والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره
وقيل المحكم ما تأويله تنزيله والمتشابه ما لا يدري إلا بالتأويل
وقيل المحكم ما لم تتكرر ألفاظه ومقابله المتشابه
وقيل المحكم الفرائض والوعد والوعيد والمتشابه القصص والأمثال
3746 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به والمتشابهات منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به
3747 - وأخرج الفريابي عن مجاهد قال المحكمات ما فيه الحلال والحرام وما سوى ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضا
3748 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال المحكمات هي أوامره الزاجرة
3749 - وأخرج عن إسحاق بن سويد أن يحيى بن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية فقال أبو فاختة فواتح السور وقال يحيى الفرائض والأمر والنهي والحلال
3750 - وأخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات قل تعالوا . . . . والآيتان بعدها
3751 - وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله تعالى منه آيات محكمات قال من ها هنا قل تعالوا إلى ثلاث آيات ومن ها هنا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه إلى ثلاث آيات بعدها
3752 - وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال المحكمات ما لم ينسخ منه والمتشابهات ما قد نسخ

3753 - وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال المتشابهات فيما بلغنا آلم والمص والمر والر
3754 - قال ابن أبي حاتم وقد روي عن عكرمة وقتادة وغيرهما أن المحكم الذي يعمل به والمتشابه الذي يؤمن به ولا يعمل به
1 -
فصل 3755 - اختلف هل المتشابه مما يمكن الإطلاع على علمه أو لا يعلمه إلا الله على قولين منشؤهما الاختلاف في قوله والراسخون في العلم هل هو معطوف و يقولون حال أو مبتدأ خبره يقولون والواو للاستئناف وعلى الأول طائفة يسيرة منهم مجاهد وهو رواية عن ابن عباس فأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم قال أنا ممن يعلم تأويله
3756 - وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله والراسخون في العلم قال يعلمون تأويله ويقولون آمنا به
3757 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الراسخون في العلم يعلمون تأويله ولو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه ولا حلاله من حرامه ولا محكمه من متشابهه
3758 - واختار هذا القول النووي فقال في شرح مسلم إنه الأصح لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته
3759 - وقال ابن الحاجب إنه الظاهر وأما الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم خصوصا أهل السنة فذهبوا إلى الثاني وهو أصح الروايات عن ابن عباس
3760 - قال ابن السمعاني لم يذهب إلى القول الأول إلا شرذمة قليلة واختاره العتبي قال وقد كان يعتقد مذهب أهل السنة لكنه سها في هذه المسألة
قال ولا غرو فإن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة

3761 - قلت ويدل لصحة مذهب الأكثرين ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستدركه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة فأقل درجاتها أن يكون خبرا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه
ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وإبتغاء الفتنة وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب
وحكى الفراء أن في قراءة أبي بن كعب أيضا ويقول الراسخون
3762 - وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق الأعمش قال في قراءة ابن مسعود وإن تأويلة إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به
3763 - وأخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت تلا رسول الله هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب . . . إلى قوله أولوا الألباب قالت قال رسول الله فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم
3764 - وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله يقول لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله . . . الحديث
3765 - وأخرج ابن مردوية من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله قال إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه فأمنوا به
3766 - وأخرج الحاكم عن أبن مسعود عن النبي قال كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا

بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا
3767 - وأخرج البيهقي في الشعب نحوه من حديث أبي هريرة
3768 - وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مرفوعا أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب
3769 - ثم أخرجه من وجه آخر عن ابن عباس موقوفا بنحوه
3770 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال نؤمن بالمحكم وندين به ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به وهو من عند الله كله
3771 - وأخرج أيضا عن عائشة قالت كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه ولا يعلمونه
3772 - وأخرج أيضا عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قال إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة
3773 - وأخرج الدارمي في مسنده عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال من أنت قال أنا عبد الله بن صبيغ فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى دمي رأسه وفي رواية عنده فضربه بالجريد حتى ترك ظهره دبرة ثم تركه حتى برأ ثم عاد له ثم تركه حتى برأ فدعا به ليعود فقال إن كنت تريد قتلى فاقتلني قتلا جميلا
فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين
3774 - وأخرج الدارمي عن عمر بن الخطاب قال إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله
3775 - فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله وأن الخوض فيه مذموم وسيأتي قريبا زيادة على ذلك
3776 - قال الطيبي المراد بالمحكم ما اتضح معناه والمتشابه بخلافه لأن اللفظ الذي يقبل معنى إما أن يحتمل غيره أو لا والثاني النص والأول إما أن

تكون دلالته على ذلك الغير أرجح أو لا والأول هو الظاهر والثاني إما أن يكون مساوية أو لا والأول هو المجمل والثاني المؤول فالمشترك بين النص والظاهر هو المحكم والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه
ويؤيد هذا التقسيم أنه تعالى أوقع المحكم مقابلا للمتشابه قالوا فالواجب أن يفسر المحكم بما يقابله
ويعضد ذلك أسلوب الآية وهو الجمع مع التقسيم لأنه تعالى فرق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وأراد أن يضيف إلى كل منهما ما شاء فقال أولا فأما الذين في قلوبهم زيغ إلى أن قال والراسخون في العلم يقولون آمنا به وكان يمكن أن يقال وأما الذين في قلوبهم إستقامة فيتبعون المحكم لكنه وضع موضع ذلك والراسخون في العلم لإتيان لفظ الرسوخ لأنه لا يحصل إلا بعد التتبع العام والاجتهاد البليغ فإذا استقام القلب على طرق الإرشاد ورسخ القدم في العلم أفصح صاحبه النطق بالقول الحق وكفى بدعاء الراسخين في العلم ربنا لا تزغ قلوبنا . . . إلى آخره شاهدا على أن الراسخون في العلم مقابل لقوله والذين في قلوبهم زيغ
وفيه أشارة إلى أن الوقف على قوله إلا الله تام وإلى أن علم بعض المتشابه مختص بالله تعالى وأن من حاول معرفته هو الذي أشار إليه في الحديث بقوله فاحذروهم
3777 - وقال بعضهم العقل مبتلى باعتقاد حقية المتشابه كابتلاء البدن بأداء العبادة كالحكيم إذا صنف كتابا أجمل فيه أحيانا ليكون موضع خضوع المتعلم لأستاذه وكالملك يتخذ علامة يجتاز بها من يطلعه على سره
وقيل لو لم يبتل العقل الذي هو أشرف البدن لاستمر العالم في أبهة العلم على التمرد فبذلك يستأنس إلى التذلل بعز العبودية والمتشابه هو موضع خضوع العقول لبارئها استسلاما واعترافا بقصورها
وفي ختم الآية بقوله تعالى وما يذكر إلا أولوا الألباب تعريض بالزائغين ومدح للراسخين يعني من لم يتذكر ويتعظ ويخالف هواه فليس من أولي العقول ومن ثم قال الراسخون ربنا لا تزغ قلوبنا . . . إلى آخر الآية فخضعوا لبارئهم لاستنزال العلم اللدني بعد أن إستعاذوا به من الزيغ النفساني
3778 - وقال الخطابي المتشابه على ضربين أحدهما ما إذا رد إلى المحكم

واعتبر به عرف معناه والآخر ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهو الذي يتبعه أهل الزيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه فيرتابون فيه فيفتتنون
3779 - وقال ابن الحصار قسم الله آيات القرآن إلى محكم ومتشابه وأخبر عن المحكمات أنها أم الكتاب لأن إليها ترد المتشابهات وهي التي تعتمد في فهم مراد الله من خلقه في كل ما تعبدهم به من معرفته وتصديق رسله وإمتثال أوامره واجتناب نواهيه وبهذا الإعتبار كانت أمهات
ثم أخبر عن الذين في قلوبهم زيغ أنهم هم الذين يتبعون ما تشابه منه ومعنى ذلك أن من لم يكن على يقين من المحكمات وفي قلبه شك واسترابة كانت راحته في تتبع المشكلات المتشابهات ومراد الشارع منها التقدم إلى فهم المحكمات وتقديم الأمهات حتى إذا حصل اليقين ورسخ العلم لم تبال بما أشكل عليك
ومراد هذا الذي في قلبه زيغ التقدم إلى المشكلات وفهم المتشابه قبل فهم الأمهات وهو عكس المعقول والمعتاد والمشروع ومثل هؤلاء مثل المشركين الذين يقترحون على رسلهم آيات غير الآيات التي جاءوا بها ويظنون أنهم لو جاءتهم آيات أخر لآمنوا عندها جهلا منهم وما علموا أن الإيمان بإذن الله تعالى
إنتهى
3780 - وقال الراغب في مفردات القرآن الآيات عند إعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب
محكم على الإطلاق ومتشابه على الإطلاق ومحكم من وجه متشابه من وجه
فالمتشابه بالجملة ثلاثة أضرب
متشابه من جهة اللفظ فقط ومن جهة المعنى فقط ومن جهتهما
فالأول ضربان أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة إما من جهة الغرابة نحو الأب و يزفون أو الاشتراك كاليد واليمين
وثانيهما يرجع إلى جملة الكلام المركب وذلك ثلاثة أضرب
ضرب لاختصار الكلام نحو وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم

وضرب لبسطه نحو ليس كمثله شيء لأنه لو قيل ليس مثله شيء كان أظهر للسامع
وضرب لنظم الكلام نحو أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما تقديره أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا
والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة فإن تلك الأوصاف لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه أو ليس من جنسه
والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب
الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو فاقتلوا المشركين والثاني من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء
والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو اتقوا الله حق تقاته
والرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إنما النسيء زيادة في الكفر فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية
الخامس من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد كشروط الصلاة والنكاح
قال وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب
ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة ونحو ذلك
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة والأحكام الغلقة

وضرب متردد بين الأمرين يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم ويخفى على من دونهم وهو المشار إليه بقوله لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل
وإذا عرفت هذه الجهة عرفت أن الوقف على قوله وما يعلم تأويله إلا الله ووصله بقوله والراسخون في العلم جائز وأن لكل واحد منهما وجها حسبما دل عليه التفصيل المتقدم
إنتهى
3781 - وقال الإمام فخر الدين صرف اللفظ عن الراجح إلى المرجوح لا بد فيه من دليل منفصل وهو إما لفظي أو عقلي
والأول لا يمكن إعتباره في المسائل الأصولية لأنه لا يكون قاطعا لأنه موقوف على إنتفاء الاحتمالات العشرة المعروفة وإنتفاؤها مظنون والموقوف على المظنون مظنون والظني لا يكتفي به في الأصول
وأما العقلي فإنما يفيد صرف اللفظ من ظاهره لكونه الظاهر محالا وأما إثبات المعنى المراد فلا يمكن بالعقل لأن طريق ذلك ترجيح مجاز على مجاز وتأويل على تأويل وذلك الترجيح لا يمكن إلا بالدليل اللفظي والدليل اللفظي في الترجيح ضعيف لا يفيد إلا الظن والظن لا يعول عليه في المسائل الأصولية القطعية فلهذا اختار الأئمة المحققون من السلف والخلف بعد إقامة الدليل القاطع على أن حمل اللفظ على ظاهره محال ترك الخوض في تعيين التأويل
انتهى
وحسبك بهذا الكلام من الإمام
2 - فصل
3782 - من المتشابه آيات الصفات ولابن اللبان فيها تصنيف مفرد نحو الرحمن على العرش استوى كل شيء هالك إلا وجهه ويبقى وجه ربك ولتصنع على عيني يد الله فوق أيديهم والسموات مطويات بيمينه

3783 - وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها
3784 - أخرج أبو القاسم اللالكائي في السنن عن طريق قرة بن خالد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى قالت الكيف غير معقول والإستواء غير مجهول والإقرار به من الإيمان والجحود به كفر
3785 - وأخرج أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن قوله الرحمن على العرش استوى فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق
3786 - وأخرج أيضا عن مالك أنه سئل عن الآية فقال الكيف غير معقول والإستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
3787 - وأخرج البيهقي عنه أنه قال هو كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف
مرفوع
3788 - وأخرج اللالكائي عن محمد بن الحسن قال إتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه
3789 - وقال الترمذي في الكلام على حديث الرؤية المذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم قالوا نروي هذه الأحاديث كما جاءت ونؤمن بها ولا يقال كيف ولا نفسر ولا نتوهم
3790 - وذهبت طائفة من أهل السنة على أننا نؤولها على ما يليق بجلاله تعالى وهذا مذهب الخلف
وكان إمام الحرمين يذهب إليه ثم رجع عنه فقال في الرسالة النظامية الذي نرتضيه دينا وندين الله به عقدا إتباع سلف الأمة فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعانيها
3791 - وقال ابن الصلاح على هذه الطريقة مضى صدر الأمة وساداتها

وإياها اختار أئمة الفقهاء وقاداتها وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصدق عنها ويأباها
3792 - واختار ابن برهان مذهب التأويل قال ومنشأ الخلاف بين الفريقين هل يجوز أن يكون في القرآن شيء لم نعلم معناه أو لا بل يعلمه الراسخون في العلم
3792 - م وتوسط ابن دقيق العيد فقال إذا كان التأويل قريبا من لسان العرب لم ينكر أو بعيدا توقفنا عنه وآمنا بمعناه على الوجه الذي أريد به مع التنزيه قال وما كان معناه من هذه الألفاظ ظاهرا مفهوما من تخاطب العرب قلنا به من غير توقيف كما في قوله تعالى يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله فنحمله على حق الله وما يجب له
ذكر ما وقفت عليه من تأويل الآية المذكورة على طريقة أهل السنة 3793 - من ذلك صفة الاستواء وحاصل ما رأيت فيها سبعة أجوبة
أحدها حكى مقاتل والكلبي عن ابن عباس أن استوى بمعنى استقر وهذا إن صح يحتاج إلى تأويل فإن الاستقرار يشعر بالتجسيم
3794 - ثانيها أن استوى بمعنى استولى ورد بوجهين
أحدهما أن الله تعالى مستول على الكونين والجنة والنار وأهلهما فأي فائدة في تخصيص العرش
والآخر أن الاستيلاء إنما يكون بعد قهر وغلبة والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك
3795 - أخرج اللالكائي في السنة عن ابن الأعرابي أنه سئل عن معنى استوى فقال هو على عرشه كما أخبر فقيل يا أبا عبد الله معناه استولى قال اسكت لا يقال استولى على الشيء إلا إذا كان له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل استولى
3796 - ثالثها أنه بمعنى صعد قاله أبو عبيد ورد بأنه تعالى منزه عن الصعود أيضا

3797 - رابعها أن التقدير الرحمن علا أي إرتفع من العلو والعرش له استوى
حكاه إسماعيل الضرير في تفسيره
ورد بوجهين أحدهما أنه جعل على فعلا وهي حرف هنا بإتفاق فلو كانت فعلا لكتبت بالألف كقوله علا في الأرض
والآخر أنه رفع العرش ولم يرفعه أحد من القراء
3798 - خامسها أن الكلام تم عند قوله الرحمن على العرش ثم ابتدأ بقوله استوى له ما في السموات وما في الأرض
ورد بأنه يزيل الآية عن نظمها ومرادها
قلت ولا يتأتى له في قوله ثم استوى على العرش
3799 - سادسها أن معنى استوى أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه كقوله ثم استوى إلى السماء وهي دخان أي قصد وعمد إلى خلقها قاله الفراء والأشعري وجماعة أهل المعاني
وقال إسماعيل الضرير إنه الصواب
قلت يبعده تعديته بعلى ولو كان كما ذكروه لتعدى بإلى كما في قوله ثم استوى إلى السماء
3800 - سابعها قال ابن اللبان الاستواء المنسوب إليه تعالى بمعنى اعتدل أي قام بالعدل كقوله تعالى قائما بالقسط والعدل هو إستواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونا بحكمته البالغة
3801 - ومن ذلك النفس في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ووجه بأنه خرج على سبيل المشاكله مرادا به الغيب لأنه مستتر كالنفس
3802 - وقوله ويحذركم الله نفسه أي عقوبته وقيل إياه
3803 - وقال السهيلي النفس عبارة عن حقيقة الوجود دون معنى زائد وقد استعمل من لفظة النفاسة والشيء النفيس فصلحت للتعبير عنه سبحانه وتعالى

3804 - وقال ابن اللبان أولها العلماء بتأويلات منها أن النفس عبر بها عن الذات قال وهذا وإن كان سائغا في اللغة ولكن تعدي الفعل إليها بفي المفيدة للظرفية محال عليه تعالى
وقد أولها بعضهم بالغيب أي ولا أعلم ما في غيبك وسرك قال وهذا حسن لقوله في آخر الآية إنك أنت علام الغيوب
3805 - ومن ذلك الوجه وهو مؤول بالذات
وقال ابن اللبان في قوله يريدون وجهه إنما نطعمكم لوجه الله إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى المراد إخلاص النية
3806 - وقال غيره في قوله فثم وجه الله أي الجهة التي أمر بالتوجه إليها
3807 - ومن ذلك العين وهي مؤولة بالبصر أو الإدراك
بل قال بعضهم إنها حقيقة في ذلك خلافا لتوهم بعض الناس أنها مجاز وإنما المجاز في تسمية العضو بها
3808 - وقال ابن اللبان نسبة العين إليه تعالى اسم لآياته المبصرة التي بها سبحانه ينظر للمؤمنين وبها ينظرون إليه قال تعالى فلما جاءتهم آياتنا مبصرة نسب البصر للآيات على سبيل المجاز تحقيقا لأنها المرادة بالعين المنسوبة إليه وقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها قال فقوله واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا أي بآياتنا تنظر بها إلينا وننظر بها إليك قال ويؤيد أن المراد بالأعين هنا الآيات كونه علل بها الصبر لحكم ربه صريحا في قوله إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك قال وقوله في سفينة نوح تجري بأعيننا أي بآياتنا بدليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها وقال ولتصنع على عيني أي على حكم آيتي التي أوحيتها إلى أمك أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم . . . الآية
إنتهى

وقال غيره المراد في الآيات كلاءته تعالى وحفظه
3809 - ومن ذلك اليد في قوله لما خلقت بيدي يد الله فوق أيديهم مما عملت أيدينا وأن الفضل بيد الله وهي مؤولة بالقدرة
3809 - م وقال السهيلي اليد في الأصل كالبصر عبارة عن صفة لموصوف ولذلك مدح سبحانه وتعالى بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله أولي الأيدي والأبصار ولم يمدحهم بالجوارح لأن المدح إنما يتعلق بالصفات لا بالجواهر قال ولهذا قال الأشعري إن اليد صفة ورد بها الشرع
والذي يلوح من معنى هذه الصفة أنها قريبة من معنى القدرة إلا أنها أخص والقدرة أعم كالمحبة مع الإرادة والمشيئة فإن في اليد تشريفا لازما
3810 - وقال البغوي في قوله بيدي في تحقيق الله التثنية في اليد دليل على أنها ليست بمعنى القدرة والقوة والنعمة وإنما هما صفتان من صفات ذاته
3811 - وقال مجاهد اليد ها هنا صلة وتأكيد كقوله ويبقى وجه ربك قال البغوي وهذا تأويل غير قوي لأنها لو كانت صلة لكان لإبليس أن يقول إن كنت خلقته فقد خلقتني وكذلك في القدرة والنعمة لا يكون لآدم في الخلق مرية على إبليس
3812 - وقال ابن اللبان فإن قلت فما حقيقة اليدين في خلق آدم قلت الله أعلم بما أراد ولكن الذي إستثمرته من تدبر كتابه أن اليدين إستعارة لنور قدرته القائم بصفة فضله ولنورها القائم بصفة عدله
ونبه على تخصيص آدم وتكريمه بأن جمع له في خلقه بين فضله وعدله
قال وصاحبة الفضل هي اليمين التي ذكرها في قوله والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى
3813 - ومن ذلك الساق في قوله يوم يكشف عن ساق ومعناه عن

شدة وأمر عظيم كما يقال قامت الحرب على ساق
3814 - أخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله يوم يكشف عن ساق قال إذا خفى عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر
اصبر عناق إنه شر باق ... قد سن لي قومك ضرب الأعناق
وقامت الحرب بنا على ساق ...
قال ابن عباس هذا يوم كرب وشدة
3815 - ومن ذلك الجنب في قوله تعالى على ما فرطت في جنب الله أي في طاعته وحقه لأن التفريط إنما يقع في ذلك ولا يقع في الجنب المعهود
3816 - ومن ذلك صفة القرب في قوله فإني قريب ونحن أقرب إليه من حبل الوريد أي بالعلم
3817 - ومن ذلك صفة الفوقية في قوله وهو القاهر فوق عباده يخافون ربهم من فوقهم والمراد بها العلو من غير جهة وقد قال فرعون وإنا فوقهم قاهرون ولا شك أنه لم يرد العلو المكاني
3818 - ومن ذلك صفة المجيء في قوله وجاء ربك أو يأتي ربك أي أمره لأن الملك إنما يأتي بأمره أو بتسليطه كما قال تعالى وهم بأمره يعملون فصار كما لو صرح به
3819 - وكذا قوله فاذهب أنت وربك فقاتلا أي اذهب بربك أي بتوفيقه وقوته
3820 - ومن ذلك صفة الحب في قوله يحبهم ويحبونه فاتبعوني يحببكم الله

3821 - وصفة الغضب في قوله وغضب الله عليهم
3822 - وصفة الرضا في قوله رضي الله عنهم
3823 - وصفة العجب في قوله بل عجبت بضم التاء وقوله وإن تعجب فعجب قولهم
3824 - وصفة الرحمة في آيات كثيرة
3825 - وقد قال العلماء كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تعالى تفسر بلازمها
3826 - قال الإمام فخر الدين جميع الأعراض النفسانية أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء لها أوائل ولها غايات مثاله الغضب فإن أوله غليان دم القلب وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب بل على غرضه الذي هو إرادة الإضرار وكذلك الحياء له أول وهو إنكسار يحصل في النفس وله غرض وهو ترك الفعل فلفظ الحياء في حق الله يحمل على ترك الفعل لا على إنكسار النفس
إنتهى
3827 - وقال الحسين بن الفضل العجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه
3828 - وسئل الجنيد عن قوله وإن تعجب فعجب قولهم فقال إن الله لا يعجب من شيء ولكن الله وافق رسوله فقال وإن تعجب فعجب قولهم أي هو كما تقول
3829 - ومن ذلك لفظه عند في قوله تعالى عند ربك و من عنده ومعناهما الإشارة إلى التمكين والزلفى والرفعة
3830 - ومن ذلك قوله وهو معكم أينما كنتم أي بعلمه وقوله وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم

3831 - قال البيهقي الأصح أن معناه أنه المعبود في السموات وفي الأرض مثل قوله وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله
3832 - وقال الأشعري الظرف متعلق ب يعلم أي عالم بما في السموات والأرض
3833 - ومن ذلك قوله سنفرغ لكم أيها الثقلان أي سنقصد لجزائكم
تنبيه 3834 - قال ابن اللبان ليس من المتشابه قوله تعالى إن بطش ربك لشديد لأنه فسره بعده بقوله إنه هو يبديء ويعيد تنبيها على أن بطشه عبارة عن تصرفه في بدئه وإعادته وجميع تصرفاته في مخلوقاته
فصل 3835 - ومن المتشابه أوائل السور والمختار فيها أيضا أنها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله تعالى أخرج ابن المنذر وغيره عن الشعبي أنه سئل عن فواتح السور فقال إن لكل كتاب سرا وإن سر هذا القرآن فواتح السور
3836 - وخاض في معناها آخرون فأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق أبي الضحى عن ابن عباس في قوله الم قال أنا الله أعلم وفي قوله المص قال أنا الله أفصل وفي قوله الر أنا الله أرى
3837 - وأخرج من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله الم و حم و ن قال اسم مقطع
3838 - وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الر و حم و ن حروف الرحمن مفرقة
3839 - وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال الر من الرحمن
3840 - وأخرج عنه أيضا قال المص الألف من الله والميم من الرحمن والصاد من الصمد

3841 - وأخرج أيضا عن الضحاك في قوله المص قال أنا الله الصادق وقيل المص معناه المصور وقيل الر معناه أنا الله أعلم وأرفع حكاهما الكرماني في غرائبه
3842 - وأخرج الحاكم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في كهيعص قال الكاف من كريم والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق
3843 - وأخرج الحاكم أيضا من وجه آخر عن سعيد عن ابن عباس في قوله كهيعص قال كاف هاد أمين عزيز صادق
3844 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله كهيعص قال هو هجاء مقطع الكاف من الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور
3845 - وأخرج عن محمد بن كعب مثله إلا أنه قال والصاد من الصمد
3846 - وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه من وجه آخر عن سعيد عن ابن عباس في قوله كهيعص قال كبير هاد أمين عزيز صادق
3847 - وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله كهيعص قال الكاف الكافي والهاء الهادي والعين العالم والصاد الصادق
3848 - وأخرج من طريق يوسف بن عطية قال سئل الكلبي عن كهيعص فحدث عن أبي صالح عن أم هانىء عن رسول الله قال كاف هاد أمين عالم صادق
3849 - وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله كهيعص قال يقول أنا الكبير الهادي علي أمين صادق
3850 - وأخرج عن محمد بن كعب في قوله طه قال الطاء من ذي الطول وأخرج عنه أيضا في قوله طسم قال الطاء في ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن

3851 - وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله حم قال حاء اشتقت من الرحمن وميم اشتقت من الرحيم
3852 - وأخرج عن محمد بن كعب في قوله حمعسق قال الحاء والميم من الرحمن والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر
3853 - وأخرج عن مجاهد قال فواتح السور كلها هجاء مقطع
3854 - وأخرج عن سالم بن عبد الله قال الم و حم و ن ونحوها اسم الله مقطعة
3855 - وأخرج عن السدي قال فواتح السور أسماء من أسماء الرب جل جلاله فرقت في القرآن
3856 - وحكى الكرماني في قوله ق إنه حرف من اسمه قادر وقاهر
3857 - وحكى غيره في قوله ن إنه مفتاح اسمه تعالى نور وناصر
3858 - وهذه الأقوال كلها راجعة إلى قول واحد وهو إنها حروف مقطعة كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية قال الشاعر
قلت لها قفي فقالت قاف ...
أي وقفت
3859 - وقال
بالخير خيرات وإن شرا فا ... ولا أريد الشر إلا أن تا
أراد وإن شرا فشر وإلا أن تشاء
3860 - وقال
ناداهم ألا الجموا ألا تا ... قالوا جميعا كلهم ألافا
أراد ألا تركبون ألا فاركبوا
3861 - وهذا القول اختاره الزجاج وقال العرب تنطق بالحرف الواحد تدل

عليه به على الكلمة التي هو منها
وقيل إنها الاسم الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها
كذا نقله ابن عطية
3862 - وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابن مسعود قال هو اسم الله الأعظم
3863 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي أنه بلغه عن ابن عباس قال الم
اسم من أسماء الله الأعظم
3864 - وأخرج ابن جرير وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الم و طسم و ص وأشباهها قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله وهذا يصلح أن يكون قولا ثالثا أي أنها برمتها أسماء الله ويصلح أن يكون من القول الأول ومن الثاني
وعلى الأول مشى ابن عطية وغيره
3865 - ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه في تفسيره من طريق نافع بن أبي نعيم القارئ عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول يا كهيعص اغفر لي
3866 - وما أخرجه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله كهيعص قال يا من يجير ولا يجار عليه
3867 - وأخرج عن أشهب قال سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى ب يس فقال ما أراه ينبغي لقول الله يس والقرآن الحكيم يقول هذا اسم تسميت به
3868 - وقيل هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر أخرجه عبد الرزاق عن قتادة
3869 - وأخرجه ابن أبي حاتم بلفظ كل هجاء في القرآن فهو اسم من أسماء القرآن
3870 - وقيل هي أسماء للسور نقله الماوردي وغيره عن زيد بن أسلم ونسبه صاحب الكشاف إلى الأكثر
3871 - وقيل هي فواتح للسور كما يقولون في أول القصائد بل و لا بل
3872 - أخرج ابن جرير من طريق الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الم و حم و المص و ص ونحوها فواتح افتتح الله بها القرآن

3873 - وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن جريج قال قال مجاهد الم و المر فواتح افتتح الله بها القرآن
قلت ألم يكن يقول هي أسماء قال لا
3874 - وقيل هذا حساب أبي جاد لتدل على مدة هذه الأمة
3875 - وأخرج ابن إسحاق عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رياب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله وهو يتلو فاتحة سورة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه فأتى أخاه حيي ابن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب قال أنت سمعته قال نعم فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله فقالوا ألم تذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك الم ذلك الكتاب فقال بلى فقالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفندخل في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ثم قال يا محمد هل مع هذا غيره قال نعم المص قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد ستون فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة هل مع هذا غيره قال نعم الر قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان هذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة
هل مع هذه غيره قال نعم المر قال هذه أثقل وأطول هذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قال قوموا عنه
ثم قال أبو ياسر لأخيه ومن معه ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين
فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات أخرجه ابن جرير من هذا الطريق وابن المنذر ومن وجه آخر عن ابن جرير معضلا

3876 - وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الم قال هذه الأحرف الثلاثة من الأحرف التسعة والعشرين دارت بها الألسن ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه تعالى وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم فالألف مفتاح اسمه الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون
3877 - قال الخويي وقد استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى الم غلبت الروم أن البيت المقدس تفتحه المسلمون في سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة ووقع كما قاله
3878 - وقال السهيلي لعل عدد الحروف التي في أوائل السور مع حذف المكرر للإشارة إلى مدة بقاء هذه الأمة
3879 - قال ابن حجر وهذا باطل لا يعتمد عليه فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة
3880 - وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور
3881 - وقد تحصل لي فيها عشرون قولا وأزيد ولا أعرف أحدا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم
والذي أقوله إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولا متداولا بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي بل تلى عليهم حم فصلت و ص وغيرهما فلم ينكروا ذلك بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تشوفهم إلى عثرة وغيرها وحرصهم على زلة فدل على أنه كان أمرا معروفا بينهم لا إنكار فيه
انتهى
3882 - وقيل وهي تنبيهات كما في النداء عده ابن عطية مغايرا للقول بأنها فواتح والظاهر أنه بمعناه
3883 - قال أبو عبيدة الم افتتاح كلام

3884 - وقال الخويي القول بأنها تنبيهات جيد لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة فينبغي أن يرد على سمع متنبه فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي في عالم البشر مشغولا فأمر جبريل بأن يقول عند نزوله الم و الر و حم ليسمع النبي صوت جبريل فيقبل عليه ويصغي إليه
قال وإنما لم تستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه كألا وأما لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم والقرآن كلام لا يشبه الكلام فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد لتكون أبلغ في قرع سمعه
انتهى
3885 - وقيل إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سببا لاستماعهم واستماعهم له سببا لاستماع ما بعده فترق القلوب وتلين الأفئدة
وعد هذا جماعة قولا مستقلا والظاهر خلافه وإنما يصلح هذا مناسبة لبعض الأقوال لا قولا في معناه إذ ليس فيه بيان معنى
3886 - وقيل إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي أ ب ت ث . . فجاء بعضها مقطعا وجاء تمامها مؤلفا ليدل القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفونها فيكون ذلك تعريفا لهم ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله بعد أن علموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها ويبنون كلامهم منها
وقيل المقصود بها الإعلام بالحروف التي يتركب منها الكلام فذكر منها أربعة عشر حرفا وهي نصف جميع الحروف وذكر من كل جنس نصفه
فمن حرف الحلق الحاء والعين والهاء
ومن التي فوقها القاف والكاف
ومن الحرفين الشفهيين الميم
ومن المهموسة السين والحاء والكاف والصاد والهاء
ومن الشديدة الهمزة والطاء والقاف والكاف
ومن المطبقة الطاء والصاد
ومن المجهورة الهمزة والميم واللام والعين والراء والطاء والقاف والياء والنون ومن المنفتحة الهمزة والميم والراء والكاف والهاء والعين والسين والحاء والقاف والياء والنون ومن المستعلية القاف والصاد والطاء
ومن المنخفضة الهمزة واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون
ومن القلقلة القاف والطاء

ثم إنه تعالى ذكر حروفا مفردة وحرفين حرفين وثلاثة ثلاثة وأربعة وخمسة لأن تراكيب الكلام على هذا النمط ولا زيادة على الخمسة
3887 - وقيل هي أمارة جعلها الله لأهل الكتاب إنه سينزل على محمد كتابا في أول سور منه حروف مقطعة
3888 - هذا ما وقفت عليه من الأقوال في أوائل السور من حيث الجملة وفي بعضها أقوال أخر فقيل إن طه ويس بمعنى يا رجل أو يا محمد أو يا إنسان وقد تقدم في المعرب
3889 - وقيل هما اسمان من أسماء النبي
3890 - قال الكرماني في غرائبه ويقويه في يس قراءة يسن بفتح النون وقوله آل ياسين
وقيل طه أي طأ الأرض أو اطمئن فيكون فعل أمر والهاء مفعول أو للسكت أو مبدلة من الهمزة
3891 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله طه هو كقولك افعل
وقيل طه أي يا بدر لأن الطاء بتسعة والهاء بخمسة فذلك أربعة عشر إشارة إلى البدر لأنه يتم فيها
ذكره الكرماني في غرائبه
3892 - وقيل في قوله يس أي يا سيد المرسلين وفي قوله ص معناه صدق الله
3893 - وقيل أقسم بالصمد الصانع الصادق وقيل معناه صاد يا محمد عملك بالقرآن أي عارضه به فهو أمر من المصاداة
3894 - وأخرج عن الحسين قال صاد حادث القرآن يعني انظر فيه
3895 - وأخرج عن سفيان بن حسين قال كان الحسن يقرؤها صاد والقرآن يقول عارض القرآن
3896 - وقيل ص اسم بحر عليه عرش الرحمن وقيل اسم بحر يحيي به الموتى
3897 - وقيل معناه صاد محمد قلوب العباد حكاها الكرماني كلها
3898 - وحكى في قوله المص أي معناه ألم نشرح لك صدرك وفي

حم أنه وقيل معناه حم ما هو كائن وفي حمعسق أنه جبل قاف وقيل ق جبل محيط بالأرض
أخرجه عبد الرزاق عن مجاهد
3899 - وقيل أقسم بقوة قلب محمد وقيل هي الكاف من قوله قضي الأمر دلت على بقية الكلمة
3900 - وقيل معناها قف يا محمد على أداء الرسالة والعمل بما أمرت حكاهما الكرماني
3901 - وقيل ن هو الحوت
أخرج الطبراني عن ابن عباس مرفوعا أول ما خلق الله القلم والحوت
قال اكتب قال ما أكتب قال كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ ن والقلم فالنون الحوت والقاف القلم
3902 - وقيل هو اللوح المحفوظ أخرجه ابن جرير من مرسل ابن قرة مرفوعا
3903 - وقيل هو الدواة أخرجه عن الحسن وقتادة
3904 - وقيل هو المداد حكاه ابن قرصة في غريبه
3905 - وقيل هو القلم حكاه الكرماني عن الجاحظ
3906 - وقيل هو اسم من أسماء النبي حكاه ابن عساكر في مبهماته
3907 - وفي المحتسب لابن جني أن ابن عباس قرأ حمسق بلا عين ويقول السين كل فرقة تكون والقاف كل جماعة تكون
3908 - قال ابن جنى وفي هذه القراءة دليل على أن الفواتح فواصل بين السور ولو كانت أسماء الله لم يجز تحريف شيء منها لأنها لا تكون حينئذ أعلاما والأعلام تؤدى بأعيانها ولا يحرف شيء منها
3909 - وقال الكرماني في غرائبه في قوله تعالى الم أحسب الناس الاستفهام هنا يدل على انقطاع الحروف عما بعدها في هذه السورة وغيرها
خاتمة 3910 - أورد بعضهم سؤالا وهو أنه هل للمحكم مزية على المتشابه أو لا فإن قلتم بالثاني فهو خلاف الإجماع أو بالأول فقد نقضتم أصلكم في أن جميع كلام

الله سبحانه وتعالى سواء وأنه منزل بالحكمة
3911 - وأجلب أبو عبد الله البكراباذي بأن المحكم كالمتشابه من وجه ويخالفه من وجه فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع وأنه لا يختار القبيح ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه فمن سمعه أمكنه أن يستدل به في الحال والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق ولأن المحكم أصل والعلم بالأصل أسبق ولأن المحكم يعلم مفصلا والمتشابه لا يعلم إلا مجملا
3912 - وقال بعضهم إن قيل ما الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده به البيان والهدى قلت إن كان مما يمكن علمه فله فوائد
منها الحث للعلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائقه فإن استدعاء الهمم لمعرفة ذلك من أعظم القرب
ومنها ظهور التفاضل وتفاوت الدرجات إذ لو كان القرآن كله محكما لا يحتاج إلى تأويل ونظر لاستوت منازل الخلق ولم يظهر فضل العالم على غيره
3913 - وإن كان مما لا يمكن علمه فله فوائد
منها ابتلاء العباد بالوقوف عنده والتوقف فيه والتفويض والتسليم والتعبد بالاشتغال به من جهة التلاوة كالمنسوخ وإن لم يجز العمل بما فيه وإقامة الحجة عليهم لأنه لما نزل بلسانهم ولغتهم وعجزوا عن الوقوف على معناه مع بلاغتهم وأفهامهم دل على أنه نزل من عند الله وأنه الذي أعجزهم عن الوقوف على معناه
3914 - وقال الإمام فخر الدين من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات وقال إنكم تقولون إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه فالجبري متمسك بآيات الجبر كقوله تعالى وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا والقدري يقول هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى ذلك عنهم في معرض الذم في قوله وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر

وفي موضع آخر وقالوا قلوبنا غلف
ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى لا تدركه الأبصار
ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى يخافون ربهم من فوقهم الرحمن على العرش استوى والنافي متمسك بقوله تعالى ليس كمثله شيء
ثم يسمى كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة والآيات المخالفة له متشابهة وإنما آل في ترجيح بعضها على البعض إلى ترجيحات خفية ووجوه ضعيفة فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كل الدين إلى يوم القيامة هكذا
قال والجواب أن العلماء ذكروا لوقوع المتشابه فيه فوائد
منها أنه يوجب المشقة في الوصول إلى المراد وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب
ومنها أنه لو كان القرآن كله محكما لما كان مطابقا إلا لمذهب واحد وكان بصريحه مبطلا لكل ما سوى ذلك المذهب وذلك مما ينفر أرباب سائر المذاهب عن قبوله وعن النظر فيه والانتفاع به فإذا كان مشتملا على المحكم والمتشابه طمع صاحب كل مذهب أن يجد فيه ما يؤيد مذهبه وينصر مقالته فينظر فيه جميع أرباب المذاهب ويجتهد في التأمل فيه صاحب كل مذهب وإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمات مفسرة للمتشابهات وبهذا الطرق يتخلص المبطل من باطله ويتصل إلى الحق
ومنها أن القرآن إذا كان مشتملا على المتشابه افتقر إلى العلم بطريق التأويلات وترجيح بعضها على بعض وافتقر في تعلم ذلك إلى تحصيل علوم كثيرة من علم اللغة والنحو والمعاني والبيان وأصول الفقه ولو لم يكن الأمر كذلك لم يحتج إلى تحصيل هذه العلوم الكثيرة فكان في إيراد المتشابه هذه الفوائد الكثيرة
ومنها أن القرآن مشتمل على دعوة الخواص والعوام وطبائع العوام تنفر في

أكثر الأمر عن درك الحقائق فمن سمع من العوام في أول الأمر إثبات موجود ليس بجسم ولا متحيز ولا مشار إليه ظن أن هذا عدم ونفي فوقع التعطيل فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما توهموه وتخيلوه ويكون ذلك مخلوطا بما يدل على الحق الصريح فالقسم الأول وهو الذي يخاطبون به في أول الأمر يكون من المتشابهات والقسم الثاني وهو الذي يكشف لهم في آخر الأمر من المحكمات


النوع الرابع والأربعون
في مقدمه ومؤخره وهو قسمان
3915 - الأول ما أشكل معناه بحسب الظاهر فلما عرف أنه من باب التقديم والتأخير اتضح
وهو جدير أن يفرد بالتصنيف وقد تعرض السلف لذلك في آيات
3916 - فأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا قال هذا من تقاديم الكلام يقول لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة
3917 - وأخرج عنه أيضا في قوله تعالى ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال هذا من مقاديم الكلام يقول لولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما
3918 - وأخرج عن مجاهد في قوله تعالى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما قال هذا من التقديم والتأخير أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا
3919 - وأخرج عن قتادة في قوله تعالى إني متوفيك ورافعك إلي قال هذا من المقدم والمؤخر أي رافعك إلي ومتوفيك
3920 - وأخرج عن عكرمة في قوله تعالى لهم عذاب شديد بما نسوا يوم

الحساب قال هذا من التقديم والتأخير يقول لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا
3921 - وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا قال هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي أذاعوا به إلا قليلا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير
3922 - وأخرج عن ابن عباس في قوله تعالى فقالوا أرنا الله جهرة قال إنهم إذا رأوا الله فقد رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال هو مقدم ومؤخر
قال ابن جرير يعني أن سؤالهم كان جهرة
3923 - ومن ذلك قوله وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها قال البغوي هذه أول القصة وإن كان مؤخرا في التلاوة
3924 - وقال الواحدي كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة وإنما أخر في الكلام لأنه تعالى لما قال إن الله يأمركم . . الآية علم المخاطبون أن البقرة لا تذبح إلا للدلالة على قاتل خفيت عينه عليهم فلما استقر علم هذا في نفوسهم أتبع بقوله وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها فسألتم موسى فقال إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
3925 - ومنه أرأيت من اتخذ إلهه هواه والأصل هواه إلهه لأن من اتخذ إلهه هواه غير مذموم فقدم المفعول الثاني للعناية به
3926 - وقوله والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى على تفسير أحوى بالأخضر
وجعله نعتا للمرعى أي أخرجه أحوى وأخر رعاية للفاصلة
3927 - وقوله وغرابيب سود والأصل سود غرابيب لأن الغربيب الشديد السواد
3928 - وقوله فضحكت فبشرناها . . أي فبشرناها فضحكت

3929 - وقوله ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه أي لهم بها وعلى هذا فالهم منفي عنه
3930 - الثاني ما ليس كذلك وقد ألف فيه العلامة شمس الدين بن الصائغ كتابه المقدمة في سر الألفاظ المقدمة قال فيه الحكمة الشائعة الذائعة في ذلك الاهتمام كما قال سيبويه في كتابه كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم وهم ببيانه أعنى
3931 - قال هذه الحكمة إجمالية وأما تفاصيل أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع
الأول التبرك كتقديم اسم الله تعالى في الأمور ذات الشأن ومنه قوله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا لعلم وقوله واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول . . . الآية
3932 - الثاني التعظيم كقوله ومن يطع الله والرسول إن الله وملائكته يصلون والله ورسوله أحق أن يرضوه
3933 - الثالث التشريف كتقديم الذكر على الأنثى نحو إن المسلمين والمسلمات . . . الآية والحر في قوله الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى والحي في قوله يخرج الحي من الميت الآية وما يستوى الأحياء ولا الأموات والخيل في قوله والخيل والبغال والحمير لتركبوها والسمع في قوله وعلى سمعهم وعلى أبصارهم وقوله إن السمع والبصر والفؤاد وقوله إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم حكى ابن عطية عن النقاش أنه استدل بها على تفضيل السمع والبصر ولذا وقع في وصفه تعالى سميع بصير بتقديم السميع
3934 - ومن ذلك تقديمه على نوح ومن معه في قوله وإذ أخذنا من

النبين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية وتقديم الرسول في قوله من رسول ولا نبي وتقديم المهاجرين في قوله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وتقديم الإنس على الجن حيث ذكرا في القرآن وتقديم النبيين ثم الصديقين ثم الشهداء ثم الصالحين في آية النساء وتقديم إسماعيل على إسحاق لأنه أشرف بكون النبي من ولده وأسن وتقديم موسى على هارون لاصطفائه بالكلام وقدم هارون عليه في سورة طه رعاية للفاصلة
وتقديم جبريل على ميكائيل في آية البقرة لأنه أفضل وتقديم العاقل على غيره في قوله متاعا لكم ولأنعامكم يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات
3935 - وأما تقديم الأنعام في قوله تأكل منه أنعامهم وأنفسهم فلأنه تقدم ذكر الزرع فناسب تقديم الأنعام بخلاف آية عبس فإنه تقدم فيها فلينظر الإنسان إلى طعامه فناسب تقديم لكم
وتقديم المؤمنين على الكفار في كل موضع وأصحاب اليمين على أصحاب الشمال والسماء على الأرض والشمس على القمر حيث وقع إلا في قوله خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا فقيل لمراعاة الفاصلة وقيل لأن انتفاع أهل السموات العائد عليهن الضمير به أكثر
3936 - وقال ابن الأنباري يقال إن القمر وجهه يضيء لأهل السموات وظهره لأهل الأرض ولهذا قال تعالى فيهن لما كان أكثر نوره يضيء إلى أهل السماء
3937 - ومنه تقديم الغيب على الشهادة في قوله عالم الغيب والشهادة لأن علمه أشرف وأما فإنه يعلم السر وأخفى فأخر فيه رعاية للفاصلة
3938 - الرابع المناسبة وهي إما مناسبة المتقدم لسياق الكلام كقوله ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون فإن الجمال بالجمال وإن كان ثابتا حالتي السراح والإراحة إلا أنها حالة إراحتها وهو مجيئها من المرعى آخر النهار يكون الجمال بها أفخر إذ هي فيه بطان وحالة سراحها للمرعى أول النهار

يكون الجمال بها دون الأول إذ هي فيه خماص
ونظيره قوله والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قدم نفي الإسراف لأن الشرف في الإنفاق
3939 - وقوله يريكم البرق خوفا وطمعا لأن الصواعق تقع مع أول برقة ولا يحصل المطر إلا بعد توالي البرقات
3940 - وقوله وجعلناها وابنها آية للعالمين قدمها على الابن لما كان السياق في ذكرها في قوله والتي أحصنت فرجها ولذلك قدم الابن في قوله وجعلنا ابن مريم وأمه آية وحسنه تقدم موسى في الآية قبله
3941 - ومنه قوله وكلا آتينا حكما وعلما قدم الحكم وإن كان العلم سابقا عليه لأن السياق فيه لقوله في أول الآية إذ يحكمان في الحرث
3942 - وإما مناسبة لفظ هو من التقدم أو التأخر كقوله الأول والآخر ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر بما قدم وأخر ثلة من الأولين وثلة من الآخرين لله الأمر من قبل ومن بعد له الحمد في الأولى والآخرة وأما قوله فلله الآخرة والأولى فلمراعاة الفاصلة وكذا قوله جمعناكم والأولين
3943 - الخامس الحث عليه والحض على القيام به حذرا من التهاون به كتقديم الوصية على الدين في قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين مع أن الدين مقدم عليها شرعا
3944 - السادس السبق وهو إما في الزمان باعتبار الإيجاد بتقديم الليل على النهار والظلمات على النور وآدم على نوح ونوح على إبراهيم وإبراهيم على موسى وهو على عيسى وداود على سليمان والملائكة على البشر في قوله الله

يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس وعاد على ثمود والأزواج على الذرية في قوله قل لأزواجك وبناتك
3945 - والسنة على النوم في قوله لا تأخذه سنة ولا نوم
3946 - أو باعتبار الإنزال كقوله صحف إبراهيم وموسى وأنزل التواراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان
3947 - أو باعتبار الوجوب والتكليف نحو اركعوا واسجدوا فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله ولهذا قال نبدأ بما بدأ الله به
3948 - أو بالذات نحو مثنى وثلاث ورباع ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم وكذا جميع الأعداد كل مرتبة هي متقدمة على ما فوقها بالذات
وأما قوله أن تقوموا لله مثنى وفرادى فللحث على الجماعة والاجتماع على الخير
3949 - السابع السببية كتقديم العزيز على الحكيم لأنه عز فحكم والعليم عليه لأن الإحكام والإتقان ناشئ عن العلم
وأما تقديم الحكيم عليه في سورة الأنعام فلأنه مقام تشريع الأحكام
3950 - ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في سورة الفاتحة لأنها سبب حصول الإعانة وكذا قوله يحب التوابين ويحب المتطهرين لأن التوبة سبب الطهارة لكل أفاك أثيم لأن الإفك سبب الإثم يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم لأن البصر داعية إلى الفرج
3951 - الثامن الكثرة كقوله فمنكم كافر ومنكم مؤمن لأن الكفار أكثر فمنهم ظالم لنفسه الآية قدم الظالم لكثرته ثم المقتصد ثم

السابق ولهذا قدم السارق على السارقة لأن السرقة في الذكور أكثر والزانية على الزاني لأن الزنى فيهن أكثر
3952 - ومنه تقديم الرحمة على العذاب حيث وقع في القرآن غالبا ولهذا ورد إن رحمتي غلبت غضبي
3953 - وقوله إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال ابن الحاجب في أماليه إنما قدم الأزواج لأن المقصود الإخبار أن فيهم أعداء ووقوع ذلك في الأزواج أكثر منه في الأولاد وكان أقعد في المعنى المراد فقدم ولذلك قدمت الأموال في قوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة لأن الأموال لا تكاد تفارقها الفتنة إن الإنسان ليطغى أن راه استغنى وليست الأولاد في استلزام الفتنة مثلها فكان تقديمها أولى
3954 - التاسع الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقوله ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها الآية بدأ بالأدنى لغرض الترقي لأن اليد أشرف من الرجل والعين أشرف من اليد والسمع أشرف من البصر
3955 - ومن هذا النوع تأخير الأبلغ وقد خرج عليه تقديم الرحمن على الرحيم والرءوف على الرحيم والرسول على النبي في قوله وكان رسولا نبيا وذكر لذلك نكت أشهرها مراعاة الفاصلة
3956 - العاشر التدلي من الأعلى إلى الأدنى وخرج عليه لا تأخذه سنة ولا نوم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون
3957 - هذا ما ذكره ابن الصائغ وذكر غيره أسبابا أخر منها كونه أدل

على القدرة وأعجب كقوله فمنهم من يمشي على بطنه الآية وقوله وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير قال الزمخشري قدم الجبال على الطير لأن تسخيرها له وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة وأدخل في الإعجاز لأنها جماد والطير حيوان ناطق
ومنها رعاية الفواصل وسيأتي لذلك أمثلة كثيرة
ومنها أفادة الحصر للاختصاص وسيأتي في النوع الخامس والخمسين
تنبيه 3958 - قد يقدم لفظ في موضع ويؤخر في آخر ونكتة ذلك إما لكون السياق في كل موضع يقتضي ما وقع فيه كما تقدمت الإشارة إليه وإما لقصد البداءة والختم به للاعتناء بشأنه كما في قوله يوم تبيض وجوه الآيات وإما لقصد التفنن في الفصاحة وإخراج الكلام على عدة أساليب كما في قوله وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة وقوله وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا
وقوله إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور
وقال في الأنعام قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس


النوع الخامس والأربعون
في عامه وخاصه 3959 - العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر وصيغته كل مبتدأة نحو كل من عليها فان أو تابعة نحو فسجد الملائكة كلهم أجمعون
3960 - والذي والتي وتثنيتهما وجمعهما نحو والذي قال لوالديه أف لكما فإن المراد به كل من صدر منه هذا القول بدليل قوله بعد أولئك الذين حق عليهم القول والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة للذين أحسنوا الحسنى وزيادة للذين اتقوا عند ربهم جنات واللائي يئسن من المحيض . . الآية واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا . . الآية واللذان يأتيانها منكم فآذوهما
3961 - وأي وما ومن شرطا واستفهاما وموصولا نحو أياما تدعو فله الأسماء الحسنى إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم من يعمل سوءا يجز به
3962 - والجمع المضاف نحو يوصيكم الله في أولادكم
والمعرف بأل نحو قد أفلح المؤمنون فاقتتلوا المشركين
3963 - واسم الجنس المضاف نحو فليحذر الذين يخالفون عن أمره أي كل أمر الله

3964 - والمعرف بأل نحو وأحل الله البيع أي كل بيع إن الإنسان لفي خسر أي كل إنسان بدليل إلا الذين آمنوا
3965 - والنكرة في سياق النفي والنهي نحو فلا تقل لهما أف وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ذلك الكتاب لا ريب فيه فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
وفي سياق الشرط نحو وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله
وفي سياق الإمتنان نحو وأنزلنا من السماء ماء طهورا
1 -
فصل 3966 - العام على ثلاثة أقسام
الأول الباقي على عمومه قال القاضي جلال الدين البلقيني ومثاله عزيز إذ مامن عام إلا ويتخيل فيه التخصيص فقوله يأيها الناس اتقوا ربكم قد يخص منه غير المتكلف و حرمت عليكم الميتة خص منها حالة الاضطرار وميتة السمك والجراد وحرم الربا خص منه العرايا
3967 - وذكر الزركشي في البرهان أنه كثير في القرآن وأورد منه وأن الله بكل شيء عليم إن الله لا يظلم الناس شيئا ولا يظلم ربك أحدا والله خلقكم من تراب ثم من نطفة الله الذي جعل لكم الأرض قرارا
3968 - قلت هذه الآيات كلها في غير الأحكام الفرعية فالظاهر أن مراد البلقيني أنه عزيز في الأحكام الفرعية وقد استخرجت من القرآن بعد الفكر آية فيها وهي قوله حرمت عليكم أمهاتكم . . الآية فإنه لا خصوص فيها
3969 - الثاني العام المراد به الخصوص
3970 - الثالث العام المخصوص وللناس بينهما فروق

أن الأول لم يرد شموله لجميع الأفراد لا من جهة تناول اللفظ ولا من جهة الحكم بل هو ذو أفراد استعمل في فرد منها
والثاني أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها لا من جهة الحكم
3971 - ومنها أن الأول مجاز قطعا لنقل اللفظ عن موضوعه الأصلي بخلاف الثاني فإن فيه مذاهب أصحها أنه حقيقة وعليه أكثر الشافعية وكثير من الحنفية وجميع الحنابلة ونقله إمام الحرمين عن جميع الفقهاء
3972 - وقال الشيخ أبو حامد إنه مذهب الشافعي وأصحابه وصححه السبكي لأن تناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بلا تخصيص وذلك التناول حقيقي اتفاقا فليكن هذا التناول حقيقيا أيضا
3973 - ومنها أن قرينة الأول عقلية والثاني لفظيه
3974 - ومنها أن قرينة الأول لا تنفك عنه وقرينة الثاني قد تنفك عنه
3975 - ومنها أن الأول يصح أن يراد به واحدا اتفاقا وفي الثاني خلاف
3976 - ومن أمثلة المراد به الخصوص قوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم والقائل واحد نعيم بن مسعود الأشجعي أو أعرابي من خزاعة كما أخرجه ابن مردويه من حديث أبي رافع لقيامه مقام كثير في تثبيط المؤمنين عن ملاقاة أبي سفيان
3977 - قال الفارسي ومما يقوي أن المراد به واحد قوله إنما ذلكم الشيطان فوقعت الإشارة بقوله ذلكم إلى واحد بعينه ولو كان المعنى جمعا لقال إنما أولئكم الشيطان فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ
3978 - ومنها قوله تعالى أم يحسدون الناس أي رسول الله لجمعه ما في الناس من الخصال الحميدة
3979 - ومنها قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس أخرج ابن جرير من

طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله من حيث أفاض الناس قال إبراهيم
3980 - ومن الغريب قراءة سعيد بن جبير من حيث أفاض الناسي قال في المحتسب يعني آدم لقوله فنسي ولم نجد له عزما
3981 - ومنها قوله تعالى فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أي جبريل كما في قراءة ابن مسعود
3982 - وأما المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جدا وهو أكثر من المنسوخ إذ ما من عام إلا وقد خص
ثم المخصص له إما متصل وإما منفصل
فالمتصل خمسة وقعت في القرآن
أحدها الاستثناء نحو والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا والشعراء يتبعهم الغاوون . . إلى قوله إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . الآية ومن يفعل ذلك يلق أثاما . . إلى قوله ألا من تاب والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كل شيء هالك إلا وجهه
3983 - الثاني الوصف نحو وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن
3984 - الثالث الشرط نحو والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية
3985 - الرابع الغاية نحو قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر . . إلى قوله حتى يعطوا الجزية ولا تقربوهن حتى يطهرن ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض . . الآية

3986 - والخامس بدل البعض من الكل نحو ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
والمنفصل آية أخرى في محل آخر أو حديث أو إجماع أو قياس
3987 - ومن أمثلة ما خص بالقرآن قوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء خص بقوله إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة وبقوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
3988 - وقوله حرمت عليكم الميتة والدم خص من الميتة السمك بقوله أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ومن الدم الجامد بقوله أو دما مسفوحا
3989 - وقوله وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا . . الآية خص بقوله تعالى فلا جناح عليهما فيما افتدت به
3990 - وقوله الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة خص بقوله فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب
3991 - وقوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء خص بقوله حرمت عليكم أمهاتكم . . الآية
3992 - ومن أمثلة ما خص بالحديث قوله تعالى وأحل الله البيع خص منه البيوع الفاسدة وهي كثيرة بالسنة وحرم الربا خص منه العرايا بالسنة
3993 - وآيات المواريث خص منها القاتل والمخالف في الدين بالسنة

3994 - وآية تحريم الميتة خص منها الجراد بالسنة وآية ثلاثة قروء خص منها الأمة بالسنة
3995 - وقوله ماء طهورا خص منه المتغير بالسنة
3996 - وقوله والسارق والسارقة فاقطعوا خص منه من سرق دون ربع دينار بالسنة
3997 - ومن أمثلة ما خص بالإجماع آية المواريث خص منها الرقيق فلا يرث بالإجماع ذكره مكي
3998 - ومن أمثلة ما خص بالقياس آية الزنا فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة خص منها العبد بالقياس على الأمة المنصوصة في قوله فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب المخصص لعموم الآية ذكره مكي أيضا
2 - فصل
3999 - من خاص القرآن ما كان مخصصا لعموم السنة وهو عزيز ومن أمثلته قوله تعالى حتى يعطوا الجزية خص عموم قوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله
4000 - وقوله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى خص عموم نهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة بإخراج الفرائض
4001 - وقوله ومن أصوافها وأوبارها . . الآية خص عموم قوله ما أبين من حي فهو ميت
4002 - وقوله والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم خص عموم قوله لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي
4003 - وقوله فقاتلوا التي تبغي خص عموم قوله إذا التقى المسلمان بالسيف فالقاتل والمقتول في النار


فروع منثورة تتعلق بالعموم والخصوص 4004 - الأول إذا سيق العام للمدح أو الذم فهل هو باق على عمومه فيه مذاهب أحدها نعم إذ لا صارف عنه ولا تنافي بين العموم وبين المدح أو الذم
والثاني لا لأنه لم يسق للتعميم بل للمدح أو للذم
والثالث وهو الأصح التفصيل فيعم إن لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك ولا يعم ' ن عارضه ذلك جمعا بينهما
مثاله ولا معارض قوله تعالى إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم
ومع المعارض قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنه سيق للمدح وظاهره يعم الأختين بملك اليمين جمعا وعارضه في ذلك وأن تجمعوا بين الأختين فإنه شامل لجمعهما بملك اليمين ولم يسق للمدح فحمل الأول على غير ذلك بأن لم يرد تناوله له
4005 - ومثاله في الذم والذين يكنزون الذهب والفضة . . الآية فإنه سيق للذم وظاهره يعم الحلي المباح وعارضه في ذلك حديث جابر ليس في لحلي زكاة فحمل الأول على غير ذلك
4006 - الثاني اختلف في الخطاب الخاص به نحو يأيها النبي يأيها الرسول هل يشمل الأمة فقيل نعم لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا والأصح في الأصول المنع لاختصاص الصيغة به
4007 - الثالث اختلف في الخطاب ب يأيها الناس هل يشمل الرسول على مذاهب أصحها وعليه الأكثرون نعم لعموم الصيغة له
4008 - أخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال إذا قال الله يأيها الذين آمنوا افعلوا فالنبي منهم
4009 - والثاني لا لأنه ورد على لسانه لتبليغ غيره ولما له من الخصائص

4010 - والثالث إن اقترن ب قل لم يشمله لظهوره في التبليغ وذلك قرينة عدم شموله وإلا فيشمله
4011 - الرابع الأصح في الأصول أن الخطاب يأيها الناس يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ
وقيل لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع ولا العبد لصرف منافعه إلى سيده شرعا
4012 - الخامس اختلف في من هل تتناول الأنثى فالأصح نعم خلافا للحنفية لنا قوله تعالى ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى فالتفسير بهما دال على تناول من لهما وقوله ومن يقنت منكن لله
4013 - واختلف في جمع المذكر السالم هل يتناولها فالأصح لا وإنما يدخلن فيه بقرينة أما المكسر فلا خلاف في دخولهن فيه
4014 - السادس اختلف في الخطاب يا أهل الكتاب هل يشمل المؤمنين فالأصح لا لأن اللفظ قاصر على من ذكر
وقيل إن شركوهم في المعنى شملهم وإلا فلا
واختلف في الخطاب يأيها الذين آمنوا هل يشمل أهل الكتاب فقيل لا بناء على أنهم غير مخاطبين بالفروع
وقيل نعم واختاره ابن السمعاني قال وقوله يأيها الذين آمنوا خطاب تشريف لا تخصيص


النوع السادس والأربعون
في مجمله ومبينه 4015 - المجمل مالم تتضح دلالته وهو واقع في القرآن خلافا لداود الظاهري وفي جواز بقائه مجملا أقوال أصحها لا يبقى المكلف بالعمل به بخلاف غيره
4016 - وللإجمال أسباب
منها الاشتراك نحو والليل إذا عسعس فإنه موضوع لأقبل وأدبر ثلاثة قروء فإن القرء موضوع للحيض والطهر أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يحتمل الزوج والولي فإن كلا منهما بيده عقدة النكاح
4017 - ومنها الحذف نحو وترغبون أن تنكحوهن يحتمل في و عن
4018 - ومنها اختلاف مرجع الضمير نحو إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يحتمل عود ضمير الفاعل في يرفعه إلى ما عاد عليه ضمير إليه وهو الله
ويحتمل عوده إلى العمل والمعنى أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب
ويحتمل عوده إلى الكلم الطيب أي أن الكلم الطيب وهو التوحيد يرفع العمل الصالح لأنه لا يصح العمل إلا مع الإيمان
4019 - ومنها احتمال العطف والاستئناف نحو إلا الله والراسخون في العلم يقولون

4020 - ومنها غرابة اللفظ نحو فلا تعضلوهن
4021 - ومنها عدم كثرة الاستعمال الآن نحو يلقون السمع أي يسمعون ثاني عطفه أي متكبرا فأصبح يقلب كفيه أي نادما
4022 - ومنها التقديم والتأخير نحو ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى أي ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما يسألونك كأنك حفي عنها أي يسألونك عنها كأنك حفي
4023 - ومنها قلب المنقول نحو وطور سينين أي سيناء على آل ياسين أي على الياس
4024 - ومنها التكرير القاطع لوصل الكلام في الظاهر نحو للذين استضعفوا لمن آمن منهم
فصل 4025 - قد يقع التبيين متصلا نحو من الفجر بعد قوله الخيط الأبيض من الخيط الأسود
4026 - ومنفصلا في آية أخرى نحو فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره بعد قوله الطلاق مرتان فإنها بينت أن المراد به الطلاق الذي يملك الرجعة بعده ولولاها لكان الكل منحصرا في الطلقتين
4027 - وقد أخرج أحمد وأبو داود في ناسخه وسعيد بن منصور وغيرهم عن أبي رزين الأسدي قال قال رجل يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة قال التسريح بإحسان
4028 - وأخرج ابن مردويه عن أنس قال قال رجل يا رسول الله ذكر الله الطلاق مرتين فأين الثالثة قال إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان

4029 - وقوله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة دال على جواز الرؤية ومفسر أن المراد بقوله لا تدركه الأبصار لا تحيط به دون لا تراه
4030 - وقد أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله لا تدركه الأبصار لا تحيط به
4031 - وأخرج عن عكرمة أنه قيل له عند ذكر الرؤية أليس قد قال لا تدركه الأبصار فقال ألست ترى السماء أفكلها ترى
4032 - وقوله أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم . . الآية فسره قوله حرمت عليكم الميتة
4033 - وقوله مالك يوم الدين فسره قوله وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك . . الآية
4034 - وقوله فتلقى آدم من ربه كلمات فسره قوله قالا ربنا ظلمنا أنفسنا . . الآية
4035 - وقوله وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا فسره قوله في آية النحل بالأنثى
4036 - وقوله وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال العلماء بيان هذا العهد قوله لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي . . إلى آخره فهذا عهده وعهدهم لأكفرن عنكم سيئاتكم . . إلى آخره
4037 - وقوله صراط الذين أنعمت عليهم بينه قوله أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين . . الآية
4038 - وقد يقع التبيين بالسنة مثل وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ولله على

الناس حج البيت وقد بينت السنة أفعال الصلاة والحج ومقادير نصب الزكوات في أنواعها
1 -
تنبيه 4039 - اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أو لا
4040 - منها آية السرقة قيل إنها مجملة في اليد لأنها تطلق على العضو إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب وفي القطع لأنه يطلق على الإبانة وعلى الجرح ولا ظهور لواحد من ذلك وإبانة الشارع من الكوع تبين أن المراد ذلك
وقيل لا إجمال فيها لأن القطع ظاهر في الإبانة
4041 - ومنها وامسحوا برؤوسكم قيل إنها مجملة لترددها بين مسح الكل والبعض ومسح الشارع الناصية مبين لذلك
وقيل لا وإنما هي لمطلق المسح الصادق بأقل ما يطلق عليه الاسم ويفيده
4042 - ومنها حرمت عليكم أمهاتكم قيل مجملة لأن إسناد التحريم إلى العين لا يصح لأن إنما يتعلق بالفعل فلا بد من تقديره وهو محتمل لأمور لا حاجة إلى جميعها ولا مرجح لبعضها
وقيل لا لوجود المرجح وهو العرف فإنه يقضي بأن المراد تحريم الاستمتاع بوطء أو نحوه ويجري ذلك في كل ما علق فيه التحريم والتحليل بالأعيان
4043 - ومنها وأحل الله البيع وحرم الربا قيل إنها مجملة لأن الربا الزيادة وما من بيع إلا وفيه زيادة فافتقر إلى بيان ما يحل وما يحرم
وقيل لا لأن البيع منقول شرعا فحمل على عمومه مالم يقم دليل التخصيص
4044 - وقال الماوردي للشافعي في هذه الآية أربعة أقوال
أحدها أنها عامة فإن لفظها لفظ عموم يتناول كل بيع ويقتضي إباحة جميعها إلا ما خصه الدليل وهذا القول أصحها عند الشافعي وأصحابه لأنه نهى عن بيوع كانوا يعتادونها ولم يبين الجائز فدل على أن الآية تناولت إباحة جميع البيوع إلا ما خص منها فبين المخصوص
قال فعلى هذا في العموم قولان

أحدهما أنه عموم أريد به العموم وإن دخله التخصيص
والثاني أنه عموم أريد به الخصوص قال والفرق بينهما أن البيان في الثاني متقدم على اللفظ وفي الأول متأخر عنه مقترن به
قال وعلى القولين يجوز الاستدلال بالآية في المسائل المختلف فيها ما لم يقع دليل تخصيص
والقول الثاني أنها مجملة لا يعقل منها صحه بيع من فساده إلا ببيان النبي قال ثم هل هي مجملة بنفسها أم بعارض ما نهي عنه من البيوع وجهان
وهل الإجمال في المعنى المراد دون لفظها لأن لفظ البيع اسم لغوي معناه معقول لكن لما قام بإزائه من السنة ما يعارضه تدافع العمومان ولم يتعين المراد إلا ببيان السنة فصار محلا لذلك دون اللفظ أو في اللفظ أيضا لأنه لما لم يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكانت له شرائط غير معقولة في اللغة كان مشكلا أيضا وجهان
قال وعلى الوجهين لا يجوز الاستدال بها على صحة بيع ولا فساده وإن دلت على صحة البيع من أصله
قال وهذا هو الفرق بين العموم والمجمل حيث جاز الاستدلال بظاهر العموم ولم يجز الاستدلال بظاهر المجمل
والقول الثالث أنها عامة مجملة معا قال واختلف في وجه ذلك على أوجه
أحدها أن العموم في اللفظ والإجمال في المعنى فيكون اللفظ عاما مخصوصا والمعنى مجملا لحقه التفسير
والثاني أن العموم في وأحل الله البيع والإجمال في وحرم الربا
والثالث أنه كان مجملا فلما بينه صار عاما فيكون داخلا في المجمل قبل البيان وفي العموم بعد البيان فعلى هذا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها
والقول الرابع أنها تناولت بيعا معهودا ونزلت بعد أن أحل النبي بيوعا وحرم بيوعا فاللام للعهد فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها
انتهى
4045 - ومنها الآيات التي فيها الأسماء الشرعية نحو وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فمن شهد منكم الشهر فليصمه ولله على الناس حج البيت قيل

إنها مجملة لاحتمال الصلاة لكل دعاء والصوم لكل إمساك والحج لكل قصد والمراد بها لا تدل عليه اللغة فافتقر إلى البيان
وقيل لا بل يحمل على كل ما ذكر إلا ما خص بدليل
2 - تنبيه
4046 - قال ابن الحصار من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد
قال والصواب أن المجمل اللفظ المبهم الذي لا يفهم المراد منه والمحتمل اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا سواء كان حقيقة في كلها أو بعضها
قال والفرق بينهما أن المحتمل يدل على أمور معروفة واللفظ مشترك متردد بينهما والمبهم لا يدل على أمر معروف مع القطع بأن الشارع لم يفوض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل


النوع السابع والأربعون في ناسخه ومنسوخه
4047 - أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم أبو عبيد القاسم بن سلام وأبو داود السجستاني وأبو جعفر النحاس وابن الأنباري ومكي وابن العربي
وآخرون
4048 - قال الأئمة لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ
4049 - وقد قال علي لقاض أتعرف الناسخ من المنسوخ قال لا قال هلكت وأهلكت
4050 - وفي هذا النوع مسائل
الأولى يرد النسخ بمعنى الإزالة ومنه قوله فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته
4051 - وبمعنى التبديل ومنه وإذا بدلنا آية مكان آية
4052 - وبمعنى التحويل كتناسخ المواريث بمعنى تحويل الميراث من واحد إلى واحد
4053 - وبمعنى النقل من موضع إلى موضع ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه حاكيا للفظه وخطه
4054 - قال مكي وهذا الوجه لا يصح أن يكون في القرآن وأنكر على النحاس إجازته ذلك محتجا بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ وأنه إنما يأتي بلفظ آخر

4055 - وقال السعيدي يشهد لما قاله النحاس قوله تعالى إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وقال وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم
4056 - ومعلوم أن ما نزل من الوحي نجوما جميعه في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ كما قال تعالى في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون
4057 - الثانية النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه وأنكره اليهود ظنا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له وهو باطل لأنه بيان مدة الحكم كالإحياء بعد الإماتة وعكسه والمرض بعد الصحة وعكسه والفقر بعد الغنى وعكسه وذلك لا يكون بداء فكذا الأمر والنهي
4058 - واختلف العلماء فقيل لا ينسخ القرآن إلا بقرآن لقوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها قالوا ولا يكون مثل القرآن وخيرا منه إلا قرآن
4059 - وقيل بل ينسخ القرآن بالسنة لأنها أيضا من عند الله قال تعالى وما ينطق عن الهوى وجعل منه آية الوصية الآتية
4060 - والثالث إذا كانت السنة بأمر الله من طريق الوحي نسخت وإن كانت باجتهاد فلا
حكاه ابن حبيب النيسابوري في تفسيره
4061 - وقال الشافعي حيث وقع نسخ القرآن بالسنة فمعها قرآن عاضد لها وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة عاضدة له ليتبين توافق القرآن والسنة وقد بسطت فروع هذه المسألة في شرح منظومة جمع الجوامع في الأصول
4062 - الثالثة لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي ولو بلفظ الخبر أما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد
وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل في كتب النسخ كثيرا من آيات الإخبار والوعد والوعيد
4063 - الرابعة النسخ أقسام

أحدها نسخ المأمور به قبل امتثاله وهو النسخ على الحقيقة كآية النجوى
الثاني ما نسخ مما كان شرعا لمن قبلنا كآية شرع القصاص والديه أو كان أمر به أمرا جمليا كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالكعبة وصوم عاشوراء برمضان وإنما يسمى هذا نسخا تجوزا
الثالث ما أمر به لسبب ثم يزول السبب كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر والصفح ثم نسخ بإيجاب القتال وهذا في الحقيقة ليس نسخا بل هو من قسم المنسأ كما قال تعالى أو ننسأها فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف وليس كذلك بل هي من المنسأ بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعله يقتضي ذلك الحكم ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر وليس بنسخ أنما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله
4064 - وقال مكي ذكر جماعة أن ما ورد في الخطاب مشعر بالتوقيت والغاية مثل قوله في البقرة فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره محكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل والمؤجل بأجل لا نسخ فيه
4065 - الخامسة قال بعضهم سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ أقسام قسم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ وهو ثلاثة وأربعون سورة الفاتحة ويوسف ويس والحجرات والرحمن والحديد والصف والجمعة والتحريم والملك والحاقة ونوح والجن والمرسلات وعم والنازعات والانفطار وثلاث بعدها والفجر وما بعدها إلى آخر القرآن إلا التين والعصر والكافرين
وقسم فيه الناسخ والمنسوخ وهي خمسة وعشرون البقرة وثلاث بعدها والحج والنور وتالياها والأحزاب وسبأ والمؤمن والشورى والذاريات والطور والواقعة والمجادلة والمزمل والمدثر وكورت والعصر
وقسم فيه الناسخ فقط وهو ست الفتح والحشر والمنافقون والتغابن والطلاق والأعلى

وقسم فيه المنسوخ فقط وهو الأربعون الباقية
كذا قال وفيه نظر يعرف مما سيأتي
4066 - السادسة قال مكي الناسخ أقسام
فرض نسخ فرضا ولا يجوز العمل بالأول كنسخ الحبس للزواني بالحد
وفرض نسخ فرضا ويجوز العمل بالأول كآية المصابرة
وفرض نسخ ندبا كالقتال كان ندبا ثم صار فرضا
وندب نسخ فرضا كقيام الليل نسخ بالقراءة في قوله فاقرءوا ما تيسر من القرآن
4067 - السابعة النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب
أحدها ما نسخ تلاوته وحكمه معا قالت عائشة كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله وهن مما يقرأ من القرآن رواه الشيخان
وقد تكلموا في قولها وهن مما يقرأ فإن ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك
وأجيب بأن المراد قارب الوفاة أو أن التلاوة نسخت أيضا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله فتوفي وبعض الناس يقرؤها
وقال أبو موسى الأشعري نزلت ثم رفعت
وقال مكي هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضا غير متلو ولا أعلم له نظيرا
انتهى
4068 - الضرب الثاني ما نسخ حكمه دون تلاوته وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهو على الحقيقة قليل جدا وإن أكثر الناس من تعداد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه
4069 - والذي أقوله أن الذي أورده المكثرون أقسام قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه وذلك مثل قوله تعالى ومما رزقناهم ينفقون و أنفقوا مما رزقناكم ونحو ذلك
قالوا

إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك
4070 - وكذا قوله تعالى أليس الله بأحكم الحاكمين قيل إنها مما نسخ بآية السيف وليس كذلك لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة
4071 - وقوله في البقرة وقولوا للناس حسنا عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف
وقد غلطه ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه وقس على ذلك
4072 - وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد كقوله إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا . . فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية
وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ
4073 - ومنه قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قيل أنه نسخ بقوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب وإنما هو مخصوص به
4074 - وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب
قالوا وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية
انتهى

نعم النوع الأخير منه وهو رافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله
4075 - إذا عملت ذلك فقد خرج من الآيات التي أوردها المكثرون الجم الغفير مع آيات الصفح والعفو إن قلنا إن آية السيف لم تنسخها وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير وقد أفردته بأدلته في تأليف لطيف وها أنا أورده هنا محررا
فمن البقرة
4076 - قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت . . الآية منسوخة قيل بأية المواريث وقيل بحديث ألا لا وصية لوارث وقيل بالإجماع حكاه ابن العربي
4077 - قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية قيل منسوخة بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقيل محكمة و لا مقدرة
4078 - وقوله أحل لكم ليلة الصيام الرفث ناسخة لقوله كما كتب على الذين من قبلكم لأن مقتضاها الموافقة فيما كانوا عليه من تحريم الأكل والوطء بعد النوم ذكره ابن العربي
وحكى قولا آخر أنه نسخ لما كان بالسنة
4078 - قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام الآية منسوخة بقوله وقاتلوا المشركين كافة . . الآية أخرجه ابن جرير عن عطاء بن ميسرة
4079 - قوله تعالى والذين يتوفون منكم . . إلى قوله متاعا إلى الحول منسوخة بآية أربعة أشهر وعشرا والوصية منسوخة بالميراث والسكنى ثابتة عند قوم منسوخة عند آخرين بحديث ولا سكنى
4080 - وقوله تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله منسوخة بقوله بعده لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

ومن آل عمران
4081 - قوله تعالى اتقوا الله حق تقاته قيل إنه منسوخ بقوله فاتقوا الله ما استطعتم وقيل لا بل هو محكم
وليس فيها آية يصح فيها دعوى النسخ غير هذه الآية
ومن النساء
4082 - قوله تعالى والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم منسوخة بقوله وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
4083 - قوله تعالى وإذا حضر القسمة . . الآية قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس في العمل بها
4084 - قوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة . . الآية منسوخة بآية النور
ومن المائدة
4085 - قوله تعالى ولا الشهر الحرام منسوخة بإباحة القتال فيه
4086 - قوله تعالى فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم منسوخة بقوله وأن احكم بينهم بما أنزل الله
4087 - وقوله تعالى أو آخران من غيركم منسوخ بقوله وأشهدوا ذوى عدل منكم
ومن الأنفال
4088 - قوله تعالى إن يكن منكم عشرون صابرون . . الآية منسوخة بالآية بعدها
ومن براءة
4089 - قوله تعالى انفروا خفافا وثقالا منسوخة بآيات العذر وهو

قوله ليس على الأعمى حرج . . الآية وقوله تعالى ليس على الضعفاء . . الآيتين وبقوله وما كان المؤمنون لينفروا كافة
ومن النور
4090 - قوله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية . . الآية منسوخة بقوله وأنكحوا الأيامى منكم
4091 - قوله تعالى ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم . . الآية قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس في العمل بها
ومن الأحزاب
4092 - قوله تعالى لا يحل لك النساء . . الآية منسوخة بقوله إنا أحللنا لك أزواجك . . الآية
ومن المجادلة
4093 - قوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا . . الآية منسوخة بالأية بعدها
ومن الممتحنة
4094 - قوله تعالى فاتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا قيل منسوخ بآية السيف وقيل بآية الغنيمة وقيل محكم
ومن المزمل
4095 - قوله قم الليل إلا قليلا قيل منسوخ بآخر السورة ثم نسخ الآخر بالصلوات الخمس
4096 - فهذه إحدى وعشرون آية منسوخة على خلاف في بعضها لا يصح دعوى النسخ في غيرها
والأصح في آية الإستئذان والقسمة الإحكام فصارت تسعة

عشر ويضم إليها قوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله على رأي ابن عباس أنها منسوخة بقوله فول وجهك شطر المسجد الحرام . . الآية فتمت عشرون
4097 - وقد نظمتها في أبيات فقلت
قد أكثر الناس في المنسوخ من عدد ... وأدخلوا فيه آيا ليس تنحصر
وهاك تحرير آي لا مزيد لها ... عشرين حررها الحذاق والكبر
آي التوجه حيث المرء كان وأن ... يوصي لأهليه عند الموت محتضر
وحرمة الأكل بعد النوم من رفث ... وفدية لمطيق الصوم مشتهر
وحق تقواه فيما صح من أثر ... وفي الحرام قتال للألي كفروا
والاعتداد بحول مع وصيتها ... وأن يدان حديث النفس والفكر
والحلف والحبس للزاني وترك أولى ... كفروا شهادتهم والصبر والنفر
ومنع عقد لزان أو لزانية ... وما على المصطفى في العقد محتظر
ودفع مهر لمن جاءت وآية نجواه ... كذاك قيام الليل مستطر
وزيد آية الاستئذان من ملكت ... وآية القسمة الفضلى لمن حضروا
4098 - فإن قلت ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة
فالجواب من وجهين
أحدهما أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة
والثاني أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا للنعمة ورفع المشقة وأما ما ورد في القرآن ناسخا لما كان عليه الجاهلية أو كان في شرع من قبلنا أو في أول الإسلام فهو أيضا قليل العدد كنسخ استقبال بيت المقدس بآية القبلة وصوم عاشوراء بصوم رمضان في أشياء أخر حررتها في كتابي المشار إليه
فوائد منثورة 4099 - قال بعضهم ليس في القرآن ناسخ إلا والمنسوخ قبله في الترتيب إلا في آيتين آية العدة في البقرة وقوله لا يحل لك النساء تقدم

وزاد بعضهم ثالثة وهي آية الحشر في الفئ على رأي من قال إنها منسوخة بآية الأنفال واعلموا أنما غنمتم من شيء
وزاد قوم رابعة وهي قوله خذ العفو يعني الفضل من أموالهم على رأي من قال إنها منسوخة بآية الزكاة
4100 - وقال ابن العربي كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف وهي فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين . . الآية نسخت مائة وأربعا وعشرين آية ثم نسخ آخرها أولها
انتهى وقد تقدم ما فيه
4101 - وقال أيضا من عجيب المنسوخ قوله تعالى خذ العفو . . الآية فإن أولها وآخرها وهو وأعرض عن الجاهلين منسوخ ووسطها محكم
وهو وأمر بالعرف
4102 - وقال من عجيبه أيضا آية أولها منسوخ وآخرها ناسخ ولا نظير لها وهي قوله عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يعني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ناسخ لقوله عليكم أنفسكم
4103 - وقال السعيدي لم يمكث منسوخ مدة أكثر من قوله تعالى قل ما كنت بدعا من الرسل . . الآية مكثت ست عشرة سنة حتى نسخها أول الفتح عام الحديبية
4104 - وذكر هبة الله بن سلامة الضرير أنه قال في قوله تعالى ويطعمون الطعام على حبه . . الآية إن المنسوخ من هذه الجملة وأسيرا والمراد بذلك أسير المشركين فقرئ عليه الكتاب وابنته تسمع فلما انتهى إلى هذا الموضع قالت له أخطأت يا أبت قال وكيف قالت أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا فقال صدقت
4105 - وقال شيذلة في البرهان يجوز نسخ الناسخ فيصير منسوخا كقوله

لكم دينكم ولي دين نسخها قوله تعالى فاقتلوا المشركين ثم نسخ هذه بقوله حتى يعطوا الجزية كذا قال وفيه نظر من وجهين
أحدهما ما تقدمت الإشارة إليه
والآخر أن قوله حتى يعطوا الجزية مخصص للآية لا ناسخ
نعم يمثل له بأخر سورة المزمل فإنه ناسخ لأولها منسوخ بفرض الصلوات
4106 - وقوله انفروا خفافا وثقالا ناسخ لآيات الكف منسوخ بآيات العذر
4107 - وأخرج أبو عبيد عن الحسن وأبي ميسرة قالا ليس في المائدة منسوخ
ويشكل بما في المستدرك عن ابن عباس أن قوله فاحكم بينهم أو أعرض عنهم منسوخ بقوله وأن احكم بينهم بما أنزل الله
4108 - وأخرج أبو عبيد وغيره عن ابن عباس قال أول ما نسخ من القرآن نسخ القبلة
4109 - وأخرج أبو داود في ناسخه من وجه آخر عنه قال أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصيام الأول
4110 - قال مكي وعلى هذا فلم يقع في المكي ناسخ
قال وقد ذكر أنه وقع في آيات منها قوله تعالى في سورة غافر والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا فإنه ناسخ لقوله ويستغفرون لمن في الأرض
4111 - قلت أحسن من هذه نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها أو بإيجاب الصلوات الخمس وذلك بمكة اتفاقا
1 -
تنبيه 4112 - قال ابن الحصار إنما يرجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول الله أو عن صحابي يقول آية كذا نسخت كذا

4113 - قال وقد يحكم به عند وجود التعارض المقطوع به من علم التاريخ ليعرف المتقدم والمتأخر
4114 - قال ولا يعتمد في النسخ قول عوام المفسرين بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقل صحيح ولا معارضة بينة لأن النسخ يتضمن رفع حكم وإثبات حكم تقرر في عهده والمعتمد فيه النقل والتاريخ دون الرأي والاجتهاد
4115 - قال والناس في هذا بين طرفي نقيض فمن قائل لا يقبل في النسخ أخبار الآحاد العدول ومن متساهل يكتفي فيه بقول مفسر أو مجتهد
والصواب خلاف قولهما
انتهى
4116 - الضرب الثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه وقد أورد بعضهم فيه سؤالا وهو ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم وهلا بقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها
وأجاب صاحب الفنون بأن ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طريق الوحي وأمثلة هذا الضرب كثيرة
4117 - قال أبو عبيد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر
4118 - وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن
4119 - وقال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب كأي تعد سورة الأحزاب قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثة وسبعين آية قال إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم
قلت وما آية الرجم قال إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم

4120 - وقال حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة
4121 - وقال حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت قرأ علي أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
وعلى الذين يصلون الصفوف الأول قالت قبل أن يغير عثمان المصاحف
4122 - وقال حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال كان رسول الله إذا أوحي إليه أتيناه فعلمنا مما أوحي إليه
قال فجئت ذات يوم فقال إن الله يقول إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو أن لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه الثاني ولو كان له الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
4123 - وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن بقيتها لو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيا وإن سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفره
4124 - وقال أبو عبيد حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي حرب ابن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعري قال نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
4125 - وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال كنا نقرأ سورة نشبهها المسبحات فأنسيناها غير أني حفظت منها يأيها الذين آمنوا لا تقولوا مالا

تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة
4126 - وقال أبو عبيد حدثنا حجاج عن سعيد عن الحكم بن عتيبة عن عدي بن عدي قال قال عمر كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت أكذلك قال نعم
4127 - وقال حدثنا ابن أبي مريم عن نافع بن عمر الجمحي وحدثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال قال عمر لعبد الرحمن بن عوف ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها قال أسقطت فيما أسقط من القرآن
4128 - وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك فقال مسلمة إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
4129 - وأخرج الطبراني في الكبير إن ابن عمر قال قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله فذكرا ذلك له فقال إنها مما نسخ فالهوا عنها
4130 - وفي الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا وقنت يدعو على قاتليهم قال أنس ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا
4131 - وفي المستدرك عن حذيفة قال ما تقرءون ربعها يعني براءة
4132 - قال الحسين بن المنادي في كتابه الناسخ والمنسوخ ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد

2 - تنبيه
4133 - حكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا الضرب لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخار آحاد لا حجة فيها
4134 - وقال أبو بكر الرازي نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ولا يعرف اليوم منها شيء
ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي حتى إذا توفي لا يكون متلوا في القرآن أو يموت وهو متلو موجود بالرسم ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم
وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي
انتهى
4135 - وقال في البرهان في قول عمر لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها يعني آية الرجم ظاهره أن كتابتها جائزة وإنما منعه قول الناس والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه فإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة لأن هذا شأن المكتوب
وقد يقال لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعرج على مقالة الناس لأن مقالة الناس لا تصلح مانعا
وبالجملة هذه الملازمة مشكلة ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ومن هنا أنكر ابن ظفر في الينبوع عد هذا مما نسخ تلاوته قال لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن
قال وإنما هذا المنسأ لا النسخ وهما مما يلتبسان والفرق بينهما أن المنسأ لفظه قد يعلم حكمه
انتهى

4136 - وقوله لعله كان يعتقد أنه خبر واحد مردود فقد صح أنه تلقاها من النبي
4137 - وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصامت قال كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد سمعت رسول الله يقول الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة فقال عمر لما نزلت أتيت النبي فقلت أكتبها فكأنه كره ذلك فقال عمر ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم
4138 - قال ابن حجر في شرح المنهاج فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها
4139 - قلت وخطر لي في ذلك نكتة حسنة وهو أن سببه التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر
4140 - وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت ألا تكتبها في المصحف قال ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ولقد ذكرنا ذلك فقال عمر أنا أكفيكم فقال يا رسول الله اكتب لي آية الرجم قال لا تستطيع
قوله اكتب لي أي ائذن لي في كتابتها أو مكني من ذلك
4141 - وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس فقال لا تشكوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله فدفعت في صدري وقلت تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر
4142 - قال ابن حجر وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف

3 -
تنبيه 4143 - قال ابن الحصار في هذا النوع إن قيل كيف يقع النسخ إلى غير بدل وقد قال تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها وهذا إخبار لا يدخله خلف
فالجواب أن نقول كل ما ثبت الآن في القرآن ولم ينسخ فهو بدل مما قد نسخت تلاوته وكل ما نسخه الله من القرآن مما لا نعلمه الآن فقد أبدله بما علمناه وتواتر إلينا لفظه ومعناه


النوع الثامن والأربعون
في مشكله وموهم الاختلاف والتناقض 4144 - أفرده بالتصنيف قطرب والمراد به ما يوهم التعارض بين الآيات وكلامه تعالى منزه عن ذلك كما قال ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا وليس به في الحقيقة فاحتيج لإزالته كما صنف في مختلف الحديث وبيان الجمع بين الأحاديث المتعارضة وقد تكلم في ذلك ابن عباس وحكى عنه التوقف في بعضها
4145 - قال عبد الرزاق في تفسيره أنبأنا معمر عن رجل عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال رأيت أشياء تختلف علي من القرآن فقال ابن عباس ما هو أشك قال ليس بشك ولكنه اختلاف قال هات ما اختلف عليك من ذلك قال أسمع الله يقول ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين وقال ولا يكتمون الله حديثا فقد كتموا وأسمعه يقول فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم قال وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وقال أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين . . حتى بلغ طائعين ثم قال في الآية الأخرى أم السماء بناها ثم قال والأرض بعد ذلك دحاها وأسمعه يقول كان الله ما شأنه يقول وكان الله
فقال ابن عباس أما قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن الله يغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا

يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين فختم الله على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا
وأما قوله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فإنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
وأما قوله خلق الأرض في يومين فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض
وأما قوله والأرض بعد ذلك دحاها يقول جعل فيها جبلا وجعل فيها نهرا وجعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا
وأما قوله كان الله فإن الله كان ولم يزل كذلك وهو كذلك عزيز حكيم عليم قدير لم يزل كذلك
فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك وإن الله لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون
4146 - أخرجه بطوله الحاكم في المستدرك وصححه وأصله في الصحيح قال ابن حجر في شرحه حاصل ما فيه السؤال عن أربعة مواضع
الأول نفي المسألة يوم القيامة وإثباتها
الثاني كتمان المشركين حالهم وإفشاؤه
الثالث خلق الأرض أو السماء أيهما تقدم
الرابع الإتيان بحرف كان الدالة على المضي مع أن الصفة لازمة
وحاصل جواب ابن عباس عن الأول أن نفي المساءلة فيما قبل النفخة الثانية وإثباتها فيما بعد ذلك
وعن الثاني أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وجوارحهم
وعن الثالث أنه بدأ خلق الأرض في يومين غير مدحوة ثم خلق السموات

فسواهن في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين فتلك أربعة أيام للأرض
وعن الرابع بأن كان وإن كانت للماضي لكنها لا تستلزم الانقطاع بل المراد أنه لم يزل كذلك
4147 - فأما الأول فقد جاء فيه تفسير آخر أن نفي المساءلة عند تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط وإثباتها فيما عدا ذلك وهذا منقول عن السدي أخرجه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن نفي المساءلة عند النفخة الأولى وإثباتها بعد النفخة الثانية
4148 - وقد تأول ابن مسعود نفي المساءلة على معنى آخر وهو طلب بعضهم من بعض العفو فأخرج ابن جرير من طريق زاذان قال أتيت ابن مسعود فقال يؤخذ بيد العبد يوم القيامة فينادى ألا إن هذا فلان فمن كان له حق قبله فليأت قال فتود المرأة يومئذ أن يثبت لها حق على أبيها أو ابنها أو أخيها أو زوجها فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون
ومن طريق أخرى قال لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ولا يتساءلون به ولا يمت برحم
4149 - وأما الثاني فقد ورد بأبسط منه فيما أخرجه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال قول الله ولا يكتمون الله حديثا وقوله والله ربنا ما كنا مشركين فقال إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت لهم آتي ابن عباس ألقي عليه متشابه القرآن فأخبرهم أن الله إذا جمع الناس يوم القيامة قال المشركون إن الله لا يقبل إلا ممن وحده فيسألهم فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين قال فيختم على أفواههم وتستنطق جوارحهم
4150 - ويؤيده ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في أثناء حديث وفيه ثم يلقى الثالث فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك ويثني ما استطاع فيقول الآن نبعث شاهدا عليك فيذكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم علي فيه وتنطق جوارحه

4151 - أما الثالث ففيه أجوبة أخرى منها أن ثم بمعنى الواو فلا إيراد
وقيل المراد ترتيب الخبر لا المخبر به كقوله ثم كان من الذين آمنوا
وقيل على بابها وهي لتعارف ما بين الخلقين لا للتراخي في الزمان
وقيل خلق بمعنى قدر
4152 - وأما الرابع وجواب ابن عباس عنه فيحتمل كلامه أنه أراد أنه سمى نفسه غفورا رحيما وهذه التسمية مضت لأن التعلق انقضى
وأما الصفتان فلا تزالان كذلك لا ينقطعان لأنه تعالى إذا أراد المغفرة أو الرحمة في الحال أو الاستقبال وقع مراده قاله الشمس الكرماني
4153 - قال ويحتمل أن يكون ابن عباس أجاب بجوابين أحدهما أن التسمية هي التي كانت وانتهت والصفة لا نهاية لها والآخر أن معنى كان الدوام فإنه لا يزال كذلك
ويحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين
والجواب على دفعهما كأن يقال هذا اللفظ مشعر بأنه في الزمان الماضي كان غفورا رحيما مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم وبأنه ليس في الحال كذلك لما يشعر به لفظ كان
4154 - والجواب عن الأول بأن كان في الماضي تسمى به
وعن الثاني بأن كان تعطى معنى الدوام وقد قال النحاة كان لثبوت خبرها ماضيا دائما أو منقطعا
4155 - وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهوديا قال له إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم فقال إنه كان في نفسه عزيزا حكيما
4156 - موضع آخر توقف فيه ابن عباس
قال أبو عبيدة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال سأل رجل ابن عباس عن في يوم كان

مقداره ألف سنة وقوله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقال ابن عباس هما يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه الله أعلم بهما
4157 - وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه وزاد ما أدرى ما هما وأكره أن أقول فيهما ما لا أعلم قال ابن أبي مليكة فضربت البعير حتى دخلت على سعيد بن المسيب فسئل عن ذلك فلم يدر ما يقول فقلت له ألا أخبرك بما حضرت من ابن عباس فأخبرته فقال ابن المسيب للسائل هذا ابن عباس قد اتقى أن يقول فيهما وهو أعلم مني
4158 - وروى عن ابن عباس أيضا أن يوم الألف هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه ويوم الألف في سورة الحج هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة
فأخرج ابن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا قال له حدثني ما هؤلاء الآيات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة و يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة
وإن يوما عند ربك كألف سنة فقال يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة والسموات في ستة أيام كل يوم يكون ألف سنة و يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة قال ذلك مقدار المسير
4159 - وذهب بعضهم إلى أن المراد بهما يوم القيامة وأنه باعتبار حال المؤمن والكافر بدليل قوله يوم عسير على الكافرين غير يسير
فصل 4160 - قال الزركشي في البرهان للإختلاف أسباب
أحدها وقوع المخبر به على أنواع مختلفة وتطويرات شتى كقوله في خلق آدم من تراب ومرة من حمإ مسنون ومرة من طين لازب

ومرة من صلصال كالفخار فهذه ألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمإ والحمأ غيرالتراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب ومن التراب تدرجت هذه الأحوال
4161 - وكقوله فإذا هي ثعبان وفي موضع تهتز كأنها جان والجان الصغير من الحيات والثعبان الكبير منها وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته
4162 - الثاني لاختلاف الموضوع كقوله وقفوهم إنهم مسئولون وقوله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولتسألن المرسلين مع قوله فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان قال الحليمي فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه
وحمله غيره على إختلاف الأماكن لأن في القيامة مواقف كثيرة ففي موضع يسألون وفي آخر لا يسألون وقيل إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ والمنفى سؤال المعذرة وبيان الحجة
4163 - وكقوله اتقوا الله حق تقاته مع قوله فاتقوا الله ما استطعتم حمل الشيخ أبو الحسن الشاذلي الآية الأولى على التوحيد بدليل قوله بعدها ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون والثانية على الأعمال
وقيل بل الثانية ناسخة للأولى
وكقوله فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة مع قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فالأولى تفهم إمكان العدل والثانية تنفيه
والجواب أن الأولى في توفية الحقوق والثانية في الميل القلبي وليس في قدرة الإنسان

4164 - وكقوله إن الله لا يأمر بالفحشاء مع قوله أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فالأولى في الأمر الشرعي والثانية في الأمر الكوني بمعنى القضاء والتقدير
4165 - الثالث لاختلافهما في جهتي الفعل كقوله فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت أضيف القتل إليهم والرمي إليه على جهة الكسب والمباشرة ونفاه عنهم وعنه باعتبار التأثير
4166 - الرابع لاختلافهما في الحقيقة والمجاز كقوله وترى الناس سكارى وما هم بسكارى أي سكارى من الأهوال مجازا لا من الشراب حقيقة
4167 - الخامس بوجهين واعتبارين كقوله فبصرك اليوم حديد مع قوله خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي قال قطرب فبصرك أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم بصر بكذا أي علم وليس المراد رؤية العين
4168 - قال الفارسي ويدل على ذلك قوله فكشفنا عنك غطاءك
4169 - وكقوله الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله مع قوله إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم فقد يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة
وجوابه أن الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجه القلوب لذلك وقد جمع بينهما في قوله تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله
4170 - ومما استشكلوه قوله تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا فإنه يدل على حصر المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين
وقال في آية أخرى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث

الله بشرا رسولا فهذا حصر آخر في غيرهما
وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية الأولى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا إرادة أن تأتيهم سنة الأولين من الخسف أو غيره أو يأتيهم العذاب قبلا في الآخرة فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا شك أن إرادة الله مانعة من وقوع ما ينافي المراد
فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة
ومعنى الآية الثانية وما منع الناس أن يؤمنوا إلا استغراب بعثه بشرا رسولا لأن قولهم ليس مانعا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهو يدل على الإستغراب بالإلتزام وهو المناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعا حقيقيا بل عاديا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة الله تعالى فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافى أيضا
4171 - ومما استشكل أيضا قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا فمن أظلم ممن كذب على الله مع قوله ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ومن أظلم ممن منع مساجد الله ألى غير ذلك من الآيات
ووجهه أن المراد بالإستفهام هنا النفي والمعنى لا أحد أظلم فيكون خبرا وإذا كان خبرا وأخذت الآيات على ظواهرها أدى إلى لتناقص
وأجيب بأوجه
منها تخصيص كل موضع بمعنى صلته أي لا أحد من المعاندين أظلم ممن منع مساجد الله ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذا تخصص بالصلات زال التناقض
ومنها أن التخصيص بالنسبة إلى السبق لما لم يسبق أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكا طريقهم وهذا يئول معناه إلى ما قبله لأن المراد السبق إلى المانعية والإفترائية
ومنها وادعى أبو حيان أنه الصواب أن نفي الأظلمية لا يستدعي نفي

الظالمية لأن نفى المقيد لا يدل على نفي المطلق وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يلزم التناقض لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية وإذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر لأنهم يتساوون في الأظلمية وصار المعنى لا أحد أظلم ممن إفترى وممن منع ونحوها ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر كما إذا قلت لا أحد أفقه منهم
إنتهى
وحاصل الجواب أن نفي التفضيل لا يلزم منه نفي المساواة
وقال بعض المتأخرين هذا إستفهام مقصود به التهويل والتفظيع من غير قصد إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة ولا نفيها عن غيره
4172 - وقال الخطابي سمعت ابن أبي هريرة يحكى عن أبي العباس بن سريج قال سأل رجل بعض العلماء عن قوله لا أقسم بهذا البلد فأخبر أنه لا يقسم به
ثم أقسم به في قوله وهذا البلد الأمين فقال أيما أحب إليك أجيبك ثم أقطعك أو أقطعك ثم أجيبك فقال أقطعني ثم أجبني فقال له أعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله بحضرة رجال وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزا وعليه مطعنا فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به وأسرعوا بالرد عليه ولكن القوم علموا وجهلت ولم ينكروا منه ما أنكرت
ثم قال له إن العرب قد تدخل لا في أثناء كلامها وتلغى معناها وأنشد فيه أبياتا
تنبيه 4173 - قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب والجمع طلب التاريخ وترك المتقدم بالمتأخر ويكون ذلك نسخا وإن لم يعلم وكان الإجماع على العمل بإحدى الآيتين علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعوا

على العمل بها
قال ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوضعين
4174 - قال غيره وتعارض القراءتين بمنزلة تعارض الآيتين نحو وأرجلكم بالنصب والجر ولهذا جمع بينهما بحمل النصب على الغسل والجر على مسح الخف
4175 - وقال الصيرفي جماع الإختلاف والتناقص أن كل كلام صح أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة ولا يوجد في الكتاب والسنة شيء من ذلك أبدا وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين
4176 - وقال القاضي أبو بكر لا يجوز تعارض أي القرآن والآثار وما يوجبه العقل فلذلك لم يجعل قوله الله خالق كل شيء معارضا لقوله وتخلقون إفكا وإذ تخلق من الطين لقيام الدليل العقلي أنه لا خالق غير الله فتعين تأويل ما عارضه فيؤول وتخلقون على تكذبون وتخلق على تصور
فائدة 4177 - قال الكرماني عند قوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الإختلاف على وجهين إختلاف تناقض وهو ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى خلاف الآخر وهذا هو الممتنع على القرآن وإختلاف تلازم وهو ما يوافق الجانبين كاختلاف مقادير السور والآيات وإختلاف الأحكام من الناسخ والمنسوخ والأمر والنهي والوعد والوعيد


النوع التاسع والأربعون
في مطلقه ومقيده 4178 - المطلق الدال على الماهية بلا قيد وهو مع المقيد كالعام مع الخاص قال العلماء متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه وإلا فلا بل يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب
4179 - والضابط أن الله إذا حكم في شيء بصفة أو شرط ثم ورد حكم آخر مطلقا نظر فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به وإن كان له أصل غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر فالأول مثل اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة والفرق والوصية في قوله وأشهدوا ذوى عدل منكم وقوله شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم وقد أطلق الشهادة في البيوع وغيرها في قوله وأشهدوا إذا تبايعتم فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم
والعدالة شرط في الجميع
4180 - ومثل تقييده ميراث الزوجين بقوله من بعد وصية يوصي بها أو دين وإطلاقه الميراث فيما أطلق فيه
4181 - وكذلك ما أطلق من المواريث كلها بعد الوصية والدين
4182 - وكذلك ما اشترط في كفارة القتل من الرقبة المؤمنة وإطلاقها في كفارة الظهار واليمين والمطلق كالمقيد في وصف الرقبة

4183 - وكذلك تقييد الأيدي بقوله إلى المرافق في الوضوء وإطلاقه في التيمم
4184 - وتقييد إحباط العمل بالردة بالموت على الكفر في قوله ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر . . الآية وأطلق في قوله ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله
4185 - وتقييد تحريم الدم بالمسفوح في الأنعام وأطلق فيما عداها
4186 - فمذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد في الجميع
4187 - ومن العلماء من لا يحمله ويجوز أعتاق الكافر في كفارة الظهار واليمين ويكتفي في التيمم بالمسح إلى الكوعين ويقول إن الردة تحبط العمل بمجردها
4188 - والثاني مثل تقييد الصوم بالتتابع في كفارة القتل والظهار وتقييده بالتفريق في صوم التمتع
وأطلق كفارة اليمين وقضاء رمضان فيبقى على إطلاقه من جوازه مفرقا ومتتابعا لا يمكن حمله عليهما لتنافي القيدين وهما التفريق والتتابع ولا على أحدهما لعدم المرجح
تنبيهات 4189 - الأول إذا قلنا بحمل المطلق على المقيد فهل هو من وضع اللغة أو بالقياس مذهبان
الأول أن العرب من مذهبها إستحباب الإطلاق إكتفاء بالمقيد وطلبا للإيجاز والإختصار
4190 - الثاني ما تقدم محله إذا كان الحكمان بمعنى واحد وإنما إختلفا في الإطلاق والتقييد فأما إذا حكم في شيء بأمور ثم في أخر ببعضها وسكت فيه عن بعضها فلا يقتضى الإلحاق كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء وذكر في التيمم عضوين فلا يقال بالحمل ومسح الرأس والرجلين بالتراب فيه أيضا وكذلك ذكر العتق والصوم والإطعام في كفارة الظهار واقتصر في كفارة القتل على الأولين ولم يذكر الإطعام فلا يقال بالحمل وإبدال الصيام بالطعام


النوع الخمسون
في منطوقه ومفهومه 4191 - المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص نحو فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جدا في الكتاب والسنة
وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد عليهم قال لأن الغرض من النص الإستقلال بإفادة المعنى على قطع مع إنحسام جهات التأويل والإحتمال وهذا وإن عز حصوله بوضع الصيغ ردا إلى اللغة فما أكثره مع القرائن الحالية والمقالية إنتهى
أو مع إحتمال غيره إحتمالا مرجوحا فالظاهر نحو فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم وهو فيه أظهر وأغلب ونحو ولا تقربوهن حتى يطهرن فإنه يقال للإمقطاع طهر وللوضوء والغسل وهو في الثاني أظهر
فإن حمل على المرجوح لدليل فهو تأويل ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولا كقوله وهو معكم أينما كنتم فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات فتعين صرفه عن ذلك وحمله على القدرة والعلم أو على الحفظ والرعاية
4192 - وكقوله واخفض لهما جناح الذل من الرحمة فإنه يستحيل حمله على الظاهر لإستحالة أن يكون للإنسان أجنحة فيحمل على الخضوع وحسن الخلق

4193 - وقد يكون مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ويصح حمله عليهما جميعا سواء قلنا بجواز إستعمال اللفظ في معنييه أو لا ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين مرة أريد هذا ومرة أريد هذا
4194 - ومن أمثلته ولا يضار كاتب ولا شهيد فإنه يحتمل لا يضارر الكاتب والشهيد صاحب الحق بجور في الكتابة والشهادة و لا يضارر بالفتح أي لا يضرهما صاحب الحق بإلزامهما مالا يلزمهما وإجبارهما على الكتابة والشهادة
4195 - ثم أن توقفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سميت دلالة إقتضاء نحو واسأل القرية أي أهلها وإن لم تتوقف ودل اللفظ على ما لم يقصد به سميت دلالة إشارة كدلالة قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم على صحة صوم من أصبح جنبا إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبا في جزء من النهار
وقد حكي هذا الإستنباط عن محمد بن كعب القرظي
فصل 4196 - والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق وهو قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة
فالأول ما يوافق حكمه المنطوق فإن كان أولى سمي فحوى الخطاب كدلالة فلا تقل لهما أف على تحريم الضرب لأنه أشد وإن كان مساويا سمي لحن الخطاب أي معناه كدلالة إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما على تحريم الإحراق لأنه مساو للأكل في الإتلاف
واختلف هل دلالة ذلك قياسية أو لفظية مجازية أو حقيقية على أقوال بيناها في كتبنا الأصولية
4197 - والثاني ما يخالف حكمه المنطوق وهو أنواع
مفهوم صفة نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا نحو إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا مفهومه أن غير الفاسق لا يجب التبين في خبره فيجب قبول خبر الواحد العدل

ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
الحج أشهر معلومات أي فلا يصح الإحرام به في غيرها
فاذكروا الله عند المشعر الحرام أي فالذكر عند غيره ليس محصلا للمطلوب فاجلدوهم ثمانين جلدة أي لا أقل ولا أكثر
4198 - وشرط نحو وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن أي فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن
4199 - وغاية نحو فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره أي فإذا نكحته تحل للإول بشرطه
4200 - وحصر نحو لا إله إلا الله إنما إلهكم الله أي فغيره ليس بإله فالله هو الولي أي فغيره ليس بولي لإلى الله تحشرون أي لا إلى غيره إياك نعبد أي لا غيرك
4201 - واختلف في الإحتجاج بهذه المفاهيم على أقوال كثيرة والأصح في الجملة أنها كلها حجة بشروط
منها ألا يكون المذكور خرج للغالب ومن ثم لم يعتبر الأكثرون مفهوم قوله وربائبكم اللاتي في حجوركم فإن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج فلا مفهوم له لأنه إنما خص بالذكر لغلبة حضوره في الذهن
وألا يكون موافقا للواقع ومن ثم لا مفهوم لقوله ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به وقوله لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وقوله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا
والإطلاع على ذلك من فوائد معرفة أسباب النزول


فائدة 4202 - قال بعضهم الألفاظ إما أن تدل بمنطوقها أو بفحواها أو باقتضائها وضرورتها أو بمعقولها المستنبط منها
حكاه ابن الحصار
وقال هذا كلام حسن
قلت فالأول دلالة المنطوق والثاني دلالة المفهوم والثالث دلالة الاقتضاء والرابع دلالة الإشارة


النوع الحادي والخمسون
في وجوه مخاطباته 4203 - قال ابن الجوزي في كتابه النفيس الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجها
وقال غيره على أكثر من ثلاثين وجها
أحدها خطاب العام والمراد به العموم كقوله الله الذي خلقكم
4204 - والثاني خطاب الخاص والمراد به الخصوص كقوله أكفرتم بعد إيمانكم يأيها الرسول بلغ
4205 - الثالث خطاب العام والمراد به الخصوص كقوله يأيها الناس اتقوا ربكم لم يدخل فيه الأطفال والمجانين
4206 - الرابع خطاب الخاص والمراد العموم كقوله يأيها النبي إذا طلقتم النساء افتتح الخطاب بالنبي والمراد سائر من يملك الطلاق وقوله يأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك . . الآية قال أبو بكر الصيرفي كان إبتداء الخطاب له فلما قال في الموهوبة خالصة لك علم أن ما قبلها له ولغيره
4207 - الخامس خطاب الجنس كقوله يأيها النبي
4208 - السادس خطاب النوع نحو يا بني إسرائيل
4209 - السابع خطاب العين نحو وقلنا يا آدم اسكن يا نوح

اهبط يا إبراهيم قد صدقت يا موسى لا تخف يا عيسى إني متوفيك
ولم يقع في القرآن الخطاب ب يا محمد بل يأيها النبي يأيها الرسول تعظيما له وتشريفا وتخصيصا بذلك عما سواه وتعليما للمؤمنين ألا ينادوه باسمه
4210 - الثامن خطاب المدح نحو يأيها الذين آمنوا ولهذا وقع خطابا لأهل المدينة والذين آمنوا وهاجروا
أخرج ابن أبي حاتم عن خيثمة ما تقرءون في القرآن يأيها الذين آمنوا فإنه في التوراة يأيها المساكين
4211 - وأخرج البيهقي وأبو عبيد وغيرهما عن ابن مسعود قال إذا سمعت الله يقول يأيها الذين آمنوا فأوعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه
4212 - التاسع خطاب الذم نحو يأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم قل يأيها الكافرون ولتضمنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين وأكثر الخطاب ب يأيها الذين آمنوا على المواجهة وفي جانب الكفار جيء بلفظ الغيبة إعراضا عنهم كقوله إن الذين كفروا قل للذين كفروا
4213 - العاشر خطاب الكرامة كقوله يأيها النبي يأيها الرسول قال بعضهم ونجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول وكذا عكسه كقوله في الأمر بالتشريع العام يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وفي مقام الخاص يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قال وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام لكن مع قرينة إرادة العموم كقوله يأيها النبي إذا طلقتم ولم يقل طلقت
4214 - الحادي عشر خطاب الإهانة نحو فإنك رجيم اخسئوا فيها ولا تكلمون

4215 - الثاني عشر خطاب التهكم نحو ذق إنك أنت العزيز الكريم
4216 - الثالث عشر خطاب الجمع بلفظ الواحد نحو يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم
4217 - الرابع عشر خطاب الواحد بلفظ الجمع نحو يأيها الرسل كلوا من الطيبات . . إلى قوله فذرهم في غمرتهم فهو خطاب له وحده إذ لا نبي معه ولا بعده
4218 - وكذا قوله وإن عاقبتم فعاقبوا . . الآية خطاب له وحده بدليل قوله واصبر وما صبرك إلا بالله . . الآية وكذا قوله فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا بدليل قوله قل فأتوا وجعل منه بعضهم قال رب ارجعون أي ارجعني وقيل رب خطاب له تعالى و ارجعون للملائكة
4219 - وقال السهيلي هو قول من حضرته الشياطين وزبانية العذاب فاختلط فلا يدري ما يقول من الشطط
وقد إعتاد أمرا يقوله في الحياة من رد الأمر إلى المخلوقين
4220 - الخامس عشر خطاب الواحد بلفظ الإثنين نحو ألقيا في جهنم والخطاب لمالك خازن النار وقيل لخزنه النار والزبانية فيكون من خطاب الجمع بلفظ الإثنين وقيل للملكين الموكلين في قوله وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد فيكون على الأصل
وجعل المهدوي من هذا النوع قال قد أجيبت دعوتكما
قال الخطاب لموسى وحده لأنه الداعي
وقيل لهما لأن هارون أمن على دعائه والمؤمن أحد الداعيين
4221 - السادس عشر خطاب الإثنين بلفظ الواحد كقوله فمن ربكما يا موسى أي وياهرون وفيه وجهان
أحدهما أنه أفرده بالنداء لإدلاله عليه بالتربية
والآخر لأنه صاحب الرسالة والآيات وهارون تبع له ذكره ابن عطية

وذكر في الكشاف آخر وهو أن هارون لما كان أفصح من موسى نكب فرعون عن خطابه حذرا من لسانه
4222 - ومثله فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى
قال ابن عطية أفرده بالشقاء لأنه المخاطب أولا والمقصود في الكلام وقيل لأنه الله جعل الشقاء في معيشة الدنيا في جانب الرجال
وقيل إغضاء عن ذكر المرأة كما قيل من الكرم ستر الحرم
4223 - السابع عشر خطاب الإثنين لفظ الجمع كقوله أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة
4223 - م الثامن عشر خطاب الجمع بلفظ الاثنين كما تقدم في ألقيا
4224 - التاسع عشر خطاب الجمع بعد الواحد كقوله وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل قال ابن الأنباري جمع في الفعل الثالث ليدل على أن الأمة داخلون مع النبي ومثله يأيها النبي إذا طلقتم النساء
4225 - العشرون عكسه نحو وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين
4226 - الحادي والعشرون خطاب الإثنين بعد الواحد نحو أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض
4227 - الثاني والعشرون عكسه نحو فمن ربكما يا موسى
4228 - الثالث والعشرون خطاب العين والمراد به الغير نحو يأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين الخطاب له والمراد أمته لأنه كان تقيا وحاشاه من طاعة الكفار ومنه فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب . . الآية حاشاه من الشك وإنما المراد بالخطاب التعريض بالكفار
4229 - أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال لم يشك ولم يسأل
ومثله واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا . . الآية فلا تكونن من الجاهلين وأنحاء ذلك

4230 - الرابع والعشرون خطاب الغير والمراد به العين نحو لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم
4231 - الخامس والعشرون الخطاب العام الذي لم يقصد به مخاطب معين نحو ألم تر أن الله يسجد له ولو ترى إذ وقفوا على النار ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم لم يقصد بذلك خطاب معين بل كل أحد وأخرج في صورة الخطاب لقصد العموم يريد أن حالهم تناهت في الظهور بحيث لا يختص بها راء دون راء بل كل من أمكن منه الرؤية داخل في ذلك الخطاب
4232 - السادس والعشرون خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره نحو فإن لم يستجيبوا لكم خوطب به النبي ثم قال للكفار فاعلموا أنما أنزل بعلم الله بدليل فهل أنتم مسلمون ومنه إنا أرسلناك شاهدا . . إلى قوله لتؤمنوا فيمن قرأ بالفوقية
4233 - السابع والعشرون خطاب التلوين وهو الإلتفات
4234 - الثامن والعشرون خطاب الجمادات خطاب من يعقل نحو فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها
4235 - التاسع والعشرون خطاب التهييج نحو وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين
4236 - الثلاثون خطاب التحنن والإستعطاف نحو يا عبادي الذين أسرفوا
4237 - الحادي والثلاثون خطاب التحبب نحو يا أبت لم تعبد يا بني إنها إن تك يا بن أم لا تأخذ بلحيتي

4238 - الثاني والثلاثون خطاب التعجيز نحو فاتوا بسورة
4239 - الثالث والثلاثون خطاب التشريف وهو كل ما في القرآن مخاطبة ب قل فإنه تشريف منه تعالى لهذه الأمة بأن يخاطبها بغير واسطة لتفوز بشرف المخاطبة
4240 - الرابع والثلاثون خطاب المعدوم ويصح ذلك تبعا لموجود نحو يا بني آدم فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ولكل من بعدهم
1 -
فائدة 4241 - قال بعضهم خطاب القرآن ثلاثة أقسام
قسم لا يصح إلا للنبي
وقسم لا يصح إلا لغيره
وقسم لهما
4242 - قال ابن القيم تأمل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله وله الحمد كله أزمة الأمور كلها بيده ومصدرها منه ومردها إليه مستويا على العرش لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته عالما بما في نفوس عبيده مطلعا على أسرارهم وعلانيتهم منفردا بتدبير المملكة يسمع ويرى ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب ويكرم ويهين ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقدر ويقضي ويدبر الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها وصاعدة إليه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه
فتأمل كيف تجده يثنى على نفسه ويمجد نفسه ويحمد نفسه وينصح عباده ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه ويحذرهم مما فيه هلاكهم ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه يذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها ويحذرهم من نقمه ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ويثنى على أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم ويذم أعداءه بسيء أعمالهم وقبيح صفاتهم ويضرب الأمثال وينوع الأدلة والبراهين ويجيب عن شبه أعدائه

أحسن الأجوبة ويصدق الصادق ويكذب الكاذب ويقول الحق ويهدي السبيل ويدعو إلى دار السلام ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها وقبحها وآلامها ويذكر عباده فقرهم إليه وشدة حاجتهم إليه من كل وجه وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين ويذكرهم غناه عنهم وعن جميع الموجودات وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه وأنه لن ينال أحد ذرة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته وتشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ومقيم أعذارهم ومصلح فسادهم والدافع عنهم والحامي عنهم والناصر لهم والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم من كل كرب والموفي لهم بوعده وأنه وليهم الذي لا ولي لهم سواه فهو مولاهم الحق ونصيرهم على عدوهم فنعم المولى ونعم النصير
وإذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما جوادا رحيما جميلا هذا شأنه فكيف لا تحبه وتنافس في القرب منه وتنفق أنفاسها في التودد إليه ويكون أحب إليها من كل ما سواه ورضاه آثر عندها من رضا كل من سواه وكيف لا تلهج بذكره وتصير حبه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها بحيث إن فقدت وهلكت لم تنتفع بحياتها
2 - فائدة
4243 - قال بعض الأقدمين أنزل القرآن على ثلاثين نحوا كل نحو منه غير صاحبه فمن عرف وجوهها ثم تكلم في الدين أصاب ووفق ومن لم يعرفها وتكلم في الدين كان الخطأ إليه أقرب وهي المكي والمدني والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والتقديم والتأخير والمقطوع والموصول والسبب والإضمار والخاص والعام والأمر والنهي والوعد والوعيد والحدود والأحكام والخبر والإستفهام والأبهة والحروف المصرفة والإعذار والإنذار والحجة والإحتجاج والمواعظ والأمثال والقسم
4244 - قال فالمكي مثل واهجرهم هجرا جميلا

4245 - والمدني مثل وقاتلوا في سبيل الله
4246 - والناسخ والمنسوخ واضح
4247 - والمحكم مثل ومن يقتل مؤمنا متعمدا . . الآية إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ونحوه مما أحكمه الله وبينه
4248 - والمتشابه مثل يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا . . الآية ولم يقل ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا كما قال في المحكم وقد ناداهم في هذه الآية بالإيمان ونهاهم عن المعصية ولم يجعل فيها وعيدا فاشتبه على أهلها ما يفعل الله بهم
4249 - والتقديم والتأخير مثل كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية التقدير كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت
4250 - والمقطوع والموصول مثل لا أقسم بيوم القيامة فلا مقطوع من أقسم وإنما هو في المعنى أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ولم يقسم
4251 - والسبب والإضمار مثل واسأل القرية أي أهل القرية
4252 - والخاص والعام مثل يأيها النبي فهذا في المسموع خاص إذا طلقتم النساء فصار في المعنى عاما
4253 - والأمر وما بعده إلى الإستفهام أمثلتها واضحة
4254 - والأبهة مثل إنا أرسلنا نحن قسمنا عبر بالصيغة الموضوعة للجماعة للواحد تعالى تفخيما وتعظيما وأبهة
4255 - والحروف المصرفة كالفتنة تطلق على الشرك نحو حتى لا تكون فتنة

4256 - وعلى المعذرة نحو ثم لم تكن فتنتهم أي معذرتهم
4257 - وعلى الإختبار نحو قد فتنا قومك من بعدك
4258 - والإعتذار نحو فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم اعتذر أنه لم يفعل ذلك إلا بمعصيتهم
والبواقي أمثلتها واضحة


النوع الثاني والخمسون
في حقيقته ومجازه 4259 - لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن وهي كل لفظ بقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير وهذا أكثر الكلام
4260 - وأما المجاز فالجمهور أيضا على وقوعه فيه وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى
وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد إتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها
4261 - وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين بن عبد السلام ولخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن وهو قسمان
الأول المجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أو شبهة إلى ما هو له أصالة لملابسته له كقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا نسبت الزيادة وهي فعل الله إلى الآيات لكونها سببا لها
يذبح أبناءهم يا هامان ابن لي نسب الذبح وهو فعل الأعوان إلى فرعون والبناء وهو فعل العملة إلى هامان لكونهما آمرين به
4262 - وكذا قوله وأحلوا قومهم دار البوار نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به

4263 - ومنه قوله تعالى يوما يجعل الولدان شيبا نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه
عيشة راضية أي مرضية
فإذا عزم الأمر أي عزم عليه بدليل فإذا عزمت
4264 - وهذا القسم أربعة أنواع
أحدها ما طرفاه حقيقيان كالآية المصدر بها وكقوله وأخرجت الأرض أثقالها
ثانيها مجازيان نحو فما ربحت تجارتهم أي ما ربحوا فيها وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز
ثالثها ورابعها ما أحد طرفيه حقيقي دون الآخر
4265 - أما الأول والثاني فكقوله أم أنزلنا عليهم سلطانا أي برهانا كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو فإن الدعاء من النار مجاز
وقوله حتى تضع الحرب أوزارها تؤتي أكلها كل حين فأمه هاوية وإسم الأم الهاوية مجاز أي كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع
4266 - القسم الثاني المجاز في المفرد ويسمى اللغوي وهو إستعمال اللفظ في غير ما وضع له أولا وأنواعه كثيرة
أحدها الحذف وسيأتي مبسوطا في نوع المجاز فهو به أجدر خصوصا إذا قلنا إنه ليس من أنواع المجاز
4267 - الثاني الزيادة وسبق تحرير القول فيها في نوع الإعراب
4268 - الثالث إطلاق إسم الكل على الجزء نحو يجعلون أصابعهم في

آذانهم أي أناملهم ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة من الفرار فكأنهم جعلوا الأصابع وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم أي وجوههم لأنه لم ير جملتهم فمن شهد منكم الشهر فليصمه أطلق الشهر وهو إسم لثلاثين ليلة وأراد جزء منه كذا أجاب به الإمام فخر الدين عن إستشكال أن الجزاء إنما يكون بعد تمام الشرط والشرط أن يشهد الشهر وهو إسم لكله حقيقة فكأنه أمر بالصوم بعد مضي الشهر وليس كذلك وقد فسره علي وابن عباس وابن عمر على أن المعنى من شهد أول الشهر فليصم جميعه وإن سافر في أثنائه
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما وهو أيضا من هذا النوع ويصلح أن يكون من نوع الحذف
4269 - الرابع عكسه نحو ويبقى وجه ربك أي ذاته فولوا وجوهكم شطره أي ذواتكم إذ الاستقبال يجب بالصدر وجوه يومئذ ناعمة وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة عبر بالوجوه عن جميع الأجساد لأن التنعم والنصب حاصل بكلها ذلك بما قدمت يداك بما كسبت أيديكم أي قدمت وكسبتم ونسب ذلك إلى الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بها قم الليل وقرآن الفجر واركعوا مع الراكعين ومن الليل فاسجد له أطلق كلا من القيام والقراءة والركوع والسجود على الصلاة وهو بعضها هديا بالغ الكعبة أي الحرم كله بدليل أنه لا يذبح فيها
تنبيه 4270 - ألحق بهذين النوعين شيئان
أحدهما وصف البعض بصفة الكل كقوله ناصية كاذبة خاطئة فالخطأ صفة الكل وصف به الناصية عكسه كقوله إنا منكم وجلون والوجل

صفة القلب ولملئت منهم رعبا والرعب إنما يكون في القلب
والثاني إطلاق لفظ بعض مرادا به الكل ذكره أبو عبيدة وخرج عليه قوله ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه أي كله وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم وتعقب بأنه لا يجب على النبي بيان كل ما اختلف فيه بدليل الساعة والروح ونحوهما وبأن موسى كان وعدهم بعذاب في الدنيا وفي الآخرة فقال يصبكم هذا العذاب في الدنيا وهو بعض الوعيد من غير نفي عذاب الآخرة ذكره ثعلب
4271 - قال الزوكشي ويحتمل أيضا أن يقال إن الوعيد مما لا يستنكر ترك جميعه فكيف بعضه ويؤيد ما قاله ثعلب قوله وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم
4272 - الخامس إطلاق إسم الخاص على العام نحو إنا رسول رب العالمين أي رسله
4273 - السادس عكسه نحو ويستغفرون لمن في الأرض أي المؤمنين بدليل قوله ويستغفرون للذين آمنوا
4274 - السابع إطلاق إسم الملزوم على اللازم نحو
4275 - الثامن عكسه نحو هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء أي هل يفعل أطلق الإستطاعة على الفعل لأنها لازمة له
4276 - التاسع إطلاق المسبب على السبب نحو وينزل لكم من السماء رزقا قد أنزلنا عليكم لباسا أي مطرا يتسبب عنه الرزق واللباس لا يجدون نكاحا أي مؤنة من مهر ونفقة وما لا بد للمتزوج منه
4277 - العاشر عكسه نحو ما كانوا يستطيعون السمع أي القبول والعمل به لأنه مسبب عن السمع

تنبيه
4278 - من ذلك نسبة الفعل إلى سبب السبب كقوله فأخرجهما مما كانا فيه كما أخرج أبويكم من الجنة فإن المخرج في الحقيقة هو الله تعالى وسبب ذلك أكل الشجرة وسبب الأكل وسوسة الشيطان
4279 - الحادى عشر تسمية الشيء باسم ما كان عليه نحو وآتوا اليتامى أموالهم أي الذين كانوا يتامى إذ لا يتم بعد البلوغ فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن أي الذين كانوا أزواجهن من يأت ربه مجرما سماه مجرما باعتبار ما كان في الدنيا من الإجرام
4280 - الثاني عشر تسميته باسم ما يؤول إليه نحو إني أراني أعصر خمرا أي عنبا يؤول إلى الخمرية ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا أي صائرا إلى الكفر والفجور حتى تنكح زوجا غيره سماه زوجا لأن العقد يؤول إلى زوجية لأنها لا تنكح إلا في حال كونه زوجا فبشرناه بغلام حليم نبشرك بغلام عليم وصفه في حال البشارة بما يؤول إليه من العلم والحلم
4281 - الثالث عشر إطلاق إسم الحال على المحل نحو ففي رحمة الله هم فيها خالدون أي في الجنة لأنها محل الرحمة بل مكر الليل أي في الليل إذ يريكم الله في منامك أي في عينك على قول الحسن
4282 - الرابع عشر عكسه نحو فليدع نادية أي أهل ناديه أي مجلسه
ومنه التعبير باليد عن القدرة نحو بيده الملك
وبالقلب عن العقل نحو لهم قلوب لا يفقهون بها أي عقول
وبالأفواه عن الألسن نحو يقولون بأفواههم
وبالقرية عن ساكنيها نحو واسأل القرية

4283 - وقد إجتمع هذا النوع وما قبله في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد فإن أخذ الزينة غير ممكن لأنها مصدر فالمراد محلها فأطلق عليه إسم الحال وأخذها للمسجد نفسه لا يجب فالمراد الصلاة فأطلق إسم المحل على الحال
4284 - الخامس عشر تسمية الشيء بإسم آلته نحو واجعل لي لسان صدق في الآخرين أي ثناء حسنا لأن اللسان آلته وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه أي بلغة قومه
4285 - السادس عشر تسمية الشيء باسم ضده نحو فبشرهم بعذاب أليم والبشارة حقيقة في الخبر السار ومنه تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصارف عنه ذكره السكاكي وخرج عليه قوله تعالى ما منعك ألا تسجد يعني ما دعاك إلى ألا تسجد وسلم بذلك من دعوى زيادة لا
4286 - السابع عشر إضافة الفعل إلى ما لا يصح منه تشبيها نحو جدارا يريد أن ينقض فأقامه وصفه بالإرادة وهي من صفات الحي تشبيها لميله للوقوع بإرادته
4287 - الثامن عشر إطلاق الفعل والمراد مشارفته ومقاربته وإرادته نحو فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن أي قاربن بلوغ الأجل أي إنقضاء العدة لأن الإمساك لا يكون بعده وهو في قوله فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن حقيقة فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون أي فإذا قرب مجيئه
وبه يندفع السؤال المشهور فيها أن عند مجيء الأجل لا يتصور تقديم ولا تأخير وليخش الذين لو تركوا من خلفهم . . الآية أي لو قاربوا أن يتركوا خافوا لأن الخطاب للأوصياء وإنما يتوجه إليهم قبل الترك لأنهم بعده أموات إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي أردتم القيام فإذا قرأت القرآن فاستعذ أي أردت القراءة

لتكون الإستعاذة قبلها وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا أي أردنا إهلاكها وإلا لم يصح العطف بالفاء
4288 - وجعل منه بعضهم قوله من يهد الله فهو المهتد أي من يرد الله هدايته وهو حسن جدا لئلا يتحد الشرط والجزاء
4289 - التاسع عشر القلب إما قلب إسناد نحو ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أي لتنوء العصبة بها لكل أجل كتاب أي لكل كتاب أجل وحرمنا عليه المراضع أي حرمناه على المراضع ويوم يعرض الذين كفروا على النار أي تعرض النار عليهم لأن المعروض عليه هو الذي له الإختيار
وإنه لحب الخير لشديد أي وإن حبه للخير وإن يردك بخير أي يرد بك الخير
فتلقى آدم من ربه كلمات لأن المتلقي حقيقة هو آدم كما قرئ بذلك أيضا
أو قلب عطف نحو ثم تول عنهم فانظر أي فانظر ثم تول ثم دنا فتدلى أي تدلى فدنا لأنه بالتدلي مال إلى الدنو
أو قلب تشبيه وسيأتي في نوعه
4290 - العشرون إقامة صيغة مقام أخرى وتحته أنواع كثيرة
منها إطلاق المصدر على الفاعل نحو فإنهم عدو لي ولهذا أفرده
وعلى المفعول نحو ولا يحيطون بشيء من علمه أي من معلومه صنع الله أي مصنوعه وجلءوا على قميصه بدم كذب أي مكذوب فيه لأن الكذب من صفات الأقوال لا الأجسام
4291 - ومنها إطلاق البشرى على المبشر به والهوى على المهوي والقول على المقول
4292 - ومنها إطلاق الفاعل والمفعول على المصدر نحو ليس لوقعتها

كاذبة أي تكذيب بأيكم المفتون أي الفتنة على أن الباء غير زائدة
4293 - ومنها إطلاق فاعل على مفعول نحو ماء دافق أي مدفوق لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم أي لا معصوم جعلنا حرما آمنا أي مأمونا فيه
4294 - وعكسه نحو إنه كان وعده مأتيا أي آتيا حجابا مستورا أي ساترا
وقيل على بابه أي مستورا على العيون لا يحس به أحد
4295 - ومنها إطلاق فعيل بمعنى مفعول نحو وكان الكافر على ربه ظهيرا
4296 - ومنها إطلاق واحد من المفرد والمثنى والجمع على آخر منها
4297 - مثال إطلاق المفرد على المثنى والله ورسوله أحق أن يرضوه أي يرضوهما فأفرد لتلازم الرضاءين
4298 - وعلى الجمع نحو إن الإنسان لفي خسر أي الأناسي بدليل الإستثناء منه إن الإنسان خلق هلوعا بدليل إلا المصلين
4299 - ومثال إطلاق المثنى على المفرد ألقيا في جهنم أي ألق
4300 - ومنه كل فعل نسب إلى شيئين وهو لأحدهما فقط نحو يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما وهو الملح دون العذب ونظيره ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وإنما تخرج الحلية من الملح وجعل القمر فيهن نورا أي في إحداهن نسيا حوتهما والناسي

يوشع بدليل قوله لموسى فإني نسيت الحوت وإنما أضيف النسيان إليهما معا لسكوت موسى عنه فمن تعجل في يومين والتعجيل في اليوم الثاني على رجل من القريتين عظيم قال الفارسي أي من إحدى القريتين
وليس منه ولمن خاف مقام ربه جنتان وأن المعنى جنة واحدة خلافا للفراء
وفي كتاب ذا القد لابن جني أن منه أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين وإنما المتخذ إلها عيسى دون مريم
4301 - ومثال إطلاقه على الجمع ثم ارجع البصر كرتين أي كرات لأن البصر لا يحسر إلا بها
وجعل منه بعضهم قوله الطلاق مرتان
4302 - ومثال إطلاق الجمع على المفرد قال رب ارجعون أي أرجعني وجعل منه ابن فارس فناظرة بم يرجع المرسلون والرسول واحد بدليل ارجع إليهم وفيه نظر لأنه يحتمل أنه خاطب رئيسهم لا سيما وعادة الملوك جارية ألا يرسلوا واحدا
وجعل منه فنادته الملائكة ينزل الملائكة بالروح أي جبريل وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والقاتل واحد
4304 - ومثال إطلاقه على المثنى قالتا أتينا طائعين قالوا لا تخف خصمان فإن كان له إخوة فلأمه السدس أي أخوان فقد صغت قلوبكما أي قلباكما
وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إلى قوله وكنا لحكمهم شاهدين
4305 - ومنها إطلاق الماضي على المستقبل لتحقق وقوعه نحو أتى أمر الله أي الساعة بدليل فلا تستعجلوه
ونفخ في الصور فصعق من في السموات وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس . . الآية وبرزوا

لله جميعا ونادى أصحاب الأعراف
4306 - وعكسه لإفادة الدوام والإستمرار فكأنه وقع واستمر نحو أتأمرون الناس بالبر وتنسون واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان
أي تلت ولقد نعلم أي علمنا قد يعلم ما أنتم عليه أي علم فلم تقتلون أنبياء الله أي قتلتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ويقول الذين كفروا لست مرسلا أي قالوا
4307 - ومن لواحق ذلك التعبير عن المستقبل باسم الفاعل أو المفعول لأنه حقيقة في الحال لا في الإستقبال نحو وإن الدين لواقع
ذلك يوم مجموع له الناس
4308 - ومنها إطلاق الخبر على الطلب أمرا أو نهيا أو دعاء مبالغة في الحث عليه حتى كأنه وقع وأخبر عنه
قال الزمخشري ورود الخبر والمراد الأمر أو النهي أبلغ من صريح الأمر أو النهي كأنه سورع فيه إلى الإمتثال وأخبر عنه نحو والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج على قراءة الرافع وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله أي لا تنفقوا إلا إبتغاء وجه الله لا يمسه إلا المطهرون أي لا يمسسه وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله أي لا تعبدوا بدليل وقولوا للناس حسنا
لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم أي اللهم اغفر لهم
4309 - وعكسه نحو فليمدد له الرحمن مدا أي يمد اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم أي ونحن حاملون بدليل وإنهم لكاذبون والكذب إنما يرد على الخبر فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا

4310 - قال الكواشي في الآية الأولى الأمر بمعنى الخبر أبلغ من الخبر لتضمنه اللزوم نحو إن زرتنا فلنكرمك يريدون تأكيد إيجاب الإكرام عليهم
وقال ابن عبد السلام لأن الأمر للإيجاب فشبه الخبر به في إيجابه
4311 - منها وضع النداء موضع التعجب نحو يا حسرة على العباد
قال الفراء معناه فيالها حسرة وقال ابن خالوية هذه من أصعب مسألة في القرآن لأن الحسرة لا تنادى وإنما ينادى الأشخاص لأن فائدته التنبيه ولكن المعنى على التعجب
4312 - ومنها وضع جمع القلة موضع الكثرة نحو وهم في الغرفات آمنون وغرف الجنة لا تحصى لهم درجات عند ربهم ورتب الناس في علم الله أكثر من العشرة لا محالة الله يتوفى الأنفس أياما معدودات ونكتة التقليل في هذه الآية التسهيل على المكلفين
4313 - وعكسه نحو يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء
4314 - ومنها تذكير المؤنث على تأويله بمذكر نحو فمن جاءه موعظة من ربه أي وعظ وأحيينا به بلدة ميتا على تأويل البلدة بالمكان
فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي أي الشمس أو الطالع
إن رحمة الله قريب من المحسنين
قال الجوهري ذكرت على معنى الإحسان
4315 - وقال الشريف المرتضى في قوله ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم إن الإشارة للرحمة وإنما لم يقل ولتلك لأن تأنيثها غير حقيقي ولأنه يجوز أن يكون في تأويل أن يرحم
4316 - ومنها تأنيث المذكر نحو الذين يرثون الفردوس هم فيها أنث الفردوس وهو مذكر حملا على معنى الجنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها

أنت عشرا حيث حذف الهاء مع إضافتها إلى الأمثال وواحدها مذكر فقيل لإضافة الأمثال إلى مؤنث وهو ضمير الحسنات فاكتسب منه التأنيث وقيل هو من باب مراعاة المعنى لأن الأمثال في المعنى مؤنثه لأن مثل الحسنة حسنة والتقدير فله عشر حسنات أمثالها
وقد قدمنا في القواعد المهمة قاعدة في التذكير والتأنيث
4317 - ومنها التغليب وهو إعطاء الشيء حكم غيره
وقيل ترجيح أحد المعلومين على الآخر وإطلاق لفظه عليهما إجراء للمختلفين مجرى المتفقين نحو وكانت من القانتين إلا امرأته كانت من الغابرين والأصل من القانتات و الغابرات فعدت الأنثى من المذكر بحكم التغليب بل أنتم قوم تجهلون أتى بتاء الخطاب تغليبا لجانب أنتم على جانب قوم والقياس أن يؤتى بياء الغيبة لأنه صفة ل قوم وحسن العدول عنه وقوع الموصوف خبرا عن ضمير المخاطبين قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم غلب في الضمير المخاطب وإن كان من تبعك يقتضي الغيبة وحسنه أنه لما كان الغائب تبعا للمخاطب في المعصية والعقوبة جعل تبعا له في اللفظ أيضا وهو من محاسن إرتباط اللفظ بالمعنى ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض غلب غير العاقل حيث أتى ب ما لكثرته وفي آية أخرى ب من فغلب العاقل لشرفه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا أدخل شعيب في لتعودن بحكم التغليب إذ لم يكن في ملتهم أصلا حتى يعود فيها وكذا قوله إن عدنا في ملتكم فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس عد منهم بالإستثناء تغليبا لكونه كان بينهم يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين أي المشرق والمغرب
4318 - قال ابن الشجري وغلب المشرق لأنه أشهر الجهتين مرج البحرين أي الملح والعذب والبحر خاص بالملح فغلب لكونه أعظم ولكل درجات أي من المؤمنين والكفار والدرجات للعلو والدركات للسفل

فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبا للاشرف
4319 - قال في البرهان وإنما كان التغليب من باب المجاز لأن اللفظ لم يستعمل فيما وضع له ألا ترى أن القانتين موضوع للذكور الموصوفين بهذا الوصف فإطلاقه على الذكور والإناث إطلاق على غير ما وضع له وكذا باقي الأمثلة
4320 - ومنها إستعمال حروف الجر في غير معانيها الحقيقية كما تقدم في النوع الأربعين
4321 - ومنها إستعمال صيغة افعل لغير الوجوب وصيغة لا تفعل لغير التحريم وأدوات الإستفهام لغير طلب التصور والتصديق وأداة التمني والترجي والنداء لغيرها كما سيأتي كل ذلك في الإنشاء
4322 - ومنها التضمين وهو إعطاء الشيء معنى الشيء ويكون في الحروف والأفعال والأسماء
4323 - أما الحروف فتقدم في حروف الجر وغيرها
4324 - وأما الأفعال فأن يضمن فعل معنى فعل آخر فيكون فيه معنى الفعلين معا وذلك بأن يأتي الفعل متعديا بحرف ليس من عادته التعدي به فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصح التعدي به والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرف
واختلفوا أيهما أولى فقال أهل اللغة وقوم من النحاة التوسع في الحرف
وقال المحققون التوسع في الفعل لأنه في الأفعال أكثر مثاله عينا يشرب بها عباد الله فيشرب إنما يتعدى بمن فتعديته بالباء إما على تضمينه معنى يروي و يلتذ أو تضمين الباء معنى من نحو أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فالرفث لا يتعدى بإلى إلا على تضمن معنى الإفضاء هل لك إلى أن تزكى والأصل في أن فضمن معنى أدعوك وهو الذي يقبل التوبة عن عباده عديت بعن لتضمنها معنى العفو والصفح
4325 - وأما في الأسماء فأن يضمن اسم معنى اسم لإفادة معنى الاسمين

معا نحو حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه وإنما كان التضمين مجازا لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا فالجمع بينهما مجاز
1 -
فصل في أنواع مختلف في عدها من المجاز 4326 - وهي ستة
أحدها الحذف فالمشهور أنه من المجاز وأنكره بعضهم لأن المجاز استعمال اللفظ في غير موضوعه والحذف ليس كذلك
4327 - وقال ابن عطية حذف المضاف هو عين المجاز ومعظمه وليس كل حذف مجازا
4328 - وقال القرافي الحذف أربعة أقسام
قسم يتوقف عليه صحة اللفظ ومعناه من حيث الإسناد نحو واسأل القرية أي أهلها إذ لا يصح إسناد السؤال إليها
وقسم يصح بدونه لكن يتوقف عليه شرعا كقوله فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أي فأفطر فعدة
وقسم يتوقف عليه عادة لا شرعا نحو أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فضربه
وقسم يدل عليه دليل غير شرعي ولا هو عادة نحو فقبضت قبضة من أثر الرسول دل الدليل على أنه إنما قبض من أثر حافر فرس الرسول
وليس في هذه الأقسام مجاز إلا الأول
4329 - وقال الزنجاني في المعيار إنما يكون مجازا إذا تغير حكم فأما

إذا لم يتغير كحذف خبرالمبتدأ المعطوف على جملة فليس مجازا إذ لم يتغير حكم ما بقي من الكلام
4330 - وقال القزويني في الإيضاح متى تغير إعراب الكلمة بحذف أو زيادة فهي مجاز نحو واسأل القرية ليس كمثله شيء فإن كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغير الإعراب نحو أو كصيب فبما رحمة فلا توصف الكلمة بالمجاز
4331 - الثاني التأكيد زعم قوم أنه مجاز لأنه لا يفيد إلا ما أفاده الأول
والصحيح أنه حقيقة
4332 - قال الطرطرشي في العمدة ومن سماه مجازا قلنا له إذا كان التأكيد بلفظ الأول نحو عجل عجل ونحوه فإن جاز أن يكون الثاني مجازا جاز في الأول لأنهما في لفظ واحد وإذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه لأنه مثل الأول
4332 - الثالث التشبيه زعم قوم أنه مجاز والصحيح أنه حقيقة
4333 - قال الزنجاني في المعيار لأنه معنى من المعاني وله ألفاظ تدل عليه وضعا فليس في نقل اللفظ عن موضوعه
4334 - وقال الشيخ عز الدين إن كان بحرف فهو حقيقة أو بحذفه فمجاز بناء على أن الحذف من باب المجاز
4335 - الرابع الكناية وفيها أربعة مذاهب
أحدها أنها حقيقة قال ابن عبد السلام وهو الظاهر لأنها استعملت فيما وضعت له وأريد بها الدلالة على غيره
الثاني أنها مجاز
الثالث أنها لا حقيقة ولا مجاز وإليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي وتجويزه ذلك فيه

الرابع وهو اختيار الشيخ تقي الدين السبكي أنها تنقسم إلى حقيقة ومجاز فإن استعملت اللفظ في معناه مرادا منه لازم المعنى أيضا فهو حقيقة وإن لم يرد المعنى بل عبر بالملزوم عن اللازم فهو مجاز لاستعماله في غير ما وضع له
والحاصل أن الحقيقة منها أن يستعمل اللفظ فيما وضع له ليفيد غير ما وضع له والمجاز منها أن يريد به غير موضوعه استعمالا وإفادة
4336 - الخامس التقديم والتأخير عده قوم من المجاز لأن تقديم ما رتبته التأخير كالمفعول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل نقل لكل واحد منهما عن مرتبته وحقه
4337 - قال في البرهان والصحيح أنه ليس منه فإن المجاز نقل ما وضع إلى ما لم يوضع له
4338 - السادس الالتفات قال الشيخ بهاء الدين السبكي لم أر من ذكر هل هو حقيقة أو مجاز قال وهو حقيقة حيث لم يكن معه تجريد
2 -
فصل فيما يوصف بأنه حقيقة ومجاز باعتبارين 4339 - هو الموضوعات الشرعية كالصلاة والزكاة والحج فإنها حقائق بالنظر إلى الشرع مجازات بالنظر إلى اللغة
3 -
فصل في الواسطة بين الحقيقة والمجاز 4340 - قيل بها في ثلاثة أشياء
أحدها اللفظ قبل الاستعمال وهذا القسم مفقود في القرآن ويمكن أن يكون منه أوائل السور على القول بأنها للإشارة إلى الحروف التي يتركب منها الكلام
ثانيها الإعلام
ثالثها اللفظ المستعمل في المشاكلة نحو ومكروا ومكر الله وجزاء سيئة سيئة مثلها
ذكر بعضهم أنه واسطة بين الحقيقة والمجاز قال لأنه لم يوضع لما استعمل فيه فليس حقيقة ولا علاقة معتبرة فليس مجازا كذا في شرح بديعية ابن جابر لرفيقه

قلت والذي يظهر أنها مجاز والعلاقة المصاحبة
خاتمة 4341 - لهم مجاز المجاز وهو أن يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر فيتجوز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما كقوله تعالى ولكن لا تواعدوهن سرا فإنه مجاز عن مجاز فإن الوطء تجوز عنه بالسر لكونه لا يقع غالبا إلا في السر وتجوز به عن العقد لأنه مسبب عنه فالمصحح للمجاز الأول الملازمة والثاني السببية والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح
4342 - وكذا قوله ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله فإن قوله لا إله إلا الله مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ والعلاقة السببية لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان والتعبير ب لا إله إلا الله عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه
4343 - وجعل منه ابن السيد قوله أنزلنا عليكم لباسا فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس


النوع الثالث والخمسون
في تشبيهه واستعاراته 4344 - التشبيه نوع من أشرف أنواع البلاغة وأعلاها
4345 - قال المبرد في الكامل لو قال قائل هو أكثر كلام العرب لم يبعد
4346 - وقد أفرد تشبيهات القرآن بالتصنيف أبو القاسم بن البندار البغدادي في كتاب سماه الجمان
4347 - وعرفه جماعة منهم السكاكي بأنه الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى
4348 - وقال ابن أبي الإصبع هو أخراج الأغمض إلى الأظهر
4349 - وقال غيره هو إلحاق شيء بذي وصف في وصفه
4350 - وقال بعضهم هو أن تثبت للمشبه حكما من أحكام المشبه به والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خفي إلى جلي وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانا
4351 - وقيل الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار
4352 - وأدواته حروف وأسماء وأفعال فالحروف الكاف نحو كرماد وكأن نحو كأنه رءوس الشياطين
والأسماء مثل وشبه ونحوهما مما يشتق من المماثلة والمشابهة قال الطيبي ولا تستعمل مثل إلا في حال أو صفة لها شأن

وفيها غرابة نحو مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر والأفعال نحو يحسبه الظمآن ماء يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى
4353 - قال في التخليص أتباعا للسكاكي وربما يذكر فعل ينبئ عن التشبيه فيؤتى في التشبيه القريب بنحو علمت زيدا أسدا الدال على التحقيق وفي البعيد بنحو حسبت زيدا أسدا الدال على الظن وعدم التحقيق
4354 - وخالفه جماعة منهم الطيبي فقالوا في كون هذه الأفعال تنبئ عن التشبيه نوع خفاء والأظهر أن الفعل ينبئ عن حال التشبيه في القرب والبعد وأن الأداة محذوفة مقدرة لعدم استقامة المعنى بدونه
ذكر أقسامه 4355 - ينقسم التشبيه باعتبارات
الأول باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام لأنهما إما حسيان أو عقليان أو المشبه به حسي والمشبه عقلي أو عكسه
4356 - مثال الأول والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم كأنهم أعجاز نخل منقعر
4357 - ومثال الثاني ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة كذا مثل به في البرهان وكأنه ظن أن التشبيه واقع في القسوة وهو غير ظاهر بل هو واقع بين القلوب والحجارة فهو من الأول
4358 - ومثال الثالث مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح
4359 - ومثال الرابع لم يقع في القرآن بل منعه الإمام أصلا لأن العقل مستفاد من الحس فالمحسوس أصل للمعقول وتشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعا والفرع أصلا وهو غير جائز
وقد اختلف في قوله تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن

4360 - الثاني ينقسم باعتبار وجهه إلى مفرد ومركب والمركب أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض كقوله كمثل الحمار يحمل أسفارا فالتشبيه مركب من أحوال الحمار وهو حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه
4361 - وقوله إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء إلى قوله كأن لم تغن بالأمس فإن فيه عشر جمل وقع التركيب من مجموعها بحيث لو سقط منها شيء اختل التشبيه إذ المقصود تشبيه حال الدنيا في سرعة تقضيها وانقراض نعيمها واغترار الناس بها بحال ماء نزل من السماء وأنبت أنواع العشب وزين بزخرفها وجه الأرض كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة حتى إذا طمع أهلها فيها وظنوا أنها مسلمة من الجوائح أتاها بأس الله فجأة فكأنها لم تكن بالأمس
4362 - وقال بعضهم وجه تشبيه الدنيا بالماء أمران
أحدهما أن الماء إذا أخذت منه فوق حاجتك تضررت وإن أخذت قدر الحاجة انتفعت به فكذلك الدنيا
والثاني أن الماء إذا طبقت عليه كفك لتحفظه لم يحصل فيه شيء فكذلك الدنيا
4363 - وقوله مثل نوره كمشكاة فيها مصباح . . الآية فشبه نوره الذي يلقيه في قلب المؤمن بمصباح اجتمعت فيه أسباب الإضاءة إما بوضعه في مشكاة وهي الطاقة التي لا تنفذ وكونها لا تنفذ لتكون أجمع للبصر وقد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة تشبه الكوكب الدري في صفائها ودهن المصباح من أصفى الأدهان وأقواها وقودا لأنه من زيت شجرة في وسط السراج لا شرقية ولا غربية فلا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل تصيبها الشمس أعدل إصابة وهذا مثل ضربه الله للمؤمن ثم ضرب للكافر مثلين أحدهما كسراب بقيعة والآخر كظلمات في بحر لجي . . إلى آخره وهو أيضا تشبيه تركيب
4364 - الثالث ينقسم باعتبار آخر إلى أقسام

أحدها تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادا على معرفة النقيض والضد فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة كقوله طلعها كأنه رءوس الشياطين شبه بما لا يشك أنه قبيح لما حصل في نفوس الناس من بشاعة صورة الشياطين وإن لم ترها عيانا
4365 - الثاني عكسه وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه كقوله والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة . . الآية
أخرج ما لا يحس وهو الإيمان إلى ما يحس وهو السراب والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة
4366 - الثالث إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت كقوله تعالى وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة والجامع بينهما الارتفاع في الصورة
4367 - الرابع إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها كقوله وجنة عرضها كعرض السماء والأرض والجامع العظم وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة وإفراط السعة
4368 - الخامس إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة فيها كقوله تعالى وله الجواز المنشآت في البحر كالأعلام والجامع فيهما العظم والفائدة إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام في ألطف ما يكون من الماء وما في ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال وقطعها الأقطار البعيدة في المسافة القريبة وما يلازم ذلك من تسخير الرياح للإنسان فتضمن الكلام نبأ عظيما من الفخر وتعداد النعم وعلى هذه الأوجه الخمسة تجري تشبيهات القرآن
4369 - الرابع ينقسم باعتبار آخر إلى
مؤكد وهو ما حذفت فيه الأداة نحو وهي تمر مر السحاب أي مثل مر السحاب
وأزواجه أمهاتكم وجنة عرضها السموات والأرض
ومرسل وهو ما لم تحذف كالآيات السابقة

والمحذوف الأداة أبلغ لأنه نزل فيه الثاني منزلة الأول تجوزا
1 -
قاعدة 4370 - الأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به وقد تدخل على المشبه إما لقصد المبالغة فيقلب التشبيه ويجعل المشبه هو الأصل نحو قالوا أنما البيع مثل الربا كان الأصل أن يقولوا إنما الربا مثل البيع لأن الكلام في الربا لا في البيع فعدلوا عن ذلك وجعلوا الربا أصلا ملحقا به البيع في الجواز لأنه الخليق بالحل
ومنه قوله تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق فإن الظاهر العكس لأن الخطاب لعبدة الأوثان الذين سموها آلهة تشبيها بالله سبحانه وتعالى فجعلوا غير الخالق مثل الخالق فخولف في خطابهم لأنهم بالغوا في عبادتهم وغلوا حتى صارت عندهم أصلا في العبادة فجاء الرد على وفق ذلك
4371 - وإما لوضوح الحال نحو وليس الذكر كالأنثى فإن الأصل وليس الأنثى كالذكر وإنما عدل عن الأصل لأن المعنى وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت وقيل لمراعاة الفواصل لأن قبله إني وضعتها أنثى
4372 - وقد تدخل على غيرهما اعتمادا على فهم المخاطب نحو كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم . . الآية المراد كونوا أنصار الله خالصين في الانقياد كشأن مخاطبي عيسى إذ قالوا
2 - قاعدة
4373 - القاعدة في المدح تشبيه الأدنى بالأعلى وفي الذم تشبيه الأعلى بالأدنى لأن الذم مقام الأدنى والأعلى طارئ فيقال في المدح حصى كالياقوت وفي الذم ياقوت كالزجاج
4374 - وكذا في السلب ومنه يا نساء النبي لستن كأحد من النساء أي في النزول لا في العلو
أم نجعل المتقين كالفجار أي في سوء الحال أي لا نجعلهم كذلك

4375 - نعم أورد على ذلك مثل نوره كمشكاة فإنه شبه فيه الأعلى بالأدنى لا في مقام السلب
وأجيب بأنه للتقريب إلى أذهان المخاطبين إذ لا أعلى من نوره فيشبه به
فائدة 4376 - قال ابن أبي الإصبع لم يقع في القرآن نشبيه شيئين بشيئين ولا أكثر من ذلك إنما وقع فيه تشبيه واحد بواحد
فصل 4377 - زوج المجاز بالتشبيه فتولد بينهما الاستعارة فهي مجاز علاقته المشابهة أو يقال في تعريفها اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي
والأصح أنها مجاز لغوي لأنها موضوعة للمشبه به لا للمشبه ولا لأعم منهما فأسد في قولك رأيت أسدا يرمى موضوع للسبع لا للشجاع ولا لمعنى أعم منهما كالحيوان الجريء مثلا ليكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان عليهما
4378 - وقيل مجاز عقلي بمعنى أن التصرف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لا تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به فكان استعمالها فيما وضعت له فيكون حقيقة لغوية ليس فيها غير نقل الاسم وحده وليس نقل الاسم المجرد استعارة لأنه لا بلاغة فيه بدليل الأعلام المنقولة فلم يبق إلا أن يكون مجازا عقليا
4379 - وقال بعضهم حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذي ليس بجلي أو حصول المبالغة أو المجموع
مثال إظهار الخفي وإنه في أم الكتاب فإن حقيقته وإنه في أصل الكتاب فاستعير لفظ الأم للأصل لأن الأولاد تنشأ من الأم كما تنشأ الفروع من الأصول وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير

مرئيا فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العيان وذلك أبلغ في البيان
4380 - ومثال إيضاح ما ليس بجلي ليصير جليا واخفض لهما جناح الذل فإن المراد أمر الولد بالذل لوالديه رحمة فاستعير للذل أولا جانب
ثم للجانب جناح وتقدير الاستعارة القريبة واخفض لهما جانب الذل أي اخفض جانبك ذلا وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيا لأجل حسن البيان ولما كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقي الولد من الذل لهما والاستكانة ممكنا احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب لأن من يميل جانبه إلى جهة السفل أدنى ميل صدق عليه أنه خفض جانبه والمراد خفض يلصق الجانب بالأرض ولا يحصل ذلك إلا بذكر الجناح كالطائر
4381 - ومثال المبالغة وفجرنا الأرض عيونا وحقيقته وفجرنا عيون الأرض ولو عبر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونا
فرع 4382 - أركان الاستعارة ثلاثة مستعار وهو لفظ المشبه به ومستعار منه وهو معنى اللفظ المشبه ومستعار له وهو المعنى الجامع
4383 - وأقسامها كثيرة باعتبارات فتنقسم باعتبار الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام
أحدها استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو واشتعل الرأس شيبا فالمستعارة منه هو النار والمستعار له الشيب والوجه هو الانبساط ومشابهة ضوء النار لبياض الشيب وكل ذلك محسوس وهو أبلغ مما لو قيل اشتعل شيب الرأس لإفادة عموم الشيب لجميع الرأس
ومثله وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض أصل الموج حركة الماء فاستعمل في حركتهم على سبيل الاستعارة والجامع سرعة الاضطراب وتتابعه في الكثرة
والصبح إذا تنفس

استعير خروج النفس شيئا فشيئا لخروج النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلا قليلا بجامع التتابع على طريق التدريج وكل ذلك محسوس
4384 - الثاني استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي
4385 - قال ابن أبي الإصبع وهي ألطف من الأولى نحو وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فالمستعار منه السلخ الذي هو كشط الجلد عن الشاة والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسيان والجامع ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله عقب حصوله كترتب ظهور اللحم على الكشط وظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل والترتب أمر عقلي
ومثله فحعلناها حصيدا أصل الحصيد النبات والجامع الهلاك وهو أمر عقلي
4386 - الثالث استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي
قال ابن أبي الإصبع وهي ألطف الاستعارات نحو من بعثنا من مرقدنا المستعار منه الرقاد أي النوم والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والكل عقلي
ومثله ولما سكت عن موسى الغضب المستعار السكوت والمستعار منه الساكت والمستعار له الغضب
4387 - الرابع استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي أيضا نحو مستهم البأساء والضراء استعير المس وهو حقيقة في الأجسام وهو محسوس لمقاساة الشدة والجماع اللحوق وهما عقليان
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فالقذف والدمغ مستعاران وهما محسوسان والحق والباطل مستعار لهما وهما معقولان
ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس استعير الحبل المحسوس للعهد وهو معقول
4388 - فاصدع بما تؤمر استعير الصدع وهو كسر الزجاجة وهو محسوس للتبليغ وهو معقول والجماع التأثير وهو أبلغ من بلغ وإن كان بمعناه لأن تأثير الصدع أبلغ من تأثير التبليغ فقد لا يؤثر التبليغ والصدع يؤثر جزما

4389 - واخفض لهما جناح الذل قال الراغب لما كان الذل على ضربين ضرب يضع الإنسان وضرب يرفعه وقصد في هذا المكان إلى ما يرفع استعير لفظ الجناح فكأنه قيل استعمل الذل الذي يرفعك عند الله
4390 - وكذا قوله يخوضون في آياتنا فنبذوه وراء ظهورهم أفمن أسس بنيانه على تقوى ويبغونها عوجا ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور فجعلناه هباء منثورا في كل واد يهيمون ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك كلها من استعارة المحسوس للمعقول والجامع عقلي
4391 - الخامس استعارة معقول لمحسوس والجماع عقلي أيضا نحو إنا لما طغى الماء المستعار منه التكبر وهو عقلي والمستعار له كثرة الماء وهو حسي والجامع الاستعلاء وهو عقلي أيضا مثله تكاد تميز من الغيظ وجعلنا آية النهار مبصرة
4392 - وتنقسم باعتبار اللفظ إلى
أصلية وهي ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس كآية بحبل الله من الظلمات إلى النور في كل واد
4393 - وتبعية وهي ما كان اللفظ فيها غير اسم جنس كالفعل والمشتقات كسائر الآيات السابقة وكالحروف نحو فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا شبه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط بترتب غلبة الغائية عليه ثم استعير في المشبه اللام الموضوعة للمشبه به
4394 - وتنقسم باعتبار آخر إلى مرشحة ومجردة ومطابقة
فالأولى وهي أبلغها أن تقترن بما يلائم المستعار منه نحو أولئك الذين

اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم استعير الاشتراء للاستبدال والاختيار ثم قرن بما يلائمه من الربح والتجارة
والثانية أن تقرن بما يلائم المستعار له نحو فأذاقها الله لباس الجوع والخوف استعير اللباس للجوع ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة ولو أراد الترشيح لقال فكساها لكن التجريد هنا أبلغ لما في لفظ الإذاقة من المبالغة في الألم باطنا
والثالثة ألا تقرن بواحد منهما
4395 - وتنقسم باعتبار آخر إلى تحقيقية وتخييلية ومكنية وتصريحية
فالأولى ما تحقق معناها حسا نحو فأذاقها الله . . . الآية أو عقلا نحو وأنزلنا إليكم نورا مبينا أي بيانا واضحا وحجة لامعة اهدنا الصراط المستقيم أي الدين الحق فإن كلا منهما يتحقق عقلا
4396 - والثانية أن يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه
ويدل على ذلك التشبيه المضمر في النفس بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به
ويسمى ذلك التشبيه المضمر استعارة بالكناية ومكنيا عنها لأنه لم يصرح به بل دل عليه بذكر خواصه
4397 - ويقابله التصريحية ويسمى إثبات ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر المختص بالمشبه به وبه يكون كمال المشبه به وقوامه في وجه الشبه لتخيل أن المشبه من جنس المشبه به
ومن أمثلة ذلك الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه شبه العهد بالحبل وأضمر في النفس فلم يصرح بشيء من أركان التشبيه سوى العهد المشبه ودل عليه بإثبات النقض الذي هو من خواص المشبه به وهو الحبل وكذا واشتعل الرأس شيبا طوى ذكر المشبه به وهو النار ودل عليه بلازمه وهو الاشتعال فأذاقها الله

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج22.تذكرة الحفاظ/شيوخ صاحب التذكرة الجزء الاخير

شيوخ صاحب تذكرة الحفاظ ج22. 1- ولقد انتفعت وتخرجت بشيخنا الإمام العالم المحدث الحافظ الشهيد أبي الحسين علي ابن الشيخ الفقيه ببعلبك ولز...